يعد التَّعرُّق ظاهرة فسيولوجيَّة طبيعيَّة يتعرَّض لها الإنسان لتنظيم درجة حرارة الجسم الدَّاخليَّة وذلك بإفراز كميَّات من العَرَق ، عن طريق النِّظام العَصَبي ، تتناسب مع نوع المناخ والمجهود البدني والنَّفسي المبذول .
ومن الطَّبيعي أن تزيد نسبة الإفرازات العَرَقيَّة في المناطق الحارَّة أو الرطبة ومع ارتفاع درجة الحرارة الخارجيَّة أو عند زيادة المجهود البَدَني كممارسة الرياضة مثلاً أو الإصابة بالحُمَّى ، أو حتى عند الغضب والخوف والتَّوتُّر .
~*¤ô§ô¤*~*¤ô§ô¤*~
لكن إذا
– تعرَّقْتَ بغزارة حتى عندما تكون في راحة أو في درجة حرارة باردة نسبيَّاً
– مَسَحْتَ يَديْكَ بشدَّة وتجنَّبْتَ المُصَافَحَة
– أتلفْتَ الكثير من الأحذية نتيجة تعرُّق القدمَيْن المُفرِط
فإنه يكون لديك اضْطِراب يُعرَف بفَرَط التَّعرُّق
ما هو فَرَط التَّعرُّق ؟
فَرَط التَّعرُّق هو المُصْطَلَح الطِّبِّي للتَّعرُّق الزَّائد، وهي حالة مرضيَّة تبدأ عادةً في مرحلة الشَّباب وتستمر طوال الحياة إذا لم يتم علاجها . وتُصيب هذه الحالة حوالي 1% من التِّعداد السُّكَّاني وفيها يزيد مُستوى نشاط الغُدَد العَرَقيَّة بنسبة أعلى بكثير من التي يحتاجها الجسم لاستقرار درجة حرارته .
ويُمكن أن يكون فَرَط التَّعرُّق عامَّاً أو في منطقة معيَّنة. عندما يكون التَّعرُّق الزَّائد مُقتصراً على منطقة معيَّنة فإنَّه يُعرَف بفَرَط التَّعرُّق المَوْضعي .
~*¤ô§ô¤*~*¤ô§ô¤*~
المواقع الاعتيادية لفرط التعرق المَوْضعي
– تحت الذِّراع ( فَرَط تعرُّق تحت الإبط )
– باطن اليدين ( فَرَط تعرُّق راحة اليدين ) وهي الحالة الأكثر انتشاراً
– باطن القدمين ( فَرَط تعرُّق أخْمَصي )
– الوَجْه ( فَرَط تعرُّق وَجْهي ) ويتركز عادة في منطقة الجَبْهة
كما يُمكن أن يُؤثِّر فَرَط التَّعرُّق على أصل الفخذ والجِذْع والظَّهر أو بعض المناطق الأخرى . أما عندما يؤثِّر التَّعرُّق الزَّائد على منطقة أوسَع من الجسم فإنَّه يُعرَف بفَرَط التَّعرُّق العام .
~*¤ô§ô¤*~*¤ô§ô¤*~
ما هي أسباب فَرَط التَّعرُّق ؟
هناك نوعان من فَرَط التَّعرُّق
فَرَط التَّعرُّق الأوَّلي
حيث يكون سبب إنتاج العَرَق الزَّائد غير معروف. إن فرط التعرق المَوْضِعي هو غالباً أوَّلي ويُعتَقد أنَّه بسبب إثارة عصبيَّة أعلى من مُتوسطة, ويُمكن أن يكون لفَرَط التَّعرُّق الأوَّلي عُنْصر جيني (وراثي) حيث أن 50% من المرضى المُصابين تقريباً لديهم أقارب يُعانون من نفس المُشْكِلة .
فَرَط التَّعرُّق الثَّانوي
وهو بشكل عام دليل على مرض يُسبِّب زيادة إفراز العَرَق مثل :
* فَرَط إنتاج الغدَّة الدَّرقيَّة
* أمراض الغُدَد الصَّمَّاء الأخرى كالسُّكري أو زيادة إفراز الغُدَّة النُّخاميَّة
* انقطاع الدَّورة الشَّهريَّة عند النِّساء
* عَرَض جانبي لبعض العقاقير والعلاجات كعلاج سرطان البروستات
* مرض الشَّلل الرُّعاشي (Parkinson’s Disease)
* انخفاض مستوى السُّكر في الدَّم أو ارتفاع درجة حرارة الجسم
~*¤ô§ô¤*~*¤ô§ô¤*~
كيف يؤثِّر فَرَط التَّعرُّق على حياة الشَّخص المُصاب ؟
لأنَّ الجِلْد يكون رَطبا باستمرار ، يؤدِّي فرَط التَّعرُّق إلى إصابات بكتيريَّة وفطريَّة. والأهمُّ من ذلك أن لفَرَط التَّعرُّق أثرا كبيرا على حياة المُصاب المهنيَّة والاجتماعيَّة ? فالمرضى الذين يُعانون من التَّعرُّق الزَّائد في باطن اليدين يشعرون بالقلق وعدم الرَّاحة ? ويتجنَّبون المِهَن التي تتطلَّب اتِّصالاً اجتماعيَّاً ومُصافحة .
أما المرضى الذين يُعانون من التَّعرُّق الزَّائد تحت الإبْط فإنهم يُحاولون بأقصى جهدهم إخفاء البُقَع عن ملابسهم ويستحِمُّون مرَّتين على الأقل يوميَّاً ويرتدون ملابس داكنة وأحياناً الجاكيت حتَّى لو كان الطَّقس حاراً .
وقد أظْهَر مَسْحٌ حديث أنَّ المرضى المُصابين بفَرَط التَّعرُّق يشعرون بالاكتِئاب والإحْباط في أنشطَتِهم اليوميَّة ولديهم صعوبة في الاجْتِماع بالنَّاس ونقص في الثِّقة .
~*¤ô§ô¤*~*¤ô§ô¤*~
هل يُمكِن عِلاج فَرَط التَّعرُّق ؟
في حالة فَرَط التَّعرُّق الثّانوي علاج المرض المُسبِب يُساعد على التَّخلُّص من العَرَق الزَّائد. أمّا في حالة التَّعرُّق الأوَّلي فهناك عدد من خيارات العِلاج المتوفِّرة للمُعالَجة تعتمد على حِدَّة ومَوْضع فَرَط التَّعرُّق وتأثيره على الحياة الاجتماعيَّة والوَظيفيَّة .
~*¤ô§ô¤*~*¤ô§ô¤*~
ما هي خيارات العِلاج ؟
العلاج باستخدام حقن البوتولينيوم ( Botulinum Toxin Type A )
العلاجات المَوْضعيَّة
العلاج بالأدوية عن طريق الفم
المُعالجة الأيونيَّة
العلاجات الجراحيَّة
حُقَن البوتولينيوم
~*¤ô§ô¤*~*¤ô§ô¤*~
أظْهَرَت عدة دراسات أنَّ الحَقْن باستخدام مادة البوتولينيوم يُؤدِّي إلى تحسُّن ملحوظ في فرَط التَّعرُّق المَوْضِعي .
ما هو البوتولينيوم وكيف يعمل ؟
إنَّ البوتولينيوم هو مادَّة بروتينيَّة عصبيَّة ترتبط بنهايات العَصَب للغُدَد العَرَقيَّة عند حقنها في الجسم وتمنع خروج النَّاقل الكيميائي المسؤول عن تحفيز إنتاج العرق ( Acetylcholine ) من النِّهايات العصبيَّة .
هل حُقَن البوتولينيوم آمنة ؟
إنَّ حُقَن البوتولينيوم آمنة جداً . وقد استُعْمِلَت لمُعالَجَة أمراض كثيرة أخرى على مدى عشرين عاماً .
هل حُقَن البوتولينيوم مُؤْلِمة ؟
يتم حَقن مادَّة البوتولينيوم في المنطقة المُعالَجة باستخدام إبرة دقيقة . وعادةً ? ليست هناك حاجة للتَّخدير أثناء علاج حالة تعرُّق الإبطين .
الآثار الجانبيَّة المؤقَّتة المتوقََّع حُدُوثها هي لسعة الإبرة والازرقاق البسيط بالإضافة أحيانا إلى التَّعرُّق البسيط والمؤقَّت في نواحي الجسم الأخرى ، إلا أنَّه ينتهي خلال أيَّام قليلة .
كم مِنَ المُتوقَّع أن يَدوم الخلو من العَرَق بحُقَن البوتولينيوم ؟
يتوقَّف التَّعرُّق بصفة عامَّة في المنطقة المُعالَجة خلال يومين إلى ثلاثة أيَّام بعد الحَقن ويدوم عادةً لمدة أربعة إلى تسعة أشْهُر. يتلاشى منع التَّعرُّق بعد ذلك ببطء، مُتَطلِّباً الحقن مرَّةً أُخْرى. وتكون الحقن الجديدة فعَّالة كالحُقنة الأُولى تماماً وتدوم فترات الخلو مِن العَرَق مثلها أو أكثر .
هل يمكنني أن أتوقَّع أن يُحسِّن العلاج باستخدام حقن البوتولينيوم حياتي اليومية ؟
نعم، إن العلاج باستخدام البوتولينيوم يُمكن أن يقدِّم راحةً كبيرةً من العبء النَّفسيِّ والاجتماعيِّ لفرط التَّعرُّق فقد أظهرت عِدَّة دراسات أنَّ 9 من 10 مرضى عُولِجوا بالبوتولينيوم قد رأوا تحسُّناً في نوعيَّة حياتهم بحيث تجعلهم يُوصون به لغيرهم من المُصابين .
~*¤ô§ô¤*~*¤ô§ô¤*~
العِلاجات الأخرى لفَرَط التَّعرُّق
العِلاجات المَوضِعيَّة
يمكن لمُضادَّات التَّعرُّق التي تحتوي على 12 % إلى 20 % من كلوريد الألمنيوم أن تُقلِّل مؤقَّتاً إنتاج العَرَق لدى بعض المرضى. ويُعتَقَد أنَّها، حين تُستَخْدَم مُباشرةً على منطقة الجِلْد، فإنَّها تُغْلِق قنوات الغدَّد العَرَقيَّة مؤقَّتا إلا أنَّ الاستعمالات المتكرِّرة يُمكن أن تؤدِّي إلى حساسيَّة في الجلد وحكَّة .
ومن الجدير بالذِّكر أيضاً أنَّه عندما يتجدَّد الجِلْد في المنطقة التي تُعاني من فرَط التَّعرُّق فإنَّ تأثير مُضادات التَّعرُّق الموضعيَّة يتلاشى بعد 3-4 أسابيع تقريباً .
العلاجات بالأدوية عن طريق الفم
من المُمكن أن تُساعد الأدوية المُختلفة التي تُعطى بالفم في تخفيف فرَط التَّعرُّق، وخاصَّة عند المرضى الذين لديهم فرط تعرُّق عام. ويمكن تَنَاوُل مُضادات إفراز الكولين (anticholinergics) ، وهي فِئَة من العقاقير تُستَعْمَل لِمَنْع تشنُّج العضلات ولِمَنْع إثارة غُدَّة العَرَق . إلا أنَّ استخدامها محدود بسبب آثارها الجانبية ( الغثيان، الدُّوار ، النعاس ، والاضطرابات البصريَّة )
المُداواة الأيونية
يَستَعْمِل المريض في هذا الإجراء أداة تعمل على البطَّاريَّة لتُعْطِي تيَّاراً كهربائيَّاً مُنخَْفِضاً إلى اليدين أو القدمين أو الإبْطين لمنع إنتاج العَرَق. هذه الطَّريقة يُمكن أن تُخفِّف عن المرضى الذين لديهم أيد أو أقدام مُتَعَرقة ولكنَّها ليست مُناسبة جدًا للمرضى الذين لديهم إبطان متعرقان. يحتاج المريض من 5 إلى 10 جلسات من المُداواة الأيونية للحصول على بعض الاستفادة حيث تَسْتَمر كل جلسة م0-30 دقيقة ويَسْتَمر تأثير هذا العِلاج لبضعة أسابيع حيث من الضروري إعادة العلاج بشكل مُنْتَظَم للحفاظ على النَّتائِج .
العلاجات الجراحيَّة
يُمَثِّل العِلاج الجراحيّ لفَرَط التَّعرُّق الملاذ الأخير للأشخاص الذين لديهم فَرَط تعرُّق لا يُمكن التَّحكُّم به بمعالجات أخرى والذين أفسد فرط التَّعرُّق جودة حياتهم بشكل كبير .
هناك نوعان من العلاجات الجراحيَّة لقطع إنتاج العَرَق
1. قطع غدَّة العَرَق حيث تتم إزالة كميَّة من الدُّهن مع الغدد العرقيَّة . هذه العمليَّة تُستخدَم لعلاج فَرَط التَّعرُّق الإبطي فقط ولا يُمكن استخدامها في حالات تعرُّق الوجه ? اليدين ? أو الرِّجلين .
2. القطع الوُدِّي عبر الصُّور بالتَّنظير . (Endoscopic Transthoracic Sympathectomy ETS) . هذه العمليَّة يجب القيام بها من قِبَل جرَّاح صَدر بسبب تضمُّنها عدَّة مخاطر وهي لا تَصلُح للتَّعرُّق الزَّائد في الإبْطين ، الجِذْع ? أو في القدمين . كما أنَّ 80% من المرضى الخاضعين لهذه العمليَّة يُعانون بعد العمليَّة من مُعاودة التَّعرُّق الزَّائد في مناطق أخرى من الجسم كالظَّهر مثلا .ً
وشكراً لكم
~*¤ô§ô¤*~*¤ô§ô¤*~