التصنيفات
قصص قصيرة

امريكي يموت في الكعبة المشرفة…

امريكي يموت في الكعبة المشرفة…

لم يكن يخطر بباله قبل أنْ يأتي إلى المملكة العربية السعودية أن يفكِّر في دين الإسلام، أو يشغل ذهنه بالمسلمين وبما هم عليه من هُدَى الإسلام، فهو موظف كبير في شركة كبيرة، مكانته في عمله مرموقة، وحياتُه حافلةٌ بالعمل الجاد الذي مكًّنه من الحصول على عددٍ من الشهادات والأوسمة من كبار المسئولين في شركته وفي دولته «العظمى» أمريكا، يقول عن نفسه: «قبل أن آتي إلى الرياض مسئولا كبيراً في الشركة الأمريكية لم أكن أشغل بالي بالدين، ونصوصه وتعاليمه، حياتي كلُّها مادةٌ وعمل وظيفي ناجح، وإجازاتٌ أروِّح عن نفسي فيها بما أشاء من وسائل الترويح المباحة وغير المباحة، شأني في ذلك شأن ملايين البشر في هذا العالم الذين يعيشون حياتهم بهذه الصورة المملَّة من الحرية المزعومة.
ومرَّت بي شهور في عملي الجديد في مدينة الرياض وأنا مستغرق في تفاصيل وظيفتي المهمة في مجال عملي، كان همِّي الأكبر أن أنجح في هذا العمل حتى أزداد رقيَّاً في الشركة التي أعمل فيها، ومكانةً مرموقة بين الناجحين في بلدي الكبير الذي يجوب العالم طولاً وعرضاً مسيطراً متدخلاً بقوته العسكرية في شؤون الناس.
وذات يومٍ كنتُ جالساً في مكانٍ، في لحظة استرخاء، ولفت نظري لأول مرَّة منظر عددٍ غير قليل من المسلمين سعوديين وغير سعوديين يتجهون إلى مسجد كبير كان قريباً من ذلك المكان، وكنت قد سمعت الأذان أوَّل ما جلستُ، وشعرتُ حينما سمعتُه بشعور لم أعهده من قبل – هبَّت من خلاله نسائم لا أستطيع أن أصفها، وانقدح في ذهني سؤال: لماذا يصنع هؤلاء الناس ما أرى، ومن الذي يدفعهم بهذه الصورة إلى المسجد، وكأنهم يتسابقون إلى مكان يدفع لهم نقوداً وهدايا ثمينة تستحق هذا الاهتمام؟؟
كان السؤال عميق الأثر في نفسي، جعلني اهتمُّ بمتابعة ما يجري بصورة أعمق وسمعت حركة صوت مكبِّر الصوت، ثم الإقامة، وبدأت أفكَّر بصورة جدَّية، وحينما سمعت الإمام يقول «السلام عليكم»، وجهت نظري إلى بوَّابة المسجد الكبيرة فإذا بحشود المصلِّين يخرجون يتدافعون، ويصافح بعضهم بعضاً بصورة كان لها أثرها الكبير في نفسي، ووجدتني أردِّد بصوت مرتفع «يا له من نظام رائع»، وكانت تلك بداية دخولي إلى عالم الإسلام الجميل، وفهمت بعد ذلك كلَّ شيء، ووجدت جواباً شافياً عن سؤال سألته ذاتَ يومٍ وأنا غاضب ، حيث كنت في سوق كبير من أسواق الرياض وكنت أريد شراء شيء على عجلةٍ من أمري ففوجئت بالمحلات التجارية تغلق أبوابها، وحاولت أن أقنع صاحب المحل التجاري الذي كنت أريد شراء حاجتي منه أن ينتظر قليلاً فأبى وقال: بعد الصلاة إن شاء الله، لقد غضبت في حينها، ورأيت أن هذا العمل غير لائق، وبعد أن أسلمت أدركتُ مدى الدافع النفسي الدَّاخلي القوي الذي يمكن أن يجعل ذلك التاجر بهذه الصورة.

أتمَّ عمرته قبل صلاة العشاء، وكان حريصاً على الصلاة في الصف الأوَّل المباشر للكعبة، وحقَّق له مرافقاه ذلك، وبدأت الصلاة، وكان الأمريكي المسلم في حالةٍ من الخشوع العجيب، يقول أحد مرافقيه: وحينما قمنا من التشهُّد الأوَّل لم يقم، وظننته قد استغرق في حالته الروحية فنسي القيام، ومددت يدي إلى رأسه منبها له، ولكنه لم يستجب، وحينما ركعنا رأيته يميل ناحية اليمين، ولم يسلَّم الإمام من صلاته حتى تبيَّن لنا أن الرجل قد فارق الحياة، نعم، فارق الحياة، أصبح جسداً بلا روح، لقد صعدت تلك الروح التي رأينا تعلُّقها الصادق بالله في تلك الرحاب الطاهرة، صعدت إلى خالقها يقول المرافق: لقد شعرت بفضل الله العظيم على ذلك الرجل رحمه الله ، وشعرت بالمعنى العميق لحسن الخاتمة، وتمثَّل أمام عيني حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، عن الرجل الذي يعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها، لقد عرفت هذا الرجل الأمريكي كافراً قبل أن يسلم، ورأيت كيف تغيَّرت ملامح وجهه بعد أن أسلم، ورأيت خشوعه لله في صلاته، ورأيته طائفاً ساعياً، ورأيته مصلَّياً ورأيته ميتاً في ساحة الحرم المكي الشريف، وودَّعته مشيعاً حيث تم دفنه في مكة المكرمة بعد استئذان أهله في أمريكا.
قال أحدهم: إنني أغبطه على هذه الميتة، قلت له: لماذا؟ قال: لأنه مات في أهم بقعة، وأعظم مكان في ميزان الدين الإسلامي الذي آمن به واعتنقه

اللهم انا نسالك حسن الختام يا رب الانام
اذا لم استعن بك يا الهي
فمن عوني سواك ومن مجيري ؟
اللهم اني اسالك حسن الخاتمة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص قصيرة

*زهرة الزمان ..في الظلام ~ -قصة

*مدخل :-

أنغام طفولية :-

"بابا" …مقطوعة نستعذب نطقها جميعنا
لتخضع لها قلوب أسرتنا بحنانها وشرّعت
لنا أبوابها …نطرقها متى نشاء !!

فكيف بمن حرموها وحرّمت تلك الأسماع والقلوب
من أنغامها المتناغمة …الضاحكة الباسمة

تلك الأنغام الطفولية ..تتلاشى ..لتحلّ محلها وخزات
وتصبح أنغام نهرب منها .فتواجهنا
ببرائتها وعذوبتها …
هذا حال من فقد
زهرة زمانه ..ليجدّها في الظلام
متنقلة بين ترهات الألم وقسوة الأيام !!

*ملاحظة :- اللون الأزرق يعني عودة الى الماضي

بخفوت وهدوء خطت الطفلة على الرصيف المظلم وقد تجاوزت ضحكات بعض السكارى
وألقت بكلماتهم الساخرة الى الوراء

تعثرت ببعض الزجاجات الفارغة فانسدل شعرها الذهبي المسترسل على جبهتها

بهدوئها المعتاد عاودت المشي من جديد فرفعت رأسها الصغير الى السماء لتنعكس صورة القمر على عيناها الزرقاوان فتبتسم أبتسامة باهتة تخرج بها براثين الألم التي تنهش صدرها باستمرار

" عزيزتي …ماذا تفعلين هنا؟! "

خاطبها صوت حان سمح لذاك الباب الموصد بذاكرتها بالأنبلاج كوميض مؤلم فتتبعثر بعض الصور في مخيلتها وتحدّث وخزة ألم في قلبها …أنتبهت الى الصوت

فاستدارت بهدوء وحدّقت بوجهه الابيض فأخفضت رأسها حزناً عندما زجرها بود:-

" يجب عليك عدم مغادرة المنزل …وخاصة في هذا الوقت "

تنبه قليلاً الى كلماته فنزل الى مستواها ونظر الى شعرها المبعثر بصمت
التقط دميتها البالية بعد أن أرخت الطفلة قبضتها عليها فهمس لها بهدوء :-

" سوف نجدّ منزلك ياصغيرتي"

لم تصدّر منها أية كلمة بل اختصرت أجابتها بدموع منهمرة انسابت على خدّها المتسخ قليلاً فضيق عيناه السودوان بألم ومال بوجهه الى وجهها لتتساقط خصلات شعره الأخضر وتلامس ذراعيها النحيلتين فقال لها مبتسماً :-

"وحيدة ….أنتي مثلي !!"

اتسعت حدقتيها ورمشت بعينيها وهي تحملق بتقاسيم وجهه الجميلة البيضاء فتراجعت الى الخلف واستدارت بسرعة وهي تسمع نداه الحانٍ الحزين …صمت آذانها وأختبأت في أحد الأزقة وأسندت ظهرها وهي تنزلق على الرصيف المليئ بالكثير من الزجاجات وبعض الأتربه التي حملتها الرياح …قبضت على صدّرها وقد أحست بخطوات متسارعة وأنفاس لاهثة …..استقامت من جديد وضاعفت خطواتها المتهالكة …فتمدد ظله على الحائط المقابل لها وعاودت تلك الألحان اليائسة الحزينة تنبلج من شفتيه :-

"عودّي ياصغيرتي ….أين أنت ؟! …لن أسبب لك الأذى ..أعدّك

خرجت من مكانها وهي تنظر الى ظله الذي تلاشى رويداً رويداً

رفعت قدميها للحاق به فمنعتها ذكرى غصت بعنف في قلبها الجريح فتراخت على أحد الأعمدة بهدوء وسوط الذكريات يجلدّها باستمرار

قابل بقامته الطويلة صفوف الكتب المرصوفة داخل الخزانة التي ارتدت ثياب الغبار وَزُينت بخيوط العنكبوت
بعثر شعره الأخضر باستياء ووضع كوب الشوكولا الساخنة على الطاولة الصغيرة الخشبية …مدّ ذراعيه في الهواء قبل أن يجول أمامه طيف تلك الطفلة الصغيرة
نظر بحزن الى الأسفل وهو يعيد ذاك اللقاء الذي قد غرس في ذاكرته بالرغم من مرور يوم واحد ألا أنه قد أحب تلك النظرة التي بدّت في نظره نظرة مشرقة خلاف طياتها الحزينة لولا تلك الفاصلة الحمقاء التي ألقاها على الصمت المرفرف عليهما لأطال ذاك اللقاء لتتخلله إبتسامة عذبة بريئة تستلقي على شفتيها الصغيرتين
تهالك بجسده على كرسيه الوحيد الخشبي ونظر الى ساعته التي تجاوزت السابعة صباحاً
لقد أراد أن تعيش معه …هل أخطأ عندما ألقى تلك الفاصلة ؟!
لم تكن نيته سيئة بل أراد أن يصنع سلماً تتسلق فيه الأبتسامة من قلبها الى فمها وليس سلماً للدموع ومواطن الألم
أعاد جملته مرة أخرى بلهجة متعمقة :-
"وحيدة …..أنت مثلي !!"
نهض وبدأ يذرع الغرفة محاولاً استنباط أي جرح قد تحمله كلماته ….توقف برهة وقد التمعت برأسه فكرة أراد أخفائها وسط بعض الذكريات فعاود الجلوس وتمتم وهو يهزّ رأسه برفق :-
"تحرير الذكرى " ..هذه هي وخزة الألم !!

قلّب صفحات الكتاب بشرود وارتشف القليل من الشوكولا وهو يركز نظراته على الجمل المخطوطة "عبّق الماضي"

تحركت بحركة طفوليه لتداعب وجه والدها المستلقي على الأريكة الخضراء ففتح عيناه الزرقاوان ذي النظرة الحانية وضمها بين ذراعيه وقد تعالت ضحكاتها كأوتار موسيقية أدمن على سماعها في كل رحلة ألم .
نهض بتكاسل وهي مازالت مستلقية على بطنه فرفعها بهدوء على كتفه فلامست بيديها الصغيرتين خصلات شعره الأخضر المموج وهمست بأذنه تذكره بأمر طفولي خاصة بها :-
بابا …لقد وعدتني بالذهاب الى مركز الألعاب " "
أنزلها وتقرفص أمامها وهمس بأذنها بودّ :-
" بالتأكيد …وهل تعتقدين أن بابا قد غفل عنه ؟! "
دارت بسعادة وراقصت شعرها وهي تهز رأسها بالنفي
"ملاك صغير" شعور طبيعي يجرّف مشاعر كل أب حالما تطلق أبنته المعزوفات التي يتراقص لها قلبه:-
"بابا ….حبيبي …بابا ….حبيبي …كم أهواه "
عبر الى المطبخ لتلحقه بحماس ومرح طفولي فصرخت بسعادة :-
"وجبتي المفضلة !!"
لقد أحضرتها بالأمس ..كما وعدتك " "
حضنت ساقيه ومسد شعرها بحنان أبوي قبل أن يصلصل هاتفه الخلوي فتسرع"مارجريت" أليه وتحمله بين يديها بحذر حتى لايسقط فيلتقطه ليمنحها قبلة على جبهتها فتبتسم بابتسامة يكون تأثيرها واضحاً على عينيه المنتشيتين فرحاً
تحب أن تكرر" مارجريت " هذا الموقف لتشاهد تلك السعادة في عينيه دائماً فهي على علم برحلة الألم التي يخوضها عندما ترتدي السماء الثوب الأسود فيطلق لتلك الدموع الحرية بالأنسياب على وجهه ليعلن بدء حفلته البكائية الصاخبة
أنهى مكالمته وشاهدت " مارجريت " سحابات الحزن تحوم فوقه فتقدمت وهمست له :-
"أيها الألم ابتعد ….ارحل بعيداً …ابتعد عن بابا الآن"
أضافت جملتها الأخيرة ووضعت راحة كفها على جبهته ورفعت نفسها لتطبع قبلة على خده فضمها بقوة وتمتم بأسى :-
" لدّي عمل مارجريت ….لن نذهب اليوم "
ماكان يدور في عقل مارجريت هو أسعاد والدها ولو كان بذلك أسقاطاً لبعض حقوقها الطفولية
أحاطت ذراعيها حول رقبته وأخرجت كلماتها لتكون بلسماً لألمه :-
لا بأس ….فأنت تتعب من أجلي " "
رفع يديه وأطاقها حول جسمها الصغير النحيل الذي يشكو من الجوع الشديد

بعد نصف ساعة من رحيل والدها كانت مارجريت تحاول كبّت ألمها بعدم الذهاب الى مركز الألعاب وغياب والدها عن البيت أيام طويلة ودّعت ظل والدها بابتسامة ومشاعر ممزوجة بالألم فأوصدت الباب وأسندت ظهرها عليه وهي تعصر طرف قميصها بخنق.

رفعت يدها محاولة حجب أشعة الشمس عن عيناها الزرقاوان فنهضت بتململ واستقرت عيناها على دميتها المبلولة بالماء المتساقط من أعلى المبنى المجاور ….خطفتها بسرعة لتسقط زخات من الماء الملوث من الأنبوب الصدئ
ضمت لعبتها الى صدرها وأخذت تجر قدميها باتجاه الشارع المزدحم بالأشخاص والسيارات المختلفة

فتوقفت بجانب الجدار تحدّق بأحد الرجال وقد أمسك بين أصبعيه الوسطى والسبابة بصورة لطفلة صغيرة

تراجعت الى الخلف بعدما شاهدت الزي العسكري الذي يزيد من هيبته ويطعم كبرياؤه فعادت مرة أخرى الى مكانها وارتقت درج المبنى بخوف دفعها للارتطام بالجدار وبقوة ….أمسكت جبهتها الدامية وصعدّت الطوابق الأخرى حتى وصلت الى إحدى النوافذ المنخفضة المقابلة للشارع لتدور عيناها باحثة عن الرجل العسكري الذي أنطلق بسيارته بعيداً

بقيت تراقبه حتى غاص في الزحام الخانق فأغلقت النافذة ونظرت الى الممر الذي يستمد ضوءاً بسيطاً من النوافذ المفترشة على الجدار

أطلقت ضحكة خفيفة وهي تتطلع الى القطة البيضاء التي زين عنقها بطوق أسود جميل فتحت راحة يدها واستدّعت القطة بسعادة …تقدمت القطة بحذر خطوة واحدة ثم مالبثت أن ابتعدت عنها فتذمرت من تصرفها وجلست القرفصاء وهي تنفخ بأنفاسها خصلات شعرها المنسدلة على عينيها

بقيت على هذه الحالة قرابة عشر دقائق فستذكرت تلك اللمحة اللطيفة التي برقت أمام عينيها ثم اختفت نتيجة تصرفها الأعرن …

كانت تمشي بخطوتها الهادئة لتمشي بجانبها العديد من المقاطع والذكريات وينكشف الستار ليعلن بدء دور مشاعرها المختلجة
توقفت برهة لتلتقط دميتها وترفع ثوبها الأبيض الرث لتكشف عن ساقيها النحيلتين بعظامها البارزة
عادت الى ذاك المكان الذي التقته به فأضاء طيفه الجوانب المظلمة في قلبها وأطرقت برأسها وعاودت جرّ دميتها التي أهلكتها الشقوق كما هي شقوق روحها البريئة .

*يرجى رجاءاً حار بعدم الردّ ^^"

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص قصيرة

صيدلانية .. والتـــعين ***؟

طبعــا ً أنا عندمـا قرأت القصة تذكرت أخي و زميلنا و حبيبا ً الصـــــــــيدلي …

وله مني أحلى تحــــــــــية …

********
تخرجت من كلية الطب منذ عدة سنوات وجلست بعدها في البيت أنتظر التعيين أو النصيب .. !! وذات يوم دق جرس الهاتف لأجـد شخصا يقول لي :
" تم تعيينك في مستشفى المواساة .. يجب أن تباشري غدا وإلا …!!"
قلت له :
" لا .. لا داعي لـ " وإلا " هذه .. سأكون أول من يدخل باب المستشفى صباح الغد بمشيئة الله ..
لم أنم ليتها جيدا .. ألف صورة تعبر مخيلتي و ألف شعور يغمرني وألف " وإلا " قفزت أمام عيني .. ولذلك لم أذق طعم النوم ..
جاء الصباح وجاء يوم العمل الأول .. عندي " بالطو " أبيض أحتفظت به من أيام الجامعة .. حاولت أن أرتديه .. جيد .. لا زلت أحتفظ برشاقتي .. أتأمل نفسي في المرآة .. نعم .. يبدو أن زمن الرشاقة قد ولّى .. !! رميت البالطو جانبا لألحق بالعمل الجديد ..
عندما وصلت المستشفى كنت حقا أول من وصل من الموظفين و الممرضات و العمال .. لم أبالي .. يجب أن أثبت جدي و اجتهادي من أول يوم ..
بحثت عن المكان الذي سأمارس فيه عملي .. سأكون صيدلية بإذن الله .. هكذا كنت أحلم طوال عمري .. و اليوم سيتحقق احلم ..
سألت : أين سأعمل ؟؟
لا أحد يعرف ..
بدأ الموظف المختص بتقليب الأوراق و الدفاتر و المعاملات .. ثم نظر إليّ بعد حيرة طويلة وقال :
" انه هنا .. هذا اسمك .. ستعملين تحت .. في البدروم .. في الدور الأرضي "
قلت :
" هل هناك صيدلية في البدروم ؟"
تأملني كاتما ضحكة أوشكت أن تفلت منه وقال :
" عفوا .. الصيدلية هنا .. خلف مكتبنا .. ولكن أنت ستعملين في ثلاجة الموتى .."
انتفضت أطرافي و تلعثم لساني وأوشكت قدماي أن تهويا بي .. تماسكت ولملمت أشلائي لأقول له :
" ثلاجة موتى .. ولكن .. أنا صيدلانية .. والموتى حسب معلوماتي يحتاجون للدعاء والترحم ولا يحتاجون إلى صيدلانية مثلي "
قال :
هذا صحيح .. ولكن .. لست أنا من وضعك في هذا العمل .. وان أردت نصيحتي باشري عملك بضعة أيام ثم حاولي أن تطلبي نقلك إلى مكان آخر بالتفاهم مع مديرك "
قلت :
" عفوا .. ولكن لا أصلح في هذا المكان "
قال بعد أن ألقى بظهره على الكرسي ووضع رجلا على رجل:
" وهل أنا أصلح هنا .. وذاك هل يصلح هناك .. قولي لي يا سيدتي هل هناك شخص مناسب في مكان مناسب في هذا الزمان ؟! إنها مسألة أكل عيش .. وعلينا أن نعمل في أي مكان وإلا " ..!!
أطلقت تنهيدة من أعماق قلبي وقلت له :
" ما حكاية " إلا " هذه ..؟ لا بأس ..أمري إلى الله .. "
أنهيت إجراءات مباشرة العمل ثم نزلت إلى المكان الذي سيضم خطواتي القادمة .. مكان كئيب .. إضاءة خافتة تخلق الرعب في النفس .. دخلت الغرفة التي تحتضن الثلاجة وأنا أجر قدمي جرا .. وجدت زميلة تنتظرني .. أفهمتني أن عملي سهل جدا ..
" سيأتي أهل المتوفى بورقة يفترض أن تطابقيها ببيانات موجودة على باب الثلاجة التي تضم جثمان متوفاهم .. وإن تطابقت عليهم عندها أن يأخذوا ميتهم من هنا "
أطلقت زميلتي ضحكة عالية و هي تحاول أن تزرع الشجاعة في قلبي لتضيف قائلة :
" لن تلمسي أمواتا و لن تحملي جثثا .. فقط ستتعاملين مع بيانات .."
قالت كلمتها و هي تتوجه نحو الباب .. أطبقت على يدها بفزع و قلت :
" إلى أين ؟"
قالت :
" المعذرة .. لدي مشوار تم تأجيله أربع مرات لحين مباشرتك العمل .. لا تقلقي .. سأعود خلال ساعة و ربما أقل .. إلى اللقاء "
وتبخّرت من أمام عيني في لحظة و تركتني زائغة العينين أشم رائحة الموت من كل اتجاه ..
هربت من الغرفة .. سحبت كرسيا و جلست في الممر ..وبقيت أضرب أخماساً في أسداس .. بل في أرقام كثيرة بلا نهاية .. ما هذه الورطة ..؟ هل سأقول لأمي و أبي و اخوتي أني أعمل حارسة على بوابة ثلاجة الموتى ..؟ هل الموتى بحاجة إلى من يحرسهم ؟ وهل أفنيت عمري و سهرت الليالي لأكون في هذا المكان ..؟ وأين أذهب بعلم الصيدلة و الأدوية والكيمياء و كل ما تعلمته ؟ هل أذيبه في كوب ماء و أشربه ..؟
انتبهت إلى واقعي .. صمت عميق يكاد يحاصر المكان لولا أصوات بعيدة تتسلل إلى أذني .. بدأت الوساوس تنبت في محيطي ..
كأني سمعت طرقا من داخل الغرفة ..!!
هل هناك من يهمس باسمي ..؟!
كأني رأيت شيئا يتحرك كالبرق أمامي ليختفي .. !!
يا إلهي .. هواجس و ظنون وأوهام خلقتها بنفسي لأداري إحباطي تطوقني وتخنقني .. وفي ما أنا أسيرة هذه الهواجس إذا بصوت عال محتد يصرخ بي :
" السلام عليكم "
قفزت من الكرسي وأنا أردد " وعليكم السلام " ووجهي يدور في كل مكان أبحث عن هذا المخلوق الذي ذبح وحدتي ..
رأيت نفسي فجأة أمام رجل ضخم يحمل ورقة صغيرة جدا يقدمها إليّ ويقول:
" تفضلي "
شعرت وكأن قلبي قفز بين يدي .. هل هذا حلم أم واقع .. ؟ لم أقرأ الورقة .. سألته فقط ..
" ما هذه "
قال :
" انه جدي .. اختفى منذ شهر و نحن نبحث عنه وربما يكون هنا في هذا المكان "
قلت وقد بدأت أشعر بأنفاسي تعلو وتملأ المكان :
" والمطلوب ؟ "
قال بغضب ظاهر :
" سلامة فهمك .. المطلوب أن تفتحي جميع أدراج ثلاجتكم العامرة وتبحثين عنه "
قلت و أنا أظن أني أرد له غضبه بما يستحق :
" المعذرة .. سلامة فهمك .. أنا لا أعرف جدك ولا شكله "
أدخل يده بسرعة في جيبه ليخرج صورة وضعها أمام بؤبؤ عيني وقال :
" هاهو .. "
قلت بارتباك ظاهر :
" تعال إذن وابحث عنه بنفسك "
قال وقد فطن إلى حقيقة الأمر :
" عفوا .. أنت هنا لهذا العمل .. وقد تحوي ثلاجتكم العامرة نساء لا يصح أن أنظر إليهن .. ولهذا سأعود إليك بعد قليل لآخذ الإفادة .."
وهرب من أمامي قبل أن أنطق بحرف ..
تأملت صورة جدّه ، ثم أطلقت نظري في أرجاء الثلاجة التي تحوى أكثر من عشرين درجاً ، تراني هل أتجرأ و أفعلها ؟
ويح قلبي .. أنا التي يهلع قلبي لذكر الموت أجد نفسي فجأة أمامه وفي أكثر من صورة ؟
هل أنسحب ..؟
نعم .. هذا أفضل ..
أفضل ..؟ لمن ..؟
تخطر في ذاكرتي كلمة ( وإلا ) التي ترددت على مسمعي أكثر من مرة بسبب هذا العمل .. أم يقل ذاك الموظف أن المسألة " أكل عيش " ؟
أطل في الصورة مجدداً .. أجد قدماي تقوداني إلى داخل غرفة الثلاجة .. أقترب من أول درج .. أقرأ كلمة ( مجهول .. حادث سيارة ) مكتوبة على ورقة معلقة بإهمال على مقبض الدرج ..
المطلوب مني أن أفتح الدرج وأفتح عيني جيد وأتأمل الموت .. ألاحق تفاصيله .. أستكشف بصمته .. مطلوب مني أن أقارن الموت بصورة .. والمجهول بعلامة استفهام .. يالله .. ماذا أفعل .. قلبي يكاد يتوقف .. أمد يدي إلى الدرج أحاول سحبه .. إنه يترنح في الهواء .. أتراه فارغ ؟ أسحبه بهدوء ..
يا الله .. زلزال يضرب كياني .. إنها جثة طفل صغير .. أتأمله بخشوع .. كل كياني يبكي .. أي جبار عات دهس طفولتك وبراءتك أيها الصغير ؟ أي أرعن أخرق قطف بسمتك وداس فرحة أبويك وقذف بك إلى أحضان الموت ..
أحاول أن أمد يدي إلى جبهته .. لم أتردد .. لأول مرة في حياتي ألمس ميتا وأنا التي كنت أتحاشى الاقتراب من مريض .. لمست جبينه البارد .. عبثت يدي بشعره .. قوة غامضة دفعتني إلى تقبيل خده .. شعرت أني أقبّل عصفورا صغيرا ..
صوت يخترق أذني .. " عفوا ..مكانك ليس هنا " .. نظرت خلفي فإذا به ذاك الموظف الذي قذف بي صباحا إلى هذه الثلاجة ..
قلت وأنا أمسح دموعي وألملم مشاعري : " ألم تقل لي صباحا أن مكاني هنا وأن كشوفاتك تؤكد ذلك " ..
قال مرتبكا : " أرجو أن تعذرنيي .. يبدو أني لم أغسل وجهي جيدا هذا الصباح ولكن عندما سألوا في الصيدلية عن الموظفة الجديدة إكتشفت خطأي .. السماح منك مرة أخرى " ..
لم أفرح بالنبأ .. لم أفرح بالصيدلية .. نظرت إلى جثمان الطفل من جديد .. قلبي مذبوح وكياني مشروخ ويدي لا تريد أن تفارق وجه الطفل .. قلت للموظف :
" ما حكاية هذا الطفل ؟ "
قال : لا توجد حكاية .. طفل مشرد كان يتسول عند إشارة مرور دهسته سيارة طائشة .. لا أحد يعرف شيئا عن هذا الطفل ومنذ سنة والجثة هنا والشرطة ترفض دفنها قبل التعرف على ذويه ، وحتى من ارتكب الحادث لازال حرا طليقا .. على أي حال .. أرجوك .. يجب أن تذهبي إلى الصيدلية فورا قبل أن تحدث لي مشكلة .. "
قال كلماته تلك واختفى من أمامي .. وبقيت أنا وهذا المشرد الصغير .. يا لوعتي عليك أيها الملاك .. عشت مشردا وتموت مشردا .. عشت فقيرا وتموت مكسورا لتغفو وحيدا في ثلاجة من الصقيع .. قتلك الظلم وهرب .. دهستك القسوة واختفت ..
ماذا أفعل الآن يا ربي ..؟ أنا الآن صيدلانية " رسمي " .. ومكاني ليس هنا .. ولكن .. كيف أترك المكان وقلبي هنا .. وكياني هنا .. وإنسانيتي هنا .. كيف أغادر وعصفور يبحث عن الراحة ميتا ولا يريدونها له قبل أن يستكملوا أوراقهم .. هل يتصورن أن ضمير القاتل سيستيقظ بعد سنة ليقول : أنا من دهسه .. خذوني فغلوني ..؟
لن أترك يا صغيري تموت مرتين .. سأسعى إلى إخراجك من هذا القبر البارد ..
انحنيت عليه وقبلته من جديد .. ودموعي تغسل وجهه .. وهمست في أذنه : " أقسم لك يا صغيري أني لن أتركك هنا " وأغلقت درج الثلاجه وكأني أغلق قبرا على روحي ..

قصــــــــــة أعجبتني ونقــــــــــــــــــلتها لكم

تحــــــــــــgad.fat_tmــــــــــياتي

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص قصيرة

نحتاجكَ أبي.. قصة قصيرة

*

التصنيفات
قصص قصيرة

وكتبت بدمها احبك … قصة جميلة

تعودت كل ليلة أنأمشي قليلا ، فأخرج لمدة نصف ساعة ثم اعود..وفي خط سيري يوميا كنت اشاهد طفلة لم تتعدى السابعةمن العمر.. كانت تلاحق فراشا اجتمع حول احدى انوار الاضاءة المعلقة في سور احدالمنازل..

. لفت انتباهي شكلها وملابسها .. فكانت تلبس فستانا ممزقا ولاتنتعل حذاء..
وكان شعرها طويلا وعيناها خضراوان ..

كانت في البداية لاتلاحظ مروري .. ولكن مع مرور الايام .. اصبحت تنظر الي ثم تبتسم ..

في احد الايام استوقفتها وسالتها عن اسمها فقالت اسماء.. فسألتها اين منزلكم ..فأشارت الى غرفة خشبية بجانب سور احد المنازل .. وقالت : هذا هو عالمنا ، اعيش فيه مع أمي وأخي بدر.. وسالتها عن ابيها .. فقالت ابي كان يعمل سائقا في احدى
الشركات الكبيرة .. ثم توفي في حادث مروري.. ثم انطلقت تجري عندما شاهدت اخيها بدر يخرج راكضا الى الشارع ..فمضيت في حال سبيلي.
.

ويوما مع يوم.. كنت كلما مررت استوقفها

لاجاذبها اطراف الحديث .. سالتها : ماذا تتمنين ؟ قالت كل صباح اخرج الى نهاية الشارع .. لاشاهد دخول الطالبات الى المدرسه .. اشاهدهم يدخلون الى هذا العالم الصغير..مع باب صغير.. ويرتدون زيا موحدا … ولااعلم ماذا يفعلون خلف هذا السور..

امنيتي ان اصحو كل صباح .. لالبس زيهم .. واذهب وادخل مع هذا الباب لاعيش معهم
واتعلم القراءة والكتابة ..

لااعلم ماذا جذبني في هذه الطفلة الصغيرة .. قد يكون
تماسكها رغم ظروفها الصعبه .. وقد تكون عينيها .. لااعلم حتى الان السبب.. كنت كلما مررت مع هذا الشارع .. احضر لها شيئا معي.. حذاء .. ملابس.. العاب.. اكل.. وقالت لي.. في احدى المرات :

بأن خادمة تعمل في احد البيوت القريبة منهم قد علمتها الحياكة والخياطة والتطريز.. وطلبت مني ان احضر لها قماشا وادوات خياطه .. فاحضرت لها ماطلبت .. وطلبت مني في احد الايام طلبا غريبا..

قالت لي: اريدك ان تعلمني كيف اكتب كلمة احبك.. ؟

مباشرة جلست انا وهي على الارض

.. وبدأت اخط لها على الرمل كلمة احبك.. على ضوء عمود انارة في لاشارع .. كانت تراقبني وتبتسم .. وهكذا كل ليلة كنت اكتب لها كلمة احبك.. حتى اجادت كتابتها بشكل رائع ..

وفي ليلة غاب قمرها … حضرت اليها .. وبعد ان تجاذبنا اطراف الحديث ..
قالت لي اغمض عينيك .. ولااعلم لماذا اصرت على ذلك.. فأغمضت عيني .. وفوجئت بها تقبلني ثم تجري راكضه .. وتختفي داخل الغرفة الخشبيه ..

وفي الغد حصل لي ظرف طاريء استوجب سفري خارج المدينة لاسبوعين متواصلين .. لمأستطع أن أودعها .. فرحلت وكنت أعلم أنها تنتظرني كل ليله ..

وعند عودتي .. لم أشتاق لشيء في مدينتي أكثر من شوقي لأسماء.. في تلك الليلة خرجت مسرعا وقبل الموعد وصلت المكان وكان عمود الانارة الذي نجلس تحته لايضيء.. كان الشارع هادئا ..أحسست بشيء غريب..

انتظرت كثيرا فلم تحضر .. فعدت أدراجي .. وهكذا لمدة خمسة أيام .. كنت أحضر كل ليلة فلاأجدها ..

عندها صممت على زيارةأمها لسؤالها عنها.. فقد تكون مريضه .. استجمعت قواي وذهبت للغرفة الخشبية .. طرقت الباب على استحياء.. فخرج بدر !

.. ثم خرجت أمه من بعده.. وقالت عندما شاهدتني.. يالهي .. لقد حضرت .. وقد وصفتك
كما أنت تماما.. ثم أجهشت في البكاء.. علمت حينها أن شيئا قد حصل.. ولكني لاأعلم ماهو ؟؟؟؟؟؟

وعندما هدأت الأم سألتها ماذا حصل؟؟أجيبيني أرجوك ..

قالت لي: لقد ماتت أسماء .. وقبل وفاتها .. قالت لي سيحضر أحدهم للسؤال عني فأعطيه هذا وعندما سألتها من يكون ..قالت أعلم أنه سيأتي ..سياتي لامحالة ليسأل عني؟؟ أعطيه هذه القطعه ..

فسالت أمها ماذا حصل؟؟ فقالت لي توفيت أسماء..

في إحدى الليالي أحست إبنتي بحرارة واعياء شديدين .. فخرجت بها الى أحد المستوصفات الخاصة القريبه .. فطلبوا مني مبلغا ماليا كبيرا مقابل الكشف والعلاج لاأملكه .. فتركتهم وذهبت الى أحد المستشفيات العامة ..

وكانت حالتها تزداد سوءا..فرفضوا إدخالها بحجة عدم وجود ملف لها
بالمستشفى.. فعدت إلى المنزل .. لكي أضع لها الكمادات .. ولكنها كانت تحتضر.. بين يدي.. ثم اجهشت في بكاء مرير.. لقد ماتت .. ماتت أسماء..

لاأعلم لماذا خانتني دموعي.. نعم لقد خانتني .. لاني لم أستطع البكاء.. لم استطع التعبير بدموعي عن حالتي حينها.. لاأعلم كيف أصف شعوري ..

لاأستطيع وصفه لاأستطيع !
خرجت مسرعا ولااعلم لماذا لم اعد الى مسكني.بل اخذت اذرع الشارع .. فجأة تذكرت
الشي الذي اعطتني اياه ام اسماء….. فتحته … فوجدت قطعة قماش صغيرة مربعه.. وقد
نقش عليها بشكل رائع كلمة احبك.. وامتزجت بقطرات دم متخثره .. . يالهي .. لقد عرفت
سر رغبتها في كتابة هذه الكلمه .. وعرفت الان لماذا كانت تخفي يديها في اخر لقاء..
كانت اصابعها تعاني من وخز الابره التي كانت تستعملها للخياطة والتطريز.. كانت اصدق
كلمة حب في حياتي.. لقد كتبتها بدمها .. بجروحها .. بألمها.. كانت تلك الليلة هي
اخر ليلة لي في ذلك الشارع .. فلم ارغب في العودة اليه مرة اخرى.. فهو كما يحمل
ذكريات جميله .. يحمل ذكرى الم وحزن .. يحمل ذكرى
اسمـــــــــــــــــــــــــــــــاء

احتفظت بقطعة القماش معي.. وكنت احملها معي
في كل مكان اذهب اليه .. وبعدها بشهر.. واثناء تواجدي في احدى الدول.. وعند ركوبي
لاحد المراكب في البحر الابيض المتوسط.. اخرجت قطعة القماش من جيبي.. وقررت ان
ارميها في البحر ..لااعلم لماذا ؟؟ ولكن لانها تحمل اقسى ذكرى في حياتي.. وقبل غروب
الشمس.. امتزجت دموعي بدم اسماء بكلمة احبك.. ورفعت يدي عاليا .. ورميته!
ا في البحر.. واخذت ارقبها وهي تختفي عن نظري شيئا فشيئا .. ودموعي تسالني لماذا ؟؟
ولكنني كنت لااملك جوابا ؟؟ اسماء سامحيني .. فلم اعد احتمل الذكرى؟؟ اسماء
سامحيني.. فقد حملتني اكبر مما اتحمل؟؟ اسماء سامحيني فأنا لااستحق الكلمات التي
نقشتيها .. اسماء سامحيني..

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص قصيرة

هل هى قلــوب أم حجارة ..؟؟؟ قصة جميلة


هــل هــى قـلــوب أم حجـــارة .. ؟؟؟؟

وهبنا الله تعالى قلوباً
لكن ما فائدتها مع أناس لا قلوب لهم أو بالاحرى تحجرت قلوبهم ؟؟

***************************
فى الساعة الرابعة عصرا ….

كانت تلك الفتاة تعمل فى منزل أحد الاثرياء

عندما آتاها ذلك الخبر الذى جعلها تترك كل ما فى يدها لتذهب الى

المشفى لترى أمها التى ذهبت الى هناك منذ ساعة …

عندما وصلت اول شى فعلته هو الذهاب الى الطبيب …

الفتاة : أخبرنى ايها الطبيب ماذا بها أمى ؟؟

الطبيب : للأسف لدى والدتكى ورم فى رأئسها وهو فى حالة متأخرة

جدا ويجب أجراء جراحة فورية لها ؟

الفتاة : ماذا تنتظر ايها الطبيب ابدء بأجراء الجراحة ، لكن كم تبلغ مصاريفها ؟؟

الطبيب : مليون دورلاً ونصف .

ذهلت الفتاة أنه لمبلغ كبيير جدا كيف بإستطاعتها جمعه مع

ذلك الراتب الصغيير ؟؟!!

الفتاة : حسنا ايها الطبيب قم بإجراء الجراحة وانا ساتدبر أمر المال ؟

الطبيب : أسف لا استطيع .

الفتاة : لماذا ؟؟!!!

الطبيب : يجب أن يدفع المبلغ او نصف المبلغ على الاقل قبل إجراء الجراحة .

الفتاة بدهشة : ماذاا ؟!!

الطبيب : آسف هذه هي الاجرائات ..

ليتركها الطبيب ويرحل ..

كانت الفتاة حزينة جدا وهى تقول فى نفسها

: ما هؤلاء الناس أليس لديهم قلوب ؟؟

كيف يضعون مثل هذا الاجراء البغيض ؟؟

وماذا بشأن من لا يستطيعون دفع هذه النقود ؟؟

هل يموتون على الاراضى ؟؟

أنهم حقا لا قلوب لهم بل اصبحت قلوبهم حجارة ..

قررت الفتاة الا تفقد الامل وان تذهب الى بعض من تعرفهم ربما يعيرها النقود

ذهبت الى احد الاثرياء كان قد رائته منذ فترة قصيرة وقال لها اذا

أحتاجت الى شىء لتأتى اليه ..

***********************
ذهبت الفتاة الي ذلك الرجل كانت الساعة ائنذاك السادسة مساءاً ..

الرجل : أهلا وسهلا يا ابنتى كيف حالك ؟؟

الفتاة : بخير سيدى هل يمكنك مساعدتى ، ارجووك ؟؟؟

الرجل : ماذا هناك يا ابنتى ؟؟

الفتاة : اريد ان استعير منك مليون دورلاً ونصف ؟

ذهل الرجل انه مبلغ كبير كيف يعطيه لهذه الفتاة التى لم يرها الا مرة واحدة

فى حياته وماذا يأمن له انها ستعيده له مرة اخرى .

الفتاة : ارجووك سيدى أمى فى المشفى ..

الرجل : اسف يا أبنتى ….

لم يكمل لان الفتاة قاطعته

الفتاة : حسنا سيدى شكرا لك ..

رحلت الفتاة لم تشأ ان تذل نفسها اكثر ..

ذهبت الى آخر الى عمها التى هى من لحمه ودمه

فلم يعطيها شيئا متحججاً انه لو عمل عمره لم يكن ليجمع هذا المبلغ

كانت الفتاة تعلم انه يكذب الا انها حفظة ما بقى من ماء وجهها ورحلت

***********************
ظلت الفتاة تذهب الى هذا والى ذاك تترجى كل شخص

ولكن ما من جدوى ما من احد يشفق عليها ولا على حال امها المريضة

ذهبت الى اعز الناس عليها فرفضوها

أمطرت السماء حزنا على حال هذه الفتاة

قررت الفتاة العودة الى المنزل الذى تعمل فيه …

لتجد سيدتها واقفتا تأفف لها وهى فى اشد غضبها ..

السيدة : أيتها الخادمة اللعينة كيف تتجرأين على التأخر كل هذا الوقت الساعة الان

الثامنة اين كنتى طوال الاربعة ساعات الماضية ، وأيضا ذهبتى بدوون اذنى

الرحمة يا اللهى كيف لتلك الفتاة ان تتحمل كل هذا وايضا تراعى الوقت

الفتاة : لكن سيدتى أمى فى المشفى وتحتا..

لم تكمل الفتاة لان سيدتها قاطعتها بعنف ..

السية : أمكى فى المشفى ام لا تموت اولا تموت لا يهمنى ، ايتها الخادة اخرجى من منزلى انتى مطرودة .

يا الهى اين ستلاحق هذه المسكينة على المصائب التى تتهافت من حولها

وتتساقط كحبات المطر التى تسقط على رأس هذه الفتاة البائسة

الذاهبة الى المشفى لم يبقى أمامها غير الطبيب لتترجاه

وعندما دخلت الى غرفة امها رأت الممرضات يغطين وجه امها بالغطاء

لتذهب اليها غير واعية وغير مصدقة لما يحدث وتكشف وجهها

وتصرخ بكل ما اوتيت من قوة " أمــــــــــــــــــــــــــى لالالالالالالالالالالالالالالالالا "

كان بأمكانها انقاذ امها لولا قسوة قلوب الناس بل لولا تحجر قلوبهم …

*******************

هذه هى قصتى القصيرة الاولى اتمنى ان تكون قد نالت اعجابكم

فى حفظ الله ورعايته ..

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص قصيرة

قصة بل عنوان قصة جميلة

قرأتها أترككم مع هذة القصة الحزينة

تمووووووووووووووووووووووو ت على زوجها

و هو كذلك يمووووووووووووووووت عليها ..

كنا نسميهم طيور الكناري ..

زوجان مثاليان بمعنى الكلمممممممممممة

قمة المثالية

قمة الرومنسية

قمة الحب

قمة السعادة و الاندماج

تحس كل طرف منهما يكمل الطرف الثاني ..

بداية القصة :

خطبها و عمرها 17سنة

مع العلم إنه ما كانوا العائلتين يعرفون بعض

أهلها رفضوا يزوجونها لصغر سنها و إنها دلوعتهم و ما تعرف تطبخ

تخيلوا قال أنا راضي فيها و أنا لو تبي بأطبخ أو تتعلم شوي شوي ..

المهم

حصل النصيب

تزوجوا

و عاشوا تقريباً 8سنوات حياة ما يحلم فيها حد

الله ما يسر لها الحمل إلا في السنة الثامنة..
حملت و كلنا فرحنااااااااااااااااااااا ا لها ..
يا رب قد ايش كان الخبر مفرح للجميع ..
زوجها انهبللللللللللللل من الفرحه .. سوّى حفلات لمدة أسبوع .. بيته امتلى هدايا منه
أرسل رسائل جوال للجمييييييييييييييييييييع يخبرهم بالخبر ..

تخيلوا رسائل حتى لزملائه اللي يدرسون برا المملكة ..
و حلف عليها ما تللللللللللللللللللللمس شيء ..
لا طبخ و لا تنظيف بيت و لا غيره

جاب لها شغالة زود على الشغالة اللي عندها ..
غير عن المطاعم و الرفاهية كللللللللللللللل يوم
ما بقى فندق راقي إلا و سكنها فيه يقال لك يغير جو هو واياها عشانها تتوحم ..

مرت الشهور
و هم يشترون ملابس البيبي
و تركته على راحته يشتري على ذوقه ..
هو ذويق ماشاء الله عليه
كنا نروح عندها تفرجنا على ملابس النونو ، تقول خليته هو يختارها حتى لما أشيل النونو بحضني أتذكر أبوه 0
وصلت الشهر الثامن
و ما أدرااااااااااااااااك ما الشهر الثامن
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه بس
الحمدلله على قضائك يا رب
يجينا خبر زوجها سوى حادث سيارة و مااااااااااااااااات
و الله كلنا كان تفكيرنا كيف بيوصل لها الخبر
أبوها أغمى عليه ارتفع عليه السكر و ما عرف شلون يخبر بنته
أخوانها الثلاث صياح و دموع مو قادرين يصدقون .. كان لهم أكثر من أخ و زوج أخت لا يقارن بأزواج أخواتهم الباقين ..
و أخواتها اجتمعوا في بيت أهلها ينتظرون أحد يجيبها حتى يخبروها عند أهلها ..
تخيلوا راح أخوها الكبير لها قال لها : أختي فلانة زوجها شكله يبي يطلقها (أخته هذي عندها مشاكل مع زوجها).. فتعالي عندنا واسيها
لبست عبايتها و جت معه ركض ، و قبل ما تطلع من الباب قالت : يا أخوي ما قلت لزوجي ، خل أعطيه خبر ..
قال : وش دعوى يزعل .. انت بس تعالي لا تدقين عليه و تشغلينه ..
جت يا عمري تبي تفزع لأختها ..
دخلت البيت
شافت العالم جالسه
ركضت تدور على اختها
شافت أختها تبكي قامت تواسيها يا بنات تقول لها : أصلا ما يسوى من ظفرك شيء ..
المفروض تحمدين ربك
و هنا دخل أبوها ..
أول ما شافها جلس يبكي و يحضنها ..
هي حست بشيء .. قامت تخيلوا تدف أبوها تقول : فلااان صار له شيء ؟؟؟؟؟
تكلموا .. تكذبون علي
بأروح لبيتي
و ركضت تبي تطلع
مسكوها خواتها و أخوانها : قالوا لها : تعبان شوي
قامت تصرررررخ صوتها سمعوه الرجال في المجلس
قامت تقول :ودوني له أكيد يبيني أوقف جنبه في مرضه ، انا زوجي ما يمرض إلا و اكون جنبه ،

<<<<< آآآآآآآآآآآآه .. ما تدري إنه مااااااااااااااااات
قام أبوها يهدي فيها يقول لها بأخذك معي نروح له ..
و هي بس تبي تطلع
و خواتها ماسكينها ..

يا ربي يا صعب هاللحظة ..

تخيلوا أبوها ما قدر يكتم الكلام ..

قام يصيح و يقول لها يا بنتي وين تروحين له و هو ما هو حولك ..

عاد هي بدأت تستوعب و سكتت ، و قفت صراخ

قالت : وشو ؟؟؟ فهموني وش تقولون ، لهالدرجة زوجي تعبان و مو قادر يحس فيني ؟؟

المشكلة إنها كانت مستبعدة تماماً إن زوجها مااااااااااات

قام يقول لها أبوها : يا بنـتي خلاص ماهو حاس فيك .. و جلس يببببببببببكي

و أمها تبكي

هي هنا فهمت قالت : لا تقولون مااااااااات

لااااا .. أصلا هو ما راح يموت و يتركني

يتركني و لسه ما شاف اللي في بطني

و أغمى عليهااااااااا

و لا حست بأحد

حاولوا أهلها يصحونها

ما قدروا

نقلوها المستشفى ، قالوا جايها انهيار عصبي شديد و احتمال ولادة مبكرة يمكن تفقد فيها الجنين لأن الجنين صعبة ولادته في الشهر الثامن و نبضاته ما تطمن..

جلسنا ندعي لها ربي يهون عليها ..

بيت أهلها صااااااااار حزن في حزن

و هي استمرت في المستشفى غايبة عن الوعي تقريباً 3أسابيع

تفتح عيونها و تناظر اللي حواليها و هي ساكته و ترجع تنام ( كان الدكتور يقول هذي حالة نفسية تبي تهرب من الواقع)

دخلت الشهر التاسع و هي ما زالت في المستشفى

قرروا الأطباء لازم يولدوها قيصري

ولودها و جابت ولد ما شاااااااااء الله جميل .. و الشبه نسخة كربون من أبوه ..

طبعاً ولدوها و هي مو حاسة بنفسها

بعدها قرروا الأطباء إن خروجها للمنزل أفضل حتى تتأقلم مع الوضع ..

طلعت لبيت أهلها .. أمها و أختها الكبيرة كانوا يهتمون في المولود

و هي جلست ملازمة للصمت تقريباً شهر في المستشفى و شهرين في بيت أهلها

تخيلوا ما تتكلم مع أحد

صاااااااااااااااامته و لا حتى تبكي و لا شيء و لا دمعه

فقط تناظر في عيون اللي حوالينها

حتى الأكل يؤكلونها كأنها طفل يدارونه

و لقمتين بس

بعد ما كان وزنها قبل 65صار 49

جلد على عظم

إلى أن جاء اليوم اللي فرحوا فيه أهلها إنها بدت تتكلم

و لكن

المصيبة إنها صارت تتكلم مثل اللي فاقدين الذاكرة

تأشر على ولدها تقول : منو ذا ؟

تقول لها امها : هذا ولدك اللي حملتي فيه ؟

ترد على أمها : كيف حملت فيه ؟

تقول لها:لما كنت متزوجة فلان

و تسأل أمها : وين فلان ؟

تقول:راح الجنة إن شاء الله

تقول لها : يعني ما راح يرجع ؟

تقول أمها لا .. تقوم و تصرخ آآآآآآآآه يا ربي بكاها ما أنساه

كأنه بكاء طفل

تعرفون ليش ؟ لأنها كتمت ردة فعلها تقريباً لمدة 3شهور ..

و فجأة طلعتها ..

عاد قصتها و تعذيبها لأهلها بصياحها آخر الليل قصة طويلة .

أذكر منها : لما اهلها يحطون العشا و ينادونها تتعشى ، طبعاً ترفض

بس بعد شوي يشوفونها داخلة المطبخ يفرحون يفكرونها بتأكل

تخيلوا تروح تفتح القدر و تغرف في صحن و تدخله في الفرن

وتقول لأهلها : هذا اللي في الفرن لزوجي .. لحد يأكله .. هو كلمني قال بأجي بعد نص ساعة ..

أأأأأأأأأأأأه يا قلبي ..

يقومون أهلها من العشا و يبكوووون ….

و من المواقف الصعبة إن أحد أخواتها كانت تشوفها كثير تمسك جوالها

تقول أختها شدني الفضول أبي أشوف ليه في يدها الجوال

تقول لما طلعت من الغرفة رحت أشوف جوالها إلا هي طول الوقت قاعدة تدق على تلفون بيتها و على جوال زوجها ، طبعاً محد يرد عليها 0

و ترسل لجوال زوجها رسايل : حبيبي وينك ، لا تتأخر ، ما راح أتعشى إلا معاك … يعني كأنها مو مصدقة الوضع ..

عموماً .. الحديث يطول ..

الله يجبر كسر كل محزون ياااااااااا رب ..

الله الله في أزواجكم.. تذكروا الجوانب الإيجابية فيهم

من بعد ما شفتها تأكدت إن فراق الزوجة لزوجها صعب جداً

فلا تدعون على أزواجكم في لحظة غضب

و لا تخلونهم يطلعون من البيت و هم زعلانين

ممكن يصير له شيء

و تكون آخر نظراتك له من غير شر

لا حول و لا قوة الا بالله
الله لا يريكم مكروة في من تحبون
منقول

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص قصيرة

قصة قصيرة وجميلة قصة جميلة

قاعة الالف مرآة
منذ زمن طويل فى بلده ما كان يوجد قصر يوجد به الف مرآة فى قاعة واحدة
سمع كلب بهذه القاعة فقرر ان يزورها وعندما وصل اخذ يقفز على السلالم فرحا
ولما دخل القاعة وجد الف كلب يبتسمون فى وجهه ويهزون اذيالهم فرحين
فسر جدا بهذا وقال فى نفسه لابد ان احضر هنا مرات اخرى كثيرة
سمع كلب اخر بهذة القصة فقرر ان يزور القصر مثل صديقه ولكنه لم يكن
فرحا بطبيعته…مشى بخطوات متثاقلة حتى وصل الى القاعة زات الالف مرآة
ولكن يا للعجب …وجد الف كلب يعبسون فى وجهه فكشر عن انيابه
وذعر اذ وجد الف كلب يكشرون عن انيابهم فادار وجهه وجرى… 0
وهو لا ينوى على شىء
صديقى:.كل الوجوه فى العالم مرايا فاى انعكاس تجده على وجوه الناس؟
فكل ما تريدون ان يفعل الناس بكم افعلوا هكذا انتم ايضا بهم
مت 7 : 12

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص قصيرة

قصة الحجاج والغلام قصة قصيرة

تحتوي على كل اصناف الادب .. من شعرٍ ونثر..دارت هذه القصة بين الحجاج بن يوسف الثقفي…وبين احد الغلمان .. ممن وهبه الله قوة في الجنان ..وفصاحة في البيان
((قصه غلام من بني هاشم والحجاج بن يوسف الثقفي ))

خرج الحجاج بن يوسف ذات يوم للصيّد فرأى تسعة كلاب إلى جانب صبي صغير السن عمره نحو عشر سنوات وله ذوائب.

فقال له الحجاج : ماذا تفعل هنا أيها الغلام ؟

فرفع الصبي طرفه إليه وقال له : يا حامل الأخبار لقد نظرت إلىّ بعين الاحتقار وكلمتني بالافتخار

وكلامك كلام جبار وعقلك عقل !!!!.

فقال الحجاج له : أما عرفتني ؟

فقال الغلام : عرفتك بسواد وجهك لأنك أتيت بالكلام قبل السلام.

فقال الحجاج أ ويلك أنا الحجاج بن يوسف.

فقال الغلام : لا قرب الله دارك ولا مزارك فما أكثر كلامك وأقل إكرامك .

فما أتم كلامه إلا والجيوش حلّقت عليه من كل جانب وكل واحد يقول السلام عليك يا أمير المؤمنين

فقال الحجاج: احفظوا هذا الغلام فقد أوجعني بالكلام فأخذوا الغلام فرجع الحجاج إلى قصره فجلس في مجلسه والناس حوله جالسون ومن هيبته مطرقون وهو بينهم كالأسد ثم طلب إحضار الغلام فلما مثل بين يديه ،ورأى الوزراء و أهل الدولة لم يخشى منهم..

بل قال : السلام عليكم فلم يرد الحجاج السلام فرفع الغلام رأسه وأدار نظره فرأى بناء القصر عالياً ومزين بالنقوش والفسيفساء وهو في غاية الإبداع والإتقان.

فقال الغلام : أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين..

فاستوى الحجاج جالساً وكان متكئاً

فقالوا للغلام : يا قليل الأدب لماذا لم تسلم على أمير المؤمنين السلام اللائق ولماذا لم تتأدب في حضرته ؟

فقال الغلام : يا براغيث الحمير منعني عن ذلك التعب في الطريق وطلوع الدرج..

أما السلام فعلى أمير المؤمنين وأصحابه ، يعني السلام على علىّ بن أبى طالب وأصحابه

فقال الحجاج : يا غلام لقد حضرت في يوم تم فيه أجلك وخاب فيه أملك.

فقال الغلام : والله يا حجاج أن كان في أجلي تأخير لم يضرني من كلامك لا قليل ولا كثير.

فقال بعض الغلمان : لقد بلغت من جهلك يا خبيث أن تخاطب أمير المؤمنين كما تخاطب غلاماً مثلك

يا قليل الآداب انظر من تخاطب وأجبه بأدب واحترام فهو أمير العراق والشام.

فقال الغلام : أما سمعتم قوله تعالى " كل نفس تجادل عن نفسها"

فقال الحجاج : فمن عنيت بكلامك أيها الغلام ؟

قال : عنيت به على بن أبى طالب وأصحابه وأنت يا حجاج على من تسلم ؟

فقال الحجاج : على عبدالملك بن مروان.

فقال الغلام : عبدالملك الفاجر عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

فقال الحجاج : ولم ذلك يا غلام ؟

فقال : لأنه أخطأ خطيئةً عظيمة مات بسببها خلق كثير..

فقال بعض الجلساء اقتله يا أمير المؤمنين فقد خالف الطاعة وفارق الجماعة وشتم عبدالملك بن مروان.

فقال الغلام : يا حجاج أصلح جلسائك فإنهم جاهلون فأشار الحجاج لجلسائه بالصمت.

ثم سأله الحجاج : هل تعرف أخي؟

فقال الغلام : أخوك فرعون حين جاءه موسى وهارون ليخلعوه عن عرشه فاستشار جلسائه.

فقال الحجاج : اضربوا عنقه.

فقال له الرقاشي : هبني إياه يا أمير المؤمنين أصلح الله شأنك.

فقال الحجاج : هو لك لا بارك الله فيه.

فقال الغلام : لا شكر للواهب ولا للمستوهب.

فقال الرقاشي : أنا أريد خلاصك من الموت فتخاطبني بهذا الكلام..

ثم التفت الرقاشي إلى الحجاج وقال له: افعل ما تريد يا أمير المؤمنين.

فقال الحجاج للغلام : من أي بلد أنت ؟

فقال للغلام: من مصر.

فقال له الحجاج : من مدينة الفاسقين .

فقال الغلام : ولماذا أسميتها مدينة الفاسقين ؟

قال الحجاج : لأن شرابها من ذهب ونسائها لعب ونيلها عجب وأهلها لا عجم ولا عرب.

فقال الغلام : لستُ منهم.

فقال الحجاج : من أي بلد إذن ؟

قال الغلام : أنا من أهل خرسان.

فقال الحجاج : من شر مكان وأقل الأديان.

فقال الغلام : ولم ذلك يا حجاج ؟

فقال : لأنهم عجم أعجام مثل البهائم والأغنام كلامهم ثقيل و غنيهم بخيل.

فقال الغلام : لستُ منهم.

فقال الحجاج : من أين أنت ؟

قال : أنا من مدينة الشام.

قال الحجاج : أنت من أحسن البلدان وأغضب مكان وأغلظ أبدان .

قال الغلام : لستُ منهم.

قال الحجاج : فمن أين إذن؟

قال الغلام : من اليمن.

فقال الحجاج : أنت من بلد غير مشكور.

قال الغلام: ولم ذلك؟

قال الحجاج : لأن صوتهم مليح و عاقلهم يستعمل الزمر و جاهلهم يشرب الخمر.

قال الغلام : أنا لستُ منهم.

قال الحجاج : فمن أين إذن؟

قال الغلام : أنا من أهل مكة.

فقال الحجاج : أنت إذن من أهل اللؤم والجهل وقلة العقل.

فقال الغلام : ولم ذلك ؟

قال : لأنهم قوم بعث فيهم نبي كريم فكذبوه وطردوه وخرج من بينهم إلى قوم أحبوه وأكرموه.

فقال الغلام : أنا لستُ منهم.

فقال الحجاج : لقد كثرت جواباتك علي وقلبي يحدثني بقتلك.

فقال الغلام : لو كان أجلي بيدك لما عبدت سواك ولكن اعلم يا حجاج أني أنا من أهل طيبة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقال الحجاج : نعمت المدينة أهلها أهل الإيمان والإحسان فمن أي قبيلة أنت ؟

فقال الغلام : من ثلى بنى غالب من سلالة علي بن أبى طالب عليه السلام وكل نسب وحسب ينقطع إلا حسبنا و نسبنا فإنه لا ينقطع إلى يوم القيامة..

فاغتاظ الحجاج غيظاً شديداً وأمر بقتله.

فقال له كل من حضر من الوزراء : ولكنه لا يستحق القتل وهو دون سن البلوغ أيها الأمير.

فقال الحجاج : لا بد من قتله ولو يناد منادى من السماء.

فقال الغلام: ما أنت بنبي حتى يناديك مُنادٍ من السماء.

فقال الحجاج : ومن يحول بيني وبين قتلك.

فقال الغلام : يحول بينك وبين قتلي ما يحول بين المرء وقلبه.

فقال الحجاج : وهو الذي يعينني على قتلك.

فقال الغلام : كلا إنما يعينك على قتلي شيطانك و أعوذ بالله منك ومنه.

فقال الحجاج : أراك تجاوبني على كل سؤال فأخبرني ما يقرب العبد من ربه؟

فقال الغلام : الصوم والصلاة والزكاة والحج .

فقال الحجاج: أنا أتقرب إلى الله بدمك لأنك قلت أنك من أولاد الحسن والحسين.

فقال الغلام : من غير خوف ولا جزع أنا من أولاد رسول الله صلى الله عليه وآلهِ وسلم إن كان أجلي بيدك!فقد حضر شيطانك يعينك على فساد آخرتك.

فأجابه الحجاج : أتقول أنك من أولاد الرسول وتكره الموت؟

قال الغلام : قال الله تعالى " ولا تلقوا بأيدكم إلى التهلكة"

قال الحجاج : ابن من أنت ؟

قال الغلام : أنا ابن أبي و أمي.

فسأله الحجاج : من أين جئت ؟

قال الغلام : على رحب الأرض.

فقال الحجاج : أخبرني من أكرم العرب؟

فأجاب الغلام : بنو طي .

فسأله الحجاج : ولم ذلك ؟

فقال الغلام: لأن حاتم الأصم منهم.

فقال الحجاج : فمن أشرف العرب ؟

قال الغلام : بنو مضر.

فقال الحجاج : ولم ذلك؟

فقال الغلام : لأن محمد صلى الله عليه وسلم منهم.

فقال الحجاج : فمن أشجع العرب ؟

فقال الغلام : بنو هاشم لأن علي بن أبي طالب منهم .

فقال الحجاج: فمن أنجس العرب و أبخلهم وأقلها خيراً ؟

فقال الغلام : بنو ثقيف لأنك أنت منهم وفي الحديث الشريف يظهر من بنو ثقيف نمرود وكذاب

فالكذاب مسيلمة والنمرود أنت فأغتاظ الحجاج غيظاً شديداً وأمر بقتله فشفع به الحاضرون فشفعهم فيه وسكن غضبه قليلاً ؛؛

وقال الحجاج : أين تركت الإبل ذات القرون ؟

فقال الغلام : تركتها ترعى أوراق الصوّان.

فصاح الحجاج به قائلاً : يا قليل العقل ويا بعيد الذهن هل للصوان ورق؟

فقال الغلام : وهل للإبل قرون ؟

فقال الحجاج : هل حفظت القرآن ؟

فقال الغلام : هل القرآن هارب منى حتى أحفظه.

فسأله الحجاج : هل جمعت القرآن ؟

فقال الغلام : وهل هو متفرق حتى أجمعه ؟

فقال له الحجاج : أما فهمت سؤالي .

فأجابه الغلام : ينبغي لك أن تقول هل قرأت القرآن وفهمت ما فيه.

فقال الحجاج : فأخبرني عن آية في القرآن أعظم؟ وآية أحكم؟

وآية أعدل ؟ وآية أخوف ؟ وآية أرجى ؟ وآية فيها عشر آيات بينات؟ وآية كذب فيها أولاد الأنبياء؟

وآية صدق فيها اليهود والنصارى ؟ وآية قالها الله تعالى لنفسه؟ وآية فيها قول الملائكة؟

و آية فيها قول أهل الجنة؟ وآية فيها قول أهل النار؟ وآية فيها قول إبليس ؟؟؟

فقال الغلام : أما أعظم آية فهي آية الكرسي

وأحكم آية إن الله يأمر بالعدل والإحسان

وأعدل آية فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره

وأخوف آية أيطمع كل امرىء منهم أن يدخل جنة نعيم

وأرجى آية قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعها

وآية فيها عشر آيات بينات هي إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب

وأما الآية التي كذب فيها أولاد الأنبياء فهي وجاءوا على قميصه بدم كذب وهم إخوة يوسف كذبوا ودخلوا الجنة

وأما الآية التي صدق فيها اليهود والنصارى فهي وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت

النصارى ليست اليهود على شيء فصدقوا ودخلوا النار

والآية التي قالها الله تعالى لنفسه هي وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطمعون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين

وآية فيها قول الأنبياء وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فل يتوكل المؤمنون

وآية فيها قول الملائكة سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم

و أية فيها قول أهل الجنة الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور

وآية فيها قول أهل النار ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون

وآية فيها قول إبليس أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين

فقال الحجاج : أخبرني عمّن خُلِقَ من الهواء ؟ ومن حُفِظَ بالهواء ؟ ومن هَلِكَ بالهواء ؟

فقال الغلام : الذي خُلِقَ من الهواء سيدنا عيسى عليه السلام؛؛ والذي حُفِظ َبالهواء سيدنا سليمان بن داود

عليهما السلام ؛ وأما الذي هَلَكَ بالهواء فهم قوم هود.

فقال الحجاج : فأخبرني عمن خُلِقَ من الخشب ؟ والذي حُفظ بالخشب ؟ والذي هلك بالخشب ؟

فقال الغلام : الذي خُلِقَ من الخشب هي الحية خُلِقت من عصا موسى عليه السلام؛؛ والذي حفظ بالخشب نوح عليه السلام؛؛ والذي هلك بالخشب زكريا عليه السلام

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص قصيرة

لمسآت حآنية تششع بالطهر والآحساس…واحة الكتاب قصة جميلة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الموضوع هو فكرة جاتني من وحي اللحظةة
وهو موجهه لكتاب منتدانا المحترمين
يتمثل واحة أو متنفس لهؤلاء الغوالي..
كل كاتب أو كاتبةة يضع رابط مؤلفه هنا وملخص بسيط عنه
إذا رغب فحسب هذا ليس شرطا أساسيا ومايرغب في إبرازه سواء كانت للمتعة
والتسليةة و للعبرةة والفائدةة
وسأقوم مع نخبةة من القراء والملتهمين لهذه الصنوف من المتع
نقوم بعرض أرائنا وتقديم نصائح
أنا أعتقد أن فكرتي
لن تلقى رواجا إلا أنني أردت عرضها على أية حال
وعذرا على التنسيق البسيط.. سأحاول تحسينه

القانون الوحيد:
1/ تمنع منعا باتا الردود السطجيةة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده