همُ السَلاطِيْنُ في أطمارِ مَسكَنةٍ *** إسْتبعَدُوْا مِنْ مُلُوْكِ الأرْضِ إقْبالاً
غُبْرٌ ملابِسُهُم شُمٌ معاطِسُهُمْ *** جَرّوْا على قُلَلِ الخَضْراءِ أذْيالاً
علي القاري 45
قالوا وجيه قلت فرعون *** المؤله منه أجدر
قالوا غني قلت اغنى *** منه قارون المدمر
قالوا تقي قلت هل *** يدري التقي علام يقبر؟
أولى له شكر الذي *** أولاه ذا الفضل المؤزر
قالوا له جسم كبير *** قلت جسم الفيل اكبر
قاله لهُ عَصَبيةٌ *** تذرُ العَدَوَ وَقَد تَقَهقر
فأجبت يوشكُ أن يَذِل *** بمَوتِهِم جَمعاً ليزجر
قالوا إذن وَلِمَ التكبر *** قُلتُ ذا معنى مُيَسر
ظنَ الغَبي بأنَ فضلَ *** فضل الله فضلٌ عنهُ يُؤثر
فبهِ سَما وإذا صَحا *** لَمَحَ الحقيقةَ فيهِ تَزأر
تِلكَ الحَقيقَةَ فأعرفوها *** يا ذوي القَلبِ المُطَهر
وَعَليكُمو مِني سلامٌ *** عَرفُهُ في الكَونِ يُنشر
أغني، وإما تساءل عني المغنيّ
لماذا أغنيّ؟
أغني …
لأني
أرى شبهي في الغناء
وأغنيتي في كتاب المغنيّ
قفا نحمد الله، أن الفتى لم يزل غارقاً في طفولتهِ
مثل «نخل الحسا» وعيون «العيون».
يقلّب بين اليدين مداخل جنات عدْنٍ، وأنهارَ نارٍ
تضيء المدينة، من شارع المتنبي ببغداد
حتى ابتسام ِ الخليج، لحي ّ «الدواسرِ» في شارع الحبِ، حين
تسلّل في غصّة الليل
من وجعٍ نحو آخرَ،
من راية ٍ
لم تعد شجراً، يانعاً بالعصافيرِ،
أو لامعاً كالأساطيرِ،
حتى دنى
و تدلّى
على سعف النخل ِ
فاتحةً من رفيف اليمام ِ
و «وسمية» من لموع السحابْ.
قفا، نحمد الله،
أن الفتى عاد من سفر، وأناب ْ
إلينا
فآنس ناراً بأطراف رمل الجزيرة ِ
مترعةً بالحنين و حمى السراب
وأسرج أشواقها في «أغاني الكتاب».
تساءلت في أول الليلِ
كيف أقلّب جمري على قلقي
وأجادل – مستوحشا- متن هذا الكتاب؟
ومن سيرافقني للوقوف على صحوهِ
إن بدا،
وعلى ظلّهِ
إن غدا
نورساً في الضباب؟
ومن ذا سيكتب عنّي
جنون التأمل في نحوهِ
و تراتيلهِ،
يوم تدلف روحي إلى عتبات الخطاب؟
ومن سوف يرفع عنّي الملامةَ،
إما رأيت الخُطى،
والخطأ،
لامعين
كوجه الصواب؟
وفي آخر الليل
ألفيت قلبي يفتش في لغتي عن ملامحهِ
فأرى الميم حاء
وأُوغل في سفري نحوه
فأرى الميم دال.
هو الحدُّ والمدّ
والشك في المبتدأ،
واليقينُ الذي لا يقالْ.
شبيهٌ به النهرُ،
ضحكته ُ «زرقةٌ طفلة ٌ»،
و تباريحهُ
غابةُ من سؤال.
يشفّ
فتشرب «فيروزُ» من كأسهِ،
ويقسو
فتبدو مفاتيحهُ
كمصافحة الطقس (للاحتمال).
*
أغني ، وإما تساءل عني المغنيّ
لماذا أغنيّ؟
أغني …
لأني
أرى شبهي في الغناء
وأغنيتي في كتاب المغنيّ
*
فيا صاحبي:
كم ركضتُ، و أرّقتني:
إذا قلتُ «إن الطريق جنوبٌ»،
تقود الخطى باتجاه الشَمال
و إن قلت ُ إن الصباح َ «يمينٌ»
تشيرُ
«بأن الصباح شمال»!
أغيبُ فتُجهِدُ نجواك في أثري
و إن عدتُ أغرقتني
في عصيّ المنال.
أيا ظمأ ً ضارباً في جذوع الهواءْ
ويا حُلُماً نازفاً بالمياهْ
أعنّي
لأختارَ ما أشتهي من «كتاب المغنّي»
أهشُّ به ِ في الصباح ِ
على شغف نابضٍ في الفلاة ِ،
وأُشرِعهُ في المساء:
لرائحة البنّ وهي تطلّ من النافذة
تعتّقُها باشتعال الكلام
ونشرب صهباءها من يديك.
سلاماً .. سلاماً:
على مطرٍ نابتٍ في العروق ِ
وغيمٍ يسيل
على بسمة المائدة ْ.
على أفقٍ راعش،
تتخلّق منك َ فواتحه ُ
ومواجعه ُ
وصفاتُ النشيد.
على لغةٍ تترقرق كالماء ِ،
تُشرَبُ والماءِ،
تنحت أعرافها في مسيل الزمان
ترفرف كالطير ِ
إما تخفّت بحنائها
في حرير المجازْ
و ترقص في البهو
إمّا تجلّت
كفاتنةٍ
من صبايا الحجاز.
سلاماً على ما تبيحُ الكتابة ُ من صمتها،
وما يوقد ُ الشمسَ
إما شددنا الرحال إليك.
«وقوفاً بها»، صاحبي،
و سلام ٌ عليها
سلام ٌ عليك ْ.
الظهران 15 فبراير 2022
(3)
الشاعر الحب والحنان والايمان الدكتور محمد اقبال
يرحمه الله رحمة واسعة
وفي أسلافكم كانت مزايا *** بكل فمٍ لذاكرها نشيدُ
تضوعُ شقائقُ الصحراءِ عِطْراً (3) *** بريَّاها، وتبتسمُ الورودُ
فهلْ بقيتْ محاسنُهم لديكم *** فيجملُ في دلالكم الصُّدود ُ
لقد هاموا بخالقهم فناءً *** فلم يُكتب لغيرهِم الخلودُ
وكوثرُ أحمد منكم قريبٌ *** ولكنْ شوقكم عنه بعيدُ
********
وكمْ لاح الصَّباحُ سَناً وبشرى (4) *** وأذَّنتِ القَماري والطُّيورُ
وكبَّرت الخمائل في رباها *** مصلِّيةً فجاوبها الغديرُ
ونوم صباحكم أبداً ثقيلٌ *** كأنَّ الصبح لم يدركه نورُ
وأضحى الصَّوم في رمضان قيداً *** فليس لكم به عزمٌ صبورُ
تمدُّن عصرُكم جمع المزايا *** وليس بغائبٍ إلا الضميرُ
********
لقد ذهب الوفاءُ فلا وفاءً *** وكيف ينالُ عهدي الظَّالمينا
إذا الإيمانُ ضاعَ فلا أمانٌ *** ولا دُنْيا لمن لم يُحْيِ دِينا
ومَنْ رَضيَ الحياةََ بغير دينٍ *** فقد جعل الفناء لها قرينا
وفي التوحيد للْهِمَم ِاتِّحادٌ *** ولنْ تبنوا العُلا مُتفرِّقينا
تساندتِ الكواكبُ فاستقرَّتْ *** ولولا الجاذبِيَّةُ ما بقِينا
انتظر البقية . . .
وَجاءَتنِي تُخَبِّرُ أَنَّ قَومي=== بِمَن أَهوَاهُقَد جَدُّوا الرَّحِيلا
وَما حَنّوا عَلى مَن خَلَّفوهُ=== بِواديالرَّملِ مُنطَرِحاً جَديلا
يَحِنُّ صَبَابَةً وَيَهيمُ وَجداً=== إِلَيهِمُ كُلَّما سَاقُوا الحُمولا
أَلا يا عَبلَ إِن خَانواعُهُودي=== وَكانَ أَبوكِ لا يَرعَى الجَمِيلا
حَمَلتُ الضَّيمَوَالهِجرانَ جُهدي=== عَلى رَغمي وَخالَفتُ العَذولا
عَرَكتُ نَوائِبَالأَيَّامِ حَتَّى=== رَأَيتُ كَثيرَها عِندي قَلِيلا
وَعَادانِيغُرابُ البَينِ حَتَّى=== كَأَنِّي قَد قَتَلتُ لَهُ قَتِيلا
وَقَدغَنَّى عَلى الأَغصَانِ طَيرٌ=== بِصَوتِ حَنينِهِ يَشفِي الغَلِيلا
بَكَىفَأَعَرتُهُ أَجفَانَ عَينِي=== وَناحَ فَزادَ إِعوَالِيعَوِيلا
فَقُلتُ لَهُ جَرَحتَ صَميمَ قَلبِي=== وَأَبدَى نَوحُكَالدَّاءَ الدَّخِيلا
وَما أَبقَيتَ فِي جَفنِي دُموعاً=== وَلا جِسماًأَعيشُ بِهِ نَحِيلا
وَلا أَبقَى لِيَ الهِجرانُ صَبراً=== لِكَي أَلقَىالمَنازِلَ وَالطُّلولا
أَلِفتُ السُّقمَ حَتَّى صَارَ جِسمِي=== إِذافَقَدَ الضَنَى أَمسَى عَلِيلا
وَلَو أَنِّي كَشَفتُ الدِّرعَ عَنِّي=== رَأَيتَ وَرائَهُ رَسماً مُحِيلا
وَفِي الرَّسمِ المُحيلِ حُسَامُ نَفسٍ= يُقَلِّلُ حَدُّهُ السَّيفَالصَّقيلا
هل لنَفْسي أملٌ في نَفْحَةٍ
من فيوضِ الله، إنْ لجَّ مسيري
هذه روحيَ حامَتْ وَلَهاً
وتسامَتْ فوقَ أجواءِ الأثير
واشرأبّتْ الجوي يحفزها
في التماس الأمَلِ الرُحبِ الأثير
تبتَغي مِن لَيْلةِ القدْرِ سناً
ليتها تنعَمُ مِنْها بعبير