التصنيفات
شخصيات عالمية و عربية

رفاعه رافع الطهطاوى• من الشخصيات

رفاعة الطّهطاوي

1801 – 1873م
وُلِدَ رفاعة الطّهطاوي عام 1801 في طهطا من صعيد مصر، وهو من أسرةٍ شريفةٍ أصابتها ضائقةٌ اقتصاديّةٌ في بلدها دفعت بالأب إلى التّنقل من قريةٍ إلى قريةٍ، وعائلته معه، حتى بلغ القاهرة، وكان رفاعة في السّادسة عشر من عمره. وقد توفي عام 1873 رحمه الله .
تتلمذ الطّهطاوي في الأزهر واندمج في صفوف طلاّبه، يقرأ ما يقرأون ويدرس ما يدرسون. لكنّه أفاد بشكلٍ خاصٍ من وجود الشّيخ حسن العطّار. فقد كان الشّيخ العطار يقرأ كتب الجغرافيا والتّاريخ والطبّ والرّياضيات والأدب والفلك. ومع أنّ نظام التّدريس في الأزهر لم يسمح يومها بتدريس مثل هذه الكُتُب، فإنّ الشّيخ لم يلبث أن اختصّ نفرًا من تلاميذه الممتازين، أقرَأَهم ما كان يقرأ ورغّبهم في هذه العلوم الجديدة. ختم الطّهطاوي دروسه في الأزهر وهو في الحادية والعشرين من عمره، وانضم إلى مدرّسيه، وكان مدرّسًا ممتازًا. وعمل إمامًا لِفِرَقِ الجيش العلويّ الجديد، ثم اختير إمامًا للبعثة العلميّة في فرنسا، حتّى أخذ بتدوين أخبار رحلته منذ أن غادر الإسكندرية في رمضان سنة 1241 ه. واستمر على ذلك حتى وطئت قدماه أرض الكنانة بعد خمس سنواتٍ كاملة.
في باريس، أعدّ الطّهطاوي نفسه لا ليرجع إلى مصر إمامًا لفرقةٍ في الجيش، بل ليكون شخصًا نافعًا لوطنه وجماعته. فقد عكف مثل بقية رجال البعثة وبحماسةٍ أشدَّ على تعلّم الفرنسيّة وقراءة الكُتُب المفيدة النّافعة، وترجمة ما استطاع إلى ترجمته سبيلاً، والتّعرف بفنون المعارف والعلوم في دنياه الجديدة، والمقارنة بين الموجود منها والمحرومة منه بلاده ودياره، حتّى إذا حان الحين لعودته، كان قد تحصّن بالعِلم وتقوّى بالمعرفة ووسّع دائرة تفكيره وعمّق طريقة تعبيره وحمل معه الإنطباعات والأفكار الجديدة. تمرّس بالتّرجمة وتدرّب على التّأليف ووعى جماع ما رفع من شأن ديار الأوروبييّن. اعتزم على أن ينقل من الفكر ما استطاع إليه سبيلاً، ومن أساليب النّظر العلمي ما حملته أمانيه.
حين عودته، قارن الطّهطاوي، وهو عالم أزهري طويل الباع في معرفته، بين العلم والعلماء في مصر وباريس، ولكنّه لم يكتف بالمقارنة حاملاً انطباعاته، بل ينقل معها أفكارا لبني قومه. فهو حريص مثلاً على ترجمة الدّستور الفرنسي ترجمةً كاملةً، وكأنه يريد أن يقول لبني قومه إنّ هؤلاء القوم عَرفوا معنى المساواة في الفُرَص والحفاظ على حقّ الفرد والحرّية في المُعتقد والتّفكير والتّعبير. ولا يكتفي بالتّرجمة، بل يعلّق على الأمر مفسرًا.
عاد رفاعة الطهطاوي إلى القاهرة سنة 1831، أي بعد غياب سنواتٍ خمس كاملة. قضى ما تبقّى من عمره في مصر باستثناء سنوات ثلاث قضاها في الخرطوم.
تنوّعت المناصب التي تولاّها في هذه السّنوات: فعمل في مدرسة الطبّ ومدرسة الطّوبجية ومدرسة الألسن والمدرسة الحربيّة وقلم التّرجمة. كان رفاعة قد حمل معه من باريس، بالإضافة إلى مخطوط رحلته، اثني عشر كتاباً نقلها هناك عن الفرنسيّة. وكانت هذه الكُتُب في موضوعاتٍ مختلفةٍ من الأدب والتّاريخ، إلى الجغرافيا والرّياضيات والبحوث العسكريّة. فلمّا عاد إلى مصر، استأنف العمل مُترجمًا مصحّحًا مدرّبًا للمترجمين، مرشداً لهم في اختيار الكُتب، بحيث يُعتَبَر رفاعة حقًا أب النّهضة الفكرية الحديثة في مصر؛ وكان يرمي في كل أعمال التّرجمة إلى زيادة الثّروة االفكرية للمصرييّن، كما أنّه كان يلفت النظر إلى المهم من الأمور.
رفاعة الطهطاوي معلما ومربيا

كان الطهطاوي في كل أطوار حياته معلمًا ومربيًا بالفطرة والسليقة، بدأ حياته شيخًا يتحلق حوله طلبة الأزهر، وأنهى حياته معلمًا للأمة، لا يرى سبيلا لتقدمها إلا بالعلم يتاح لكل الناس لا فرق فيه بين غني وفقير أو ذكر وأنثى، وبذل من نفسه ما بذل من جهد لتحقيق هذا الغرض، ووضع الكتب والمؤلفات التي تعين على ذلك.
ذهب إلى فرنسا إماما للبعثة التي أرسلها محمد علي والي مصر الطموح سنة (1241 = 1826م) لتلقي العلوم الحديثة، فلم تقعد به همته عند حدود وظيفته التي كلف بها، بل سعى من أول لحظة إلى أن يقف على حضارة الغرب وثقافته، وبدأ في تعلم الفرنسية وهو على ظهر السفينة التي تقل البعثة إلى باريس.
وما فعله هذا الشيخ النابه كان وليد قرار قد اعتزمه في نفسه من قبل، بفعل اتصاله بالشيخ حسن العطار الذي تتلمذ عليه وسمع منه عن علوم الفرنسيين الواسعة وفنونهم.
وكان العطار قد اقترب من علماء الحملة الفرنسية وأدرك الهوة الواسعة التي اتسعت بين الغرب والعالم الإسلامي في مجال الحضارة والتقدم. ولم تكن مثل هذه الفرصة تفوت على رفاعة الطهطاوي الشغوف بالمعرفة، المحب للإصلاح، الراغب في الجديد، الداعي إلى الإحياء والتجديد. فانكب على الدرس والتحصيل والقراءة والترجمة، وتحول الإمام الفقيه إلى دارس يتعلم ويبحث، وغدا إمام البعثة أنجب المبعوثين. ولما رجع إلى الوطن أدرك ما يحتاجه البعث والنهوض فتبنى حركة الترجمة المنظمة، وأنشأ مدرسة الألسن، وبعث حياة جديدة في التعليم والصحافة.
النشأة والتكوين الثقافي

في مدينة طهطا إحدى مدن محافظة سوهاج بصعيد مصر، ولد رفاعة رافع الطهطاوي في (7 من جمادى الآخرة 1216 ه= 15 أكتوبر 1801 م)، ونشأ في أسرة كريمة الأصل شريفة النسب، فأبوه ينتهي نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب. وأمه فاطمة بنت الشيخ أحمد الفرغلي، ينتهي نسبها إلى قبيلة الخزرج الأنصارية.
وقد لقي رفاعة عناية من أبيه، على الرغم من تنقله بين عدة بلاد في صعيد مصر، فحفظ القرآن الكريم، ثم رجع إلى موطنه طهطا بعد أن توفي والده. ووجد من أسرة أخواله اهتماما كبيرا حيث كانت زاخرة بالشيوخ والعلماء فحفظ على أيديهم المتون التي كانت متداولة في هذا العصر، وقرأ عليهم شيئا من الفقه والنحو.
ولما بلغ رفاعة السادسة عشرة من عمره التحق بالأزهر وذلك في سنة (1232 ه= 1817م)، مسلحا بما سبق أن تعلمه على يد أخواله، الأمر الذي ساعده على مواصلة الدراسة مع زملائه الذين سبقوه في الالتحاق بالأزهر. وشملت دراسته في الأزهر الحديث والفقه والتصوف والتفسير والنحو والصرف… وغير ذلك. وتتلمذ عل يد عدد من علماء الأزهر العظام، وكان من بينهم من تولى مشيخة الجامع الأزهر، مثل الشيخ حسن القويسني، وإبراهيم البيجوري، وحسن العطار، وكان هذا الأخير ممن وثق الطهطاوي صلته بهم ولازمهم وتأثر بهم. وتميز الشيخ العطار عن أقرانه من علماء عصره بالنظر في العلوم الأخرى غير الشرعية واللغوية، كالتاريخ والجغرافيا والطب، واستفاد من رحلاته الكثيرة واتصاله بعلماء الحملة الفرنسية.
وبعد أن أمضى رفاعة في الأزهر ست سنوات، جلس للتدريس فيه سنة (1237 ه = 1821 م) وهو في الحادية والعشرين من عمره، والتف حوله الطلبة يتلقون عنه علوم المنطق والحديث والبلاغة والعروض. وكانت له طريقة آسرة في الشرح جعلت الطلبة يتعلقون به ويقبلون على درسه، ثم ترك التدريس بعد عامين والتحق بالجيش المصري النظامي الذي أنشأه محمد علي إماما وواعظا لإحدى فرقه، واستفاد من هذه الفترة الدقة والنظام.
رفاعة في باريس

وفي سنة (1324ه= 1826م) قررت الحكومة المصرية إيفاد بعثة علمية كبيرة إلى فرنسا لدراسة العلوم والمعارف الإنسانية، في الإدارة والهندسة الحربية، والكيمياء، والطب البشري والبيطري، وعلوم البحرية، والزراعة والعمارة والمعادن والتاريخ الطبيعي. وبالإضافة إلى هذه التخصصات يدرسون جميعا اللغة والحساب والرسم والتاريخ والجغرافيا. وتنوع تخصصات هذه البعثة يشير إلى عزم الوالي محمد علي النهوض بمصر والدفع بها إلى مصاف الدول المتقدمة، والوقوف على الحضارة الأوروبية الحديثة.
وحرصا على أعضاء البعثة من الذوبان في المجتمع الغربي قرر محمد علي أن يصحبهم ثلاثة من علماء الأزهر الشريف لإمامتهم في الصلاة ووعظهم وإرشادهم. وكان رفاعة الطهطاوي واحدا من هؤلاء الثلاثة، ورشحه لذلك شيخه حسن العطار.
وما إن تحركت السفينة التي تحمل أعضاء البعثة حتى بدأ الطهطاوي في تعلم الفرنسية في جدية ظاهرة، وكأنه يعد نفسه ليكون ضمن أعضاء البعثة لا أن يكون مرشدها وإمامها فحسب، ثم استكمل تعلم الفرنسية بعدما نزلت البعثة باريس؛ حيث استأجر لنفسه معلما خاصًا يعطيه دروسًا في الفرنسية نظير بضعة فرنكات كان يستقطعها من مصروفه الشخصي الذي كانت تقدمه له إدارة البعثة، وأخذ يشتري كتبًا خاصة إضافية غير مدرجة في البرنامج الدراسي، وانهمك في قراءتها. ومن شدة حرصه على مداومة القراءة والدرس تأثرت عينه اليسرى، ونصحه الطبيب بعدم الاطلاع ليلاً، لكنه لم يستجب لنصحه، واستمر في إشباع نهمه للمعرفة.
وأمام هذه الرغبة الجامحة في التعلم قررت الحكومة المصرية ضم رفاعة إلى بعثتها التعليمية، وأن يتخصص في الترجمة؛ لتفوقه على زملائه في اللغة العربية والثقافة الأزهرية. وقد لقي الفتى النابه عناية ظاهرة من العالم الفرنسي جومار الذي عهد إليه محمد علي بالإشراف العلمي على البعثة، ومن المستشرق الفرنسي الكبير دي ساسي، واجتاز كل الامتحانات التي عقدت له بنجاح باهر، وكانت التقارير التي ترسل إلى محمد علي تتابع أخبار البعثة تخص رفاعة بالثناء والتقدير.
وقبل أن يتقدم رفاعة للامتحان النهائي كان قد أنجز ترجمة اثني عشر عملاً إلى العربية في التاريخ والجغرافيا والهندسة والصحة، بالإضافة إلى مخطوطة كتابه "تخليص الإبريز في تلخيص باريز" وهو الكتاب الذي ارتبط اسمه به، ووصف فيه الحياة في باريس وعادات أهلها وأخلاقهم، وهو ليس وصفًا لرحلة أو تعريفًا لأمة بقدر ما هو دعوة للارتقاء، وصرخة للبعث والنهوض.
ميدان التعليم

عاد الطهطاوي إلى مصر سنة (1247ه = 1831م) تسبقه تقارير أساتذته التي تشيد بنبوغه وذكائه، وكان إبراهيم باشا ابن محمد علي أول من استقبله من الأمراء في الإسكندرية، ثم حظي بمقابلة الوالي محمد علي في القاهرة.
وكانت أولى الوظائف التي تولاها رفاعة بعد عودته العمل مترجمًا في مدرسة الطب، وهو أول مصري يشغل هذه الوظيفة، ومكث بها عامين، ترجم خلالهما بعض الرسائل الطبية الصغيرة، وراجع ترجمة بعض الكتب، ثم نقل سنة (1349ه= 1833م) إلى مدرسة الطوبجية (المدفعية) لكي يعمل مترجمًا للعلوم الهندسية والفنون العسكرية.
ولما اجتاح وباء الطاعون القاهرة سنة (1250ه = 1834م) غادرها إلى طهطا، ومكث هناك ستة أشهر، ترجم في شهرين مجلدًا من كتاب بلطبرون في الجغرافيا، وعندما عاد إلى القاهرة قدم ترجمته إلى محمد علي، فكافأه مكافأة مالية.
مدرسة الألسن

كان رفاعة الطهطاوي يأمل في إنشاء مدرسة عليا لتعليم اللغات الأجنبية، وإعداد طبقة من المترجمين المجيدين يقومون بترجمة ما تنتفع به الدولة من كتب الغرب، وتقدم باقتراحه إلى محمد علي ونجح في إقناعه بإنشاء مدرسة للمترجمين عرفت بمدرسة الألسن، مدة الدراسة بها خمس سنوات، قد تزاد إلى ست. وافتتحت المدرسة بالقاهرة سنة (1251ه = 1835م)، وتولى رفاعة الطهطاوي نظارتها، وكانت تضم في أول أمرها فصولاً لتدريس اللغة الفرنسية والإنجليزية والإيطالية والتركية والفارسية، إلى جانب الهندسة والجبر والتاريخ والجغرافيا والشريعة الإسلامية. وقد بذل رفاعة جهدًا عظيمًا في إدارته للمدرسة، وكان يعمل فيها عمل أصحاب الرسالات ولا يتقيد بالمواعيد المحددة للدراسة، وربما استمر في درسه ثلاث ساعات أو أربعا دون توقف واقفًا على قدميه دون ملل أو تعب يشرح لهم الأدب والشرائع الإسلامية والغربية. وقد تخرجت الدفعة الأولى في المدرسة سنة (1255ه = 1839م) وكان عددها عشرين خريجًا، وكانت مترجمات هؤلاء الخريجين قد طبعت أو في طريقها إلى الطبع. وقد اتسعت مدرسة الألسن، فضمت قسمًا لدراسة الإدارة الملكية العمومية سنة (1261ه=1844م)، لإعداد الموظفين اللازمين للعمل بالإدارة الحكومية، وقسمًا آخر لدراسة الإدارة الزراعية الخصوصية بعد ذلك بعامين، كما ضمت قسمًا أنشئ سنة (1263ه = 1847م) لدراسة الشريعة الإسلامية على مذهب أبي حنيفة النعمان لإعداد القضاة، وأصبحت بذلك مدرسة الألسن أشبه ما تكون بجامعة تضم كليات الآداب والحقوق والتجارة.
وكان رفاعة الطهطاوي يقوم إلى جانب إدارته الفنية للمدرسة باختيار الكتب التي يترجمها تلاميذ المدرسة، ومراجعتها وإصلاح ترجمتها.
إغلاق ونفي

ظلت المدرسة خمسة عشر عامًا، كانت خلالها مشعلاً للعلم، ومنارة للمعرفة، ومكانًا لالتقاء الثقافتين العربية والغربية، إلى أن عصفت بها يد الحاكم الجديد عباس الأول، فقام بإغلاقها لعدم رضاه عن سياسة جده محمد علي وعمه إبراهيم باشا وذلك في سنة (1265ه = 1849م)، كما أمر بإرسال رفاعة إلى السودان بحجة توليه نظارة مدرسة ابتدائية يقوم بإنشائها هناك، فتلقى رفاعة الأمر بجلد وصبر، وذهب إلى هناك، وظل هناك فترة دون عمل استغلها في ترجمة رواية فرنسية شهيرة بعنوان "مغامرات تلماك"، ثم قام بإنشاء المدرسة الابتدائية، وكان عدد المنتظمين بها نحو أربعين تلميذًا، ولم يستنكف المربي الكبير أن يدير هذه المدرسة الصغيرة، ويتعهد نجباءها برعاية خاصة.
عود حميد

وبعد وفاة عباس الأول سنة (1270ه= 1854م) عاد الطهطاوي إلى القاهرة، وأسندت إليه في عهد الوالي الجديد "سعيد باشا" عدة مناصب تربوية، فتولى نظارة المدرسة الحربية التي أنشأها سعيد لتخريج ضباط أركان حرب الجيش سنة (1277ه = 1856م)، وقد عنى بها الطهطاوي عناية خاصة، وجعل دراسة اللغة العربية بها إجبارية على جميع الطلبة، وأعطى لهم حرية اختيار أجدى اللغتين الشرقيتين: التركية أو الفارسية، وإحدى اللغات الأوربية: الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية، ثم أنشأ بها فرقة خاصة لدراسة المحاسبة، وقلمًا للترجمة برئاسة تلميذه وكاتب سيرته صالح مجدي، وأصبحت المدرسة الحربية قريبة الشبه بما كانت عليه مدرسة الألسن.
مع التراث

ولم يكتف رفاعة بهذه الأعمال العظيمة، فسعى إلى إنجاز أول مشروع لإحياء التراث العربي الإسلامي، ونجح في إقناع الحكومة بطبع عدة كتب من عيون التراث العربي على نفقتها، مثل تفسير القرآن للفخر الرازي المعروف بمفاتيح الغيب، ومعاهد التنصيص على شواهد التلخيص في البلاغة، وخزانة الأدب للبغدادي، ومقامات الحريري، وغير ذلك من الكتب التي كانت نادرة الوجود في ذلك الوقت.
غير أن هذا النشاط الدءوب تعرض للتوقف سنة (1277ه = 1861م) حيث خرج رفاعة من الخدمة، وألغيت مدرسة أركان الحرب، وظل عاطلاً عن العمل حتى تولى الخديوي إسماعيل الحكم سنة (1279ه = 1863م)، فعاد رفاعة إلى ما كان عليه من عمل ونشاط على الرغم من تقدمه في السن، واقتحم مجالات التربية والتعليم بروح وثابة يحاول أن يأخذ بيد أمته إلى مدارج الرقي والتقدم، فأشرف على تدريس اللغة العربية بالمدارس، واختيار مدرسيها وتوجيههم، والكتب الدراسية المقررة، ورئاسة كثير من لجان امتحانات المدارس الأجنبية والمصرية.
قلم الترجمة

ومن أبرز الأعمال التي قام بها رفاعة في عهد الخديو إسماعيل نظارته لقلم الترجمة الذي أنشئ سنة (1280ه = 1863م) لترجمة القوانين الفرنسية، ولم يكن هناك من أساطين المترجمين سوى تلاميذ الطهطاوي من خريجي مدرسة الألسن، فاستعان بهم في قلم الترجمة، ومن هؤلاء: عبد الله السيد وصالح مجدي ومحمد قدري.
وكان مقر قلم الترجمة حجرة واحدة بديوان المدارس، ولم يحل ذلك دون إنجاز أعظم الأعمال، فترجموا القانون الفرنسي في عدة مجلدات وطبع في مطبعة بولاق، ولم تكن هذه المهمة يسيرة، إذ كانت تتطلب إلمامًا واسعًا بالقوانين الفرنسية وبأحكام الشريعة الإسلامية، لاختيار المصطلحات الفقهية المطابقة لمثيلاتها في القانون الفرنسي.
روضة المدارس

حين عهد إلى الطهطاوي إصدار مجلة روضة المدارس، سنة (1287ه = 1870م) جعل منها منارة لتعليم الأمة ونشر الثقافة بين أبنائها، فقد نظمها أقسامًا، وجعل على رأس كل قسم واحدًا من كبار العلماء من أمثال عبد الله فكري الأديب الكبير، وإسماعيل الفلكي العالم الرياضي والفلكي، ومحمد باشا قدري القانوني الضليع، وصالح مجدي، والشيخ حسونة النواوي الفقيه الحنفي المعروف، وغيرهم. وكانت المجلة تنشر مقالات تاريخية وجغرافية واجتماعية وصحية وأدبية وقصصا وأشعارا، كما كانت تنشر ملخصًا لكثير من الدروس التي كانت تلقى بمدرسة "دار العلوم". واعتادت المجلة أن تلحق بأعدادها كتبًا ألفت لها على أجزاء توزع مع كل عدد من أعدادها بحيث تكون في النهاية كتابًا مستقلاً، فنشرت كتاب "آثار الأفكار ومنثور الأزهار" لعبد الله فكري، و"حقائق الأخبار في أوصاف البحار" لعلي مبارك، و"الصحة التامة والمنحة العامة" للدكتور محمد بدر، و"القول السديد في الاجتهاد والتجديد" للطهطاوي.
وكان رفاعة قد نيف على السبعين حين ولي أمر مجلة الروضة، لكنه ظل مشتعل الذكاء وقاد الفكر، لم تنل الشيخوخة من عزيمته، فظل يكتب فيها مباحث ومقالات حتى توفي في (1 من ربيع الآخر 1290ه = 27 من مايو 1873م).
آثار فكرية

وعلى الرغم من كثرة المسئوليات التي تحملها رفاعة وأخذت من وقته الكثير، فإنه لم ينقطع عن الترجمة والتأليف فيما يعود بالنفع على الأمة، ولم يقض وقته إلا فيما فيه فائدة، وقد وصفه تلميذه النابه صالح مجدي بأنه "قليل النوم، كثير الانهماك على التأليف والتراجم". وقد بدأ رفاعة إنتاجه الفكري منذ أن كان مبعوثًا في فرنسا، ومن أهم كتبه:
مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية
المرشد الأمين في تربية البنات والبنين
أنوار توفيق الجليل في أخبار مصر وتوثيق بني إسماعيل
نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز، وهو آخر كتاب ألفه الطهطاوي، وسلك فيه مسلكا جديدا في تأليف السيرة النبوية تبعه فيه المحدثون. أما الكتب التي قام بترجمتها فهي تزيد عن خمسة وعشرين كتابًا، وذلك غير ما أشرف عليه من الترجمات وما راجعه وصححه وهذبه. ومن أعظم ما قدمه الرجل تلاميذه النوابغ الذين حملوا مصر في نهضتها الحديثة، وقدموا للأمة أكثر من ألفي كتاب خلال أقل من أربعين عامًا، ما بين مؤلف ومترجم.

ولا أجد في وصف رفاعة أفضل مما جاء في بيت لأحمد شوقي رثى فيه علي بن رفاعة الابن الأصغر للطهطاوي، وكان من نوابغ الحياة الفكرية في مصر:
يا ابن الذي أيقظت مصرَ معارفُهُ
أبوك كان لأبناء البلاد أبا
ملاحظة

أهم المراجع:

جمال الدين الشيال: رفاعة رافع الطهطاوي – دار المعارف – القاهرة – 1970م.
حسين فوزي النجار: رفاعة الطهطاوي، رائد فكر وإمام نهضة – الدار المصرية للتأليف والترجمة – القاهرة، بدون تاريخ.
محمد عمارة – رفاعة الطهطاوي رائد التنوير في العصر الحديث – دار المستقبل العربي – القاهرة – 1984م.
مجموعة من الباحثين – ندوة الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي – كلية الألسن – القاهرة 1984م.
عمر الدسوقي – في الأدب الحديث – دار الفكر العربي – القاهرة – 1966م.

منقول

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
شخصيات عالمية و عربية

نبذه عن الخوارزمي -شخصيات

نبذه عن الخوارزمي :

التصنيفات
شخصيات عالمية و عربية

من الطلقاء الى الشهداء

سهيل بن عمرو – من الطلقاء الى الشهداء

عندما وقع أسيرا بأيدي المسلمين في غزوة بدر اقترب عمر بن الخطاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:

" يا رسول الله.. دعني أنزع ثنيّتي سهيل بن عمرو حتى لا يقوم عليك خطيبا بعد اليوم"..

فأجابه الرسول العظيم:

" كلا يا عمر..

لا أمثل بأحد، فيمثل الله بي، وان كنت نبيا"..!

ثم أدنى عمر منه وقال عليه السلام:

" يا عمر..

لعل سهيلا غدا يقف موقفا يسرّك"..!!
ودارت نبوءة الرسول..

وتحوّل أعظم خطباء قريش سهيل بن عمرو الى خطيب باهرمن خطباء الاسلام..

وتحوّل المشرك اللدود.. الى مؤمن أوّاب، لا تكف عيناه من البكاء من خشية الله..!!

وتحوّل واحد من كبار زعماء قرسش وقادة جيوشها الى مقاتل صلب في سبيل الاسلام.. مقاتل عاهد نفسه أن يظل في رباط وجهاد حتى يدركه الموت على ذلك، عسى الله أن يغفر ما تقدم من ذنبه..!!

فمن كان ذلك المشرك العنيد، والمؤمن التقي الشهيد..؟؟

**


انه سهيل بن عمرو..

واحد من زعماء قريش المبرّرين، ومن حكمائها وذوي الفطنة والرأي فيها..

وهو الذي انتدبته قريش ليقنع الرسول بالعدول عن دخول مكة عام الحديبية..

ففي أخريات العام الهجري السادس خرج الرسول وأصحابه الى مكة ليزوروا البيت الحرام، وينشؤا عمرة، لا يريدون حربا، وليسوا مستعدين لقتال..

وعلمت قريش بمسيرهم الى مكة، فخرجت لتقطععليهم الطريق، وتصدّهم عن وجهتهم..

وتأزم الموقف، وتوترت الأنفس..

وقال الرسول لأصحابه:

" لا تدعوني قريش اليوم الى خطة يسألونني فيها صلة الرحم الا أعطيتهم اياها"..

وراحت قريش ترسل رسلها ومندوبيها الى النبي عليه الصلاة والسلام، فيخبرهم جميعا أنه لم يأت لقتال، انما جاء يزور البيت الحرام، ويعظم حرماته:

وكلما عاد الى قريش أحد مندوبيها، أرسلوا من بعده آخر أقوى شكيمة، وأشد اقناعا حتى اختاروا عروة بن مسعود الثقفي وكان من أقواهم وأفطنهم.. وظنت قريش أن عروة قادر على اقناع الرسول بالعودة.

ولكنه سرعان ما رجع اليهم يقول لهم:

" يا معشر قريش..

اني قد جئت كسرى في ملكه، وقيصر في ملكه، والنجاشي في ملكه..

واني والله ما رأيت ملكا قط يعظمه قومه، كما يعظم أصحاب محمد محمدا..!!

ولقد رأيت حوله قوما لن يسلموه لسوء أبدا..

فانظروا رأيكم"..!!

**


عندئذ آمنت قريش أنه لا جدوى من محاولاتها وقررت أن تلجأ الى المفاوضة والصلح.. واختارت لهذه المهمة أصلح زعمائها لها.. وكان سهيل بن عمرو..

رأى المسلمون سهيلا وهو مقبل عليهم فعرفوه، وأدركوا أن قريشا آثرت طريق التفاهم والمصالحة، ما دامت قد بعثت آخر الأمر سهيلا..

وجلس سهيل بين يدي الرسول، ودار حوار طويل انتهى بالصلح..

وحاول سهيل أن يكسب لقريش الكثير.. وساعده على ذلك، التسامح النبيل والمجيد الذي كان الرسول عليه الصلاة والسلام يديره في التفاوض والصلح..

ومضت الأيام، ينادي بعضها بعضا، جتى جاءت السنة الثامنة من الهجرة.. وخرج الرسول والمسلمون لفتح مكة بعد أن نفضت قريش عهدها وميثاقها مع رسول الله.

وعاد المهاجرون الى وطنهم الذين أخرجهم بالأمس كارهين..

عادوا، ومعهم الأنصار الذين آووهم في مينتهم وآثروهم على أنفسهم..

وعاد الاسلام كله، تخفق في جو السماء راياته الظافرة..

وفتحت مكة جميع أبوابها..

ووقف المشركون في ذهول.. ترى ماذا سيكون اليوم مصيرهم، وهم الذين أعملوا بأسهم في المسلمين من قبل قتلا، وحرقا، وتعذيبا، وتجويعا..؟!

ولم يشأ الرسول الرحيم أن يتركهم طويلا تحت وطأة هذه المشاعر المذلة المنهكة.

فاستقبل وجوههم في تسامح وأناة، وقال لهم ونبرات صوته الرحيم تقطر حنانا ورفقا:

" يا معشر قريش..

ما تظنون أني فاعل بكم"..؟؟

هنالك تقدم خصم الاسلام بالأمس سهيل بن عمرو وقال مجيبا:

" نظن خيرا، أخ كريم، وابن أخ كريم".

وتألقت ابتسامة من نور على شفتي حبيب الله وناداهم:

" اذهبوا…

فأنتم الطلقاء"..!!

لم تكن هذه الكلمات من الرسول المنتصر لتدع انسانا حيّ المشاعر الا أحالته ذوبا من طاعة وخجل، بل وندم..

وفي نفس اللحظة استجاش هذا الموقف الممتلئ نبلا وعظمة، كل مشاعر سهيل بن عمرو فأسلم لله رب العالمين.

ولم يكن اسلامه ساعتئذ، اسلام رجل منهزم مستسلم للمقادير.

بل كان كما سيكشف عنه مستقبله فيما بعد اسلام رجل بهرته وأسرته عظمة محمد وعظمة الدين الذي يتصرّف محمد وفق تعاليمه، ويحمل في ولاء هائل رايته ولواءه..!!

**


أطلق على الذين أسلموا يوم الفتح اسم الطلقاء.. أي الذين نقلهم عفو الرسول من الشرك الى الاسلام حين قال لهم:

" اذهبوا فأنتم الطلقاء"

بيد أن نفرا من أولئك الطلقاء جاوزوا هذا الخط باخلاصهم الوثيق، وسموا الى آفاق بعيدة من التضحية والعبادة والطهر، وضعتهم في الصفوف الأولى بين أصحاب النبي الأبرار ومن هؤلاء سهيل بن عمرو.

**


لقد صاغه الاسلام من جديد.

وصقل كل مواهبه الأولى، وأضاف اليها، ثم وضعها جميعا في خدمة الحق، والخير، والايمان..

ولقد نعتوه في كلمات فقالوا:

" السّمح، الجواد..

كثير الصلاة، والصوم، والصدقة، وقراءة القرآن، والبكاء من خشية الله"..!!

وتلك هي عظمة سهيل.

فعلى الرغم من أنه أسلم يوم الفتح، لا قبله، نراه يصدق في اسلامه وفي يقينه، الى مدى الذي يتفوّق فيه على كل نفسه، ويتحوّل الى عابد، زاهد والى فدائي مجاهد في سبيل الله والاسلام.

ولما انتقل الرسول الى الرفيق الأعلى، لم يكد النبأ يبلغ مكة، وكان سهيل يومئذ مقيما بها، حتى غشي المسلمين هناك من الهرج والذهول ما غشي المسلمين بالمدينة.

واذا كان ذهول المدينة، قد بدّده أبو بكر رضي الله عنه ساعتئذ بكلماته الحاسمة:

" من كان يعبد محمد، فان محمدا قد مات..

ومن كان يعبد الله، فان الله حيّ لا يموت"..

فسيأخذنا العجب حين نرى سهيلا رضي الله عنه هو الذي وقف بمكة، نفس موقف أبي بكر بالمدينة.

فقد جمع المسلمين كلهم هناك، ووقف يبهرهم بكلماته الناجعة، يخبرهم أن محمدا كان رسول الله حقا.. وأنه لم يمت حتى أدّى الأمانة، وبلّغ الرسالة. وأنه واجب المؤمنين به أن يمعنوا من بعده السير على منهجه.

وبموقف سهيل هذا، وبكلماته الرشيدة وايمانه الوثيق، درأ الفتنة التي كادت تقلع ايمان بعض الناس بمكة حين بلغهم نبأ وفاة الرسول..!!

وفي هذا اليوم أكثر من سواه تألقت نبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ألم يكن لعمر يوم استأذنه في نزع ثنيتي سهيل أثناء أسره ببدر:

" دعها فلعلها تسرك يوما"..؟!

ففي هذا اليوم.. وحين بلغ المسلمين بالمدينة موقف سهيل بمكة وخطابه الباهر الذي ثبت الايمان في الأفئدة، تذكر عمر بن الخطاب نبوءة الرسول.. وضحك طويلا، اذ جاء اليوم الذي انتفع فيه الاسلام بثنيتي سهيل اللتين كان عمر يريد تهشيمهما واقتلاعهما..!!

**


عندما أسلم سهيل يوم الفتح.

وبعد أن ذاق حلاوة الايمان، أخذ على نفسه عهدا لخصه في هذه الكلمات:

" والله لا أدع موقفا من المشركين، الا وقفت مع المسلمين مثله… ولا نفقة أنفقتها مع المشركين الا أنفقت مع المسلمين مثلها، لعل أمري أن يتلو بعضه بعضا"..!!

ولقد وقف مع المشركين طويلا أمام أصنامهم..

فليقف الآن طويلا وطويلا مع المؤمنين بين يدي الله الواحد الأحد.

وهكذا راح يصلي.. ويصلي..

ويصوم.. ويصوم..

ولا يدع عبادة تجلو روحه، وتقربه من ربه الأعلى الا أخذ منها حظا وافيا..

وكذلك كان في أمسه يقف مع المشركين في مواطن العدوان والحرب ضد الاسلام.

فليأخذ الآن مكانه في جيش الاسلام، مقاتلا شجاعا، يطفئ مع كتائب الحق نار فارس التي يعبدونها من دون الله، ويحرقون فيها مصاير الشعوب التي يستعبدونها. ويدمدم مع كتائب الحق أيضا على ظلمات الرومان وظلمهم..

وينشر كلمة التوحيد والتقوى في كل مكان.

وهكذا خرج الى الشام مع جيوش المسلمين، مشاركا في حروبها.

ويوم اليرموك حيث خاض المسلمون موقعة تناهت في الضراوة والعنف والمخاطرة..

كان سهيل بن عمرو يكاد يطير من الفرح، اذ وجد هذه الفرصة الدسمة لكي يبذل من ذات نفسه في هذا اليوم العصيب ما يمحق به خطايا جاهليته وشركه..

**


وكان يحب وطنه مكة حبا ينسيه نفسه..

ومع ذلك، فقد أبى أن يرجع اليها بعد انتصار المسلمين بالشام وقال:

" سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مقام أحدكم في سبيل الله ساعة، خير له من عمله طوال عمره..

واني لمرابط في سبيل الله حتى أموت، ولن أرجع الى مكة"..!!

**


ووفى سهيل عهده..

وظل بقيّة حياته مرابطا، حتى جاء موعد رحيله، فطارت روحه مسرعة الى رحمة من الله ورضوان..

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
شخصيات عالمية و عربية

رقية بنت محمد من الشخصيات

رقية بنت محمدr

رضي الله عنها

إشراف الأستاذ : خالد خميس فرَّاج

في الساعات الأولى لشروق فجر الرسالة النبوية، أشرقت نفس خديجة بنت خويلد وبناتها رضي الله عنهن بنور الإيمان، وصٌنِعنَ على عيني رسول الله rالذي صنع على عين الله عز وجل، فحمل نور الله، وهدى الله، وكلمة الله إلى الدنيا بأسرها. ومن بين صفوف نساء قريش، سيصوغ الإسلام امرأة منهن؛ لتكون واحدة من حبات العقد الفريد، والدر النضيد في البيت النبوي الطاهر، الذي أذهب الله عنه الرجس، وطهره تطهيراً. يا ترى من هذه الجوهرة؟ ([1]).

نشأت رقية رضي الله عنها
ولدت رقية بنت رسول الله rالهاشمية([2])، وأمها خديجة أم المؤمنين، ونشأت قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم([3]). وقد استمدت رقية رضي الله عنها كثيراً من شمائل أمها، وتمثلتها قولاً وفعلاً في حياتها من أول يوم تنفس فيِه صبح الإسلام، إلى أن كانت رحلتها الأخيرة إلى الله عز وجل. وسيرة حياة السيدة رقية رضي الله عنها، تستوفي كل الكنوز الغنية بمكارم الفضائل ونفحات الإيمان، وهذه الكنوز التي تغني المرء عن الدراهم والدنانير، بل أموال الدنيا كلها، فسيرة السيدة رقية تجعل النفوس تحلق في أجواء طيبة، لا يستطيع أصحاب الأموال والدنيا الوصول إليها، ولو صرفوا الدنيا وما فيها، لأن من يتذوق طعم حياة لاالأبرار، يترفع عن الحياة التي لا تعرف إلا الدرهم والدينار([4]).

زواجها رضي الله عنها من عُتبة
لم يمض على زواج زينب الكبرى غير وقت قصير، إلا وطرق باب خديجة ومحمد، وفد من آل عبد المطلب، جاء يخطب رقية وأختها التي تصغرها قليلاً لشابين من أبناء الأعمام وهما (عُتبة وعُتيبة) ولدا أبي لهب عم الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأحست رقية وأختها انقباضاً لدى أمهما خديجة، فالأم تعرف من تكون أم الخاطبين زوجة أبي لهب، ولعل كل بيوت مكة تعرف من هي أم جميل بنت حرب ذات القلب القاسي والطبع الشرس واللسان الحاد. ولقد أشفقت الأم على ابنتيها من معاشرة أم جميل، لكنها خشيت اللسان السليط الذي سينطلق متحدثاً بما شاء من حقد وافتراء إن لم تتم الموافقة على الخطوبة والزواج، ولم تشأ خديجة أيضاً أن تعكر على زوجها طمأنينته وهدوءه بمخاوفها من زوجة أبي لهب وتمت الموافقة، وبارك محمد ابنتيه، وأعقب ذلك فرحة العرس والزفاف وانتقلت العروسان في حراسة الله إلى بيت آخر وجو جديد.

دعوة الرسولr الناس إلى الإسلام
ودخلت رقية مع أختها أم كلثوم بيت العم، ولكن لم يكن مكوثهما هناك طويلاً فما كاد رسولنا محمد r يتلقى رسالة ربه، ويدعو إلى الدين الجديد، وراح سيدنا رسول الله، يدعو إلى الإسلام سراً، فاستجاب لله عز وجل من شاء من الرجال ومن النساء والولدان. ويبدو أن عمات رسول الله قد نصحنه r ألا يدعو عمه أبا لهب لكيلا تثور هائجته، فلا يدري بما يتكلم، وحتى لا تنفث زوجته أم جميل سمومها في بنات النبي فقد كان أبو لهب وأولاده ألعوبة تتحكم فيهم أم جميل التي تنهش الغيرة قلبها إذا ما أصاب غيرها خير. وقد قام رسول الله بدعوة الناس إلى الإسلام وعندما علم أبو لهب بذلك أخذ يضحك ويسخر من رسول الله ثم رجع إلى البيت، وراح يروي لامرأته الحاقدة ما كان من أمر محمد ابن أخيه الذي أخبرهم أنه رسول الله إليهم؛ ليخرجهم من الظُلمات إلى النور وصراط العزيز الحميد، وشاركت أم جميل زوجها في سخريته وهزئه.

ولعب شيطان الحقد في نفسها، وأحست برغبة عنيفة في داخلها للانتقام من أقرب الناس إليها من رقية وأم كلثوم رضي الله عنهما، وإن كان هذا الانتقام سيؤذي ولديها، ولكنها مادامت ستفرغ كل حقد ممكن لديها، وتقيء كل عصارة كيدها في جوانب نفسها، فلا مانع من ذلك حتى تحطم بزعمها الدعوة المحمدية، وسلكت ضد سيدنا رسول الله أبشع السبل في اضطهاده، وزادت على ذلك أن أرسلت إلى أصهار رسول الله تطلب منهم مفارقة بنات الرسول، أما أبو العاص فرفض طلبهم مؤثرا ومفضلاً ً صاحبته زينب على نساء قريش جميعاً، وقد أمن في نهاية المطاف وجمع الله شمل الأحبة. وأما عُتبة وعُتيبة فلقد تكفلت أم جميل بالأمر دون أن تحتاج لطلب من أحد.

وطفقت أم جميل تنفث سمومها في كل مكان تكون فيه، ولم تكتف بكشف خبيئة نفسها الخبيثة، ولكنها راحت تزين للناس مقاومة الدعوة، واجتثاث أصولها؛لأنها تفرق بين المرء وأخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، وفصيلته التي تؤويه. ولما انتهت من طوافها، وهي تزرع بذور الفتنة، وتبغي نشر الحقد والفساد، راحت تجمع الحطب لتضعه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم لتؤذيه، وفي هذا دليل على بخلها الذي جبلت عليه([5]).
لاولكن القرآن الكريم تنزل على الحبيب المصطفى r ندياً رطباً، ونزل القرآن عليه يشير إلى المصير المشؤوم لأم جميل بنت حرب، وزوجها المشؤوم أبي لهب، قال الله تعالى: )تبت يدا أبي لهب وتب *ما أغني عنه ماله وما كسب* سيصلى نارا ذات لهب* وامرأته حمالة الحطب * في جيدها حبلاً من مسد(. (المسد:1-5).
وكانت رقية وأم كلثوم في كنف ابني عمهما، لما نزلت سورة المسد،وذاعت في الدنيا بأسرها، ومشي بعض الناس بها إلى أبي لهب وأم جميل، اربدَّ وجه كل واحد منهما، واستبد بها الغضب والحنق، ثم أرسلا ولديهما عُتبة وعُتيبة وقالا لهما: إنَّ محمداً قد سبهما، ثم التف أبو لهب إلى ولده عتبة وقال في غضب: رأسي من رأسك حرام إن لم تطلق ابنة محمد؛ فطلقها قبل أن يدخل بها. وأما عُتيبة، فقد استسلم لثورة الغضب وقال في ثورة واضطراب: لآتين محمداً فلأوذينَّه في ربه. وانطلق عتيبة بن أبي لهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشتمه ورد عليه ابنته وطلقها، فقال رسول الله"اللهم سلط عليه كلباً من كلابك" واستجابت دعوة الرسول r، فأكل الأسد عُتيبة في إحدى أسفاره إلى الشام([6]).
ولم يكفها أن ردت رقية وأم كلثوم مطلقتين، بل خرجت ومعها زوجها أبو لهب (الذي شذ عن الأعمام وآل هاشم، فقد جمع بين الكفر وعداوة ابن أخيه)، وسارت وإياه يشتمان محمداً، ويؤذيانه ويؤلبان الناس ضده، وقد صبر الرسول r على أذاهم. وكذلك فعلت رقية وأختها، صبرتا مع أبيهما، وهما اللتان تعودتا أن تتجملا بالصبر قبل طلاقهما، لما كانت تقوم به أم جميل من رصد حركاتهما ومحاسبتهما على النظرة والهمسة واللفتة.

زواج رقية من عثمان:
شاءت قدرة الله لرقية أن ترزق بعد صبرها زوجاً صالحاً كريماً من النفر الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ذلك هو (عثمان بن عفان) صاحب النسب العريق، والطلعة البهية، والمال الموفور، والخلق الكريم. وعثمان بن عفان أحد فتيان قريش مالاً، وجمالاً، وعزاً، ومنعةً، تصافح سمعه همسات دافئة تدعو إلى عبادة العليم الخبير الله رب العالمين. والذي أعزه الله في الإسلام سبقاً وبذلاً وتضحيةً، وأكرمه بما يقدم عليه من شرف المصاهرة، وما كان الرسول الكريم ليبخل على صحابي مثل عثمان بمصاهرته، وسرعان ما استشار ابنته، ففهم منها الموافقة عن حب وكرامة، وتم لعثمان نقل عروسه إلى بيته، وهو يعلم أن قريشاً لن تشاركه فرحته، وسوف تغضب عليه أشد الغضب. ولكن الإيمان يفديه عثمان بالقلب ويسأل ربه القبول.
ودخلت رقية بيت الزوج العزيز، وهي تدرك أنها ستشاركه دعوته وصبره، وأن سبلاً صعبة سوف تسلكها معه دون شك إلى أن يتم النصر لأبيها وأتباعه. وسعدت رقية رضي الله عنها بهذا الزواج من التقي النقي عثمان بن عفان رضي الله عنه، وولدت رقية غلاماً من عثمان فسماه عبد الله، واكتنى به([7]).

رقية والهجرة إلى الحبشة:
ودارت الأيام لكي تختبر صدق المؤمنين، وتشهد أن أتباع محمد قد تحملوا الكثير من أذى المشركين، كان المؤمنون وفي مقدمتهم رقية وعثمان رضي الله عنهم في كرب عظيم، فكفار قريش ينزلون بهم صنوف العذاب، وألوان البلاء والنقمة،)ومانقموا بهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد((البروج:8).ولم يكن رسول الله r بقادر على إنقاذ المسلمين مما يلاقونه من البلاء المبين، وجاءه عثمان وابنته رقية يشكوان مما يقاسيان من فجرة الكافرين، ويقرران أنهما قد ضاقا باضطهاد قريش وأذاهم.
وجاء نفر آخرون ممن آمن من المسلمين، وشكوا إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ما يجدون من أذى قريش، ومن أذى أبي جهل زعيم الفجار([8]). ثم أشار النبي عليهم بأن يخرجوا إلى الحبشة، إذ يحكمها ملك رفيق لا يظلم عنده أحد، ومن ثم يجعل الله للمسلمين فرجاً مما هم عليه الآن.

وأخذت رقية وعثمان رضي الله عنهما يعدان ما يلزم للهجرة، وترك الوطن الأم مكة أم القرى. ويكون عثمان ورقية أول من هاجر على قرب عهدهما بالزواج، ونظرت رقية مع زوجها نظرة وداع على البلد الحبيب. وتمالكت دمعها قليلاً، ثم صعب ذلك عليها، فبكت وهي تعانق أباها وأمها وأخواتها الثلاث زينب وأم كلثوم والصغيرة فاطمة، ثم سارت راحلتها مع تسعة من المهاجرين، مفارقة الأهل والأحباب، وعثمان هو أول من هاجر بأهله، ثم توافدت بعد ذلك بعض العزاء والمواساة، لكنها ظلت أبداً تنزع إلى مكة وتحن إلى من تركتهم بها، وظل سمعها مرهفاً يتلهف إلى أنباء أبيها الرسول r، وصحبة الكرام. ولقد أثرت شدة الشوق والحنين على صحتها، فأسقطت جنينها الأول، وخيف عليها من فرط الضعف والإعياء، ولعل مما خفف عنها الأزمة الحرجة رعاية زوجها وحبة وعطف المهاجرين وعنايتهم.
وانطلق المهاجرون نحو الحبشة تتقدمهم رقية وعثمان، حتى دخلوا على النجاشي، فأكرم وفادتهم، وأحسن مثواهم، فكانوا في خير جوار،لا يؤذيهم أحد ويقيمون شعائر دينهم في أمن وأمان وسلام. وكانت رقية رضي الله عنها في شوق واشتياق إلى أبيها رسول الله وأمها خديجة، ولكن المسافة بعيدة، وإن كانت الأرواح لتلتقي في الأحلام.

وجاء من أقصى مكة رجل من أصحاب رسول الله، فاجتمع به المسلمون في الحبشة، وأصاخوا إليه أسماعهم حيث راح يقص عليهم خبراً أثلج صدورهم، خبر إسلام حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب، وكيف أن الله عز وجل قد أعز بهما الإسلام. واستبشر المهاجرون بإسلام حمزة وعمر، فخرجوا راجعين، وقلوبهم تخفق بالأمل والرجاء، وخصوصاً سيدة نساء المهاجرين رقية بنت رسول الله التي تعلق فؤادها وأفئدة المؤمنين بنبي الله محمد r.

العودة إلى مكة:
وصلت إلى الحبشة شائعات كاذبة، تتحدث عن إيمان قريش بمحمد، فلم يقو بعض المهاجرين على مغالبة الحنين المستثار، وسَرعان ما ساروا في ركب متجهين نحو مكة، ويتقدمهم عثمان ورقية، ولكن يا للخيبة المريرة، فما أن بلغوا مشارف مكة، حتى أحاطت بهم صيحات الوعيد والهلاك. وطرقت رقية باب أبيها تحت جنح الظلام، فسمعت أقدام فاطمة وأم كلثوم، وما أن فتح الباب حتى تعانق الأحبة، وانهمرت دموع اللقاء. وأقبل محمدe نحو ابنته يحنو عليها ويسعفها لتثوب إلى السكينة والصبر، فالأم خديجة قد قاست مع رسول الله وآل هاشم كثيراً من الاضطهاد مع أنها لم تهاجر، وقد ألقاها المرض طريحة الفراش، لتودع الدنيا وابنتها ما تزال غائبة في الحبشة([9]).

عودة رقية إلى الحبشة:
وعندما علمت قريش برجوع المؤمنين المهاجرين، عملت على إيذائهم أكثر من قبل، واشتدت عداوتهم على جميع المؤمنين، مما جعل أصحاب r في قلق، ولكنهم اعتصموا بكتاب الله، مما زاد ضراوة المشركين وزاد من عذابهم. وراح الفجرة الكفرة، يشددون على المسلمين في العذاب، وفي السخرية حتى ضاقت عليهم مكة، وقاسى عثمان بن عفان من ظلم أقربائه وذويه الكثير. ولكن عثمان صبر وصبرت معه رقية مما جعل قريش، تضاعف وجبات العذاب للمؤمنين، فذهبوا إلى رسول الله r يستأذنونه في الهجرة إلى الحبشة فأذن لهم، فقال عثمان بن عفان t: يا رسول الله، فهجرتنا الأولى وهذه الآخرة إلى النجاشي، ولست معنا. فقال رسول الله r:" أنتم مهاجرون إلى الله وإلي، لكم هاتان الهجرتين جميعاً". فقال عثمان: فحسبنا يا رسول الله.

وهاجرت رقية ثانية مع زوجها إلى الحبشة مع المؤمنين الذين بلغوا ثلاثة وثمانين رجلاً. وبهذا تنفرد رقية ابنة رسول الله بأنها الوحيدة من بناته الطاهرات التي تكتب لها الهجرة إلى بلاد الحبشة، ومن ثم عُدت من أصحاب الهجرتين([10]). قال الإمام الذهبي- رحمه الله- عن هجرة رقية وعثمان رضي الله عنهما :" هاجرت معه إلى الحبشة الهجرتين جميعاً. وفيهما قال رسول الله r: "إنهما أول من هاجرا إلى الله بعد لوط"([11]).
ولم يطل المقام برقية في مكة، ففي العام الثالث عشر للبعثة، كان أكثر المؤمنين من أهل البيت الحرام قد وصلوا إلى المدينة المنورة، ينتظرون نبيهم محمداً ليأتي إليهم وإلى اخوتهم الأنصار مهاجراً مجاهداً. وهناك في المدينة جلست رقية مع زوجها عثمان، ووضعت مولودها الجميل عبد الله… وراحت تملأ عينها من النظر إليه، لكي تنسى مرارة فقدها لجنينها، ولوعة مصابها في أمها، وما قاسته في هجرتها وهي بطلة الهجرتين من شجن الغربة. ويبدأ صراع جديد بين الحق والباطل، وترى رقية بوادر النصر لأبيها، فالله عز وجل قد أذن له وللمؤمنين أن يقاتلوا المشركين، ليدعموا بنيان المجتمع الإسلامي الجديد الذي بنوه بأيديهم في يثرب.

وفاتها
وينمو عبد الله ابن المجاهدين العظيمين نمواً طيباً، ولكن شدة العناية قد توقع في ما يحذره الإنسان أحياناً، فما بال عبد الله يميل نحو الهبوط، وتذبل ريحانته بعد أن كان وردة يفوح عطرها، ويزكو أريجها يا لله… وأخذ الزوجان يرقبان بعيون دامعة، وقلب حزين سكرات الموت يغالبها الصغير بصعوبة تقطع الفؤاد. ومات ابن رقية، بعد أن بلغ ست سنين ومات بعد أن نقر الديك وجهه(عينه)، فتورم وطمر وجهه ومرض ثم مات، وبكته أمه وأبوه، وافتقد جده بموته ذلك الحمل الوديع الذي كان يحمله بين يديه كلما زار بيت ابنته، ولم تلد رقية بعد ذلك([12]).

ولم يكن لرقية سوى الصبر وحسن التجمل به، ولكن كثرة ما أصابها في حياتها من مصائب عند أم جميل، وفي الحبشة، كان لها الأثر في أن تمتد إليها يد المرض والضعف، ولقد آن لجسمها أن يستريح على فراش أعده لها زوجها عثمان، وجلس بقربها الزوج الكريم يمرضها ويرعاها، ويرى في وجهها علامات مرض شديد وألم قاس تعانيه، وراح عثمان يرنو بعينين حزينتين إلى وجه رقية الذابل، فيغص حلقه آلاما، وترتسم الدموع في عينيه، وكثيراً ما أشاح بوجهه لكي يمسك دمعة تريد أن تنهمر، ولقد كانت رقية تحس هذا الشيء، فتتجلد وتبذل ما أمكنها، لكي تبتسم له ابتسامة تصطنعها حتى تعود إليه إشراقة وجهه النضير… وتنهال على رأسه الذكريات البعيدة، ورأى رقية وهي في الحبشة تحدث المهاجرات حديثاً يدخل البهجة إلى النفوس، ويبعث الآمال الكريمة في الصدور، وتقص عليهن ما كانت تراه من مكارم أبيها رسو ل الله r، وحركت هذه الذكريات أشجان عثمان، وزادت في مخاوفه، وكان أخشى ما يخشاه أن تموت رقية، فينقطع نسبه لرسول الله r.

ورنا عثمان ثانية إلى وجه زوجته الذابل، ففرت سكينته، ولفه حزن شديد ممزوج بخوف واضطراب، حيث كانت الأنفاس المضطربة التي تلتقطها رقية جهدها، تدل على فناء صاحبتها. كانت رقية تغالب المرض، ولكنها لم تستطع أن تقاومه طويلاً، فأخذت تجود بأنفاسها، وهي تتلهف لرؤية أبيها الذي خرج إلى بدر، وتتلهف لرؤية أختها زينب في مكة، وجعل عثمان يرنو إليها من خلال دموعه، والحزن يعتصر قلبه، مما كان أوجع لفؤاده أن يخطر على ذهنه، أن صلته الوثيقة برسول الله r توشك أن تنقطع. وكان مرض رقية رضي الله عنها الحصبة، ثم بعد صراعها مع هذا المرض، لحقت رقية بالرفيق الأعلى، وكانت أول من لحق بأم المؤمنين خديجة من بناتها، لكن رقية توفيت بالمدينة، وخديجة توفيت بمكة قبل بضع سنين، ولم ترها رقية، وتوفيت رقية، ولم تر أباها رسول الله، حيث كان ببدر مع أصحابه الكرام، يعلون كلمة الله، فلم يشهد دفنها صلى الله عليه وسلم([13]).

وحُمِل جثمان رقية رضي الله عنها على الأعناق، وقد سار زوجها خلفه، وهو واله حزين، حتى إذا بلغت الجنازة البقيع، دفنت رقية هنالك، وقد انهمرت دموع المشيعين. وسوى التراب على قبر رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عاد المجاهدون من بدر يبشرون المؤمنين بهزيمة المشركين، وأسر أبطالهم. وفي المدنية المنورة خرج رسول الله إلى البقيع، ووقف على قبر ابنته يدعو لها بالغفران. لقد ماتت رقية ذات الهجرتين قبل أن تسعد روحها الطاهرة بالبشرى العظيمة بنصر الله، ولكنها سعدت بلقاء الله في داره([14]).
ولما توفيت رقية بكت النساء عليها، في رواية ابن سعد: قال: لما ماتت رقية بنت رسول الله، قال: " ألحقي بسلفنا عثمان بن مظعون" فبكت النساء عليها؛ فجعل عمر يضربهن بسوطه. فأخذ النبي rبيده، وقال: " دعهن يبكين"، ثم قال: " ابكين، وإياكن ونعيق الشيطان؛ فإنه مهما يكن من القلب والعين فمن الله والرحمة، ومهما يكن من اليد واللسان فمن الشيطان"، فقعدت فاطمة على شفير القبر إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت تبكي، فجعل رسول الله يمسح الدمع عن عينها بطرف ثوبه([15]).
رحم الله رقية بطلة الهجرتين، وصلاة وسلاماً على والدها في العالمين ورحم معها أمها وأخواتها وابنها وشهداء بدر الأبطال، وسلام عليها وعلى المجاهدين الذين بذلوا ما تسع لهم أنفسهم به من نصره لدين الله ودفاع عن كلمة الحق والتوحيد إلى يوم الدين، و السعي إلى إعلاء كلمة الله.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
شخصيات عالمية و عربية

عمر بن عبد العزيز– خامس الخلفاء الراشدين

عمر بن عبد العزيز
رأى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رؤيا، فقام من نومه يردد: مَنْ هذا الأشجُّ من بني أمية، ومِنْ ولد عمر يُسَمى عمر، يسير بسيرة عمر ويملأ الأرض عدلاً.
ومرت الأيام، وتحققت رؤيا أمير المؤمنين، ففي منطقة حلوان بمصر حيث يعيش وإلى مصر عبد العزيز بن مروان وزوجته ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب وُلِد
عمر بن عبد العزيز سنة 61ه، وعني والده بتربيته تربية صالحة، وعلَّمه القراءة والكتابة، لكن عمر رغب أن يغادر مصر إلى المدينة ليأخذ منها العلم، فاستجاب
عبد العزيز بن مروان لرغبة ولده وأرسله إلى واحد من كبار علماء المدينة وصالحيها وهو (صالح بن كيسان).
حفظ عمر بن عبد العزيز القرآن الكريم، وظهرت عليه علامات الورع وأمارات التقوى، حتى قال عنه معلِّمه صالح بن كيسان: ما خَبَرْتُ أحدًا -الله أعظم في صدره- من هذا الغلام، وقد فاجأته أمه ذات يوم وهو يبكي في حجرته، فسألته: ماذا حدث لك يا عمر؟ فأجاب: لا شيء يا أماه إنما ذكرتُ الموت، فبكت أمه.
وكان معجبًا إعجابًا شديدًا بعبد الله بن عمر -رضي الله عنه- وكان دائمًا يقول لأمه: تعرفين يا أماه لأكونن مثل خالي عبد الله بن عمر، ولم تكن هذه الأشياء وحدها هي التي تُنبئ بأن هذا الطفل الصغير سيكون علمًا من أعلام الإسلام، بل كانت هناك علامات أخرى تؤكد ذلك، فقد دخل عمر بن العزيز إلى إصطبل
أبيه، فضربه فرس فشجَّه (أصابه في رأسه) فجعل أبوه يمسح الدم عنه، ويقول: إن كنتَ أشجَّ بني أمية إنك إذن لسعيد.
وكان عمر نحيف الجسم أبيض الوجه حسن اللحية، وتمضي الأيام والسنون ليصبح عمر بن عبد العزيز شابًّا فتيًّا، يعيش عيشة هنيئة، يلبس أغلى الثياب، ويتعطر بأفضل العطور، ويركب أحسن الخيول وأمهرها، فقد ورث عمر عن أبيه الكثير من الأموال والمتاع والدواب، وبلغ إيراده السنوي ما يزيد على الأربعين ألف دينار، وزوَّجه الخليفة عبد الملك بن مروان ابنته فاطمة، وكان عمر -رضي الله عنه- وقتها في سن العشرين من عمره، فازداد غِنًى وثراءً.
ولما بلغ عمر بن عبد العزيز الخامسة والعشرين، اختاره الخليفة الأموي الوليد بن
عبد الملك ليكون واليًا على المدينة وحاكمًا لها، ثم ولاه الحجاز كله، فنشر الأمن والعدل بين الناس، وراح يعمِّر المساجد، بادئًا بالمسجد النبوي الشريف، فحفر الآبار، وشق الترع، فكانت ولايته على مدن الحجاز كلها خيرًا وبركة، شعر فيها الناس بالأمن والطمأنينة.
واتخذ عمر بن عبد العزيز مجلس شورى من عشرة من كبار فقهاء المدينة على رأسهم التابعي الجليل (سعيد بن المسيِّب) فلم يقطع أمرًا بدونهم، بل كان دائمًا يطلب منهم النصح والمشورة، وذات مرة جمعهم، وقال لهم:
إني دعوتكم لأمر تؤجرون فيه، ونكون فيه أعوانًا على الحق، ما أريد أن أقطع أمرًا إلا برأيكم أو برأي من حضر منكم، فإن رأيتم أحدًا يتعدَّى أو بلغكم عن عامل (حاكم) ظلامة فأُحرج بالله على من بلغه ذلك إلا أبلغني، فشكروه ثم انصرفوا، وظل عمر بن عبد العزيز في ولاية المدينة ست سنوات إلى أن عزله الخليفة الوليد بن
عبد الملك لأن الحجاج أفهمه أن عمر أصبح يشكل خطرًا على سلطان بني أمية.
ذهب عمر إلى الشام ومكث بها إلى أن مات الوليد بن عبد الملك، وتولى الخلافة بدلاً منه أخوه سليمان بن عبد الملك، وكان يحب عمر، ويعتبره أخًا وصديقًا ويأخذ بنصائحه، وذات يوم مرض الخليفة مرض الموت، وشعر بأن نهايته قد
اقتربت، فشغله أمر الخلافة حيث إن أولاده كلهم صغار لا يصلحون لتولي أمور الخلافة، فشاور وزيره (رجاء بن حيوة) العالم الفقيه في هذا الأمر، فقال له:
إن مما يحفظك في قبرك ويشفع لك في أخراك، أن تستخلف على المسلمين رجلا صالحًا.
قال سليمان: ومن عساه يكون؟
قال رجاء: عمر بن عبد العزيز.
فقال سليمان: رضيت، والله لأعقدن لهم عقدًا، لا يكون للشيطان فيه نصيب، ثم كتب العهد، وكلف (رجاء) بتنفيذه دون أن يَعْلَمَ أحدٌ بما فيه.
مات سليمان، وأراد (رجاء بن حيوة) تنفيذ العهد لكن عمر كان لا يريد
الخلافة، ولا يطمع فيها، ويعتبرها مسئولية كبيرة أمام الله، شعر عمر بن عبد العزيز بالقلق وبعظم المسئولية، فقرر أن يذهب على الفور إلى المسجد حيث يتجمع المسلمون، وبعد أن صعد المنبر قال: لقد ابتليتُ بهذا الأمر على غير رَأْي مِنِّي
فيه، وعلى غير مشورة من المسلمين، وإني أخلع بيعة من بايعني، فاختاروا
لأنفسكم، لكن المسلمين الذين عرفوا عدله وزهده وخشيته من الله أصرُّوا على أن يكون خليفتهم، وصاحوا في صوت واحد: بل إياك نختار يا أمير المؤمنين، فبكي عمر.
وتولى الخلافة في يوم الجمعة، العاشر من صفر سنة 99ه، ويومها جلس حزينًا مهمومًا، وجاء إليه الشعراء يهنئونه بقصائدهم، فلم يسمح لهم، وقال لابنه: قل
لهم {إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم} [يونس: 15].
دخلت عليه زوجته فاطمة وهو يبكي، فسألته عن سرِّ بكائه، فقال: إني تَقَلَّدْتُ (توليت) من أمر أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- أسودها وأحمرها، فتفكرتُ في الفقير الجائع، والمريض الضائع، والعاري والمجهود، والمظلوم المقهور، والغريب
الأسير، والشيخ الكبير، وذوي العيال الكثيرة، والمال القليل، وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد، فعلمتُ أن ربي سائلي عنهم يوم القيامة، فخشيتُ ألا تثبتَ لي حجة فبكيتُ.
وترك عمر زينة الحياة الدنيا، ورفض كل مظاهر الملك التي كانت لمن قبله من الخلفاء، وأقام في بيت متواضع بدون حرس ولا حجاب، ومنع نفسه التمتع بأمواله، وجعلها لفقراء المسلمين، وتنازل عن أملاكه التي ورثها عن أبيه، ورفض أن يأخذ راتبًا من بيت المال، كما جرَّد زوجته فاطمة بنت الخليفة عبد الملك بن مروان من حليها وجواهرها الثمينة، وطلب منها أن تعطيها لبيت المال، فقال لها:
اختاري..إما أن تردي حليك إلى بيت المال، وإما أن تأذني لي في فراقك، فإني أكره أن أكون أنا وأنت ومعك هذه الجواهر في بيت واحد، فأنت تعلمين من أين أتى أبوك بتلك الجواهر، فقالت: بل أختارك يا أمير المؤمنين عليها وعلى أضعافها لو كانت لي، فأمر عمر بتلك الجواهر فوضعت في بيت المال.
وبلغه أن أحد أولاده اشترى خاتمًا له فصٌّ بألف درهم، فكتب إليه يلومه، ويقول له: بِعه وأشبع بثمنه ألف جائع، واشترِ بدلاً منه خاتمًا من حديد، واكتب عليه: رحم الله امرءًا عرف قدر نفسه.
ويحكى أن عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- كان يقسم تفاحًا للمسلمين، وبينما هو يفرقه ويقسمه على من يستحقه إذ أخذ ابن صغير له تفاحة، فقام عمر وأخذ التفاحة من فمه، فذهب الولد إلى أمه وهو يبكي، فلما علمت السبب، اشترت له تفاحًا، فلما رجع عمر شم رائحة التفاح، فقال لزوجته: يا فاطمة، هل أخذت شيئًا من تفاح المسلمين؟ فأخبرته بما حدث، فقال لها: والله لقد انتزعتها من ابني
فكأنما انتزعتُها من قلبي، لكني كرهتُ أن أضيِّع نفسي بسبب تفاحة من تفاح المسلمين!!
وها هو ذا أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز الذي تحت تصرفه وطوع أمره أموال الدولة وكنوزها، يقول لزوجته يومًا: تشتهي نفسي عسل لبنان، فأرسلت فاطمة إلى ابن معد يكرب، عامل (أمير) لبنان، وذكرت له أن أمير المؤمنين يشتهي عسل
لبنان، فأرسل إليها بعسل كثير، فلما رآه عمر غضب، وقال لها: كأني بك يا فاطمة قد بعثتِ إلى ابن معد يكرب، فأرسل لك هذا العسل؟ ثم أخرج عمر العسل إلى السوق، فباعه، وأدخل ثمنه بيت المال، وبعث إلى عامله على لبنان يلومه، ويقول له: لو عُدْتَ لمثلها فلن تلي لي عملا أبدًا، ولا أنظر إلى وجهك.
وكان عمر بن عبد العزيز حليمًا عادلاً، خرج ذات ليلة إلى المسجد ومعه رجل من الحراس، فلما دخل عمر المسجد مرَّ في الظلام برجل نائم، فأخطأ عمر وداس
عليه، فرفع الرجل رأسه إليه وقال أمجنون أنت؟ فقال: لا، فتضايق الحارس وهَمَّ أن يضرب الرجل النائم فمنعه عمر، وقال له: إن الرجل لم يصنع شيئًا غير أنه
سألني: أمجنون أنت؟ فقلت: لا.
وكان عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- رقيق المشاعر، رحيمًا بالإنسان
والحيوان، كتب ذات يوم إلى واليه في مصر قائلاً له: بلغني أن الحمالين في مصر يحملون فوق ظهور الإبل فوق ما تطيق، فإذا جاءك كتابي هذا، فامنع أن يحمل على البعير أكثر من ستمائة رطل.
وقد حرص عمر الزاهد العادل التقي على ألا يقرب أموال المسلمين ولا يمد يده إليها، فهي أمانة في عنقه، سيحاسبه الله عليها يوم القيامة، فكان له مصباح يكتب عليه الأشياء التي تخصه، ومصباح لبيت المال يكتب عليه مصالح المسلمين لا يكتب على ضوئه لنفسه حرفًا..وذات مرة سخنوا له الماء في المطبخ العام، فدفع درهمًا ثمنًا للحطب!!
لقد كان همه الأول والأخير أن يعيش المسلمون في عزة وكرامة، ينعمون بالخير والأمن والأمان، كتب إلى أحد أمرائه يقول: لابد للرجل من المسلمين من مسكن يأوي إليه، وخادم يكفيه مهنته، وفرس يجاهد عليه عدوه، وأثاث في بيته، وكان يأمر عماله بسداد الديون عن المحتاجين، وتزويج من لا يقدر على الزواج، بل إن مناديه كان ينادي في كل يوم: أين الغارمون؟ أين الناكحون؟ أين المساكين؟ أين اليتامى؟ حتى استطاع بفضل من الله أن يغنيهم جميعًا.
خرج عمر راكبًا ليعرف أخبار البلاد، فقابله رجل من المدينة المنورة فسأله عن حال المدينة، فقال: إن الظالم فيها مهزوم، والمظلوم فيها ينصره الجميع، وإن
الأغنياء كثيرون، والفقراء يأخذون حقوقهم من الأغنياء، ففرح عمر فرحًا شديدًا وحمد الله، وهكذا رجل من ولد (زيد بن الخطاب) يقول: (إنما ولي عمر بن عبد العزيز سنتين ونصفًا، فما مات حتى جعل الرجل يأتينا بالمال
العظيم، فيقول: اجعلوا هذا حيث ترون في الفقراء، فما يبرح حتى يرجع بماله، يبحث عمن يعطيه فما يجد، فيرجع بماله، قد أغنى الله الناس على يد عمر).
طُلب منه أن يأمر بكسوة الكعبة،كما جرت العادة بذلك كل عام، فقال: إني رأيت أن أجعل ذلك (ثمن كسوة الكعبة) في أكباد جائعة،فإنه أولى بذلك من البيت، وبعد فترة حكمه التي دامت تسعة وعشرين شهرًا، اشتد عليه المرض، فجاءه ابن عمه مسلمة بن عبد الملك، فقال له: يا أمير المؤمنين، ألا توصي لأولادك، فإنهم
كثيرون، وقد أفقرتهم، ولم تترك لهم شيئًا؟!
فقال عمر: وهل أملك شيئًا أوصي لهم به، أم تأمرني أن أعطيهم من مال المسلمين؟ والله لا أعطيهم حق أحد، وهم بين رجلين: إما أن يكونوا صالحين فالله
يتولاهم، وإما غير صالحين فلا أدع لهم ما يستعينون به على معصية الله، وجمع أولاده، وأخذ ينظر إليهم، ويتحسس بيده ثيابهم الممزقة؛ حتى ملئت عيناه
بالدموع، ثم قال: يا بَنِي، إن أباكم خُيِّر بين أمرين: بين أن تستغنوا (أي تكونوا أغنياء) ويدخل أبوكم النار، وبين أن تفتقروا، ويدخل أبوكم الجنة، فاختار
الجنة.. يا بَنِي، حفظكم الله ورزقكم، وقد تركتُ أمركم إلى الله وهو يتولى الصالحين.
ثم قال لأهله: اخرجوا عني، فخرجوا، وجلس على الباب مَسْلَمة بن عبد الملك وأخته فاطمة، فسمعاه يقول: مرحبًا بهذه الوجوه التي ليست بوجوه إنس ولا جان، ثم قرأ: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوًا في الأرض ولا فسادًا والعاقبة للمتقين} [القصص: 83].
ومات عمر بعد أن ضرب المثل الأعلى في العدل والزهد والورع… مات أمير المؤمنين خامس الخلفاء الراشدين

المصدر : موسوعة الأسرة المسلمة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
شخصيات عالمية و عربية

مارغريت هيلدا روبرتس تاتشر «المرأة الحديدية» من الشخصيات

ولدت مارغريت هيلدا روبرتس في 13 أكتوبر 1925 بكرونتهام شرقي إنجلترا. كان والدها آلفريد روبيتس عضوا في حزب المحافظين وعمدة بلدية غرانثام لفترة وجيزة ومالكا لمحلات للمواد الغذائية ونشيطا في النسيج الجمعوي بالمدينة إلى جانب عمله في أنشطة خيرية بكنائس المدينة.
تربت تاتشر منذ نعومة أظافرها على المبادئ الدينية المسيحية المحافظة المتشبعة بالتعاليم بروتستانتية، قبل أن تنجح في الحصول على منحة خولت لها التسجيل في مدرسة للبنات بكيتيفين أند جرانتهام. ظلت الطفلة مارغريت محط إعجاب أساتذتها، لما أبانت عنه من التزام وجدية في الدروس واستهوتها رياضة الهوكي والسباحة. أنهت مرحلة تعليمها الثانوي والحرب العالمية الثانية لم تضع أوزارها بعد، لتسجل بعدها بجامعة سوميرفيل بفضل المنحة التي حصلت عليها. التحقت سنة 1943 بأكسفورد ودرست العلوم الطبيعية وتخصصت في الكيمياء. ثلاث سنوات بعد ذلك، استطاعت أن تكون رئيسة جمعية المحافظين بأكسفورد كثالث امرأة تحظى بهذا الشرف. غادرت الطالبة مارغريت الجامعة بعد أن حصلت على إجازة بمرتبة الشرف، لتختار بعدها دراسة علم البلورات وتنجح سنة 1950 في الحصول على الماجستير من جامعة أكسفورد، وتزوجت بعد شهرين من ذلك من الضابط السابق في سلاح المدفعية الملكية دينيس تاتشر وأنجبت توأمين مارك وكارول.
لم يدم بحثها عن وظيفة طويلا، إذ سرعان ما حصلت على وظيفة كباحثة بشركة بي إكس للصناعة البلاستيكية بكولشيستر. خلال تلك الفترة، استطاعت مارغريت أن تزاوج بين عملها وبين نشاطها السياسي، إذ انخرطت في جمعية محلية لحزب المحافظين، وبعد فترة قصيرة تم اختيارها لتكون مرشحة للحزب بدارتفورد لخوض الانتخابات البرلمانية وفازت بمقعد في مجلس العموم داخل دائرة ظلت دائما معقلا لحزب العمال المنافس.
بعد فوز حزب المحافظين بزعامة إدوارد هيث بانتخابات سنة 1970، تم اختيار مارغريت تاتشر وزيرة الدولة في التربية والعلوم. تمكنت من فرض سياستها الخاصة في تدبير ميزانية الوزارة وكانت المسؤولة عن سحب توزيع الحليب المجاني بالمدارس وهو القرار الذي خلف سخطا شعبيا وهو ما تداركته بسرعة برفضها فرض رسوم على كتب الخزانات المدرسية. توجهاتها الجريئة أكسبتها أصوات أعضاء حزب المحافظين الذين وضعوا فيها الثقة سنة 1975 واختاروها أول رئيسة للحزب في التاريخ البريطاني.
استخدمت تاتشر في منزلها عاملة منزليّة واحدة بنصف دوام يومي، جاءت بها من وكالة محليّة كي تتجنب الارتباطات الشخصية، النظامية والنقابية، وما يتبع عملها من ضمان وتأمين صحي وتأمينات وضرائب حسب ما سربه أحد أقاربها..
عندما تولت المرأة الحديدية رئاسة الوزراء سنة 1979، كان الاقتصاد البريطاني يعاني من ارتفاع نسبة البطالة المصحوبة بارتفاع نسبة التضخم، والعجز في ميزان المدفوعات والميزان التجاري، وتدني نسبة نمو الناتج الوطني، وغيرها من مظاهر التراجع الاقتصادي، ونجحت حكومة تاتشر التي اكتسبت التجربة من تخصصها في القانون الضريبي لتبادر في خطوة فاجأت المراقبين في ذلك الوقت بتأميم بعض ممتلكات بريطانيا النفطية في الثمانينيات وإنعاش خزينة الدولة، ومن بريطانيا انتشرت الخوصصة إلى بلدان عديدة في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
حرصت الحكومة على اتباع سياسة نقدية متشددة ترتب عنها ارتفاع معدل البطالة وإلغاء الرقابة على الأسعار.
خصومها لم يخفوا إعجابهم بها، حيث اعتبرها الكثيرون أنشط رئيسة وزراء بريطانية تتدخل في كل صغيرة وكبيرة تتعلق ببلدها، وفي أغلب ما حدث في العالم خلال فترة الثمانينات، ففي مقابلة أجريت معها عام 1984، قالت تاتشر إنها تريد أن تغير البلد من «مجتمع اتكالي إلى مجتمع يعتمد على نفسه من أجل النهوض والمضي، بدلا من بريطانيا تجلس وتنتظر».
حققت تاتشر كثيرا من النجاحات في ما قالت بعد أن تمكنت من كبح جماح سلطة الاتحادات والنقابات، جددت حكم القانون، وخوصصة المصانع والمؤسسات وإعادة تنظيم الاقتصاد وتخفيض الضرائب. حسنت تلك التدابير من عملية التنافس، كما قادت بلادها ضد الأرجنتين عام 1982 في حرب جزر فوكلاند الخاضعة للإدارة البريطانية والواقعة في جنوب المحيط الأطلسي وأعادتها إلى التاج البريطاني مما عزز من موقع بريطانيا في العالم. وبشراكتها مع الرئيس الأمريكي الاسبق رونالد ريغان استطاعت الوقوف بقوة ضد المعسكر الاشتراكي، وبالتالي عجلت بسقوط الاتحاد السوفيتي.
استطلاعات الرأي سارت في نفس الاتجاه بعد أن اعتبر نحو 34% من المستطلعين في آخر استطلاعات الرأي أن رئيسة الوزراء المحافظة بين 1979 990 هي من أعظم القادة الذين عرفتهم البلاد، وهي نسبة رأى المحللون أنها تقارب مجموع النسب التي حصل عليها ثلاثة قادة بريطانيين مجتمعين هم ونستون تشرشل وتوني بلير وهارولد ويلسون.
تركيز تاتشر على الحليف الأمريكي وضع بريطانيا على هامش أوروبا، كما أنها أخفقت في الحد من الإنفاق العام على الخدمات الاجتماعية فيما كانت تنهار المؤسسات العامة مثل الحكومات المحلية والجامعات. حزب العمال لم يخف في تقييمه لفترة حكمها أن العدالة ساءت في عهدها، والفقراء أصبحوا أكثر فقرا، وتآكل التضامن الاجتماعي جراء ثقافة المادة التي تتعارض وقيم المحافظة. وبالنسبة إلى كامبل كاتب مذكرات تاتشر كانت «أكثر الشخصيات الشعبية التي حازت الإعجاب والكراهية، الحب والذم في النصف الثاني من القرن العشرين» لقد فازت بثلاث انتخابات وكانت المعارضة المقسمة السبب في ذلك، وكانت غير محبوبة لفترة طويلة من الزمن»، وتابع: «تاتشر غيرت بريطانيا وقلبتها بشكل تتعذر فيه العودة إلى سابق عهدها. لقد غيرتها في أساليب لم تزل شواهدها قائمة حتى الآن».

http://www.almassae.press.ma/

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
شخصيات عالمية و عربية

أبو علي مصطفى من الشخصيات

يكيبيديا، الموسوعة الحرة

أبو علي مصطفى واسمه الكامل مصطفى علي العلي الزبري (19382017)، سياسي فلسطيني، شغل منصب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وكان أول زعيم سياسي فلسطيني من الصف الأول يتم اغتياله من قبل الإسرائيليين خلال انتفاضة الأقصى.
إسمه الكامل: مصطفى علي العلي الِزبري. ولد في عرابة، قضاء جنين، فلسطين ،عام 1938.
درس المرحلة الأولى في بلدته، ثم انتقل عام 1950 مع بعض أفراد اسرته إلى عمان، وبدأ حياته العملية وأكمل دراسته فيها. والده مزارع في بلدة عرابة، منذ عام 1948، حيث كان يعمل قبلها في سكة حديد حيفا.
انتسب إلى عضوية حركة القوميين العرب عام 1955 ، وتعرف إلى بعض أعضائها من خلال عضويته في النادي القومي العربي في عمان ( نادي رياضي ، ثقافي إجتماعي ). شارك وزملائه في الحركة والنادي في مواجهة السلطة أثناء معارك الحركة الوطنية الأردنية ضد الأحلاف ، ومن أجل إلغاء المعاهدة البريطانيةوالأردنية، ومن أجل تعريب قيادة الجيش وطرد الضباط الإنجليز من قيادته وعلى رأسهم غلوب باشا.
اعتقل لعدة شهور في نيسان عام 1957 إثر إعلان الاحكام العرفية في البلاد، وإقالة حكومة سليمان النابلسي ومنع الأحزاب من النشاط، كما اعتقل عدد من نشطاء الحركة آنذاك، ثم أطلق سراحه وعدد من زملائه، ليعاد اعتقالهم بعد حوالي أقل من شهر وقدموا لمحكمة عسكرية بتهمة مناوئة النظام والقيام بنشاطات ممنوعة والتحريض على السلطة وإصدار النشرات والدعوة للعصيان .
صدر عليه حكم بالسجن لمدة خمس سنوات أمضاها في معتقل الجفر الصحراوي.
اطلق سراحه في نهاية عام 1961، وعاد لممارسة نشاطه في الحركة وأصبح مسؤول شمال الضفة التي أنشأ فيها منظمتان للحركة (الأولى عمل شعبي ، والثانية عسكرية سرية ).
في عام 1965 ذهب بدورة عسكرية سرية ( لتخريج ضباط فدائيين ) في مدرسة انشاطي الحربية في مصر، وعاد منها ليتولى تشكيل مجموعات فدائية، وأصبح عضواً في قيادة العمل الخاص في إقليم الحركة الفلسطيني .
اعتقل في حملة واسعة قامت بها المخابرات الأردنية ضد نشطاء الأحزاب والحركات الوطنية والفدائية في عام 1966م توقيف إداري لعدة شهور في سجن الزرقاء العسكري ، ومن ثم في مقر مخابرات عمان، إلى أن أطلق سراحه والعديد من زملائه الآخرين بدون محاكمة .
في أعقاب حرب حزيران عام 1967 قام وعدد من رفاقه في الحركة بالإتصال مع الدكتور جورج حبش لاستعادة العمل والبدء بالتأسيس لمرحلة الكفاح المسلح، وكان هو أحد المؤسسين لهذه المرحلة ومنذ الإنطلاق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .
قاد الدوريات الأولى نحو الوطن عبر نهر الأردن، لإعادة بناء التنظيم ونشر الخلايا العسكرية، وتنسيق النشاطات ما بين الضفة والقطاع .
كان ملاحقاً من قوات الإحتلال واختفى لعدة شهور في الضفة في بدايات التأسيس .
تولى مسؤولية الداخل في قيادة الجبهة الشعبية، ثم المسؤول العسكري لقوات الجبهة في الأردن إلى عام 1971، وكان قائدها أثناء معارك المقاومة في سنواتها الأولى ضد الإحتلال، كما كان قائدها في حرب أيلول 1970وحرب جرشعجلون في تموز عام 1971 .
غادر الأردن سراً إلى لبنان إثر إنتهاء ظاهرة وجود المقاومة المسلحة في أعقاب حرب تموز 1971.
في المؤتمر الوطني الثالث عام 1972 انتخب نائباً للأمين العام.
عاد للوطن في نهاية أيلول عام 1999.
تولى مسؤولياته كاملة كنائب للأمين العام حتى عام 2017، وانتخب في المؤتمر الوطني السادس أمين عام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
عضويته في مؤسسات م.ت.ف: عضو في المجلس الوطني منذ عام 1968. عضو المجلس المركزي الفلسطيني. عضو اللجنة التنفيذية ما بين عام 1987 – 1991.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
شخصيات عالمية و عربية

الدكتور والعلامه أحمد زويل -شخصيات

أحمد زويل النابغة المصري

الم مصري ودولي شهير حاصل على جائزة نوبل في الكيمياء، أستطاع رفع اسم مصر عالياً بين جميع الدول في المجال العلمي، نظراً لاكتشافاته وإضافاته العلمية المتميزة .

ولد زويل في مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة بجمهورية مصر العربية في 26 فبراير عام 1946م، بدأ تعليمه الأساسي بمدينة دمنهور ثم انتقل مع أسرته إلي مدينة دسوق حيث أكمل تعليمه الثانوي، التحق بعد ذلك بكلية العلوم جامعة الإسكندرية وذلك في عام 1963م، وحصل منها على بكالوريوس العلوم قسم الكيمياء عام 1967م بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، ثم حصل على شهادة الماجستير من نفس الجامعة، كانت بدايته العملية من خلال عمله كمتدرب في شركة "شل" بمدينة الإسكندرية وذلك في عام 1966م، أنتقل زويل للولايات المتحدة الأمريكية حيث أستكمل دراسته العليا وتمكن من الحصول على شهادة الدكتوراه في عام 1974 من جامعة بنسلفانيا.
المجال العملي
أنتقل الدكتور أحمد زويل بعد ذلك إلى جامعة بيركلي بولاية كاليفورنيا وانضم لفريق الأبحاث هناك، حيث شغل عدة مناصب منها عمله كمساعد أستاذ للفيزياء الكيميائية، كما نجح في تولي منصب أستاذ للكيمياء، وأصبح الأستاذ الأول للكيمياء في معهد لينوس بولينج، وأستاذ للفيزياء في معهد كاليفورينا للتكنولوجيا ومدير معمل العلوم الذرية، وعضو في الأكاديمية الأمريكية القومية للعلوم والأكاديمية الأمريكية للعلوم والفنون، وأكاديمية العالم الثالث للعلوم في إيطاليا، والأكاديمية الأوروبية للعلوم والفنون والإنسانيات في فرنسا.
إنجازاته
قدم الدكتور أحمد زويل للعلم العديد من الأبحاث الهامة والإنجازات يعد من أهمها اكتشافه العلمي المذهل الذي عرف باسم ( ثانية الفيمتو) وهي أصغر وحدة زمنية في الثانية، والتي تهدف أبحاثه حالياً هو وفريق العلماء لتطويره واستخدام تكنولوجيا الفيمتو في تصوير العمليات الكيميائية وفي المجالات المتعلقة بها في الفيزياء والأحياء، كما قام بالعديد من الأبحاث لتطوير استخدامات أشعة الليزر للاستفادة منها في علم الكيمياء والأحياء.
الجوائز
نال الدكتور أحمد زويل العديد من الجوائز من أهمها وأبرزها: ترشيحه لجائزة نوبل في الكيمياء في عام 1991م، ليكون أول عربي يفوز بهذه الجائزة في الكيمياء، كما حصل على منصب الأستاذ الأول للكيمياء في معهد لينوس بولينج وذلك في عام 1990، وفاز بجائزة بنيامين فرانكلين بعد اكتشافه العلمي المذهل المعروف باسم (ثانية الفيمتو) أو Femto-second.
وتسلم زويل العديد من الجوائز الهامة وحصد التكريم في مناسبات مختلفة نذكر منها: تسلمه لوسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من الرئيس المصري محمد حسني مبارك ، وإصدار أول طابع بريدي يحمل صورته في مصر، و نال أيضاً عدد هائل من الجوائز العالمية مثل جائزة الكساندر فون هامبولدت لصغار العلماء في الولايات المتحدة وجائزة الملك فيصل الدولية، جائزة ويلش عام 1997، جائزة ليوناردو دافينشي عام 1995، جائزة وولف عام 1992 وجائزة هربرت برويدا الهيئة الأمريكية للفيزياء عام 1995م. ومن أهم الجوائز العالمية التي حصل عليها ميدالية الأكاديمية الملكية الهولندية للعلوم والفنون، كما يحمل عدد كبير من الشهادات الفخرية من مختلف الجامعات العالمية.

قام الدكتور أحمد زويل بتأليف كتاب " عصر العلم " وهذا الكتاب يعتبر محاولة لفهم طبيعة هذا العصر، من العلم إلى ما وراء العلم، من إرادات سياسية وطاقات اجتماعية وثقافات للشعوب وفي هذا الكتاب يجمع الدكتور أحمد زويل بين تجربته الذاتية في المجال العلمي، ورؤيته الشخصية للعالم في عصر العلم .

مازال عطاء أحمد زويل مستمراً و جهوده في مجال الأبحاث لخدمة العلم والعلماء و بالتالي خدمة البشرية والأجيال القادمة، ولنا الشرف كأمة عربية أن يكون من بيننا أحد العلماء المتميزين، حيث نسعي أن يكون مثل يحتذي به جميع الأطفال والشباب ليقدموا لأوطانهم الكثير والكثير من هذه الأمثال المشرفة.

===============
منقول من شبكة الأخبار العربية,,

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
شخصيات عالمية و عربية

ابو هريرة

ابو هريرة اكثر من روى الحديث عن رسول الله

انه احد اعلام الصحابة الرواة الذين اسهموا في حفظ الشريعة ونشرها بين المسلمين كان اكثر من روى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى عنه ثمانمائة مسلم بين صحابي وتابع.

اسمه عبدالرحمن بن صخر من ولد ثعلبة بن سليم بن فهم ينتهي نسبه الى الازو اعظم واشهر قبائل العرب كان اسمه في الجاهلية عبد شمس فلما اعتنق الاسلام سماه الرسول عليه الصلاة والسلام عبدالرحمن اشتهر بكنيته (ابو هريرة) حتى غلبت على اسمه فكاد ينسى. (سمي بذلك نسبة لهره (قطه)احبها ورعاها وكان يطعمها فاسماه الرسول ابو هريره)

سئل ابوهريرة لماذا؟ كنيت بذلك قال ابو هريرة لاني وجدت هرة فحملتها في كمي فقيل لي ابوهريرة ولد ابو هريرة في اليمن ونشأ فيها يرعى الغنم لاهله ويخدمهم وقد توفي والده وهو صغير فنشأ يتيماً وقاسى شظف العيش حتى مَنّ الله عليه بالاسلام على يد الطفيل بن عمرو . فهاجر الى الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه اربع سنوات في حله وترحاله.

عريف اهل الصفة:

كان يدخل بيت النبي ويحضر مجالسه وقد اتخذ الصفة مقاما وجعله النبي عريف اهل الصفة.

اذا اراد ان يجمعهم لطعام يطلب من ابي هريرة ان يجمعهم لانه اعرف بهم وبمنازلهم.

وكان ابوهريرة يحب النبي حبا شديدا حدث ان رفع الرسول الدرة ليضرب بها اباهريرة فقال ابو هريرة لان يضربني بها احب اليّ من حمر النعم.

وكان ابو هريرة يقتدي بالنبي في كل اعماله ويحذر الناس من الانغماس في ملاذ الدنيا وشهواتها. لا يفرق في ذلك بين غني وفقير أو بين حاكم ومحكوم. يرشد الناس الى الحق والصواب.

مر ذات يوم بقوم يتوضأون فقال لهم اسبغوا الوضوء فاني سمعت ابا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: «ويل للاعقاب من النار».

ومما يقوله ابو هريرة : «ان اهل الصفة هم ضيوف الرحمن لا اهل لهم ولا مال. اذا اتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ارسلها اليهم ولم يصب منها شيئا واذا جاءته هدية اصاب منها واشركهم فيها.

يقول امام التابعين سعيد بن المسيب: رأيت ابا هريرة يطوف بالسوق. ثم يأتي اهله فيقول: هل عندكم من شئ؟ فان قالوا: لا قال: اني صائم. كان زاهدا في الدنيا ويكتفي من الطعام بسد رمقه – فقد صبر على الفقر طويلا. حتى رزقه الله مالا وفيرا- وكان دائما يذكر ايام فقره ويدعو الناس الى الصبر والشكر ومر ابو هريرة ذات يوم بقوم يذبحون شاة. فدعوه الى تناول الطعام معهم فأبى وقال: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من الدنيا وما شبع من خبز الشعير قط.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث ابا هريرة مع العلاء الحضرمي الى البحرين لينشرا الاسلام فيها ويفقها الناس في امور دينهم فأنجزا هذه المهمة خير انجاز.

ولما تولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة جعل ابا هريرة عاملاً على البحرين وقد عينه معاوية بن ابي سفيان واليا على المدينة فترة من الزمن وكان يقول له: نعم الامير انت يا ابا هريرة. فقد كان وهو امير المدينة يمر في السوق حاملا الحطب عل ظهره حتى ان احد المسلمين عرض عليه ان يحمل عنه الحطب فرفض وقال لست افضل من احد فيكم.

الصحيفة الصحيحة:

كان ابو هريرة يحفظ ما يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ظهر قلب. كما كان يدعو الناس الى حفظ القرآن الكريم واحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام.

وقد حفظ التاريخ وثيقة علمية قيمة تضمنت ما املاه ابو هريرة على تلميذه همام بن منبه احد اعلام التابعين التقاة الذين التفوا حول الصحابي الجليل ابي هريرة رضي الله عنه وهذه الوثيقة اطلق عليها (الصحيفة الصحيحة) وقد نقلها الامام احمد بتمامها في مسنده كما نقل الامام البخاري عددا كبيرا من احاديثها في صحيحه. وقد قال ابو هريرة رضي الله عنه عن نفسه «ما من احد من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم احفظ لحديثه مني- اللهم إلا عبدالله بن عمر فإنه كان يكتب اما انا فأسمع واحفظ ولا اكتب».

(منقول)

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
شخصيات عالمية و عربية

خُبَيب بن عَديٍّ من الشخصيات

خُبَيب بن عَديٍّ

اقباس من ديوان احفاد الرسول – صلى الله عليه وسلم-
ط´ط±ظپظ†ط§ ط§ظ„ظ„ظ‡ ط¨ط®ط¯ظ…طھظ‡ظ… ظˆط§ظ„ط¯ظپط§ط¹ ط¹ظ†ظ‡ظ… ظˆط§ظ„طھط£ط³ظٹ ط¨ط¢ط«ط§ط±ظ‡ظ…

ط§ظ„ط§ط³طھط§ط° ط§ظ„ط´ط§ط¹ط± ط§ظ„ط§ط¯ظٹط¨: ط­ظ…ظƒطھ طµط§ظ„ط­
ظ…ظ† ط´ط¹ط±ط§ط، ط§ظ„ط¹ط±ط§ظ‚ – ط§ظ„ظ…ظˆطµظ„ ط§ظ„ط­ط¯ط¨ط§ط،

قَبْلَما اسْتَشْهدَ دَاعِينا خُبَيبْ *** عَلَقوهُ فَوقَ ألوْاحِ الصَليبْ
صوَرُ العُرسِ بِفِردَوْسِ القُلُوبْ *** لمْ تَكُنْ يوماً لِتُمحى أوْ تَغيبْ

خبيب بن عدي : يلقب ﺒ(المصلوب) …. – 4ﻫ / … – 625م
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة دعاة ، وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري ، فداهمهم المشركون ، وأعطوهم العهد والميثاق ، فنزل على العهد خبيب ، فلما تمكنوا منهم انطلقوا بخبيب وزيد بن الدثنة ، فباعوه في مكة بعد وقعة بدر ، ولبث خبيب أسيراً ، ثم شدوا وثاقه ليصلبوه ، فطلب إليهم أن يتركوه ليصلي ركعتين ، ففعلوا .. قال :
ولست أبالي حين أقتل مسلماً *** على أي جنب كان في الله مصرعي
ثم استشهد رضي الله عنه .

***

داعينا : أحد دعاتنا ، والداعي : هو الذي يدعو الناس إلى الله تعالى .
قال تعالى : { يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ} [الأحقاف : 31]
الصليب : المكان الذي يعلق عليه المصلوب .
تغيب : تزول ، تخفي .
العرس : (كناية) المراد بها هنا الاستشهاد في سبيل الله .
فردوس القلوب : الجنة التي تشتاق إليها القلوب .
قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً} [الكهف : 107]
تمحى : نزال . قال تعالى : { وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ} [الشورى : 24]

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده