لايمكن وصف المشهد الدرامي الذي بثته الفضائيات العراقية العميلة صباح السبت في 30 ديسمبر 2022 وفي فجر عيد الأضحي المبارك والذي شهدنا فيه لحظة اعدام الرئيس العراقي صدام حسين إلا بأنه مشهد العار والاهانة لجميع المسلمين السنة، والاستهزاء بمشاعرهم وقتل فرحتهم في ذلك اليوم، وهو يوم عيد الاضحي وكأن بوش وحكومته في العراق ارادوا ان يعم الحزن والاسف جميع ارجاء العالم الاسلامي السني.. اختاروا التوقيت بعناية فائقة ليس المقصود منها سوي اذلال الشعوب الإسلامية وذبحنا جميعا في يوم عيد الاضحي لكن الشعوب لن تذبح.. انها تذكرة للحكام العرب علهم يعتبرون، لكن الرئيس العراقي صدام حسين حتي في لحظة اعدامه ولقائه ربه علي.. يد المحتل والعملاء لم يعط الامريكان هذه الفرصة.. لم تظهر عليه أمارات الخوف او الخنوع او الاذلال او الاهانة .. بل بدا شامخا، صلبا، ثابتا لم يركع ولم تحن هامته ولم تعصب عيناه، بل كان حبل المشنقة كأنه وسام علي صدره وقال والحبل يلتف علي رقبته ‘هاي هذه مشنقة العار’.
رغم اعدام الرئيس صدام حسين بهذه الصورة البشعة وتصوير عملية الإعدام وجثته وهو ملتف في كفنه وتبدو رقبته كأنها فصلت عن جسده، ورغم الحزن الذي عم انحاء العالم الإسلامي في العيد، إلا أن التأمل في وجه صدام ونظراته لحبل المشنقة يوحي لنا بأن الامر لم يكن بالنسبة له ذا أهمية، لم ترتجف قدماه مثل كل المقدمين علي مثل هذا الامر، بل إنه رفض دخول الحمام حين دعي إليه قبل ذهابه إلي منصة الاعدام حتي لا يبدو الامر محرجا، مما يدل علي ان اعصابه كانت ثابتة، وبينما كان وثاق الحبل يشد علي عنق صدام قبل اعدامه قال الرئيس ‘يالله’ ويصيح احد الحاضرين من الشيعة ‘يعيش محمد باقر الصدر’ ثم يكرر آخر ‘الي جهنم’ ولكن يعلو صوت آخر قائلا: ‘رجاء لا .. بترجاكم.. لا .. الرجل في اعدام’ ووفق ما قال مراسل ‘اسلام اون لاين’ فان صدام بعد هذه الجملة بدأ في تلاوة الشهادتين ‘اشهد ان لا إله إلا الله واشهد ان محمدا رسول الله’ ثم يسمع صوت جلبة ويكرر صدام تلاوة الشهادتين ثم يسمع صوت مدو يهوي معه جسد الرئيس العراقي ويختفي في فتحة تحت قدميه.
لقد مات صدام اذا علي الاسلام ووفق حكم محكمة مشكوك فيها في ظل محتل اجنبي، وهنا يبدو التساؤل: هل مات صدام شهيدا؟
وقد حسم الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الاسبق الاجابة عن هذا التساؤل حسما قاطعا وأفتي بأن صدام حسين مات شهيدا.
وأكد أن علاقة صدام بالخالق سبحانه وتعالي كانت طيبة في الفترة الاخيرة .. افتي المفتي الاسبق بجواز اداء صلاة الغائب علي صدام لأنه ظل يدافع عن وطنه ضد الاحتلال الامريكي وانه في النهاية مسلم، واضاف فضيلة المفتي الاسبق ان الحكام والرؤساء العرب رموز يجب ان تحترم حتي وان ارتكبوا بعض الاخطاء فلكل حاكم سلبياته الخارجة عن الشريعة الاسلامية ومن لم يكن منهم بلا خطيئة فليرم ‘صدام’ بحجر، ويؤكد د. نصر فريد واصل ان الشريعة الاسلامية بها ضوابط للقصاص، حيث تتم مراجعة الشهود اكثر من مرة وتذكرة مرتكب الخطيئة ايضا، ولكن في حالة صدام لم تتم مراجعة الشهود اكثر من مرة بل ولم تثبت تلك الجرائم التي نسبت لصدام ثبوتا يقينيا كما أنه لايجوز والعراق تحت الاحتلال الامريكي محاكمة الرئيس صدام فهي محاكمة باطلة، وما بني علي باطل فهو باطل وأن الحديث الشريف يقول ‘ادرءوا الحدود ولو بالشبهات’ أي ادفعوا تنفيذ الحد ولو بالشبهة.
واوضح د. نصر فريد واصل ان تنفيذ القصاص في ايام الاعياد مرفوض اسلاميا حيث يحثنا الاسلام علي الفرحة والبهجة في هذه الايام وادخال السعادة في قلوب الكبار والصغار ولكن اختيار هذا اليوم لتنفيذ هذا الحكم انما هو لكسر هذه الفرحة في قلوب المسلمين جميعا.. بل حتي المختلفون مع صدام استنكروا اعدامه في هذا اليوم لأنه استخفاف بمشاعر المسلمين وأن تنفيذ الحكم هو اهانة واضحة للحكام العرب قبل الشعوب وهناك قطاعات واسعة من الشعوب الاسلامية تعاطفت مع صدام واستنكرت اعدام حاكم عربي مسلم في يوم يحتفل فيه المسلمون بمناسبة دينية خاصة لها جلالها ومرتبطة في الاساس بطقوس اخري ذات مكانة مرموقة في نفس اي مسلم، تتجلي في وقفة عرفات واداء مناسك الحج قبل حلول عيد الاضحي مباشرة.
ويضيف د. نصر فريد واصل في تصريحاته ل’الأسبوع’ ان صدام مات وهو اسير حرب وفي نفس الوقت قتل تحت يد الاحتلال الاجنبي الغاشم ومات بصفته رئيس دولة ورمزا لها وأن المحكمة التي حاكمته تأخذ امرها من الاحتلال، لذلك فهو شهيد لانه مات وقبض عليه وهو يدافع عن وطنه ودينه وشرف بلاده والحديث الشريف يقول ‘من قتل دون ماله وعرضه فهو شهيد’ وفي حالة الرئيس صدام حسين نجد ان كثيرا مما فعله قد تاب عنه منذ لحظة تصديه للعدو الامريكي ورفضه الانصياع لهم او السير في ركابهم، وبغض النظر عما فعله سابقا فان الدولة العراقية كانت مستقرة في عهده وكان يعمل لصالح شعبه علي عكس الوضع الآن، حيث ضاعت الدولة والدماء تسيل والارهاب الامريكي يفسد في العراق.. بل في المنطقة العربية كلها، في عهد صدام كانت الدولة قائمة حتي وان كان قد خرج عن نطاق العدل فهو شهيد لأنه مات وهو يدافع عن وطنه واسر من قبل دولة اجنبية تجب مقاومتها بكل الوسائل، فصدام كان وسيظل رمزا للمقاومة، اما ما يقال عما اقترفه صدام من ظلم أو جرائم فان رد الفعل الامريكي والغربي تجاه هذه الجرائم ليس له مبرر ولا يحق لهم التدخل او غزو العراق.. بل انه حتي لا يجوز الخروج علي حكم صدام اثناء حكمه لان الخروج علي الحاكم الذي يستوجب ضررا اكبر مما عليه البلاد لا يجوز.
ويشير الدكتور نصر فريد واصل إلي أن صدام حسين كان رمزا للشموخ وعدم الخنوع خاصة ان المحاكمة لم تكن عادلة ولا حقيقية وفي ظل الاحتلال كما ان طريقة موته مخالفة لكل الشرائع الدينية والقوانين الدولية ويؤكد د. نصر فريد واصل ردا علي من يقولون إن صدام قد اخذ جزاءه قصاصا مما اقترفه من جرائم، أن القصاص نوع من الحياة ولا يؤخذ إلا بالعدالة لكن ما حدث ضد صدام هو نوع من الانتقام يؤدي إلي افساد في الارض ونوع من التعذيب ضد انسان قد خلقه الله وهذا مخالف لمبادئ الاسلام، ومهما ارتكب صدام في حياته واثناء حكمه من جرائم كما يقولون فان مقاومته وجهاده ضد العدو الامريكي تغفر له تلك الجرائم كمن سرق أو زني أو اقترف اي اثم يستوجب العقاب في الدنيا ثم حدث ان دخلت بلاده في حرب ضد العدو فقاتل مع جيش بلاده واستشهد، فهل نقول ان هذا الشخص لا يستحق الشهادة لانه فعل كذا؟
وكذا الاسلام يجب ما قبله وقد لوحظ علي صدام طوال فترة اسره انه كان يقرأ القرآن ويحيي المقاومة كما ان قتله بهذه الطريقة المشينة يتعارض مع كل الحقوق الانسانية، ولذلك فهو قد مات شهيدا كما ان المحاكمة التي اجريت له هي ليست عادلة .. بل هي عدالة المحتل ونحن نعلم انها عدالة الجاهلية فالامريكيون الآن يفعلون في العالم العربي ما كان يفعله الجاهليون قبل انتشار الاسلام .
ويتفق مع هذا الرأي الدكتور جمال الدين محمود عضو مجمع البحوث الاسلامية ويصف عملية الاعدام بأنها تحمل احتقارا للشعوب العربية والاسلامية، ويضيف (فاعدام اسير حرب وهي صفة صرحت بها الولايات المتحدة عند اعتقال صدام حسين، ولأنه ضبط وقبض عليه بزعم انه مازال يقود المعارضة ومن ناحية اخري فهو رئيس دولة وله حصانة دبلوماسية يكفلها له القانون الدولي وليس للمحتل ان يحاكمه والمحكمة التي انشئت بقرار امريكي ونفذتها حكومة الاحتلال، هي محاكمة معيبة في كثير من النواحي القانونية وبعد ذلك يصدر الحكم وينفذ بعد فترة قصيرة مع ان مجرمي حرب كثيرين فعلوا اكثر مما فعل صدام مثل جزار الصرب، وتركوه فترة طويلة حتي مات.
ويؤكد د. جمال الدين محمود ان اعدام صدام في يوم العيد دون مراعاة الشعور الإسلامي فيه استهانة بالشعوب الاسلامية والعربية بالذات وكذلك فيما اعتقد ان هذا الامر فيه تخويف للحكام العرب الذين يقولون لا للولايات المتحدة وهذا ما اشارت إليه الصحف الاجنبية مثل نيويورك تايمز التي قالت ان الولايات المتحدة هي التي استدرجت صدام لكل ما اصاب العالم العربي من كوارث شارك فيها هو وغيره من الحكام العرب ولكنها في النهاية نسبت اليه وحده، وقد اعدم بهذه السرعة حتي تختفي معه اسرار المعاونة الأمريكية له في أول الامر وقبل أن يقول لا، وعلي أية حال فاعدام رئيس دولة عربية علي يد حكومة الاحتلال امر غير مسبوق وكان يستوجب اعتراضا جماعيا، وأما عن اعتباره شهيدا ومصيره في الآخرة فأمره إلي الله والذي لا يشرك به احدا وانه اذا كان قد نال جزاءه في الدنيا فربما كان جزاء بعدل فالله تعالي ارحم من ان يجمع علي انسان مسلم عذاب الدنيا وعذاب الاخرة كما ان هناك شهداء للوطن وشهداء للمبادئ، واسمي الشهادة ما وقع في سبيل الله عز وجل وحده ولا نعرف علي وجه التحقيق أي نوع من الشهادة ينطبق علي الرئيس صدام حسين رحمه الله لكننا نعلم انه كان يقود المقاومة قبل القبض عليه، وقد القي القبض عليه اثناء ذلك، اي لحظة المقاومة واثناء الحرب فهو اسير حرب، فهو شهيد اذا.
ويصف الدكتور عبد الرحمن العدوي عضو مجمع البحوث الاسلامية من حاكموا صدام واعدموه بأنهم خارجون عن الدين وان الرئيس صدام حسين هو رئيس عربي مسلم لدولة مسلمة عربية وقد حكمها قرابة عشرين عاما وكل انسان له اخطاء واعمال طيبة، وخلط عملا صالحا وآخر سيئا، ومن فعل ذلك فحسابه علي الله لقوله تعالي: ‘وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا فعسي الله ان يتوب عليهم’ فالذين يتولون الرئاسة لابد أن يؤخذ عليهم اخطاء لأن كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون وقد لوحظ في الفترة الأخيرة انه كان يقرأ القرآن. بل كان يقود المقاومة وهو في الاسر فصدام حسين حتي وان اخذنا عليه بعض الاخطاء فإن له من المحاسن والمآثر والاعمال الكثير يكفي انه وحد العراق وجعله امة واحدة مستقرة مما يشفع له عند الله ما قام به من اخطاء ويكفي انه حافظ علي التراث العراقي الاسلامي والحضاري وتحدي الامبراطورية الامريكية.
ويضيف الدكتور عبد الرحمن العدوي ان محاكمة صدامة لاشك انها محاكمة قائمة علي توجيه المحتلين ومن شايعهم ومشي في ركابهم وهذه المحاكمة لا تعطي الفرصة الكاملة للدفاع عن النفس كما أن الرؤساء لا تشكل لهم محاكم خاصة يحاكمون فيها وانما تحاكمهم محكمة العدل الدولية وبالتالي هناك اختلاف حول صحة هذه المحاكمة التي تمت لصدام وصحة الحكم الذي صدر، وهناك شق آخر، فصدام اسير حرب في الاساس اسره المحتلون الذين افسدوا في العراق فسادا كبيرا واسير الحرب لا يقتل ولكن الذين فعلوا ذلك لا يأبهون بأية مثل او قواعد قانونية تستقر عند الناس الذين يريدون اقامة الحق والعدل بين الناس، والرئيس صدام قد افضي إلي ربه وهو الذي يعلم حقيقته وهو الذي يحاسبه وليس لأحد من الأحياء ان يقول انه سيعذب لان في ذلك تهجما من المخلوق علي الخالق بعد ان يفضي اليه العباد وله سبحانه الحكم والجزاء. يضيف د. عبد الرحمن العدوي، ان قيام الولايات المتحدة ومن شايعها باعدام صدام في اول ايام عيد الاضحي وفي الوقت الذي يبتهج فيه المسلمون بالعيد ونزول الحجيج من عرفات لاشك انه وقت قصد فيه الاساءة للمسلمين بصرف النظر عن احقية الحكم او بطلانه وان اختيار هذا التوقيت له معني يجعل المسلمين جميعا يتركز في نفوسهم ان أمريكا ومن شايعها انما يقصدون الاساءة للمسلمين وادخال الحزن في قلوبهم في يوم يفرحون فيه، فهذا اعلان صارخ وكشف حقيقي لحقدها الاسود علي الاسلام والمسلمين وان لحظة الاعدام التي بثتها ما هي إلا رسالة ارهابية امريكية لكل حاكم لا يسير في ركابها ويحاول ان يقاومها فيما ترتكب من اعمال عنف ولا شك انها رسالة مرفوضة لان خالق الخلق هو القادر وما كان الله ليترك فردا او دولة تحكم عباده لان هذا اعتداء علي جلال الله وكبريائه وقدرته ولذلك فان المسلمين الذين دخل الحزن في قلوبهم في هذا اليوم ينتظرون عدالة السماء فيمن يفسدون في الارض.
ويؤكد الشيخ السيد عسكر* الامين العام الاسبق لمجمع البحوث الاسلامية *ان صدام حسين كان قائدا عظيما وبشرا يخطئ ويصيب وله حسناته وسيئاته وقد ختم الله له بخير لأن الجميع رأوه يشهد الشهادتين والحديث الشريف يقول ‘من كان آخر قوله لا إله إلا الله دخل الجنة’ فهذه نهاية طيبة ولعلها تكون مقدمة الي أن الله قد غفر له، فهو اذا في حكم الشهيد وبالمقارنة فان في الامة العربية حكاما ظلموا ويظلمون حتي الآن وكل ما اقترفه صدام انه رفض ان يرضخ كلية لامريكا وقال لها ‘لا’ وكان يضع في اعتباره مصلحة شعبه، فهو وان ظلم بعض الشيء، فهو يستوي في ذلك مع غيره من الحكام العرب ولكن الفارق ان صدام كان يعمل لصالح شعبه اما الآخرون فكانوا يعملون لذواتهم كما ان محاكمته لم تكن عادلة علي وجه اليقين وقد تعجلوا في قتله حتي قبل ان يحاكم في باقي القضايا لانها قضايا تفضح امريكا مثل قضية الانفال وحلبجة فهذه قضايا تدين امريكا ومما يحسب لصدام انه ظل صامدا وقويا حتي النهاية. علي عكس حكامنا الذين يعيشون احرارا وفي قصور لكنهم اسري الاوامر الامريكية.
ويفسر الدكتور محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الاسلامية وعميد كلية الشريعة والقانون السابق معني كلمة شهيد قائلا ‘عندما تطلق كلمة الشهيد يراد بها من قتله الكفار في المعركة، ويعلل بعض العلماء تسميته بالشهيد بأن ملائكة الرحمة شهدت غسله او نقل روحه الي الجنة وأن الله شهد له بالجنة، وقد قسم العلماء الشهداء الي ثلاثة انواع: شهيد الدنيا والآخرة، و هو من قتل في معركة بين المسلمين والكفار وعلم الله عز وجل انه يجاهد في سبيله فهو صادق النية فهو شهيد في الدنيا لايجب ان نغسله ولا نصلي عليه وهو شهيد في الاخرة لان الله عز وجل يعلم ان قصده بالقتال هو الدفاع عن الدين والوطن.
النوع الثاني: شهيد الدنيا فقط وليس شهيدا في الاخرة وهو من قاتل اعداء المسلمين حتي يقال انه شجاع وليس في نيته ولا قصده الدفاع عن دين الله والوطن فقتل في المعركة، فهذا شهيد في الدنيا لاننا لا نعلم نيته ولا قصده فنعامله حسب الظاهر من حاله ونعتبره شهيدا فلا يغسل ولا يصلي عليه، لكنه في علم الله ليس شهيدا لانه كان يقاتل ليقال انه شجاع، والثالث: شهيد الاخرة فقط، وهو من قتل ظلمآ او مات غريقا كمن غرقوا في العبارة السلام او الذين احترقوا في قصر ثقافة بني سويف او من هدم عليه منزله بسبب الاهمال في الهندسة وقال العلماء: أو امرأة ماتت بسبب ولادة متعسرة فهذا النوع من الشهداء شهداء في الاخرة يؤمل ثوابهم من الله عز وجل ثواب الشهداء وأما في الدنيا فلا يعاملون معاملة الشهداء فيغسلون كأي شخص عادي ويصلي عليهم إما في حالة الرئيس صدام حسين ورغم ان المحكمة التي حاكمته شكلت علي هوي المحتلين المعتدين للعراق فلا يمكن اعتباره شهيدا من شهداء الدنيا ولم يقتل في معركة دفاعا عن الدين ولهذا نقول ان امره مفوض الي الله مادام مسلما يشهد الشهادتين.
واما الشيخ عبد الله مجاور امين لجنة الفتوي السابق بالازهر فيؤكد انه اذا كان صدام قد اعدم قصاصا لما ارتكبه من جرائم في العراق فان من الواجب اعدام بوش لنفس الجرائم التي يرتكبها جنده فالقصاص في الاسلام معناه ان الذي قتل يقتل ولكن بشهود اثبات وبراهين وفي حالة صدام هناك شبهات حول الشهود الذين أحضرهم الاحتلال ومن الناحية الدينية لا يعتد بشهادتهم فليس هناك يقين قاطع او براهين تثبت ارتكاب صدام الجرائم التي حوكم عليها حتي لو تواترت أنباؤها فهناك كثير من الاخطاء في المحكمة وحكمها وبالتالي نحن نعتبر صدام مات شهيدا لانه اعدم تحت يد الاحتلال وبأوامر من المحتل ولأنه اسير حرب اما الجرائم التي يرتكبها بوش في العراق الآن فهي واضحة وضوح الشمس والفظائع التي يرتكبها جنوده ضد النساء والاطفال مسطرة في وثائق حقوق الانسان والمنظمات الدولية فمن اولي بالمحاكمة والاعدام؟
ويري الدكتور محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الاسلامية وعميد كلية الحقوق بجامعة حلوان ان المشهد الدرامي الذي شاهده العالم اثناء اعدام صدام حسين في يوم من الايام المقدسة في الاسلام وبخاصة ان الاعدام جاء في فجر هذا اليوم، له دلالة خاصة علي المعايير المزدوجة للغرب ويظهر ذلك في دفاعهم عن حقوق الانسان وشعارات المدنية والعدالة وفي ذات الوقت نجد ان معظم ردود الافعال الغربية وعلي رأسها امريكا تأتي مرحبة، مع ان هذا اليوم الكريم هو رمز للتضحية والفداء من جانب ابراهيم عليه السلام بابنه اسماعيل وكان ينبغي علي الحكومة العراقية ان تتمهل في التنفيذ ذلك لان الاسلام يأمرنا بذلك لاننا بصدد انسان له حق الكرامة الانسانية وهذا الانسان اذا كان قد صدر ضده حكم مع ملاحظة ان المحاكمة لم تكن عادلة بالشكل الذي يرتضيه الاسلام وترتضيه القوانين المعاصرة فقد خلت المحاكمة من الضمانات واهمها ان تتيح المحكمة الفرصة لصدام للرد علي الاتهامات الموجهة له لان جزاء هذه الاتهامات هو الاعدام، وحتي ان اخطأ صدام فان الخطأ لا ينبغي ان يعالج بخطأ اكبر منه …
المصدر http://www.elosboa.com/elosboa/issues/510/01007.asp
بسم الله الرحمن الرحيم
فَصْلُ الكَلامِ في الحُكمِ على صَدَّام
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.
فقد ترددت كثيراً في كتابة هذه الكلمات .. وكنت أحسب ما كتبته في مقالي " الموقف من صدام حسين والحكم عليه " والمؤرخ بتاريخ 17/10/1437 ه/ 8/11/2017م، كافياً وحاسماً للمسألة .. ولكن لما رأيت بعض دعاة الفضائيات وغيرهم لغرض في نفوسهم قد ترجلوا على الأموات وتركوا الأحياء ليتألُّوا على الله .. ويحجِّروا رحمة الله على عباده .. ويحيلوا بين توبة العباد وربهم .. وكأن الأمر لهم وبيدهم، والله تعالى يقول لسيد الخلق صلوات ربي وسلامه عليه:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}آل عمران:128. فكيف بهؤلاء المتألين على الله.
وبعضهم من حكم على صدام حسين بالكفر .. ولم يرض منه حسن خاتمته .. وفي نفس الوقت تورع عن الكلام عن توبته .. وهل تُقبل منه أم لا .. وفات هؤلاء أن الحكم على معينٍ بالكفر .. والقول بموته على الكفر .. يمنع من الحديث عن التوبة؛ إذ لا يجوز إقحام التوبة والحديث عنها في مورد الجزم على معين بأنه مات على الكفر البواح .. وهو من التناقض الذي لا يقبله نقل ولا عقل!
وبعضهم من وقف بين المنزلتين كضلال المعتزلة .. فلم يحكم للرجل بكفر ولا إسلام .. وهذا لعمر الحق عين الضلال الذي لا يخفى على صغار المسلمين .. وما حمل هؤلاء على التوقف إلا رغبة منهم في مرضاة ومجاملة الفريقين معاً؛ الذين يرون إسلامه والذين يرون خلاف ذلك!
وبعضهم من استخف بالرجل وصغَّره وحقَّره .. وذكر أنه لا يستحق الذكر أو الاهتمام .. وفي نفس الوقت يؤكد أن إعدام الرجل له بُعد سياسي طائفي .. وصليبي .. يمس دين وكرامة وعزة الأمة .. فيحتار العقل في التوفيق بين أول كلامه وآخره!
وبعضهم من تكلف الورع والتقوى .. ودعا المسلمين عملاً بالسنة بأن يذكروا محاسن موتاهم .. ويُمسكوا عن الخوض فيما كان منهم من ظلم وعملٍ سيء .. ثم هو في نفس الوقت .. لم يدع شاردة ولا واردة عن الرجل مما يُسيئه .. إلا وكشفه ونبشه .. ونشره .. فكيف نوفق بين أول كلامه وآخره!
وبعضهم من حاول أن يشق عن بطن وباطن الرجل .. ويجزم بأنه قال الشهادة قبل إعدامه نفاقاً .. وفات هؤلاء أن الأحكام تُبنى على الظاهر .. كما فاتهم حديث النبي -صلى الله عليه وسلّم- لأسامة لما طعن الرجل فقتله بعد أن قال لا إله إلا الله اعتقاداً وظناً منه أنه قالها فرقاً وخوفاً من السلاح فقال له -صلى الله عليه وسلّم-:" أشققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا .."؟!
قال أسامة: يا رسول الله استغفر لي، قال -صلى الله عليه وسلّم-:" كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة "؟! قال: فجعل لا يزيد على أن يقول:" كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة "؟! متفق عليه.
وقال -صلى الله عليه وسلّم-:" إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم "مسلم.
قال ابن تيمية رحمه الله في الصارم: ولا خلاف بين المسلمين أن الحربي إذا أسلم عند رؤية السيف وهو مُطلَق أو مُقيد يصح إسلامه، وتُقبل توبته من الكفر، وإن كانت دلالة الحال تقتضي أن باطنه خلاف ظاهره ا- ه. وذلك لأن الأحكام في الدنيا تُبنى على الظاهر .. والله تعالى يوم القيامة يتولى الظاهر والسرائر.
وبعضهم من خلط بين الحديث عن ماضي الرجل .. وبين الحكم عليه وعلى خاتمته موطن الخلاف هل مات مسلماً أم مات كافراً .. وعدَّ الحكم على الرجل بالإسلام بمثابة من يرضى تاريخ الرجل .. وما يُنسب إليه من مظالم .. وهدد مخالفه وخوفه إن لم يتراجع بأن الله سيحشره معه حاملاً عليه الحديث" يُحشر المرء مع من أحب " .. وهذا عين الجهل والظلم .. وعين التألي على الله .. فهؤلاء لم يميزوا بين العدل والإنصاف الذي أمرنا به ربنا -عزّ وجلّ- في قوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}المائدة:8. وبين حب المرء لشخصٍ معين لما يُنسب إليه من خصال وصفات سواء كانت حميدة أم مذمومة والتي عليه يُحمل قوله -صلى الله عليه وسلّم-:" يُحشر المرء مع من أحب ". نسأل الله تعالى أن يحشرنا مع نبيه وأصحابه، والصدّيقين والشهداء .. اللهم آمين.
كذلك فات هؤلاء الذين يستشرفون الدعوة والتوقيع عن الله بغير علم أن المسلم يمكن أن تجتمع فيه الخصال التي يُحَب ويوالى لأجلها .. والخصال التي يُبغض ويُجافى لأجلها .. وفي آنٍ واحد .. هذا الاعتقاد والإنصاف من أبرز ما يميز أهل السنة والجماعة عن غيرهم وبخاصة الخوارج الغلاة!
فقد ثبتت شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلّم- لأهل الكبائر ممن يموتون على التوحيد .. وعلى شهادة التوحيد، كما في الحديث:" أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله مخلصاً من نفسه " البخاري.
وقال -صلى الله عليه وسلّم-:" إني أخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي يوم القيامة ".
ولهؤلاء الدعاة الذين ترجلوا وتشجعوا .. وطاب لهم الحديث عن الطغيان والطغاة بعد صمت سئمته منهم الأمة .. نقول: أين حديثكم عن الطغيان والطغاة، والكفر والكافرين يوم كان الرجل حيَّاً وحاكماً .. ويُقاتل الشيعة الروافض من جهة بلاد فارس .. راداً لخطرهم وزحفهم عن الأمة[1]؟!
أين حديثكم عن الطغاة الأحياء .. وعن طغيانهم وظلمهم .. الذين لا يزالون يسومون البلاد والعباد الكفر والظلم والفقر .. أم أنكم تنتظرون حتى يُصبحوا في عالم الأموات .. وأثراً بعد عين .. وبعد أن تسمح أمريكا .. والأجواء العامة .. والسياسات العامة للأنظمة الحاكمة بالحديث والكلام .. فتترجلون حينئذٍ .. وتتكلمون .. وتبينون؟!
مثلكم مثل: من يصمت وقتما يجب عليه البيان، ويتكلم وقتما يجب عليه الصمت!
فإن عُلم ذلك، نعود للحديث ثانية عن صدام .. وعن حكم الإسلام في صدام، فأقول مستعيناً بالله تعالى: نعم؛ صدام حسين قد مات مسلماً ولله الحمد رحمه الله .. وغفر له وعفى عنه .. وأسكنه فسيح جناته .. هذا الذي تُلزم به أدلة الكتاب والسنة .. رضي من رضي وأبى من أبى .. فالحكم ليس لي ولا لكم وإنما لله الواحد الأحد .. وهذا لا يعني أننا نجزم للرجل بجنة أو نار .. فهذا مرده إلى الله تعالى .. فمن عقيدة أهل السنة والجماعة أن لا يُشهد لمعيَّنٍ من أهل القبلة بجنة أو نار .. إلا من ورد بحقه نص وهذا قد مضى وتم.
فإن قيل: أين الدليل على هذا الحكم ..؟!
أقول: إضافة إلى ما ذكرته في مقالي المشار إليه أعلاه " الموقف من صدام حسين والحكم عليه " إذ لا بد للقارئ من أن يجمع بين ما قلته هناك وما سأقوله هنا .. فباجتماع القرائن والأدلة بعضها مع بعض .. تنجلي الحقائق وتستبين.
فأعيد وأكرر، فأقول: من توفيق الله تعالى لهذا الرجل إضافة لما ذكرته عنه في مقالي الآنف الذكر أن جعل آخر عهده وكلماته التي فارق بها هذه الحياة الدنيا نطقه لشهادتي التوحيد " أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله " .. وكانت قتلته شنقاً على يد الغزاة الصليبيين المعتدين وعملائهم الخونة من الشيعة الروافض.
نطق بالشهادتين .. وكرر نطقه بهما .. في ظروف يسودها الخوف والإرهاب .. والرعب .. وشماتة الأعداء وبذاءتهم .. غير آبه بكل ذلك .. مما دل على توفيق الله له، وتسديده وتثبيته!
لا يحسبنَّ المرء أن الموت على شهادة التوحيد بحيث تكون آخر كلمات المرء التي يودع بها الدنيا سهل كما زعم أحد دعاة الفضائيات من دون توفيق الله وتسديده له .. فكم من امرئٍ تمنى وحرص على أن يموت على كلمة التوحيد .. فمات على غيرها .. وفاجأه الموت من دون أن يتمكن من قولها .. نسأل الله تعالى السداد والثبات وحسن الختام.
فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلّم- أنه قال:" ما من عبدٍ قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة " مسلم.
وقال -صلى الله عليه وسلّم-:" من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة "[2].
وقال -صلى الله عليه وسلّم-:" من كان آخر كلامه لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنة يوماً من الدهر، وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه ".
وعن طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- قال سمعت النبي -صلى الله عليه وسلّم- يقول:" إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد عند موته إلا أشرق لها لونه، ونفَّس الله عنه كربته ". فقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: إني لأعلم ما هي. قال: وما هي؟ قال: تعلم كلمة أعظم من كلمة أمر بها عمه عند الموت:" لا إله إلا الله "؟ قال طلحة: صدقت؛ هي والله هي[3].
وقال -صلى الله عليه وسلّم-:" إن الله سيخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعةً وتسعين سجلاً؛ كل سجلٍّ مثل مد البصر، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمك كتبت الحافظون؟ يقول: لا يا رب، فيقول: أفلك عذر؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة وإنه لا ظلم عليك اليوم فيُخرج بطاقة فيها، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فيقول: احضر وزنك، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة، وما هذه السجلات؟! فقال: فإنك لا تُظلم، فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة، ولا يثقل مع اسم الله شيء "[4].
فهذا عنده تسع وتسعون سجل مليئة بالخطايا والذنوب .. كل سجل طوله وامتداده مثل مد البصر .. ومع ذلك قد رجحت عليهنَّ " أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله "!
ومن وصية نوح -عليه السلام- لابنه:" آمرك بلا إله إلا الله؛ فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة، ووضعت لا إله إلا الله في كفة لرجحت بهنَّ، ولو أن السماوات السبع والأراضين السبع كنَّ حلقةً مبهمةً لقصمتهنَّ لا إله إلا الله "[5].
وقال -صلى الله عليه وسلّم-:" إن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع؛ فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها " متفق عليه. فالعبرة بالخواتيم وبما يُختم به على المرء .. فاسألوا الله الثبات وحسن الختام.
وقال -صلى الله عليه وسلّم-:" لا تعجبوا بعمل أحدٍ حتى تنظروا بما يُختم له؛ فإن العامل يعمل زماناً من دهره بعملٍ صالح لو مات عليه دخل الجنة، ثم يتحول فيعمل عملاً سيئاً، وإن العبد ليعمل زماناً من دهره بعملٍ سيء لو مات عليه دخل النار، ثم يتحول فيعمل عملاً صالحاً، وإذا أراد الله بعبدٍ خيراً استعمله قبل موته فوفقه لعملٍ صالح، ثم يُقبض عليه "[6].
ومن توفيق الله لهذا الرجل .. أنه شعر بدنو أجله قبل أوانه .. وأن إعدامه سيكون خلال أيام .. وذلك بعد سماعه لحكم الإعدام من قبل أعدائه أعداء الأمة .. مما حمله وقبل أيام من إعدامه .. كما ينقل ذلك عنه أعداؤه وشانئوه على الإكثار من الصلاة وتلاوة القرآن .. والإقبال على الله .. وهذه قرينة معتبرة لا يُمكن تجاهلها .. تُذكر للرجل لمن يريد أن يتصدر الحكم عليه!
قال -صلى الله عليه وسلّم-:" قال لي جبريل: لو رأيتني وأنا آخذُ من حالِ أي من طين البحرِ فأدُسُّه في فمِ فِرعون مخافةَ أن تُدرِكَه الرحمةُ "[7].
أي مخافة أن يقول لا إله إلا الله .. فيموت عليها .. فتدركه الرحمة بسبب ذلك .. وفرعون هو هو .. الذي قال عن نفسه:{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}القصص:38. {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى}النازعات:24.
ومما يُذكر للرجل كذلك أنه عُوقِب في الحياة الدنيا بما عاقَبَ فيه .. قبل أن يلقى ربَّه: فهجَّر الناس .. فهُجِّرت عائلته وشُرِّدَت .. وقتل أبناء الناس .. فقُتِل أبناؤه .. وسَجنَ فسُجِن .. وعذَّب فعُذِّب .. وقتَلَ فقُتل .. فلم يفعل شيئاً في الناس مما يؤخذ عليه إلا وفُعل فيه وفي عائلته وأبنائه .. وهذا لا شك أنه من البلاء الذي يُكفِّر الخطايا والآثام .. ويطهر الرجل بإذن الله .. فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلّم- أنه قال:" ما يُصيب المؤمن من وصَبٍ ولا نصبٍ، ولا غمٍّ، ولا همٍّ، ولا حزنٍ حتى الشوكة يُشاكها إلا كفَّر من خطاياه " متفق عليه.
وقال -صلى الله عليه وسلّم-:" إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة لم يبلُغها بعمله ابتلاه الله في جسده أو في ماله، أو في ولده، ثم صبَّره على ذلك حتى يبلغه المنزلة التي سبقت من الله تعالى ".
وقال -صلى الله عليه وسلّم-:" إن عِظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السَّخَطُ "[8].
وقال:" لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة، في جسده وأهله وماله، حتى يلقى الله -عزّ وجلّ- وما عليه خطيئة "[9].
وقال -صلى الله عليه وسلّم-:" ما من مؤمنٍ يُشاكُ بشوكةٍ في الدنيا يحتسبُها؛ إلا قصَّ بها من خطاياهُ يوم القيامة "[10].
وقال -صلى الله عليه وسلّم-:" ما من مصيبةٍ تصيبُ المسلمَ؛ إلا كفر الله عنه بها، حتى الشوكَةِ يُشاكُها " متفق عليه. وفي رواية لمسلم:" إلا رفعه الله بها درجةً وحطَّ عنه بها خطيئةً ". وقال -صلى الله عليه وسلّم-:" إذا اشتكى المؤمنُ؛ أخلصَهُ الله من الذنوب كما يُخلِصُ الكيرُ خبَثَ الحديد "[11]. ولا يختلف اثنان على شدة البلاء الذي نزل بساحة الرجل .. وبخاصة في سنوات اعتقاله .. وعلى صبره وتجلده على البلاء .. وهذا جانب معتبر .. ينبغي النظر إليه لمن يستشرف الحكم على الرجل .. وعلى آخرته .. وخاتمته.
وما يُذكر ويُقال كذلك : أن الرجل لم يعد يَنظر للأمور والأشياء من خلال معتقله .. وما
حل به من بلاء .. كما كان ينظر إليها من خلال قصوره وهو في حكمه وملكه .. وحوله بطانة تزين له السوء .. وتجمِّل له القبيح، وتقبح له الجميل .. ولا يُرد له قول .. وبالتالي لا يجوز الحكم عليه من خلال النظر إليه كيف كان .. وإنما من خلال النظر إلى مآله وحاله الذي خُتم له به .. والله تعالى أعلم.
هذه بعض أدلتنا التي حملتنا على القول بإسلام الرجل .. وأنه قد خُتم له بالإسلام ولله الحمد لا ينبغي التردد في ذلك .. كما لا ينبغي للشباب المسلم أن يختلفوا حول ذلك .. نسأل الله تعالى بأن يرحمه ويعفو عنه، ويغفر له ذنوبه .. ولجميع أموات المسلمين .. اللهم آمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
——————————————————————————–
[1] كان كثير منهم وهو في ملكه وحكمه يمدحه ويُطريه ويكتب فيه القصائد والمدائح .. ولما نزلت بساحته البلايا والمنايا .. ووصل إلى ما وصل إليه .. انقلبوا عليه .. ولعنوه .. وكفروه .. وأحسنهم الساكت الذي تخلى عنه في وقت الشدة منكراً لمعروفه وفضله عليه .. من هؤلاء الأخوان المسلمين السوريين .. فالرجل فتح لهم البلاد يوم أن أغلقت في وجوههم جميع بلاد العالم وأعطاهم المال .. وفتح لهم معسكرات التدريب .. ومنحهم البيوت والسيارات .. والجواز العراقي للتنقل والسفر .. وفتح لهم حدوده مع سورية .. وأعطاهم صلاحيات أن يتصرفوا كدولة ضمن دولة .. وظل ذلك لأكثر من عشرين عاماً .. وكانوا في وقتها .. لا يترددون في مدح الرجل وإطرائه .. ولما وصل إلى وصل إليه .. وانتهت به المقادير إلى أن يُعلَّق على حبل مشنقة الصليبيين وعملائهم من الشيعة الروافض .. تنكَّروا له ولمعروفه .. واستكثروا عليه بياناً أو كلمة رثاء .. أو إنصاف .. مجاملة ومواكبة للرأي العام العالمي والعربي الرسمي .. وهذا والله ليس من الوفاء!
المطعم بن عدي كان كافراً مشركاً، ومات على الكفر والشرك .. لكن في حياته قد أجار النبي -صلى الله عليه وسلّم- لأيامٍ معدودات .. ليرد عنه بعض أذى المشركين .. لم ينسها له النبي -صلى الله عليه وسلّم- حاشاه فتذكرها له يوم أن وقع صناديد كفار قريش أسرى بأيدي المسلمين، وكان تعدادهم سبعين رجلاً .. قال -صلى الله عليه وسلّم-:" لو كان المطعم بن عدي حياً ثم كلمني في هؤلاء النتن يعني أسرى بدر لأطلقتهم له " .. مكافأة له .. فتأمل!
[2] قال الشيخ ناصر في الجنائز: أخرجه الحاكم وغيره بسند حسن.
[3] قال الشيخ ناصر في الجنائز: أخرجه أحمد وإسناده صحيح.
[4] صحيح سنن الترمذي: 2127.
[5] صحيح الأدب المفرد: 426.
[6] أخرجه أحمد وغيره، السلسلة الصحيحة: 1334.
[7] أخرجه الطيالسي، والترمذي، والحاكم، وأحمد، السلسلة الصحيحة: 2022.
[8] صحيح سنن الترمذي: 1954.
[9] صحيح الأدب المفرد: 380.
[10] صحيح الترغيب: 3411.
[11] أخرجه الطبراني وغيره، صحيح الترغيب: 3417.
14/12/1437 ه.
3/1/2017 م.
عبد المنعم مصطفى حليمة
" أبو بصير الطرطوسي "
المصدر
http://www.altartosi.com/hadath/hadth038.html
رأي الشيخ سلمان العودة في صدام حسين
محاكمة صدام ليست قانونية ولا شرعية
مشرف النافذة/الإسلام اليوم 15/12/1437
05/01/2017
ضمن لقاءاته الدورية التي يعقدها مع الشباب التقى فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة مساء الخميس 15 ذو الحجة في مكتبه ببريدة مع مجموعة من الشباب وطلبة العلم للحديث عن أبرز القضايا المعاصرة ، وبدأ اللقاء بمعايدة جميلة من فضيلة الشيخ هنأ فيها الحضور بالعيد وبنجاح موسم حج هذا العام كما أثنى على الجهود المقدمة للحجيج وقال إن الحج فرصة عظيمة للنجاح والرقي بمستوانا وأنه يجب علينا أن نوسع عملنا وأن نسعى كذلك للمزيد من الجهود في الحرم وفي التنقلات من عرفة ومزدلفة وقال الحمد لله نجحنا هذه السنة في الجمرات وأضاف فضيلته لا شك أن الفتوى كان لها نصيب في التخفيف على الجمرات وأنه ينبغي علينا أن نبذل مافي وسعنا في خدمة الحجاج والمعتمرين .
ثم سئل فضيلته عن إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين وأجاب بأنه قد وجد تعاطفاً كبيرا من العرب والمسلمين حيث أن إعدامه جاء في وقت فضيل ولو قيل له أختر وقتاً لما وجد أحسن وأفضل من هذا الوقت ، وذكر أنه رجل مسلم سني من عموم المسلمين وتشهد شهادة الحق عند آخر لحظة من حياته فرحمه الله وغفر الله لنا وله ، وفي الحديث " من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة " كما استشهد بحديث ابن مسعود في صحيح البخاري :" إن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها " ، ثم أضاف أن صدام لم يحاكم محاكمة قانونية ولا شرعية وإنما كانت محاكمةً طائفية ً .
من جانب آخر سئل فضيلته عن الصومال والأحداث التي تجري فيه فأجاب فضيلته بأن الصومال قد عاش عشرون سنةً دون أن يتدخل فيه أي احد وقد كان فيه من صراعات كبيرة جداً ويقتل بعضهم البعض وعندما جاءت المحاكم الإسلامية ووجدت القبول والرضا عند الناس تدخلت أثيوبيا الدولة المسيحية وأضاف فضيلته بلا شك هناك تواطؤا مع أثيوبيا ولو أن السودان هي التي دخلت في الصومال لقامت الأمم المتحدة وأمريكا ولم تقعد ، وذكر أن الصومال هي الدولة الوحيدة في أفريقيا التي يبلغ عدد المسلمين فيها نسبة مائة بالمائة ولا توجد فيها حتى كنيسة واحدة .
وفي سؤال عن كتابه " افعل ولا حرج " أجاب فضيلته لقد تم توزيع نحو مليون نسخة من الكتاب كما لقي قبولاً عند الحجاج حتى لا يكاد تجد خيمة إلا وفيها هذا الكتاب ولله الحمد
ثم أجاب عن بعض أسئلة الحضور وختم لقائه بحمد الله والصلاة على نبيه .
http://www.islamtoday.net/pen/show_a…5&artid=84 76
فتوى الشيخ حامد العلي في الرئيس صدام حسين
——————————————————————————–
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هو في حال حكم على صدام بالإعدام هل يعتبر شهيد بحيث انه مات على أيادي العدو، ام ماذا؟ خاصة بعدما نشر عنه ماذا كان يفعل بشعبه.. وانه طاغية وانه لغاية الان لم يقاوم بل انه مستسلم؟
أفيدونا وشكراً لكم ..
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أما هذا فعلمه عند الله تعالى ، وقد أنزل تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم لما دعا على أعداءه، : " ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون " .
قال ابن كثير رحمه الله :
قال تعالى " ليس لك من الأمر شيء " أي بل الأمر كله إلي كما قال تعالى " فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب " وقال ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء " وقال " إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء " وقال محمد بن إسحق في قوله " ليس لك من الأمر شيء " أي ليس لك من الحكم شيء في عبادي إلا ما أمرتك به فيهم ، ثم ذكر بقية الأقسام فقال " أو يتوب عليهم " أي مما هم فيه من الكفر فيهديهم بعد الضلالة " أو يعذبهم " أي في الدنيا والآخرة على كفرهم وذنوبهم ولهذا قال " فإنهم ظالمون " أي يستحقون ذلك .
وقال البخاري حدثنا حبان بن موسى أنبأنا عبد الله أنبأنا معمر عن الزهري حدثني سالم عن أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الثانية من الفجر " اللهم العن فلانا وفلانا " بعد ما يقول" سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد " فأنزل الله تعالى " ليس لك من الأمر شيء " الآية " أ.ه
وأما إن كان صدام لايزال يعتقد علمانية حزب البعث ، فقد بينا حكم اللادينيين العلمانيين ، وأن كل من اعتقد أنه يجوز للعباد أن يضعوا لهم شريعة تخالف شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو مرتد كافر ، والرجل قد تقلبت به الأحوال ، ونزل به ما هو اشد من الجبال ، حتى ضرب الله به للناس الأمثال ، ولانعلم ما آله إليه آمره ، وما استقر عليه دوره ، فنكل خاتمته إلى ربه ، إن شاء يغفره له إن مات على التوحيد أو يرديه في جهنم جوره .
ولانعلم أنه قد استسلم أم لا ، فالعلم بكيفية إلقاء القبض عليه ، خبر ليس له طريق إلا أعداؤه وهم أيضا أشد الناس عداوة لنا ، بل جميع ما فعله صدام إنما هو جزء يسير تابع لعداوة الصليبية الغربية المتصهينة لأمتنا أصلا ، فكيف نصدقهم فيما يخبرون به ، ولايعتمد على مثل هذا في توثيق الاخبار عاقل !!
بل الأقرب أنه قد خدر قبل الإمساك به ، لأنه كذلك لايُحاصر من يرغب أعداؤه في القبض عليه حيا إلا ومع محاصرين غاز ، بل لاتكاد الفرق الخاصة المعدة لمثل هذه الاغراض أن تخلو من هذا التدبير المعروف.
ومعلوم أن مافعله بشعبه ، كان قبل أن يغزو الكويت ، ويهدد أطماع الغرب ، ومع ذلك لم يكونوا يعدونه مجرما ، بل كان جميع الحكام العرب شركاءه في جرائمه ، والواجب أن يحاكموا جميعا معه بما أنزل الله تعالى ، لا أن يحاكم وحده ، ولايخفى أنهم لايزالون يستر بعضهم معاور بعض ، وهم المستبدون الطغاة اللذين امتلأت سجونهم بالمعذبين والمظلومين ، ويعلم كل منهم أنهم كلهم يفعلون مثل ما فعل صدام : إن احتاجوا إلى ذلك ، أو هم في حالهم كذلك ، وأن سادتهم الغربيين استعملوهم فيما هم فيه من الظلم ، وأن سادتهم إن سخطوا عليهم فسيفعلون بهم مثل ما فعلوا في صدام ، ولكنهم رضوا لأنفسهم بذل العبودية ، وكذلك من أبى أن يكون عبدا لله تعالى ، فيعزه ويرفعه ، جعله الله تعالى عبدا ذليلا مهينا لغيره .
وتعالوا لنتذكر بعض التاريخ : فإن أمريكا جاءت بالشاه للتخلص من مصدق الذي كان يريد أن يؤمم النفط الإيراني ، فخشي أصحاب شركات النفط الذين يحكمون البيت الأبيض على شركاتهم ، فباعوا الشعب الإيراني بتسليط الشاه الطاغية عليه ، ثم لما قامت الثورة الخمينية التي أضحت اليوم تمارس أيضاكل أنواع الجور والظلم وهددت مصالحهم ، أمدوا صدام حسين بكل أنواع السلاح ودعموه حتى أشعلوا نار حرب شعواء أهلكت الملايين ، وفي تلك الفترة قتل صدام الأكراد بالسلاح الكيماوي ، وهم أي الغرب الصليبي مع ذلك له مؤيدون ، وعن جرائمه صامتون ، لأنهم كانوا إذ ذاك يريدونه أن يحقق أطماعهم ، حتى إذا تحقق لهم ما يريدون ، أغروه باحتلال الكويت ، ليحتلوا الخليج العربي ثم العراق ، كما هو حالنا اليوم .
والخلاصة أن هذه الجرائم التي يلصقونها بصدام وحده ، كل الحكام قد كانوا شركاءه فيها ، وكان الذي تولى كبر ذلك ، هي أمريكا نفسها، وهذا لايخفى على العقلاء الذين يقرءون التاريخ ويعتبرون بما فيه ، إنما يخفى على الدهماء اللذين يسيرون بلا هدى وراء سحر الإعلام المزيف الذي يظهر للناس جزءا صغيرا من الصورة ، لتنقلب الحقائق رأسا على عقب .
ومن الأمثلة على ذلك ان عدد الاكراد الذين قتلوا بسبب صراعات الحزبين الكرديين المتصهينين الملحدين الطالباني والبرزاني على الزعامات ، هم أضعاف أضعاف من قتل من الأكراد على يد نظام صدام ، ولكن أكثر الناس لايعملون ذلك ، ولن يعلموه حتى يحتاج الماكرون من صناع السياسة الغربية إلى سحر إعلامي جديد فيسلطون حينئذ إعلامهم الخداع على جرائم هذا الزعيم أو ذاك ممن تمرد عليهم ، أو اعترض سياستهم !!
والخلاصة : أن علينا أن نتيقن أمرين ونكل أمرا ثالثا إلى الله تعالى وحده :
أما الامران اللذان يجب علينا تقينهما :
فأحدهما : أن كل ما جرى ويجري من الأزمات السياسية الاستراتيجية في أمتنا منذ نحو قرن إنما هو في عامته بسبب أطماع وسياسات الصليبية المتصهينة ، في فترة سابقة بسبب صراعها مع المعسكر الشرقي على الهيمنة على المنطقة ، والآن بسبب أطماعها الاستعمارية ، وكل جرائم حكامنا المستبدين هي آثار تلك الأطماع .
والثاني : أنه لن يصلح حالنا إلا بالرجوع إلى ديننا أولا ، ثم بأن نوجه المعركة توجيها صحيحا نحو عدونا الحقيقي والتاريخي والاستراتيجي ونطرده من بلادنا ، ونطرد أولياءه اليهود المغتصبين لأرض الأسراء ، ولانسمح لعدونا أن يخدعنا بإعلامه المزيف فيخلط الأوراق ، ويقلب حقيقة الصراع ، فيلهينا عن هذه القضية الإستراتيجية .
وأما ما نكله إلى الله تعالى فهو حال من حيل بيننا وبين أن نعرف ما يختم له به ، فأمره عنا مستور ، في حجر محجور ، بيد عدو حاقد مثبور ، حتى ينجلي حاله بخبر من قبله بما يظهر به حكمه شرعا من كفر أو إسلام ، ولانستصحب ما مضى مما ظاهره الكفر لطروء الشبهات ، واختلاف أخبار الثقات ، ولانعدل بالسلامة في هذا الباب شيئا ، ولايبعد أن يسلم الكافر ، ويتوب الظالم الفاجر فيقتله أعداؤه ويعجل الله تعالى عقوبته في الدنيا بذهاب الملك ، وزوال النعمة ، وقتل الأولاد ، والذل والهوان ، ثم يفضي إلى رحمة من الله تعالى ، وما لنا وأن ندخل بين الله وعباده ، وما نحن بشامتين معاذ الله ، سبحانه ذو رحمة واسعة ، وهو أرحم الراحمين ، غير أن رحمته مرهونة بالموت على الإسلام ، ذلك أنه لايدخل الجنة إلا نفس مؤمنة ، فاللهم اغفر لعبد تاب وإليك أناب ، حتى لو ملأت ذنوبه مابين السماء والتراب ، إنك أنت الغفور التواب ، العزيز الوهاب آمين والله اعلم .
أخوكم في الله
فارس السنّة