التصنيفات
القسم الاسلامي

تنبيه ذوي العُقول إلى حكم تزكية المجهول !!

.&. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .&.

تنبيه ذوي العقول إلى حكم تزكية المجهول

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
أما بعد: فإن الله تعالى يقول:{فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الـذِّكْرِ إِن كُنـتـُمْ لاَ تَـعْلَمُونَ} فالناس في هذه الآية قسمان:
قسم: لا يعلم؛ وقد أمِر بسؤال أهل العلم.
وقسم: هم أهل الذكر؛ هم أهل العلم الذين أمرنا الله بسؤالهم عما لا نعلم، فلا نكلف أنفسنا أمراً لا وسع لنا به.

وإذا كان الأمر كذلك فإنا نسأل: من هم أهل التزكية؟ وكيف يزكى الرجل؟

إنه لسؤال ملحٌ مهم، يجب على كل من زكى داعٍ من الدعاةقبل تزكية العلماء لهأن يسأل نفسه هذا السؤال.

وللإجابة على هذا السؤال نقول:

رحم الله إمرءاً عرف قدر نفسه، فمن عرف قدر نفسه علم أهو أهلٌ لأن يزكي أم أن هذا الأمر ليس إليه.

إن تزكية الدعاة أمر كبير، لا يدركه كل أحد، فهذا الأمر إنما هو للعلماء، خصوصاً علماء الجرح والتعديل؛ فإن لكل علم رجاله، فمن العلماء من تخصصه الحديث، ومنهم تخصصه الفقه، ومنهم التفسير.. الخ.

فإذا ظهر داعٍ من الدعاة – وما أكثرهم في هذا الزمان- ولم نعلم أسلفي هو أم بدعي- فهو بذلك يعتبر عندنا من المجهولين- فإنا أولاً وقبل كل شيء لا نأخذ عنه أي علم حتى نتيقن أنه سلفي،بسؤال أهل العلم العالمين بحاله،ومن المعلوم أن الراوي إذا كان مجهولاً فإن علماء الحديث لا يقبلون حديثه، فكم من أحاديث كثيرةٍ رُدّت بحجة أن الراوي كان مجهولاً، فأهل السنة لا يأخذون عن المجهول حتى يتيقنوا أنه أهل لأن يؤخذ عنه.

ولا تدل كثرة أشرطة الرجل وكثرة مقالاته وردوده على أنه سلفي؛ فإن بِشر المريسي كان يرد على الرافضة ويرد على الخوارج وعلى الفلاسفة، وألَّف كتباً في الفقه، لكن لما علم أهل العلم أنه يقول بخلق القرآن رموه رمي النواة، فلم تشفع له ردوده على أهل الباطل.

كذلك الحارث المحاسبي كان رجلاً فقيهاً، وعنده علم وزهد، فلم يغتر أهل العلم بكل ذلك، حين اغتر به العوام.

فلما حذر منه الإمام أحمد قال له رجل:" يا إمام، هذا الرجل يروي أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ساكن خاشع"!!!
فقال له الإمام أحمدغاضباً«لا يغرك خشوعه ولينه، ولا تغتر بتنكيس رأسه؛فإنه رجل سوء،ذاك لا يعرفه إلا من خبَره».

ولما سئل أبا زُرعة عن الحارث المحاسبي وكتبه قال للسائل: «إياك وهذه الكتب؛ هذه كتب بدع وضلالات، عليك بالأثر فإنك تجد فيه ما يغنيك»فقيل له: فيهذه الكتب عبرة!! فقال: «من لم يكن له في كتاب الله عبرة فليس له في هذه الكتب عبرة».

فمن الذي كشف لنا أمر بشر المريسي والحارث المحاسبي؟!!

إنهم العـلـماء.

فلو كان الأمر إلينا لقلنا إن بشر المريسي رجل يرد على الرافضة، ويرد على الخوارج، و.. و.. وأخذنا في تزكيته! لكن الأمر ليس كذلك.

أريد بهذين المثاليْن أنَّ أمر التزكية إنما هو للعلماء.

فلا نقول كما قال ذاك الرجل:"في هذه الكتب عبرة"! بل نسأل عنه أهل العلم.

لذا يجب علينا أن ننظر عمن نأخذ العلم؛ فإنه دين:

قال الإماممحمد بن سيرين:«إن هذا العلم دين؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم».(أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه).

فلا نأخذ ديننا إلا ممن علمنا وتيقنا أنه أهلٌ لأن يؤخذ عنه؛ بتمسكه بمنهج السلف الصالح قولاً وعملاً.

قال الشيخ عبيد الجابري:
«أنصحكمإن كنتم تحبون الناصحينأن لا تقبلوا شريطاً ولا كتاباً إلا ممن عرفتم أنه على السنة؛ مشهودٌ له بذلك؛ واشتهر بها، ولم يظهر منه خلاف ذلك، وهذه قاعدة مطَّـرِدة في حياته وبعد موته».(من شريط:"فقه التعامل مع أهل السنة وأهل الباطل").

وتُعرف سلفية الرجل بأمور:

·منها تزكية العلماء له:

قال الشيخ عـبيد الجابري:

«إذا خفي عليكم أمر إنسان اشتهرت كتبه وأشرطته، وذاع صيته،فاسألوا عنه ذوي الخبرةبه والعارفين بحاله.

فإن السنة لا تخفى ولا يخفى أهلها؛ فالرجل تزكيه أعماله التي هي على السنة وتشهد عليه بذلك، ويذكره الناس بها حياً وميتاً.

وما تستَّر أحدٌ بالسنة، وغرَّر الناسَ به حتى التفوا حوله وارتبطوا به، وأصبحوا يعوِّلون عليه ويقبلون كل ما يصدر عنه إلا فضحه الله سبحانه وتعالى وهتك ستره، وكشف للخاصة والعامة ما كان يخفي وما كان يُكِن من الغش والتلبيس والمكر والمخادعة؛ يهيأ الله رجالاً فضلاء فـطناء حكماء أقوياء جهابذة ذوي علم وكِياسة وفقه في الدين، يكشف الله بهم ستر ذلكم اللعاب الملبِّس الغشاش.

فعليكم إذا بُيِّن لكم حال ذلك الإنسان الذي قد ذاع صيته وطبَّق الآفاق وأصبح مرموقاً يشار إليه بالبنانأصبح عليكمواجباًالحذر منه.

مادام أنه حذَّر منه أهل العلم والإيمان، والذين هم على السنة، فإنهم سيكشفون لكمبالدليل، ولا مانع من استكشاف حال ذلك الإنسان الذي حذر منه عالم أو علماء- بأدب وحسن أسلوب – فإن ذلك العالم سيقول لك: رأيتُ فيه كذا وكذا، وفي الكتاب الفلاني كذا، وفي الشريط الفلاني كذا، وإذا هي أدلة واضحة تكشف لك ما كان يخفيه، وأن ذلكم الذي طـبَّق صيته الآفاق، وأصبح حديثه مستساغاً، يخفي من البدع والمكر ما لا يُظهره من السنة».
(من شريط:"فقه التعامل مع أهل السنة وأهل الباطل").

يستفاد مما سبق:

·أن نعمل بقوله تعالى:{فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَـعْلَمُونَ}.
·أن نعرف قدرنا، ونحفظ لعلمائنا قدرهم.
·أن لا نزكي إلا من زكاه أهل العلم العارفين بحال المسئولعنه.
·أن ننظر عمن نأخذ العلم؛ فإن هذا العلم ديــن.
·أنه يجب علينا الارتباط بالعلماء في كل مسألة من المسائل، قال الإمام أحمد: "إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام" حتى قال بعض السلف:"لو استطعت أن لا تحك رأسك إلا بأثر فافعل".
·أن الداعي السلفي لا يسكت عن البدع والمبتدعة.
·أن من أخفى عنا بدعته عرفناه بها بمصاحبته ومحبته لأهل البدع.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.