التصنيفات
قصص قصيرة

مشاركة بمسابقة أجمل قصة قصيرة -أسراب اليمام المهاجرة

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذه مشاركتي بالمسابقة
و هي أوّل طرقة لي على باب هذا القسم

وهي محاولة مني لتقمّص دور أم مُغتَرِبة

تفضّلوا

:
:

أسرابُ اليمامِ المُهاجِرة
كان يوماً شِتائيّاً , انسابَت فيه أشعّة الشّمس تحنو على شُرفَتي , تدعوني و صغيرَتي ابنةُ التِّسعِ سنوات
لنجلسَ فيها بملابسنا الثقيلة على مقعَدَين مُتقاربَين , و نرقب حمائمَ بيضاء رُحنَ يطِرْنَ في البعيد , أسراباً متناسقة, هاربةً مِن البرد

قلتُ و أنا ألحَظُ عينيها مُثَبّتتَينِ على الأفق باتّساع:
-أتُحبّين تلك الطّيور؟
فردّت بنبرةٍ مأخوذة:
-جداً …يالجمالِها!إلى أين تذهب؟
-إلى البلاد الدّافئة
-لِمَ؟؟
-هرباً مِن الشّتاء يا حبيبتي, فهي لا تحتمل البرد


صمتَتْ مُستمِرةً ترقُب الملائكيّاتِ المُرفرِفاتِ , وهنّ يغرقْنَ في زُرقةِ السّماء المَشُوبة بالغيوم
و التزَمتُ الصّمتَ معها , إلى أن قطعَتْهُ بقولِها:
-ماذا يحصلُ لو بقيَت اليمامات هنا رغم البرد؟
-تموت للأسف. يجب أن تهاجِر شتاءً, لكنّها ستعود مع عَودة الدّفء
-كيف ستعرفُ طريقَ العودة؟
-بغريزَتِها يا حبيبتي, فالغريزة هي ما يحرّك الطيور و الحيوانات بدلاً عن العقل و العاطفة لدينا نحن البشر

هزّت صغيرتي رأسها , و أنا أتساءل أفهِمَت أم لا, لكنّني تركتُ التّساؤل لنفسي و لَم أقطع عليها تأمّلها لتلك الأسراب التي
راحَت تصدُر مِن جهتِها أصوات كالأنين , أثّرَ بخلَجاتي كما بخَلَجاتِ ابنتي , إذ علّقَت بحزن:
-استمعي إليهِنّ يا أمي…. يبكين لترك بلدِهِن
لَم أعرف ما أقولُه , حيثُ لَم أكُن بأحسن حالاً منَهنّ منذ اضطرّتنا الظروف العصيبة للهجرة مِن أرضنا الأم,
و العيش في "بلاد الدّفء" كالأموات


و كأنّ لابنتي قُدرة قِراءة الأفكار حينَ أعلنت:
-هُنّ يُشبِهننا أليس كذلك؟
هزَزتُ رأسي بألم , لكنّني لَم أحِر جواباً ,وهي تُتابع كأنّها تذكّرت شيئاً:
-مهلاً لحظة! تلك الحمامات لا تشبهُنا كثيراً ! فلا عقل لهُن و لا عاطفة مثلنا -و رغمَ ذلك يعرفنَ طريقَ العودة…. أمّا نحن….فيبدوأنّنا ضلَلْنا الطريق , ولَم نعُد قادِرِين على الرّجوع لوطنِنا -تلكَ الطيور يا أُمي أقوى مِنّا!

مالذي كنتُ سأستطيع الإجابة به , أمام تلكَ الكلمات التي-رغم براءَتها- انصبّت علَيّ كما التّأنيب!
فكما لو كان ذكاءُ الصغيرة , هو نفسُه حِكمةُ الضمير المُعَذِّب!
اكتفَيت بتأييدٍ مريرٍ و حسب:
-أتعرفين شيئاً….تلك الطيور أقوى فعلاً, و أكثر إخلاصاً منّا بكثير!

هذه المرّة لاذَت هي بالصّمت, ترنو بتعاطفٍ إلى دمعتي التي تَرقْرَقتْ , مُوَدِّعةً أسرابَ اليمامِ المهاجرة
:
:
:

و هكذا تكون النهاية لمشاركتي

أرجو أن تنال إعجابكم

و شكراً Dark Girl على المسابقة اللطيفة

بالتوفيق للجميع

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.