في إحدى ضواحي بغداد القديمة في عام 320 للهجرة،كان هناك رجل يتجول لطلب الرزق في إحدى الطرق التي مر بها رأى شيخا كبيرا تبدو عليه علامات الفاقة و الحاجة جالساً على حاقة الطريق ألقى الرجل التحية على الشيخ و جلس يتعرف عليه بادره قائلا:من أنت أيها العجوز الكبير؟ و ماهي أحوالك؟ أجابه قائلاً:أنا الشيخ أبا بكر كنت ذا جاهٍ و أولاد و نسب أعطاني الله الخير الكثير لم أبخل على أحدٍ بشئ كنت أعطي المساكين و الفقراء ربيت عيالي على الدلال الكثثير حتى كبروا و صار المال كل حياتهم إلا واحداً منهم فلقد كان لي من الولد أربعة صبيان و لم يرزفني الله بفتيات لكني مع هذا حمدت الله على ما أعطاني، عندما كبر أولادي طمعوا كثيراً بثروتي و كانوا ينتظرون موتي على أحر من الجمر إلا واحداً منهم فلقد كان محباً لله و رسوله محباً للعلم و باراً بوالديه لا تهمه الدنيا بقدر ما تهمه الآخرة كنت أحبه أكثر منهم لخلقه و أدبه و حسنه فما لبث أخوته حتى بدؤا يغارون منه ظنًا منهم أنني سوف أورثه كل ثروتي فلما لاحظ أخوته الثلاثة أن الله قد أطال في عمري بلغ طمعهم أشده فخططوا لقتلي و قتل أخيهم بدس السم لنا في الطعام ، فكنا في إحدى الليالي نريد الجلوس لتناول الطعام و كان أولئك الملعونين قد وضعوا السم في الطعام لكن شاء الله أن أتأخر أنا قليلاعن الطعام فلما أتيت رأيت ابني في سكرات الموت صدمت و فزعت لهذا و أبنائي الثلاثة تظاهروا بأنهم لا يعرفون شيئًا و بدؤا بالبكاء.
قلت:من فعل هذا؟ من المسؤول؟ أجاب أبنائي الثلاثة:لا ندري يا أبانا،ثم نطق أحد الخدم و قال:كاذبون!أنتم من وضع السم في الطعام أنا رأيتهم يا أبا بكر يدسون السم في صحن ابنك (بكر) و صحنك. صدمت لم أدر ماذا أفعل فقلت لهم:كل هذا من أجل المال؟ تقتلون أباكم و أخاكم من أجل المال؟! يا فاجرون فوالله لا أنا أباكم و لا أنتم أبنائي بعد اليوم فذهبت لدفن ابني بكر و تشييعه أما عن هؤلاء فلقد تركتهم و ثروتي فلقد تبرعت بها كلها للفقراء حتى لا يأخذوا منها شيئًا و صرت على هذه الحال التي تراها الآن فقيرًا و مذلولا بسبب المال و أنت ماذا عنك أجاب الرجل: أنا رجل أجوب الشوارع طلبًا للرزق و الآن سأذهب لأكمل طلبي أملًا في أن يرزقني الله من حلاله قال الشيخ الكبير:قبل أن تذهب أوصيك أن تربي عيالك تربية صحيحة ليردوا الجميل لك و لا تربيهم على المال و حبه فإنه من أسوأ الطرق و أطع الله و رسوله و أطع والديك فهما جنتك و نارك و لا تغرك الدنيا و لا تيأس فقال الرجل له:إن شاء الله و شكراً لك و مضيت في طريقي و لا أزال أفكر فيما سمعته!.
تأليف:شروق الشامسي
أتمنى يعجبكم و تقبلوا تحياتي أخواني و أخواتي! :rose: