التصنيفات
القسم العام

رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب الشافعي

بسم الله الرحمن الرحيم


– من القضايا التي يغفل عنها بعض الباحثين التفريق بين إدارة الصراع الداخلي بين أبناء الوطن الواحد وإدارة الصراع الخارجي مع العدو المحتل فإذا كان الإسلام يأمر بقتال المحتل وإخراجه من حيث أخرجنا ويعطينا الحق برد العدوان: وأخرجوهم من حيث أخرجوكم ‘البقرة191’ فأن أمر إدارة الصراع الداخلي مختلف، فالعنف مرفوض.
فلم يأذن الرسول صلى الله عليه وسلم بقتل المنافقين، رغم ما يعلم من نفاقهم، رغم قدرته المادية والقانونية على إيقاع العقوبة فهو يملك الشرعية الكاملة والمنافقون قد ارتكبوا ما يمكن إدانتهم به بشهادة القرآن يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم ‘التوبة: 74’
وهذا الموقف المتأني في إدارة الصراع الداخلي هو امتداد لموقف استراتيجي سار عليه الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة بالعفو والصفح. فحين كان في مكة لم يأذن بقتال من آذوه، وكان يوجه للصبر اعتمادا على إثارة النوازع النقية لدى أفراد المجتمع للوقوف إلى جانب المسلمين؛ ذلك أن في داخل المجتمع علاقات نسب وصهر تدفع أفراد المجتمع بفطرتهم النقية، إلى رفض الظلم، وقد كان منهج الإسلام الاعتماد على تحريك نوازع الفطرة النقية لدى أفراد المجتمع للوقوف إلى جانب المسلمين، وفي سبيل تحريك رحم المجتمع لا يجوز أن يلجأ المسلم إلى العنف والثأر في إدارة الصراع بل عليه أن يتحلى بالصبر مع استخدام كل ما تسمح به السياسة الشرعية من أدوات دستورية وسلمية وإعلامية وقانونية، لرفع الظلم، وردع الظالم والأخذ على يده، وأطره على الحق أطرا وقصره على الحق قصرا، شرط أن تلتزم هذه الوسائل بالمحافظة على كيان الدولة وعدم المساس بهيبة مؤسسات الدولة، ونبذ ما يؤدي إلى هدم الدولة أو تمزيق المجتمع إلى شيع متناحرة، يهلك بعضها بعضا، لأن وصول الأفراد إلى هذه الحالة من التناحر مؤذن بتسلط عدو من غيرهم يستأصل شأفتهم كما في الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها …وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم وإن ربي قال يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها أو قال من بين أقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا
‘صحيح مسلم: 5144
فالحديث الشريف ينبه إلى أن تسلط العدو على الأمة يستند إلى البغضاء والحقد بين أفراد الأمة والخلل الفكري الذي أدى بهم إلى أن يهلك بعضهم بعضا.
ومن هنا فإن على دعاة الإصلاح أن يؤصلوا لفكر يحمي الأمة من أن يهلك بعضهم بعضا، وحين يتجاوز متنفذ في الأمة حدوده فإن ردعه يكون بالوسائل السلمية التي تردع من جهة وتحفظ باء المجتمع من جهة أخرى..
وقد نبه إلى هذه القضية عبدالحميد أبو سليمان في كتابه:إدارة الصراع: نبذ العنف مبدأ لا خيار.فالإسلام ليس تيارا سياسيا نخشى من فوزة بأغلبية وإنما هو عامل استقرار المجتمع.
تأسيسا على ما سبق تدرك أن الإسلام وهو يتجنب العنف في إدارة الصراع، مبدأ مستقرا، لا خيارا مرحليا، كما يحفظ الكرامة الآدمية عند ممارسة القوة، بقطع النظر عن العرق، أو اللون، أو الدين، أو الجنس.

أ.د. عبدالله الكيلاني

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.