التصنيفات
الحياة الاسرية

تربية لا تعرف الخوف -لحياة سعيدة

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تربية لا تعرف الخوف

من منّا لم يسمع قصة الغول الذي يخرج ليلاً في الغابة؟

والرجل ذا الرِجْل المسلوخة الذي سيأتي ويعاقب الصغار إن لم يسمعوا الكلام ويناموا مبكراً ؟؟
تكاد تكون هذه القصص – على الرغم من أنها ليست تربوية – قاسماً مشتركاً قد مرّت على آذاننا ونحن صغار…
ولا ننكر أنه كان هناك حكايات أخرى جميلة نسمعها، إلا أن أثر هذه الحكايات المرعبة يظل هو الأخطر على وجدان ونفسية الطفل قديماً وحديثاً بل ودائماً…
إذ يظل الطفل الذي يعاني من الخوف الزائد يمثل مشكلة لوالديه قد تمتد إلى سنوات المدرسة أو إلى أكثر من ذلك… فهل يوجد لها حل ؟
عزيزي المربي ..
نعم ..بأمر الله تعالى وتوفيقه للمربين الحريصين على أبنائهم يوجد حلول لكل عقبات ومشاكل التربية، فدعونا نستعرض مشكلة "الخوف" والتي يعاني منها الكثير من الأطفال.
ماذا نعرف عن ظاهرة الخوف عند الأطفال؟
إنّ الخوف هو انفعال قوى غير سار ينتج عنه الإحساس بوجود خطر أو توقع حدوثه. والمخاوف مكتسبة متعلمة إلا أن هناك بعض المخاوف الغريزية من الصوت المرتفع والحركة المفاجئة وفقد التوازن والأماكن المرتفعة.
إنّ حوالي نصف الأطفال على الأقل تظهر لديهم مخاوف مشتركة من الكلاب والظلام والرعد والأشباح,وحوالي10%منهم يعانون خوفا شديدا من شيئين أو اكثر،والمخاوف الأكثر شيوعا تكون في المرحلة السنية من2 سنوات، ويخاف نح0% من أطفال المدرسة من الامتحانات.
والطفل الأكثر ذكاءً في بداية عمره يخاف من أشياء كثيرة بسبب نمو مدركاته واستطلاعه لما حوله، ومع تقدم السن تقل هذه المخاوف غير المنطقية. وبوجه عام فإن الإناث أكثر إظهاراً للخوف من الذكور، كما تختلف شدته تبعاً لشدة تخيل الطفل فكلما كان أكثر تخيلاً كان أكثر تخوفاً.
ولا تتحدد الصحة النفسية لطفلك بما إذا كان لديه مخاوف أم لا..ولكنها تتحدد من خلال مقدرته على التغلب أو التكيف أو الاستجابة مع المخاوف التي يواجهها.
مِمَّ يخاف الأطفال؟
يرى المختصون بعلم نفس الأطفال أنّ الطفل في السنة الأولى قد يبدي علامات الخوف عند حدوث ضجة مفاجئة ، أو سقوط شيء بشكل مفاجئ ، أو ما شابه ذلك ، ويخاف الطفل من الأشخاص الغرباء اعتباراً من الشهر السادس تقريباً ، وأما الطفل في سنته الثالثة فإنه يخاف أشياء كثيرة مثل الحيوانات ، والسيارات ، والمنحدرات ، والمياه، وما شابه تلك الأشياء. (عبد الله ناصح علوان:تربية الأولاد في الإسلام:ج/1،ص:308)
والطفل يخاف من الأماكن الغريبة الشاذة، ويخاف الوقوع من مكان مرتفع، ويخاف الغرباء، كما يخاف الحيوانات والطيور التي لم يألفها، ويخاف تكرار الخبرات المؤلمة كالعلاج بالحقن والعمليات الجراحية مما يخاف منه الكبار في بيئته سواء كانت مخاوف واقعية أو وهمية أو خرافية، ويخاف من الموت و الظلام، والدخان المتصاعد من النار، كما يخاف الطفل من تهديدات الوالدين مثل: سأذبحك وسأصل الكهرباء إلي جسمك، سأحبسك في غرفة الفئران..!
ومن أهم علامات الخوف:
في السنة الأولي تبدو على وجه الطفل الخائف علامات الفزع مصحوبة بالصراخ، وبعد السنة الثانية تكون علامات الخوف صياح،وهروب،ورعشة،وتغيرات في ملامح
الوجه،والكلام المتقطع، وقد يصحبه عرق وتبول لا إرادي.
وإذا استمرت مخاوف الطفل إلى ما بعد ذلك فقد يعاني من ضعف الثقة بالنفس، وعدم الشعور بالأمن والطمأنينة، وقد يصاحب ذلك ظهور مخاوف غير واقعية، وأعراض أخري كعدم القدرة علي الكلام والتهتهة والانطواء والخجل والاكتئاب والتشاؤم وتوقع الخطر.
وقد بينت الدراسات أن مخاوف الأطفال تبلغ ذروتها في عمر سنتين وأربع سنوات وتقل هذه المخاوف في عمر خمس سنوات ثم تختفي في عمر تسع سنوات. وبناء على هذا فإنّ حوالي 90% من الأطفال دون سن السادسة من العمر يظهر لديهم خوف محدد يزول بشكل طبيعي. ( د.أحمد محمد الزعبي:مشكلات الأطفال النفسية والسلوكية والمدرسية،ص:28)
ويجب أن يفرّق المربي بين درجات الخوف عند الطفل:
فهناك أطفال لا يخافون وهذا أمر نادر للغاية كالذي يمسك النار أو يقفز من الشرفة، ويرجع عادة لقلة الإدراك، أو ضعف القدرات العقلي.
– أطفال يخافون خوفا عاديًّا: ويقصد بالخوف الشعور الطبيعي الجبلّي الذي يحسّ به كل من الطفل والبالغ عندما يواجه مخاوف حقيقية كالخوف من حيوان مفترس.
– أطفال يخافون خوفا مَرَضِيًّا: وهو خوف شاذ مبالغ فيه ومتكرر أو شبه دائم مما لا يخيف أغلب من في سن الطفل، وقد يكون وهميّا (phobia)..
لماذا يخاف الأطفال ؟
– تهديد الأبوين وانتهاج التخويف كأسلوب للعقاب إذا تأخر الطفل عن الذهاب إلى فراشه، أو رفض تنفيذ أوامر الوالدين؛ مما يعرضه لمخاوف كثيرة.
– مشاهدة المناظر العنيفة أو المرعبة في التلفزيون، واستماعه إلي القصص المخيفة، وهذا يبين خطورة قصص الجن والعفاريت، وكذلك أفلام الرعب والقصص البوليسية.
– فقد الحب والرعاية، حيث تكثر مخاوف الأطفال من فقد أمه أو أبيه، أو فقد الأمن بهجر والده له، أو انفصال أمه عن أبيه، ومما سيقع عليه من أذى وكراهية وحرمان.
– التقليد أو الخوف بالعدوى، حيث يتعلم الأطفال الخوف في كثير من الأحيان عن طريق تقليد الكبار أو الأخوة أو الزملاء، فحالات الخوف كغيرها من الحالات الانفعالية تنتقل من فرد إلي آخر بالتأثير،وقد أثبتت الدراسات أنه يوجد لدى الطفل شديد الخوف واحد من الوالدين على الأقل مصاب بمخاوف شديدة.
– وجود أسباب تتعلق بالبيئة المدرسية للطفل قد يكون هو السبب وراء مخاوفه المستمرة، و إذا وصل إلى درجة الخوف المرضي فقد يكون رفض الذهاب إلى المدرسة مصحوباً بنوبات بكاء ، وأحياناً قيء وشعور بالشلل في الساقين ، ويهدأ الطفل في هذه الحالات المرضية بمجرد الاستجابة له وعدم إرساله إلى المدرسة.
– البيئة العائلية المليئة بالتهديدات والمشاجرات والخلافات، والظروف الأسرية المضطربة تؤدي إلى شعور الطفل بعدم الأمن، والأطفال الذين لا يشعرون بالأمن يحسون أنهم أقل قدرة من غيرهم في مواجهة المخاوف، وقد تتطور تلك المشاعر لتأخذ شكل مرضي.
كيف نعالج ظاهرة الخوف عند الأطفال؟
– تنشئته منذ نعومة أظفاره على الإيمان بالله،وعبادته، واللجوء إليه في كل ما ينوب ويروع، وأنه سبحانه مصدر الأمان لأنه هو الذي خلق الظلمات والنور، وهو الذي خلق الحيوانات والحشرات، وهو الذي يأخذ بناصيتها، وقد كفانا شرّها، ويحسن هنا أن يلقن المربي ولده أذكار الحفظ من هوام الأرض مثل:
(أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وذرأ ومن شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها ومن شر ما ذرأ في الأرض ومن شر ما يخرج منها ومن شرفتن الليل والنهار ومن شر طوارق الليل والنهار إلا طارق يطرق بخير يارحمن) .
– عدم كبح جماح الطفل في التعبير عن الخوف، والضغط عليه لكبت انفعالاته؛ لأن هذا الأسلوب يحول دون نموه وجدانيّا، ويؤدي به إلي الضحالة الانفعالية والانطواء.
– الاستماع الجيد للطفل عندما يعبر عن مخاوفه، وعدم السخرية منه أو وصفه بالجبان، بل على الوالدين مساعدة طفلهما في التفريق بين المخاوف والهموم الخيالية وبين المخاوف الواقعية
– الابتعاد عن ضرب الطفل أو إيذائه البدني، فهو لا يزال طفلاً لم يصل بعد على مرحلة التأديب بالضرب الخفيف، فالإيذاء البدني يصيب الطفل بالخوف والفزع ويولّد طفل جبان.
– التحلي بضبط النفس أمام الأطفال والتزام القدوة الحسنة، فالأم التي تخاف من حشرة معينة، أو عند انقطاع الكهرباء ليلاً، يجب أن تسيطر على انفعالها أمام أطفالها الصغار .
– اقرأ لطفلك قصة لطيفة عن الشيء الذي يخاف منه، فاقرأ له عن الكلب وكيف أنه كان وفياً فأنقذ صاحبه من الهلاك، واقرأ له عن القطة وكيف عذبتها المرأة الشريرة ولم تطعمها فنالت عقابها من الله تعالى.
– تقليل المدة التي يجلس فيها الطفل أمام التلفزيون، مع مراعاة تجنب أفلام الرعب، والجريمة والعنف، فقد لوحظ أن الأطفال الذين يشاهدون هذه البرامج هم أكثر خوفاً ممن لا يشاهدونها خاصة في عمر 11:7 سنة. (محمد سعيد مرسي:مرشد الآباء والأمهات،ص:97)
– ومما ينصح به علماء النفس والتربية كذلك: أن تتاح الفرصة للطفل للتعرف على الشيء الذي يخيفه ، فإذا كان يخاف الظلام فلا بأس بأن يُداعب بإطفاء النور ثم إشعاله ، وإن كان يخاف الماء فلا بأس بأن يسمح له بأن يلعب بقليل من الماء في إناء صغير … وهكذا .
– غمر الطفل بالحنان وإحاطته بالرعاية والاهتمام، فقد يضطره الإهمال أن يظهر خوفاً شديداً من أجل لفت انتباه الوالدين، ولكن مع مرور الوقت قد يصبح الخوف عادة لديه رغم زوال أسبابه.
– عليك بطريقة (الهدف النقيض) وذلك بأن تطلب من الطفل أن يمثل دور الخائف على نحو مبالغ فيه، تقول:أرني كيف سيبدو طفل يخاف أن يسقط من مكان مرتفع، وعندئذ سيشعر الطفل أن مخاوفه سخيفة وغير منطقية، ومع التكرار تكون النتيجة فعّالة.

– إذا تأصل الخوف عند الطفل وأصبح خوفاً مرضياً،فإن الحديث المباشر مع الطفل على أن ما يخاف منه لا يسبب له أذى، كما أن حثّ الطفل على التغلب على مخاوفه وتحقيرها لا يفيد كثيراً، ولابد من استخدام العلاج النفسي وفنّياته في علاج المخاوف المرضية (الفوبياhobia) . ( د.أحمد محمد الزعبي:مشكلات الأطفال النفسية والسلوكية والمدرسية،ص:37)
وأخيراً..عزيزي المربي
إنّ حرص المربي على إزالة مخاوف طفله هو في الحقيقة تأمين لإحدى حاجاته الأساسية لكي ينمو نمواً سليماً ويتمتع بشخصية قوية فعّالة ..
في ظل تربية لم تعرف الخوف..!

المراجع:
– مشكلات الأطفال النفسية والسلوكية والمدرسية:د.أحمد محمد الزعبي
– تربية الأولاد في الإسلام:عبد الله ناصح علوان
– مسئولية الأب المسلم في تربية ولده:د.عدنان حسن باحارث
– مشد الآباء والأمهات : محمد سعيد مرسي

منقول

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.