الدلال المفرط للابناء يفسدهم
يَا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ
تدليل الأبناء ظاهرة يكمن جوهرها في الآباء ولا علاقة للأبناء في مباشرتها، وما أن تبدأ حتى يصبح الجميع في خضمّها وقد تنتهي بنهايات غير سعيدة في أحيان كثيرة.
الأطفال عموما لديهم قدرة على الإلحاح لأنهم يفتقرون إلى حساسية تكرار الطلبات، وعليه يجب أن يكون لدى الآباء فلسفة صحيحة للتعامل مع تكرار الطلبات، والطلبات المبالغ فيها وتوقيت الطلب، ويمكن استغلال تلبية الطلبات أو عدمها في نظام العقوبات والجوائز.
إذا التدليل في معظمه مسؤولية الآباء وانعكاس لجزء من الشخصية الأبوية، فتربية الطفل مسئولية كبيرة تقع على عاتق الآباء لأنها تلعب دورا هاما في تشكيل سلوك الفرد وزرع القيم والمبادئ داخله ، وللوالدين أثر كبير في توجيه الأبناء خاصة في المراحل العمرية الأولى لأنها مرحلة تأسيسية يُكون الفرد فيها شخصيته المستقبلية. إن التوازن والاعتدال في جميع الأمور بلا إفراط هو أساس الصلاح والإصلاح وتحقيق المنفعة بشكل عام.
والدلال المفرط للأبناء هو أسلوب تربوي خاطئ يتخذه بعض الآباء ظنا منهم أن ذلك مظهر من مظاهر الحب والحنان و أنهم يجب أن يتسامحوا مع أبنائهم من اجل تحقيق جميع رغباتهم لإسعادهم .
إن الدلال الزائد يساهم في بناء شخصية غير سوية وغير متوازنة للأبناء، لأن ذلك سيكسبهم شخصية أنانية تجعلهم يفكرون في أنفسهم فقط، إضافة إلى عدم إحساسهم بالطمأنينة، ، ولن يهتموا بالكيفية التي يمكن للاباء أن يحققوا بها مطالبهم فتدليل الأبناء يقضي نهائياً على فرصة تكون الإرادة فيهم ، فالطفل المدلل لا يستطيع الاعتماد على نفسه أو مواجهة مشاكله وحلها لأنه يفتقر إلى المهارات اللازمة للتغلب على مصاعب الحياة اليومية التي تجعله عاجزاً عن الارتباط بأقرانه حيث يشعر بتشبع شديد من عاطفة الأسرة فلا يميل إلى الآخرين وذلك ينمي داخله الوحدة والانطواء .
وتزداد خطورة التدليل عندما يحس الابن المدلل انه مميز وأن رغباته يتم تلبيتها وعندما لا تلبى طلباته خاصة خارج نطاق الأسرة كالمدرسة مثلا حيث القوانين والأنظمة التي تمنعه من ارتكاب بعض التصرفات ، يلجأ إلى مخالفة هذه القوانين ويلجأ إلى العنف الذي يؤدي إلى مشاكل وخيمة وعدم استقرار نفسي فيجد نفسه منبوذا في مجتمعه وعند الآخرين.
إن الأسلوب التربوي الأمثل هو استخدام أسلوب الحزم الايجابي الهادف ضمن قواعد تربوية معيارها احترام القواعد والمبادئ والقيم، وحسن المعاملة، و احترام حقوق الآخرين لتحقيق طموحاتهم الشخصية دون إفراط و تدريب الأبناء على تحمل المسؤولية ومساعدتهم على تحقيق ذلك ، لأن أي نجاح يحققونه في هذا المجال يدفعهم إلى مزيد من المحاولات ويزيد من ثقتهم في أنفسهم.
لأن أبناءنا هم سعادتنا، يجب علينا أن ندرك أن التدليل المفرط للاطفال يفسدهم أكثر مما يفيدهم، وسعادتنا لن تكون بإطلاق العنان لهم ليفعلوا كل ما يريدون .
بسمة عُزبي فريحات
__________________
[