التصنيفات
شخصيات عالمية و عربية

سليمان عليه السلام -شخصيات

سليمان(عليه السلام)
نبي من أنبياء الله، أرسله الله إلى بني إسرائيل، وتولَّى الملك بعد وفاة والده
داود -عليهما السلام- وكان حاكمًا عادلاً بين الناس، يقضي بينهم بما
أنزل الله، وسخر الله له أشياء كثيرة: كالإنس والجن والطير والرياح… وغير ذلك، يعملون له ما يشاء بإذن ربه، ولا يخرجون عن طاعته، وإن خرج منهم أحدٌ وعصاه ولم ينفذ أمره عذبه عذابًا شديدًا، وألان له النحاس، وسخر الله له الشياطين، يأتون له بكل شىء يطلبه، ويعملون له المحاريب والتماثيل والأحواض التى ينبع منها الماء.
قال تعالى: {ولسليمان الريح غدوها شهرًا ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير . يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داوود شكرًا وقليل من عبادي الشكور} [سبأ:12-13] وعلم الله -سبحانه- سليمان لغة الطيور والحيوانات، وكان له جيش عظيم قوى يتكون من البشر والجن والطير، قال تعالى: {وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون} [النحل:17].
وكان سليمان دائم الذكر والشكر لله على هذه النعم، كثير الصلوات والتسابيح والاستغفار، وقد منح الله عز وجل سليمان -عليه السلام- الذكاء
منذ صباه، فذات يوم ذهب كعادته مع أبيه داود -عليه السلام- إلى دار القضاء فدخل اثنان من الرجال، أحدهما كان صاحب أرض فيها زرع، والآخر كان راعيًا للغنم، وذلك للفصل في قضيتهما، فقال صاحب الأرض: إن هذا الرجل له غنم ترعى فدخلت أرضى ليلاً، وأفسدت ما فيها من زرع، فاحكم بيننا
بالعدل، ولم يحكم داود في هذه القضية حتى سمع حجة الآخر، عندها تأكد من صدق ما قاله صاحب الأرض، فحكم له بأن يأخذ الغنم مقابل الخسائر التى لحقت بحديقته، لكن سليمان -عليه السلام- رغم صغر سنه، كان له
حكم آخر، فاستأذن من أبيه أن يعرضه، فأذن له، فحكم سليمان بأن يأخذ صاحب الغنم الأرض ليصلحها، ويأخذ صاحب الأرض الغنم لينتفع بلبنها وصوفها، فإذا ما انتهي صاحب الغنم من إصلاح الأرض أخذ غنمه، وأخذ صاحب الحديقة حديقته.
وكان هذا الحكم هو الحكم الصحيح والرأي الأفضل، فوافقوا على ذلك الحكم وقبلوه بارتياح، وأعجب داود -عليه السلام- بفهم ابنه سليمان لهذه القضية مع كونه صغيرًا، ووافق على حكم ابنه، وقد حكى الله -عز وجل- ذلك في القرآن قال تعالى: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين . ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكمًا وعلمًا وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين} [الأنبياء:78-79].
وذات يوم كان سليمان يسير مع جنوده من الجن والإنس، ومن فوقه الطير يظله فسمع صوت نملة تقول لزميلاتها: {يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون} [النمل:18] فتبسَّم سليمان من قول هذه النملة، ورفع يده إلى السماء داعيًا ربه شاكرًا له على هذه النعمة قال:
{رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والدي وأن أعمل صالحًا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين} [النمل:19].
ومَّرت الأيام، وبينما كان سليمان -عليه السلام- يسير وسط جنوده ويتفقد مواقعهم، نظر ناحية الطير، فلم يجد الهدهد بين الطيور، وكان الهدهد حين ذاك قد ترك مكانه دون أن يعلم سليمان، فغضب منه سليمان غضبًا عظيمًا، وقال {لأعذبنه عذابًا شديدًا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين} [النمل:21] وغاب الهدهد فترة من الزمن، ولما عاد أخبرته الطيور بسؤال سليمان عليه، فذهب الهدهد على الفور إلى سليمان، وقال له: {أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين . إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون} [النمل:22-24].
لقد وجد الهدهد قوم سبأ يسجدون للشمس ويعبدونها من دون الله، فحزن لذلك، فلم يكن يتصور أن أحدًا يسجد لغير الله، فأراد سليمان أن يتأكد من صدق الهدهد، فكتب رسالة موجزة يدعو فيها الملكة وقومها إلى الإسلام والإيمان بالله -عز وجل- وترك ما هم عليه من عبادة الشمس، وأعطاها للهدهد، ليذهب بها إلى مملكة سبأ ثم ينتظر منهم الجواب، فأخذ الهدهد كتاب سليمان، وطار به إلى مملكة سبأ، ثم دخل حجرة الملكة دون أن يشعر به أحد، فألقى عليها الرسالة ثم وقف بعيدًا عنها، يراقبها ويراقب قومها ماذا سيفعلون حينما يقرءون هذه الرسالة.
أخذت الملكة الرسالة، وقرأت ما فيها، فأعجبت بها، لكنها امتنعت عن أخذ أى قرار في شأن هذه الرسالة حتى تشاور كبار القوم من الأمراء والوزراء، فدعتهم للحضور، وأخبرتهم بما في هذه الرسالة، وطلبت منهم المشورة في الأمر، فاقترحوا عليها محاربة سليمان، فهم أصحاب قوة، لكن الملكة لم تقبل مبدأ الحرب والقتال لأنها استشعرت قوة سليمان، واقترحت على قومها أن تبعث إليه بهدية تليق بمكانته، وتنتظر رده، فلعله يقبل ذلك، أو يفرض عليهم جزية، ويترك
محاربتهم.
وبعد أيام وصل رسل الملكة ومعهم الهدايا العظيمة والكنوز الرائعة، ودخلوا على سليمان ووضعوا الهدايا العظيمة أمامه، فأعرض عنها سليمان -عليه السلام- ولم يقبلها منهم، وقال لهم: {أتمدوننِ بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون}_[النمل:36] ثم توعدهم إن لم يسلموا سيأتى إليهم بجنود لا طاقة لهم بردِّها والوقوف أمامها؛ لمحاربتهم وخروجهم من بيوتهم، ولما عاد رسل الملكة ذهبوا إليها، وأخبروها بما حدث بينهم وبين سليمان، وحدثوا عما رأوا من قوته وبأسه وما سخره الله له، فجمعت الملكة بلقيس كبار رجال دولتها من الوزراء والأمراء لتستشيرهم في أمر سليمان، فرأوا أن يذهبوا جميعًا إليه مستسلمين، وكان هذا هو رأي الملكة أيضًا، وعندها رفعت حالة الطوارئ للجميع استعدادًا للذهاب إلى سليمان.
وعلم سليمان بمجيء بلقيس ملكة سبأ وقومها إليه للإسلام والإيمان، لذا أراد أن يريها آية من آيات الله العليم القدير، لتعرف أنه مرسل من ربه، فطلب سليمان من أعوانه أن يأتوه بعرشها قبل أن تصل إليه، فأخبره عفريت من الجن أنه يستطيع أن يأتى بالعرش قبل أن يقوم من مجلسه، وأخبره رجل آخر عنده علم من الكتاب أنه يستطيع أن يأتى بالعرش قبل أن يرتد إليه طرف عينه، فأذن سليمان لهذا العبد الصالح الذي عنده علم من الكتاب بإحضار العرش، وفي لحظات كان عرش بلقيس أمام سليمان، فذكر سليمان نعمة الله عليه، وفضله بأن جعل من جنوده من هو قادر على إحضار عرش بلقيس من اليمن إلى الشام في طرفة عين، فقال: {هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم} [النمل:40].
وقد أمر سليمان الجن أن يبنوا له قصرًا عظيمًا، حتى يستقبل فيه ملكة سبأ، وأشار عليهم أن تكون أرضية هذا القصر من زجاج شديد الصلابة والشفافية، تمر المياه من تحته، ثم يضعوا عرشها فيه بعد إدخال بعض التغيرات عليه لمعرفة هل ستهتدي الملكة أم لا؟ ومرت الأيام، وشاع خبر وصول الملكة وقومها، فخرج سليمان لاستقبالها، ثم عاد بها إلى القصر الذي أعده لها، وعند دخول ملكة سبأ هذا القصر، وقع نظرها على العرش، فأشار سليمان إليه، وقال لها: أهكذا عرشك؟ فقالت في دهشة واستغراب مستبعدة أن يكون الذي أمامها هو عرشها، حيث تركته هناك بأرض اليمن: كأنه هو‍‍ !!
فلما أقبلت بلقيس لدخول القصر، رأت أمامها الماء، ولم تر الزجاج، فكشفت عن ساقيها خوفًا من أن يبتل ثوبها، فأخبرها سليمان أن أرضية القصر مصنوعة من زجاج، فلما رأت الملكة هذه الآيات، أعلنت إسلامها، وقالت: {رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين} [النمل: 44] وقد ابتلى الله سليمان -عليه السلام- بمرض شديد حار فيه أطباء الإنس والجن، وجاءوا إليه بأدوية من كل نوع، لكنه لم يكتب له الشفاء، بل كان المرض يزداد عليه ويشتد يومًا عن آخر، وكان إذا جلس على كرسيه جلس عليه كأنه جسد
بلا روح، واستمر المرض مع سليمان مدة طويلة من الزمن، فلم يجزع منه ولم ييأس، بل كلما كان يشتد مرضه، يزداد ذكره لله، داعيًا ومستغفرًا له، طالبًا منه الشفاء، حتى استجاب الله له، وعادت إليه صحته، فأدرك سليمان أن مجده وملكه وعظمته لا تضمن له الشفاء إلا إذا أراد الله.
وقد أراد سليمان -عليه السلام- أن يبني بيتًا كبيرًا يُعْبد الله فيه، فكلف الجن بعمل هذا البيت، فاستجابوا له، لأنهم مسخرون له بأمر الله، فكانوا لا يعصون له أمرًا، وكان من عادة سليمان أن يقف أمام الجن وهم يعملون، حتى لا يتكاسلوا وبينما هو واقف يراقبهم وهو متكئ على عصاه مات دون أن تعلم الجن، وكانوا ينظرون إليه وهو على هذه الحال، فيظنون أنه يصلي ويذكر الله، فيواصلون البناء دون انقطاع حتى انتهوا من بناء البيت المطلوب، ولم يعرفوا أنه مات إلا بعد أن جاءت الأرضة فأكلت العصا، ووقع نبي الله سليمان على الأرض.
فأسرع الجن والإنس إليه فوجدوه ميتًا، وأدرك الجن أنه مات من فترة طويلة، ولو كانوا يعلمون ذلك لما استمروا في حمل الحجارة وبناء البيت، قال تعالى:
{فلما قضينا عليه الموت ما دلهم عليه إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن إن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين} [سبأ:14] وادعى بعض اليهود أن سليمان كان ساحرًا، ويسخر كل الكائنات بسحره، فنفي الله عنه ذلك في قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين علي ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر} [البقرة:102] وقد أثنى الله على سليمان بكثرة العبادة والتضرع لله، فقال تعالى: {ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب} [ص:30].

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
شخصيات عالمية و عربية

الإمبراطور سبتيموس سيفيروس Septimus severus من الشخصيات

أباطِرة رُوما الحِمْصِيُّون

" قيل إن مياه نهر العاصي تصُبُّ في نهر التيبر بروما " دلالة على تأثير سورية والسوريين في روما ، ذلك لأنه تربَّع على عرش روما خمسة أباطرة من أصل سوري أربعة منهم من حمص خلال الفترة ( 193 235 ) م

اشتهرت حمص بتلك الفترة بعبادة الشمس وهيكلها الفاخر الذي فيه الحجر الأسود الهرمي الشكل وكان يُشتَرَط على كهنة هذا المعبد أن يكونوا من أعيان البلد ومن أشهر أفراد الأُسَر، وكان باسيانوس Basianus أو باسيان كاهن المعبد ذو أخلاق وثقافة عالية وآداب سامية وهذا ما هيَّأ لعائلته تبؤَ مناصب رفيعة في الدولة الرومانية .
وُلِدَت إبنته جوليا دومنا Julia domna حوالي سنة 166 م وكانت على جانب كبير من الذكاء والجمال والثقافة لاسيما في العلوم الطبيعية والفلكية وتتكلّم الآرامية. وكذلك شقيقتها جوليا ميسا Julia maesa وإبنتيها جوليا سوميا Julia somia وجوليا ماميا Julia mamia كنَّ أيضاًعلى قدْر كبير من الثقافة والعلْم والثروة الكبيرة . وذكرَ أحد المؤرّخين أن بابنيانوس Papinianus النابغة في فقه الحقوق هو إبن باسيانوس وآخرون ذكروا إنه قريبهم . وحدث أن أحد الأشخاص ويُدعى يوليوس إسكندر كان يترأس عصابة في منطقة حمص عاثت في البلاد فساداً لدرجة أقلقت السكّان وخشيَ الإمبراطور كومود (180192 ) إبن أوُريليوس شرَّها فأرسل قائداً عسكرياً ماهراً لضرب هذه العصابة ، هو سبتيموس سيفيروس الذي توجّه إلى المنطقة التى اعتصمت بها العصابة وطوَّقها وقضى عليها عام 179 م . وأثناء وجوده في حمص وقع نظره على جوليا دومنا فسحره جمالها وشعرَ بميل عظيم إليها وتوسَّم لنفسه مستقبلاً عظيماً إذا تزوّجها ، فطلبها من أبيها الذي لم يُمانع عن تلبية طلبه.ويكبرها بعشرين عاماً ، وأصبحت زوجته ورُزِقا من هذا الزواج عدة بنين : الأكبر باسيان وسُمّي فيما بعد كاراكلاّ Caracalla الذي وُلِدَ في ليون بفرنسا سنة 188م والأصغر جيتا Jeta
فكيف هؤلاء وصلوا إلى حكم روما ؟

الإمبراطور سبتيموس سيفيروس Septimus severus
م93 وحتى 211 م

وُلِدَ بليبيا في بلدة لبدة بتاريخ 11نيسان سنة 146 م من أصل فينيقي أفريقي أو من أفاميا (قلعة المضيق ) وكان يتكلّم الفينيقية درسَ الفقه في روما ونبغ في القانون وتولّى عدة مناصب حكومية في عهد الإمبراطور أوريليوس وإبنه كومود وكان قائداً عسكرياً ماهراً أحبّه الجند لإنه كان شديد العطف عليهم .
عندما توفي الإمبراطور كومود مسموماً في 1 كانون أول سنة192م ،تولّى مكانه برتينكس والي سوريا فلم يستطع إرضاء الجند فقتلَ في 28 آذار سنة193 م ثم استقرَّت المبايعة على تولّي رجل غني جداً يُدعى ديديوس يوليان ونودي به إمبراطوراً ولما بلغ هذا الأمر
كتائب الجيش في مختلف الأصقاع ، فنادى كل جيش بقائده إمبراطوراً . وكان سبتيموس سيفيروس يقود جيش الدانوب ولكونه محبوباً من جنوده فنادوا به إمبراطوراً فأسرع بجنوده إلى روما ودخلها بموكب عظيم وتبوّأ الإمبراطورية وللحال أصدر المجلس العالي الروماني حكماً بقتل ديديوس يوليان كمجرم فقُبضَ عليه وقُتِلَ بعد حكمَ دام 26 يوماً . ثم قضى على خصميه نيجر وألبيوس وأصبح إمبراطوراً بلا منازع .

لم يكن سيفيروس حمصي المَوْلِد لكنه حمصي العاطفة ، وكان لزوجته جوليا الأثر الكبير في الدولة فقاسمته المكانة والسلطان والنفوذ وكانت تدير معهداً في العلم والأدب والسياسة وتتكوَّن شخصياته من الرومان وأعيان السوريين واستعانت بنوجين كاتب التراجم وديوكاشيوس المؤرّخ وبفيلوسترات السفسطائي وببابنيانوس الفقيه في فن الحقوق الذي عيّنه مستشاره القانوني ورئيس مجلس المستشارين كما عيّن يوليوس باولوس Julius paulus (من مواليد حمص ) الفقيه والحجة في القوانين الرومانية واعتمد على أختها جوليا ميسا وإبنتيها جوليا سوميا وجوليا ماميا حيث كنّ على قدْر كبير من الثقافة والعلم والثروة المالية الكبيرة وأكَّد المؤرخون إنها لطَّفتْ كثيراً من أخلاق زوجها العسكرية القاسية وحملَت العديد من الألقاب ( أم القياصرة ، أم الجيوش ، أم الوطن ، أم الشيوخ ، و دومينا وهي تحريف عن الكلمة السورية مارتا وتعني السيدة بالغة الجلال ) ، كما نُقِشَت صورتها على النقود وأقيم لها تماثيل ومعابد عديدة .
كان حظ سوريا عموماً وحمص خصوصاً حسناً بعهد هذا الإمبراطور فأولى عناية كبيرة بالبلاد التي أقام فيها مدة طويلة لاسيما الفترة من سنة 182 184 م في منطقة حمص التي اقترن بها بجوليا دومنا . فعرِف ما تحتاجه البلاد من عناية فبذل جهده بتأمين الطرقات وتعويد الشعب على العمل المجدي والإنصراف عن الشغَب ، وصيانة الحصون التي بلغ عددها 42 حصناً والتي تمتد مابين دمشق وتدمر وأطلال بعلبك . وقسَّم سورية إلى قسمين جعل القسم الأول سورية الشمالية الممتدّة من أقصى الشمال إلى غاية السهول الممتدَّة على ضفَّتي العاصي حتى أنطاكيا ، والقسم الثاني سورية الفينيقية والسواحل البحرية وشرق لبنان ويضم هذا القسم بعلبك وحمص ودمشق وتدمر .
وفي آخر أيامه قصد أوروبا وحارب الكلدونيين القاطنين شمال بريطانيا لكنه توفي في مدينة يورك سنة 211م .

2 الإمبراطور كاراكلاّ Caracalla

من 211 وحتى 217 م

تركَ سيفيروس المُلْكْ من بعده لولديه كاركلاّ وجيتا Jeta اللذين سبق أن أشركهما معه في الحكم وأعطاهما لقب ( قيصر ) وذلك تفادياً من تغلُّب أحدهما على الآخر بعد وفاته , فحكما البلاد معاً سنة 211 م حوالي سنة واحدة ، وإن الضغينة كانت في قلب كل واحد على الآخر، لكن والدتهما جوليا كانت تُصْلِح بينهما باستمرار فلم يطل الأمر على هذا النحو وأثاء عتاب بينهما وبحضور والدتهما هجم كاراكلاّ على أخيه جيتا وفتك به سنة 212 م .

ورأت والدته أن تقف إلى جانب إبنها كاراكلاّ وهو في ريعان الشباب ولم يتجاوز عمره 23 سنة ، الذي حملَ إسم كاراكلاّ لأنه كان يرتدي الكاركال وهو رداء سوري يُشبه العباءة . ولعبت والدته دور الوزير الأمين خلال العامين 214 215 م ،ومن أعماله إنه أنشأ الرواق والعرَصة أمام الهيكل في بعلبك وأصدر القانون الذي منح بموجبه الجنسية الرومانية لكل سكَّان الإمبراطورية ، فأدّى ذلك إلى إملاء الخزينة بالرسوم التي تقاضتها الإمبراطورية من الجميع الذين كانوا يؤدُّونها بطيبة خاطر لحصولهم على الجنسية الرومانية ، وكان يمدّ يد العون لكل من يلوذ به ، وبالرغم من حسناته فإن ضميره كان يوبِّخه على قتل أخيه جيتا . وقتل الفقيه بابنيانوس وهو في عمر 37 سنة ،وعيَّن أولبيانوس Ulpianus (وهو من مواليد بيروت أو صور وتلميذ بابيانوس )مستشاراً له ورئيساً على الحرس وكان كاراكلاّ كثير التجوال في الولايات التابعة لإمبراطوريته . وفيما كان يحاول إخضاع البرثيين في الشرق ، اغتاله رئيس الحرس مكرينوس في الرها شمال سوريا سنة 217 م . وأرسل رماده إلى أمّه التي استقرّت في أنطاكيا وحزنت عليه وامتنعت عن الطعام حتى توفّيت بنفس العام ثم أعيد رفاتها إلى المقبرة الإمبراطورية (أوغست ) في روما باحتفال مهيب برعاية وتدخُّل أختها جوليا ميسا وخلّدت روما إمبراطورها كاراكلاّ بإنشاء الحمّامات الكبيرة على إسمه التي مازالت آثارها قائمة وتتّسع ل 1600 زائراً

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
شخصيات عالمية و عربية

ياسر عرفات أمة في رجل

هو الزمان والمكان والقرية والمدينة والمخيم والزعيم الروحي هو أبو فلسطين معتمراً كوفيته التي تأخذ شكل خارطة فلسطين وبزته العسكرية التي هي رمز العزة، ورمز القضية المستحيل التي كانت حرية فلسطين وشعبها هاجساً كبيراً في حركاته وتحالفاته وحربه وسلامه عبر مراحله النضالية الطويلة التي قاربت من نصف قرن، حيث كان لديه متسع من الخلاف والاختلاف، ممتلكاً القدرة على التمسك بالصواب والعودة عن الخطأ، محترماً في ذلك رأي معارضيه، دون أن يولي لهم حقد أو ضغينة فقد كان صاحب نظريات الأبواب والأفاق المفتوحة للجميع لمن يرغب الدخول للسلطة الوطنية أو منظمة التحرير الفلسطينية أو … عبر مؤسساتهما مدركاً تمام المعرفة لواجباته تجاه شعبه مولياً أهمية كبرى للوحدة الوطنية كونها الطريق الوحيد لاسترداد حقوقنا الوطنية.

بالتأكيد هكذا هم أبناء فتح الذين نشئوا على يد المؤسس والمعلم ألأول "الشهيد الخالد ياسر عرفات" الذي علمهم نمط الحياة الاعتيادية متسامحين متحابين ومتدينين ومتعصبين، وعلمانيين تجدهم يجاملون كافة الطوائف والديانات السماوية والأحزاب دون تميز بين هذا وذاك رغم كل الرياح والتقلبات،،، هكذا أمتلك أبو عمار سمات الزعامة على أرضية الفعل النضالي في عمق الجغرافية الطبيعية والسياسية الفلسطينية والدولية، فقد كان البيت الفلسطيني وشرعية القرار في حال حدوث مكروه لا قدر الله.

تأتي اليوم هذه الذكرى الغالية على نفوسنا ونحن نستذكر مقولة شهيدنا الخالد" لقد خضنا أطول ثورة في العصر الحديث والتي امتدت أعناقها وجذورها، في كل مكان في العالم، لذا لا يستطيع كان من كان أن يزيل وجودنا عن هذه الأرض المقدسة"، كما نستذكر شعارك الدائم "ليس منا وليس فينا من يفرط بذرة تراب من أرض فلسطين"

فكم مرة قتلت فلسطين وكم من مرة قتلت، ولكنك لم تمت كشعبها العظيم، لأنك موسوعة فن البقاء، عندما أنقسم الوطن من نكبة اغتصاب فلسطين عام 1948م ، وعدوان عام 1956 ثم هزيمة الجيوش العربية عام 1967م، ومن بين مأساة أيلول الأسود وحصار بيروت وصبرا وشاتيلا، إلى حصارك في رام الله، مروراً بعشرات المحاولات الفاشلة التي كُنت تخرج منها كالسور الشامخ برعاية الله، ولكن إرادة الله فاقت عنادك وإصرارك بأن ترحل بخطاب إعلامي وتاريخي كبير… يا من عز نظيرك في هذا الزمن الرقيق، رحلت عنا وجملة من ألأسئلة عالقة حول حقيقة رحيلك…، نعم رحلت ونستذكر أصوات الباكين حسرة وألماً عندما لبست فلسطين ثوب الحداد، نستذكر ونحن ما أحوجنا إليك كي تعزز وحدتنا الوطنية، التي نستشعر بأهميتها في هذه اللحظات التاريخية والمصيرية من تاريخ شعبنا، نحو تحقيق آمالك التي وضعتنا على أبوابها.

فرحلت شهيداً وأنت مؤمناً ومطمئناً على سلامة شعبك بإخلاص ووحدته الوطنية التي نشعر بأهميتها في هذه اللحظات التاريخية والمصيرية من تاريخ شعبنا، نحو تحقيق أمالك التي وضعتنا على أبوابها نحو استكمال مشوارك وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف التي هي حلم ونهج كل فلسطيني ضمن دولة تسودها العدالة والديمقراطية على مختلف مؤسساتها،،، دولة القانون الواحد ترفع علم الجميع في ظل علم واحد، هي سلطتنا الوطنية الفلسطينية ورئيسها المنتخب من قبل جماهيرنا الفلسطينية لنكمل مشوارك ومشوار من سبقونا نحو تحقيق الحلم الفلسطيني الكامل دون كلل أو ملل رغم المراوغات والحجج الإسرائيلية "شاء من شاء وأبى من أبى"

بقلم : محمد داود–كاتب وباحث

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
شخصيات عالمية و عربية

قصة ام ورقة **المرأة الشهيدة** من الشخصيات

لقد قرأت قصة لمرأة مسلمة لقد أعجبتني تلك القصة
سأعرضها عليكم:


أم ورقة (المرأة الشهيدة)

انها ابنة عبد الله بن الحارث بن عويمر بن نوفل الانصارية وهي مشهورة بكنيتها (ام ورقة بنت عبد الله) وقد يقال لها: ام ورقه بنت نوفل نسبه الى جدها الاعلي.

وهي من كرائم نساء عصرها وافاضلهم ولذا كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يزورها في بعض الاوقات ويلقبها بالشهيدة وكانت رضي الله عنها غيورة على الدين حريصة للموت في سبيل الله من اجلاعلاء كلمه الله ومناجل ان لا تحرم الجهاد مع المسلمين ولتنال اجر المجاهدين فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا قالت له:
ايذن لي ان اخرج معكم اداوي جراحكم وامرض مرضاكم فلعل الله يهدي الى الشهادة.
فقال لها النبي صلي الله عليه وسلم:
( انالله يهديك الشهادة وقري في بيتك فإنك شهيدة).

وكانت رضي الله عنها قد جمعت القران الكريم وكانت قارئه له ولذا امرهاالنبي صلي الله عليه وسلم ان تؤم اهل دارها وجعل لها مؤذنا يؤذن لها.

فقد جاء في المسند والسنن من حديث عبدالرحمن بن خلاد عن ام ورقة : ان رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يزورها في بيتها وجعل لها مؤذنا كان يؤذن لها,قال عبد الرحمن : انا رايت مؤذنها شيخا كبيرا.

وهكذا غدا بيت ام ورقة رضي الله عنها بيتا من بيوت الله تقام فيهالصلوات الخمس . فيا له من فخر تفخر به امرأة كأم ورقه رضي الله عنها.

وظلت ام ورقه على حالها تحافظ على شعائر الله الى ان قام غلام وجاريه لهاكانت دبرتهما(1) فغمياها فقتلاها فلما اصبح عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال والله ما سمعت قراءه خالتي ام ورقه البارحه,فدخل الدار فلم يرشيئا فدخل البيت فإذا هي ملفوفة في قطيفة في جانب البيت فقال: صدق رسول الله حين كان يقول انطلقوا بنا نزور الشهيدة).
ثم صعد عمر رضي الله عنه المنبر فذكر الخبر وقال: علي بهما فاتي بهما فسألهما فاقرا انهما قتلاها فامر بهما فصليا فكانا اول مصلوب بالمدينه.

فرحم الله ام ورقه وجزاها الله كل الخير , قرأت القران وجمعته وكانت اماما لنساء عصرها واستحبت الجهاد لتنال اجرالمجاهدين فاستجاب الله لها ونالت اجرهم..


ويمكنكم أيضا تحميل هذه القصة من هذا الرابط

http://www.mediafire.com/?h4aexug1wtt

وشكراااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

وإنتظروا قصص اسلامية أخرى إنشاء اللله.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
شخصيات عالمية و عربية

ابن حزم الاندلسي

هو أبومحمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد الفارسي الأصل ، ثم الأندلسي القرطبي اليزيدي مولى الأمير يزيد بن أبي سفيان بن حرب الأموي المعروف بيزيد الخير. ولد ابن حزم بقرطبة في سنة 384 ه ونشأ في تنعم ورفاهية ورزق ذكاء مفرطا، وكان والده من كبراء اهل قرطبه ، عمل الوزارة في الدولة العامرية . وكان في بداية حياته قد مهر الادب والاخبار والشعر والمنطق والفلسفة ، ثم اتجه إلى التعمق في الفقه ، فتفقه أولا للشافعي ثم أداه اجتهاده إلى القول بنفي القياس كله جليه وخفيه ، والأخذ بظاهر النص وعموم الكتاب والحديث والقول بالبراءة الأصلية.
وقد بسط لسانه وقلمه في جماعة من الائمة العلماء فكان ان امتحن في ذلك ، فشرد عن وطنه ، وجرت له امور ، وقام عليه جماعة من المالكية .

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
شخصيات عالمية و عربية

سعيد بن المسيب

سعيد بن المسيب

إن الناظر في ماضي الأمة الإسلامية وحاضرها لا يملك إلا العجب العجيب والدَهَش الغريب من هذا التراجع الحضاري الذي وصلت إليه اليوم وأصبحت الحاجة الملحة إلى نهضة إسلامية تملى علينا أن نطرح للمناقشة – وبكل صراحة – الأسباب التي أدت إلى هذا التقهقر والوسائل المثلى لتحقيق بعث إسلامي جديد خاصة بعد أن فشلت الحلول المستوردة في تحقيق النهضة المرجوة فصار لزاما على الخلف اليوم أن يستفيد من منهج السلف الصالح صانع حضارة الأمس.
وفى سيرة سيد التابعين (سعيد بن المسيب) يمكن أن نجد الكثير من معالم الطريق المنشود والعديد من المبادئ التي لابد أن نقوم بها إن أردنا بصدق أن يعود لنا المجد المفقود.

العلم الركيزة الأساسية للرقى

أدرك سعيد بن المسيب منذ نعومة أظافره أنه لا يوجد مصيبة أعظم من الجهل يمكن أن تلم بحياة الإنسان فأنفق عمره في تحصيل العلم يقول في ذلك عن نفسه (إن كنت لأرحل الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد) وفى كنف الصحابة أخذ ينهل من نبع العلم الصافي فسمع من عثمان وعليا وزيد بن ثابت وسعد بن أبى وقاص وعائشة وأبا موسى الأشعري رضي الله عنهم جميعا كما كان زواجه من ابنة الصحابي أبى هريرة رضي الله عنه المنحة الربانية التي هيأت له الفرصة لسماع مئات الأحاديث من ذاكرة الوحي حتى صار أثبت الناس وأعلمهم بحديث أبى هريرة رضي الله عنه كما رأى سعيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان مغرما بتتبع أقضية عمر وتعلمها حتى قيل له (راوية عمر) وكان عبد الله بن عمر يرسل إليه يسأله عنها قال أبو طالب قلت لأحمد بن حنبل سعيد بن المسيب عن عمر حجة؟ قال هو عندنا حجة قد رأى عمر وسمع منه إذا لم يقبل سعيد عن عمر فمن يقبل؟
ومع طول المثابرة في تحصيل العلم صار سعيد عالم أهل المدينة بلا مدافعة وإمام فقهائها السبعة الذين كانوا الواصل الحقيقي بين عصر الصحابة وعصور المذاهب الفقهية المختلفة فيقول (ما أحد أعلم بقضاء قضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر منى) وقال عنه قتادة: ما رأيت أحد أعلم من سعيد بن المسيب وعن مكحول قال طفت الأرض كلها في طلب العلم فما لقيت أعلم من سعيد وسأل رجل القاسم بن محمد عن شئ فقال أسألت أحدا غيرى قال نعم عروة وفلانا وسعيد بن المسيب فقال: أطع ابن المسيب فإنه سيدنا وعالمنا وكان عبد الله بن عمر إذا سئل عن الشيء يشكل عليه يقول: سلوا سعيد بن المسيب فإنه قد جالس الصالحين وروى الربيع عن الشافعي أنه قال: إرسال سعيد بن المسيب عندنا حسن وقال الإمام أحمد هي صحاح قال وسعيد بن المسيب أفضل التابعين وقال على بن المدينى: لا أعلم في التابعين أوسع علما منه وإذا قال سعيد مضت السنة فحسبك به وهو عندي أجل التابعين وقال أبو حاتم: ليس في التابعين أنبل منه.
ولئن لم يترك سعيد آثارا مكتوبة على عادة علماء ذلك العصر لندرة وسائل الكتابة فإنه قلما نجد كتابا في الفقه أو التفسير أو الحديث التي كتبت في عصر التدوين إلا وآراء سعيد واجتهاداته مبثوثة في ثنايا مباحثها قال عمر بن العزيز (إن مصدر العلم سعيد وما كان عالم بالمدينة إلا يأتينى بعلمه) وبالإضافة إلى تميزه في العلوم الشرعية والآداب الربانية برع إمام التابعين في علم تعبير الرؤيا أخذ ذلك عن أسماء بنت أبى بكر وأخذته أسماء عن أبيها رضي الله عنهم وتُروى في براعته في التعبير مواقف رائعة منها ما رواه ابن سعد في الطبقات عن عمر بن حبيب بن قليع قال كنت جالسا عند سعيد بن المسيب يوما وقد ضاقت علىّ الأشياء ورهقنى دين فجلست إلى ابن المسيب ما أدرى أين أذهب فجاءه رجل فقال يا أبا محمد إني رأيت رؤيا قال ما هي؟ قال: رأيت كأني أخذت عبد الملك بن مروان فأضجعته إلى الأرض ثم بطحته فأوتدت في ظهره أربعة أوتاد قال ما أنت رأيتها قال: بلى أنا رأيتها قال لا أخبرك أو تخبرني قال: ابن الزبير رآها وهو بعثني إليك قال: لئن صدقت رؤياه قتله عبد الملك بن مروان وخرج من صلب عبد الملك أربعة كلهم يكون خليفة قال عمر بن حبيب الراوي فدخلت إلى عبد الملك بن مروان بالشام فأخبرته بذلك عن سعيد بن المسيب فسره وسألني عن سعيد وعن حاله فأخبرته وأمر لي بقضاء ديني وأصبت منه خيرا.
وعن مسلم الخياط قال: قال رجل لابن المسيب إني أراني أبول في يدي فقال اتق الله فإن تحتك ذات محرم فنظر فإذا امرأة بينها وبينه رضاع وقال له رجل إني أرى في النوم كأني أخوض النار فقال إن صدقت رؤياك لا تموت حتى تركب البحر وتموت قتلا قال الراوي: فركب البحر فأشفى على الهلكة وقتل يوم قديد بالسيف.
واليوم وفى عصر الفضائيات وثورة المعلومات لابد لنا أن لا نغفل حقيقة هامة هي أن العلم الذي رفع ابن المسيب إلى سماء المجد بل ورفع أي أمة عبر الزمان لابد أن يكون اللبنة الأولى في صرح تقدمنا المنشود وأن لا نرضى بغيره بدلا لأن أي رقى بدون علم وهم وسراب سرعان ما يزول تاركا مرارة ومذلة في حياة أصحابه لا يعلم قدرها إلا الله.

لا … لا … يا قيود الأرض

كان ابن المسيب آية في الصلاح والتقى وإيثار الآخرة على الدنيا التي لا تساوى عند الله جناح بعوضة فلقد ألزم نفسه التقلل من حلالها والإعراض عن حرامها وحطامها يقول ابن كثير (كان سعيد بن المسيب من أورع الناس فيما يدخل بيته وبطنه وكان من أزهد الناس في فضول الدنيا والكلام فيما لا يعنى ومن أكثر الناس أدبا في الحديث جاءه رجل وهو مريض فسأله عن حديث فجلس فحدثه ثم اضطجع فقال الرجل وددت أنك لم تتعن فقال إني كرهت أن أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجع وقال برد مولاه: ما نودي للصلاة منذ أربعين إلا وسعيد في المسجد وقال ابن إدريس: صلى سعيد بن المسيب الغداة بوضوء العتمة خمسين سنة)
ولقد بلغ حب العبادة شغاف قلبه فلم يفتر عنها لا في سراء ولا ضراء فيقول رحمه الله (ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة وما نظرت إلى قفا رجل في الصلاة منذ خمسين سنة) وعن بشر بن عاصم قال: قلت لسعيد يا عمى ألا تخرج فتأكل الثوم مع قومك؟ فقال معاذ الله يا ابن أخي أن أدع خمسا وعشرين صلاة خمس صلوات وقد سمعت كعبا يقول وددت أن هذا اللبن عاد قطرانا اتبعت قريش أذناب الإبل في هذه الشعاب إن الشيطان مع الشاذ وهو من الاثنين أبعد. واشتكى يوما عينه فقالوا له لو خرجت يا أبا محمد إلى العقيق فنظرت إلى الخضرة لوجدت لذلك خفه قال فكيف أصنع بشهود العتمة والصبح.
وها هو العابد حتى في أحلك المواقف فعن أبى حازم قال سمعت سعيد بن المسيب يقول لقد رأيتني ليالي الحرة وما في المسجد أحد من خلق الله غيري وإن أهل الشام ليدخلون زمرا زمرا يقولون: انظروا إلى هذا الشيخ المجنون وما يأتي وقت صلاة إلا سمعت أذانا في القبر ثم تقدمت فأقمت فصليت وما في المسجد أحد غيري ويؤثر عنه أنه حج أربعين حجة وما ترك الدعاء والقيام منذ عرف الإسلام حتى لقب (براهب قريش) وكان يكثر من قول (اللهم سلم سلم) فإذا دخل الليل خاطب نفسه قائلاً (قومي يا مأوى كل شر والله لأدعنك تزحفين زحف البعير) فكان إذا أصبح وقدماه منتفختان يقول لنفسه (بذا أمرت ولذا خلقت) ومع ذلك لم تكن العبادة عنده مرادفة للقيام والقعود فعن مالك بن أنس قال: قال برد – مولى ابن المسيب – لسعيد بن المسيب ما رأيت أحسن ما يصنع هؤلاء قال سعيد وما يصنعون؟ قال يصلى أحدهم الظهر ثم لا يزال صافا رجليه يصلى حتى العصر فقال سعيد ويحك يا برد! أما والله ما هي بالعبادة تدرى ما العبادة؟ إنما العبادة التفكر في أمر الله والكف عن محارم الله. كما كان رحمه الله يكره كثرة الضحك ويصوم الدهر ولا يفطر إلا في أيام التشريق بالمدينة.
ومن مواقفه المضيئة أنه أدركه رجلاً من قريش ومعه مصباح في ليلة مطيرة فسلم عليه وقال كيف أمسيت يا أبا محمد؟ قال أحمد الله فلما بلغ الرجل منزله دخل وقال نبعث معك بالمصباح قال لا حاجة لي بنورك نور الله أحب إلى من نورك وكان يقول رحمه الله (لا تقولن مصيحيف ولا مسيجيد ولكن عظموا ما عظم الله فكل ما عظم الله فهو عظيم حسن) ويقول (ما أكرمت العباد أنفسها بمثل طاعة الله ولا أهانت أنفسها بمثل بمعصية الله وكفى بالمؤمن نصرة من الله عز وجل أن يرى عدوه يعمل بمعصية الله)
أما الدنيا فمالها وسعيد بن المسيب فلقد كان يعيش من كسب يده له أربعمائة دينار يتجر بها فى الزيت ويقول عن هذا المال (اللهم إنك تعلم أنى لم أمسكه بخلا ولا حرصا عليه ولا محبة للدنيا ونيل شهواتها وإنما أريد أن أصون به وجهي عن بنى مروان حتى ألقى الله فيحكم فيّ وفيهم وأصل منه رحمي وأؤدي منه الحقوق التي فيه وأعود منه على الأرملة والفقير والمسكين واليتيم والجار) وكان له في بيت المال بضعة وثلاثون ألفا من الدراهم عطاؤه تراكمت بسبب رفضه قبولها فكان حين يدعى إليها يأبى ويقول (لا حاجة لي فيها حتى يحكم الله بيني وبين بنى مروان) وكان من أورع الناس فيما يدخل بيته وبطنه فيروى ابن سعد في الطبقات عن طلحة الخزاعى قال (كان في رمضان يؤتى بالأشربة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فليس أحد يطمع أن يأتي سعيد بن المسيب بشراب فيشربه فإن أتى من منزله بشراب شربه وإن لم يؤت من منزله بشئ لم يشرب شيئا حتى ينصرف) أما طعامه فهو بسيط يشمل فى الغالب خبزا وزيتا ولما حبس صنعت ابنته طعاما كثيرا فلما جاءه أرسل إليها قائلا (لا تعودى لمثل هذا أبدا فهذه حاجة هشام بن إسماعيل يريد أن يذهب مالى فأحتاج إلى ما فى أيديهم وأنا لا أدرى ما أحبس فانظرى إلى القوت الذى كنت آكل فى بيتى فابعثى إلى به).
ومن أقواله الرائعة (من استغنى بالله افتقر الناس إليه) وقوله (الدنيا نذلة وهى إلى كل نذل أميل وأنذل منها من أخذها من غير وجهها ووضعها فى غير سبيلها).
إن هذه المعانى الغالية لهى خير دواء لهذه المادية التي خيمت على كل شئ في حياتنا وأردت الكثيرين منا وأخلدتهم إلى الأرض فضاعت من حياتهم كل فضيلة وصاروا لا يفهمون إلا لغة الدينار والدرهم فلم يحصدوا من وراء كل هذا إلا القلق والحيرة والشك واستعصت عليهم السعادة الحقيقية فكانوا بمنأى عنها.

لا تأخذك في الحق لومه لائم

تجلت هذه القاعدة في حياة سيد التابعين في أكثر من موقف ونطق بها لسان حاله في كل لحظة من لحظات أيام عمره المباركة فكان الواثق بالله الذي لا يحابى في الحق أحدا ولا يرده ما يتخمض عن ذلك المنهج من تبعات فهانت عليه نفسه في الله كما قال عمران بن عبد الله (أرى نفس سعيد بن المسيب كانت أهون عليه في ذات الله من نفس ذباب)
ومن مواقفه الشهيرة في ذلك قصه تزويج ابنته وقد كان الخليفة عبد الملك بن مروان تقدم لخطبتها لأبنه الوليد حين ولاه العهد ويذكر المؤرخون أنه أرسل موكبا كبيرا على رأسه مندوب خاص نزل المسجد ووقف على حلقة سعيد فأبلغه سلام أمير المؤمنين وأنه قدم يخطب إليه ابنته لابنه الوليد ولى العهد وانتظر الناس أن يستبشر سعيد بهذا التشريف الذي ناله ولكنه لم يزد على كلمة (لا) وكان لسعيد تلميذ متين الدين والخلق يدعى عبد الله بن أبى وداعة افتقده أياما فلما عاد إليه قال له سعيد: أين كنت فقال توفيت زوجتى فانشغلت بها قال سعيد فهلا أخبرتنا فشهدناها ثم أراد التلميذ أن يقوم فقال سعيد هل أحدثت امرأة غيرها قال يرحمك الله ومن يزوجنى وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة؟ قال سعيد إن أنا فعلت تفعل؟ قال نعم فأمر بالشهود وكتابة العقد قال ابن أبى وداعة: فقمت وما أدرى ما أصنع من الفرح وصرت إلى منزلي وجعلت أفكر ممن آخذ وأستدين؟ وصليت المغرب. وكنت صائما فقدمت عشائي لأفطر وكان خبزا وزيتا وإذا بالباب يقرع فقلت من هذا فقال سعيد ففكرت في كل إنسان إسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب فإنه لم ير منذ أربعين سنه إلا ما بين بيته والمسجد فقمت وخرجت وإذا بسعيد بن المسيب وظننت أنه بدا له فقلت يا أبا محمد هلا أرسلت إلى فأتيتك قال لا أنت أحق أن تزار قلت فما تأمرني قال رأيتك رجلا عزبا قد تزوجت فكرهت أن تبيت الليلة وحدك وهذه امرأتك فإذا هي قائمة خلفه في طوله ثم دفعها في الباب ورد الباب فسقطت المرأة من الحياء فاستوثقت من الباب ثم صعدت إلى السطح وناديت الجيران فجاءوني وقالوا ما شأنك قلت زوجني سعيد بن المسيب ابنته وقد جاء بها على غفلة وها هي في الدار فنزلوا إليها وبلغ أمي فجاءت وقالت وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها ثلاثة أيام فأقمت ثلاثا ثم دخلت بها فإذا هي من أجمل الناس وأحفظهم لكتاب الله تعالى وأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعرفهم بحق الزوج.
وكان رحمه الله يقول (لا تملئوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا بالإنكار من قلوبكم لكيلا تحبط أعمالكم) وعن المطلب بن السائب قال كنت جالسا مع سعيد بن المسيب بالسوق فمر بريد لبنى مروان فقال له سعيد من رسل بنى مروان أنت؟ قال نعم قال فكيف تركتهم؟ قال بخير قال تركتهم يجيعون الناس ويشبعون الكلاب؟ قال فاشرأب الرسول فقمت إليه فلم أزل أرجيه حتى انطلق ثم قلت لسعيد يغفر الله لك تشيط بدمك بالكلمة هكذا تليقها قال اسكت يا أحمق فوالله لا يسلمنى الله ما أخذت بحقوقه.
وعقد عبد الملك لابنيه الوليد وسليمان بالعهد وكتب بالبيعة لهما إلى المدينة وعامله يومئذ عليها هشام بن إسماعيل فدعا الناس إلى البيعة فبايعوا وأبى سعيد أن يبايع لهما وقال لا أبايع اثنين ما اختلف الليل والنهار فقيل له ادخل واخرج من الباب الآخر قال والله لا يقتدي بي أحد من الناس فضربه هشام ستين سوطا وطاف به في تبان من شعر وسجنه فكتب إليه عبد الملك يلومه فيما صنع ويقول سعيد ! كان والله أحوج أن تصل رحمه من أن تضربه.
وقيل لسعيد بن المسيب: ما شأن الحجاج لا يبعث إليك ولا يحركك ولا يؤذيك قال والله ما أدرى إلا أنه دخل ذات يوم مع أبيه المسجد فصل صلاة لا يتم ركوعها ولا سجودها فأخذت كفا من حصى فحصبته بها زعم أن الحجاج قال: ما زلت بعد ذلك أحسن الصلاة.
وفى سنة 91ه حج الوليد بالناس فلما اقترب من المدينة أمر عامله عليها عمر بن عبد العزيز أشرافها فتلقوه فرحب بهم وأحسن إليهم ودخل المدينة النبوية فأخلى له المسجد النبوى فلم يبق بهد أحد سوى سعيد بن المسيب لم يتجاسر أحد أن يخرجه وعليه ثياب لا تساوى خمسة دراهم فقالوا له تنح عن المسجد أيها الشيخ فإن أمير المؤمنين قادم فقال والله لا أخرج منه فدخل الوليد المسجد فجعل يدور فيه ويصلى ههنا وههنا ويدعو الله عزوجل قال عمر بن عبد العزيز وجعلت أعدل به عن موضع سعيد خشية أن يراه فحانت منه التفاته فقال من هذا؟! أهو سعيد بن المسيب؟ فقلت نعم يا أمير المؤمنين ولو علم أنك قادم لقام إليك وسلم عليك فقال قد علمت بغضه لنا فقلت يا أمير المؤمنين إنه وإنه وشرعت أثنى عليه وشرع الوليد يثنى عليه بالعلم والدين فقلت يا أمير المؤمنين إنه ضعيف البصر – وإنما قلت ذلك لأعتذر له – فقال نحن أحق بالسعى إليه فجاء فوقف عليه فسلم عليه فرد عليه سعيد السلام ولم يقم له ثم قال الوليد كيف الشيخ؟ فقال بخير والحمد لله كيف أمير المؤمنين؟ فقال الوليد بخير والحمد لله وحده ثم انصرف وهو يقول لعمر بن عبد العزيز هذا فقيه الناس فقال أجل يا أمير المؤمنين.
نسوق هذه المواقف للذين يأكلون بدينهم ويداهنون الظالم بغية عرض من الدنيا فلا يسعنا إلا أن نهمس فى آذانهم قائلين (تشبهوا بالكرام البررة واقتدوا بخير سلف تكتب لكم النجاة فى الدنيا والآخرة).
المراجع:-
1- الطبقات الكبرى ابن سعد 2- تاريخ الإسلام الذهبى
3- البداية والنهاية ابن كثير 4- سعيد بن المسيب أ/ محمد بدر الدين
5- صور من حياة التابعيين د/ عبد الرحمن رأفت الباشا

د/ خالد سعد النجار

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
شخصيات عالمية و عربية

سعد بن معاذ

نسب سعد وحياته

هو سعد بن معاذ بن النعمان بن امرؤ القيس بن زيد بن عبد الاشهل, كنيته: اباعمرو , وامه كبشه بنت رافع بن معاويه ابن الابجر , زوجته: هند بنت سماك بن عتيك بن رافع بن امرؤ القيس بن زيد بن عبد الاشهل وهي عمة( اسيد الخضر ) الصحابي المعروف واحد سادات الاوس.

مولده: ولد سعد في السنه التاسعه عشرة قبل البعثه وهو اصغر من الرسول عليه الصلاة والسلام باحدى وعشرين سنه.

اسلامه: اسلم على يد مصعب بن عمير قبل الهجرة بعامين وقال لبني عبد الأشهل كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تسلموا فأسلموا فكان من أعظم الناس بركة في الإسلام0

صفاته: كان سعد بن معاذ رضي الله عنه جسيما جميلا طويلا ابيض اللون, مححب الى النفس وكان هادئا قليل الكلام.عندما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة آخي بين سعد بن معاذ ، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.

سعد بن معاذ في غزوة بدر: حمل رضي الله عنه لواء الأنصار ، وخطب أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم وحث على الجهاد وقال : "فوالذي بعثك بالحق نبياً لو استعرضت بنا البحر فخضته لخضناه معك" . بنى – رضي الله عنه – في بدر عريشاً للنبي صلى الله عليه وسلم ليشرف منه على المعركة ، وقام على باب العريش شاهراً سيفه دفاعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم .

سعد بن معاذ في غزوة احد:كان رضي الله عنه من الأبطال ، وكان في طليعة المجاهدين ، وعندما اضطرب الموقف ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتل دونه.

سعد بن معاذ في غزوة الخندق: أصيب سعد رضي الله عنه، فكانت إصابته طريقاً إلى الشهادة إذ لقي ربه بعد شهر متأثراً بجراحه ولكنه لم يمت حتى شفي صدراً من بني قريظة حيث حكّمه رسول الله صلى الله عليه و سلم فيهم فحكم بأن يقتل مقاتليهم وتسبى ذراريهم. وتقسم أموالهم0 فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم:" لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع" أي سبع سموات.

وفاته: عندما انقضى شأن بني قريظة انفجر بسعد بن معاذ جرحه واستجاب الله لدعوته , وقد شهد مصير بني قريظة وجعلها الله له شهادة وقد ذكر ان النبي عليه الصلاة والسلام قال وقد ذكر الحمى: من كانت به فهي حظه من النار, فسألها سعد ربه, فلزمته فلم تفارقه حتى فارق الدنيا, واجابه الله على سؤاله وسمع دعائه.

اعيد سعد الى قبته التي ضربها له رسول الله في المدينه, فحضره رسول الله عليه الصلاة والسلام وابو بكر وعمر , قالت عائشه: فو الذي نفس محمد بيده اني لاعرف بكاء ابي من بكاء عمر وانا في حجرتي. واخذ الرسول عليه الصلاة والسلام راس سعد ووضعه في حجره , وسجي بثوب ابيض , فقال رسول الله: اللهم ان سعدا قد جاهد في سبيلك, وصدق رسولك,وقضى الذي عليه, فتقبل روحه بخير ماتقبلت به روحاً.فلما سمع سعد كلام رسول الله فتح عينيه ثم قال : السلام عليك يارسول الله, اما اني اشهد انك رسول الله , ولما راى اهل سعد ان رسول الله قد وضع راسه في حجره ذعروا واعتقدوا ان اجله قد حان , وقال سعد: جزاك الله خيراً يارسول الله من سيد قوم , فقد انجزت الله ماوعدته , ولينجزنك الله ماوعدك.

وقد روي ان جبريل عليه السلام اتى رسول الله عليه الصلاة والسلام حين قبض سعد من جوف الليل معتمرا بعمامة من استبرق , فقال: يامحمد من هذا الميت الذي فتحت له ابواب السماء واهتز له العرش؟ فقام الرسول عليه الصلاة والسلام يجر ثوبه الى سعد فوجده قد مات.
وكانت امه تبكي وتقول:
ويل سعد سعدا صرامة وحدا
وسؤددا ومجدا وفارسا معدا
سد به مسدا يقد هاما قدا

فقال عمر بن الخطاب : مهلا ام سعد لا تذكري سعداً فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : كل نائحة تكذب الا نائحة سعد بن معاذ

وحمل الناس جنازته و فوجدوا له خفة مع انه كان رجلا جسيما فقالوا ذلك , فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: ان له حملة غيركم, والذي نفسي بيده , لقد استبشرت الملائكه بروح سعد واهتز له العرش. فلما دفن سعد تغيروجه الرسول عليه الصلاة والسلام فسبح, فسبح الناس معه ثم كبر وكبر الناس معه فقالوا: يارسول الله مم سبحت؟ قال: لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره حتى فرجه الله عنه.

وروت عائشة رضي الله عنها ان الرسول عليه الصلاة والسلام قال:ان للقبر لضمة لو كان احد منها ناجياً لكان سعد بن معاذ. وقال الرسول عليه الصلاة والسلام لام سعد:الا يرقأ دمعك ويذهب حزنك ان ابنك اول من ضحك الله له واهتز له العرش. واتى رسول الله عليه الصلاة والسلام بثوب من حرير فحعل اصحابه يتعجبون من لينه فقالل الرسول عليه الصلاة والسلام : لمناديل سعد بن معاذ في الجنه الين من هذا .

وروي عن الرسول عليه الصلاة والسلام انه قد حضر جنازة سعد بن معاذ سبعون الفاً من الملائكه نزلوا الى الارض لاول مره . وذكر من حضر قبره ان رائحة المسك كانت تفوح من ذلك التراب .

دفن رضي الله عنه بالبقيع وكان عمره سبعا وثلاثين سنة في سنه خمس من الهجره
منقول من موقع العمل للإسلام

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
شخصيات عالمية و عربية

عمر المختار -شخصيات

عمر


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عمر المختار

عمر المختار (186216 سبتمبر/ ايلول1931) الملقب بشيخ الشهداء أو أسد الصحراء.
قائد عربيمسلم حارب قوات الغزو الايطالية منذ دخولها أرض ليبيا إلى عام 1931. حارب الإيطاليين وهو يبلغ من العمر 53 عاماً أكثر من عشرين عاما في أكثر من الف معركة و استشهد بأعدامه شنقاً و توفي عن عمر يناهز 73 عاما.

نسبه
هو عمر بن المختار بن عمر ، من بيت فرحات من قبيلة بريدان وهي بطن من قبيلة المنفة. امه عائشة بنت محارب

مولده ونشأته
ينتسب عمر المختار إلى قبيلة المنفه إحدى كبريات قبائل المرابطين ببرقة, ولد عام 1862م في قرية جنزور بمنطقة دفنة في الجهات الشرقية من برقة التي تقع شرقي ليبيا على الحدود المصرية.
تربى يتيما، حيث وافت المنية والده مختار بن عمر وهو في طريقه إلى مكة المكرمة بصحبة زوجته عائشة.
تلقى عمر المختار تعليمه الأول في زاوية جنزور, ثم سافر إلى الجغبوب ليمكث فيها ثمانية أعوام للدراسة والتحصيل على كبار علماء ومشايخ السنوسية في مقدمتهم الإمام السيد المهدي السنوسي قطب الحركة السنوسية، فدرس اللغة العربية والعلوم الشرعية وحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، ولكنه لم يكمل تعليمه كما تمنى.
ظهرت عليه علامات النجابة ورزانة العقل، فاستحوذ على اهتمام ورعاية أستاذه السيد المهدي السنوسى مما زاده رفعة وسمو، فتناولته الألسن بالثناء بين العلماء ومشايخ القبائل وأعيان المدن حتى قال فيه السيد المهدي واصفاً إياه " لو كان عندنا عشرة مثل عمر المختار لاكتفينا بهم".
فقد وهبه الله تعالى ملكات منها جشاشة صوته البدوي وعذوبة لسانه واختياره للألفاظ المؤثرة في فن المخاطبة وجاذبية ساحرة لدرجة السيطرة على مستمعيه وشد انتباههم.
شارك عمر المختار في الجهاد بين صفوف المجاهدين في الحرب الليبية الفرنسية في المناطق الجنوبية (السودان الغربي، تشاد) وحول واداي. وقد استقر المختار فترة من الزمن في قرو مناضلاً ومقاتلاً, ثم عين شيخاً لزاوية (عين كلك) ليقضي فترة من حياته معلماً ومبشراً بالإسلام في تلك الأصقاع النائية.
وبعد وفاة السيد محمد المهدي السنوسي عام 1902م تم استدعاؤه حيث عين شيخاً لزاوية القصور.

المجاهد
عاش عمر المختار حرب التحرير و الجهاد منذ بدايتها يوماً بيوم, فعندما أعلنت إيطاليا الحرب على تركيا في 29 سبتمبر1911م, وبدأت البارجات الحربية بصب قذائفها على مدن الساحل الليبي, درنةوطرابلس ثم طبرقوبنغازيوالخمس, كان عمر المختار في تلك الأثناء مقيما في جالو بعد عودته من الكفرة حيث قابل السيد أحمد الشريف, وعندما علم بالغزو الإيطالي فيما عرف بالحرب العثمانية الإيطالية سارع إلى مراكز تجمع المجاهدين حيث ساهم في تأسيس دور بنينه وتنظيم حركة الجهاد والمقاومة إلى أن وصل السيد أحمد الشريف قادماً من الكفرة. وقد شهدت الفترة التي أعقبت انسحاب الأتراك من ليبيا سنة 1912م أعظم المعارك في تاريخ الجهاد الليبي, منها على سبيل المثال معركة يوم الجمعة عند درنة في 16 مايو 1913م حيث قتل فيها للأيطاليين عشرة ضباط وستين جنديا وأربعمائة فرد بين جريح ومفقود إلى جانب انسحاب الإيطاليين بلا نظام تاركين أسلحتهم ومؤنهم وذخائرهم,
ومعركة بو شمال عن عين ماره في 6 أكتوبر 1913, وعشرات المعارك الأخرى.
وحينما عين أميليو حاكماً عسكريا لبرقة, رأى أن يعمل على ثلاث محاور:

  • الأول : قطع الإمدادات القادمة من مصر والتصدي للمجاهدين في منطقة مرمريكا.
  • الثاني : قتال المجاهدين في العرقوب وسلنطه والمخيلي.
  • الثالث :قتال المجاهدين في مسوس واجدابيا.
لكن القائد الإيطالي وجد نار المجاهدين في انتظاره في معارك أم شخنب وشليظيمة والزويتينة في فبراير 1914م, ولتتواصل حركة الجهاد بعد ذلك حتى وصلت إلى مرحلة جديدة بقدوم الحرب العالمية الأولى.

الفاشيست والمجاهدون
بعد الانقلاب الفاشي في إيطالي في أكتوبر 1922, وبعد الانتصار الذي تحقق في تلك الحرب إلى الجانب الذي انضمت إليه إيطاليا. تغيرت الأوضاع داخل ليبيا واشتدت الضغوط على السيد محمد إدريس السنوسي, واضطر إلى ترك البلاد عاهداً بالأعمال العسكرية والسياسية إلى عمر المختار في الوقت الذي قام أخاه الرضا مقامه في الإشراف على الشئون الدينية.
بعد أن تأكد للمختار النوايا الإيطالية في العدوان قصد مصر عام 1923م للتشاور مع السيد إدريس فيما يتعلق بأمر البلاد, وبعد عودته نظم أدوار المجاهدين, فجعل حسين الجويفي على دور البراعصة ويوسف بورحيل المسماري على دور العبيدات والفضيل بوعمر على دور الحاسة,والمجاهد المخضرم الذى لم يذكر قط صالح الطلحى(قبيله الوطن الشرقى الاصليين) وتولى هو القيادة العامة.
بعد الغزو الإيطالي على مدينة اجدابيا مقر القيادة الليبية, أصبحت كل المواثيق والمعاهدات لاغية, وانسحب المجاهدون من المدينة وأخذت إيطاليا تزحف بجيوشها من مناطق عدة نحو الجبل الأخضر, وفي تلك الأثناء تسابقت جموع المجاهدين إلى تشكيل الأدوار والإنضواء تحت قيادة عمر المختار, كما بادر الأهالي إلى إمداد المجاهدين بالمؤن والعتاد والسلاح, وعندما ضاق الإيطاليون ذرعا من الهزيمة على يد المجاهدين, أرادوا أن يمنعوا عنهم طريق الإمداد فسعوا إلى احتلال الجغبوب ووجهت إليها حملة كبيرة في 8 فبراير1926م, وقد شكل سقوطها أعباء ومتاعب جديدة للمجاهدين وعلى رأسهم عمر المختار, ولكن الرجل حمل العبء كاملاً بعزم العظماء وتصميم الأبطال.
ولاحظ الإيطاليون أن الموقف يملي عليهم الاستيلاء على منطقة فزان لقطع الإمدادات على المجاهدين, فخرجت حملة في يناير 1928م, ولم تحقق غرضها في احتلال فزان بعد أن دفعت الثمن غاليا. ورخم حصار المجاهدين وانقطاعهم عن مراكز تموينهم, إلا أن الأحداث لم تنل منهم وتثبط من عزمهم, والدليل على ذلك معركة يوم 22 أبريل التي استمرت يومين كاملين, انتصر فيها المجاهدون وغنموا عتادا كثيرا.

مفاوضات السلام في سيدي ارحومة:
وتوالت الانتصارات, الأمر الذي دفع إيطاليا إلى إعادة النظر في خططها وإجراء تغييرات واسعة,
فأمر موسوليني بتغيير القيادة العسكرية, حيث عين بادوليو حاكماً عسكريا على ليبيا في يناير 1929م, ويعد هذا التغيير بداية المرحلة الحاسمة بين الطليان والمجاهدين.
تظاهر الحاكم الجديد لليبيا في رغبته للسلام لإيجاد الوقت اللازم لتنفيذ خططه وتغيير أسلوب القتال لدى جنوده,وطلب مفاوضة عمر المختار, تلك المفاوضات التي بدأت في 20 أبريل1929م,
واستجاب الشيخ لنداء السلام وحاول التفاهم معهم على صيغة ليخرجوا من دوامة الدمار. فذهب كبيرهم للقاء عمر المختار ورفاقه القادة في 19 يونيو1929م في سيدي ارحومه. ورأس الوفد الإيطالي بادوليو نفسه، الرجل الثاني بعد بنيتو موسليني، ونائبه سيشليانو، ولكن لم يكن الغرض هوالتفاوض، ولكن المماطلة وشراء الوقت لتلتقط قواتهم أنفاسها، وقصد الغزاة الغدر به والدس عليه وتأليب أنصاره والأهالي وفتنة الملتفين حوله.
وعندما وجد المختار أن تلك المفاوضات تطلب منه اما مغادرة البلاد إلى الحجاز او مصر أو البقاء في برقة و انهاء الجهاد والإستسلام مقابل الأموال والإغراءات, رفض كل تلك العروض, وكبطل شريف ومجاهد عظيم عمد إلى الاختيار الثالث وهو مواصلة الجهاد حتى النصر أو الشهادة.
تبين للمختار غدر الإيطاليين وخداعهم, ففي 20 أكتوبر 1929م وجه نداء إلى أبناء وطنه طالبهم فيه بالحرص واليقظة أمام ألاعيب الغزاة.
وصحت توقعات عمر المختار, ففي 16 يناير 1930م ألقت الطائرات بقذائفها على المجاهدين,

غرتسياني
دفعت مواقف المختار ومنجزاته إيطاليا إلى دراسة الموقف من جديد وتوصلت إلى تعيين غرسياني وهو أكثر جنرالات الجيش وحشية ودموية. ليقوم بتنفيذ خطة إفناء وإبادة لم يسبق لها مثيل في التاريخ في وحشيتها وفظاعتها وعنفها وقد تمثلت في عدة إجراءات ذكرها غرسياني في كتابه "برقة المهدأة":

  1. – قفل الحدود الليبية المصرية بالأسلاك الشائكة لمنع وصول المؤن والذخائر.
  2. – إنشاء المحكمة الطارئة في أبريل 1930م.
  3. – فتح أبواب السجون في كل مدينة وقرية ونصب المشانق في كل جهة.
  4. – تخصيص مواقع العقيلة والبريقة من صحراء غرب برقة البيضاء والمقرون وسلوق من أواسط برقة الحمراء لتكون مواقع الإعتقال والنفي والتشريد.
  5. – العمل على حصار المجاهدين في الجبل الأخضر واحتلال الكفرة.
إنتهت عمليات الإيطاليين في فزان باحتلال مرزق وغات في شهري يناير وفبراير 1930م ثم عمدوا إلى الإشباك مع المجاهدين في معارك فاصلة, وفي 26 أغسطس1930م ألقت الطائرات الإيطالية حوالي نصف طن من القنابل على الجوف والتاج, وفي نوفمبر اتفق بادوليو وغرسياني على خط الحملة من اجدابيا إلى جالو إلى بئر زيغن إلى الجوف, وفي 28 يناير1931م سقطت الكفرة في أيدي الغزاة, وكان لسقوط الكفرة آثار كبيرة على حركة الجهاد والمقاومة.

المختار في الأسر
Click this bar to view the full image.
في معركة السانية في شهر أكتوبر عام 1930م سقطت من الشيخ عمر المختار نظارته، وعندما وجدها أحد جنود الطليان وأوصلها لقيادته، فرائها غراتسياني فقال: "الآن أصبحت لدينا النظارة، وسيتبعها الرأس يوماً ما".
وفي 11 سبتمبر من عام 1931م، وبينما كان الشيخ عمر المختار يستطلع منطقة سلنطة في كوكبة من فرسانه، عرفت الحاميات الإيطالية بمكانه فأرسلت قوات لحصاره ولحقها تعزيزات، واشتبك الفريقين في وادي بوطاقة ورجحت الكفة للعدوفأمر عمر المختار بفك الطوق والتفرق، ولكن قُتلت فرسه تحته وسقطت على يده مما شل حركته نهائياً. فلم يتمكن من تخليص نفسه ولم يستطع تناول بندقيته ليدافع عن نفسه، فسرعان ماحاصره العدو من كل الجهات وتعرفوا على شخصيته، فنقل على الفور إلي مرسى سوسه ومن ثم وضع على طراد الذي نقله رأسا إلي بنغازي حيث أودع السجن الكبير بمنطقة سيدي اخريبيش. ولم يستطع الطليان نقل الشيخ براً لخوفهم من تعرض المجاهدين لهم في محاولة لتخليص قائدهم.
كان لاعتقاله في صفوف العدو، صدىً كبيراً، حتى أن غراسياني لم يصدّق ذلك في بادىء الأمر،وكان غراتسياني في روما حينها كئيباً حزيناً منهار الأعصاب في طريقه إلي باريس للاستجمام والراحة تهرباً من الساحة بعد فشله في القضاء على المجاهدين في برقة، حيث بدأت الأقلام اللاذعة في إيطاليا تنال منه والانتقادات المرة تأتيه من رفاقه مشككة في مقدرته على إدارة الصراع. وإذا بالقدر يلعب دوره ويتلقى برقية مستعجلة من نغازي مفادها إن عدوه اللدود عمر المختار وراء القضبان. فأصيب غراتسياني بحالة هستيرية كاد لا يصدق الخبر. فتارة يجلس على مقعده وتارة يقوم، وأخرى يخرج متمشياً على قدميه محدثاً نفسه بصوت عال، ويشير بيديه ويقول: "صحيح قبضوا على عمر المختار ؟ ويرد على نفسه لا، لا اعتقد." ولم يسترح باله فقرر إلغاء أجازته واستقل طائرة خاصة وهبط ببنغازي في نفس اليوم وطلب إحضار عمر المختار إلي مكتبه لكي يراه بأم عينيه.
وصل غرسياني إلى بنغازي يوم 14 سبتمبر ، وأعلن عن انعقاد "المحكمة الخاصة" يوم 15 سبتمبر 1931م, وفي صبيحة ذلك اليوم وقبل المحاكمة رغب غرسياني في الحديث مع عمر المختار, يذكر غرسياني في كتابه (برقة المهدأة):
"وعندما حضر أمام مكتبي تهيأ لي أن أرى فيه شخصية آلاف المرابطين الذين التقيت بهم أثناء قيامي بالحروب الصحراوية. يداه مكبلتان بالسلاسل, رغم الكسور والجروح التي أصيب بها أثناء المعركة, وكان وجهه مضغوطا لأنه كان مغطيا رأسه ( بالَجَرِدْ) ويجر نفسه بصعوبة نظراً لتعبه أثناء السفر بالبحر, وبالإجمال يخيل لي أن الذي يقف أمامي رجل ليس كالرجال له منظره وهيبته رغم أنه يشعر بمرارة الأسر, ها هو واقف أمام مكتبي نسأله ويجيب بصوت هادئ وواضح."
غراتسياني: لماذا حاربت بشدة متواصلة الحكومة لفاشستية ؟
أجاب الشيخ: من أجل ديني ووطني.
غراتسياني:ما الذي كان في اعتقادك الوصول إليه ؟
فأجاب الشيخ: لا شئ إلا طردكم … لأنكم مغتصبون، أما الحرب فهي فرض علينا وما النصر إلا من عند الله.
غراتسياني: لما لك من نفوذ وجاه، في كم يوم يمكنك إن تأمر الثوار بأن يخضعوا لحكمنا ويسلموا أسلحتهم ؟.
فأجاب الشيخ: لا يمكنني أن أعمل أي شئ … وبدون جدوى نحن الثوار سبق أن أقسمنا أن نموت كلنا الواحد بعد الأخر، ولا نسلم أو نلقي السلاح…
ويستطرد غرسياني حديثه "وعندما وقف ليتهيأ للإنصراف كان جبينه وضاء كأن هالة من نور تحيط به فارتعش قلبي من جلالة الموقف أنا الذي خاض معارك الحروب العالمية والصحراوية ولقبت بأسد الصحراء. ورغم هذا فقد كانت شفتاي ترتعشان ولم أستطع أن أنطق بحرف واحد, فانهيت المقابلة وأمرت بإرجاعه إلى السجن لتقديمه إلى المحاكمة في المساء, وعند وقوفه حاول أن يمد يده لمصافحتي ولكنه لم يتمكن لأن يديه كانت مكبلة بالحديد."

المحاكمة
Click this bar to view the full image.
عقدت للشيخ الشهيد محكمة هزلية صورية في مركز إدارة الحزب الفاشستي ببنغازي مساء يوم الثلاثاء عند الساعة الخامسة والربع في 15 سبتمبر1931م،
وبعد ساعة تحديداً صدر منطوق الحكم بالإعدام شنقاً حتى الموت،
وعندما ترجم له الحكم، قال الشيخ "إن الحكم إلا لله … لا حكمكم المزيف … إنا لله وإنا أليه لراجعون".
– وهنا نقلا حرفيا لمحضر المحاكمة كما ورد في الوثائق الإيطالية :
إنه في سنة ألف وتسعمائة وواحدة وثلاثين ؛ السنة التاسعة ، وفي اليوم الخامس عشر من شهر سبتمبر ، ببنغازي ، وفي تمام الساعة 17 بقصر "الليتوريو" بعد إعداده كقاعة لجلسات المحكمة الخاصة بالدفاع عن أمن الدولة ، والمؤلفة من السادة :
– المقدم الكواليير اوبيرتو فانتيري مارينوني ، رئيسا بالوكالة ، نيابة عن الرئيس الأصيل الغائب لعذر مشروع .
– المحامي د. فرانشيسكو رومانو (قاضي مقرر) .
– الرائد الكاواليير قوناريو ديليتلو (مستشار ، أصيل ) .
– رائد "الميليشيا التطوعية للأمن الوطني (الكواليير جوفاني منزوني ، مستشار أصيل) .
– رائد "الميليشيا التطوعية للأمن الوطني (الكواليير ميكيلي مندوليا ، مستشار أصيل) ، والرئيس بالنيابة عن الرئيس الأصيل ، الغائب بعذر مشروع .
– بمساعدة الملازم بسلاح المشاة ، ايدواردو ديه كريستوفانو (كاتب الجلسة العسكري بالنيابة) .
للنظر في القضية المرفوعة ضد : عمر المختار ، بن عائشة بنت محارب ، البالغ من العمر 73 سنة ، والمولود بدفنة ، قبيلة منفة ، عائلة بريدان ، بيت فرحات ؛ حالته الاجتماعية : متزوج وله أولاد ، يعرف القراءة والكتابة ، وليست له سوابق جنائية ، في حالة اعتقال منذ 12 سبتمبر 1931.
المتهم بالجرائم المنصوص عليها وعلى عقوباتها في المواد 284-285-286-575-576 (3) ، والمادة 26 ، البنود : 2 – 4 – 6 – 10 ، وذلك أنه قام ، منذ عام 1911م وحتى القبض عليه في جنوب سلنطة في 11سبتمبر 1931، بإثارة العصيان وقيادته ضد سلطات الدولة الإيطالية ، داخل أراضي المستعمرة ، وباشتراكه في نصب الكمائن للوحدات المعزولة من قواتنا المسلحة وفي معارك عديدة وأعمال الإغارة للسلب والنهب واللصوصية مع ارتكاب جرائم قتل بدافع نزعته إلى القسوة والتوحش ، وأعمال البطش والتنكيل ، بقصد إحداث الدمار وسفك الدماء لفصل المستعمرة عن الوطن الأم .
بعد ذلك سمح للجمهور بدخول قاعة الجلسات ، بينما جلس المتهم في المكان المخصص للمتهمين ، تحت حراسة عسكرية ، وهو طليق اليدين وغير مكبل بأغلال من أي نوع .
كما حضر وكيل النيابة العامة السينور "كواليير" أوفيتشالي جوسيبي بيديندو ، كمدعي عسكري ، والمكلف بالدفاع عن المتهم ، المحامي ، النقيب في سلاح المدفعية ، روبيرتو لونتانو .
يعلن الرئيس افتتاح الجلسة . فيحضر أيضا المترجم السيد نصري هرمس الذي يطلب إليه الرئيس الادلاء ببيانات هويته فيجيب :
– نصري هرمس ، ابن المتوفى ميشيل ، وعمري 53 سنة ، ولدت في ديار بكر ببلاد ما بين النهرين (العراق) رئيس مكتب الترجمة لدى حكومة برقة .
يكلفه الرئيس بأداء اليمين المقررة ، بعد تحذيره حسبما هو مقرر ، فيؤديها بصوت عال وبالصيغة التالية : (( أقسم بأنني سأنقل الأسئلة إلى الشخص المقرر استجوابه بواسطتي بأمانة وصدق ، وبأن أنقل الردود بأمانة )) .
فيوجه الرئيس ، عن طريق الترجمان ، أسئلة للمتهم حول هويته ، فيدلي بها بما يتفق مع ما تقدم ، ومن ثم ينبه عليه بالانصات إلى ما سيسمع . وعند هذه النقطة ، يثبت في المحضر طلب وكيل النيابة بإعفاء المترجم نصري من المهمة بسبب وعكة ألمت به والاستعاضة عنه بالكواليير لومبروزو ابن آرونه وماريا قاندوس ، المولود بتونس في 27 – 2 – 1891م ، ومهنته صناعي .
فيكلفه الرئيس بأداء اليمين المقررة ، بعد تحذيره نظاميا ؛
يتلو كاتب الجلسة صحيفة الاتهام ، فيتولى الترجمان ترجمتها للمتهم ، ويسرد بعدها قائمة المستندات والوثائق المتصلة بالدعوى ،
وبعد سردها يكلف الرئيس الترجمان بترجمتها ، حيث إن المتهم غير ملم باللغة الإيطالية ، ومن ثم يبدأ استجوابه حول الأفعال المنسوبة إليه ؛ فيرد عليها ، ويتولى الترجمان ترجمة ردود المتهم عليها .
ويثبت بالمحضر أن المتهم يرد بانتظام عن كل اتهام حسب ما جاء في محضر استجوابه المكتوب ، معترفا بأنه زعيم المقاومة في برقة وبهذه الصفة فهو الفاعل والمحرض لجميع الجرائم التي اقترفت في أراضي المستعمرة خلال العقد الأخير من الزمن ، أي الفترة التي ظل خلالها الرئيس الفعلي للمقاومة .
وردا عن سؤال ، يجيب :
منذ عشر سنوات ، تقريبا ، وأنا رئيس المحافظية . ويثبت هنا أن المتهم ظل يرد عن كل سؤال محدد حول تهمة بعينها ، بقوله : (( لا فائدة من سؤالي عن وقائع منفردة ، وما أرتكب ضد إيطاليا والإيطاليين ، منذ عشر سنوات وحتى الآن ، كان بإرادتي وإذني ، عندما لم أشترك أنا نفسي في تلك الأفعال ذاتها )) .
وردا عن سؤال ، يجيب : (( كانت الغارات تنفذ أيضا بأمري وبعضها قمت بها أنا نفسي )) .
يعطي الرئيس الكلمة لوكيل النيابة : بعد أن تناول الكلمة ، أوجز مطلبه في أن تتكرم المحكمة ، بعد تأكيد إدانة المتهم بالجرائم المنسوبة إليه ، بإصدار حكم الإعدام عليه وما يترتب عليه من عواقب .
وينهي الدفاع ، بدوره مرافعته بطلب الرأفة بالمتهم . وبعدما أعطى المتهم الكلمة كآخر المتحدثين ، يعلن الرئيس قفل باب المناقشة ، وتنسحب هيئة المحكمة إلى حجرة المداولة لتحديد الحكم .
عادت المحكمة بعد قليل إلى قاعة الجلسات ؛ لينطق الرئيس بصوت عال بالحكم بالإدانة ، بحضور جميع الأطراف المعنية . فيقوم الترجمان بترجمة منطوق الحكم .
أثبت تحريريا كل ما تقدم بهذا المحضر الذي وقع عليه : كاتب المحكمة العسكري .
الإمضاء : ادواردو ديه كريستوفانو ، الرئيس (المقدم الكاواليير أوميركو مانزولي) .
كاتب المحكمة العسكرية ، الإمضاء : ادواردوديه كريستوفاني (Edoardo De Cristofano) .
الرئيس : (المقدم الكاواليير أوميركو مانزوني)
الإمضاء : أومبيرتو مانزوني (Umberto Marinoni) .
– صورة طبق الأصل –
كاتب المحكمة العسكرية بالنيابة
التوقيع

الإعدام

في صباح اليوم التالي للمحاكمة الأربعاء، 16 سبتمبر1931( الأول من شهر جمادىالأول من عام 1350 (، اتخذت جميع التدابيراللازمة بمركز سلوق لتنفيذ الحكم بإحضار جميع أقسام الجيش والميليشيا والطيران،
واحضر 20 ألف من الأهالي وجميع المعتقلين السياسيين خصيصاً من أماكن مختلفة لمشاهدة تنفيذ الحكم في قائدهم.
واحضر الشيخ عمر المختار مكبل الأيدي، وعلى وجهه ابتسامة الرضا بالقضاء والقدر،
وبدأت الطائرات تحلق في الفضاء فوق المعتقلين بأزيز مجلجل حتى لا يتمكن عمر المختار من مخاطبتهم،
وفي تمام الساعة التاسعة صباحاً سلم الشيخ إلي الجلاد، وكان وجهه يتهلل استبشاراً بالشهادة وكله ثبات وهدوء، فوضع حبل المشنقة في عنقه، وقيل عن بعض الناس الذين كان على مقربة منه انه كان يأذن في صوت خافت آذان الصلاة، والبعض قال انه تتمتم بالآية الكريمة "يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية" ليجعلها مسك ختام حياته البطولية. وبعد دقائق صعدت روحه الطاهرة النقية إلي ربها تشكو إليه عنت الظالمين وجور المستعمرين.
وسبق إعدام الشيخ أوامر شديدة الحزم بتعذيب وضرب كل من يبدي الحزن أويظهر البكاء عند إعدام عمر المختار، فقد ضرب جربوع عبد الجليل ضرباً مبرحاً بسبب بكائه عند إعدام عمر المختار. ولكن علت أصوات الاحتجاج ولم تكبحها سياط الطليان، فصرخت فاطمة داروها العبارية وندبت فجيعة الوطن عندما على الشيخ شامخاً مشنوقاً، ووصفها الطليان "بالمرأة التي كسرت جدار الصمت".

منقووووووووول

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
شخصيات عالمية و عربية

الاعلان عن مسابقة رمضانية طيلة أيام شهر رمضان المبارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
كل عام وانتم جميعا بكل خير … كل عام ونحن جميعا الى الله أقرب
يسر مدونة عيون العرب ان تدعوكم للمشاركة في المسابقة الرمضانية الخاصة بقسم الشخصيات العالمية والعربية والتي ستكون كما يلي :
1- كل يوم سنضع سؤال خاص بالمسابقة .
2- يقوم المشترك بتجميعها وارسال الاجابات في نهاية الشهر الفضيل .
3- لكل سؤال اجابة واحدة فقط ولن نعتبر المشاركات التي تضم اكثر من اجابة لأي سؤال.
4- بعد تصحيح الاجابات سيتم اختيار الفائزين ( اول ثلاثة منهم فقط ) ومنحهم الأوسمة المناسبة .
5- نتمنى من الجميع المشاركة والاعتماد على النفس لأن الهدف المعرفة خاصة في امور ديننا ونرجو بذلك وجه الله تعالى وليس الهدف الفوز فقط.
6- طبعا كان من المقرر البدء بالمسابقة من اول يوم في رمضان لكن ولظروف خارجة عن ارادتي لم يتم لذا سأضع في البداية الأسئلة التي لم توضع .
تمنياتنا للجميع بالفائدة والمعرفة والفوز … واي استفسار أنا حاضرة لذلك واتمنى التوفيق لي ولكم

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
شخصيات عالمية و عربية

سيرة أبي بكرالصديق ,رضي الله عنه وأرضاه.. -شخصيات

بسم الله الرحمن الرحيم
سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه


اسمه – على الصحيح – :
عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي .

كنيته :
أبو بكر

لقبه :
عتيق ، والصدِّيق .
قيل لُقّب ب " عتيق " لأنه :
= كان جميلاً
= لعتاقة وجهه
= قديم في الخير
= وقيل : كانت أم أبي بكر لا يعيش لها ولد ، فلما ولدته استقبلت به البيت ، فقالت : اللهم إن هذا عتيقك من الموت ، فهبه لي .
وقيل غير ذلك

ولُقّب ب " الصدّيق " لأنه صدّق النبي صلى الله عليه وسلم ، وبالغ في تصديقه كما في صبيحة الإسراء وقد قيل له : إن صاحبك يزعم أنه أُسري به ، فقال : إن كان قال فقد صدق !
وقد سماه الله صديقا فقال سبحانه : ( وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )
جاء في تفسيرها : الذي جاء بالصدق هو النبي صلى الله عليه وسلم ، والذي صدّق به هو أبو بكر رضي الله عنه .
ولُقّب ب " الصدِّيق " لأنه أول من صدّق وآمن بالنبي صلى الله عليه وسلم من الرجال .

وسماه النبي صلى الله عليه وسلم " الصدّيق "
روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أُحداً وأبو بكر وعمر وعثمان ، فرجف بهم فقال : اثبت أُحد ، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان .

وكان أبو بكر رضي الله عنه يُسمى " الأوّاه " لرأفته

مولده :
ولد بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر

صفته :
كان أبو بكر رضي الله عنه أبيض نحيفاً ، خفيف العارضين ، معروق الوجه ، ناتئ الجبهة ، وكان يخضب بالحناء والكَتَم .
وكان رجلاً اسيفاً أي رقيق القلب رحيماً .

فضائله :
ما حاز الفضائل رجل كما حازها أبو بكر رضي الله عنه

فهو أفضل هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم
قال ابن عمر رضي الله عنهما : كنا نخيّر بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، فنخيّر أبا بكر ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم . رواه البخاري .

وروى البخاري عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما صاحبكم فقد غامر . وقال : إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء ، فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى عليّ ، فأقبلت إليك فقال : يغفر الله لك يا أبا بكر – ثلاثا – ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل : أثَمّ أبو بكر ؟ فقالوا : لا ، فأتى إلى النبي فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعّر ، حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال : يا رسول الله والله أنا كنت أظلم – مرتين – فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله بعثني إليكم فقلتم : كذبت ، وقال أبو بكر : صَدَق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركو لي صاحبي – مرتين – فما أوذي بعدها .

فقد سبق إلى الإيمان ، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم وصدّقه ، واستمر معه في مكة طول إقامته رغم ما تعرّض له من الأذى ، ورافقه في الهجرة .

وهو ثاني اثنين في الغار مع نبي الله صلى الله عليه وسلم
قال سبحانه وتعالى : ( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا )
قال السهيلي : ألا ترى كيف قال : لا تحزن ولم يقل لا تخف ؟ لأن حزنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم شغله عن خوفه على نفسه .
وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حدّثه قال : نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار فقلت : يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه . فقال : يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما .

ولما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخل الغار دخل قبله لينظر في الغار لئلا يُصيب النبي صلى الله عليه وسلم شيء .
ولما سارا في طريق الهجرة كان يمشي حينا أمام النبي صلى الله عليه وسلم وحينا خلفه وحينا عن يمينه وحينا عن شماله .

ولذا لما ذكر رجال على عهد عمر رضي الله عنه فكأنهم فضّلوا عمر على أبي بكر رضي الله عنهما ، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فقال : والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر ، وليوم من أبي بكر خير من آل عمر ، لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لينطلق إلى الغار ومعه أبو بكر ، فجعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه ، حتى فطن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أبا بكر مالك تمشي ساعة بين يدي وساعة خلفي ؟ فقال : يا رسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك ، ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك . فقال :يا أبا بكر لو كان شيء أحببت أن يكون بك دوني ؟ قال : نعم والذي بعثك بالحق ما كانت لتكون من مُلمّة إلا أن تكون بي دونك ، فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر : مكانك يا رسول الله حتى استبرئ الجحرة ، فدخل واستبرأ ، قم قال : انزل يا رسول الله ، فنزل . فقال عمر : والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر . رواه الحاكم والبيهقي في دلائل النبوة .

ولما هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ ماله كله في سبيل الله .

وهو أول الخلفاء الراشدين

وقد أُمِرنا أن نقتدي بهم ، كما في قوله عليه الصلاة والسلام : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ . رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما ، وهو حديث صحيح بمجموع طرقه .

واستقر خليفة للمسلمين دون مُنازع ، ولقبه المسلمون ب " خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم "

وخلافته رضي الله عنه منصوص عليها
فقد أمره النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مرضه أن يُصلي بالناس
في الصحيحين عن عائشةَ رضي اللّهُ عنها قالت : لما مَرِضَ النبيّ صلى الله عليه وسلم مرَضَهُ الذي ماتَ فيه أَتاهُ بلالٌ يُؤْذِنهُ بالصلاةِ فقال : مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصَلّ . قلتُ : إنّ أبا بكرٍ رجلٌ أَسِيفٌ [ وفي رواية : رجل رقيق ] إن يَقُمْ مَقامَكَ يبكي فلا يقدِرُ عَلَى القِراءَةِ . قال : مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ . فقلتُ مثلَهُ : فقال في الثالثةِ – أَوِ الرابعةِ – : إِنّكنّ صَواحبُ يوسفَ ! مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ ، فصلّى .
ولذا قال عمر رضي الله عنه : أفلا نرضى لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا ؟!

وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه : ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى اكتب كتابا ، فإني أخاف أن يتمنى متمنٍّ ويقول قائل : أنا أولى ، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر .

وجاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمته في شيء فأمرها بأمر ، فقالت : أرأيت يا رسول الله إن لم أجدك ؟ قال : إن لم تجديني فأتي أبا بكر . رواه البخاري ومسلم .

وقد أُمرنا أن نقتدي به رضي الله عنه
قال عليه الصلاة والسلام : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه ، وهو حديث صحيح .

وكان أبو بكر ممن يُفتي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم
ولذا بعثه النبي صلى الله عليه وسلم أميراً على الحج في الحجّة التي قبل حجة الوداع
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بعثني أبو بكر الصديق في الحجة التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع في رهط يؤذنون في الناس يوم النحر : لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان .

وأبو بكر رضي الله عنه حامل راية النبي صلى الله عليه وسلم يوم تبوك .

وأنفق ماله كله لما حث النبي صلى الله عليه وسلم على النفقة
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ، فوافق ذلك مالاً فقلت : اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما . قال : فجئت بنصف مالي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أبقيت لأهلك ؟ قلت : مثله ، وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال : يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك ؟ فقال : أبقيت لهم الله ورسوله ! قال عمر قلت : والله لا أسبقه إلى شيء أبدا . رواه الترمذي .

ومن فضائله أنه أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال عمرو بن العاص لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة . قال : قلت : من الرجال ؟ قال : أبوها . رواه مسلم .

ومن فضائله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذه أخاً له .
روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وقال : إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله . قال : فبكى أبو بكر ، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير ، وكان أبو بكر أعلمنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن مِن أمَنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبا بكر ، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر ، ولكن أخوة الإسلام ومودته ، لا يبقين في المسجد باب إلا سُدّ إلا باب أبي بكر .

ومن فضائله رضي الله عنه أن الله زكّاه
قال سبحانه وبحمده : ( وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى )
وهذه الآيات نزلت في ابي بكر رضي الله عنه .
وهو من السابقين الأولين بل هو أول السابقين
قال سبحانه : ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )

وقد زكّاه النبي صلى الله عليه وسلم
فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة . قال أبو بكر : إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك لست تصنع ذلك خيلاء . رواه البخاري في فضائل أبي بكر رضي الله عنه .

ومن فضائله رضي الله عنه أنه يُدعى من أبواب الجنة كلها
قال عليه الصلاة والسلام : من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دُعي من أبواب الجنة : يا عبد الله هذا خير ؛ فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الصيام وباب الريان . فقال أبو بكر : ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة ، فهل يُدعى منها كلها أحد يا رسول الله ؟ قال : نعم ، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر . رواه البخاري ومسلم .

ومن فضائله أنه جمع خصال الخير في يوم واحد
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أصبح منكم اليوم صائما ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اجتمعن في امرىء إلا دخل الجنة .

ومن فضائله رضي الله عنه أن وصفه رجل المشركين بمثل ما وصفت خديجة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
لما ابتلي المسلمون في مكة واشتد البلاء خرج أبو بكر مهاجراً قِبل الحبشة حتى إذا بلغ بَرْك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارَة ، فقال : أين تريد يا أبا بكر ؟ فقال أبو بكر : أخرجني قومي فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي . قال ابن الدغنة : إن مثلك لا يخرج ولا يخرج فإنك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكَلّ وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ، وأنا لك جار فارجع فاعبد ربك ببلادك ، فارتحل ابن الدغنة فرجع مع أبي بكر فطاف في أشراف كفار قريش فقال لهم : إن أبا بكر لا يَخرج مثله ولا يُخرج ، أتُخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق ؟! فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة وآمنوا أبا بكر وقالوا لابن الدغنة : مُر أبا بكر فليعبد ربه في داره فليصل وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به ، فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا قال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره ، ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وبرز فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلاً بكّاءً لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا له : إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره وإنه جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره وأعلن الصلاة والقراءة وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا فأته فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلاّ أن يعلن ذلك فَسَلْهُ أن يرد إليك ذمتك فإنا كرهنا أن نخفرك ، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان . قالت عائشة فأتى ابن الدغنة أبا بكر فقال : قد علمت الذي عقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترد إلي ذمتي فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له قال أبو بكر : إني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله . رواه البخاري .

وكان عليّ رضي الله عنه يعرف لأبي بكر فضله
قال محمد بن الحنفية : قلت لأبي – علي بن أبي طالب رضي الله عنه – : أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر . قلت : ثم من ؟ قال : ثم عمر ، وخشيت أن يقول عثمان قلت : ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين . رواه البخاري .

وقال عليّ رضي الله عنه : كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله به بما شاء أن ينفعني منه ، وإذا حدثني غيره استحلفته ، فإذا حلف لي صدقته ، وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من عبد مؤمن يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الطهور ثم يصلي ركعتين فيستغفر الله تعالى إلا غفر الله له ثم تلا : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ) الآية . رواه أحمد وأبو داود .

ولم يكن هذا الأمر خاص بعلي رضي الله عنه بل كان هذا هو شأن بنِيه
قال الإمام جعفر لصادق : أولدني أبو بكر مرتين .
وسبب قوله : أولدني أبو بكر مرتين ، أن أمَّه هي فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وجدته هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر .
فهو يفتخر في جّدِّه ثم يأتي من يدّعي اتِّباعه ويلعن جدَّ إمامه ؟
قال جعفر الصادق لسالم بن أبي حفصة وقد سأله عن أبي بكر وعمر ، فقال : يا سالم تولَّهُما ، وابرأ من عدوهما ، فإنهما كانا إمامي هدى ، ثم قال جعفر : يا سالم أيسُبُّ الرجل جده ؟ أبو بكر جدي ، لا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما وأبرأ من عدوهما .
وروى جعفر بن محمد – وهو جعفر الصادق – عن أبيه – وهو محمد بن علي بن الحسين بن علي – رضي الله عنهم أجمعين ، قال : جاء رجل إلى أبي – يعني علي بن الحسين ، المعروف والمشهور بزين العابدين – فقال : أخبرني عن أبي بكر ؟ قال : عن الصديق تسأل ؟ قال : وتسميه الصديق ؟! قال : ثكلتك أمك ، قد سماه صديقا من هو خير مني ؛ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون والأنصار ، فمن لم يُسمه صدِّيقا ، فلا صدّق الله قوله ، اذهب فأحب أبا بكر وعمر وتولهما ، فما كان من أمر ففي عنقي .

ولما قدم قوم من العراق فجلسوا إلى زين العابدين ، فذكروا أبا بكر وعمر فسبوهما ، ثم ابتركوا في عثمان ابتراكا ، فشتمهم .
وابتركوا : يعني وقعوا فيه وقوعاً شديداً .
وما ذلك إلا لعلمهم بمكانة وزيري رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبمكانة صاحبه في الغار ، ولذا لما جاء رجل فسأل زين العابدين : كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأشار بيده إلى القبر ثم قال : لمنزلتهما منه الساعة .

قال بكر بن عبد الله المزني رحمه الله :
ما سبقهم أبو بكر بكثرة صلاة ولا صيام ، ولكن بشيء وَقَرَ في قلبه .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
يا سَائِلي عَنْ مَذْهَبِي وعَقيدَتِي = رُزِقَ الهُدى مَنْ لِلْهِدايةِ يَسأَلُ
اسمَعْ كَلامَ مُحَقِّقٍ في قَولِه = لا يَنْثَني عَنهُ ولا يَتَبَدَّل
حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لي مَذْهَبٌ = وَمَوَدَّةُ القُرْبى بِها أَتَوَسّل
وَلِكُلِّهِمْ قَدْرٌ وَفَضْلٌ ساطِعٌ = لكِنَّما الصِّديقُ مِنْهُمْ أَفْضَل

وجمع بيت أبي بكر وآل أبي بكر من الفضائل الجمة الشيء الكثير الذي لم يجمعه بيت في الإسلام
فقد كان بيت أبي بكر رضي الله عنه في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم ، كما في الاستعداد للهجرة ، وما فعله عبد الله بن أبي بكر وأخته أسماء في نقل الطعام والأخبار لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار
وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم هي بنت أبي بكر رضي الله عنه وعنها

قال ابن الجوزي رحمه الله :
أربعة تناسلوا رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أبو قحافة
وابنه أبو بكر
وابنه عبد الرحمن
وابنه محمد

أعماله :
من أعظم أعماله سبقه إلى الإسلام وهجرته مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وثباته يوم موت النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن أعماله قبل الهجرة أنه أعتق سبعة كلهم يُعذّب في الله ، وهم : بلال بن أبي رباح ، وعامر بن فهيرة ، وزنيرة ، والنهدية وابنتها ، وجارية بني المؤمل ، وأم عُبيس .
ومن أعظم أعماله التي قام بها بعد تولّيه الخلافة حرب المرتدين
فقد كان رجلا رحيما رقيقاً ولكنه في ذلك الموقف ، في موقف حرب المرتدين كان أصلب وأشدّ من عمر رضي الله عنه الذي عُرِف بالصلابة في الرأي والشدّة في ذات الله
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما توفى النبي صلى الله عليه وسلم واستُخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب قال عمر : يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمِرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله ؟ قال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها . قال عمر : فو الله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق .

لقد سُجِّل هذا الموقف الصلب القوي لأبي بكر رضي الله عنه حتى قيل : نصر الله الإسلام بأبي بكر يوم الردّة ، وبأحمد يوم الفتنة .
فحارب رضي الله عنه المرتدين ومانعي الزكاة ، وقتل الله مسيلمة الكذاب في زمانه .
ومع ذلك الموقف إلا أنه أنفذ جيش أسامة الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم أراد إنفاذه نحو الشام .

وفي عهده فُتِحت فتوحات الشام ، وفتوحات العراق

وفي عهده جُمع القرآن ، حيث أمر رضي الله عنه زيد بن ثابت أن يجمع القرآن

وكان عارفاً بالرجال ، ولذا لم يرضَ بعزل خالد بن الوليد ، وقال : والله لا أشيم سيفا سله الله على عدوه حتى يكون الله هو يشيمه . رواه الإمام أحمد وغيره .

وفي عهده وقعت وقعة ذي القَصّة ، وعزم على المسير بنفسه حتى أخذ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه بزمام راحلته وقال له : إلى أين يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أقول لك ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد : شِمْ سيفك ولا تفجعنا بنفسك . وارجع إلى المدينة ، فو الله لئن فُجعنا بك لا يكون للإسلام نظام أبدا ، فرجع أبو بكر رضي الله عنه وأمضى الجيش .

وكان أبو بكر رضي الله عنه أنسب العرب ، أي أعرف العرب بالأنساب .

زهده :
مات أبو بكر رضي الله عنه وما ترك درهما ولا دينارا

عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال : لما احتضر أبو بكر رضي الله عنه قال : يا عائشة أنظري اللقحة التي كنا نشرب من لبنها والجفنة التي كنا نصطبح فيها والقطيفة التي كنا نلبسها فإنا كنا ننتفع بذلك حين كنا في أمر المسلمين ، فإذا مت فاردديه إلى عمر ، فلما مات أبو بكر رضي الله عنه أرسلت به إلى عمر رضي الله عنه فقال عمر رضي الله عنه : رضي الله عنك يا أبا بكر لقد أتعبت من جاء بعدك .

ورعه :
كان أبو بكر رضي الله عنه ورعاً زاهداً في الدنيا حتى لما تولى الخلافة خرج في طلب الرزق فردّه عمر واتفقوا على أن يُجروا له رزقا من بيت المال نظير ما يقوم به من أعباء الخلافة

قالت عائشة رضي الله عنها : كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج ، وكان أبو بكر يأكل من خراجه ، فجاء يوماً بشيء ، فأكل منه أبو بكر ، فقال له الغلام : تدري ما هذا ؟ فقال أبو بكر : وما هو ؟ قال : كنت تكهّنت لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته ، فلقيني فأعطاني بذلك فهذا الذي أكلت منه ، فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه . رواه البخاري .

وفاته :
توفي في يوم الاثنين في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة من الهجرة ، وه ابن ثلاث وستين سنة .

فرضي الله عنه وأرضاه
وجمعنا به في دار كرامته

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده