التصنيف: القسم العام

منى سعيد : رحلتي في حفظ رياض الصالحين خلال يوم وليلة في دورة انعاش العقل

هذه سطور أخط بها رحلتي في حفظ كتاب رياض الصالحين لأضعها بين أيديكم أرجو أن تنفع كل من يقرأها وأن يتقبلها لله فأنتم يا أهل التدريبات العقلية أهل همم وقمم فوالله تحتار عباراتي في وصفكم ويعجز قلمي عن وصفكم فأنتم جاوزتم الثريا بهممكم فلقد رأينا وسمعنا عن همتكم التي نطحت القمة وأنتم من استطالت رؤوسكم إلى السماء فلامستها واقتربت السماء من رؤوسكم فتوجتها فأسأله سبحانه أن يبارك فيكم ويعلو من قدركم في الدنيا والآخرة.

هذه الأسطر طرف من رحلتي في حفظ رياض الصالحين وقبل أن أقصها عليكم أتقدم بالحمد والثناء على الله سبحانه وتعالى فهو الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لذلك إلا بتوفيقه سبحانه ثم أتقدم بالشكر لشيخنا الفاضل على بن سعيد الربيعي حفظه الله ( فمن لم يشكر الناس لم يشكر الله ) على مابذله في سبيل نشر كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فأسأله سبحانه أن يبارك في عمره ويرفع درجته وينسأ له في أثره وأن يجزيه عن كل حافظ للقران والسنة بسببه خير الجزاء.
جزيت خيرا على فضل أتيت به .. لكم بمعروفكم في الصالحات يد
فأُعذر حسودك فيما قد خصصت به .. إن العلا حسن في مثلها الحسد
فاللهم لك الحمد عدد خلقك ورضا نفسك ومداد كلماتك على هذه النعم فلقد اطلعت على رياض خضراء في هذه الرحلة المباركة – دورة انعاش العقل ومضاعفة الحفظ – فيها الكنوز الغالية التي تشنف الآذان بما لذ وطاب من الخير النبوي فلقد عشت يوما عطرا ليس من أيام الدنيا بل هو أقرب إلى حياة أهل الجنة وأنا أتنقل من حديث إلى آخر فلقد كنت في إحدى محاضرات الشيخ على الربيعي حفظه الله في دورة انعاش العقل أو كما تحلو لي أن اسميها ” اكتشاف العقل ” فلقد أردت أن استنفر جميع قواي وأستثمر عقلي وأشغله في سبيل الله ، للعلم شرف عظيم عند الله فلقد قمت وأعلنت عن أنى أتحدى كل الأخوات – المتدربات – في أن تختم حفظ كتاب رياض الصالحين في أقل من 5 أيام وأعلنت التحدي لعلى أخذ أجر من يحفظ بسببي وأن أشحذ همم ألأخوات ، للمنافسة جو ايماني رائع ، فعندما أعلنت التحدي اشتعلت الأجواء وظهرت المنافسات لي بقوة ويتحدوني وعلى رأسهم الأخت الغالية الملقبة ب ” حاملة الوحيين ” فهي نعم رفيقة الدرب ولكنها منافسه خطيرة جداً أسميها بالأسد فقامت وتحدتني بقوة على الملأ وهنا اشتعلت المنافسة وانطلقت إشارة البدء وبفضل الله قمنا بإحضار كتاب رياض الصالحين وكان لسان الحال يقول : فحيهلا ان كنت ذا همة فقد حدا بك حادي الشوق فاطو المرحلا
وأيضا: ومن لايحب صعود الجباليعش أبد الدهر بين الحفر
وقول الله تعالى : “ ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه ” وسبحان الله فتحنا الكتاب وكأننا فتحنا جنات وارفة الظلال ، طيبة الثمار ، عذبة المياه ، مسكية الريح والروح ، وبدأت ساعات العمل واشتعلت وبدأنا بالحفظ فكم كانت لذة حفظ الحديث لذة لا تساويها لذة فلقد مست الأحاديث شغاف قلوبنا من سهولتها وعظم ما فيها من الأجر العظيم وكنا نحفظ ، وكان يصادفنا تعليقات على بعض الأحاديث فندونها وممكن تناقش في بعضها ، لم أكن أعرف أن هذا الكتاب بهذه الروعة والسهولة وفعلا وجدت أن الحفظ ما هو إلا تكرار الشئ يعنى الموضوع ليس بالصعوبة التي نتخيلها بالعكس كل انسان يستطيع أن يحفظ ولكن يحتاج إلى ثقة بالله تعالى والعمل لأننا لو أحسنا الظن بالله لأحسنا العمل وكانت تسبقني في بعض الأحيان فتشتد قوة الحفظ والسرعة فكان الجو مشحوناً بهذه الروح الجميلة وكنت أسبقها فكانت تطير لكي تصل إلي ، وإذا كان لدينا بعض الأعمال الأخرى ننطلق لننتهي منها بسرعة البرق لأننا شعرنا بقيمة الدقيقة وكنا نحسب لها ألف حساب ، وكنا نتبادل الكلمات الايجابية مثلا ” إلى أين وصلتي يا بطلة ” أو ” يا أسد أرحم الكتاب ” “ كفاية أرحمي الكتاب صار طحين تحت يدك “و “ يا آكلة الورق اهدئي شوية ” هذه العبارات التي كانت تشحذ الهمة وكنا كلما نزداد في الحفظ نتذكر قول الدكتور علي الربيعي وهو يقول : “ أن علوم الدنيا كلها لو جمعت في عقلنا ما أخذت من مساحة عقلنا إلا مثل حبة الفاصوليا ، فعقلنا يسع علوم الدنيا كلها بدليل ” وعلم ادم الأسماء كلها “ واستمرت المنافسة ثم بدأت تهدأ قليلا ولكن من صبر ظفر واستمرينا وكانت الأحاديث لها أثر عجيب في نفوسنا .

واستمر الحفظ وعزمنا على أن ننهي حفظ الكتاب في هذا اليوم وكانت تأتينا لحظات إرهاق ولكن كان سرعان ما يذهب بسبب المنافسة القوية ، وكنا نؤدي أعمالنا وأشغالنا الأخرى بسرعة بفضل الله حتى لايضيع الوقت وحتى أن وقت الطعام كان الكتاب بين أيدينا فلقد تعلمنا قيمة الوقت وأننا لو حافظنا عليه سنثمر الكثير من الانجازات بعد الاستعانة بالله فكنا لا نقوم إلا إلى الأعمال الضرورية وللصلاة وغيرها من المهمات وهذا طبعا لأننا عزمنا على ختمه في يوم واحد ، كانت هناك أحاديث تبكينا مما فيها وخاصة أحاديث رؤية الله تعالى وأحاديث وصف النار ووصف الجنة وأحاديث فضل الاخوه في الله.

واستمرت الرحلة في طريقها إلى أن خيم الليل علينا بسكونه وهدوءه وقد خلد الجميع للنوم وهدأت الحياة من حولنا وبدأ الإرهاق يدب بدبيبه الخفي ولكننا قد تخطينا الألف و النصف ،لم يبق إلا أربعمائة حديث فقط، ولكن النوم سلطان ، واستكملنا ولكن النوم والإرهاق كاد يغلبنا وكانت تغفو عين إحدانا ويسقط الكتاب من يدها وسرعان ما تستيقظ على صوت منافستها وهى تحفظ وتناديها وتشتعل مرة أخرى المنافسة وتعود للحفظ وهكذا عدة مرات كل منا يحدث معه ذلك وهكذا ظل الصراع بيننا وبين النوم والإرهاق إلى أن وصلنا إلى الأحاديث التي قاربت مشارف الفوز ولم يتبق إلا 100 حديث فقط فطارت القلوب فرحا بقرب الفوز وبدأ العد التنازلي لأخر شئ وأخيرا لاحت أعلام المنزل وظهرت البشائر فيا الله كم هي لحظات غاية في الروعة وخاصة التنافس على أشده إلى أن وصلنا إلى أخر 10 أحاديث وكانت القلوب تطير من الفرحة وقد خيم علينا الثلث الأخير من الليل وبدأت اللحظات الأخيرة يا الله الحديث 9 ثم 8 ثم 7 إلى آخر حديثين وصلنا وقد كانت أنفاسنا مثل من يجرى بحلبة سباق أنفاس متلاحقة من شدة المنافسة ومن شدة الفرحة والانجاز ولقد كنا نحفظ آخر حديثين في نفس واحد وكانت أحاديث تقشعر لها الأبدان وكانت عن رؤية الله سبحانه في الجنة وعندما نطقنا أخر كلمة رواه مسلم خررنا سجودا ونحن نسمع ساعتها تكبير الأخوات والتبريكات في هذه اللحظة حيث طارت البشارة لهم لأن الدورة كانت مستمرة في آخر يوم لها فسمعنا التكبيرات والتهاني ونحن نسجد شكرا لله على نعمه فو الله لحظات اقشعر لها بدني فرحا بفضل الله وسمعت أخواتى بالمحاضرة يهنئونا ومنهم من خنقتها العبرة ومنهم من أمسكت بالميك وهنأتنا وهى تبكى و عندما أخذت الميك لأتكلم شعرت بعجز الكلمات في هذه اللحظات ن لحظات دمعت لها العيون وسجدت فيها الجباه لخالقها شكرا على نعمه الجزيلة وسمعنا تبريكاتهم جميعا وتبريك الشيخ علي الربيعي حفظه الله وقمت بتهنئة منافستي حماها الله من كل سوء على تحقيقها انجازها وعلى حملها مشعل الهداية فها هي ساعات مرت علينا
ولكن بتوفيق من الله استفدنا منها فأثمرت ثمرا يانعا نافعا بإذن الله ولم نخسر شيئاً وكل ما شعرنا به من جهد أو إرهاق أو ملل ذهب مع آخر كلمة ، ساعات الإنجاز تُنسي تعب الأيام وهى أيضا نفس الساعات التي كان ممكن أن أضيعها في أي شئ أخر وفعلاً من يحترم وقته بالتأكيد وقته سيحترمه بالطبع ويعطيه خير ما عنده.
فالأمر يسير وسهل بأمر الله ولكن لا ننسى قول النبي صلى الله عليه وسلم أستعن بالله ولا تعجز فكل منا يستطيع بالصبر والاعتماد على الله ثم علو الهمة في الوصول للهدف والتدريبات الكثيرة.
معرض يوتيوب لتجارب المتدربين في دورة ” انعاش العقل ومضاعفة الحفظ “ وكيف ختموا حفظ القرآن كاملا لأول مرة في أيام

ولقد خرجت من هذه الدورة بالعديد من الفوائد التي لا تعد ولا تحصى و أذكر منها أن الله تعالى قسم بقيمة الوقت في مواطن كثيرة من كتابه الكريم فلو قدرت قيمته فلسوف أُحقق إنجازات عظيمة.

وتعلمنا أنه لا يوجد شئ اسمه مستحيل طالما أننا نتوكل على الله فكل حركة نحتسبها لوجهه سبحانه وهو الكريم سيعطى من فضله.
وتعلمت أن الاخوة في الله ليست بالأقوال ولكنها تكون بالأفعال.
وتعلمت أن الحفظ ليس معضلة ، بالعكس لايحتاج غير تكرار وفقط ليس خارقاً من خوارق الكون أن نحفظ شيئاً ولو كبر حجمه لأن الله قال ” ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم” اذاً فلديَّ عقل منحنيه الله فلِما أعطله؟!