الحمد لله العزيز الغفار والصلاة والسلام على سيدنا محمد شارق الانوار وبعد نواصل اخواني ما جاء في كتاب الاذكياء للعلامة ابن الجوزي رحمه الله في سياق المنقول من ذلك عن نبينا صلى الله عليه وسلّم كلمات تدل على قوة الفطنة الفطرية فأما ما حصل له بتلقي الوحي وتثقيفه فذلك كثير وليس هو مرادنا ههنا إنما المراد القسم الأول أخبرنا حارثة بن مضرب عن علي عليه السلام قال لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر وجدنا عندها رجلين رجلاً من قريش ومولى لعقبة بن أبي معيط فأما القرشي فأفلت وأما مولى عقبة فأخذناه فجعلنا نقول له كم القوم فيقول هم والله كثير عددهم شديد باسهم فجعل المسلمون إذا قال ذلك ضربوه حتى انتهوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له كم القوم فقال هم والله كثير عددهم شديد باسهم فجهد النبي صلى الله عليه وسلم أن يخبره كم هم فأبى ثم أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله كم ينحرون من الجزر فقال عشراً لكل يوم فقال رسول الله القوم ألف كل جزور لمائة وتبعها
حدث أبو هريرة قال، قال رجل يا رسول الله لي جار يؤذيني فقال انطلق واخرج متاعك إلى الطريق فانطلق فأخرج متاعه فاجتمع الناس عليه فقالوا ما شأنك قال لي جار يؤذيني فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال انطلق واخرج متاعك إلى الطريق فجعلوا يقولون اللهم العنه اللهم أخزه فبلغه فأتاه فقال ارجع إلى منزلك فوالله لا أؤذيك.
حدثنا زيد بن سالم أن رجلاً قال لحذيفة يا حذيفة نشكو إلى الله صحبتكم رسول الله أدركتموه ولم ندركه ورأيتموه ولم نره فقال حذيفة ونحن نشكو إلى الله إيمانكم به ولم تروه والله ما تدري يا ابن أخي لو أدركته كيف كنت تكون لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الخندق في ليلة باردة مظلمة مطيرة وقد نزل أبو سفيان وأصحابه بالعرصة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل يذهب فيعلم لنا علم القوم أدخله الله الجنة فما قام منا أحد ثم قال من رجل يذهب فيعلم لنا علم القوم جعله الله رفيق إبراهيم يوم القيامة فوالله ما قام منا أحد فقال من رجل يذهب فيعلم لنا علم القوم جعله الله رفيقي يوم القيامة فوالله ما قام أحد منا فقال أبو بكر يا رسول الله ابعث حذيفة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا حذيفة فقلت لبيك يا رسول الله بأبي أنت وأمي فقال هل أنت ذاهب فقلت والله ما بي أن أقتل ولكنني أخشى أن أوسر فقال إنك لن تؤسر فقلت مرني يا رسول الله بما شئت فقال اذهب حتى تدخل بني ظهراني القوم فات قريشاً فقل يا معشر قريش إنما يريد الناس إذا كان غداً أن يقولوا أين قريش أين قادة الناس أين رؤوس الناس فيقدمونكم فتصلون القتال فيكون القتل بكم ثم ائت قيساً قل يا معشر قيس إنما يريد الناس إذا كان غداً أن يقولوا أين أحلاس الخيل أين الفرسان فيقدمونكم فتصلون القتال فيكون القتل بكم فانطلقت حتى دخلت بين ظهراني القوم فجعلت اصطلي معهم على نيرانهم وجعلت أبث ذلك الحديث الذي أمرني به حتى إذا كان وجاء السحر قام أبو سفيان فدعا اللات والعزي وأشرك ثم قال لينظر كل رجل من جليسه ومعي رجل منهم يصطلي على النار فوثبت عليه فأخذت بيده مخافة أن يأخذني فقلت من أنت فقال أنا فلان بن فلان فقلت أولى فلما دنا الصبح نادوا أين قريش أين رؤوس الناس فقالوا هات الذي أتينا به البارحة أين بنو كنانة أين الرماة فقالوا هات الذي أتيتنا به البارحة فتخاذلوا وبعث الله عليهم تلك الليلة الريح فما تركت لهم بناء إلا هدمته ولا إناء إلا أكفاته حتى لقد رأيت أبا سفيان وثب على جمل له معقول فجعل يسحبه ولا يستطيع أن يقوم فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت أخبره عن أبي سفيان فجعل يضحك حتى بدت نواجذه وجعلت أنظر إلى أنيابه.
عن الحسن أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل قد قتل حميماً له فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أتأخذ الدية قال لا قال أفتعفو قال لا قال اذهب فاقتله فلما جاوزه الرجل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان قتله فهو مثله فلحق الرجل رجلا فقال له ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كذا فتركه وهو يجر نسعه في عنقه قال ابن قتيبة لم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه مثله في المأثم واستيجاب النار أن قتله وكيف يريد هذا وقد أباح الله عز وجل قتله بالقصاص ولكن كره رسول الله أن يقتص وأحب له العفو فعرض تعريضاً أوهمه به أنه إن قتله كان مثله في الإثم ليعفو عنه وكان مراده أنه يقتل نفساً كما قتل الأول نفساً فهذا قاتل وهذا قاتل فقد استويا في قاتل وقاتل إلا أن الأول ظالم والآخر مقتص قال مؤلف الكتاب وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا كثير خصوصاً في المعاريض فلنقتصر على هذه النبذة.