التصنيفات
روايات طويلة

قصة مخيفة واقعية -بالعامية


السلام عليكم
كيفكم
المهم انا وجدت قصة عندما كنت ابحث عن بعض القصص في مدونة ساسكي
اعرف اني يوم امس وضعت موضوع جديد هذا هو الرابط

http://vb.arabseyes.com/t439920.html

هذي وقائع قصة رعب حقيقية وقعت بمصر بمدينة القاهرة………………….

في عام ال1954م اي في الخمسينات كان يوم مطر شديد وبرق ورعد وفي منتصف
اليل الساعة2:30 كان رجل يمشي بردان وخايف ويريد يتدفء وياكل لكن مشى مشى
الى ان وجد منزل كبير جدا جدا دق الجرس ودق

الى ان يطلع له رجال ويقول له:

هلا ماذا تريد ايها الرجل

قال له: الله يخليك انا بردان وووووالخ……………………

قال له:تفضل …

ودخل البردان وحس بدفئ وطمأنينة وراحة وجلس يم المدفأة يتدفىوراح راعي

الا ويحس بهمس والا راعي البيت جابله الاكل والقهوة الدافئة

وقعدو يسولفون وراعي البيت ساكن بحاله لا خدم ولا حشم ولا زوجة ولا شي الا هو وكلبه.

قال راعي البيت:انت خذ هذا البالطو خلية معك اذا طلعت بكره ونام اليوم هنا…

فرح الرجل وشكرة كثيرا

في اليوم الثاني استيقظ راعي البيت يدور عنه فى جميع غرف البيت و في غرفة الضيافة فلن يجد لة أثر …………..

قال لنفسه:اكيد حس بالخجل ومشى ……….

المهممممممممم كان هذا الرجال راعي البيت ثري وكل اصدقائه تجار ورجال أعمال معرووفين…………. ((لا تستعجلون بيجي الخير))

وكان مدعو في هذا اليوم لمتحف لصور أثرية قديمة جدا جدا جدا ………

وراح للمتحف ………… وهو يدور بالمتحف مع كم واحد والارأى شىء عجيب ما تصدقووووووووووووووووووونه :

رأى صورة للرجل اللي كان بايت عنده اليلة الماضية ……و تفاجئ جدا جدا

وقال لأحد اصدقائة: هذا الرجال جانى بالأمس وبايت عندي

قاله صديقةوهو: مندهش هذا ميت من 50 سنة يا حبيب اكيد واحد شبهو قال له:والله والله والله انه اهو حتى نفس الشامة الي على خده

قاله صديقة: هذا ميت من 0 سنة و انا اعرف قبره ه ه ه…… واسأل كل الموجودين ……..

المهممممممم وراحو كلهم للمقبرة

ورأو شىء لن يتوقع…………..

وجدو البالطوالذى اعطاة راعى البيت لة بالليلة الماضية على قبره ((سبحان الله))..
لا تنسوا تردوا ولاتبخلوا علي بالردود
في امان الله

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
روايات طويلة

أحببته ولكن بالعامية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ماعندي مقدمات
بس الرواية فيها من الواقع وفيها من الخيال
من كتابتي طبعا تابعوني..

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
روايات طويلة

الفقرة التعليمـة الجـولـة 1 ص4 -بالعامية

السلآآم عليـكمم .
اليوم راح احط فقرة لتـعلييم كيفيـةة
كيفية كتابة الروايات العامـيةة
اتمنـىى تستفيدو واشوف تفاعـلل منكـم
واكون خفيفـة ودروسي سهلة
واكيد لكل مجتهد نصيب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
روايات طويلة

بعد الغياب / لـ #أنفاس_قطر# , مكتملة -بالعامية

(بعد الغياب) الرواية المختلفة التي عانقت اختلافكم الباذخ المبهر
هاهي تتواصل معكم وتسهيلا لكل المتابعات الجدد هاهي روابط كل الأجزاء التي نزلت
حتى نكمل مع بعضنا رحلة (بعد الغياب) لنهايتها

الشكر كل الشكر –رغم أن كل أبجديات الشكر لا تكفي- للرائعة الكريمة المذهلة
نسيج الخيال
التي اقتطعت من وقتها الغالي كل هذا الوقت الثمين لجمع هذه الروابط
شكرا لها
والله لايحرمني منها ولامن غلاها على قلبي
هي وكل نجمات غرام الغاليات
وشكر خاص لمراقبتنا الغالية زهرة التوليب لمساعدتها الثمينة [/ALIGN]
[/CELL][/TABLE][/ALIGN]

الاول والثاني
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الثالث
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الرابع
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الخامس
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

السادس
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

السابع
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الثامن و الجزء التاسع
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

العاشر
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الحادي عشر
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الثاني عشر
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الثالث عشر
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الرابع عشر
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الثامن عشر
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

التاسع عشر و العشرين
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الحادي والعشرين
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الثاني والعشرين و الثالث والعشرين
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الرابع والعشرين و الخامس والعشرين و السادس والعشرين
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

السابع والعشرين و الثامن والعشرين
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

التاسع والعشرين
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الثلاثون
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الحادي والثلاثين و الثاني والثلاثين و الثالث والثلاثين
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الرابع والثلاثين
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الخامس والثلاثين و السادس والثلاثين
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

السابع والثلاثين
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الثامن والثلاثين و التاسع والثلاثين
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الاربعون و الحادي والاربعين
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الثاني والاربعين
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الثالث والاربعون
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الرابع والاربعون و الخامس والاربعون
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

السادس والاربعون و السابع والاربعون
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الثامن والاربعون و التاسع والاربعون
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الخمسون والحادي والخمسين والثاني والخمسين
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الثالث والخمسين
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الرابع والخمسين الخامس والخمسين
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

السادس والخمسين
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

السابع والخمسين و الثامن والخمسين
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

التاسع والخمسين و الستين
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الحادي والستون و الثاني والستون
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الثالث والستون و الرابع والستون
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الخامس والستون والسادس والستون
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

السابع والستون والثامن والستون
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

من التاسع والستين الى الواحد والسبعون
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الثاني والسبعون والثالث والسبعون
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الرابع والسبعون والخامس والسبعون
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

من السادس والسبعين الى الثامن والسبعين
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

التاسع والسبعون والثمانين
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الحادي والثمانون الثاني والثمانون
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الثالث والثمانون والرابع والثمانون
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

الخماس والثمانون والسادس والثمانون
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

من السابع والثمانون الى الثالث والستعون
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

من الرابع والتسعون الى السادس والتسعون
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

من السابع والتسعون الى التاسع والتسعون
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

المئه والمئه وواحد
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

المئه واثنان المئه وثلاثه
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

المئه واربعه
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

المئه وخمسه والمئه وسته
رواية بعد الغياب / بقلمي ، كاملة

أضع بين أيديكم تجربتي الأولى في كتابة الرواية.. أعتقد أنها تجربة مختلفة جدا..والرأي الأول والأخير لكم.. أنشرها بنفسي في عدة مدونة بالتزامن معا.. ولكن في حال رغب أحد القراء الأفاضل في نقلها لا مانع لدي، ولكن أتمنى ألا ينسى اسمي فقط #أنفاس_قطر#

بعد الغياب

الجزء الأول

– أوووووف..البنات اليوم جننوني..
كانت هذه هي جملة الدكتورة جواهر اللي قالتها، وهي تطلق تنهيدة طويلة، وتحط شنطة لابتوبها على طاولة مكتبها بيد، وتخلع نقابها باليد الثانية، وتعلقه على الشماعة القريبة من مكتبها.
ردت عليها زميلتها وصديقتها المقربة الدكتورة نجلاء اللي قاعدة وراء مكتبها، وتقلب أوراق في يدها، وهي تبتسم بإرهاق: ليه عسى ماشر؟؟
لفت جواهر وجلست على كرسي المكتب، وهي تحرر شعرها الأسود الناعم والكثيف اللي يوصل طوله لتحت أكتافها بشويتين من الشيلة ومن الشباصة وتنثره على أكتافها ليرسم سواد شعرها الحريري المسترسل مع صفاء بشرتها المصقولة الشفافة لوحة مبهرة يعجز أعظم رسام عن رسمها لأنها من صنع الخالق، وسبحانه جل شانه ما أبدع ما صنع في هذه الأنثى الاستنائية.
(لا أميل مطلقا إلى فكرة البطلات الخارقات الحسن، وكأنه لا يوجد في عالم القصص عاديات الجمال، ولكن لجمال جواهر هنا ضرورة قصصية ملحة ستعرفونها لاحقا/ #أنفاس_قطر#)
وتقول جواهر وهي تعدل جلستها: محاضرتين ورا بعض والبنات كلهم يقولون: تكفين دكتورة الجو حلو ومغيم، خلينا نأخذ المحاضرة برا في الحديقة، أو طلعينا بدري، دخلوا في مخي، حنانات درجة أولى، الله يعين أهلهم عليهم.
ردت نجلاء وهي ترتب الأوراق وتدبسهم ببعض: هذا عشان أنتي معطتهم وجه، ومدلعتهم.
كشرت جواهر بابتسامة: إذا أنا مدلعتهم أنتي شنو؟؟ ، أنا أحترمهم وهم يحترموني، أمسك العصا من النص.عشان عمر التدريس الجامعي ماكان كبت وكسر لشخصية الطالب الجامعي، وفي نفس الوقت موب تسيب وفلتان.
نجلاء بصوت مرهق: خلاص عمتي جواهر فتحت موضوعها المفضل، من بيسكتها؟!
ابتسمت جواهر ابتسامة واسعة بينت أسنان رائعة في بياضها وتناسقها من خلف شفتين ناعمتين مكتنـزتين..ابتسامة ساحرة تجسد الفتنة الأنثوية في أوجها، الأنوثة الناضجة الممتزجة بملامح براءة غامضة تصنع سحرها الخاص بها هي فقط: يا قلبي يا نجلاء، التدريس الجامعي أنه إحنا نصنع شخصيات واثقة وملتزمة واستقلالية في ذات الوقت، أعرف إنها معادلة صعبة بس موب مستحيلة.
– واللي يخليج جيجي ماني ناقصتج اليوم. حمادة مسهرني البارح حرارته 40، واضطريت أنزل وأخليه عند عمتي عشان امتحان البنات اليوم، وجايه مواصلة بدون نوم.
– تدرين نجلاء إنج بايخة، وثقيلة دم، وماعندج سالفة.
– وليه كل هذا يا دكتورة؟.(قالتها نجلاء وهي تبطل عيونها بكسل)
– تطلعين وتخلين حمودي تعبان، عشان امتحان وأنا موجودة!! كان أرسلتيه مع السواق لي، وأنا برسم الخدمة: أحضر بدالج المحاضرة وأوزعه عليهم.
– فديت عمرج يا جواهر، بس إذا كان حبيبك عسل، ما أبي أثقل عليج، كفاية محاضراتي اللي حضرتيها بدالي الأسبوع اللي فات، مالي وجه، وجهي طاح، ياوجه استح.
– والله ثم والله تقومين تروحين لبيتج الحين، وإلا هذا أخر ما بيني وبينج، قومي طسي لبيتج، وهاتي الامتحان.
– بس يا جواهر……
– مافيه بس..هاتيه.. يعني أنا وش وراي أستعجل عليه…(وتنهدت جواهر بحسرة)
– كله منج، لو تبين كان تزوجتي من زمان، واليوم قبل بكرة، وبكرة قبل اللي بعده.. أخوي مخلي خطبته مفتوحة. وصحيح أخوي مافيه منه، بس ألف غيره يتمنونج.
ضحكت جواهر ضحكتها الصافية اللي تشبه رنين أجراس الكريستال الفاخر، واللي لو كان رجّال هو اللي سمع رنين ضحكتها كان تكهرب220 فولت وضربه زلزال بقوة 8 درجات على مقياس ريختر: عدااال.. اللي يسمعج تقولين خطاب، يقول بنية أم 18، أنا عجّزت ياقلبي، بعد كم شهر بيصير عمري 31، يالله حسن الخاتمة بس.
قالت نجلاء وهي تجمع أغراضها عن المكتب وتلبس عبايتها: أنتي والله اللي قليلة خاتمة، شنو 31، يعل 31 جاموسة تترفس في بطنج يمكن ترجع لج عقلج، أنتي قمر يا بنت، تعرفين شنو قمر، أنتي ماعندكم مرايا في بيتكم، وعادج في عز شبابج وأنوثتج…… الحين ماني متفرغة لج، بكرة نتفاهم، خذي الامتحان، وتراهم مجموعة 2 اللي محاضرتهم بعد ربع ساعة.
تنهدت جواهر: لا بكرة ولا بعده، روحي لحمودي، وانا بأمر عليج العصر، أتطمن عليه.
خذت جواهر الأوراق من نجلاء، ورجعت تجلس وراء مكتبها، وهي تراقب بهدوء ومودة نجلاء،
وهي تلبس عبايتها وتشد شيلتها على رأسها وتثبتها عدل..تدخل شعرة طايرة، وتلبس نظارتها الشمسية،
كانت ملامح نجلاء الهادئة الحنونة تذكرها بملامح أمها الله يرحمها، صدق إنها ملامح يمكن ما تلفت انتباهك ببساطتها وكونها تمر عليك كل يوم، لكن لما تعرف أصحابها ينقشون أنفسهم في القلب نقش، بحضورهم الإنساني المتسع اللي على قد امتداد الكرة الأرضية.
حست جواهر بنغزة جامدة في عمق قلبها، مو قادرة لحد الحين تتجاوز وفاة أمها رغم مرور أكثر من سنة. تكره الرجعة للبيت لأن كل زاوية من زواياه فيه ريحة أمها وذكراها وهمساتها، لولا وجود أخوها اللي أصغر منها عبدالعزيز في حياتها، كان يمكن جنّت بعد وفاة أمها مع الذكريات القديمة اللي مو راضية ترحم قلبها وكيانها، واللي كانت أمها تلهيها عنها شوي..
عبدالعزيز البلسم الشافي الحنون، بقلبه الطاهر، بروحه المرحة.. لاشعوريا ابتسمت وهي تتذكر تنكيت عبدالعزيز عليها: ما يسميها إلاَّ الزرافة، عشان طولها 173، بينما هو قصير شوي، طول طفولته كان يتمنى يكون طويل طويل مثل…….. هزت رأسها بعنف وكأنها تحاول نفض ذكرى "الطويل" من رأسها.. لكن غصبا عنها ذكرى "الطويل" حضرت بعنف، مثلها مثل كل أحزانها اللي ما تغادرها ولا لحظة.
رجعت ذكراها لحوالي 18 سنة ورا، وبنات المدرسة يضحكون عليها ويقولون: صدق يقولون إنج بتاخذين واحد (مرت بباي).. ضحكت من مصطلح (مرت بباي).. لكن الضحكة الميتة الـمُنتزعة من خواء قلبها أعقبها شهقات وشهقات وبكاء عنيف. قامت جواهر تقفل بسرعة باب المكتب، لا يدخل عليها حد من زميلاتها أو الفرّاشة، استعاذت بالله من الشيطان الرجيم، ومسحت وجهها بمناديل المكياج اللي معها بشنطتها، وقربت الزبالة منها ومسحت وجهها بماي بارد، بعدها طالعت في المرايه اللي بمكتبها وحطت ماسكرا على السريع على رموشها الطويلة الكثيفة، وحطت غلوس في محاولة أنها تخلي شكلها فريش وتخبي أثار البكاء، بعدها لبست شيلتها ونقابها، وخذت امتحان طالبات نجلاء وطلعت بعد ما قفلت باب مكتبها هي ونجلاء من برا.
**************

في بيت نجلاء، كانت عمتها (أم زوجها جاسم) جالسة في الصالة اللي تحت، وفي حضنها ولد ولدها، الولد مريض وحرارته مرتفعة، وينادي أمه، و وأم جاسم حاضنته بحب وتقرأ عليه آيات من القرآن، وتنفث على وجهه، وتمسحه بماي بارد، دخلت عليهم نجلاء مثل الصاروخ، دنقت على رأس عمتها وباسته، وشالت الولد من يدها، وهي تقول بقلق: أشلونه يمه؟
هزت أم جاسم رأسها: تعبان يمه، فديته ما نزلت حرارته كلش ويناديج، قومي وديه المستشفى…. إيه قبل أنسى ترا جاسم كلم ويقول بيتأخر كم يوم..
انتفضت نجلاء: عسى ما قلتي له شيء عن تعب حمودي، ما نبي نخرعه بدون سبب.
ردت أم جاسم بهدوء: لا ما قلت له شيء، بس هو خنت حيلي كأنه حاسس بشيء، كل شوي يقول أنه أنتي مو عوايدج تكلمينه باختصار ومستعجلة كذا.
– يوووه يمه، تدرين أنا ما أعرف ما أخبي، أكلمه بسرعة، أخاف يشدد في السؤال عن حمد أخورها، وأهل الأولي والتالي، ويزعل أنه صار له كم يوم تعبان وأنا ما قلت له. يالله أنا طالعة للمستشفى… ثم نادت نجلاء بصوت عالي ومستعجل:ماريا يالله نادي السواق وأمشي معاي نروح المستشفى. التفتت نجلاء تكلم عمتها: مسكينة ماريا توها جابتني من الجامعة، يمكن مالحقت تأكل شيء.
– ابتسمت عمتها ابتسامة مرهقة: يالبي قلبج يا نجلاء، مالوم جاسم في حبج، شايلة هم خلق الله.
– هذولاء في ذمتنا يمه ومسؤلين عنهم يوم الحساب. اللهم ثبتنا يارب وخلي لي وليدي وعافه يارب العالمين.
– آمين..أي مستشفى بتروحين يمه؟؟
– ما أدري يمه، يمكن عيادة الدوحة، وإلا طوارئ السد، بأشوف.
******************

في نفس اليوم في قاعة من قاعات جامعة قطر، البنات يدخلون القاعة باقي على المحاضرة دقايق، 3 بنات يمشون مع بعض ثنتين لابسين عباياتهم ونقاباتهم والثالثة بعباية وشيلة، دخلوا مع بعض للقاعة وهم يسولفون، وجلسوا في الصف الأول، خلعوا البنتين نقاباتهم ودخلوها في الشنط، وطلعوا المرايا يتأكدون من أشكالهم، وضبطوا الغلوس على شفايفهم.
سحبت فاطمة المراية من مها: عطيني أشوف شكلي.
رجعت مها مرايتها في الشنطة: وقالت: مهوب حولي، يا أنااا ياااو، تبين تشوفين شكلش، مفرعة 24 ساعة وكاشفة الخشة الشينة، وش اللي بيخرب شكلش.
ردت فاطمة عليها وهي تمد لسانها لها: محترة مني ومن خشتي الحلوة، ياالقردة.
ردت عليها مها: القردة جابتها أمش مع احترامي لخالتي أم صالح.
– أنا قردة يالسحلية.
– سحلية يالضب.
– شنو ضب هذا، صج بدوية.
قبل ما ترد مها اللي كانت تجهز الضربة القاضية، مسكت منيرة إيديهم: تايم آوت، الحكم وصل، عقب المحاضرة، نكمل الجولة، لا ألب كل وحدة منكم على علباها.
قالت فاطمة: إلا صج الحكم العود وينه، وين الدكتورة ما وصلت للحين؟؟
منيرة: إيه والله!! مهوب عوايد عين السيح.
مها: أنتي وعين السيح!! صايرة دواس على أخر الزمن، باقي مانع وخطر ونكمل مسلسل الحيالة.
منيرة: هذا حنا كملنا، مانع أنتي وخطر فاطمة.
فاطمة: بسم الله علي، مالقيتي إلا خطر.
ضحكت مها: ايه والله فيها منش لمحات، بس حرام.. أمش تكرم عن حكيمة.
ضحكت فاطمة: زين حشمتي أمي.
مها: أفا عليش كله ولا الكبير، أحطه على رأسي، بس أنتي وخويتش اللي وراش حثالة مجتمع، ماتستاهلون الاحترام.
منيرة: رجعت مها أم لسانين علي.. مو منس إلا من بلاوي الريجيم اللي تشربينها ياالدبة، أنتي وراس ما تحترمين عمتس منيرة؟
مها: عمت عينش، قولي آمين…. إلا صدق تأخرت دكتورة جواهر، نطلع وإلا نتناها؟؟
فاطمة: شنو نتناها هذي؟؟
منيرة: نتناها نتناها ؟؟سبع سنين مخاويتنا وماحفظتيها، خلينا نسوي ترجمة:أمممممممم يعني ننطرها..ياالمسبهه على قولتكم.
فاطمة:هاه ننطرها، مافيه داعي ننطرها لأنها كاهي وصلت، ومافيه مسبهه غيرج.
فاطمة ومها ومنيرة صديقات من أيام الأعدادية، وفي الجامعة دخلوا نفس التخصص، كانوا مثل روح توزعت في ثلاث أجساد، كل وحدة منهم تفهم الثانية بدون كلام، وكل وحدة منهم تكمل شيء ناقص في الثنتين الباقين، كانوا نموذج نادر للصداقة الفريدة.
دخلت جواهر القاعة بعد تأخير عشر دقايق، دخلت مستعجلة وهي تحط لابتوبها على الطاولة وتخلع نقابها، وتقول: السلام عليكم بنات، آسفة جدا على التأخير، طالبات دكتورة نجلاء تأخروا وهم يحلون الامتحان، وأنا ما حبيت أعجلهم، ودكتورتهم موب عندهم.
همست منيرة لفاطمة: يا لبا قلبها.. حنينة من يومها، يا جعلني فدا لسبدها وعيونها اللي تذبح.
مها همست لفاطمة اللي جالسة في النص: قولي للي جنبش تلايط وتسكر حلقها المخنـز، تدرين الدكتورة ما تحب الكلام الجانبي على قولتها.
فاطمة لمنيرة: تقولج مها تلايطي وسكري حلقج المخنـز، وماعلى الرسول الا البلاغ.
منيرة: زين شغلها عندي.رفعت منيرة صوتها: احم احم دكتورة دكتورة.
التفت عليها جواهر: نعم منيرة تبين شيء؟
ابتسمت منيرة بخبث: مو أنا اللي أبي، هذي مها تشرب على الريق شاي ريجيم، وشكله بدأ مفعوله، ومستحية تستأذن.
ضحكت جواهر ضحكة مكتومة وقالت: اطلعي مها لو تحبين.
مها مثل اللي صبوا على رأسها ماي بارد، وجهها صار إشارة مرور، مها على طولة لسانها مع صديقاتها، إلا أنها تستحي موت وخصوصا من اللي أكبر منها وخصوصا الدكاترة.
بصوت فيه البكية: لا دكتورة مافيه شيء. والله ما أبي أطلع.
ابتسمت جواهر لها برقة: خلاص براحتج، نبدأ درسنا.
شبكت جواهر اللابتوب بجهاز بروجكتر/الداتا شو ووجهته على الوايت بورد، في الوقت اللي كانت مها تخز منيرة وتتوعدها. وتأشر لها الاشارة الشهيرة وهي تمرر يدها على حلقها.

في نفس اليوم بالليل، وفي بيت من بيوت الدوحة، كانت الأضواء والكشافات تضيء الحديقة الواسعة المنسقة بذوق رفيع، وخلفها تظهر الواجهة الرخامية للفيلا المتوسطة الحجم والتي يظهر فيها هي أيضا ملامح الذوق الشديد الرقي والخصوصية.. في الحديقة على كرسي خيزران تجلس بهدوء ووداعة وعيونها مسكرة، وهي تضع شال صوف على أكتافها، ما حست فيه وهو يقترب بحذر، ويجلس على الكرسي المقابل لها.. يتأملها بهدوء، حاس بحزنها ويأسها مثل السكاكين اللي تنغزر بقلبه بدون رحمة، يحاول دائما أنه ينسيها حزنها، بس عارف إنها حتى لو مثلت عليه السعادة، أن حزنها أصبح جزء من تكوين شخصيتها. كانت العلاقة بينهم علاقة فريدة: كانوا أشبه بالتوأم حين، أب وبنته حين، أم وولدها حين ثالث، كان الفرق بينهم ست سنوات.
تنحنح بهدوء، وقال وهو يهز ذراعها بحنية: أم عبدالعزيز، أم عبدالعزيز.. قومي فديت قلبج أنا، الجو بارد عليج.
قامت جواهر وهي مفزوعة وتسمي بالرحمن: خرعتني الله يقطع أبليسك، وألف مرة قايلة لك لا تناديني أم عبدالعزيز. قالتها وهي تضربه ضربة خفيفة على كتفه.
تصنّع الحزن وقعد يمسح دموع وهمية: أفااااا.. ما تبين أقول لج أم عبدالعزيز، عيل من أمي؟؟
تنهدت جواهر: لا تفتح جروحي واللي يرحم والديك، أنت عارف أنا وش أقصد، إذا رجع عبدالعزيز، قول يا أم عبدالعزيز.
تنهد عبدالعزيز تنهيدة أطول، وهو يمسح لحيته المتوسطة الطول، اللي تزين وجه لطيف الملامح: ليه هو جروحك تسكرت عشان أفتحها. ما أدري أنتي متى بتنسين وتكملين حياتك طبيعي، لمتى وأنتي تنطرين عبدالعزيز وأخته؟؟
طالعته جواهر بحدة: ياه على هالموال اللي ما يخلص، ومن قال أني ما كملت حياتي طبيعي، هذا أنا كملت دراستي وعوضت فترة الانقطاع، ومو بس دراستي إلا خذت ماجستير ودكتوراه وفي زمن قياسي، وكاني أستاذة جامعة، يعني حياتي ما وقفت بعد اللي صار.
ابتسم عبدالعزيز بضعف: جواهر مو علي هالكلام، لو تخبين على الدنيا كلها أنا لا.. لمتى هالحزن؟؟ مو أنتي أول أم تفقد عيالها؟ الدنيا لازم تمشي، والبقاء لله، وأنتي إنسانه مؤمنة ومصلية. الموضوع صار له سنين طويلة، كل شيء في الدنيا ييدأ صغير ويكبر، إلاَّ الحزن يبدأ كبير ويصغر، وأنتي حزنج شاب بقلبج.
كانت جملة عبدالعزيز القشة اللي قصمت ظهر البعير، من بعد وفاة أمها -اللي كانت شاغلتها بمرضها وحاجتها للعناية الدائمة- وإحساسها بفقد عيالها متضاعف، وكانت تتجنب فتح حوار من هالنوع مع عبدالعزيز اللي كان طول عمره مرايتها، اللي تشوف نفسها فيها. انهارت جواهر فجأة على الأرض كأنها كانت تحمل جبل على كتفها ينتظر انهيارها، انتحبت بعنف: أبي عيالي يا عبدالعزيز، أبيهم، أبيهم،لو هم عند ربي أبي أموت أبي أشوفهم. ليه ياربي ما خذتني معهم، ليه ما خذتني مع أمي؟؟
نزل عبدالعزيز على ركبه وهو يحضنها بقوة ودموعها غرقت كتفه: جواهر ياقلبي استعيذي بالله من الشيطان، وش هالكلام؟؟ وأنا بتخليني لمن؟؟ يهون عليج حبيبج عزوز.
مسحت جواهر وجهها بظهر كفها: أنت بتتزوج قريب، وبيكون لك حياتك، بس أنا خلاص مالي حياة.
شدها عبدالعزيز من يدها وقومها وهو يدخلها للبيت: شنو مالج حياة،جامعتج وطالباتج وطموحاتج، وقبل كل شيء أنا وانتي.. بنظل طول العمر مع بعض، وإذا ما تبين تتزوجين خلاص بكفيج، أحسن، هذا الله يحبني، رزقني أنا ونورة (بيبي ستر) تربي عيالنا ببلاش،، لا وخوش بيبي ستر، مزيونة ومعاها دكتوراة، وين نحصلها ذي إلا في الأحلام. سوبر ناني جات برجولها.
ضحكت جواهر ضحكة قصيرة مبحوحة، ابتسم عبدالعزيز: جعلني ما خلا من هالضحكة، قولي أمين.
مسحت جواهر وجهها، وهي تجلس على الكنبة: ولا يحرمني منك، ومن شوفة عيالك، تعال تعال أجلس جنبي وأنا أمك. جلس عبدالعزيز جنبها وهو يحط غترته اللي بدون عقال على الكرسي.
حاولت جواهر بفشل أنها ترسم ابتسامة وهي تسأله: شأخبار شغلك؟؟
– يسرك الحال
– والعرس.. متى نويت إن شاء الله؟ ترانا طولنا على الناس. صار لكم متملكين سنة ونص، من يوم ألغي زواجكم بعد وفاة أمي ما حددنا موعد جديد.
– متى ما بغيتي أنتي؟
– خلاص خلني أشوف القاعات وحجوزاتها، وأشوف رأي خالي وأم فهد.
– أنتي خيطي وأنا ألبس، بس أنتي أكيد عارفة أني ماراح أدخل عند الحريم وهالسوالف التعبانة؟؟.
– أكيد أدري بدون ما تقول.
– بس الشيء الثاني أني ما أبي نورة تجلس قدام الحريم بعد.
– أنت وفهمناها، ونورة ليه بعد (قالتها جواهر وهي تخزه باستفهام)
– لأنه جلسة العروس قدام الناس ماهوب في الشرع، وأنتي عارفة.
– بس صار عادة، وأنا ما أحب أكسر بخاطر بنت خالي.
– أنا بعد ما أحب أنه ينكسر خاطرها، قولي لها هذي رغبتي، ولو هي تبي تجلس خلاص براحتها.
– ياقلبي عليك يالحنون، يا حليلك يا عزوز، والله أنك بتصير عريس الموسم.
– وليه يعني؟؟
– عريس لابس ثوب شانيل؟؟ وضحكت ضحكة ناعمة مازالت رنة البكاء واضحة فيها.
– شنو شانيله بعد؟؟
– خلاص عديها، الله يثبتك على طاعته.
– آآآآآآآآآآمين، وياج. هاه أشلون النفسية الحين؟
– خلني أنسى ياعبدالعزيز يومي قبل يومك.
– المشكلة أنه أنتي ما نسيتي، واللي أنا خايف منه أنه أنتي تكتمين بصدرج، فضفضي لي وانا أخوج، ليش كل شيء تكلميني فيه بارتياح، إلا لما نوصل لموضوع عيالج، 20 سنة وانتي صاكة عالموضوع في صدرج.
– 17 وشهرين يا عبالعزيز، 17 وشهرين يا خالهم. قالتها جواهر والغصة أكبر من أنها تبلعها، حاسة أنها بتختنق فيها، وكملت وعيونها هايمة بالسقف،" قبل شهرين كملوا 17 سنة"
حاول عبالعزيز أنه يفرفش الجو: (حد يقول أن هالغزال عنده عيال شباب) لكنها كانت محاولة فاشلة، وندم على الجملة اللي قالها.
لأن جواهر انخرطت في بكاء حاد وهي تشهق: أبيع شبابي المزعوم وعمري وعيوني، عشان أشوفهم مرة.. بس مرة، ليه ياربي قسيت علي كذا، والله ما أذنبت في شيء أستحق عليه هالعقاب؟؟
انتفض عبدالعزيز: استغفري ربك استغفري ربك.
انتفضت جواهر مثل اللي لدغتها حية: اللهم أني أستغفرك وأتوب إليك، آلهي لا تآخذني أنك تعلم بثي وحزني…. أنا أم موجوعة يا عبدالعزيز.. موجووووووووعة موجوووووعة، مو قادرة أنساهم أو أتناسهم، إلا مستحيل، ولا تقول ليه واشلون،والله أحس بريحتهم في الجو، ملمس بشرتهم الناعمة والله بعده بين أصابعي.
قاطعها عبدالعزيز بحدة: أكيد ماراح تنسين، وأنتي كل ليلة ما تنامين إلاَّ على ثيابهم مفروشة على سريرك.
تفاجأت جواهر: وأنت إشدراك؟؟
تنهد عبدالعزيز: يعني بتدسين علي هذي؟!!
تنهدت جواهر تنهيدة حارة منـزوعة من أعمق أعماق قلبها: تدري عبدالعزيز، أنا لو متأكدة أنهم صدق ربي خذ أمانته عنده، كان احتسبتهم عند رب العالمين، وأنت أكثر واحد عارف إيماني بالله، بس هذا التأرجح، الأمل والشك يقتلني، كل ليلة أنام وأنا أحلم أني يمكن يجي بكرة أتصبح بوجيههم. يمكن أضمهم لصدري وأشم ريحتهم..آه ياعبدالعزيز آه ..انحرمت من شوفتهم يكبرون قدامي، انحرمت اسمع أول كلمة، وأشوف أول خطوة، وأتحسس أول سن، وأكلهم أول وجبة أكل، انحرمت من كل متعة تنتظرها الأم بلهفة مع عيالها..انحرمت حتى من أبسط حق، أسمعهم يقولون لي ماما.. آآآآآآآآآه ياعبدالعزيز آآآآآآآآه..انحرمت من طفولتي ومراهقتي، وكان والله ثم والله إنه عندي عادي وأكثر من عادي عشان عيونهم اللي حسيت كأني ملكت الكون لما شفتها بعد ولادتهم، حسيت لحظتها وتيقنت أنهم هم طفولتي وشبابي وكل اللي باقي من حياتي، أنه ربي كأنه خلقني في الدنيا عشانهم،حسيت كأني أطير في السما والله أطير.. آآآآآه ياأخوي وسندي آآآآآآآه، انحرمت منهم ، ونزلت من السما لسابع أرض، الله ينتقم من اللي حرمني منهم، الله يأخذ حقي منه يوم نتقابل أمام وجهه الكريم. الله ينتقم منه.
– جواهر لا تدعين على…….
قاطعته جواهر بعنف بنبرة تنضح بالكراهية: لا تقول اسمه، لا تقول اسمه قدامي.
قال عبدالعزيز بلين: أنتي مثل اللي يمسك في القشور ويخلي اللب، ولو ما قلت اسمه، هو بشخصه حاضر، لأنك كل ما تذكرتي عيالك لازم تتذكرينه معهم.
ابتسمت جواهر ابتسامة خفيفة وهي خلاص تبي تنهي الموضوع اللي استهلك كل طاقتها وانفعالاتها: تعشيت يا قلبي؟؟
تفهّم عبالعزيز رغبتها في انهاء الموضوع مع أنه كان حاب أنهم يتكلمون عشان تفضفض عن اللي بداخلها، لأنه هذي من المرات القليلة اللي تكلمت عن عيالها، قال بحنية: تعشيت ياعلني ما خلا منك، طلعنا أنا والشباب من الدرس، وحلف علينا راشد نصلي في المسجد اللي عند بيته ثم نتعشى عنده، وتوني الحين جاي من عنده.
ابتسمت جواهر وهي تتذكر راشد أكبر شيطان في الفريج وهو صغير ما حد سلم من شره، كان مفلع كل عيال الفريج، بس هو كان بذرة طيبة الله يرحم أمه، ورغم أنه مو مطول اللحية ولا مقصر الثوب مثل عبدالعزيز، إلا أنه شديد التدين والتفقه في الدين مع أنه أصغر من عبدالعزيز ب3 سنين، نفضت الذكرى عنها وهي تقول لعبدالعزيز: يوه كنت بأنسى، بكرة الأثنين أكيد صايم؟؟
– إن شاء الله.
– خلاص بأحط لك سحور في حافظات في الصالة، عشان لا قمت تصلي التهجد تتسحر.
– يا جواهر ماله داعي، توني متعشي.
– إلا لازم.. ليل الشتاء طويل وبتجوع

**************
هذا اليوم كان يوم شبه اعتيادي من حياة بطلة روايتنا.. عجبتكم الرواية أكملها أو أنسحب بكرامتي أحسن؟؟؟
#أنفاس_قطر#

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
روايات طويلة

مهما اغلقتها..فساستطيع الدخولرواية شيقة

التصنيفات
روايات طويلة

رواية عابر سبيل للكاتبة المتألقة احلام مستغنامي "الفصل السادس"

الفصل الأول

كنا مساء اللهفة الأولى, عاشقين في ضيافة المطر, رتبت لهما المصادفة موعدا خارج المدن العربية للخوف.
نسينا لليلة أن نكون على حذر, ظنا منا أن باريس تمتهن حراسة العشاق.
إن حبا عاش تحت رحمة القتلة, لا بد أن يحتمي خلف أول متراس متاح للبهجة. أكنا إذن نتمرن رقصا على منصة السعادة, أثناء اعتقادنا أن الفرح فعل مقاومة؟ أم أن بعض الحزن من لوازم العشاق؟

في مساء الولع العائد مخضبا بالشجن. يصبح همك كيف تفكك لغم الحب بعد عامين من الغياب, وتعطل فتيله الموقوت, دون أن تتشظى بوحا.
بعنف معانقة بعد فراق, تود لو قلت "أحبك" كما لو تقول "ما زلت مريضا بك".
تريد أم تقول كلمات متعذرة اللفظ , كعواطف تترفع عن التعبير, كمرض عصي على التشخيص.
تود لو استطعت البكاء. لا لأنك في بيته, لا لأنكما معا, لا لأنها أخيرا جاءت, لا لأنك تعيس ولا لكونك سعيدا, بل لجمالية البكاء أمام شيء فاتن لن يتكرر كمصادفة.

التاسعة والربع ,وأعقاب سجائر.
وقبل سيجارة من ضحكتها الماطرة التي رطبت كبريت حزنك.
كنت ستسألها , كيف ثغرها في غيابك بلغ سن الرشد؟
وبعيد قبلة لم تقع, كنت ستستفسر: ماذا فعلت بشفتيها في غيبتك؟ من رأت عيناها؟ لمن تعرى صوتها؟ لمن قالت كلاما كان لك؟
هذه المرأة التي على ايقاع الدفوف القسنطينية, تطارحك الرقص كما لو كانت تطارحك البكاء. ماالذي يدوزن وقع أقدامها, لتحدث هذا الاضطراب الكوني من حولك؟
كل ذاك المطر. وأنت عند قدميها ترتل صلوات الاستسقاء. تشعر بانتماءك الى كل أنواع الغيوم. الى كل أحزاب البكاء, الى كل الدموع المنهطلة بسبب النساء.

هي هنا. وماذا تفعل بكل هذا الشجن؟ أنت الرجل الذي لا يبكي بل يدمع, لا يرقص بل يطرب, لا يغني بل يشجى.
أمام كل هذا الزخم العاطفي, لا ينتابك غير هاجس التفاصيل, متربصا دوما برواية.
تبحث عن الأمان في الكتابة؟ يا للغباء!
ألأنك هنا, لا وطن لك ولا بيت, قررت أن تصبح من نزلاء الرواية, ذاهبا الى الكتابة, كما يذهب آخرون الى الرقص, كما يذهب الكثيرون الى النساء, كما يذهب الأغبياء الى حتفهم؟
أتنازل الموت في كتاب؟ أم تحتمي من الموت بقلم؟

كنا في غرفة الجلوس متقابلين, على مرمى خدعة من المخدع. عاجزين على انتزاع فتيل قنبلة الغيرة تحت سرير صار لغيرنا.
لموعدنا هذا , كانت تلزمنا مناطق منزوعة الذكريات, مجردة من مؤامرة الأشياء علينا, بعيدة عن كمين الذاكرة. فلماذا جئت بها إلى هذا البيت بالذات, إذا كنت تخاف أن يتسرب الحزن إلى قدميها؟
ذلك أن بي شغفا إلى قدميها. وهذه حالة جديدة في الحب. فقبلها لم يحدث أن تعلقت بأقدام النساء.
هي ما تعودت أن تخلع الكعب العالي لضحكتها, لحظة تمشي على حزن رجل.
لكنها انحنت ببطء أنثوي, كما تنحني زنبقة برأسها, وبدون أن تخلع صمتها, خلعت ما علق بنعليها من دمي, وراحت تواصل الرقص حافية مني.
أكانت تعي وقع انحنائها الجميل على خساراتي, وغواية قدميها عندما تخلعان أو تنتعلان قلب رجل؟
شيء ما فيها, كان يذكرني بمشهد "ريتا هاورث" في ذلك الزمن الجميل للسينما, وهي تخلع قفازيها السوداوين الطويلين من الساتان, إصبعا إصبعا, بذلك البطء المتعمد, فتدوخ كل رجال العالم بدون أن تكون قد خلعت شيئا.
هل من هنا جاء شغف المبدعين بتفاصيل النساء؟ ولذا مات بوشكين في نزال غبي دفاعا عن شرف قدمي زوجة لم تكن تقرأه.

في حضرتها كان الحزن يبدو جميلا. وكنت لجماليته, أريد أن أحتفظ بتفاصيله متقدة في ذاكرتي, أمعن النظر إلى تلك الأنثى التي ترقص على أنغام الرغبة, كما على خوان المنتصرين, حافية من الرحمة بينما أتوسد خسارات عمري عند قدميها.

هي ذي , كما الحياة جاءت, مباغتة كل التوقعات, لكأنها تذهب الى كل حب حافية مبللة القدمين دوما, لكأنها خارجة لتوها من بركة الخطايا أو ذاهبة صوبها.
اشتقتها! كم اشتقتها, هذه المرأة التي لم أعد أعرف قرابتي بها, فأصبحت أنتسب الى قدميها.
هي ذي . وأنا خائف, إن أطلت النظر إلى العرق اللامع على عري ظهرها , أن يصعقني تيار الأنوثة.
هي أشهى, هكذا. كامرأة تمضي مولية ظهرها, تمنحك فرصة تصورها, تتركك مشتعلا بمسافة مستحيلها.

أنا الرجل الذي يحب مطاردة شذى عابرة سبيل, تمر دون أن تلتفت. تميتني امرأة تحتضنها أوهامي من الخلف. ولهذا اقتنيت لها هذا الفستان الأسود من الموسلين, بسبب شهقة الفتحة التي تعري ظهره, وتسمرني أمام مساحة يطل منها ضوء عتمتها.
أو ربما اقتنيته بسبب تلك الاهانة المستترة التي اشتممتها من جواب بائعة, لم تكن تصدق تماما أن بامكان عربي ذي مظهر لا تفوح منه رائحة النفط, أن ينتمي الى فحش عالم الاقتناء.

كنت أتجول مشيا قادما من الأوبرا, عندما قادتني قدماي الى "فوبور سانت أونوريه" . ما احتطت من شارع تقف على جانبيه سيارات فخمة في انتظار نساء محملات بأكياس فائقة التميز, ولا توجست من محلات لا تضع في واجهاتها سوى ثوب واحد أو ثوبين. لم أكن أعرف ذلك الحي , أصلا.
عرفت اسم الحي في مابعد, عندما أمدتني البائعة ببطاقة عليها العربون الذي دفعته لأحجز به ذلك الثوب.
بتلك الأنفة المشوبة بالجنون, بمنطق" النيف" الجزائري تشتري فستان سهرة يعادل ثمنه معاشك في الجزائر لعدة شهور, أنت الذي تضن على نفسك بالأقل. أفعلت ذلك رغبة منك في تبذير مال تلك الجائزة التي حصلت عليها, كما لتنجو من لعنة؟ أم لتثبت للحب أنك الأكثر سخاء منه؟
أن تشتري فستان سهرة لامرأة لم تعد تتوقع عودتها, ولا تعرف في غيابك ماذا فعل الزمن بقياساتها, أهي رشوة منك للقدر؟ أم معابثة منك للذاكرة؟ فأنت تدري أن هذا الفستان الذي بنيت عليه قصة من الموسلين لم يوجد يوما, ولكن الأسود يصلح ذريعة لكل شيء.
ولذا هو لون أساسي في كل خدعة.

أذكر يوم صادفتها في ذلك المقهى, منذ أكثر من سنتين, لم أجد سوى ذريعة من الموسلين لمبادرتها. سائلا ان كانت هي التي رأيتها مرة في حفل زفاف, مرتدية ثوبا طويلا من الموسلين الأسود.
ارتبكت. أظنها كانت ستقول"لا" ولكنها قالت "ربما" .
أحرجها أن تقول " نعم ".
في الواقع, لم نكن التقينا بعد. لكنني كنت أحب أن أختلق, مع امرأة , ذكريات ماض لم يكن. أحب كل ذاكرة لا منطق لها.
بدأنا منذ تلك اللحظة نفصل قصة على قياس ثوب لم يوجد يوما في خزانتها.
عندما استوقفني ذلك الفستان قبل شهرين في واجهة محل, شعرت أنني أعرفه. أحببت انسيابه العاطفي. لكأنه كان يطالب بجسدها أن يرتديه, أو كأنه حدث لها أن ارتدته في سهرة ما , ثم علقته على " الجسد المشجب" لامرأة أخرى , ريثما تعود.
عندما دخلت المحل , كنت مرتبكا كرجل ضائع بين ملابس النساء. فأجبت بأجوبة غبية عن الأسئلة البديهية لتلك البائعة المفرطة في الأناقة قدر فرطها في التشكك بنيتي.

Dans quelle taille voulez-vous cette robe Monsieur

?

كيف لي أن أعرف قياس امرأة ما سبرت جسدها يوما الا بشفاه اللهفة؟ امرأة أقيس اهتزازاتها بمعيار ريختر الشبقي. أعرف الطبقات السفلية لشهوتها. أعرف في أي عصر تراكمت حفريات رغباتها, وفي أي زمن جيولوجي استدار حزام زلازلها, وعلى أي عمق تكمن مياه أنوثتها الجوفية. أعرف كل هذا… ولم أعد , منذ سنتين ,أعرف قياس ثوبها!

لم تفاجأ البائعة كثيرا بأميتي, أو ألا يكون ثمن ذلك الثوب في حوزتي. فلم يكن في هيئتي ما يوحي بمعرفتي بشؤون النساء, ولا بقدرتي على دفع ذلك المبلغ.
غير أنها فوجئت بثقافتي عندما تعمدت أن أقول لها بأنني غير معني باسم مصمم هذا الفستان, بقدر ما يعنيني تواضعه أمام اللون الأسود, حتى لكأنه ترك لهذا اللون أن يوقع الثوب نيابة عنه, في مكمن الضوء, وأنني أشتري ضوء ظهر عار بثمن فستان!
قالت كمن يستدرك:
– أنت رجل ذواقة.
ولأنني لك أصدق مديحها, لاقتناعي أن الذوق لمثلها يرقى وينحط بفراغ وامتلاء محفظة نقود, قلت:
– هي ليست قضية ذوق, بل قضية ضوء. المهم ليس الشيء بل إسقاطات الضوء عليه. سالفادور دالي أحب Gala وقرر خطفها من زوجها الشاعر بول ايلوار لحظة رؤيته ظهرها العاري في البحر صيف 1949.

سألتني مندهشة لحديث لم يعودها عليه زبائن , شراء مثل هذا الثوب ليس حدثا في ميزانيتهم.
– هل أنت رسام؟
كدت أجيب " بل أنا عاشق" . لكنني قلت:
– لا … أنا مصور.
وكان يمكن أن أضيف أنني مصور " كبير" , مادمت موجودا في باريس لحصولي على جائزة أحسن صورة صحافية عامئذ. فلم يكن في تلك الصورة التي نلتها مناصفة مع الموت, ما يغري فضول امرأة مثلها. ولذا هي لن تفهم أن يكون هذا الثوب الأسود هو أحد الاستثمارات العاطفية التي أحببت أن أنفق عليها ما حصلت عليه من تلك المكافأة.
من قال إن الأقدار ستأتي بها حتى باريس, وإنني سأراه يرتديها؟

هاهي ترتديه . تتفتح داخله كوردة نارية. هي أشهى هكذا, وهي تراقص في حضوري رجلا غيري, هو الحاضر بيننا بكل تفاصيل الغياب.
لو رأى بورخيس تلك المرأة ترقص لنا معا, أنا وهو, لوجد " للزاندالي" قرابة بالرقص الأرجنتيني, كما التانغو, انه " فكر حزين يرقص" على إيقاع الغيرة لفض خلافات العشاق.
في لحظة ما , لم تعد امرأة . كانت الهة إغريقية ترقص حافية لحظة انخطاف.
بعد ذلك سأكتشف أنها كانت الهة تحب رائحة الشواء البشري, ترقص حول محرقة عشاق تعاف قرابينهم ولا تشتهي غيرهم قربانا.
لكأنها كانت قسنطينة, كلما تحرك شيء فيها , حدث اضطراب جيولوجي واهتزت الجسور من حولها, ولا يمكنها أن ترقص إلا على جثث رجالها.
هذه الفكرة لم تفارقني عندما حاولت فيما بعد فهم نزعاتها المجوسية.
ماالذي صنع من تلك المرأة روائية تواصل , في كتاب, مراقصة قتلاها؟ أتلك النار التي خسارة بعد أخرى, أشعلت قلمها بحرائق جسد عصي على الاطفاء؟
أم هي رغبتها في تحريض الريح, باضرام النار في مستودعات التاريخ التي سطا عليها رجال العصابات؟
في الواقع كنت أحب شجاعتها, عندما تنازل الطغاة وقطاع طرق التاريخ, ومجازفتها بتهريب ذلك الكم من البارود في كتاب. ولا أفهم جبنها في الحياة, عندما يتعلق الأمر بمواجهة زوج.
تماما, كما لا أجد تفسيرا لذكائها في رواية, وغبائها خارج الأدب, الى حد عدم قدرتها, وهي التي تبدو خبيرة في النفس البشرية, على التمييز بين من هو مستعد للموت من أجلها, ومن هو مستعد أن يبذل حياته من أجل قتلها. انه عماء المبدعين في سذاجة طفولتهم الأبدية.
ربما كان عذرها في كونها طفلة تلهو في كتاب. هي لا تأخذ نفسها مأخذ الأدب, ولا تأخذ الكتابة مأخذ الجد. وحدها النار تعنيها.
ولذا, قلت لها يوما: " لن أنتزع منك أعواد الثقاب, واصلي اللهو بالنار من أجل الحرائق القادمة".

ذلك أن الرواية لم تكن بالنسبة لها, سوى آخر طريق لتمرير الأفكار الخطرة تحت مسميات بريئة.
هي التي يحلو لها التحايل على الجمارك العربية, وعلى نقاط التفتيش, ماذا تراها تخبئ في حقائبها الثقيلة, وكتبها السميكة؟
أنيقة حقائبها. سوداء دائما. كثيرة الجيوب السرية, كرواية نسائية , مرتبة بنية تضليلية, كحقيبة امرأة تريد إقناعك أنها لا تخفي شيئا.
ولكنها سريعة الانفتاح كحقائب البؤساء من المغتربين.
أكل كاتب غريب يشي به قفل, غير محكم الإغلاق, لحقيبة أتعبها الترحال, لا يدري صاحبها متى, ولا في أي محطة من العمر, يتدفق محتواها أمام الغرباء, فيتدافعون لمساعدته على لملمة أشيائه المبعثرة أمامهم لمزيد من التلصص عليه؟ وغالبا ما يفاجأون بحاجاتهم مخبأة مع أشيائه.
الروائي سارق بامتياز. سارق محترم. لا يمكن لأحد أن يثبت أنه سطا على تفاصيل حياته أو على أحلامه السرية. من هنا فضولنا أمام كتاباته, كفضولنا أمام حقائب الغرباء المفتوحة على السجاد الكهربائي للأمتعة.

أذكر, يوم انفتحت حقيبة تلك المرأة أمامي لأول مرة , كنت يومها على سرير المرض في المستشفى, عندما خطر على بال عبد الحق, زميلي في الجريدة, أن يهديني ذلك الكتاب.. كتابها.
كنت أتماثل للشفاء من رصاصتين تلقيتهما في ذراعي اليسرى, وأنا أحاول التقاط صور للمتظاهرين أثناء أحداث أكتوبر 1988 .
كانت البلاد تشهد أول تظاهرة شعبية لها منذ الاستقلال, والغضب ينزل الى الشوارع لأول مرة, ومعه الرصاص والدمار والفوضى.
لم أعرف يومها , أتلقيت تينك الرصاصتين من أعلى أحد المباني الرسمية , عن قصد أم عن خطأ؟ أكان العسكر يظنون أنني أمسك سلاحا أصوبه نحوهم, أم كانوا يدرون أنني لا أمسك بغير آلة تصويري, عندما أطلقوا رصاصهم نحوي قصد اغتيال شاهد إثبات.
تماما, كما سوف لن أدري يوما: أعن قصد, أم عن مصادفة جاءني عبد الحق بذلك الكتاب.
أكان ذلك الكتاب هدية القدر؟ أم رصاصته الأخرى؟ أكان حدثا أم حادثا آخر في حياتي؟ ربما كان الاثنان معا.

ليس الحب, ولا الاعجاب, بل الذعر هو أول احساس فاجأني أمام ذلك الكتاب ." ليس الجمال سوى بداية ذعر يكاد لا يحتمل" . وكنت مذعورا أمام تلك الرؤى الفجائية الصاعقة, أمام ذلك الارتطام المدوي بالآخر.
أي شيء جميل هو في نهايته كارثة. وكيف لا أخشى حالة من الجمال.. كان يزمني عمر من البشاعة لبلوغها.
كنت أدخل مدار الحب والذعر معا, وأنا أفتح ذلك الكتاب. منذ الصفحة الأولى تبعثرت أشياء تلك المرأة على فراش مرضي.
كانت امرأة ترتب خزانتها في حضرتك. تفرغ حقيبتها وتعلق ثيابها أمامك, قطعة قطعة, وهي تستمع الى موسيقى تيودوراكيس, أو تدندن أغنية لديميس روسوس.
كيف تقاوم شهوة التلصص على امرأة, تبدو كأنها لا تشعر بوجودك في غرفتها , مشغولة عنك بترتيب ذاكرتها؟
وعندما تبدأ في السعال كي تنبهها الى وجودك, تدعوك الى الجلوس على ناصية سريرها, وتروح تقص عليك أسرارا ليست سوى أسرارك, واذ بك تكتشف أنها كانت تخرج من حقيبتها ثيابك, منامتك, وأدوات حلاقتك, وعطرك , وجواربك, وحتى الرصاصتين اللتين اخترقا ذراعك.
عندها تغلق الكتاب خوفا من قدر بطل أصبحت تشبهه حتى في عاهته. ويصبح همك, كيف التعرف على امرأة عشت معها أكبر مغامرة داخلية. كالبراكين البحرية, كل شيء حدث داخلك. وأنت تريد أن تراها فقط, لتسألها " كيف تسنى لها أن تملأ حقيبتها بك؟"

ثمة كتب عليك أن تقرأها قراءة حذرة.
أفي ذلك الكتاب اكتشفت مسدسها مخبأ بين ثنايا ثيابها النسائية, وجملها المواربة القصيرة؟
لكأنها كانت تكتب لتردي أحدا قتيلا, شخصا وحدها تعرفه. ولكن يحدث أن تطلق النار عليه فتصيبك. كانت تملك تلك القدرة النادرة على تدبير جريمة حبر بين جملتين, وعلى دفن قارئ أوجده فضوله في جنازة غيره. كل ذلك يحدث أثناء انشغالها بتنظيف سلاح الكلمات!
كنت أراها تكفن جثة حبيب في رواية, بذلك القدر من العناية, كما تلفلف الأم رضيعا بعد حمامه الأول.
عندما تقول امرأة عاقر: " في حياة الكاتب تتناسل الكتب", هي حتما تعني "تتناسل الجثث" وأنا كنت أريدها أن تحبل مني , أن أقيم في أحشائها, خشية أن أنتهي جثة في كتاب.
كنت مع كل نشوة أتصبب لغة صارخا بها: " احبلي .. إنها هنيهة الإخصاب"
وكانت شفتاي تلعقان لثما دمع العقم المنحدر على خديها مدرارا كأنه اعتذار.
أحاسيس لم أعرفها مع زوجتي التي كنت لسنوات أفرض عليها تناول حبوب منع الحمل, مهووسا بخوفي أن أغتال فتتكرر في طفلي مأساتي. فكرة أن أترك ابني يتيما كانت تعذبني, حتى انني في الفترة التي تلت اغتيال عبد الحق, كنت أستيقظ مذعورا كما على صوت بكاء رضيع.
مع حياة ,اكتشفت أن الأبوة فعل حب, وهي التي لم أحلم بالإنجاب من سواها. كان لي معها دوما "حمل كاذب".
لكن, إن كنا لا ننجب من "حمل كاذب" , فإننا نجهضه. بل كل إجهاض ليس سوى نتيجة حمل تم خارج رحم المنطق, وما خلقت الروايات إلا لحاجتنا الى مقبرة تنام فيها أحلامنا الموءودة.

إن كنت أجلس اليوم لأكتب , فلأنها ماتت.
بعدما قتلتها, عدت لأمثل تفاصيل الجريمة في كتاب.
كمصور يتردد في اختيار الزاوية التي يلتقط منها صورته, لا أدري من أي مدخل أكتب هذه القصة التي التقطت صورها من قرب, من الزوايا العريضة للحقيقة.
وبمنطق الصورة نفسها التي تلتقطها آلة التصوير معكوسة, ولا تعود الى وجهها الحقيقي الا بعدما يتم تظهيرها في مختبر, يلزمني تقبل فكرة أن كل شيء يولد مقلوبا, وان الناس الذين نراهم معكوسين, هم كذلك, لأننا التقينا بهم, قبل أن تتكفل الحياة بقلب حقيقتهم في مختبرها لتظهير البشر.
إنهم أفلام محروقة أتلفتها فاجعة الضوء, ولا جدوى من الاحتفاظ بهم. لقد ولدوا موتى.

ليس ثمة موتى غير أولئك الذين نواريهم في مقبرة الذاكرة. اذن يمكننا بالنسيان, أن نشيع موتا من شئنا من الأحياء, فنستيقظ ذات صباح ونقرر أنهم ما عادوا هنا.
بامكاننا أن نلفق لهم ميتة في كتاب, أن نخترع لهم وفاة داهمة بسكتة قلمية مباغتة كحادث
سير, مفجعة كحادثة غرق, ولا يعنينا ذكراهم لنبكيها, كما نبكي الموتى. نحتاج أن نتخلص من أشيائهم, من هداياهم, من رسائلهم, من تشابك ذاكرتنا بهم. نحتاج على وجه السرعة أن تلبس حدادهم بعض الوقت, ثم ننسى.

لتشفى من حالة عشقية, يلزمك رفاة حب, لاتمثالا لحبيب تواصل تلميعه بعد الفراق, مصرا على ذياك البريق الذي انخطفت به يوما. يلزمك قبر ورخام وشجاعة لدفن من كان أقرب الناس اليك.
أنت من يتأمل جثة حب في طور التعفن, لا تحتفظ بحب ميت في براد الذاكرة, أكتب , لمثل هذا خلقت الروايات.
أذكر تلك الأجوبة الطريفة لكتاب سئلوا لماذا يكتبون. أجاب أحدهم " ليجاور الأحياء الأموات" , وأجاب آخر " كي أسخر من المقابر" , ورد ثالث " كي أضرب موعدا" .
أين يمكنك, الا في كتاب, أن تضرب موعدا لامرأة سبق أن ابتكرت خديعة موتها, مصرا على إقحام جثتها في موكب الأحياء, برغم بؤس المعاشرة.
أليس في هذه المفارقة سخرية من المقابر التي تضم تحت رخامها , وتترك الأموات يمشون ويجيئون في شوارع حياتنا.

وكنت قرأت أن (الغوليين) سكان فرنسا الأوائل, كانوا يرمون الى النار الرسائل التي يريدون إرسالها الى موتاهم. وبمكاتيب محملة بسلاماتهم وأشواقهم وفجيعتهم.
وحدها النار, تصلح ساعي بريد. وحدها بامكانها انقاذ الحريق. أكل ذلك الرماد, الذي كان نارا, من أجل صنع كتاب جميل؟
حرائقك التي تنطفئ كلما تقدمت في الكتابة, لا بد أن تجمع رمادها صفحة صفحة, وترسله الى موتاك بالبريد المسجل, فلا توجد وسيلة أكثر ضمانا من كتاب.
تعلم اذن أن تقضي سنوات في انجاز حفنة من رماد الكلمات, لمتعة رمي كتاب الى البحر, أن تبعثر في البحر رماد من أحببت, غير مهتم بكون البحر لا يؤتمن على رسالة, تماما كما القارئ لا يؤتمن على كتاب.
فكتابة رواية تشبه وضع رسالة في زجاجة والقائها في البحر. وقد تقع في أيدي أصدقاء أو أعداء غير متوقعين. يقول غراهام غرين, ناسيا أن يضيف أنه في أغلب الظن ستصطدم بجثث كانت لعشاق لنا يقبعون في قعر محيط النسيان. بعد أن غرقوا مربوطين الى صخرة جبروتهم وأنانيتهم. ما كان لنا الا أن نشغل أيدينا بكتابة رواية, حتى لا تمتد الة حتف انقاذهم. بامكانهم بعد ذلك, أن يباهوا بأنهم المعنيون برفاة حب محنط في كتاب.
ام حبا نكتب عنه, هو حب لم يعد موجودا, وكتابا نوزع آلاف النسخ منه, ليس سوى رماد عشق ننثره في المكتبات.
الذين نحبهم, نهديهم مخطوطا لا كتابا, حريقا لا رمادا. نهديهم ما لا يساويهم عندنا بأحد.

بلزاك في أواخر عمره , وهو عائد من روسيا, بعد زواجه من السيدة هانكسا, المرأة الأرستقراطية التي تراسل معها ثماني عشرة سنة ومات بعد زواجه منها بستة أشهر, كان يقول لها والخيول تجر كهولته في عربة تمضي به من ثلوج روسيا الى باريس:
" في كل مدينة نتوقف فيها, سأشتري لك مصاغا أو ثوبا. وعندما سيتعذر علي ذلك, سأقص عليك أحدوثة لن أنشرها".
ولأنه أنفق ماله للوصول اليها, ولأن طريق الرجعة كان طويلا, قد يكون قص عليها قصصا كثيرة.
حتما, أجمل روايات بلزاك هي تلك التي لم يقرأها أحد, وابتكرها من أجل امرأة ما عادت موجودة هنا لتحكيها.

ربما لهذا, أكتب هذا الكتاب من أجل الشخص الوحيد الذي لم يعد بامكانه اليوم أن يقرأه, ذلك الذي ما بقي منه الا ساعة أنا معصمها, وقصة أنا قلمها.
ساعته التي لم أكن قد تنبهت لها يوما كانت له, والتي مذ أصبحت لي, كأني لم أعد أرى سواها. فمنه تعلمت أن أشلاء الأشياء أكثر ايلاما من جثث أصحابها.
هو الذي أجاد الحب , وكان عليه أن يتعلم كيف يجيد موته. قال " لا أحب مضاجعة الموت في سرير, فقد قصدت السرير دوما لمنازلة الحب, تمجيدا مني للحياة". لكنه مات على السرير اياه. وترك لي كغيره شبهة حب, وأشياء لا أدري ماذا أفعل بها.

ساعته أمامي على الطاولة التي أكتب عليها. وأنا منذ أيام منهمك في مقايضة عمري بها. أهديه عمرا افتراضيا. وقتا اضافيا يكفي لكتاية كتاب. تائها في تقاطع أقدارنا, لا أملك الا بوصلة صوته, لأفهم بأية مصادفة أوصلنا الحب معا الى تلك المرأة.
أستمع دون تعب الى حواراتنا المحفوظة الى الأبد في تلك الأشرطة, الى تهكمه الصامت بين الجمل, الى ذلك البياض الذي كان بيننا, حتى عندما كنا نلوذ بالكلام. صوته! يا اله الكائنات, كيف أخذته وتركت صوته؟ حتى لكأن شيئا منه لم يمت. ضحكته تلك!
كيف ترد عنك أذى القدر عندما تتزامن فاجعتان ؟ وهل تستطيع أن تقول انك شفيت من عشق تماما من دون أن تضحك, أو من دون أن تبكي!

ليس البكاء شأنا نسائيا.
لا بد للرجال أن يستعيدوا حقهم في البكاء, أو على الحزن إذن أن يستعيد حقه في التهكم.
وعليك أن تحسم خيارك: أتبكي بحرقة الرجولة, أم ككاتب كبير تكتب نصا بقدر كبير من الاستخفاف والسخرية! فالموت كما الحب أكثر عبثية من أن تأخذه مأخذ الجد.
لقد أصبح , لألفته وحميميته, غريب الأطوار. وحدث لفرط تواتره, أن أفقدك في فترات ما التسلسل الزمني لفجائعك, فأصبحت تستند الى روزنامته لتستدل على منعطفات عمرك, أو على حادث ما , معتمدا على التراتب الزمني لموت أصدقائك. وعليك الآن أن تردع نزعتك للحزن, كما لجمت مع العمر نزعتك الى الغضب,أن تكتسب عادة التهكم والضحك في زمن كنت تبكي فيه بسبب امرأة, أو بسبب قضية, أو خيانة صديق.
مرة أخرى,الموت يحوم حولك إيغالا بالفتك بك, كلؤم لغم لا ينفجر فيك, وإنما دوما بجوارك. يخطئك, ليصيبك حيث لا ترى, حين لا تتوقع. يلعب معك لعبة نيرون, الذي كان يضحك, ويقول انه كان يمزح كلما انقض على أحد أصحابه ليطعنه بخنجره فأخطأه.
اضحك يا رجل, فالموت يمازحك ما دام يخطئك كل مرة ليصيب غيرك!

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
روايات طويلة

رواية حتى وقت اخر,, -رواية

اهلين في روايتي الجديدة شكرن لمتابعتكم رواياتي,قصة مرعبة ,سنستمر بحبنا على نهاية العالم
وهاذه روايتي الجديدة حتى وقت اخر
بداية الرواية ………………………….وشعرها
سابقى في وادي حتى تأتي لتري وجهي وانا ابكي وارمي نفسي مثل الطير ابتهاجاّ بروءيت الخير في وادي مثل
البركان لا ترين فيها لافتيات ولا صبيان ترينني فتسقط دمعة تتنفسين فتأتي المعه ترين وجهاّ في اخر نظرة
تبكيين في اخر لحظة تتحسفين وتقوليين:لماذا هاكذا , ضحيت لكي انتهي من عذابي وكتابي في اخر لحظة انه
الوقت الذي قلتي انه سيبقي الميعاد في وقت اخر حتي ينتهي العالم لكن قلتي……….
انها …………………………حتى وقت اخر ………………………..
الشخصيات بكرة
ردود 7
طيب بس ابغى شي الردود

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
روايات طويلة

الحرية الحقيقية " رواية السجين " -رواية جميلة

.

.

الفصول

الفصل الثاني

http://vb.arabseyes.com/t433183-p4.html

هناك ولدت .. حيث تلك القلوب المتحجرة

حيث عاشت الظلمة لتطغى على بياض القلوب الطاهرة

تحت قوانينٍ جاهلة خطتها أحقادهم ومطامعهم

لتبيد البشرية والضعفاء من على أسقفها

وتحيلهم الى

\الهـــاوية\

روايـــة

السجيــــــــــــــــن

روسيا البيضاء2017


الفصل الأول

صوت المياه المتدفقة من ذلك الصنبور أيقظه من أحلام يقظةٍ غرق بها لوهلة ,

فأسرع الخطا يغلقه متبعاً ذلك بتنهيدة ضجرة , رفع بعدها الابريق الصغير

الذي فاضت المياه منه ووضعه على الفرن وابتعد حالما أوقده عائداً لكرسيه

الوحدة والسكون هو كل مارافقاه في تلك الغرفة ذات الطابع الكلاسيكي الهاديء المريح

غير أن الفوضى شوهت مظهرها الراقي بعض الشيء .. فغدا يقلب ناظريه بين قميصه

المجعد الملقى على الأريكة حلبية اللون ذات الوسائد السوداء والتي ماسلمت من تلك

الفوضى فألقيت بعبثٍ هنا وهناك !

ومنشفة ألقيت باهمالٍ على سريره الغير مرتب .. ملابس في كل بقعة وصحون تراكمت دون

أن يهتم بغسلها .. وعشاء الليلة الماضية بل وحتى فنجان القهوة لايزالا على الطاولة

أمام تلك الشاشة البلازمية الضخمة !

بضجر تنهد حالما سمع صوت طرقٍ موسيقي على الباب عرف منه هوية صاحبه على الفور

فنهض متمللاً وفتحه وعاود الجلوس على كرسيه بينما هتفت تلك الدخيلة الطفيلية بصخبها

المعتاد : صباح الخير سيد … مهمل

قالتها بفتور وهي تقلب ناظريها في الشقة الذي ملأتها الفوضى كأنما هبت عليها عاصفة

هوجاء فانحنت تلتقط ذلك القميص من على الأريكة واقتربت منه قائلة بسخط :

سرعان ماجعلتها حاوية نفايات من العجيب أن تحتمل العيش فيها هكذا ؟

ظل بصمته غير آبهٍ بما تقول بينما عقله يسبح في البعيد حيث عالمه الخاص .. تجاهلته

واقتربت من الابريق الذي كاد يفرغ مابأحشائه وأطفأت الموقد على الفور

– لما تستخدم هذا ؟ تعلم أنه ليس نافعاً للمهملين أمثالك

– لست مهملاً .. ثم ان مسخن الماء لم يعد يعمل أظنه احترق ليلة البارحة

– آها .. هذا طبيعي .. كما جرس المنزل المعطل صحيح ؟

أومأ ايجاباً وهو يضع كوبه على الطاولة ويصب به الماء الساخن .. وضعت يدها على يده وهي تقول بابتسامة :

دعني أقوم بإعداد الافطار بدلاً عنك اليوم أيضاً

تركها دون أن يعقب وعاد ليجلس وهو يعبث بهاتفه بينما أعدت افطاراً بسيطاً مكوناً من

طبق العجة الفرنسية وكوبٍ من القهوة المحلاة الساخنة .. وضعتها أمامه وبدأت تنظيف الشقة بصمت

وقد بدأ يحتسي قهوته دون أن ينبس ببنت شفة ..

فتح الباب وأطل منه بوجهه العابس المستاء معلياً طبقة صوته حين قال :

مساء الخير سيدة النوم

سمعت صوته وهي لاتزال متدثرة في فراشها وعلى وجهها انعكست مشاعرها

الميتة في تلك اللحظة .. نهضت بتثاقل وخرجت من غرفتها لتراه يضع أكياساً كثيرة

على الطاولة وقد بدا عليه الضجر والسخط وهو يتمتم بشتائم شتى ..

اقتربت منه وبدأت ترصف الحاجيات كلٍ في مكانها المناسب وما إن أبصرها حتى قال بغضب :
حمداً لله أنكِ أدركتِ أخيراً أني بحاجة للمساعدة

بهدوء أجابته وهي تكمل عملها : لاتصرخ رجاءاً

أعقبت وهي تنظر له بابتسامة خاوية : أشعر بالصداع حقاً

تجهم وجهه أكثر بينما يتمتم : ومنذ متى لاتشعرين بالصداع أو الاعياء

توجه لغرفته باستياء ودخلها مغلقاً الباب خلفه بقوة بينما ظلت تنظر نحوه

وعواصف تهيج بقلبها جعلته جثة هامدة بلا حياة !

عيناه الزرقاوان الصافيتان تعلقتا بالفراغ ليهيم في ذكرياتٍ حبس بداخلها

دون أن يشعر أو يبالي بمن كانت تحدق به بين الحين والآخر

تتأمل قسماته الذابلة الشاحبة .. ووجهه ذو الطبيعة الروسية شديدة البياض

وشعره العسلي الذي ماكان ليتركه مبعثراً كما الآن

بل حتى تلك الشقة المميزة ذات الطابع المخملي الراقي والأنيق

لم يكن يقبل أبداً بترك ذبابة تحوم في أرجائها .. على الرغم من كونه شاب أعزب

الا انه كان يهتم بأدق التفاصيل .. مظهره .. البيئة المحيطة به .. وحتى رفاقه

بعزم اقتربت منه مبعدة الكرسي المجاور له لتجلس عليه هاتفة بسخط :

ألن تخبرني مابك ؟ تسوئني حالك هذه حقاً سيكيم
لما لاتحدثني لطالما كنت أبوح لك بكل شيء
حياتي مشاكلي وحتى الخاص منها ..
حتى حماقاتي كنت اخبرك بكل شيء ولا أزال

أكملت برجاء وهي تمسك يده القابضة على الكوب :
لما لا تبوح لي بما يؤلمك .. ولو لمرة .. كصديقين حقيقين .. سيكيم

ابتسم فجأة ساخراً وهو يهمس : صديقين ؟ هه .. ام صديقين حقاً

زفر بشدة محاولاً طرد تلك الأفكار من رأسه والتفت لها بابتسامة مستهترة :

مالذي تهذين به تعلمين أني لاأحب هذه اللحظات الشاعرية
صداقة وذكريات وألم .. من ذا الساذج الذي أوهمكِ بأني أتألم .. آه انتظري اني بالفعل أتألم
لكون اجازتي التي بدأت لتوها ستجرد مني مجدداً لأسبابٍ أنانية سخيفة
بالطبع يجب أن أكون ساخطاً ومتألماً أولست محقاً

أردف وهو ينظر للكوب وينهض لغسله باستياء :

ثم لما لم تحركي السكر جيداً وأنا كنت أتسائل لما طعمه سيء هكذا

نظرت نحوه وقد ضيقت عينيها كأنما لاتزال لا تصدق مايتفوه به :

منذ متى وأنت تتذمر من عملك ؟

استدار لها وهو يغلق الصنبور قائلاً بتمرد : منذ أمد ولكني كنت أتغاضى عن هذا ولذا استلذ ذلك الرئيس تعذيبي واستغلالي

– هذا ليس صحيح ,مالذي تتفوه به .. كنت تفخر به دائماً ان مااراه منك يجعلني أوقن أن هناك خطب ما
شيء جرى خلال مهمتك السالفة .. بصدقٍ أخبرني مالذي جرى هناك لما تغيرت كل أفكارك على حين غرة ؟

حقدٌ طغى تعابيره مزدوجاً بابتسامة صغيرة أجبر نفسه على اظهارها

– لاتقلقي .. لم يحدث شيء البتة .. وأنا .. لازلت على مايرام .. ثقي بذلك

حمل معطفه الجلدي الأسود والتقط هاتفه الخليوي ليضعه في جيب معطفه حالما ارتداه
قائلاً بينما يهم بالمغادرة :

كل رجائي أن لاتثقلي بزياراتكِ كريستينا .. فلم نعد طفلين ..
أنتِ الآن تقتحمين منزل فتاً أعزب سيكون من السيء لسمعتكِ ان ترددتِ علي بهذا القدر .. عن اذنك ..

خرج بينما أجابته بغيظ :

أولا تقول شكراً لهذه الفتاة المسكينة التي حولت جحيم شقتك الى نعيم
جاحد حقاً .. ثم من أين جاء بهذه الأفكار الغبية المجنونة .. ماالذي يعنيه زيارتي لأحمقٍ أعزب مثله !
انه مجنون حقاً جن مذ عاد من تلك المهمة السرية الغبية
فقط لو أني أعلم مالسر الذي يخفيه ومالذي جرى هناك !

حملت حقيبتها الحمراء الصغيرة وهتفت بسخط : انه خطأي حين ضيعت وقتي مع شاب عديم الفائدة مثله

التقطت قطعة مطاطية بيضاء بلون ثيابها رفعت بها شعرها البني ذو الحمرة المميزة وقد سمحت لغرتها بمعانقة جبينها

أخرجت من جيبها تلك الصورة التي كانت ملقاة على سريره مع الكثير من مثيلاتها !

ونظرت لها ملياً .. لتلك الابتسامة التي ارتسمت جلية على مجموعةٍ من المتدربين بزيهم العسكري الخاص ..

كان هو الرابع بينهم يقف محيطاً بذراعه شاباً بسمرة خفيفة وملامحٍ شرقية يبتسم بعفوية وتلقائية

وكذا بدا في الصورة ذلك الضخم العابس دائم التجهم والذي كان مألوفاً لها

شعر أصفر باهت وبشرة بيضاء وعينان قاسيتان سوداوان ..

قلبت ناظريها بين جميع الشبان وقد عرفت معظمهم بحكم علاقتها القديمة به

لكنها ظلت تحدق ملياً بذلك الشرقي الغريب الذي كان يقف بجواره ورابطة خفية تحيط بهما لم تعلمها أبداً !

وقفت بجانب النافذة مبعدة ذلك الستار الأبيض الرقيق عنها لتجده في الأسفل

يرتدي خوذته ويركب دراجته النارية لينطلق بعدها الى المجهول !

عادت تحدق بالصورة بفضول وقلبتها تقرأ ماكتب خلفها لتجد تاريخها يعود لسبع سنينٍ مضت ..

حين كان لايزال في التاسعة عشر من عمره ..

حركت خطواتها لتعود للغرفة مسرعة وتخرج ألبوم صوره الذي رتبته تواً

وهي تتسائل مالذي أشعل ذكرياته فجأة .. مالذي اقتاده للحنين لتلك الأيام بعد أن كان غير آبه بها !

بل ويسعى للبعد عنها وطيها قدر الامكان ..

فجأة استدركت أمراً ما فأخرجت بسرعة تلك الصور التي كانت ملقاة على سريره

واذا بها تدرك جزءاً من ذلك السر الذي يخفيه .. سرٌ كان بطله ذلك الشاب الشرقي المجهول

والذي لم تجد له أثراً سوى في ذكرياتٍ تعود لسنيه سبع مضت ولم يوجد في سواها !

فتحت باب الغرفة لتتوجه نحو الفراش بصمت متأملة ملامحه الغاضبة رغم عينيه المغمضتين

كانت تعلم أنه يدعي النوم إنما آثرت ألا تبوح بما في داخلها بكل مااكتنزته من أخبار وأحاديث لتبوح بها حالما يعود ,

جلست بجواره ووضعت يدها بتردد على شعره البني تلاعب خصلاته بأناملها النحيلة وماهي الا لحيظات حتى أبعد يدها

باستياء وهو يهمس : أريد النوم كفي عن ازعاجي رجاءاً ..

لمعت عيناها اثر تلك الدموع حبيسة مقلتيها .. ونطقت بانكسار مستسلمة :

لو كانت هي .. لكنت أحببت ذلك صحيح ؟ .. لن أستطيع أن أحل مكانها أبداً مهما حاولت
رغم أنها نصفي الآخر وبالرغم من أنا تشاركنا كل شيء , متشابهتين بكل شيء
لكن مكانتنا في قلبك ليست واحدة أبداً .. لن أتمكن من احتلال جزءٍ ضئيل حتى من قلبك
أعجب أي سحر كانت تملك ؟ أم هو الحب الذي أعمى بصيرتك .. ايفان

ظل يستمع لها بصمت لم تحركه كلماتها التي واصلتها باختناق :

مذ التقينا وحتى بعد زواجكما ورغم حبي الكبير لك الا أني أقسم .. أنني كنت سعيدة حقاً بتلك الرابطة الجميلة
التي احتوتكما .. تمنيت أن تطول .. أن .. تعيش للأبد , أحقاً تظنني سعيدة بأن أحتل مكانة لاتخصني ,
مكان شقيقتي الحبيبة ؟! حتى الحب ماكان ليجعلني أتمنى هذا أبداً

تدفقت سيول عينيها التي أذابت الجليد عن قلبه لوهلة فنهض يقول بحدة اصطنعها :

غبية حقاً مالذي يجعلكِ تفكرين بهذه الأمور الآن .. لأني غضبت وصرخت بوجهكِ فقط ؟
انني مستاء وحسب لكوني عاجز عن ايجاد عمل لي حتى هذه اللحظة الأمر مرهق
أكثر مما تعتقدين أيتها البلهاء

وكأنما هي واثقة بكذب كلماته تلك قالت غير آبهة بما تفوه به :

لقد انتظرتك منذ ليلة الأمس .. طويلاً جداً , كنت مترددة خائفة وسعيدة في الوقت ذاته , لكنك لم تعد أبداً
أشرقت الشمس ولما تعد بعد شعرت باليأس يقتلني .. بالوحدة والانهيار .. أدركت حينها مكاني من حياتك
بالأمس .. كان ذكرى رحيلهما صحيح .. نتاشا في مثل مساء الأمس .. كانت لتوها تحتضن التراب باسمة وأنت
كنت لتوك تعود بعد دفنها وكذا بقيت معها طيلة الليلة .. ومع صغيركما الذي انتظرتماه طويلاً .. وياللقدر

ابتسمت ضاحكة والدموع لاتزال تعانق وجنتيها المحمرتين وأدارت وجهها له تخاطبه بحرقة :
نتاشا ستولد من جديد .. لا أعلم مايكون جنسه بعد .. لكن قلبي ينبئني أنها نتاشا

نظر لها بتعجب وحيرة وقد عقد حاجبيه بينما يحاول استيعاب حديثها

وهي تكمل وقد تحولت ابتسامتها لشهقاتٍ متتابعة : أنا .. حبلى ايفان .. أنا .. حبلى

اتسعت عيناه بينما انهارت باكية بحرقة وهي تضع يده على بطنها ولما يزال جاثماً مكانه

وقد عقدت الصدمة لسانه وشلت حركته !

حل المساء وعاد أخيراً يحمل في يده كيساً احتوى على شطيرة وبعض السكاكر

أغلق الباب من خلفه واستبدل حذائه .. وماان هم بالدخول لغرفته حتى لحظ تلك الفتاة

والتي كانت تجلس أمام شاشة حاسوبه تعبث دون أن تنتبه لوجوده

وقف بجوار الباب قائلاً بهدوءٍ خالطه الاستياء : لما لازلتِ هنا ؟

التفتت له مبتسمة بلا مبالاة : مرحباً بعودتك .. لقد تأخرت قلقت عليك حقاً

أكملت وهي تتجه نحوه وتأخذ الكيس منه : لازلت تتناول هذه الأطعمة السيئة دعني أطهو لكِ شيئاً جيداً للعشــ …

بترت جملتها حالما اختطف الكيس منها وقد بدا الغضب جلياً على قسمات وجهه الهادئة عادةً :

عودي لمنزلكِ كريس لم أعد طفلاً لتقلقي بشأني

هذه المرة كانت تصطنع الابتسام بينما تنظر له بعتاب وسخط

وسرعان ماتوجهت للأريكة لتلتقط تلك الصورة بجانب الحاسوب

– سأذهب انما قبل هذا أحببت أن تخبرني عنه قليلاً .. كما تعلم أحب الاستماع للقصص وأهوى قرائتها ..
باستنكار أجاب : من تقصدين ؟

بابتسامة تحدٍ قالت بينما تقلب الصورة بين أصابعها بعبث :

لنرى .. آدم كريم لاجيء من أصول عربية روسية متدرب عسكري سابق أحيل للاقالة بعد

مدة قصيرة من انضمامه لكونه قد خالف الشروط المطلوبة و …

توقفت بعدما أخذ الصورة منها بقوة صارخاً بها : من سمح لكِ بالعبث في أشيائي بل والبحث بأمورٍ لاتعنيكِ !!

بكبرياء حاولت اظهاره أجابته مدافعة :

أشيائك هذه كانت مبعثرة هنا وهناك جلية لي لم أعبث بشيء منها فلست أهوى هذه الأمور
وبحثي بها لأنك لاترغب بالبوح بشيء أبداً أنت لاتقدر قلقي ومشاعري سيكيم

بسخط قال وهو يحاول جاهداً السيطرة على غضبه :

قلتها بنفسكِ لاأرغب بالبوح بشيء انه أمر يخصني لاعلاقة لكِ به هلا توقفتِ عن التدخل بشؤوني كما لو كنتِ أمي
أبلغ السادسة والعشرين ولازلتِ تقتحمين حياتي كما لوكنتِ مسؤولة عني اتركيني وشأني

– أكل هذا من أجله ذلك الغريب العربي لم يمكث معك أكثر من أشهر قليلة
ومع هذا تصرخ علي بسببه وتجرحني كذلك من يكون لتفعل كل هذا لأجله ؟؟

– لقد مات لذا بامكانكِ أن تكوني مطمئنة حسناً .. لقد قُــ … تـــ… ل والآن اخرجي

نظرت له وقد هدأت أخيراً وساد بعض الصمت قبل أن تنطق بأسف : صديقك ؟

نظر لها باستياء بينما يضع يديه على خصريه مسنداً قدمه للجزء السفلي من الطاولة

– مارأيكِ أنتِ ؟ هلا سجنتِ فضولكِ المزعج قليلاً .. رجاءاً اخرجي اريد البقاء بمفردي

أكملت دون اكتراث لحديثه : لقد فقدت الكثيرين قبله .. انها المرة الأولى التي أراك فيها بهذه الحال ..
من يكون حقاً بالنسبة لك ؟

وضع يده على جبينه بيأس ثم أبعدها وهو يعاود النظر لها قائلاً بنفاذ صبر :

رجاءاً قلت اتركيني وحــ…

– أجبني أرجوك

استدار صارخاً بحرقة : لأنه لايستحق .. كان طاهراً نقياً .. مختلفاً , وأنا كما هي عادتي …

صمت يحتبس بقية كلماته بداخله بينما طغى الأسى على قسمات وجهه

وصوته المرتعش الذي تمتم برجاء : اتركيني وحدي رجاءاً

نظرت له بتفهم متعاطفة وأمسكت يده تضمها بيديها مخاطبة اياه بصدق :

سأذهب .. انما .. حين ترغب بالحديث ستجدني …

– أعلم .. ستكونين بجانبي .. عمتِ مساءاً كريستينا

قالها وقد أبعد يده عن يدها مما جعلها تنظر بحيرة شديدة تصرفه الغريب ذاك

وابتعدت بصمت خارجة لتتركه يفرغ مشاعره المكبوتة .. في ظلمة المساء !

.

.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
روايات طويلة

{ another snow white story }

هيدا الاصه مختلفه عن بائي اصص سسنو وايت لانو بحب الاصه كتير فحبيت جيبا بشكل مختلف شوي وهيدا الشي كتير بحبوا
بالنسبه للشخصيات بنعرفا بعدين فصبروا عل
اسم القصه: { another snow white story }

في مملكه بعيدا جدا كان هناك ملكه بغايه الجمال تمشي في حديقت القصر في شتاء بارد و الحديقه باكملها مغطاه بالبياض الصافي فوق الاشجار و على الارض بسبب الثلج كان المنضر خلابا و صافيا التفتت الملكه ع صوت غراب عكر هذا البياض بلونه الاسود القاتم تابعت سيرها وهيه تنضر الى الاشجار الخاليه من الاوراق و الزهور ماعدا شجره واحده كان عليها وره حمراء بغايت الجمال اقتربت الملكه لتقطفها لكن اصبعها جرح باشواك الزهره الحاده و سقطت ثلاث قطرات من الدم ع الارض نضرت الملكه لقوت لون الدم ع الثلج نضرت للسماء بابتسامه صافيه وتمنت ان تكون ابنتها بجمال و قوة الورده الحمراء كي تدافع عن نفسها

وبس اعتقدت بكفي ك بدايه بليز عطوني رايكن بصراحه انا رح فل هلئ و خبروني كفي او لا حلوه او لا و ميرسي

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
روايات طويلة

{ رَســـــــــــــــــائــــِلُ اَلـــلَـــيــــــلُ } / بـــِـقـــَـلَـــمــِــي -رواية جميلة

.
.

كــــيــف الــحـــال ؟ ان شــــاء الـــلـــه بــخـــيــــر .
افــتـــتــح روايـــتـــي الـــاولـــى فــي هـــذا الـــقـــســـم بـــ بــســم الــلــه .
و اتــمـــنـــى ان تـــنـــال اعـــجـــابـــكـــم .
.
.

.. { يــــــــــــــــــــــتـــــــــــــــــــبـــــــــــــــــع} ..

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده