أشرقت شمس أحلام في صباح يوم من أيام الدراسة وذلك بعد أن أدت صلاة الفجر وجلست مع والدتها تتحدثان عن بعض حاجات البيت ومستقبل حياتهما ثم تناولت طعام إفطارها وغالباً ما يكون من الزيت والزعتر،ولبست أحلام مريولها(الزي المدرسي) وتوجهت بصحبة صديقتها أمل إلى المدرسة والتي تبعد عن منزلها مئات الأمتار.
بدأت أحلام يومها الدراسي كالمعتاد تناقش معلماتها وتحاور زميلاتها وتكتب وتسأل وتجيب بكل حيوية ونشاط، وجاء موعد الحصة الثالثة (حصة التربية الإسلامية)، ومعلمتها وفاء.
دخلت المعلمة إلى الصف وأدت على الطالبات تحية الإسلام (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) وأجابت الطالبات وعليكم السلام ورجمة الله وبركاته وحياك الله، وبدأت المعلمة بشرح الدرس والذي كان بعنوان(بر الوالدين) وأثناء سير الدرس سُمع صوت رجل يدخل إلى المدرسة، فصرخت أحلام بأعلى صوتها مدوياً عالياً اههتز به أركان الصف بل تعدى ذلك الصوت إلى أرجاء المدرسة. في مدرستنا رجل؟؟!!
دب الرعب والفزع في صفوف المدرسة وعلت الأصوات منددة بهذا ووو…… للرواية بقية.
إذاكان هناك رغبة للمشاركة في ردود الفعل حول هذه القصة فلكم جزيل الشكر.
التصنيف: روايات طويلة
بسم الله الرحمن الرحيم
أهدي إليكم .. تلك المجموعة القصصية
جمعتها، كتبتها، لكم من مجلدات مجلة حياة
وهي احدى الزوايا القائمة في تلك المجلة المباركة ان شاء الله
الزاوية تحت مسمى: اعترافات فتاة / بقلم نوف الحزامي
وإليكم هذا الملف الذي أسأل الله تعالى أن يبارك فيه وأن يستفاد منه حق الفائدة
ويجعله في ميزان حسناتنا وحسنات والدينا يارب العالمين
الروابط لكل سلسلة :
لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده
مددت يدي لألتقط أولى الزهرات اليانعة بحنو بالغ ، انها زهرات النرجس التي تفاجئني كل عام بأريجها العبق ، مخالفة قوانين الطبيعة بازهارها في فصل الشتاء ، تأملت لزوجة السائل الأخضر فوق أصابعي ، ثم تحسست راحة يدي متسائلة : هل رحلت لتترك طيفك بعهدتي ، أم أخذت معك تفكيري ليس الا ؟
تأملت تلك الندبة ثم تحسستها كمن يداعب وجنتي طفل رضيع وتذكرت حين عصفت رياح الثلج بمنطقة الوادي ذات عام ، لم أكن ابلغ حينها الا سنوات البراءة والسذاجة ، وأذكر جيدا خروجي بحثا عن بصلة النرجس لأطمئن أنها بامان ، خرجت غير آبهة للصقيع ، وبختني أمي وزجت بي قرب المدفأة بنظرة تحمل من الحنان أكثر مما تحمل من التوبيخ والتعنيف ، فوجئت يومها بحبات الكستناء قرب المدفاة ، مازال السؤال يحيرني : لم لون الكستناء وأثرها في يدي يسكن عينيك ؟ أدركت أن لعينيك أيضا مذاق الكستناء الطري ، ولون البياض فيهما اسطورة تحكي كل لب عاشق .
لم اكن أشعر بالبرودة اطلاقا حين التقيت بحبات الكستناء فوق المدفأة بعد زمن طويل حين نظرت اليك مباشرة كانني أفتش سراديب الذاكرة بحثا عنك أو عن شيء يشبه لون الاحتراق البني داخلك ؟
كانت امي تقلب حبات الكستناء فوق الموقد برفق ، لكم تمنيت حينها أن أمتلك تلك الجلادة لأحرك الحبات التي عثرت عليها الآن… أن أسرق مهارة أمي في ذلك .
لم تفلح ضوضاء المكان من حولي في انتشالي من حالة التأمل ومعرفتي التي أحصل عليها في صمت الحبات وقسوتها ،ما فاجاني حقا أنك تمتلك هذا الصمت …… حين فتحت لي أمي احدى الحبات وتذوقتها سكرت لطعمها الدافئ وتساءلت هل لقلبك هذا الطعم أيضا ؟
ندف الثلج تثور قرب النافذة ثم تجري أدراج الرياح كانها تختلس النظر الى دفء المواقد وحركة اليدين السمراوين وهما تحيكان سترة الصوف يلفها عطر الكستناء .
لوجنتي لون الاحتراق، اغالب نعاسي حيث ذهبت أمي لشانها ، فتحت جفوني الكسيرة وجذبني بريق المشبك النحاسي قرب الموقد فاجتاحتني رغبة تولي دفة القيادة ، رفعته عاليا وبحذر شديد حركت الحبات فقفزت الى الجهة المقابلة وأصدرت فرقعة تزامنت مع حشرجة الموقد ثم هدأت ….. وأعدت الكرة …
كيف كنت تحاول الهرب من نظراتي ثم تناديني .. لم أكن أريد احراجك .. أريد النظر اللجوج… لاستفهم هل لهما لون الكستناء ؟ هل هناك ما يشفي أسئلتي الملحة غير آبهة لاشتعال الرغبة القاتلة في معرفة لون اللب بل مهتمة لسرك المخفي خلف هذا اللون القاتم والملمس الناعم …..
فلتميز غيظا باقي الحواس لأنها علمت أنني لاأذكر صوتك جيدا بل افضل النظر فقط لأذكر جيدا أنك تخفي شيئا أو بالأحرى تحترق لأخرى ..؟
الملائكة خارج النافذة تشارك رياح الثلج عزفها على قيثارة الروح وظلك يسبق النظر … عزمت سافعلها .. عزمت على التقاط حبة الكستناء مها حدث فحشرج الموقد عاليا ، أجفلني الصوت وسقط المشبك النحاسي خلف الموقد ، ومددت يدي الصغيرة باصابع مرتعشة محاولة التقاطه ، لكن عبثا حاولت ..
جزعت لقدوم أمي فجأة … نظرت الى حبة الكستناء بعين كسيرة ، والرياح هي الأخرى بدأت تصفر كأنها تهزأ بعدم قدرتي على الاختيار … وعزمت … امتدت يدي بحركة واحدة والتقطت حبة الكستناء ، أخفيتها في يدي وأطبقت عليها باحكام …
فتح الباب ورايت وجه أمي يتلون حيرة وغضبا حين نظرت الى دموعي المترقرقة ، جزعت فأخفيت يدي أخفي عنها حبة الكستناء ، وأخفي ألمي فقد أنساني الموقف أنها حبة مشتعلة كما عينيك … لهيب شوق يحترق خلف لون بني مغر وبياض لطيب القلب وفيه الهلاك …
صرخت بوجهي : ماذا تخفين ؟ وامسكت يدي فوجدتها منكمشة ، نظرت الي وأنا احاول اخفاء بكائي المكتوم من الم احتراق يدي … فتحت أصابعي بهدوء ، فصرخت باكية بلوعة … سارعت أمي الى الخارج تحضر دلوا من الماء المثلج ، اقحمت يدي فيه …شعرت براحة ونشوة تداعبها موسيقا الملائكة خلف النافذة .
حبة الكستناء ملتصقة بالجلد تماما … عالجتها بصعوبة ، وبكت علي ثم ضمتني ومازالت تبكي ، أخيرا خلصتني من احتراق الكستناء في يدي والذي ترك ندبة مازالت حتى الآن … نظرت في عينيك … تحسست الندبة مرة أخرى ، ومازال السؤال يحرقني … ماذا يوجد داخل حبة الكستناء ؟
بادرت بالسؤال وقلبك القاسي يصدني ويجرحني كقسوة الكستناء ، رغم معالجتي ليدي عند الطبيب .. حيث أصبت بحمى لفترة وجيزة .. الا أني احن لحبة الكستناء .
كيف تركت في نفسي شعورا رائعا بالامتلاك ، فحين قبضت عليها شعرت أنني أمتلك كل شيء جميل وفاتن ، ترى حين قبض نظري على لون الكستناء في عينيك …هل احترق قلبي كما احترقت يدي ؟ من يدري ؟
أعلم أنك كنت ساحرا ومغريا ….
وكنت أنا كما الطفلة تعبث بموقد عليه .. حبات كستناء ؟
منقول
لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده
ايش أخبارك؟؟
مشتاقتلك مووووووووووووت
***
انا عاجزة عن التعبير
انا حقا حقا حقا مصدومة
لا استطيع تجميع الكلمات
هذا افضل يوم ميلاد في حياتي
حقا لا اعرف ماذا اقول
فانا مرتبكة جدا جدا من شدة الفرحة
اريد ان اطير من شدة فرحتي
***
ما هذه المفاجأة الخارقة
هذا كثير علي
مازات لا استطيع الاستيعاب
فهذه المفاجأة المذهلة اربكتني حقا
***
شكرا شكرا شكرا لك حياتي
جعلتي يوم ميلادي مختلف تماما اشكرك كثيرا
***
و اخيرا الرواية حبيبتي
التي انتظرتها منذ زمن بعيد
ها هي الان بين يدي
انا سعيدة حقا بها
لدرجة انني قرأتها 3 مرات تقريبا
و اعتقد انني اوشكت على حفظها عن ظهر قلب
و يمكنك اختباري بها قريبا
***
الرولية راااااالئعة،مذهلة،خارقة؟ووو…….
لا ادري كيف اصفها
الشخصيات جمييييييلة جدا
تشبه شخصيات اناس اعرفهم
احببتها كثيرا كثيرا كثيرا كثيرا
بالطبع هذا هو المتوقع من توأمتي التي لا مثيل لها في العالم
مبدعة دااااائما
***
شكرا عمري على هذا اليوم و هذه الهدية المميزة
و الله يخليك ليا و ما يحرمني منك ابدا
***
في حفظ الله و رغايته
لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده
لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في القرن الأول الهجري كان هناك شاب تقي يطلب العلم ومتفرغ له ولكنه كان فقيراً، وفي يوم من الأيام خرج من بيته من شدة الجوع ولم يجد ما يأكله، فانتهى به الطريق إلى أحد البساتين المملوءة بأشجار التفاح
وكان هناك غصن شجرة متدلياً في الطريق، فحدثته نفسه أن يأكل هذه التفاحة ويسد بها رمقه ولن ينقص هذا البستان بسبب تفاحة واحدة… فقطف تفاحة واحدة وجلس يأكلها حتى ذهب جوعه ولما رجع إلى بيته بدأت نفسه تلومه وهذا هو حال المؤمن، دائماً يحاسب نفسه، فأنبه ضميره وقال في نفسه: أكلت هذه التفاحة وهي مال لمسلم ولم أستأذن منه ولم أستسمحه فذهب يبحث عن صاحب البستان حتى وجده فقال له الشاب: يا عم بالأمس بلغ بي الجوع مبلغاً عظيماً وأكلت تفاحة من بستانك من دون علمك وها أنا ذا اليوم أستأذنك فيها فقال له صاحب البستان: والله لا أسامحك بل أنا خصيمك يوم القيامة عند الله.
بدأ الشاب المؤمن يبكي ويطلب منه أن يسامحه وقال له: أنا مستعد لفعل أي أمر تطلبه مني بشرط أن تسامحني وتحللني، وبدأ يتوسل إلى صاحب البستان وصاحب البستان لا يزداد إلا إصراراً وذهب تاركاً الشاب، لكن الشاب أخذ يلحقه حتى دخل الرجل بيته وبقى الشاب عند البيت ينتظر خروجه إلى صلاة العصر، فلما خرج صاحب البستان وجد الشاب لا يزال واقفاً ودموعه التي تسيل على لحيته تزيد وجهه نوراً على نور الطاعة والعلم، فقال الشاب لصاحب البستان: يا عم إنني مستعد للعمل فلاحاً في هذا البستان من دون أجر باقي عمري أو أي أمر تريد ولكن بشرط أن تسامحني.
عندها.. أطرق صاحب البستان يفكر ثم قال يا بني إنني مستعد لمسامحتك الآن لكن بشرط، فرح الشاب وتهلل وجهه بالفرح وقال: اشرط ما بدا لك يا عم، فقال صاحب البستان: شرطي هو أن تتزوج ابنتي!!
صدم الشاب من هذا الجواب وذهل ولم يستوعب بعد هذا الشرط ثم أكمل صاحب البستان قوله: ولكن يا بني اعلم أن ابنتي عمياء وصماء وبكماء، وأيضاً مقعدة لا تمشي ومنذ زمن وأنا أبحث لها عن زوج أستأمنه عليها ويقبل بها بجميع مواصفاتها التي ذكرتها فإن وافقت عليها سامحتك.
صدم الشاب مرة أخرى بهذه المصيبة الثانية وبدأ يفكر كيف يعيش مع هذه الفتاة وهو ما زال في مقتبل العمر؟
وكيف تقوم بشؤونه وترعى بيته وترعى بيته وتهتم به وهي بهذه العاهات ؟ بدأ يحسبها ويقول : أصبر عليها في الدنيا ولكن أنجو من ورطة التفاحة .
ثم توجه إلى صاحب البستان قال لهبا عم لقد قبلت ابنتك وأسال الله أن يجازيني على نيتي وأن يعوضني خيرا مما أصابني فقال صاحب البستان :
حسنا يا بني موعدك الخميس القادم عندي في البيت لوليمة زواجك وأنا أتكفل لك بمهرها .
فلما كان يوم الخميس جاء هذا الشاب متثاقل الخطى .. حزين الفؤاد.. منكسر الخاطر.. ليس كأي زوج ذاهب إلى حفل عرسه فلما طرق الباب فتح له والدها وأدخله البيت وبعد أن تجاذبا أطراف الحديث قال له : يا بني تفضل بالدخول على زوجتك وبارك الله لكما وعليكما وجمع بينكم في خير وأخذ بيده وذهب به إلى الغرفة التي تجلس فيها ابنته فلما فتح الباب رأى فتاه بيضاء أجمل من القمر قد انساد شعرها كالحرير على كتفيها فقامت ومشت إليه فإذا هي ممشوقة القوام وسلمت عليه قائلة : السلام عليك يا زوجي أما صاحبنا فقد وقف في مكانه يتأملها وكأنه أمام حورية من حوريات الجنة نزلت إلى الأرض وهو ما يقصد ما يرى ولا يعلم
ما الذي حدث ؟
ولماذا قال والدها هذا الكلام ؟
فهمت الفتاه ما يدور في باله فذهبت إليه وصافحته وقبلت يديه وقالت إنني عمياء من النظر إلى الحرام وصماء من الاستماع إلى الحرام ولا تخطو قدماي خطوة إلى الحرام وإنني وحيدة أبي ومنذ سنوات عدة وأبي يبحث لي عن زوج صالح فلما أتيته تستأذنه في تفاحة وتبكي من أجلها فقال أبي : إن من يخاف من أكل تفاحة لا تحل له حري به أن يخاف الله في ابنتي فهنيئا لي بك زوجا وهنيئا لأبي بنسبك .. وبعد عام أنجبت هذه الفتاه من هذا الشاب غلاما كان من القلائل الذين مروا على هذه الأمة .. حفظ هو وإخوته السبعة القرآن عن ظهر قلب وصلى في ليلة شديدة البرد أمام الكعبة ركعتين بعد العشاء .. لم ينته منهما حتى أذن صلاة الفجر .. قرأ فيهما القران كاملا أتدرون من هو ذلك الغلام ؟
إنه هو الإمام أبو حنيفة صاحب المذهب الفقهي المشهور
و صلتني ع الإيميل
لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده
كنا مساء اللهفة الأولى, عاشقين في ضيافة المطر, رتبت لهما المصادفة موعدا خارج المدن العربية للخوف.
نسينا لليلة أن نكون على حذر, ظنا منا أن باريس تمتهن حراسة العشاق.
إن حبا عاش تحت رحمة القتلة, لا بد أن يحتمي خلف أول متراس متاح للبهجة. أكنا إذن نتمرن رقصا على منصة السعادة, أثناء اعتقادنا أن الفرح فعل مقاومة؟ أم أن بعض الحزن من لوازم العشاق؟
في مساء الولع العائد مخضبا بالشجن. يصبح همك كيف تفكك لغم الحب بعد عامين من الغياب, وتعطل فتيله الموقوت, دون أن تتشظى بوحا.
بعنف معانقة بعد فراق, تود لو قلت "أحبك" كما لو تقول "ما زلت مريضا بك".
تريد أم تقول كلمات متعذرة اللفظ , كعواطف تترفع عن التعبير, كمرض عصي على التشخيص.
تود لو استطعت البكاء. لا لأنك في بيته, لا لأنكما معا, لا لأنها أخيرا جاءت, لا لأنك تعيس ولا لكونك سعيدا, بل لجمالية البكاء أمام شيء فاتن لن يتكرر كمصادفة.
التاسعة والربع ,وأعقاب سجائر.
وقبل سيجارة من ضحكتها الماطرة التي رطبت كبريت حزنك.
كنت ستسألها , كيف ثغرها في غيابك بلغ سن الرشد؟
وبعيد قبلة لم تقع, كنت ستستفسر: ماذا فعلت بشفتيها في غيبتك؟ من رأت عيناها؟ لمن تعرى صوتها؟ لمن قالت كلاما كان لك؟
هذه المرأة التي على ايقاع الدفوف القسنطينية, تطارحك الرقص كما لو كانت تطارحك البكاء. ماالذي يدوزن وقع أقدامها, لتحدث هذا الاضطراب الكوني من حولك؟
كل ذاك المطر. وأنت عند قدميها ترتل صلوات الاستسقاء. تشعر بانتماءك الى كل أنواع الغيوم. الى كل أحزاب البكاء, الى كل الدموع المنهطلة بسبب النساء.
هي هنا. وماذا تفعل بكل هذا الشجن؟ أنت الرجل الذي لا يبكي بل يدمع, لا يرقص بل يطرب, لا يغني بل يشجى.
أمام كل هذا الزخم العاطفي, لا ينتابك غير هاجس التفاصيل, متربصا دوما برواية.
تبحث عن الأمان في الكتابة؟ يا للغباء!
ألأنك هنا, لا وطن لك ولا بيت, قررت أن تصبح من نزلاء الرواية, ذاهبا الى الكتابة, كما يذهب آخرون الى الرقص, كما يذهب الكثيرون الى النساء, كما يذهب الأغبياء الى حتفهم؟
أتنازل الموت في كتاب؟ أم تحتمي من الموت بقلم؟
كنا في غرفة الجلوس متقابلين, على مرمى خدعة من المخدع. عاجزين على انتزاع فتيل قنبلة الغيرة تحت سرير صار لغيرنا.
لموعدنا هذا , كانت تلزمنا مناطق منزوعة الذكريات, مجردة من مؤامرة الأشياء علينا, بعيدة عن كمين الذاكرة. فلماذا جئت بها إلى هذا البيت بالذات, إذا كنت تخاف أن يتسرب الحزن إلى قدميها؟
ذلك أن بي شغفا إلى قدميها. وهذه حالة جديدة في الحب. فقبلها لم يحدث أن تعلقت بأقدام النساء.
هي ما تعودت أن تخلع الكعب العالي لضحكتها, لحظة تمشي على حزن رجل.
لكنها انحنت ببطء أنثوي, كما تنحني زنبقة برأسها, وبدون أن تخلع صمتها, خلعت ما علق بنعليها من دمي, وراحت تواصل الرقص حافية مني.
أكانت تعي وقع انحنائها الجميل على خساراتي, وغواية قدميها عندما تخلعان أو تنتعلان قلب رجل؟
شيء ما فيها, كان يذكرني بمشهد "ريتا هاورث" في ذلك الزمن الجميل للسينما, وهي تخلع قفازيها السوداوين الطويلين من الساتان, إصبعا إصبعا, بذلك البطء المتعمد, فتدوخ كل رجال العالم بدون أن تكون قد خلعت شيئا.
هل من هنا جاء شغف المبدعين بتفاصيل النساء؟ ولذا مات بوشكين في نزال غبي دفاعا عن شرف قدمي زوجة لم تكن تقرأه.
في حضرتها كان الحزن يبدو جميلا. وكنت لجماليته, أريد أن أحتفظ بتفاصيله متقدة في ذاكرتي, أمعن النظر إلى تلك الأنثى التي ترقص على أنغام الرغبة, كما على خوان المنتصرين, حافية من الرحمة بينما أتوسد خسارات عمري عند قدميها.
هي ذي , كما الحياة جاءت, مباغتة كل التوقعات, لكأنها تذهب الى كل حب حافية مبللة القدمين دوما, لكأنها خارجة لتوها من بركة الخطايا أو ذاهبة صوبها.
اشتقتها! كم اشتقتها, هذه المرأة التي لم أعد أعرف قرابتي بها, فأصبحت أنتسب الى قدميها.
هي ذي . وأنا خائف, إن أطلت النظر إلى العرق اللامع على عري ظهرها , أن يصعقني تيار الأنوثة.
هي أشهى, هكذا. كامرأة تمضي مولية ظهرها, تمنحك فرصة تصورها, تتركك مشتعلا بمسافة مستحيلها.
أنا الرجل الذي يحب مطاردة شذى عابرة سبيل, تمر دون أن تلتفت. تميتني امرأة تحتضنها أوهامي من الخلف. ولهذا اقتنيت لها هذا الفستان الأسود من الموسلين, بسبب شهقة الفتحة التي تعري ظهره, وتسمرني أمام مساحة يطل منها ضوء عتمتها.
أو ربما اقتنيته بسبب تلك الاهانة المستترة التي اشتممتها من جواب بائعة, لم تكن تصدق تماما أن بامكان عربي ذي مظهر لا تفوح منه رائحة النفط, أن ينتمي الى فحش عالم الاقتناء.
كنت أتجول مشيا قادما من الأوبرا, عندما قادتني قدماي الى "فوبور سانت أونوريه" . ما احتطت من شارع تقف على جانبيه سيارات فخمة في انتظار نساء محملات بأكياس فائقة التميز, ولا توجست من محلات لا تضع في واجهاتها سوى ثوب واحد أو ثوبين. لم أكن أعرف ذلك الحي , أصلا.
عرفت اسم الحي في مابعد, عندما أمدتني البائعة ببطاقة عليها العربون الذي دفعته لأحجز به ذلك الثوب.
بتلك الأنفة المشوبة بالجنون, بمنطق" النيف" الجزائري تشتري فستان سهرة يعادل ثمنه معاشك في الجزائر لعدة شهور, أنت الذي تضن على نفسك بالأقل. أفعلت ذلك رغبة منك في تبذير مال تلك الجائزة التي حصلت عليها, كما لتنجو من لعنة؟ أم لتثبت للحب أنك الأكثر سخاء منه؟
أن تشتري فستان سهرة لامرأة لم تعد تتوقع عودتها, ولا تعرف في غيابك ماذا فعل الزمن بقياساتها, أهي رشوة منك للقدر؟ أم معابثة منك للذاكرة؟ فأنت تدري أن هذا الفستان الذي بنيت عليه قصة من الموسلين لم يوجد يوما, ولكن الأسود يصلح ذريعة لكل شيء.
ولذا هو لون أساسي في كل خدعة.
أذكر يوم صادفتها في ذلك المقهى, منذ أكثر من سنتين, لم أجد سوى ذريعة من الموسلين لمبادرتها. سائلا ان كانت هي التي رأيتها مرة في حفل زفاف, مرتدية ثوبا طويلا من الموسلين الأسود.
ارتبكت. أظنها كانت ستقول"لا" ولكنها قالت "ربما" .
أحرجها أن تقول " نعم ".
في الواقع, لم نكن التقينا بعد. لكنني كنت أحب أن أختلق, مع امرأة , ذكريات ماض لم يكن. أحب كل ذاكرة لا منطق لها.
بدأنا منذ تلك اللحظة نفصل قصة على قياس ثوب لم يوجد يوما في خزانتها.
عندما استوقفني ذلك الفستان قبل شهرين في واجهة محل, شعرت أنني أعرفه. أحببت انسيابه العاطفي. لكأنه كان يطالب بجسدها أن يرتديه, أو كأنه حدث لها أن ارتدته في سهرة ما , ثم علقته على " الجسد المشجب" لامرأة أخرى , ريثما تعود.
عندما دخلت المحل , كنت مرتبكا كرجل ضائع بين ملابس النساء. فأجبت بأجوبة غبية عن الأسئلة البديهية لتلك البائعة المفرطة في الأناقة قدر فرطها في التشكك بنيتي.
?
كيف لي أن أعرف قياس امرأة ما سبرت جسدها يوما الا بشفاه اللهفة؟ امرأة أقيس اهتزازاتها بمعيار ريختر الشبقي. أعرف الطبقات السفلية لشهوتها. أعرف في أي عصر تراكمت حفريات رغباتها, وفي أي زمن جيولوجي استدار حزام زلازلها, وعلى أي عمق تكمن مياه أنوثتها الجوفية. أعرف كل هذا… ولم أعد , منذ سنتين ,أعرف قياس ثوبها!
لم تفاجأ البائعة كثيرا بأميتي, أو ألا يكون ثمن ذلك الثوب في حوزتي. فلم يكن في هيئتي ما يوحي بمعرفتي بشؤون النساء, ولا بقدرتي على دفع ذلك المبلغ.
غير أنها فوجئت بثقافتي عندما تعمدت أن أقول لها بأنني غير معني باسم مصمم هذا الفستان, بقدر ما يعنيني تواضعه أمام اللون الأسود, حتى لكأنه ترك لهذا اللون أن يوقع الثوب نيابة عنه, في مكمن الضوء, وأنني أشتري ضوء ظهر عار بثمن فستان!
قالت كمن يستدرك:
– أنت رجل ذواقة.
ولأنني لك أصدق مديحها, لاقتناعي أن الذوق لمثلها يرقى وينحط بفراغ وامتلاء محفظة نقود, قلت:
– هي ليست قضية ذوق, بل قضية ضوء. المهم ليس الشيء بل إسقاطات الضوء عليه. سالفادور دالي أحب Gala وقرر خطفها من زوجها الشاعر بول ايلوار لحظة رؤيته ظهرها العاري في البحر صيف 1949.
سألتني مندهشة لحديث لم يعودها عليه زبائن , شراء مثل هذا الثوب ليس حدثا في ميزانيتهم.
– هل أنت رسام؟
كدت أجيب " بل أنا عاشق" . لكنني قلت:
– لا … أنا مصور.
وكان يمكن أن أضيف أنني مصور " كبير" , مادمت موجودا في باريس لحصولي على جائزة أحسن صورة صحافية عامئذ. فلم يكن في تلك الصورة التي نلتها مناصفة مع الموت, ما يغري فضول امرأة مثلها. ولذا هي لن تفهم أن يكون هذا الثوب الأسود هو أحد الاستثمارات العاطفية التي أحببت أن أنفق عليها ما حصلت عليه من تلك المكافأة.
من قال إن الأقدار ستأتي بها حتى باريس, وإنني سأراه يرتديها؟
هاهي ترتديه . تتفتح داخله كوردة نارية. هي أشهى هكذا, وهي تراقص في حضوري رجلا غيري, هو الحاضر بيننا بكل تفاصيل الغياب.
لو رأى بورخيس تلك المرأة ترقص لنا معا, أنا وهو, لوجد " للزاندالي" قرابة بالرقص الأرجنتيني, كما التانغو, انه " فكر حزين يرقص" على إيقاع الغيرة لفض خلافات العشاق.
في لحظة ما , لم تعد امرأة . كانت الهة إغريقية ترقص حافية لحظة انخطاف.
بعد ذلك سأكتشف أنها كانت الهة تحب رائحة الشواء البشري, ترقص حول محرقة عشاق تعاف قرابينهم ولا تشتهي غيرهم قربانا.
لكأنها كانت قسنطينة, كلما تحرك شيء فيها , حدث اضطراب جيولوجي واهتزت الجسور من حولها, ولا يمكنها أن ترقص إلا على جثث رجالها.
هذه الفكرة لم تفارقني عندما حاولت فيما بعد فهم نزعاتها المجوسية.
ماالذي صنع من تلك المرأة روائية تواصل , في كتاب, مراقصة قتلاها؟ أتلك النار التي خسارة بعد أخرى, أشعلت قلمها بحرائق جسد عصي على الاطفاء؟
أم هي رغبتها في تحريض الريح, باضرام النار في مستودعات التاريخ التي سطا عليها رجال العصابات؟
في الواقع كنت أحب شجاعتها, عندما تنازل الطغاة وقطاع طرق التاريخ, ومجازفتها بتهريب ذلك الكم من البارود في كتاب. ولا أفهم جبنها في الحياة, عندما يتعلق الأمر بمواجهة زوج.
تماما, كما لا أجد تفسيرا لذكائها في رواية, وغبائها خارج الأدب, الى حد عدم قدرتها, وهي التي تبدو خبيرة في النفس البشرية, على التمييز بين من هو مستعد للموت من أجلها, ومن هو مستعد أن يبذل حياته من أجل قتلها. انه عماء المبدعين في سذاجة طفولتهم الأبدية.
ربما كان عذرها في كونها طفلة تلهو في كتاب. هي لا تأخذ نفسها مأخذ الأدب, ولا تأخذ الكتابة مأخذ الجد. وحدها النار تعنيها.
ولذا, قلت لها يوما: " لن أنتزع منك أعواد الثقاب, واصلي اللهو بالنار من أجل الحرائق القادمة".
ذلك أن الرواية لم تكن بالنسبة لها, سوى آخر طريق لتمرير الأفكار الخطرة تحت مسميات بريئة.
هي التي يحلو لها التحايل على الجمارك العربية, وعلى نقاط التفتيش, ماذا تراها تخبئ في حقائبها الثقيلة, وكتبها السميكة؟
أنيقة حقائبها. سوداء دائما. كثيرة الجيوب السرية, كرواية نسائية , مرتبة بنية تضليلية, كحقيبة امرأة تريد إقناعك أنها لا تخفي شيئا.
ولكنها سريعة الانفتاح كحقائب البؤساء من المغتربين.
أكل كاتب غريب يشي به قفل, غير محكم الإغلاق, لحقيبة أتعبها الترحال, لا يدري صاحبها متى, ولا في أي محطة من العمر, يتدفق محتواها أمام الغرباء, فيتدافعون لمساعدته على لملمة أشيائه المبعثرة أمامهم لمزيد من التلصص عليه؟ وغالبا ما يفاجأون بحاجاتهم مخبأة مع أشيائه.
الروائي سارق بامتياز. سارق محترم. لا يمكن لأحد أن يثبت أنه سطا على تفاصيل حياته أو على أحلامه السرية. من هنا فضولنا أمام كتاباته, كفضولنا أمام حقائب الغرباء المفتوحة على السجاد الكهربائي للأمتعة.
أذكر, يوم انفتحت حقيبة تلك المرأة أمامي لأول مرة , كنت يومها على سرير المرض في المستشفى, عندما خطر على بال عبد الحق, زميلي في الجريدة, أن يهديني ذلك الكتاب.. كتابها.
كنت أتماثل للشفاء من رصاصتين تلقيتهما في ذراعي اليسرى, وأنا أحاول التقاط صور للمتظاهرين أثناء أحداث أكتوبر 1988 .
كانت البلاد تشهد أول تظاهرة شعبية لها منذ الاستقلال, والغضب ينزل الى الشوارع لأول مرة, ومعه الرصاص والدمار والفوضى.
لم أعرف يومها , أتلقيت تينك الرصاصتين من أعلى أحد المباني الرسمية , عن قصد أم عن خطأ؟ أكان العسكر يظنون أنني أمسك سلاحا أصوبه نحوهم, أم كانوا يدرون أنني لا أمسك بغير آلة تصويري, عندما أطلقوا رصاصهم نحوي قصد اغتيال شاهد إثبات.
تماما, كما سوف لن أدري يوما: أعن قصد, أم عن مصادفة جاءني عبد الحق بذلك الكتاب.
أكان ذلك الكتاب هدية القدر؟ أم رصاصته الأخرى؟ أكان حدثا أم حادثا آخر في حياتي؟ ربما كان الاثنان معا.
ليس الحب, ولا الاعجاب, بل الذعر هو أول احساس فاجأني أمام ذلك الكتاب ." ليس الجمال سوى بداية ذعر يكاد لا يحتمل" . وكنت مذعورا أمام تلك الرؤى الفجائية الصاعقة, أمام ذلك الارتطام المدوي بالآخر.
أي شيء جميل هو في نهايته كارثة. وكيف لا أخشى حالة من الجمال.. كان يزمني عمر من البشاعة لبلوغها.
كنت أدخل مدار الحب والذعر معا, وأنا أفتح ذلك الكتاب. منذ الصفحة الأولى تبعثرت أشياء تلك المرأة على فراش مرضي.
كانت امرأة ترتب خزانتها في حضرتك. تفرغ حقيبتها وتعلق ثيابها أمامك, قطعة قطعة, وهي تستمع الى موسيقى تيودوراكيس, أو تدندن أغنية لديميس روسوس.
كيف تقاوم شهوة التلصص على امرأة, تبدو كأنها لا تشعر بوجودك في غرفتها , مشغولة عنك بترتيب ذاكرتها؟
وعندما تبدأ في السعال كي تنبهها الى وجودك, تدعوك الى الجلوس على ناصية سريرها, وتروح تقص عليك أسرارا ليست سوى أسرارك, واذ بك تكتشف أنها كانت تخرج من حقيبتها ثيابك, منامتك, وأدوات حلاقتك, وعطرك , وجواربك, وحتى الرصاصتين اللتين اخترقا ذراعك.
عندها تغلق الكتاب خوفا من قدر بطل أصبحت تشبهه حتى في عاهته. ويصبح همك, كيف التعرف على امرأة عشت معها أكبر مغامرة داخلية. كالبراكين البحرية, كل شيء حدث داخلك. وأنت تريد أن تراها فقط, لتسألها " كيف تسنى لها أن تملأ حقيبتها بك؟"
ثمة كتب عليك أن تقرأها قراءة حذرة.
أفي ذلك الكتاب اكتشفت مسدسها مخبأ بين ثنايا ثيابها النسائية, وجملها المواربة القصيرة؟
لكأنها كانت تكتب لتردي أحدا قتيلا, شخصا وحدها تعرفه. ولكن يحدث أن تطلق النار عليه فتصيبك. كانت تملك تلك القدرة النادرة على تدبير جريمة حبر بين جملتين, وعلى دفن قارئ أوجده فضوله في جنازة غيره. كل ذلك يحدث أثناء انشغالها بتنظيف سلاح الكلمات!
كنت أراها تكفن جثة حبيب في رواية, بذلك القدر من العناية, كما تلفلف الأم رضيعا بعد حمامه الأول.
عندما تقول امرأة عاقر: " في حياة الكاتب تتناسل الكتب", هي حتما تعني "تتناسل الجثث" وأنا كنت أريدها أن تحبل مني , أن أقيم في أحشائها, خشية أن أنتهي جثة في كتاب.
كنت مع كل نشوة أتصبب لغة صارخا بها: " احبلي .. إنها هنيهة الإخصاب"
وكانت شفتاي تلعقان لثما دمع العقم المنحدر على خديها مدرارا كأنه اعتذار.
أحاسيس لم أعرفها مع زوجتي التي كنت لسنوات أفرض عليها تناول حبوب منع الحمل, مهووسا بخوفي أن أغتال فتتكرر في طفلي مأساتي. فكرة أن أترك ابني يتيما كانت تعذبني, حتى انني في الفترة التي تلت اغتيال عبد الحق, كنت أستيقظ مذعورا كما على صوت بكاء رضيع.
مع حياة ,اكتشفت أن الأبوة فعل حب, وهي التي لم أحلم بالإنجاب من سواها. كان لي معها دوما "حمل كاذب".
لكن, إن كنا لا ننجب من "حمل كاذب" , فإننا نجهضه. بل كل إجهاض ليس سوى نتيجة حمل تم خارج رحم المنطق, وما خلقت الروايات إلا لحاجتنا الى مقبرة تنام فيها أحلامنا الموءودة.
إن كنت أجلس اليوم لأكتب , فلأنها ماتت.
بعدما قتلتها, عدت لأمثل تفاصيل الجريمة في كتاب.
كمصور يتردد في اختيار الزاوية التي يلتقط منها صورته, لا أدري من أي مدخل أكتب هذه القصة التي التقطت صورها من قرب, من الزوايا العريضة للحقيقة.
وبمنطق الصورة نفسها التي تلتقطها آلة التصوير معكوسة, ولا تعود الى وجهها الحقيقي الا بعدما يتم تظهيرها في مختبر, يلزمني تقبل فكرة أن كل شيء يولد مقلوبا, وان الناس الذين نراهم معكوسين, هم كذلك, لأننا التقينا بهم, قبل أن تتكفل الحياة بقلب حقيقتهم في مختبرها لتظهير البشر.
إنهم أفلام محروقة أتلفتها فاجعة الضوء, ولا جدوى من الاحتفاظ بهم. لقد ولدوا موتى.
ليس ثمة موتى غير أولئك الذين نواريهم في مقبرة الذاكرة. اذن يمكننا بالنسيان, أن نشيع موتا من شئنا من الأحياء, فنستيقظ ذات صباح ونقرر أنهم ما عادوا هنا.
بامكاننا أن نلفق لهم ميتة في كتاب, أن نخترع لهم وفاة داهمة بسكتة قلمية مباغتة كحادث
سير, مفجعة كحادثة غرق, ولا يعنينا ذكراهم لنبكيها, كما نبكي الموتى. نحتاج أن نتخلص من أشيائهم, من هداياهم, من رسائلهم, من تشابك ذاكرتنا بهم. نحتاج على وجه السرعة أن تلبس حدادهم بعض الوقت, ثم ننسى.
لتشفى من حالة عشقية, يلزمك رفاة حب, لاتمثالا لحبيب تواصل تلميعه بعد الفراق, مصرا على ذياك البريق الذي انخطفت به يوما. يلزمك قبر ورخام وشجاعة لدفن من كان أقرب الناس اليك.
أنت من يتأمل جثة حب في طور التعفن, لا تحتفظ بحب ميت في براد الذاكرة, أكتب , لمثل هذا خلقت الروايات.
أذكر تلك الأجوبة الطريفة لكتاب سئلوا لماذا يكتبون. أجاب أحدهم " ليجاور الأحياء الأموات" , وأجاب آخر " كي أسخر من المقابر" , ورد ثالث " كي أضرب موعدا" .
أين يمكنك, الا في كتاب, أن تضرب موعدا لامرأة سبق أن ابتكرت خديعة موتها, مصرا على إقحام جثتها في موكب الأحياء, برغم بؤس المعاشرة.
أليس في هذه المفارقة سخرية من المقابر التي تضم تحت رخامها , وتترك الأموات يمشون ويجيئون في شوارع حياتنا.
وكنت قرأت أن (الغوليين) سكان فرنسا الأوائل, كانوا يرمون الى النار الرسائل التي يريدون إرسالها الى موتاهم. وبمكاتيب محملة بسلاماتهم وأشواقهم وفجيعتهم.
وحدها النار, تصلح ساعي بريد. وحدها بامكانها انقاذ الحريق. أكل ذلك الرماد, الذي كان نارا, من أجل صنع كتاب جميل؟
حرائقك التي تنطفئ كلما تقدمت في الكتابة, لا بد أن تجمع رمادها صفحة صفحة, وترسله الى موتاك بالبريد المسجل, فلا توجد وسيلة أكثر ضمانا من كتاب.
تعلم اذن أن تقضي سنوات في انجاز حفنة من رماد الكلمات, لمتعة رمي كتاب الى البحر, أن تبعثر في البحر رماد من أحببت, غير مهتم بكون البحر لا يؤتمن على رسالة, تماما كما القارئ لا يؤتمن على كتاب.
فكتابة رواية تشبه وضع رسالة في زجاجة والقائها في البحر. وقد تقع في أيدي أصدقاء أو أعداء غير متوقعين. يقول غراهام غرين, ناسيا أن يضيف أنه في أغلب الظن ستصطدم بجثث كانت لعشاق لنا يقبعون في قعر محيط النسيان. بعد أن غرقوا مربوطين الى صخرة جبروتهم وأنانيتهم. ما كان لنا الا أن نشغل أيدينا بكتابة رواية, حتى لا تمتد الة حتف انقاذهم. بامكانهم بعد ذلك, أن يباهوا بأنهم المعنيون برفاة حب محنط في كتاب.
ام حبا نكتب عنه, هو حب لم يعد موجودا, وكتابا نوزع آلاف النسخ منه, ليس سوى رماد عشق ننثره في المكتبات.
الذين نحبهم, نهديهم مخطوطا لا كتابا, حريقا لا رمادا. نهديهم ما لا يساويهم عندنا بأحد.
بلزاك في أواخر عمره , وهو عائد من روسيا, بعد زواجه من السيدة هانكسا, المرأة الأرستقراطية التي تراسل معها ثماني عشرة سنة ومات بعد زواجه منها بستة أشهر, كان يقول لها والخيول تجر كهولته في عربة تمضي به من ثلوج روسيا الى باريس:
" في كل مدينة نتوقف فيها, سأشتري لك مصاغا أو ثوبا. وعندما سيتعذر علي ذلك, سأقص عليك أحدوثة لن أنشرها".
ولأنه أنفق ماله للوصول اليها, ولأن طريق الرجعة كان طويلا, قد يكون قص عليها قصصا كثيرة.
حتما, أجمل روايات بلزاك هي تلك التي لم يقرأها أحد, وابتكرها من أجل امرأة ما عادت موجودة هنا لتحكيها.
ربما لهذا, أكتب هذا الكتاب من أجل الشخص الوحيد الذي لم يعد بامكانه اليوم أن يقرأه, ذلك الذي ما بقي منه الا ساعة أنا معصمها, وقصة أنا قلمها.
ساعته التي لم أكن قد تنبهت لها يوما كانت له, والتي مذ أصبحت لي, كأني لم أعد أرى سواها. فمنه تعلمت أن أشلاء الأشياء أكثر ايلاما من جثث أصحابها.
هو الذي أجاد الحب , وكان عليه أن يتعلم كيف يجيد موته. قال " لا أحب مضاجعة الموت في سرير, فقد قصدت السرير دوما لمنازلة الحب, تمجيدا مني للحياة". لكنه مات على السرير اياه. وترك لي كغيره شبهة حب, وأشياء لا أدري ماذا أفعل بها.
ساعته أمامي على الطاولة التي أكتب عليها. وأنا منذ أيام منهمك في مقايضة عمري بها. أهديه عمرا افتراضيا. وقتا اضافيا يكفي لكتاية كتاب. تائها في تقاطع أقدارنا, لا أملك الا بوصلة صوته, لأفهم بأية مصادفة أوصلنا الحب معا الى تلك المرأة.
أستمع دون تعب الى حواراتنا المحفوظة الى الأبد في تلك الأشرطة, الى تهكمه الصامت بين الجمل, الى ذلك البياض الذي كان بيننا, حتى عندما كنا نلوذ بالكلام. صوته! يا اله الكائنات, كيف أخذته وتركت صوته؟ حتى لكأن شيئا منه لم يمت. ضحكته تلك!
كيف ترد عنك أذى القدر عندما تتزامن فاجعتان ؟ وهل تستطيع أن تقول انك شفيت من عشق تماما من دون أن تضحك, أو من دون أن تبكي!
ليس البكاء شأنا نسائيا.
لا بد للرجال أن يستعيدوا حقهم في البكاء, أو على الحزن إذن أن يستعيد حقه في التهكم.
وعليك أن تحسم خيارك: أتبكي بحرقة الرجولة, أم ككاتب كبير تكتب نصا بقدر كبير من الاستخفاف والسخرية! فالموت كما الحب أكثر عبثية من أن تأخذه مأخذ الجد.
لقد أصبح , لألفته وحميميته, غريب الأطوار. وحدث لفرط تواتره, أن أفقدك في فترات ما التسلسل الزمني لفجائعك, فأصبحت تستند الى روزنامته لتستدل على منعطفات عمرك, أو على حادث ما , معتمدا على التراتب الزمني لموت أصدقائك. وعليك الآن أن تردع نزعتك للحزن, كما لجمت مع العمر نزعتك الى الغضب,أن تكتسب عادة التهكم والضحك في زمن كنت تبكي فيه بسبب امرأة, أو بسبب قضية, أو خيانة صديق.
مرة أخرى,الموت يحوم حولك إيغالا بالفتك بك, كلؤم لغم لا ينفجر فيك, وإنما دوما بجوارك. يخطئك, ليصيبك حيث لا ترى, حين لا تتوقع. يلعب معك لعبة نيرون, الذي كان يضحك, ويقول انه كان يمزح كلما انقض على أحد أصحابه ليطعنه بخنجره فأخطأه.
اضحك يا رجل, فالموت يمازحك ما دام يخطئك كل مرة ليصيب غيرك!
لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده
آلسٍلآم عٍليِگم ورحمة آللهـ وبرگآتهـ
بسٍم آللهـ آلرحمن آلرحيِم
و آلصلآهـ عٍلے آشرف آلخلق وآلمرسٍليِن محمد صل آللهـ عٍليِهـ وسٍلم
آقدم آليِگم روآيِتيِ آلآولے آلتيِ أنشرهـآ
آلحـــــآن آلسٍيِمـــفونـيِــــة آلــــهـآربهــ
نوآتمنے من آللهـ أن تنآل آعٍجُآبگم
وآسٍأل آللهـ ألتوفيِق إلے آخر بآرت
سٍيِگون آلبآرتآت مرتيِن بآلآسٍبوعٍ آلجُمعٍهـ و
آلآثنيِن
إلے آشعٍآر آخر أن شآء آللهـ
وبآلنسٍبة لزٍوآر آلقسٍم وآلآعٍضآء آلذيِن يِأتوآ متأخريِن
سٍوف آگتب فيِ حآل زٍآدت صفحآت آلروآيِة
فيِ آلگلمآت آلدلآليِة
بآرت1فيِ صفحهـ̶̶ 1 وهاكذا
آلحـــــآن آلسٍيِمـــفونـيِــــة آلــــهـآربهــ
:rose::rose:
بسٍم آللهـ آلرحمن آلرحيِم
آلحـــــآن آلسٍٍيِِمـــفونـيِِــــة آلــــهــآربهـــ
ملآحظُهـ/ عٍلآمة#يِليِهـآ آسٍم تعٍنيِ آن مثلآ آيِفآن تحگيِ آلآن
#آيِفآن
ِ
آليِوم عٍطٌلة يِجُب آن نسٍتمتعٍ بهـآ
قلت ذآلگ لصديِقتيِ آيِليِتآ وآنآ آرجُ زٍجُآجُة آلعٍصيِر ونحن نسٍيِر متجُوليِن بآلسٍگن آلطٌلآبيِ
گآنت هـذهـ عٍطٌلة نهـآيِة آلآسٍبوعٍ
قآلت آيِليِتآ:لآ آعٍلم آظُن بأننيِ سٍوف آذهـب إلے
منزٍليِ لقضآئهـآ سٍتزٍورنآ خآلتيِ
قلت بعٍد آن شربت جُرعٍة من عٍصيِر آلبرتقآل:حسٍنآ آسٍتمتعٍيِ
لم تعٍلق عٍلے مآقلتهـ
سٍمعٍت:روزٍ تنآديِهـآ تلگ آلفتآة ذآت آلشعٍر آلآسٍود آلطٌويِل من بعٍيِد بصوت عٍآل:آليِيِيِيِيِيِيِيِيِتآ
آسٍتأذنت آنيِ سٍأذهـب وبعٍض لحظُآت گنت قد آبتعٍدت عٍن هـنآگ
وضعٍت يِديِ فيِ جُيِبيِ
وآنآ آسٍيِر بهـدوء فيِ ممرآت آلسٍگن آلنظُيِفة
جُلسٍت عٍلے آحدے آلگرآسٍيِ بجُآنب طٌآولهـ
بهـذآ آلوقت آغلب آلطٌلآب بغرفهـم فآلسٍآعٍهـ لم تتعدى 11ونص صبآحآ
رأيِت آبن آلمديِر ويِدعٍے "مآرگ" يِسٍيِر وفيِ يِدهـ آورآق هـذآ آوهـ نسٍيِت آن آقول آنهـ آخ روزٍ فگلآهـم آبن للمديِر
گآن مآرگ يِشبهـ آختهـ شگلآ فشعٍرهـ آسٍود گأختهـ وعٍيِنآهـ رمآديِتآن تشبهـ آلبنفسٍجُيِ مثلهـآ
آلآ آن آختهـ آجُتمآعٍيِة آگثر منهـ گثيِرآ
فهـيِ لطٌيِفهـ نوعٍآ مآ وآجُتمآعٍيِة لآگنهـ خلآف ذآلگ لآگنهـم يِتشآبهـآن شگلآ فگل منهـمآ جُميِل
آنهـ آگبر منهـآ فهـيِ فيِ نفسٍ صفنآ آلدرآسٍيِ آلصف آلثآنيِ ثآنويِ
آمآ هـو فيِدرسٍ بآلجُآمعٍهـ حسٍب مآ آعٍلم عٍنهـ
نظُرت آلے سٍآعٍتيِ مرآرآ ثم قررت آن آذهـب إلے غرفتيِ
#شخصيِة سٍتتعٍرفونهـآ لآحقآ ِ
نزٍلت من سٍيِآرتيِ آلفضيِة متجُهـآ إلے بيِتيِ
دخلت مآ آن فتحت آلبآب حتے شعٍرت بآلرآحهـ من حيِن رأيِت آميِ بوجُهـهـآ آلبشوش وهـيِ تعٍد آلغدآء آلقيِت آلتحيِة فبآدلتنيِ آيِآهـآ وقآلت:آخبرنيِ آبيِگ آنهـ يِرغب بأن تذهـب لهـ بآلشرگهـ
آجُبتهـآ وآنآ آسٍحب گرسٍيِ لآجُلسٍ عٍليِهـ:عٍلمت ذآلگ لذآ ذهـبت لهـ عٍدت منهـ توآ
لآن مسٍآء آليِوم لديِ موعٍد هـآم عٍليِ آلذهـآب لهـ
قآلت ليِ وهـيِ تضعٍ آلآطٌبآق عٍلے آلطٌآولهـ آلتيِ تتوسٍطٌ آلمطٌبخ:موعٍد مهـم؟؟!! مآهـو
گنت آفگ ربطٌة عٍنقيِ فقلت:آنآ آحب آلمبآلغهـ ليِسٍ بهـذهـ آلآهـميِة سٍأخبرگ عٍنهـ
ِ
#آيِفآن ِ
گنت قد خرجُت من آلحمآم بعٍد آن آخذت دشآ
وقد بدلت ثيِآبيِ فأرتديِت شورت جُيِنزٍ وبلوزٍهـ بيِضآء وآسٍعٍهـ
تلفت فيِ آلغرفهـ فگآنت آيِليِتآ لم تأت عٍلے مآيِبدو ليِ
وضعٍت آلمنشفهـ عٍلے آلگرسٍيِ بأهـمآل حيِن
رآيِت ظُرفآ عٍلے آلسٍريِر
آمسٍگت بهـ وآنآ آتفحصهـ جُيِدآ فلم آجُد بهـ گتآبهـ
آنتهــــے آلـــبآرت
اتمنى ان البارت الاول عجبكم
1وش رايكم بالبارت؟؟
2تتوقعوا الرواية حلوه؟؟
3هل عجبتكم شخصيات مع انهم ماظهروا؟؟
4ايش تتوقعوا بالظرف الي لقته ايفان؟؟
5مين الشخصية المجهوله؟؟
اذا عجبتكم الرواية لاتبخلوا بالتقييم
تنويه/بما اننا برمضان وقيام الليل اغلبنا نقومه
فأذا فلا تإخروه عشان الرواية
انتظر مشاركاتكم
إلى نلتقي مجددآ في صفحات روايتي
في حفظ الله ورعايته:7b::7b:
لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده
نحن فقط غربــاء … -رواية جميلة
**
رزان فتاة قد تخرجت حديثًا من الجامعة بـ تخصص لم تحبذه يومًا ، وأخذت تبحث عن فرص عمل تصقل مهاراتها وتجد رزقها فيه … وسيم فتًا قد تخرج من الجامعة بـ تخصص فيزيـــاء ، وحصل على عمل بمجرد تخرجه وحياته لم تصبح كالعادة منذ ذلك الحين … ولكن عقدة صغيرة تثير حمــاس حياتهمــا ، كلاهم لا يطيق ما آل الأمر بهم في المستقبل ولكن الحياة التي حلموا بها يومًــا ، قد بدأت بتحقق منذ أن اجتمع عالم كليهمــا " معًا " لي عودة مع الجزء الأول |