مّ أحلآك إنتِ و موضوعك
بآلتوفيق.. نآميآ..!
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لقد اكرم الله البشرية برسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فقد ارسل الله رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره للناس قاطبة وكانوا الانصار الذين حملوا راية الاسلام بصدق وامانة وتفاني بعد ان آمنوا وصدقوا فجاهدوا وقاتلوا وعلموا وتعلموا وصبروا على الاذى وقد ضرب لنا هؤلاء الصحابة الكرام اروع الامثلة في التضحيات والجهاد والاخلاق والفضائل اختلفت ميولهم فمنهم من برع في الجهاد كخالد بن الوليد وعبيدة بن الجراح ومنهم من انفق في سبيل الله كعثمان بن عفات ومنهم من احب العلم والقران فعكف على نشره وتعليمه وكلامنا في هذا الموضوع على صحابي جليل نبغ من نعومة اظفاره مثال لشباب المسلمين في نشاطه وهمته وحبه لطلب العلم وتفانيه في التعليم الا وهو : ~زيد بن ثابت رضي الله عنه جامع القرآن~
هو رجل من عنصر كريم ومعدن شريف هو زيد بن ثابت بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار بن ثعلبة الخزرجي اذ هو ينتمي الى بني النجار من الخزرج وهم اخوال جد النبي صلى الله عليه وسلم ولد ونشا زيد في المدينة المنورة فتى من فتيان الخزرج ينعم بالحياة السعيدة في ظل والديه، ولكن القدر عاجل والده، فقد قتل يوم بعاث، وزيد في السادسة من عمره
قصة اسلام زيد رائعة فقذ بدات بعد موت والده ثابت فتزوجت والدته النوار عمارة بن حزم وهو صحابي جليل من سادات الانصار وبايعوا النبي على الحرب وسهد بدرا والشواهد كلها فعاش زيد في كنف عمارة فاكرمه واعتنى به وكان عمارة بن جزم ممن شهدوا بيعة العقبة الثانية من الانصار فقام عمارة ينشر دين الاسلام القويم في ذويهم واهاليهم فبدا عمارة بآل بيته زوجته وولدها زيد فأسلما وفي هذه البيئة الموحدة نشأ زيد فكان توفيقا من الله له ان يكبر في محيط اسلامي ووسط ايماني فكبر وازداد زيد تعلقا لهذا الدين الحنيف وعكف على حفظ ما انزله الله من ايات كريمة كانت تصلهم عن طريق مصعب بن عمير الذي بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم ليفقه اهل المدينة في الدين ويقراهم القرآن فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة كان عمر زيد احد عشرة سنة وكان من جمله من جاءه مع امه ويقول في ذلك زيد : أُتي بي النبيَ صلى الله عليه وسلم مقدمه المدينة فقالوا : يا رسول الله هذا غلام من بني النجار وقد قرا مما انزل عليك سبعة عشر سورة فقرات على رسول الله فاعجبه ذلك وقال: يا زيد تعلم لي كتاب اليهود فني والله لا آمنهم على كتابي . قال فتعلمته فما مضى لي نصف شهر حتى حذقته وكنت اكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم اذا كتب لهم .
كان اهل مكة احذق من اهل المدينة في الكتابة اذا لم تكن الكتابة منتشرة في المدينة ولان الكتابة ضرورية فلولا الخطوط لبطلت العهود والشروط وهذا ما كان يحتاجه النبي كاتبون يكتبون المواثيق والرسائل والعهود والعقود فحث الغلمان على تعلم ذلك فكان زيد بن ثابت احد الغلمان الذين تعلموا الكتابة وقد كان لا يجاوز من العمر الثانية عشر بعد ذلك اختاره النبي لكتابة الوحي وهي مهمة عظيمة شريفة لم يمنعه صغر سنه من تقلد هذه المهمة وتوليها فباشر بهذه الوظيفة هو وغيره من الصحابة فقال عنه ابن عباس : لقد علم الحفَّاظ من أصحاب محمد أن زيد بن ثابت من الراسخين في العلم. لقد أخذ عبد الله بن عباس بركات زيد – قاد له دابته – فقال له زيد: تنح يا ابن عم رسول الله . فقال: إنا كذلك نفعل بعلمائنا وكبرائنا اضافة الى تكليفه بكتابة الكثير من الرسائل الى الملوك والامراء لصغر سنه وتفرغه ومع الوقت كبر زيد و اصبح من الراسخين في العلم، ولقوة حفظه ومقدرته العلمية كان هو المرجع في القضاء، والفتيا، وأخذ عنه كثير من أصحاب الرسول، وكانوا يفتون بمذهبه، ومنهم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما اضافة الى ان عمر رضي الله عنه استخلفه على المدينة حينما خرج إلى الشام، كما كان يستخلفه كلما أراد حج بيت الله الحرام، مما يدل على سياسته الحكيمة، وحسن تصرفه في شؤون المسلمين. ومن ضمن ما برع فيه زيد بن ثابت رضي الله عنه في طلب العلم :
اما تعلمه اللغات فقيل انه تعلم الفارسية من رسول كسرى خلال ثمانية عشرة يوما والرومية من حاجب النبي صلى الله عليه وسلم اما القبطية فتعلمها من خادمة النبي صلى الله عليه وسلم التي ارسلها ملك القبط المقوقس اليه هدية فكان هو ترجمان الدولة ذو المكانة الرفيعة و كان بتعلمه هذه اللغات يقرا للنبي الكتب الواردة من الدول الاخرى كفارس والكتب التي كانت ترد من هرقل ملك الروم ويرد عليهم وهو بذلك يعرف الكثير من الاسرار التي لا يعلمها غيره ولا ننسى تعلمه للغة اليهود تحصنا من شرهم ومكائدهم للمسلمين فقد ذكر ابن ابي شيبة عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" انه تأتيني كتب من اناس لا احب ان يقرأها كل احد فهل تستطيع ان تتعلم كتاب السريانية"؟ قال : فقلت نعم، فتعلمتها في سبعة عشر يوما .
خص زيد بن ثابت بخصائص عدة ومن بينها انه كان اعلم الصحابة بعلم الفرائض والمواريث فهذا العلم وحدع يساوي نصف العلم كله فخاض زيد في هذا العلم ونهض بأعبائه حتى غدا اعلم الصحابة بهذا العلم واشهرهم به عن انس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله :"ارحم امتي بأمتي ابو بكر واشدهم في امر الله عمر واصدقهم حياء عثمان وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب وافرضهم زيد بن ثابت واعلمهم بالحلال والحرام معاذ ألا لكل امة امينا وان امين هذه الامة عبيدة بن الجراح " اخرجه الترمذي وقال فيه الزهري :"لو هلك عثمان وزيد في بعض الزمان لهلك علم الفرائض لقد اتى على التاس زمان ما يعلمها غيرهما " كما كان زيد رضي الله عنه فقيها عالما بالسنة، فقد روي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال عنه: (أفرض أمتي زيد بن ثابت)
ان لزيد بن ثابت رضي الله عنه خصوصية عظيمة وميزة كبيرة فاي شرف اعظم من جمع القرآن؟ ~جمــع القرآن في عهــــد النبي~ وكان النبي كلما نزل الوحي دعا بعض الكتبة ليكتبوا ما نزل فكانو يكتبونه على عسيب النخل والحجارة الرقيقة ~في عهـــد ابي بكـــر ~ اما في عهد ابي بكر رضي الله عنه فان الحاجة اصبحت ماسة جدا لجمع القران لعدة اسباب : فكثير من الصحابة قتلوا يوم موقعة اليمامة من حفظة القران فخاف عمر رضي الله عنه من ضياع القران فأشار عمر على ابو بكر على جمعه فقبل وكلفوا زيدا بتلك المهمة فتتبع القران يجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال حتى وجد اخر سورة التوبة مع مع ابي خزيمة الانصاري طريقة جمعه للقران: والطريقة التي اتبعها زيد في جمع القران انه لا يثبت شيئ من القران الا اذا كان مكتوبا بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ومحفوظا من الصحابة فكان لا يكتفي باحفظ دون الكتابة خشية ان يكون في الحفظ خطأ او وهم وايضا لم يكن يقبل من احد شيئا جاء ب هالا واحضر معه شاهدين وعلى هذا المنهج استمر زيد في جمعه للقآن الكريم حذرا متثبتا مبالغا في الدقة والتحري ~جمعـــه للقـــران في عــــهد عثمان ~ ولما جاءت الخلافة الى عثمان رضي الله عنه كانت الامة الاسلامية تمتاز بصفات جدية كاتساع مساحتها ودخول الاعاج الاسلام فشاع الخطا واللحن في المجتمع العربي فارسل عثمان الى حفصة ان ترسل له المصحف وارسل الى زيد بن ثابت وسعيد بن العاصي وعبد الرحمان بن الحارث بن هشام وعبد الله بن الزبير لينسخوه في المصاحف .
لما بلغ زيد مبلغ الرجال اراد ان يستكمل نصف دينه ومتابعة سنة نبيه فوقع اختياره على الصحابية الجليلة ام جميل بنت المجلل بن عبد الله القريشية العامرية وهي امراة كريمة من السابقات الى الاسلام هاجرت الى ارض الحبشة مع زوجها حاطب من الحارث وولدت هناك ولدين ورجعت بعدها الى المدينة وبعد وفاة زوجها تزوجها زيد بن ثابت فاقامت معه حياة هنيئة وولدت له سعيد وهو اكبر اولاده فصار يكنى به ثم تزوج زيد رضي الله عنه ام سعد بينت سعد بن الربيع وكانت يتيمة في حجر ابي بكر الصديق رضي الله عنه وولدت له ابناء كثيرين منهم : خارجة وسليمان ويحيى وعمارة واسماعيل واسعد وبعد هذه المراة تزوج زيد ايضا عمرة بنت معاذ بن انس وولدت له اولادا ذكورا واناثا وكان زيد رضي الله عنه حسن السيرة والمعاملة في بيته واهله مقتديا برسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى هذه الحال قضى زيد حياته طيبة هنيئة وكذا الحال مع اولاده الى ان جاء يوم الحرة فقتل فيه سبعة اولاد لزيد
لما دخل زيد بن ثابت دين الله ما لبث الا وتاقت نفسه الكريمة الى الجهاد في سبيل الله فعزم على المشاركة في جميع مشاهد رسول الله فما كان منه رضي الله عنه بعد ان سمع بمسير الناس لاعتراض قافلة ابي سفيان التي كانت نتيجتها غزوة بدر الا ان اعد نفسه وهيأها مع القوم وهم صغير لا يجاوز عمره الثانية عشر لكن النبي الرؤوف الرحيم رده لصغر سنه فرحع الفتى حزينا لما فاته من الاجر العظيم ومرت الايام سراعا وانقضت وشاعت الاخبار بمسير قريش بجيشها واتباعها للثار لقتلاها في بدر فرجع زيد وهو متشوق لليوم الذي يكون فيه مجاهدا مع رسول الله الى ان حقق الله غايته في غزوة الخندق وهو اول يوم وقد رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل الحجارة والتراب اثناء حفر الخندق ويقوم بعمل الرجال الكابر بهمة ونشاط فاثنى عليه وقال : "اما انه نعم الغلام" كما حضر زيد بن ثابت في غزوة بني قريظة وكانت عقب غزوة الخندق ومن هذه المشاهد غنم المسلمون غنائم كثيرة وحصل لزيد منها مال كثير فاصبح زيد من الاغنياء الذين يدفعون الزكاة كما شهد زيد غزوة اليرموك ووقعة اليمامة واصيب بسهم فيها ولكنه لم يضره كما شهد زيد يوم تبوك وكانت معه راية بني النجار وقتها ، وكانت أولاً مع عُمارة بن حزم، فأخذها النبي منه فدفعها لزيد بن ثابت فقال عُمارة: يا رسول الله! بلغكَ عنّي شيءٌ؟!. قال الرسول : "لا، ولكن القرآن مقدَّم، وزيد أكثر أخذا منك للقرآن".
كان زيد جارا للنبي ملازما له فطبيعي ان يتاثر بسيرتة النبي واخلاقه العالية مقتديا بافعاله فكان حسن العشرة والمعاملة ذا حياء وادب رفيع وورع شديد ومن سيرته انه كان رضي الله عنه طيب الافعال حكيما معلما ناجحا ومرشدا خبيرا وقد كان رضي الله عنه يحب التقرب الى الله ة ولما راى ان القران جعل عقوبة كثير من الكفارات هي اعتاق الرقبة فاعتق زيد لما ملك عبيدا ومنهم :غلام مجوسي كان له ومن سيرته اكرام ربيبه من زوجه ام جميل فقد عاش اليتم مثله كما كان زيد ذكيا فطنا ينهى عن المنكر ويامر بالمعروف فان وجد على احد من اصحابه عملا مخالفا نهاه عنه بهذا كانت منزلة زيد عظيمة بأخلاقه الكريمة وافعاله الحسنة التي تنم عن فضل صاحبها ووتقاه وصلاحه ومن مواقفه الخالدة التي اظهرت معدن زيد واخلاقه وثبوته الشديد على الدين واقعة يوم السقيفة فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :لما توفي رسول الله قام خطباء الأنصار فجعل الرجل منهم يقول يا معشر المهاجرين إن رسول الله كان إذا استعمل رجلا منكم قرن معه رجلا منا فنرى أن يلي هذا الأمر رجلان أحدهما منكم والآخر منا قال فتتابعت خطباء الأنصار على ذلك فقام زيد بن ثابت فقال : إن رسول الله كان من المهاجرين وإن الإمام يكون من المهاجرين ونحن أنصاره كما كنا أنصار رسول الله فقام أبو بكر فقال جزاكم الله خيرا يا معشر الأنصار وثبت قائلكم ثم قال أما لو فعلتم غير ذلك لما صالحناكم ثم أخذ زيد بن ثابت بيد أبي بكر فقال هذا صاحبكم فبايعوه ثم انطلقوا.
طوى زيد مراحل الشباب وانفق من عمره في الطاعة من غير حساب وقد بلغ ساحل الحياة ووقف على ثنية الوداع واشرف على دار المقام وانقضت ايامه العامرة بالعلم والتعليم فلما جاء نعيه عز على الاخوان والاصحاب مسمع ذلك فعت يحيى بن سعيد قال : لما مات زيد بن ثابت قال ابو هريرة:مات حبر الامة ولعل الله ان يجعل في ابن العباس منه خلفا. وعن ابن العباس لما دفن زيد بن ثابت حثا عليه التراب ثم قال : هكذا يدفن العلم فكان يوم موته فجيعة سلبت للابدان قواها وبكت عليها النساء واما وفاته فاصح القول انها كانت في 45 هـــــ عن عمر يقارب ستا وخمسين سنة وقيل توفي سنة 50 هــــــــ والله اعلم ودفن بالبقيع رحمه الله
قيل في زيد قبل وبعد وفاته الكثير من الاقوال التي تشيد بصفاته عامة فيقول الشعبي: " ذهب زيد بن ثابت ليركب، فأمسك ابن عباس بالرّكاب." فقال له زيد: تنحّ يا ابن عم رسول الله.. فأجابه ابن عباس: لا، هكذا نصنع بعلمائنا".. ويقول قبيصة: " كان زيدا رأسا بالمدينة في القضاء، والفتوى والقراءة، والفرائض".. ويقول ثابت بن عبيد: " ما رأيت رجلا أفكه في بيته، ولا أوقر في مجلسه من زيد". ويقول ابن عباس: " لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد أن زيد بن ثابت كان من الراسخين في العلم".. وفي زيد بن ثابت يقول حسان بن ثابت شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم : فمن للقوافي بعد حسان وابنه رضوان الله عليه فقد عالما في شخص وامة في نفس واخيرا اشكر كل من عمل على هذه المسابقة المفيدة التي تعرفنا باسلامنا اكثر وبالصحابة والتابعين وتزيدنا محبة وتقديرا لهؤلاء العظماء التي لا تكفي الكلمات في وصفهم وايتائهم حقهم
|
التصنيفات