المهندس" هو عنوان الأسطورة الفلسطينية الحقيقية التي جددت الأمل وقتلت اليأس وأعادت الحياة إلى روح الجهاد والمقاومة في فلسطين. بما كتبته من صفحات مشرقة في حكاية الصمود والجهاد البطولي في ظل أسوأ الظروف.
وقصة المهندس معروفة ومحفوظة بمداد الحب والإكبار في قلوب معاصريه، واسمه تردد بشكل دائم في كل حارة وبيت وعلى كل شفة ولسان في أرجاء المعمورة وذكره مئات الملايين من العرب والمسلمين عندما أظلمت الدنيا واشتدت الأزمات وفاضت على وجوههم مظاهر الألم والقهر والإحباط.
ابن كتائب الشهيد عز الدين القسام:
ترجع بدايات المهندس مع العمل العسكري إلى أيام الانتفاضة الأولى وعلى وجه التحديد عامي 1990-1991م إذ توصل إلى مخرج لمشكلة شح الإمكانات المتوفرة وندرة المواد المتفجرة وذلك بتصنيع هذه المواد من المواد الكيماوية الأولية التي تتوفر بكثرة في الصيدليات ومحلات بيع الأدوية والمستحضرات الطبية فكانت العملية الأولى بتجهيز السيارة المفخخة في رامات إفعال وبدأت إثر ذلك المطاردة المتبادلة بين يحيى عياش والاحتلال الصهيوني وأجهزته الأمنية والعسكرية.
إذ قدر الله سبحانه وتعالى أن يكتشف العدو السيارة المفخخة في رامات إفعال بطريق الصدفة، وبعد تحقيق شديد وقاس مع المجاهدين الذين اعتقلا إثر العثور على السيارة المفخخة طبعت الشاباك اسم يحيى عبد اللطيف عياش في قائمة المطلوبين لديها للمرة الأولى.
يعتبر يوم الأحد 25 نيسان أبريل 1993م بداية المطاردة الرسمية ليحيى عياش ففي ذلك التاريخ غادر المهندس منزله ملتحقا برفاق الجهاد والمقاومة وفي مساء ذلك اليوم داهمت قوات كبيرة من الجيش والمخابرات المنزل وقامت بتفتيشه والعبث بالأثاث وتحطيم بعض الممتلكات الشخصية للمهندس، وبعد أن أخذ ضباط الشاباك صورة الشهيد جواد أبو سلمية التي كان المهندس يحتفظ بها توجه أحدهم إلى والده مهددا "يجب على يحيى أن يسلم نفسه وإلا فإنه سيموت وسوف نهدم المنزل على رؤوسكم" وتواصلت المداهمات والاستفزازات من قبل جيش الاحتلال وأجهزته بهدف إشاعة جو الخوف والرعب بين العائلة القروية اعتقادا بأن ذلك يؤثر في معنوياتهم ويثني المهندس عن مسيرته المباركة ولكن هيهات لهم ذلك فقد واصل المهندس طباعة عناوين المجد والحرية وأعاد للحياة الفلسطينية طعمها. وخلال ثلاث سنوات كان الشهد لفلسطين والعلقم لبني صهيون وخاب ظن سلطات الاحتلال وأجهزتها القمعية التي حصدت الفشل في مخططاتها وتخبطت في رحلة البحث عن المهندس بينما وقفت أم يحيى في فخر واعتزاز تواجه محققي الشاباك وجنود الاحتلال حيث نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية والتي رافقت قوات الجيش التي داهمت منزل العائلة بعد عملية البطل صالح صوي في تل أبيب عن أم المهندس "لقد تركنا جميعا دون أن نشبع منه ومنذ أن أصبح يحيى مطلوبا فإنه لم يعد ابنا لي إنه ابن كتائب عز الدين القسام"
وهذه
قصيدة الشهيد القائد عبد العزيز الرنتيسي في رثاء الشهيد المهندس يحيى عياش
………………………………………….. …………………………………….
عياش حيٌّ لا تقل عياش ماتْ أو هل يجف النيل أو نهر الفرات
عياش شمسٌ والشموس قليلة بشروقها تهدي الحياة إلى الحياةْ
عياش يحيا في القلوب مجدداً فيها دماء الثأر تعصف بالطغاةْ
عياش ملحمة ستذكر نظمها أجيال أمتنا كأغلى الذكرياتْ
عياش مدرسة تشع حضارةً عياش جامعة البطولة والثباتْ
يا سعدَ أم أرضعتك لبانها فغدت بيحيى شامةً في الأمهات
اليوم يا يحيى ستنهض أمةٌ وتثور تنفض عن كواهلها السباتْ
ونعيد ماضينا ويهتف جندنا النصر للإسلام بالقسام آتْ
فتصيح من دفء اللقاء ديارنا عاد المهاجر من دياجير الشتات
عبّدت درباً للشهادة واسعا ً ورسمت من آي الكتاب له سماتْ
وغرست أجساد الرجال قنابلاً وكتبت من دمك الرعيف لنا عظات
فغدت جموع البغي تغرق كلما دوى بيانٌ: من هنا عياش فاتْ
وارتد بأسهم شديداً بينهم وتفرقوا بين الحمائم والغلاةْ
هذي الألوف أبا البراء تعاهدت أن لا نجونا إن نجت عُصبُ الجناةْ
وتآلفت منها القلوب فكلها يحيى فويلٌ للصهاينة الغزاةْ
يا ذا المسجى في التراب رفاته من لي بمثلك صانعاً للمعجزات؟
أنعم بقبرٍ قد تعطر جوفه إذ ضم في أحشائه ذاك الرفاتْ
آن الأوان أبا البراء لراحة في صحبة المختار والغر الدعاةْ
أبشرْ فإن جهادنا متواصلٌ إنْ غاب مقدامٌ ستخلفه مئاتْ
رحم الله الشهي البطل وادخله الله فسيح جناته وجزاك ربي كل خير اخيتي