التصنيفات
قصص قصيرة

قصة بعنوان ((حبي الأسير)) قصة جميلة

حبي الأسير

رغد

بالكاد ذهبت مع والدتي و شقيقتي الكبرى رانيا و زوجة أخي منى للسوق في ذلك اليوم و بينما كنا نتجول رأيت إمرأة اعرفها فهي والدة مازن زميلي في الجامعة و لكن الغريب في الأمر بأن أمي تعرفها أيضا مع أنها لم ترها من قبل. كانت الخالة فاتن سعيدة جدااا للقائها بصديقة عمرها التي لم ترها منذ سنوات طويلة، و لكن سعادتها أصبحت أضعافا عندما عرفتها بنفسي و أخبرتها بأني زميلة ابنها في الجامعة و قد رأيتها مرة عندما كانت تنتظر مازن أمام باب الجامعة ليوصلها لمكان ما . جاءت معنا الى المنزل و جلست تتحدث مع والدتي عن الأيام الخوالي و ذكرياتهما معا في أيام الدراسة ثم بدأت تتحدث معي و تسألني عن طموحاتي و أفكاري و غيرها الكثير من الأسئلة . بعد مرور يومان و عندما عدت من الجامعة أخبرتي أمي بأن الخالة فاتن تريد ان تخطبني لابنها …… في تلك اللحظة اعتقد بأن دقات قلبي أصبحت مليون دقة في الدقيقة أحسست بأني سأطير من السعادة فكم تمنيت أن تأتي هذه اللحظة و لم اعلم بأن القدر سيجمعني بالشخص الذي احبه بمثل هذه الصدفة … أجل …. أنا أحب مازن أحبه كثيرا أحبه من اعماق قلبي أحببته منذ سنتين عندما رأيته للمرة الأولى في الجامعة و مازلت أحبه حتى الآن ربما حتى أكثر من البداية حبه كالورود في قلبي تنمو و تكبر مع كل إشراقة شمس. مازن رجل تتمناها كل الفتيات فهو وسيم جدا جذاب قوي مثقف و من عائلة راقية إلا أنه عصبي و مغرور دقيق الملاحظة و مزاجه متقلب و رغم ذلك كان طيب القلب و حنون و أنا أحبه بكل عيوبه و مميزاته ، لم أخبر أحد عن حقيقة مشاعري تجاهه فقد دفنت حبه في قلبي أحببته بين و بين نفسي لأنني كنت أظن بأنه لا يبادلني المشاعر و لا يعتبرني سوى مجرد زميلة بالنسبة له و لكنني كنت مخطئة فهو يحبني و إلا لما طلب من والدته أن تخطبني له . ياإلهي هل توجد سعادة أكبر من التي أنا فيها الآن وأخيرا حلمي سيتحقق .
رن الهاتف و كانت زميلتي في الجامعة و صديقة عمري مريم تسألني للمرة السابعة : "هل وصل مازن ؟" و أنا أجيبها بهدوء : " لا لم يأتي بعد ". مريم هي أعز صديقاتي وأنا اعتبرها بمثابة شيقيقتي فنحن قد تربينا معا لأن والدة مريم تكون واحدة من أعز صديقات أمي أما والدها كان شريك والدي في العمل و لكنه توفي قبل 5 سنوات و تلك الأيام كانت تيعيسة و مؤلمة جدا على عائلة مريم . لم تكن مريم تعلم بحقيقة مشاعري تجاه مازن فقد كانت تظن بأني اعتبره مجرد زميل لا أكثر لذلك عندما أخبرتها بموضوع الخطبة وبأني أحب مازن دُهِشت كثيرا ولم تصدق الامر في البداية وعاتبتني لأني أخفيت عنها حقيقة مشاعري تجاه مازن فنحن كنا مقربتان جدا من بعضنا و مازلنا كذلك .
بينما كنت اتحدث بالهاتف رن جرس الباب فقفزت من سريري و نظرت في المرآة لأتفقد شكلي للمرة المئة على ما اعتقد ، ثم قلت بتوتر و أنا احاول السيطرة على نفسي : "مريومة يجب ان اذهب الآن يبدو أنهم قد وصلوا ، ادعي لي بأن تسير الأمور على خير " .
تقدمت ببطئ نحوهم و قدمت العصير فطلبت مني أم مازن تلك السيدة الحنونة بأن اجلس الى جوارها بعد لحظات بدأ والد مازن بالتحدث مع والدي وأخي الكبير سامر بهدوء عن أحوال البلد وأمور العمل . بدى لي السيد نضال والد مازن رجلا رزينا مثقفا و جديا في حديثه و يبدو رجلا طيب القلب أيضا . مازن يشبه والده إلى حد كبير حتى في طريقة كلامه وأيضا يحمل الكثير من ملامحه كوجهه الوسيم الجذاب أما عيناه الرمادية الساحرة فقد ورثها عن أمه السيدة فاتن التي كانت تتكلم مع والدتي عن حياتها مع عائلتها و الظروف الصعبة التي مروا بها تشاركم أختي رانيا و زوجة أخي و التي هي ابنة عمي منى الكلام . أخي فراس الذي يبلغ من العمر 16 عاما جلس على الكرسي الخشبي الهزاز و وضع ياسمين ابنة منى و سامر التي تبلغ من العمر 4 سنوات على حجره و اخذ يداعبها بهدوء ، أما مازن فقد كان هادئا لم يتحدث كثيرا و اذا اراد التكلم تحدث بصوت هادئ ناعم رزين مهذب و واثق . أما بالنسبة إلي أنا فقد بقيت طوال الوقت صامتة ولم أتكلم إلا إذا سألني أحدهم سؤالا ، كنت ارتجف من التوتر مازلت لا أصدق بأنهم جاءوا الى منزلنا ليخطبوني لابنهم الوحيد مازن .
لم استطع ان ارفع عيني عن الارض فقد كان يجلس أمامي مباشرة و لكني تشجعت و قررت أن أخطف نظرة سريعة و بالفعل رفعت عيني لانظر إليه و لكن سرعان ما وضعتهما بالأرض ثانية لكن ليس خجلا بل حزنا فعندما نظرت إليه وجدت عينيه مليئة بالألم و الأسى و شيء من القلق و التردد و لكن ليس ذلك القلق الطبيعي الذي يحدث في مثل هذه الموافق بل قلق من نوع أخر .
رحل هو و أهله على وعد بالقدوم بعد أسبوع لتكون مهلة لي كي اقرر بعد أن طلب والدي ذلك . في اليوم التالي بعد عودتي من الجامعة و قد لاحظت عدم قدوم مازن في ذلك اليوم و ما زادني قلقا هو أن صديقتي مريم لم تأتي هي الأخرى فقد كنت أنوي أن أحدثها أكثر عن الموضوع و اسألها عن رأيها . شعرت بأني أريد ان اتحدث مع أمي و أخبرها عن تلك النظرة في عيني مازن في ذلك اليوم . بعد حديثي مع والدتي اطمئنيت قليلا فقد أخبرتني بأن هذه الامور طبيعية قبل الزواج فلابد من التوتر و القلق و بأن كل شيء سيصبح على ما يرام و بأني متوترة مثله تماما لأنني سأنتقل الى مرحلة جديدة في الحياة سأتزوج و أُؤسس عائلة و ستصبح لدي مسؤوليات كبيرة و أن هذه الأمور هي من تقلقني و تقلقه هو أيضا . اقتنعت قليلا بكلام أمي أو ربما اردت أن اقنع نفسي فقد بدا كلامها لي منطقيا نوعا ما ، أنه التوتر ليس أكثر و سيخف مع مرور الأيام أجل أنه يحبني لابد أنه يحبني و إلا لما جاء مع عائلته ليخطبني ، صحيح ؟
بعد تناولي الغداء مع أفراد أسرتي قررت الاتصال بمريم للاطمئنان عليها و معرفة سبب غيابها فليس من عادة مريم أن تتغيب عن الجامعة ، عندما اتصلتُ على هاتفها المحمول أجابتني شقيقتها الكبيرة حنان و أخبرتي بأنهم نقلوا مريم الى المشفى ، فأسرعت بالذهاب إليها وعندما وصلت أخبرتني أمها و هي تبكي منهارة أن تلك النوبة القلبية قد عاودتها من جديد فقد كانت مريم المسكينة تلك الفتاة الرائعة الأشبه بالملاك مصابة بمرض خطير في القلب . سألتُ حنان شقيقتها الكبيرة أن تخبرني ما حدث مع مريم بالتفصيل الممل فقالت بصوت مختنق و هي تحاول منع دموعها من الانهيار على خديها : " لا اعلم ما الذي حدث لها ، البارحة لم تتعشى و طوال الليل كانت تبكي وعنما سألتها عن سبب بكائها لم تجبني و طلبت مني أن اتركها بمفردها فاستجبت لطلبها لأني لم أكن أريد الضغط عليها فمريم حساسة كثيرا و في الصباح قالت بأن بطنها تؤلمها و لا تريد الذهاب الى الجامعة اليوم فلم نصر عليها أنا و أمي و تركناها بشأنها على الرغم من أنه ليس من عادتها أن تتغيب عن الجامعة ثم خرجنا انا و والدتي الى السوق لشراء بعض الخضار ، تركناها بمفردها في المنزل مع أخي الصغير محمد و عندما عدنا وجدنا محمد يدرس في غرفته أما هي فقد كانت مرمية على الارض في الشرفة تحتضن هاتفها بكلتا يديها كانت متعرقة جدا تلهث أنفاسها بقوة و تسعل بشدة و تبكي بحرقة أسرعنا إليها و اتصلنا بالأسعاف لأن منظهرها كان مريعا ".
عدت الى المنزل متأخرة في ذلك اليوم لأني أصريت على أن ابقى مع والدة مريم و أختها و أخيها حتى اطمئن على حالة صديقتي و أوصلهم الى البيت بعد أن اخبرنا الطبيب بأننا نستطيع إخراجها اليوم و بأنها اصبحت بخير الآن الحمد لله و انهم قد سيطروا على الوضع و لكن لابد من تنال الأدوية بانتظام و إلا ساءت حالتها أكثر و يجب عليها زيارة الطبيب من فترة إلى أخرى . وصلت الى المنزل لأجد أمي و أبي ما يزالان مستيقظين متنظرين عودتي . سألاني عن مريم فأخبرتهما بأنها بخير الان ثم ذهبت الى غرفتي غيرت ثيابي و رميت نفسي على السرير لقد كنت متعبة جدا بعد يوم طويل و شاق . هناك طرقات على باب غرفتي ابتسمت لابد أنها ياسمين ابنة أخي الكبير سامر و زوجته ابنة عمي منى ، فُتِحَ الباب و أطلت ياسمين برأسها و هي تقول بصوت طفولي ناعم : " عمتي رغد هل تسمحين لي بالدخول ؟ " . مددت يدي في اتجاهها و قلت بصوت هادئ و حنون : " تعالي يا صغيرتي ". دخلت بسرعة الى الغرفة أغلقتْ الباب بهدوء و أمسكتْ بيدي الممدودة نحوها قلت و أنا ألعب بخصلات شعرها الناعمة : "أخبريني يا حبيبتي ما الأمر ؟ ". نظرت إلي ببراءة و قالت بصوت خافت مرتجف:" أنا لا أريد النوم في غرفتي بعد الآن فالكثير من الوحوش موجودة هناك وأنا خائفة أرجوك دعيني أنام بجانبك الليلة أرجوك" . ضحكت من قلبي و قلت لها بمرح :"أحقا هناك وحوش؟". أومأت برأسها و قالت : " لماذا تضحكين أخفضي صوتك رغد أرجوك و إلا سمعونا أنهم الآن في غرفتي هل يمكن أن أنام معك الليلة فقط الليلة ".
"حسنا يا حلوتي سأسمح لك بالنوم معي الليلة و سأحكي لك حكاية أيضا ، ما رأيكِ؟ ". قفزت الصغيرة على السرير و هي تهتف بسعادة ومرح :" هييييييي أنت أفضل و أحلى عمة في العالم كله أنا أحبك كثيرا يا رغد ". يا إلهي ما أجمل و ما أحلى هذه الطفلة ! قلت لها و أنا اضع سبابتي على فمي : " أوووش أنا أيضا أحبك يا ياسمين و لكن توقفي الآن و إلا سمعتك الوحوش الشرير و جاءت لتأكلنا " نظرت إلي ياسمين بفزع و قالت :" ياإلهي نسيت الوحوش". ضممتها الى صدري و أنا اضحك و قلت : " ياسمين حبيبتي لا يوجد في هذا العالم شيء اسمه وحوش ابدا ابدا أنها مجرد خيال لا أكثر ،هل فهمتني يا صغيرتي ؟ لذلك يجب عليك ألا تخافي منهم ابدا". نظرت إلي بتشكك و قالت : " هل حقا هم خيال و لكني رأيتهم " قلت لها وانا اداعب أرنبة أنفها :"حبيبتي أخبريني هل كذبت عليك من قبل؟" هزت رأسها بمعنى لا فأكملت " إذن صدقيني حبيبتي إن ما رأيته ليس وحشا لأنه لا وجود للوحوش ابدا ولا تخافي من أي شيء يا ياسمينتي الصغيرة لأن الله سبحانه و تعالى معك و سيحميك من كل أذى هل فهمتني الآن يا صغيرتي؟ " أومأت الصغيرة برأسها فأحتضنتها بقوة و قبلت وجنتيها الناعمة ثم بدأت اسرد عليها قصة بياض الثلج والأقزام السبعة و أنا ألعب بخصلات شعرها الأسود الناعم بهدوء حتى نامت بين ذراعي تأملتُ وجهها الطفولي البريء وابتسامة هادئة مرسومة على شفتاي ياإلهي كم أنا أعشق هذه الياسمينة الصغيرة وكم اتمنى أن أنجب فتاة رائعة مثلها طفلة صغيرة تكون أبنتي أنا … ترى هل سأصبح أم في يوم من الأيام هل سيصبح لدي أطفال صغار احبهم ارعاهم أحميهم واسمعهم ينادوني بكلمة ماما ترى هل سأكون أم جيدة ؟ اتعرفون ماذا أنا لا أريد شيء من هذه الحياة سوى منزل صغير جميل و دافء يجمعني مع مازن و أطفال صغار يشبهونه نعيش بسعادة و حب معا الى الابد هذه هي أمنيتي الوحيدة و حلمي الذي ادعي الله في كل ليلة أن يحققه .
مضت خمسة أيام عادية جدا كنت اذهب الى الجامعة و أعود الى المنزل اتناول الغداء وألعب مع ياسمين قليلا ثم اشاهد التلفاز بعد ذلك اخلد الى النوم . في تلك الأيام مريم لم تأتي الى الجامعة و أنا قمت بزيارتها في منزلهم مرتين المرة الأولى كنت بمفردي و ما لاحظته بأنها كانت شاحبة جدا في ذلك اليوم و كئيبة نوعا ما فلم تكن تلك الفتاة المرحة الضحوكة التي كانتها من قبل كانت تتحدث وكأنها فقدت أملها بالحياة و كانها أضاعت شيء ما و كأن أحدهم سلب منها روحها أما المرة الثانية لم أكن لوحدي فقد جاءت أمي و رانيا معي للإطمئنان عليها. في ذلك اليوم حدث أمر غريب مع صديقتي مريم لم استطع تفسيره فقد جاءها اتصال من شخص أظنه يريد الإطمئنان عليها و لكني لاحظت توترها و ارتباكها و احمرار وجنتيها وهي تتحدث مع ذلك الشخص المجهول .
بالنسبة لمازن فأنا لم أره في الجامعة و أظن بأنه لم يأتي و لم أسمع عنه أي خبر . البارحة اتصلت السيدة فاتن بوالدتي لتسأل عن أحوالنا وأخبرتنا بأنهم سيأتون بعد ثلاثة أيام الى منزلنا لمعرفة قراري النهائي بخصوص الخطبة . تكلمت معي و أخبرتني عن مدى اشتياقها لرؤيتي و سألتني عن صحتي و هذه الأمور . إن حماتي إمرأة طيبة القلب جدا و حنونة و هذا الشيء رائع أنا اقصد أن نتفق أنا و حماتي هو أمر جيد .
في اليوم التالي كنت مرهقة جدااا و حزينة لأجل مريم فقد ساءت حالتها و تم نقلها الى غرفة العناية المركزة و هذه المسكينة الآن بين الحياة و الموت فقد قال الطبيب أن قلبها لم يعد يحتمل أكثر و يلزمها عملية زرع قلب في أسرع وقت ممكن . كانت عائلة مريم منهارة بعد سماعها كلام الطبيب و أنا لم استطع ترك صديقتي الوحيدة تصارع الموت وحدها فبقيت في المشفى مع عائلتها ادعُ الله بأن ينقذها و لكني لم استطع عدم التفكير في أن مازن و أهله قادمون بعد غد ليعلموا ما هو قراري النهائي و بينما كنت افكر في كل الأمور تفاجأت بهاتفي يرن وما فاجئني أكثر أن المتصل هو مازن يطلب مني أن أقابله حالا لنتحدث في موضوع مهم فوصفت له مقهى هادئ بجوار المستشفى كي أكون قريبة من مريم . وبالفعل وجدته ينتظرني في ذلك المكان و رؤيته أفرحتني كثيرا . جلست أمامه و ألقيت التحية عليه فرد على تحيتي بهدوء صافحني و طلب لي مشروبا باردا ، بدى متوترا و مرتبك و بعد فترة صمت طالت حوالي الربع ساعة بدأ حديثه بأنني شابة جميلة رائعة خلوقة ذكية و من عائلة محترمة و راقية و أن ألف شاب يتمناني و انه سيكون لي مستقبل مشرق بعد أن انهي دراستي و اتخرج من الجامعة .
رغم كل هذا المديح الذي سمعته من مازن قلبي لم يكن مطمئنا لما سيأتي بعد ذلك و قد كنت محقة فما سمعته بعد كل ذلك المديح كان أشبه بخنجر استقر في أحشاء قلبي و أبى إلا أن يمزقه
_ " رغد أريد أن اطلب منك طلبا و كلي أمل أن تتفهميني و تنفذيه " .
_ " تفضل ".

_ "أرفضيني!"

كلمة واحدة قلبت كل كياني ام أعرف ماذا افعل هل ابكي ام اضحك على هذه المزحة السخيفة و لكن ما سمعته بعد ذلك أكد بأنها ليست مجرد مزحة فقد بدى يشرح موقفه قائلا : "أنا أسف رغد اعتذر منك بشدة و لكن موضوع خطبتي لك لم يكن رغبتي بل كان رغبة والدتي التي أحبت أن تخطب لي ابنة صديقتها الحميمة ، سامحيني يا رغد إن الأمر ليس بيدي بل قلبي هو المسؤل لأنه متعلق بفتاة أخرى و أنتِ تعرفينها جيدا " .
و من دون ان اشعر نطقت اسم مريم فأوأم برأسه ، لم استطع ان اسمع المزيد كان الامر مؤلم جدا تخيلي فقط أن يأتي الرجل الذي تعشقينه بكل كيانك و يخبرك بأنه لا يحبك أنتِ بل يحب فتاة اخرى وهذه الفتاة هي صديقتك الوحيدة التي كُنت تعتبرينها دوما بمثابة شقيقتك .لا أعرف كيف امتدت يدي لتلتقط حقيبتي و كيف حملتني ساقاي لأنطلق بجنون وأنا اتذكر تلك النظرة القلقة وذلك الاتصال الغريب و سبب كئابة مريم في الآونة الأخيرة إذن هي أيضا تحبه . تذكرت كل اللحظات التي كنت أرى فيها مريم و مازن يتحدثان و يضحكان مع بعضهما في الجامعة كنت أظن بأنهما مجرد زملاء لا أكثر و لكني كالبلهاء لم افهم شيء أو ربما لم أكن أريد ان افهم رغم ان الامور كانت واضحة كالشمس مع ذلك ظننت أنه يحبني أنا ويريد الزواج مني و للأسف كنت مخطئة فهو لا يفكر بي و لو قليلا و لا يهمه شيء سوى مريم .
ركضتُ بأسرع ما أستطيع و اسمان إثنان كانا يترددان في إذني و صورتهما معا لا تفارق مخيلتي
مازن و مريم
مازن و مريم
مازن و مريم
مازن و مريم
ركضت بعيدا عنه و لعلي أستطيع التحرر من آسر قلبي و وجداني لعل قلبي يتوقف عن لفظ اسمك في كل نبضة لعلي استطيع الهروب من هذا العالم لعلي أعود بالزمن الى الوراء الى سنتين لأمنع عيني من النظر في عينك التي تجذبني إليك أكثر و لعلي استطعت أن امنعك من خطف قلبي آه ياقلبي لماذا أحببتك لماذا أنت ، لعل دموعي الغزيرة تتوقف عن الانهمار على خدي لتحرق قلبي و روحي و تسقي وجهي الألم و الأسى . اركضُ … اركضُ …و اركضُ خلف جنوني لعلي أجد الخلاص من حبك لعلي أجد دواءا لنزيف قلبي المجروح ، ركضت بعيدا عنه لعلي استطيع التحرر من آسر قلبي وجداني! ………………..

مازن

انطلقت راكضا ورائها و أنا لا افهم لماذا تركتني و ذهبت فجأة هكذا كانت هادئة جدا و هي تستمع إلي ثم فجأة هبت وافقة و أخذت تركض بعيدا. ربما كلامي جرحها و لكن هذه هي الحقيقة فأنا أحب مريم و أعرف بأنها تحبني و لكنها كانت دائما تضع الحواجز بيننا بسبب مرضها لتبتعد عني أكثر فأكثر لظنها بأني لا أحبها بل اشفق عليها و لكنها مخطئة فأنا أعشقها و لم أعد احتمل الابتعاد عنها . الفترة الماضي كانت صعبة جدا عليّ خاصة عندما علمت بأنهم نقلوا مريم الى المشفى و معرفتي بأن حالتها صعبة جدا كان صدمة كبيرة بالنسبة لي . سأكسر كل تلك الحواجز التي بنتها بيننا فأنا أريدها أريد أن أكون معها أساندها وأعطيها القوة . بينما كنت اركض خلف رغد باحثا عنها فجأة توقفت عندما رأيت تجمع الناس في منتصف الشارع و هم يتهاتفون بصوت عالي و بكلمات متفرقة لم تستطع أذناي أن تلتقط سوى هذه العبارات :
"هل ماتت ؟"
" لا تقتربوا منها و لا تحركوها انتبهوا جيدا "
"يجب أن يتم نقلها الى المستشفى فورا فليتصل أحدكم بالأسعاف بسرعة"
"يا إلهي انقذها "
"ألم ترى أمامك أيها الأحمق انظر ما الذي فعلته بالفتاة المسكينة"
"هي من قفرت أمام سيارتي فجأة "
" أنه يقول الصدق فقد رأيت الحادث كانت الفتاة تجري بجنون و لن ترى السيارة و هي تعبر الطريق "
" المسكينة ماتزال شابة صغيرة ، ترى هل ماتت ؟ "
" فليتصل أحدكم بالشرطة و بسيارة الأسعاف "
شعرت بالهلع عن من يتحدثون هؤلاء الناس ؟ و ما الذي يحدث هنا ؟ ياإلهي ساعدني ، تقدمت لألقي نظرة فهالني ما رأيت لقد كانت مرمية على الأرض والدماء تغطيها تقطع قلبي عليها و سجدت على الأرض بالقرب منها أحطت وجهها بين يدي و أنا اصرخ : " ياإلهي … رغد لا أرجوك أخبريني بأنك بخير رغد هل تسمعيني افتحي عينيك عزيزتي أرجوك رغد أنه أنا مازن أرجوك اجيبيني رغد " . فتحت عيناها ببطء شديد ثم نظرت الي نظرة لن انساها ما حييت ثم عادت و أغمضت عيناها من جديد أما أنا فصرخت في الناس بأن يطلب أحدهم الأسعاف و قلبي يعصره الأحساس بالذنب و شعور آخر غريب لم أجد له تفسير .
ظللت انتظر أمام غرفة العمليات لمدة ساعة كاملة كنت ضائع ضائع تماما لا اعرف شيء عن حالة رغد المسكينة لا اعلم ما الذي عليّ فعله ولا أدري كيف سأخبر أهلها بالحاث الذي تعرضت له . كنت مرهقا و خائف جدا على رغد فهذه الإنسانة لا تستاهل إلا كل خير . اتصلت بوالدتي لأخبرها بحادث رغد فبدأت تسألني عما حدث بصوت مقهور ومتألم شرحت لها الأمر بإختصار شديد و طلبت منها أن تتصل بوالدة رغد و تخبرها بالأمر ثم أغلقت الهاتف . لاحظت أني امسك شيء ما بيدي فتذكرت بأنني التقطيت حقيبتها التي كانت ملقاة بجوارها . كان هناك دافع داخلي قوي يدفعني لفتح الحقيبة و لم استطع تجاهله ففتحتها و وجدت بداخلها الكثير من الأشياء هاتفها المحمول ، محفظتها الصغيرة ، قلم أزرق ، دفتر ملاحظات صغير، محفظة مكياج صغيرة ، مناديل معطرة و قارورة مياه صغيرة .أشياء عادية تجدها في حقيبة أي فتاة و لكن ما لفت أنتباهي هو دفتر يوميات و عندما فتحته دهشت لأني وجدته فارغ تماما إلا من صفحة واحدة زينت بخط رغد الأنيق فبدأت اقرأ
"و أخيرا سيتحقق حلمي فلكم تمنيت أن يأتي ذلك اليوم الذي أرى فيه مازن يطلبني من أبي للزواج فمنذ رأيته لأول مرة في الجامعة من قبل سنتين شعرت نحوه بإحساس غريب يجذبني إليه و ايقنت بعد ذلك بأنه الحب الحقيقي الذي لطالما سمعت عنه في الروايات الرومانسية التي أعشق قراءتها و لم أكن اتصور بأني سأقع به ، يا إلهي كم أحب مازن و أريد أن أكون زوجته أريد ان أؤسس معه عائلة سعيدة اريده أن يحبني و يكون لي أنا وحدي ، اريد أطفال صغار يشبهونه هو أريد ان اعيش طويلا له و معه و لكن رغم سعادتي هذه التي لا توصف كان هناك شيء يقلقني فأنا ما زلت أفكر هل مازن يحبني حقا ؟ . طوال تلك السنتين الماضيتين لم يكن قريبا مني ولم يكن يعاملني سوى كزميلة له و لم أكن اتوقع ابدا بأن القدر سيجمعنا بتلك الطريقة الغريبة و لكني مخطئة فهو يحبي و يريدني و إلا لما جاء هو و أهله لخطبتي و أنا لا يهمني شيء يكفيني بأنه سيصبح ملكي لي وحدي و أنا سأكون زوجته و سأعيش معه للابد و سأخبر العالم كله بأن هذا الرجل هو حبيب قلبي و أهم شخص في كل حياتي " .
صدمت عندما قرأت تلك السطور التي تحمل بين مفرادتها آمال رغد حول علاقتنا . الآن فهمت لماذا ذهبت و تركتني ومعنى تلك النظرة في عينيها التي لن انساها ابدا نظرة حملت الألم التعاسة و الخيبة و كأنها تقول لي انظر ما الذي فعلته بي… أنا لن أسامحكَ ابدا ابدا .
بينما كنت أحدث نفسي رأيت الطبيب يخرج من غرفة العمليات سألته بلهفة :" أيها الطبيب أرجوك أخبرني كيف حالتها الآن ، هي بخير صحيح ؟" فأجابني بهدوء : "أنا أسفٌ جدا لقد حاولنا أنا و زملائي انقاذها إلا أن جسدها كان محطم تماما و لا أمل في شفائها يؤسفني أن اقول بأنها لن تعيش طويلا و لكن قلبها ما يزال يعمل لذلك اضطررنا لأخذه لأن مريضة أخرى كانت تحتاجه " .
إحساس فظيع لم اشعر به من قبل أحسسته في تلك اللحظة إحساس فظيع لن استطيع أن اصفه بالكلمات مهما حاولت كنت كمن توقف عن التنفس و كأن روحي أنا من سلبت و ليس روح رغد البريئة . شعرت بالذنب بالتعاسة بالقهر بالحزن الشديد والألم يعتصر قلبي و روحي يدمرني خاصة عندما علمت أن المريضة التي نجت
و ستعيش بقلب رغد هي ………..
مريم
ما أصعب أن يكون حبك أسير قلبك ……!
تمت و الحمد لله

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.