على لَحنِ الكَمان ♫
كان يأتي كُلَ شتاءٍ يشدو بألحانِ كمانِه , يكسو القرَسَ بطمأنينة دافِئة..
ينغمِس بكُلِ أحاسيسه ويتغنى طرِباً .. يمِيلُ بجسدِه مع لحنٍ أنيق فينسدِل شعره البُني بانسِجام , مُسبِلاً جفنيه غير معقود الحاجبين يعزِف بأريحيه كمن يروي حكاية .. واقِفاً على الرصيف غير آبِه بتساقُط الثلج في هدوءٍ كما النوتات التي كونها.. لفَت انتِباه المارّة فتحلّقوا حولَه ليحتويهم عالمه ذا النغم الراقي.. دقائقٌ فردوسية نسَجَ فيها سمفُونيته الملائكية , فرضَت علينا الاستِماع بصمت حتى إذا أعلَن عنِ النهاية بانحِناءة تعالى التصفيق حوله مُتزامِناً مع عُملاتٍ نقدِية لمعَت تحت ضياءِ البدر لِلحظة قبل أن تستقِر في قُبعته على الأرضية البيضاء..
وجدتُني أترقّبُ الليل لأتغنى بترانِيمه من عند نافِذة غُرفتي
وكُلما اشتدّ البرد قلّ عددُ من يُصغِي إليه .. حتى لم يبقَ حوله إنسي كان يعزِف وحِيداً يكتنِف الدِفء , ويتبنى الأُنس.. يشمل كُل إحساسٍ يُبهِج الفؤاد في مقطوعته..
ذات يوم انتصبتُ أمامه لألحظ عن قُربٍ كم بدا ملائكي المظهر تابَع العزف دون انتِباه لوجودي.. وحين فتَح عينيه حيّيته باسِمة ولم أجِد منه إجابة سوى أن رحَل يسبقه صمته..
بخطواتٍ رتيبةَ تركَت أثرها على الأرض مشى
لأهتِف مُبدية إعجابي بعزفه , رفرف قلبي حين التفت إليّ مع نظرةٍ لينة من عينيه البُندقيتين , ثم رسَم ابتِسامة لم أرَ ما يفوقها جمالاً قط.. بعدها غدوتُ مُستمِعه الوحِيد , حتى إذا رحَل الشِتاء مضى برفقته.. وداوَمتُ انتِظار البردِ بأنفاسٍ محبوسة أتخوفُ من أن يمضي عليّ شتاءٌ دون أن أبصِر العازِف ليحتويني بلحنِه.. عازِفُ الكمان .. ضيفُ الشتاء .. زائرُ الليل..
|
التصنيفات