التصنيفات
قصص قصيرة

الأنف المعكوف قصة جميلة

…أخيراً حل الصمت في هذا المنزل العجيب وساد الظلام الدامس أرجاء المكان"قالها وهو يتنفس الصعداء " , ما أجمل أن أعود مرة أخرى لعالمي المفقود حتى ولو للحظات قصيرة لولا هذا السرير الذي يتأرجح ليل نهار وتسبب في إصابتي بصداع لا شفاء منه , وكم صرخت على هؤلاء الملاعين طالباً النجدة لكن لا أجد سوى الضحكات الماجنة والقبلات الهستيرية تمتص رحيق وجنتاي ! .
ولكن لما لا يكون كابوساً أعيش فيه وليس حقيقة ,وعندما أصحو غداً أجدني مرة أخرى في محرابي الأثير ووحدتي الهادئة ,أتابع تأملاتي في بلورتي المسحورة .. مازلت أتذكر ذلك اليوم جيداً على الرغم من الصعاب التي قابلتها ,عندما شعرت بشئ ما يجذبني بعنف للخارج وحاولت مقاومته ملياً لكن خارت قواي مرة واحدة واستسلمت لمصيري المجهول وسرعان ما شعرت بهالة من الضوء الشديد تغمرني فأغمضت عيني دون إرداةٍ مني .
شعرت بقيود خفية تشل حركتي ويدٍ تنتشلني من قدماي كالذبيحة , أفتحت عيني بصعوبة لأجد ذلك المجنون ذو الرداء الأبيض وقد أشبعني ضرباً حتى أصبح جسدي مثل قطعة اللحم المفري والغريب أن الكل كان يضحك حتى نزلت دموع بعضهم من فرط السعادة !
لحظة واحدة تغيرت بها معالم حياتي , كنت سيد نفسي والآن صرت أضحوكة الجميع هنا ! كلما رآني أحدهم انفجر في الضحك ,ويا ليتها وقفت عند ذلك الحد بل استخدموا معي كافة أنواع التعذيب والقهر , خاصة تلك الليلة المشئومة والتي انتهت منذ قليل , فهذه السيدة العجوز ذات البشرة السمراء بأسنانها اللامعة والتي شعرت معها بألفة في بادئ الأمر واحتضنتني برفق مما جعلني أستأنس بها وأحتمي فيها لا أدري ماذا أصابها هي الأخرى ! فلقد وضعتني في آنية ضخمة كلها أسلاك شائكة ما إن لامست جسدي حتى صرخت من شدة الألم ولم تكتف بذلك فقط تلك الشريرة بل دفعتني بكل قوتها عالياً حتى كادت أنفاسي أن تتوقف من قلة الهواء , ثم ارتطمت ارتطامة قوية شعرت بعدها بدوار شديد وأنا استغيث كي ينقذني أحدهم ولكن لا حياة لمن تنادي وضاع صراخي أدراج الرياح حتى دموعي لم تشفع لي عندهم ! وعندها اقتربت منها رأيتها على حقيقتها البشعة بوجهها الذي وقع من فوق تبة عالية حتى صار كثير المنحنيات والتعاريج , ويبدو أنها لاحظت نفوري فحاولت عقابي مرة أخرى وأحضرت مبخرة عظيمة تتصاعد منها ألسنة النار فقلت في نفسي هي النهاية
كابن ماشطة فرعون الذي سيأمرني بأن أعود إلى دين آبائي وأجدادي ! .
لايوجد غير هذه السيدة النائمة في وداعة من تفهمني في ذلك العالم وأشعر وكأني أعرفها من قبل برائحتها المميزة ,العيب الوحيد فيها هو ذلك الرجل النائم بجوارها بصوته المزعج والأشواك القاتلة التي يخفيها أسفل أنفه المعكوف والذي يصر دائماً على تقبيلي عنوة حتى تخترق أشواكه وجهي ثم يقذفني في الهواء عدة مرات حتى تكاد ضلوعي أن تنفصل عن بعضها البعض لولاها هي تسرع بالتقاطي وانقاذي منه ونظرات الغضب تتطاير منها .
يالها من مفارقة مضحكة ليلهم نهاري ونهاري ليلهم , وكما يصرون على ازعاجي في نومي فها أنا أزعجهم بصراخي مثلهم كل ليلة وأجعلهم يصرخون من الغيظ وهذا أسعدني كثيراً أني استطعت أن أعرف بعض نقاط ضعفهم ولكن الليلة فأنا متعب للغاية وأريد أن أصحو غداً فأجد نفسي في عالمي مرة أخرى .
… يا الهي , هل يتكرر الكابوس مرة أخرى ! إنه نفس الرجل ذو الرداء الأبيض ويمسك مقصاً وينظر إلىّ نظرات غير مفهومة ويتجه به نحو… نحو ! هل تصل الوحشية إلى هذه الدرجة ..لا أرجوك ابتعد عني كفاني ما لاقيته في عالمكم الشرير .. وصرخت بشدة حتى سالت الدماء مني بغزارة وهالة الضوء تختفي رويداً والظلام يعود بطيئاً , لكن العجيب أني لم أجد هذه المرة من يضحك علىّ|, بل رأيت دموع السيدة الرقيقة والأغرب دموع صاحب الأنف المعكوف !

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.