( بوحُ البرآءة )
عند طرف البلدة، وفي متجر صغير لبيع المواد الغذائية، يملكه صديقي (أحمد)…
دخلت عليه وألقيت السلام..
أحمد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، كيف حالك يا (سعيد)، عذراً قبل أن تجلس هل تتكرم بإيصال (محمد) إلى بيته؟ إنه قريبٌ جدا؟
(نظرت فإذا بطفلٍ صغيرٍ لم يتجاوز الثامنة من عمره، يكاد شدقه أن يتمزق من الابتسامة، وهو يحمل بين يديه قطعة كبيرة من اللحم وبجواره بعض المواد الغذائية)
بادلته الابتسامة، ثم قلت: حسنا، حسنا، سأوصله، كيف حالك يا ( محمد ) ؟
أجاب ببراءة: الحمد لله، الحمد لله كثيييير.
تعجبت من رده، ثم ساعدته في حمل أغراضه، وأوصلته إلى بيته، وما إن اقتربنا من البيت حتى نادى بأعلى صوته: يا زهرة؟ زهرة؟
خرجت بنت صغيرة – تكبره قليلاً – واقتربت منا وهي تمشي على استحياء: نعم ماذا تريد
يا محمد ؟ وما هذا الذي بين يديك؟!
محمد: إنه رزق من ربنا، تذكري وصية أمي ( لا تقربوا من الحرام، يرزقكم الله الحلال ).
ساعدته زهرة في إنزال الأغراض… نزل الطفل ونسي أنني أوصلته، ولم يلتفت إليّ، وحين تذكر صرخ من بعيد: شكراً يا عم، شكراً.. الله يدخلك الجنة…
قلت: آمين… !!
ورجعت إلى صديقي أحمد، وكلي شوق لمعرفة قصة هذا الطفل العجيب..
خاطبته: أحمد؟
فأجاب: لبيك..
سعيد: أخبرني ما هي قصة هذا الطفل؟ ولماذا هو مسرور إلى هذه الدرجة؟
أحمد ( وهو يتنهد ): اجلس، اجلس، وأنا أخبرك..
ثم تابع كلامه: كنت جالساً عند طاولة المحاسبة، وهي مرتفعة قليلاً كما ترى، ودخل هذا الطفل إلى المحل ولم أنتبه له، ثم سمعت صوتاً يناديني: يا عم… يا عم…!!
وقفت.. فرأيت طفلا تحمل ملامح وجهه جبالاً من الهم، فقلت له: من أنت يا بُني؟ وماذا تريد؟
فقال( بكل براءة): أنا محمد..
فقلت له: مرحبا بك يا محمد، وماذا تريد؟
فقال ( وبدون أي مقدمات): أنا أسكن بجواركم، توفيت أمي، وأبي مقعد، ولي أخوات بنات، ولنا ثلاثة أيام لم نأكل، هيا.. هيا.. تدبر أمري؟
تلعثمت الحروف على شفتي، وتمالكت نفسي، وبدون مقدمات أيضاً، أخرجت قطعة كبيرة من اللحم، وجمعت له بعض المعلبات من المواد الغذائية، وقلت له: خذ هذه… هل تكفيكم؟
فأجاب( بنفس البراءة ): يا الله.. والله كثييير، ولا أقدر أن أحملها!
وحينها دخلت أنت علينا…
أطرقت قليلاً، وغلبتني دمعة دفينة… ثم حمدت الله على نعمائه…
*******************************************
حامد كابلي
عند طرف البلدة، وفي متجر صغير لبيع المواد الغذائية، يملكه صديقي (أحمد)…
دخلت عليه وألقيت السلام..
أحمد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، كيف حالك يا (سعيد)، عذراً قبل أن تجلس هل تتكرم بإيصال (محمد) إلى بيته؟ إنه قريبٌ جدا؟
(نظرت فإذا بطفلٍ صغيرٍ لم يتجاوز الثامنة من عمره، يكاد شدقه أن يتمزق من الابتسامة، وهو يحمل بين يديه قطعة كبيرة من اللحم وبجواره بعض المواد الغذائية)
بادلته الابتسامة، ثم قلت: حسنا، حسنا، سأوصله، كيف حالك يا ( محمد ) ؟
أجاب ببراءة: الحمد لله، الحمد لله كثيييير.
تعجبت من رده، ثم ساعدته في حمل أغراضه، وأوصلته إلى بيته، وما إن اقتربنا من البيت حتى نادى بأعلى صوته: يا زهرة؟ زهرة؟
خرجت بنت صغيرة – تكبره قليلاً – واقتربت منا وهي تمشي على استحياء: نعم ماذا تريد
يا محمد ؟ وما هذا الذي بين يديك؟!
محمد: إنه رزق من ربنا، تذكري وصية أمي ( لا تقربوا من الحرام، يرزقكم الله الحلال ).
ساعدته زهرة في إنزال الأغراض… نزل الطفل ونسي أنني أوصلته، ولم يلتفت إليّ، وحين تذكر صرخ من بعيد: شكراً يا عم، شكراً.. الله يدخلك الجنة…
قلت: آمين… !!
ورجعت إلى صديقي أحمد، وكلي شوق لمعرفة قصة هذا الطفل العجيب..
خاطبته: أحمد؟
فأجاب: لبيك..
سعيد: أخبرني ما هي قصة هذا الطفل؟ ولماذا هو مسرور إلى هذه الدرجة؟
أحمد ( وهو يتنهد ): اجلس، اجلس، وأنا أخبرك..
ثم تابع كلامه: كنت جالساً عند طاولة المحاسبة، وهي مرتفعة قليلاً كما ترى، ودخل هذا الطفل إلى المحل ولم أنتبه له، ثم سمعت صوتاً يناديني: يا عم… يا عم…!!
وقفت.. فرأيت طفلا تحمل ملامح وجهه جبالاً من الهم، فقلت له: من أنت يا بُني؟ وماذا تريد؟
فقال( بكل براءة): أنا محمد..
فقلت له: مرحبا بك يا محمد، وماذا تريد؟
فقال ( وبدون أي مقدمات): أنا أسكن بجواركم، توفيت أمي، وأبي مقعد، ولي أخوات بنات، ولنا ثلاثة أيام لم نأكل، هيا.. هيا.. تدبر أمري؟
تلعثمت الحروف على شفتي، وتمالكت نفسي، وبدون مقدمات أيضاً، أخرجت قطعة كبيرة من اللحم، وجمعت له بعض المعلبات من المواد الغذائية، وقلت له: خذ هذه… هل تكفيكم؟
فأجاب( بنفس البراءة ): يا الله.. والله كثييير، ولا أقدر أن أحملها!
وحينها دخلت أنت علينا…
أطرقت قليلاً، وغلبتني دمعة دفينة… ثم حمدت الله على نعمائه…
*******************************************
حامد كابلي