عزيزي القارئ:
لا نبالغ حينما نقول أننا نعيش في عصر تكثر فيه الاضطرابات العائلية والنفسية وحالات التفكك الأسري وأحيانًا الطلاق، والخيانة الزوجية إلا من رحم ربي والله سبحانه وتعالى لا يريد لنا هذه الحياة البائسة، وعلى الزوجين من جانبهما حماية حياتهما الزوجية من الأعاصير، ويتطلب ذلك منهما أن يستخدما كل مهاراتهما للإبقاء على سعادتهما الزوجية والحفاظ على الصورة والحلم الذين كانا يطمحان إليه منذ بداية الزواج. والحفاظ على ما يسمى بالجاذبية الزوجية [الجنسية].
الجاذبية الجنسية:
إن الجاذبية الجنسية سرًا هامًا من أسرار السعادة الزوجية، فقد خلق الله تعالى في الرجل والمرأة الدافع الجنسي، فجعل في الرجل شوقًا وحنينًا إلى المرأة، وجعل في المرأة رغبة وتطلعًا إلى الرجل فقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21].
ولولا هذه الجاذبية الجنسية التي أودعها الله في البشر لما كان هناك تزاوج وتناسل ولانقرض النوع البشري.
ولقد تناول القرآن الكريم العلاقة الجنسية السامية بطريقة مبسطة وبكلام رقيق ليس فيه خدش للحياء أو إخفاء للحقائق، يقول تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]، {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ. إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ} [المؤمنون: 5، 6].
ومن الملاحظ أنه حينما تشتد الأزمات بين الأزواج، ويظهر الكارهون والكارهات من الأزواج والزوجات فإن أكثر الأسباب تكون غالبًا وراءها مشكلات عاطفية أو جنسية أو هما مجتمعتين. ولكن الحياء يغلب على المرأة فيمنعها أن تعلن الحقيقة فتصطنع أسبابًا أخرى لا تصلح سببًا لهدم العلاقة الزوجية… ثم تتعقد النفوس وتستعصي المشكلات ويحاول الناس علاجها ظاهريًا ويبقى أصل الداء يعمل في المجتمع.
ولقد عنيت شريعة الإسلام عناية فائقة بهذه العلاقة بين الزوجين وحددت لها المنهاج الناجح، ومع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أشد حياءً من العذراء في خدرها، إلا أنه تكلم عليه الصلاة والسلام في مسائل العلاقة الجنسية بين الزوجين وأجاب السائلين عنها رجالاً ونساءً، ولم يكن من حيائه ولا ورعه أن يغلق هذا الباب في وجه من يسأل وهذا ثابت بالأحاديث الصحيحة.
لماذا الجاذبية الجنسية؟
إن نظرة الإسلام إلى الجنس نظرة شمولية تستند إلى الإحاطة الكاملة بطبيعة الإنسان {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14]، وتهدف إلى تحقيق التوازن والانسجام في إشباع الدوافع الجنسية. فلم يسمح باختزان الطاقة الجنسية للفرد مدى الحياة كمن نهج منهج الرهبانية لأن الحياة لا تستقيم من دونها، وجعل المتعة الجنسية وسيلة لبناء الأسرة واستمرار النوع البشري والتكاثر؛ لأنه لولا المتعة الجنسية بين الرجل والمرأة وذلك لا يكون إلا في مؤسسة الزواج الشرعي لانصرف الرجل وانصرفت المرأة عن الزواج، وبالتالي توقف النوع البشري عن التكاثر ومن ثم انقرض النوع البشري.
لماذا هذه المقدمة عن الجاذبية الجنسية؟
بالرغم من عصر التقدم الذي نعيشه إلا أن هناك جاهلية جنسية يعيشها بعض الأزواج، ويشكو بعض الأزواج والزوجات بخصوص علاقتهما الخاصة. فهناك من الأزواج من يطلب من زوجته أن تتحدث معه بكلام غزلي فترفض، وهناك من يطلب من زوجته أن ترقص له فترفض، وهناك من يطلب من زوجته أن تلبس له لباسًا معينًا فترفض، كل هذا تحت عنوان ‘الحياء’، وهي لا تعلم أن هذا الحياء مزيف وفي غير موضعه؛ لأن رسولنا الكريم وصف ورغّب فيه, وطلب المرأة التي تمتلك صفة ‘تداعبك’ و’تلاعبك’ من النساء، ويدخل في ذلك كله طريقة اللبس، والعطور، والحركات والكلمات والإشارات والإيماءات وكل وجوه الجاذبية والتفنن في إشباع الحواس والفؤاد، والطبيعي أن الرجل هو صاحب المبادرة والتجديد في العلاقة الزوجية ولكن أيضًا دور المرأة بنفس مستوى دور الرجل من الإقبال والتشويق والإغراء والجاذبية , وإذا لم تتوافر هذه الجوانب لا نحزن إذن عندما يندفع بعض الأزواج إلى الخيانة الزوجية وليس هذا مبررا بالطبع ولكنها شكوى وملاحظة بعض الأزواج ولكم يكره الزوج أن يظل ملحا على زوجته أن تتزين له وتتهيأ له مرة تلو الأخرى ولا فائدة إنه بعد فترة يسكت على امتعاض ولولا بقية من دين وحياء من الخطيئة لنظرت العين إلى الخارج.
عزيزي القارئ:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث عند عودته من السفر من يخبر أهل المدينة بقدومهم… لماذا ؟
حتى تمتشط الشعثاء وتستعد المغيبة، ولقد كان الرسول يوصي أصحابه ألا يدخلوا على أهليهم بليل حتى لا يروهم إلا في أحسن هيئة ومظهر، ودائمًا تظهر الزوجة أمام زوجها بجاذبيتها وجمالها.
كل هذا الفقه العظيم عندنا في التأكيد على التبرج الزوجي والجاذبية الزوجية بحاجة اليوم إلى أن يظهر من جديد بدءًا من تلاعبها وتلاعبك، وانتهاءً بالنصوص القرآنية ومنها قوله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: 187]؛ لأن اللذة بين الزوجين مشتركة وهامة.