ولد فرانسوا ماري أرويه في باريس، وكان الأخ الأصغر لخمسة من الأطفال ، والطفل الوحيد الذي عاش منهم – ولدوا لوالده الذي كان يدعى فرانسوا أرويه – الذي ولد في عام 1650 وتوفي في يناير من عام 1722. وكان يعمل موثقًا عامًا وموظفًا رسميًا صغيرًا في وزارة المالية. وكانت والدته هي ماري مارجريت دومارت (التي امتدت حياتها تقريبًا منذ عام 1660 وحتى الثالث عشر من شهر يوليو من عام 1701)، وكانت تنحدر من أصول نبيلة تنتمي لمقاطعة بواتو. وتلقى فولتير تعليمه في إحدى مدارس اليسوعيين؛ وهي مدرسة Collège Louis-le-Grand حيث تعلم اللغة اللاتينية، كما أصبح في فترة لاحقة من حياته بارعًا في اللغتين الإسبانية والإنجليزية
وعندما أنهى فولتير دراسته، كان قد عقد العزم على أن يصبح كاتبًا بالرغم من أن والده كان يريد أن يصبح ابنه محاميًا. ولكن فولتير الذي تظاهر بأنه يعمل في باريس في مهنة مساعد محامِ كان يقضي معظم وقته في كتابة الشعر الهجائي. وعندما اكتشف والده الأمر أرسله لدراسة القانون؛ ولكن هذه المرة في المقاطعات الفرنسية البعيدة عن العاصمة. ولكن فولتير استمر في كتابة المقالات والدراسات التاريخية التي لم تتصف دائمًا بالدقة على الرغم من أن معظمها كان دقيقًا بالفعل. وأكسبه الظرف الذي كانت شخصيته تتصف به شعبية في دوائر العائلات الأرستقراطية التي كان يختلط بها. واستطاع والد فولتير أن يحصل لابنه على وظيفة سكرتير السفير الفرنسي في الجمهورية الهولندية حيث وقع فولتير في هوى لاجئة فرنسية تدعى كاثرين أوليمب دانوير. وأحبط والد فولتير محاولتهما للفرار معًا والتي ألحقت الخزي به، وتم إجبار فولتير على العودة إلى فرنسا مرةً أخرى. وفي بداية العشرينات من عمر فولتير – اشترك في المؤامرة المعروفة تاريخيًا باسم Cellamare conspiracy والتي تزعمها الكاردينال جيوليو ألبروني ضد فيليب الثاني؛ دوق أورليون والذي كان وصيًا على عرش الملك الصغير لويس الخامس عشر؛ ملك فرنسا (وكان الهدف من المؤامرة نقل الوصاية على العرش إلى ابن عم فيليب الثاني، وعم الملك الصغير – ملك إسبانيا؛ فيليب الخامس). وبحجة كتابته لبعض الأشعار الهجائية عن الأرستقراطية، والتي كان منها ما تعرض لشخص Régent (الوصي على العرش)، تم الحكم على فولتير بالسجن في سجن الباستيل لمدة أحد عشر شهرًا. وفي فترة سجنه في الباستيل، قام بكتابة أول أعماله المسرحية – Œdipe – (أوديب). وكان نجاح هذه المسرحية هو أول ركائز شهرته الأدبية.
ويعتبر اسم "فولتير" الذي اتخذه الكاتب في عام 1718 كاسم قلمي مستعار وكاسم يستخدمه في حياته اليومية
نوعًا من أنواع الجناس التصحيفي وهي الطريقة التي يتم بها هجاء لقبه – Arouet – باللغة اللاتينية مضافًا
إليها الحروف الأولى من اللقب le jeune (الأصغر). وللاسم صداه في الترتيب العكسي لمقاطع اسم
château (قصر ريفي عائلي) في مقاطعة بواتو. وهو القصر الذي كان يطلق عليه اسم Airvault. ويعتبر
الكثيرون أن اتخاذه لاسم "فولتير" الذي جاء بعد الفترة التي تم فيها احتجازه في سجن الباستيل علامة على
انفصاله الرسمي عن عائلته وماضيه.
ويؤيد ريتشارد هولمز – المؤلف البريطاني والباحث في السير الذاتية لأعلام الحركة الرومانسية في بريطانيا وفرنسا
– هذا الرأي عن مصدر اشتقاق الاسم، ولكنه يضيف إن كاتبًا مثل فولتير قد اتخذ هذا الاسم أيضًا لما له من معنى
ضمني يوحي بالسرعة والجرأة. هذا المعنى الذي يأتي من اقتران الاسم بكلمات مثل: voltige (الألعاب
البهلوانية التي يتم أداؤها على أرجوحة البهلوان أو الحصان)، وvolte-face (الالتفاف لمواجهة الأعداء)،
وvolatile (وهي الكلمة التي تشير أساسًا إلى أحد المخلوقات المجنحة). ولم يكن لقب "Arouet" اسمًا من
أسماء النبلاء ليناسب شهرته التي كانت قد بدأت في التزايد خاصةً وأن للاسم صداه في كلمات مثل: à rouer
(الجلد بالسوط) وroué (بمعنى الفاسق).
وفي فبراير من عام 1778، عاد فولتير للمرة الأولى خلال العشرين عامًا الأخيرة إلى باريس – مع آخرين – ليشهد افتتاح آخر أعماله التراجيدية وهي مسرحية Irene. وكان السفر الذي استغرق خمسة أيام شاقًا للغاية على العجوز الذي كان يناهز الثالثة والثمانين من عمره. واعتقد فولتير إنه على شفا الموت في الثامن والعشرين من فبراير، فكتب: "أنا الآن على شفا الموت وأنا أعبد الله، وأحب أصدقائي، ولا أكره أعدائي، وأمقت الخرافات." وبالرغم من ذلك، فقد تماثل للشفاء وشهد في شهر مارس عرضًا لمسرحيته Irene تم استقباله خلاله استقبال البطل الذي عاد أخيرًا إلى وطنه. ولكن، سرعان ما مرض فولتير ثانيةً وتوفي في الثلاثين من مارس في عام 1778. وفي لحظات احتضاره على فراش الموت، عندما طلب منه القسيس أن يتبرأ من الشيطان ويعود إلى إيمانه بالله، يقال أن إجابته كانت: "لا وقت لدي الآن لأكتسب المزيد من العداوات." ويقال أيضًا إن كلماته الأخيرة كانت: "كرمى لله، دعني أرقد في سلام."وبسبب انتقاده المعروف للكنيسة الذي رفض أن يتراجع عنه قبل وفاته، لم يتم السماح بدفن فولتير وفقًا للشعائر الكاثوليكية. وعلى الرغم من ذلك، فقد تمكن اصدقاؤه من دفن جثمانه سرًا في إحدى الكنائس الكبيرة في مقاطعة شامباين المعروفة باسم Scellières قبل أن يتم الإعلان رسميًا عن قرار منع الدفن. وقد تم تحنيط قلبه ومخه بشكل منفصل. وفي يوليو من عام 1791، اعتبرته الجمعية الوطينة الفرنسية (the National Assembly) واحدًا ممن بشروا باندلاع الثورة الفرنسية، وتمت استعادة رفاته للاحتفاظ بها في البانثيون – مقبرة عظماء الأمة – تكريمًا له.
في سنوات عمره المبكرة، ظهرت موهبة فولتير الشعرية وكانت أول أعماله المنشورة من الشعر. وكتب فولتير
قصيديتين طويلتين؛ وهما Henriade و The Maid of Orleans بالإضافة إلى العديد من المقطوعات
الشعرية الأخرى الأصغر حجمًا.
وكانت قصيدة The Henriade مكتوبة بشكل يحاكي أعمال فيرجيل مستخدمًا في كل مقطع يتكون من بيتين ذلك
النمط من الأوزان الشعرية المعروف باسم Alexandrine والذي أدخل عليه بعض التعديلات التي جعلته مملاً
ولك من أجل أن يناسب الصياغة الدرامية للعمل. وافتقرت القصيدة التي كتبها فولتير إلى الحماس للموضوع
وفهمه؛ وهما الأمران اللذان أثرا سلبًا على جودة القصيدة.
أما القصيدة المعروفة باسم La Pucelle فهي – على الجانب الآخر – عمل محاكاة ساخر هاجم فيه فولتير بعض
المفاهيم الدينية والتاريخية.
وتعتبر أعمال فولتير الأخرى – ثانوية الأهمية – بوجه عام أفضل من هذين العملين من الناحية الفنية.
الكثير من أعمال فولتير التي صاغها على هيئة النثر والقصص النثرية الخيالية – والتي جاءت عادةً على هيئة
كتيبات – إلى فن الجدل والمناظرة.
كانت قصته المعروفة باسم Candide تهاجم التفاؤل الديني والفلسفي بينما كان عمله المعروف باسم L’Homme aux quarante ecus يهاجم بعض الأساليب الاجتماعية والسياسية التي كانت سائدة في ذلك العصر. أما رواية فولتير المعروفة باسم Zadig وغيرها من أعماله، فقد هاجم فيها الأفكار التي يتم تناقلها عبر الأجيال والخاصة بالقيم والمبادئ التي تقوم عليها العقيدة الأرثوذكسية بينما كان هدفه من كتابة بعض هذه الأعمال هو السخرية من الكتاب المقدس . وفي هذه الأعمال، يتضح أسلوب فولتير الساخر – البعيد عن المبالغة – ويتضح بوجه خاص التحفظ والبساطة في المعالجة اللفظية لهذه الأعمال. ويمكن اعتبار أن روايته القصيرة Candide بوجه خاص هي أفضل النماذج على أسلوبه الأدبي. ولفولتير الفضل – مثلما هو الحال مع جوناثان سويفت – في تمهيد الطريق في دنيا الأدب لاستخدام السخرية الفلسفية في أدب الخيال العلمي خاصةً في قصته القصيرة المعروفة باسم Micromégas
الدين
بالرغم من الاعتقاد الخاطئ للبعض في أن فولتير كان ملحدًا، فقد كان في حقيقة الأمر يشترك في الأنشطة الدينية كما قام ببناء كنيسة صغيرة في ضيعته التي اشتراها في فيورني. ويكمن السبب الرئيسي في هذا الاعتقاد الخاطئ في أحد الأبيات التي وردت في قصيدة له
(لن اذكر اسمها لان فيها اسائة )
كحال الكثيرين من الشخصيات البارزة التي عاشت أثناء عصر التنوير الأوروبي، اعتبر فولتير نفسه مؤمنًا بمذهب الربوبية. فقد كان لا يعتقد في أن الإيمان المطلق بالله يحتاج إلى الاستناد على أي نص ديني محدد أو فردي أو على أي تعاليم تأتي عن طريق الوحي. وفي حقيقة الأمر، كان كل تركيز فولتير ينصب على فكرة أن الكون قائم على العقل واحترام الطبيعة؛ وهي الفكرة التي عكست الرأي المعاصر له والذي كان يعتقد في وحدة الوجود. وقد نالت هذه الفكرة حظًا وافرًا من الرواج بين الناس خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر وكتب لها الاستمرار في الوجود في شكل من أشكال الربوبية المعروفة في عصرنا الحالي باسم "Voltairean Pantheism" "وحدة الوجود من منظور فولتير."
#
وصف فولتير الرسول محمد بأنه رسول "ديانة تتسم بالحكمة والصرامة والعفاف والإنسانية". كما تحدث عنه كالتالي: "واضع شريعة المسلمين رجل رهيب ذو سطوة استطاع أن يفرض تعاليمه على اتباعه بالاستبسال في القتال وبحد السيف"." وقال مخاطباً رجال الدين في الكنسية: "لقد قام الرسول بأعظم دور يمكن للإنسان أن يقوم به على الأرض وإن أقل مايُقال عن محمد أنه قد جاء بكتاب وجاهد، والإسلام لم يتغير قط أما أنتم ورجال دينكم فقد غيرتم دينكم عشرين مرة
فولتير مدح بالدين الاسلامي لكن باقي الكتاب اتهموه بالكذب والبهتان على الدين
|تمثال نصفي لفولتير من إبداع النحات الفرنسي – جان انطوان هودون – الذي ينتمي إلى المدرسة الكلاسيكية الحديثة
تم إطلاق اسم فيورني-فولتير على بلدة فيورني التي قضى فيها فولتير العشرين عامًا الأخيرة من حياته تخليدًا لذكرى أشهر من عاش فيها. أماقصره الريفي فقد تحول الآن إلى متحف.
وتم الحفاظ على المكتبة الخاصة بالأديب فولتير سليمة تمامًا في المكتبة الوطنية الروسية الموجودة في مدينة سان بطرسبرج في روسيا.
وفي عام 1916، وفي مدينة زيورخ قامت جماعة المسرح والأداء المسرحي – والتي شكلت فيما بعد بدايات الحركة الطليعية المعروفة باسم دادا (الدادانية) (حركة ثقافية انطلقت من زيورخ أثناء الحرب العالمية الأولى من أجل معاداة الحرب) – بإطلاق اسم Cabaret Voltaire على المسرح الذين يقدمون عروضهم فوق خشبته. وفي السنوات الأخيرة من القرن العشرين، قامت إحدى الفرق الموسيقية بإطلاق اسم ذلك المسرح على فرقتهم.
وتلعب شخصية فولتير دورًا مهمًا في سلسلة مكونة من أربعة روايات متعاقبة تاريخيًا بعنوان The Age of Unreason كتبها مؤلف قصص الخيال العلمي والفانتازيا الأمريكي Gregory Keyes
بيان بمؤلفات فولتير
الأعمال الرئيسية
1) مجموعة من المقالات التي صاغها فولتير على هيئة خطابات وهي Lettres philosophiques sur les Anglais وقد تم نشرها في عام 1733، وتم تعديلها تحت اسم Letters on the English (حوالي عام 1778)
2) العمل الشعري Le Mondain (الذي كتبه في عام 1736)
3) العمل الشعري Sept Discours en Vers sur lHomme (وكتبه فولتير في عام 1738)
4) رواية Zadig (وقد قام فولتير بكتابتها في عام 1747)
5) القصة القصيرة Micromégas (والتي كتبها فولتير في عام 1752)
6) الرواية القصيرة Candide (التي قام فولتير بكتابتها في عام 1759)
7) حكاية فلسفية بعنوانCe qui plaît aux dames (قام فولتير بكتابتها في عام 1764)
8)مجموعة المقالات التي تحمل عنوان Dictionnaire philosophique (والتي قام فولتير بكتابتها في عام 1764)
9) حكاية قصيرة هجائية بعنوان LIngénu (وقد قام فولتير بكتابتها في عام 1767)
10 ) الحكاية الفلسفية La Princesse de Babylone (التي قام فولتير بتأليفها في عام 1768)
والكثير الكثير من المقالات والاعمال الشعرية طوال فترة عمره
العلم كالأرض، لا يمكننا أن نمتلك منه سوى القليل القليل ~ فولتير