– تقف طالبة في الصف الثاني الاساسي في احدى المدارس الخاصة مدة خمس واربعين دقيقة – اي وقت حصة دراسية كاملة – على قدميها دون ان يسمح لها بالجلوس على مقعدها بالصف بسبب اصرار معلمتها على انزال هذا العقاب بها نتيجة حركتها الزائدة بالصف وازعاجها للمعلمة.
هذه الطالبة التي تعرضت لهذا النوع من العقاب ليست الوحيدة من الطالبات اللواتي يتعرضن بين الحين والاخر لانواع مختلفة من العقاب لا تتناسب واعمارهم وتترك اثارا سلبية عليهم.
فاحيانا أخرى قد تمنع طالبة اخرى من الذهاب لقضاء حاجتها كنوع آخر ايضا من العقاب واحيانا اسماع الطالبات كلمات نابية بالصف امور وسلوكيات لا تتناسب مع العملية التربوية خصوصا وان هناك من لا يزال يستخدم الضرب تجاه الطلاب كنوع من العقاب والتاديب. تصف ام لطالبة تعرضت ابنتها في الصف الثاني الاساسي لتوبيخ شديد من المعلمة امام زميلاتها بانها عادت البيت وهي تبكي بحرارة لانها سمعت من المعلمة كلمات قاسية حتى وصفتها بالغباء.
وتقول ان المعلمة قالت لزميلاتها بالصف ان لا يلعبن مع ابنتها لانها غير ملتزمة ونسيت كتابها مما ترك اثرا كبيرا عليها، حتى انه في وقت استراحة الطالبات رفضن الاقتراب منها او اللعب معها خوفا من المعلمة فقضت ابنتي هذا الوقت لوحدها وهي تبكي.
وتؤكد الام -التي فضلت عدم الاشارة لاسمها – ان هذا النوع من السلوكيات من قبل بعض المعلمات مؤذ جدا للأطفال فهو يجعلهم يكرهون المدرسة والمعلمة.
مشيرة الى ان ابنتها رفضت في اليوم التالي الذهاب للمدرسة الا برفقة والدتها التي قامت بالحديث مع المعلمة واعتبرت ان هذا العقاب لا يتناسب مع عمر ابنتها وامر غير صحي.
وشددت على ضرورة ان يتم اختيار المعلمة القادرة على التعامل مع الطلاب وتفهم اعمارهم وطرق عقابهم قبل النظر في موضوع كفاءة المعلم وقدرته على التدريس فالعملية التعليمية ليست فقط حروفا نتعلمها ونتقن كتابتها وقراءتها.
وبينت اخصائية تربية طفل الدكتورة اوجيني مدانات الى ان العقاب يجب ان يكون ايجابيا على الطفل لا ان تتم معاقبته باساليب سيئة تترك اثارا كبيرة ومؤذية على نفسيته.
وقالت ان الطالب قبل ان يتعرض للعقاب يجب ان يتم الحديث معه من قبل المعلم بحيث يفهم لماذا تعرض للعقاب وان ما قام به امر خاطىء، مشددة على اهمية ان يكون العقاب ملائما لعمر الطفل.
واشارت مدانات الى ان ايقاف الطالب حصة صفية كاملة امر مرفوض وغير مجد لان الطالب في مثل هذا العمر لا يفهم هذا النوع من العقاب وقد يكرر ما قام به من سلوك خاطىء لان الوقوف بالرغم من تعب للطالب وتاثيراته السلبية عليه الا انه غير مجد له كاداة للتعلم.
وبينت مدانات أن المعلم يجب ان يكون على دراية بنوعية العقاب الذي يستخدمه مع طلابه فمنع الطالب ايضا من الذهاب للحمام سلوك ضار جدا لانه يؤثر على صحة الطفل وقد يصيبه بامراض مختلفة اهمها التهابات الجهاز البولي عند الاطفال، مؤكدة على ضرورة ان يكون العقاب ان كان لا بد منه ايجابيا بان يطلب من الطالب على سبيل المثال القيام بنسخ احدى الدروس.
أبو زيد – أب لطفل في الصف الثالث اساسي – قال: في بداية العام الدراسي كان ابني يشكو من عدم السماح له للذهاب للحمام وعندما راجعت المعلمة اجابتني انه يطلب الذهاب اكثر من مرة، معتبرة ان هذا امر غير سليم.
واضاف:لقد اعتبرت راي المعلمة في مكانه وقمت بتوبيخ طفلي الا انه اخبرني في وقت لاحق ان المعلمة تمنعه من هذا الامر لانه يحادث زميله في الصف اثناء الحصة وانه يكون بحاجة للذهاب للحمام.
واشار الى انه قام بمراجعة المعلمة وطلب منها السماح له بالذهاب للحمام لانه لا يزال طفلا وان معاقبته يجب ان لا تكون بهذا الامر الا ان الوضع استمر بالرفض من قبل المعلمة بالرغم من تنبيهات الاب ما ادى الى اصابة الطفل بالتهابات في الجهاز البولي بسبب عدم ذهابه للحمام عند الحاجة وبقائه على هذا الامر حتى عودته للمنزل؟.
في هذ الصدد، قال استشاري تنمية بشرية الدكتور جواد فطاير ان الابناء يجب ان يدركوا معنى العقاب فترك الحرية الكاملة لهم دون عقاب امر غير صحي.
واضاف أن العقاب يجب ان ياتي متوزانا لا ان تتم المبالغة به ففي حالة وجود عقاب مبالغ فيه يترك اثارا سلبية على الطفل من الناحية الجسمية و النفسية قد لا نعي مخاطرها الا بعد فوات الاوان وبين فطاير ان ضرب طالب واحد يشكل الرعب في نفوس الطلاب الاخرين ويعزز مفهوم العنف المرفوض للأطفال بشكل خاص مشيرا الى ان العقاب يجب ان يحمل رسالة الى الطالب بالسلوك الخاطىء الذي قام به وان يسهم في تعديل سلوكه بطريقة ايجابية لا ان يؤثر سلبيا على نفسية الطفل.
وأوضح فطاير أن ايقاف طالب مدة زمنية معينة على قدميه دون ان يسمح له بالجلوس امر خاطىء واسلوب عقاب غير صحيح، مبينا ان اساليب العقاب هذه تعمل على كره الطالب للمدرسة وتسهم في تحطيم مفاهيم كثيرة في حياته كحبه للمدرسة واحترامه للمعلم.
واشار فطاير الى ان على المعلم ان يدرك ان عقاب طالب واحد بهذه الاساليب يعني عقاب الطلاب جمعيهم وبث مشاعر الخوف فيهم.
وبالرغم من تحذيرات الدكتور فطاير لمخاطر العقاب غير المدروس والملائم للطالب الا انه اكد على ضرورة تعليم الطفل من قبل اسرته على مفهوم احترام المعلم و الحفاظ على هيبته وتقدير دوره الاساسي في حياة الطالب خصوصا وان هذه القيم ان تجاوزها الطالب في مراحل دراسته الاولى سوف يعتاد الطالب على عدم احترام والديه ايضا.
كتبت – سهير بشناق