تأليف أبي عبد الله غريب بن عبد الله الأثري القسنطيني
غفر الله له
منزلةالرّد على أهل الأهواء والبدع في الدين:
أقول: قال الشيخ بكر أبوزيدفي رسالته (هجر المبتدع) :
…فإنه في حال من انفتاح ما كان يخشاه النبي صلى الله عليه وسلّم على أمته في قوله صلى الله عليه وسلّم"أبشروا وأملوا ما يسركم،فوالله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها،وتهلككم كما أهلكتهم"وانفتاح العالم بعضه على بعض، حتى كثرت في ديار الإسلام الأخلاط ،وداهمت الأعاجم العرب، وكثر فيهم أهل الفرق، يحملون معهم جراثيم المرض العقدي والسلوكي. وفي وسط من تداعي الأمم كما قال صلى الله عليه وسلّم:(يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق..) ، وأمام هذا : غياب رؤوس أهل العلم حيناً ، وقعودهم عن تبصير الأمة في الاعتقاد أحياناً، وفي حال غفلة سرت إلى مناهج التعليم بضعف التأهيل العقدي ، وتثبيت مسلمات الاعتقاد في أفئدة الشباب و قيام عوامل الصد والصدود عن غرس العقيدة السلفية و تعاهدها في عقول الأمة فى أسباب تمور بالمسلمين موراً ،يجمعها غايتان :
الأولى: كسر حاجز ( الولاء و البراء ) بين المسلم و الكافر ، و بين السني والبدعي ، وهو مايسمى في التركيب المولَّد باسم : ( الحاجز النفسي )، فيكسر تحت شعارات مضللة : (التسامح) ( تأليف القلوب )( نبذ الشذوذ و التطرف والتعصب ) ( الإنسانية )، ونحوها من الألفاظ ذات البريق ، و التي حقيقتها( مؤامرات تخريبية )تجتمع لغاية القضاء على المسلم المتميز وعلى الإسلام .الثانية : فُشو( الأمية الدينية )حتى ينفرط العقد وتتمزق الأمة، ويسقط المسلم بلا ثمن في أيديهم وتحت لواء حزبياتهم، إلى غير ذلك مما يعايشه المسلمون في قالب : ( أزمة فكرية غثائية حادة )أفقدتهم التوازن في حياتهم، و زلزلت السند الاجتماعي للمسلم(وحدة العقيدة )، كلٌّ بقدر ما علَّ من هذه الأسباب ونهل، فصار الدخل ، وثار الدخن وضعفت البصيرة، ووجد أهل الأهواء والبدع مجالا فسيحا لنثر بدعهم ونشرها ، حتى أصبحت في كف كل لافظ ، وذلك من كل أمر تعبدي محدث لا دليل عليه ( خارج عن دائرة وقف العبادات على النصومورده).
فامتدت من المبتدعة الأعناق ، وظهر الزيغ، وعاثوا في الأرض الفساد ، وتاجرت الأهواء بالآلاف من المسلمين وبالبلد من ديار بأقوام بعد أقوام،فكم سمعنا المسلمين يعتقدون طرقاً ونحلاً محاها الإسلام إلى آخر ما هنالك من الويلات ، التي يتقلب المسلمون في حرارتها، ويتجرعون مرارتها ، وإن كان أهل الأهواء في بعض الولايات الإسلامية هم: مغمورون، مقموعون، وبدعهم مغمورة مقهورة ، بل منهم كثير يؤوبون لرشدهم، فحمداًلله على توفيقه، لكن من ورائهم سرب يحاولون اقتحام العقبة ، لكسر الحاجز النفسي وتكثيف الأمية الدينية في ظواهر لايخفى ظهور بصماتها في الساحة المعاصرة وأمام العين الباصرة .
والشأن هنا في تذكيرالمسلم بالأسباب الشرعية الواقعية من"المد البدعي،واستشرائه بين المسلمين،والوعاء الشامل لهذه الذكرى":القيام بواجب الدعوة إلى الله تعالى على بصيرة ، والتبصير في الدين ، وتخليص المنطقة الإسلامية من شوائب البدع والخرافات والأهواء والضلالات،وتثبيت قواعد الاعتقاد السلفي المتميز على ضوء الكتاب والسنة في نفوس الأمة .
ومن أبرزمعالم التميز العقدي فيها، وبالغ الحفاوة بالسنة والاعتصام بها، وحفظ بيضة الإسلام عما يدنسها : نصب عامل " الولاء والبراء " فيها، ومنه : إنزال العقوبات الشرعيةعلى المبتدعة ، إذا ذكروافلم يتذكروا، ونهوا فلم ينتهوا، إعمالاً لاستصلاحهم وهدايتهم وأوبتهم بعد غربتهم في مهاوي البدع والضياع،وتشييداً للحاجز بين السنة والبدعة،وحاجز النفرة بين السني والبدعي، وقمعاً للمبتدعة ودعهم، وحجيماً لهم ولها عن الفساد في الأرض، وترب الزيغ في الإعتقاد، ليبقى الظهور للسنن صافية من الكدر، نقية من علائق الأهواء وشوائب البدع، جارية على منهاج النبوة وقفو الأثر ، وفي ظهور السنةأعظم دعوة إليها ودلالة عليها ، وهذا كله عين النصح للأمة .
فالبصيرة إذاًفي العقوبات الشرعية للمبتدع : باب من الفقه الأكبر كبير، وشأنه عظيم، وهو رأس في واجبات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،وأصل من أصول الاعتقاد بدلالة الكتاب والسنة والإجماع، ولهذا تراه بارز المعالم في كتب الاعتقاد السلفي " اعتقاد أهل السنة والجماعة " .
كل هذا تحت سلطان القاعدة العقدية الكبرى(الولاء والبراء)التي مدارها على الحب والبغض في الله تعالى ، الذي هو أصل الدين وعليه تدور رحى العبودية. مجلة البيان البدعية العدد [ 15 ] ص 11ربيع الآخر 1409 ديسمبر 1988وقال في كتابه الردّ على المخالف من أصول الإسلام ص57) : )
والذين يَلْوُون ألسنتهم باستنكار نقد الباطل وإن كان في بعضهم صلاح وخير، ولكنّه الوهن وضعف العزائم حينا، وضعف إدراك مدارك الحق والصّواب أحيانا، بل في حقيقته من التّولي يوم الزحف عن مواقع الحراسة لدين الله والذّب عنه،وحينئذ يكون الساكت عن كلمة الحق كالنّاطق بالباطل في الإثم.قال أبو علي الدّقاق :"الساكت عن الحق شيطان أخرس، والمتكلم بالباطل شيطان ناطق". و النبيّ صلى الله عليه وسلّم يخبر بافتراق هذه الأمّة إلى ثلاث وسبعين فرقة، والنّجاة منها لفرقة واحدة على منهاج النّبوّة، أيريد هؤلاء اختصار الأمّة إلى فرقة وجماعة واحدة مع قيام التّمايز العقديّ المضطرب؟!.
أم أنها دعوة إلى وحدة تصدِّع كلمة التّوحيد، فاحذروا.
وما حجّتهم إلا المقولات الباطلة:
لاتصدِّعوا الصفّ من الدّاخل!
لا تثيروا الغبار من الخارج!
لاتحرّكوا الخلاف بين المسلمين!
"نلتقي فيما اتّفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه!" وهكذا.وأضعف الإيمان أن يقال لهؤلاء:
هل سكت المبطلون لنسكت، أم أنهم يهاجمون الاعتقاد على مرأىومسمع، ويُطلب السّكوت؟اللهم لا…
ونُعيذ بالله كل مسلم من تسرّب حجّة اليهود، فهم مختلفون على الكتاب، مخالفون للكتاب، ومع هذا يظهرون الوحدة والاجتماع، وقد كذّبهم الله تعالى فقال سبحانه :" تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وقُلُوبُهُمْ شَتَّى"، وكان من أسباب لعنتهم ما ذكره الله بقوله" : كانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُنكَرٍفَعَلُوهُ."
ولهذا فإذا رأيت من ردّ على مخالف في شذوذ فقهيّ أو قول بدعيّ، فاشكر له دفاعه بقدر ما وَسِعه ، ولا تخذِّله بتلك المقولة المهينة ( لماذا لا يردّ على العلمانيّين؟! )، فالناس قدرات ومواهب، وردّ الباطل واجب مهما كانت رتبته، وكل مسلم على ثغر من ثغور ملّته ".)اه
و قال العلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في كتابه القيم (الارشاد الى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والالحاد ص 329- 332 مكتبة مصعب بن عمير ط 1443ه ):…موقف أهل السنة والجماعة من المبتدعة:
ما زال أهل السنة والجماعة يردون على المبتدعة وينكرون عليهم بدعهم و يمنعونهم من مزاولتها…ثم قال: …ولا يزال علماء المسلمين و الحمد لله ينكرون البدع و يردون على المبتدعة من خلال الصحف و المجلات والإذاعات و خطب الجمع و الندوات و المحاضرات، مما له كبير أثر في توعية المسلمين و القضاء على البدع و قمع المبتدعين…اه و قال الشيخ أبوبكر جابر الجزائري– حفظه الله في كتابه ( منهاج المسلم ص: 50-51دار الفكر ط1437ه:
1- لقد ثبت بالتجربة والمشاهدة أن المرض اذا أهمل ولم يعالج استشرى في الجسم،و عسر علاجه بعد تمكنه من الجسم واستشرائه فيه، وكذلك المنكر اذا ترك ولم يغيّرفإنه لايلبث أن يألفه و يفعله كبيرهم وصغيرهم، وعندئذ يصبح من غير السهل تغييره أو ازالته، و يومها يستوجب فاعلوه العقاب من الله، العقاب الذي لا يمكن أن يتخلف بحال،إذ انه جار على سنن الله تعالى التي لا تتبدل ولاتتغير: (سنة الله) الأحزاب62 (فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا ) فاطر(43
2- حصل بالمشاهدة أن المنزل اذا أهمل، ولم ينظف، ولم تبعد عنه النفايات و الأوساخ فترة من الزمان يصبح غير صالح للسكن،إذ تتعفن ريحه، ويتسمم هواؤه، وتنتشر فيه الجراثيم والأوبئة لطول ما تراكمت فيه الأوساخ، وكثرة ما تجمعت القاذورات،وكذلك الجماعة من المؤمنين إذا أهمل فيهم المنكر فلا يغير، والمعروف فلم يؤمر به لايلبثون أن يصبحوا خبثاء الأرواح شريري النفوس، لا يعرفون معروفا، ولاينكرون منكرا، ويومئذ يصبحون غير صالحين للحياة، فيهلكهم الله بما شاء من أسباب ووسائط، وان بطش ربك لشديد، والله عزيز ذو انتقام. اه وقال العلامة الشيخ محدث الديار اليمنية أبوعبد الرحمن مقبل ابن هادي الوادعي رحمه الله ورضي عنه لوقوفه حصنا منيعا في وجوه المبتدعة: وإنّ الردَّعلى أصحاب البدع لأعظم جهاد ومن خير القُرَب التي يُتَقَرَّب بهِا إلى الله. ولايهولنك يا أخانا فيصل إرجاف المرجفين الذين يتألمون من الدعوة إلى السنة ومحاربة البدعة فإنها ستتضح الحقيقة اليوم أوغداً أو بعد غدٍ.والحمد لله رب العالمين اه ( من تقديمه لرسالة أخوية لماذَا تركتُ دعْوَة الْإخوَان المُسْلِمينَ وَاتبعْت المنهَج السَّلفِي لفيصَل بن عبدة قائِد الحاشِديّ.
هذه شبهة تَرِد كثيرا على لسان من لم يتضلَّع بمنهج السلف يجيب عنها الشيخ محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله بقوله:
" وإنك لا تُبْعِد إذا قلت:
إن لفشوِّ الخرافات وأضاليل الطرقيين الأمة أثرا كبيرا في فشوّ الإلحاد بين أبنائها المتعلمين تعلُّما أوروباويا الجاهلين بحقائق دينهم، لأنهم يحملون من الصغر فكرة أن هذه الأضاليل الطرقية هي الدين، وأن أهلها هم حملة الدين، فإذا تقدم بهم العلم والعقل لم يستسغها منهم علم ولا عقل، فأنكروها حقا وعدلاً، وأنكروا معها الدين ظلما وجهلاً، وهذه إحدى جنايات الطرقية على الدين.
أرأيت أن القضاء على الطرقية قضاء على الإلحاد في بعض معانيه وحسم لبعض أسبابه. وقد قرأت في هذه الأيام لكاتب تونسي مقالاً ينعى فيه على جمعية العلماء إهمالها لهذه الجهة من جهات الفساد وهي الإلحاد، واعتذر عن علماء جامع الزيتونة بأنهم وإن قعدوا في نواحي الإصلاح التي تخبّ فيها جمعية العلماء وتضع قاموا في حرب الإلحاد بما شكرهم عليه، ولكنه حصر عملهم في هذا السبيل في خطب جمعية ينددون فيها بالإلحاد ويحذرونه، وفات هذا الكاتب الفاضل أن جمعية العلماء لم تسكت عن الإلحاد، بل هاجمته في أمنع معاقله، ونازلته في أضيق ميادينه، كما فاته أن صرعى الإلحاد لايغشون المساجد، فما تأثيرالخطب الجمعية التي تلقى على المصلين؟وهل يداوَى المريض بتحذير الأصحاء من المرض أو أسباب المرض؟إلا أن العالم المرشد كالطبيب لاينجح في إنقاذ المريض من الموت إلا بغشيان مواقع الموت ومباشرة جراثيم الموت "(آثارمحمد البشيرالإبراهيمي (1/132133).
فالله أكبر ماأقوى المنهج السلفي! وما أبخس الأحزاب القدرة!( مدارك النظر للشيخ السلفي الفاضل عبد المالك رمضاني حفظه الله 73-74 دار الإمام أبي حنيفة).
بعد هذه المقدّمة من كلام عدد من المشايخ ندخل في صلب الموضوع فأقول:
اعلم رحمك الله أنّه كما لا يمكن استعمال الغلظة والشدة في كل حين فإنّه لا يمكن استعمال الرفق واللين في كل حين!
وقد قال الله تعالى:"ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" والحكمة إتقان الشيء ووضعه بعلم في مكانه المناسب.
ومن الحكمة في الدعوة مراعاة جانب المصالح والمفاسد في استعمال الشدّة واللين،فإذا كانت المصلحة الحاصلة في استعمال اللين أعظم من المصلحة الحاصلة في استعمال الشدّة أوكان استعمال الشدّة سيؤدي إلى مفسدة أعظم، وجب حينئذ ترك الشدّة والغلظة واستبدالهما بالرفق واللين كما قال تعالى"وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ."فسبُّ آلهةالمشركين حق وفيه غلظة وشدّة لكن إذا كان يترتب عليه مفسدة أكبر فهو محرم ممنوع شرعاً.
وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بال أعرابي في طائفة المسجد فزجره الناس فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى بوله أمر بذنوب من ماء فأهريق عليه "، فالصحابة المنكرون على الأعرابي قالوا حقاً، لكن لما كان يترتب على شدّتهم منكر أكبر صار نهيهم عن المنكر منكراً فلذلك نهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية(الفتاوى الكبرى 3/258:
" حرم سب الآلهة مع أنه عبادة لكونه ذريعة إلى سبهم سبحانه وتعالى لأن مصلحة تركهم سب الله سبحانه راجحة على سبنا لآلهتهم "
ومن الحكمة كذلك التفريق بين العالم والجاهل وبين الصغيروالكبير…وهكذا.
والحاصل أنّه لايمكن أن نجعل استعمال الرفق واللين في الرّد على المخالف قاعدة مضطردة ! فإنّ الذي قال":وجادلهم بالتي هي أحسن" قال":وليجدوا فيكم غلظة ! "والذي قال): ما كان الرّفق في شيئ إلا زانه (رواه عبد بن حميد والضياء المقدسي عن أنس وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) 5654 و((المشكاة)) 4854)قال: ((إذا رأيتم الرجل يتعزى بعزاءالجاهلية فأعضّوه بهنّ أبيه ولا تكنوا)) (رواه أحمد و الترمذي و صححه الألباني في صحيح الجامع ( 527 ). و الهنّ هو الأير أي ذكر الرجل ! و المعنى : من رأيتموه يتعزى بعزاء الجاهلية كأن يقول : يا لفلان أو يا للأنصار أو يا للمهاجرين ؛ فقولوا له: عضّ أيرأبيك!!)
.وقد سمى رسول الله صلى الله عليه وسلّم الخوارج "كلاب النار"! (أحمد 4/382 وابن أبي عاصم 905)
وسمى القدرية مجوسا! رواه أبوداود وغيره وحسن إسناده محدث العصر العلامة الألباني رحمه الله في ((شرح الطحاوية)) 28409 و((الروض)) 197 و((المشكاة)) 107و((السنة)) 328، 329 وهو في ((صحيح الجامع)) برقم 4442 .
وروى الإمام مسلم بإسناده إلى سالم بن عبد اللَّهِ بن عُمر أَنَّ أباهُ عبد الله بن عمر رضي الله عنهم اقال: سمِعت رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم يقول: لا تمنعوا نِساءكُم المَساجِدَ إذَا اسْتأْذَنّكم إلَيهَا . فقال بِلاَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ:واَللّه لَنَمْنَعُهُنَّ, فأقبل عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْن عُمر فَسَبَّهُ سَبًّا سَيِّئًا, مَا سَمِعْته سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ قال: أُخبِرك، عَن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم وَتقولُ: وَاَللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ !!
وقد سبق أن نقلت لك كلام التابعي الجليل عامر بن شراحيل الشعبي رحمه الله حين سئل عن القياس فقال:أيرٌ في القياس !!وقيل لِلْحَسَنِ: إِنّ فلانا غسَّل رجُلا من أَهل الأهوَاء فَقال(عَرِّفُوه أنَّه إِن مات لَم نَُصلِّ عَلَيْهِ(الابانة لابن بطة 195.
ونظَراِبْنُ سِيرِينَ إِلَى رجل مِن أَصحابِه في بَعْضِ مَحَالِّ اَلْبَصْرَةِ فَقَالَ لَهُ: يَا فُلانُ مَا تَصْنَعُ ها هُنا؟فَقال عُدْتُ فُلانًا مِنْ عِلَّةٍ, يَعْنِي رَجُلاً مِنْ أَهْلِ اَلأهْوَاء ِفَقال لَه اِبْنُ سِيرِينَ:
إِنْ مَرِضْتَ لَمْ نَعُدْكَ وَإِنْ مُتَّ لَمْ نُصَلِّ عَلَيْكَ إِلا أَنْ تَتُوبَ.
قَالَ تُبْتُ.الابانة 196
وقال الْفضيل:آكُلُ طَعام اَلْيهودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ ولاآكُلُ طَعامَ صاحِبِ بِدْعَة. الابانة 197وَقَالَ:مَنْ تَبِعَ جِنَازَةَ مُبْتَدِعٍ لَمْ يَزَلْ فِي سُخْطِ اَللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ.الابانة 189وهذا الشيخ الأخضري رحمه الله يقول في منضومة له واصفا الذكر الصوفي :
وهذا العلامة السلفي الطيّب العقبي طيّب الله ثراه يقول في قصيدته المباركة "إلى الدين الخالص" وهو يرّد على أهل الأهواء والبدع من الصوفية القبورية وغيرهم:
وأنا خصمٌ لهم أنكرهم*****كيفما كانوا جميعا أوأفراد
وهذاالإمام ابن بازرحمه الله يقول في تقديمه لكتاب الشيخ بكر أبي زيد في الرّد على عبد الفتاح أبي غدّة وشيخه زاهق الكوثري براءة أهل السنّة من الوقيعة في علماء الأمة:
بعدالسلام:
أما بعد:
فقد اطلعت على الرسالة التي كتبتم بعنوان:براءة أهل السنّة من الوقيعة في علماء الأمة و فضحتم فيها المجرم الآثم محمد زاهد الكوثري بنقل ما كتبه من السّب، والشتم، و القذف لأهل العلم والإيمان، واستطالته في أعراضهم وانتقاده لكتبهم إلى آخر مكا تفوه به ذلك الأفاك الأثيم،عليه من الله ما يستحق، كما أوضحتم أثابكم الله تعالى تعلّق تلميذه الشيخ عبد الفتاح أبو غدّة به، وولاءه له، وتبجّحه باستطالة شيخه المذكور في أعراض أهل العلم والتقى، ومشاركته له في الهمز واللمز، وقد سبق أن نصحناه بالتبرؤ منه، و إعلان عدم موافقته له على ما صدر منه، وألححنا عليه في ذلك، ولكنّه أصّر على موالاته له هداه الله للرجوع إلى الحق،وكفى المسلمين شرّه وأمثاله. اه وقال رحمه الله رداً على الرويبضة التافه المدعو محمّد المسعري خذله الله: " ..مِن الحاقدين الجاهلين الذين باعوا دينهم وباعوا أمانتهم على الشيطان من جنس محمد المسعري.اه.
جريدة المسلمون العدد: 543 /2صفر 1416ه نقلاً عن مدارك النظر ص208
وقال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله : فإنّ الظالم باغ معتد مستحق للعقوبة فيجوز أن يقابل بما يستحقه من العقوبة لا يجب الاقتصار معه على التي هي أحسن بخلاف من لم يظلم فإنه لا يجادل إلا بالتي هي أحسن …والظالم يكون ظالماً بترك ما تبين له من الحق واتباع ما تبين له أنه باطل والكلام بلا علم فإذا ظهر له الحق فَعَند عنه كان ظالماً "ا.ه الجواب الصحيح (3/72- 73) (براءة أهل السنة والإيمان مما في محاضرة : حوار في الساحة الإسلامية لطارق السويدان لعبد الله بن المبارك ص3.
وقال فضيلة الشيخ عبد المالك رمضاني حفظه الله في كتابه (مدارك النظرص96 ومابعدها):
فليعلم أن الأصل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللين والرفق كما قال الله تعالى":ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"وقال لموسى وهارون صلى الله عليهما وسلم: "اذْهَبَا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى. فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّه ُ يَتَذَكَّرُ أَوْيَخْشَى"،وقال صلى الله عليه وسلّم"ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نُزع الرفق من شيء إلا شانه."رواه مسلم.
لكن إذا كان المنكر لا يغيَّر إلا بنوع من الخشونة فلا بأس باستعماله، ولو كان مع المسلمين، ألا ترى أن الله أباح القتال لذلك، وليس فوق القتال خشونة، فقال سبحانه:
"وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ. "
وقد يشتد المؤمن في إنكاره على أخيه أكثر منه مع عدوّه، ألم تر كيف لاَنَ موسى صلى الله عليه وسلّم مع فرعون، واشتد على أخيه هارون صلى الله عليه وسلّم، حتى كان منه ماقصه الله تعالى بقوله: "وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ"،فهل لأحد أن يحتج عليه بالولاء والبراء، متهِما له بأنه يبسط لسانه ويده على أخيه ويلطف بالطواغيت؟!
بل ربما كان النبي صلى الله عليه وسلّم يُعنِّف العلماء من أصحابه إذا أخطأوا أكثر من غيرهم، وخذ على سبيل المثال قوله لمعاذ حين أطال الصلاة بالناس: أفتان أنت يا معاذ؟ متفق عليه،ويقابله تلطفه بالأعرابي الذي بال في المسجد كما في صحيح البخاري وغيره.
وقال لأسامة بن زيد حين قَتل في المعركة مشركا بعد أن نطق بكلمة التوحيد:يا أسامة! أقتلته بعدما قال:لا إله إلا الله؟! قال أسامة: " فما زال يكررها حتى تمنيتُ أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم ".وقد استفاد أسامة من هذا التعنيف في النصح أيام الفتنةالتي كانت بعد مقتل عثمان رضي الله عنه، فأورثه توَرُّعا عن دماء المسلمين.
قال الذهبي رحمه الله :
"انتفع أسامة من يوم النبي صلى الله عليه وسلّم، إذ يقول له: كيف بلا إله إلا الله يا أسامة؟! فكفَّ يده،ولزم بيته، فأحسن " السير2/500-501 )
قلت – أي الشيخ رمضاني): –الله أكبر! ما أعظم التربية النبوية! وما أحقرالتربية الحزبية! التي مِن يوم أن حرَّمت أصل الرد على المخالف"وأبناؤها لا يتورَّعون عن دماء المسلمين، اتَّخذوها هدرا باسم الجهاد، ولا تكاد تقوم فتنة إلا وهم وَقودها أو موقدوها، هذه نتيجة مداهنة بعضهم بعضا لوهْم الاشتغال بالكفار"!!
ولذلك قال ابن تيمية: " المؤمن للمؤمن كاليدين تغسل إحداهما الأخرى وقد لا ينقلع الوسخ إلابنوع من الخشونة، لكن ذلك يوجب من النظافة والنعومة ما نَحمد معه ذلك التخشين "
اذن فهذا اللين الذي تستعمله كثير من الجماعات الإسلامية مع أفراد أو جماعات من حمقى المتهوِّرين الذين كثيرا مايتسببون في استعداء الأعداء على المسلمين ليس من الولاء في شيء؛ لأنه يزيدهم إغراقا في ضلالهم لعدم شعورهم بعظم الجناية.
ثم إن الشدة المسلوكة مع المسلمين أحيانا، باعثها الغيرةعليهم من أن يُرَوا ملطخين بشيء من القاذورات، والسعي في تمتين الصف وسدّ خروقه حتى لا يُؤتى من قبله.
ولهذا قال العلامة عبد العزيز بن باز تحت عنوان:"الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتاب"ولا شك أن الشريعة الإسلامية الكاملة جاءت بالتحذير من الغلوّ في الدين، وأمرت بالدعوة إلى سبيل الحق بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، ولكنها لم تهمل جانب الغلظة والشدّة في محلّها حيث لا ينفع اللين والجدال بالتي هي أحسن؛ كما قال سبحانه: "يَأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ"وقال تعالى: "يَأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ"وقال تعالى: "وَلاَ تُجادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ"الآية،أما إذا لم ينفع واستمرّ صاحب الظلم أو الكفر أو الفسق في عمله ولم يبال بالواعظ والناصح،فإن الواجب الأخذ على يديه ومعاملته بالشدة وإجراء ما يستحقه من إقامة حدّ أو تعزير أو تهديد أو توبيخ حتى يقف عند حدّه وينزجر عن باطله "مجموع فتاوى و مقالات متنوعةللشيخ عبد العزيز بن باز (3/202203.
مع أن الذي يظهر من مجاملات الأحزاب الإسلامية لأهل البدع والسكوت عن أخطائهم هو أنهم لما حصروا طريق عودة عزّ المسلمين في صندوق الانتخابات تذمّروا من النقد، لأنه ربما أتلف لهم الأصوات، وهكذا السيئة تتبعها أخوات. اه وقال فضيلة الشيخ عايد الشمّري حفظه الله من محاضرة مفرّغة بعنوان: تركة حسن البنا وأسهم الوارثين:
…وكذلك من أراد أن يعرف ماهو الموقف من المخالف فإننا نجد أن السنة قد بينت لنا كيف الطريقة في التعامل مع المخالف، كيف التعامل مع المخالف الذي وقع في مسألة فقهية، مثل الرجل المسيء صلاته فإنه عندما أخطأ في صلاته قال له النبي صلى الله عليه وسلم أرجع فصلي فإنك لم تصلي كررها عليه عدة مرات ثم قال والله لا أحسن إلا هذا فعلمه الصلاة ولم يحذر منه ولم يضلله ولم يبدعه وإنما علمه طريقة الصلاة، كذلك الرجل الذي يضن أنه لا يمسك حتى يرى الخيط الأبيض من الخيط الأسود وكان يضع خيطين تحت وسادته أحدها أبيض والآخر أسود فينظر فمتى بانت عرف أنه أمسك والحقيقة أن المقصود بالخيط الأبيض والخيط الأسود من الفجر فالنبي صلى الله عليه وسلم بين له ولم يؤنبه ولم يحذر منه، لكن عندما أتى بعض الصحابة وتقآلواعبادة النبي صلى الله عليه وسلم وأرادوا الزيادة عليها غضب النبي صلى الله عليه وسلم غضباً شديدا فخطب خطبته وذكر عبادته وأنه يصلي وينام وأنه يصوم ويفطر وأنه يتزوج النساء ثم قال محذرا لهؤلاء فمن رغب عن سنتي فليس مني ،هنا تغير الوضع وتبدل لم يعامله كما عامل الآخرين .
عندما نجد أن الصحابي عبدالله بن حمار رضي الله عنه الذي يشرب الخمر وكان يجلد ويقام عليه الحد فعندما شتمه الصحابة نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال"إنه يحب الله ورسوله"فنجد أن النبي صلى الله عليه وسلم تغير أسلوبه فهناك قال" من رغب عن سنتي فليس مني".وعندما أتى الرجل الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم اعدل يا محمد فإنك لم تعدل وهو ذوالخويصرة فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعامل معه كما تعامل مع الصحابي حمار، وإنما أشار إليه وقال)) يخرج من ضئضئي هذا الرجل أقوام تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية لإن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد فمن قتلهم فله كذاوكذا من الأجر ومن قتلوه فهو شهيد)) فحذّر منه مع أنه مخالف وذلك لأن المخالفة تختلف عن المخالفة الأولى فهذا مخالفته في العقيدة نفسها واعتراضه على حكم النبي صلى الله عليه وسلم في التوزيع ويطعن في أمانته ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم)) ألاتأمنونني وأنا أمين من في السماء(( .
والمقصود أيها الأحبة أن تعرفوا أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لنا كيف التعامل مع المخالف وأعطانا أصولاً نحن نستنير بها وننزلها على الوقائع والأحداث والمخالفين .اه وقال العلامة الشيخ عبيد الجابري حفظه الله)أصول وقواعد في المنهج السلفي للشيخ عبيد الجابري(:
..فجميع أقوال الناس وأعمالهم ميزانها عندنا شيئان :
النص والإجماع؛ فمن وافق نصًّا أو إجماعا قُبل منه، ومن خالف نصا أوإجماعا رُدَّ عليه ما جاء به من قول أو فعل كائنا مَن كان .
ثم إن كان هذا المخالف أصوله سنة، ودعوته سنة، وكل ما جاء عنه سنة فإنَّ خطأَه يرد ولا يُتابع على زلته وتُحفظ كرامته . وإن كان ضالاًّ مبتدعا لم يعرف للسنة وزنا ولم تَقم لها عنده قائمة مؤسسًا أصوله على الضلال فإنه يُرد عليه كما يُرد على المبتدعة الضُلاَّل، ويقابل بالزَّجر والإغلاظ والتحذير منه، إلا إذا ترتبت مفسدة أكبر من التحذير منه .اه