ولست بحاجة لإثبات استمراء الحكومة الأمريكية للكذب وقد اعترفت بأن ما اتخذته سبباً للحرب أكذوبة من أساسه وهو وجود أسلحة دمار شامل فإذا كانت كذبت في أصل الحرب فلن تعجز عن الكذب في تفاصيلها.
وللتذكير فقد قتل من الأمريكان في فيتنام خلال ثلاثة أعوام فقط (67-68-69) 39 ألف قتيل!! وجرح في نفس الأعوام الثلاثة 231 ألف جريح .
وبالمناسبة فقد كشفت جمعية المحاربين الأمريكيين القدامى الغطاء مؤخراً عن وثيقة رسميّة تفيد بأن العدد الحقيقي للقتلى الأمريكيين في حرب فيتنام يزيد بحوالي (20.000) عن الأرقام الرسمية التي كانت تُنشر للجمهور آنذاك؛ إذ أوردت الأرقام الرسمية الأمريكية سقوط (58.182) قتيل أمريكي فيما العدد الحقيقي وفق تلك الوثيقة يبلغ أكثر من (78.000) قتيل.
فإذا كانت حرب فيتنام ورغم الوضوح الإعلامي الكبير فيها قد تم إخفاء ربع عدد قتلاها ولمدة أكثر من 40 سنة فمتى سيكشف عدد قتلى حرب العراق مع هذا التعتيم الإعلامي الكبير؟
كما أن المعلن رسميا أنهم قد صرفوا 600 مليار دولار على حربهم في العراق ولم يعترفوا من القتلى سوى ب4000 قتيل تقريبا، فهل مقابل كل 100 مليون دولار خسروه لم يفقدوا سوى أقل من قتيل واحد فقط !!
وكيف يخسرون 400 مليون دولار يوميا في العراق (1500 مليون ريال يومياً) ولا يفقدون مقابل ذلك سوى جندي أو جنديين يوميا ؟؟
ذكرت صحيفة (تاجيس أنتسايجر) السويسرية قبل ثلاث سنوات أن عدد الجرحى الأمريكيين في العراق وأفغانستان بلغ 103.000 جندي أمريكي (أغلبهم في العراق)، الأمر الذي اضطر وزير قدامى المحاربين الأمريكي إلى كشف هذا العدد أمام لجنة تابعة للكونغرس عام 2022 ليطلب تخصيص مزيد من الأموال لرعايتهم. فكم بلغ عددهم الآن ؟ وكم عدد القتلى ؟ علما أن التقديرات العسكرية العالمية تقول أن مقابل كل أربعة أو خمسة جرحى يوجد قتيل وعليه فهناك 20 ألف قتيل قبل ثلاث سنوات.
وقال الجيش الأمريكي إن المسلحين في العراق شنوا 34131 هجوما في عام 2022 مقارنة بنحو 26496 هجوما في عام 2022 ويشمل هذا الإحصاء جميع الهجمات بغض النظر عن تأثيرها على القوات الأمريكية وغيرها من قوات التحالف وأفراد الأمن التابعين للحكومة العراقية والمدنيين العراقيين.
وأظهرت إحصاءات لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) نشرتها وكالة رويترز أن الهجمات في العراق في شهر أكتوبر عام 2022 بلغت ذروتها ووصلت إلى 5472 وأكثر من عدد الهجمات التي وقعت في أيار (مايو) والتي بلغت 5365، والمتوسط اليومي لعدد الهجمات كان 177 هجوماً في اليوم.
وذكرت شبكة " آي بي سي " الإخبارية في تقرير عن عدد الهجمات في أحد الأشهر أن 70% من الهجمات كانت ضد القوات الأمريكية.
والصحفي الأميركي الشهير بوب ودوورد والذي يعمل بصحيفة واشنطن بوست، يقول أن هناك ما بين (800 – 900) هجوم وعملية تحصل أسبوعياً ضدّ القوات الأمريكية، وهذا يعني أكثر من (100) هجوم يومياً أي بمعدل أربع هجمات بالساعة.
وفي تقرير آخر قدم أمام لجنة التخصيص في مجلس الشيوخ، اعترف مسؤول أمريكي بأن عدد الهجمات التي شنها المتمردون ضد القوات الأمريكية انخفض إلى حوالي 60 هجوما في اليوم خلال يناير الماضي بعد أن كان وصل إلى 180 هجوما في يناير 2022.
وبناء عليه فعدد الهجمات اليومية ضد القوات الأمريكية لا تقل عن 100 هجوم فهل يعقل ألا ينجح بعضها ولو بنسبة 10% فيقتل اثنان فقط في الهجوم الواحد ليكون قتلى اليوم الواحد عشرون جندياً ؟
وإذا كان عدد الهجمات عام 2022 قد بلغ 34 ألف هجوم 70% منها ضد القوات الأمريكية أي 24 ألف هجوم فكم قتل فيها ؟
وإذا كان عام 2022 يعتبره الأمريكان أكثر الأعوام دموية في العراق فكم كان عدد قتلاهم فيه ؟
وقد اختلفت التقديرات لعدد قتلى الأمريكان في العراق لكنها اتفقت على كذب الرقم الرسمي المعلن.
فقد أفاد موقع « تي بي آر» الإخباري، أن عدد القتلى من الجنود الأمريكيين قد فاق ال 15.000 جندي أمريكي، وزاد عدد الجرحى على 27.000 جندي أمريكي وذلك حتى منتصف شهر أكتوبر 2022 فقط، أي قبل عام ونصف.
وقد أشار أحد الخبراء العسكريين الروس في مقابلة معه إلى أن الأرقام الحقيقية لعدد قتلى الأمريكيين في العراق تساوي الأرقام الرسمية الصادرة عن البنتاجون مضروبة بعشرة.
وعدد القتلى وفق عداد موقع "المختصر" حتى الآن 36 ألف جندي أمريكي مع ملاحظة توقف المصدر الذي كنا نستفيد منه الأعداد بشكل رئيس منذ أكثر من سنة.
وهيئة "علماء المسلمين" أيدت إحصائية المختصر حسب تصريح الناطق الرسمي باسمها د.محمد بشار الفيضي قبل سنة من الآن حيث قال: نحن نقدر عدد الذين قتلوا من قوات الاحتلال خلال السنوات الأربع بما يربو على خمسة وثلاثين ألفا، ويبلغ عدد الجرحى ضعفي هذا العدد..والله أعلم).
وأمس أصدر الجيش الإسلامي بيانا بعنوان (الأربعة لتكميل الأربعة أم الأربعين) قال فيه:" واليوم ، فقد أكرم الله تعالى أسود الإسلام لتكميل النقص في العداد الرسمي لقتلى الأمريكان ليصل إلى أربعة آلاف، وهو يوم سوء عليهم ، وأما بحسب التعداد الحقيقي فإن عدد قتلى الأمريكيين أقرب إلى الأربعين ألفا من الأربعة آلاف يقينا لا ريب فيه".
أما القاعدة فتقدر عدد قتلى الأمريكان في العراق بسبعين ألفاً.
ومن مؤشرات كثرة القتلى ظاهرة عزوف الأمريكيين عن الانضمام للجيش والتجند فيه على الرغم مما يقدّمه البنتاغون من مغريات إذ يقدّم البنتاغون مكافآت مالية تصل إلى (20,000) دولار كمكافأة مالية للمنضمين الجدد، ويغطي مصاريف التعليم بما قد يصل إلى (60,000) دولار في حملة تجنيد لم تشهدها الولايات المتحدة.
قد يعترض البعض على رقم الأربعين ألف قتيل أمريكي بأن ذلك يعني هلاك ثلث أو ربع الجيش الأمريكي في العراق وجرح البقية, ولو حدث ذلك لكان مؤثرا عسكريا على الانتشار الأمريكي في العراق.
ولتوضيح هذا اللبس فإن مدة خدمة الجندي الأمريكي في العراق قد حددت في بداية الحرب بنصف سنة فقط ، إلا أن الجانب العسكري اضطر إلى تمديدها لسنة بسبب عدم تحسن الأوضاع وقبل سنة رفع البنتاجون المدة إلى 15 شهرا وعليه فبعض الجنود خدم نصف سنة وبعضهم سنة أو 15 شهرا, وتشير إحصائيات وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" إلى أن عدد الجنود الذين شاركوا في الحربين على العراق وأفغانستان حتى عام 2022 يصل إلى نحو مليون جندي،فكم عددهم الآن ؟
ولذا فنسبة القتلى يجب أن تحسب من مجمل عدد من خدموا خلال خمس سنوات وليس من عدد الموجودين حاليا فإذا حسبت نسبة الأربعين ألفا من مليون على الأقل فستكون 4 % فقط.
ومن الأمور التي ساعدت الحكومة الأمريكية في إخفاء عدد القتلى هو كيفية حسابهم ونوعيتهم، فمن لا يموت في مكان التفجير لا يحسب ضمن القتلى ومن لا يحمل الجنسية الأمريكية وإنما الإقامة فقط لا يتم حسابه وهؤلاء كثيرون جدا حيث أصبح الوعد بمنح الجنسية عامل إغراء للتجنيد كما أن العاملين في الشركات الأمنية التي يتعاقد معها البنتاجون لا يتم حسابهم وهم يشكلون نصف الجيش الأمريكي في العراق فقد أعلنت وزارة الحرب الأمريكية (البنتاجون) عن وجود 129 ألف مقاتل أجنبي من المرتزقة في العراق المحتل.
في حين يبلغ عدد الجيش الأمريكي 140 ألف جندي.
في حرب فيتنام كان عدد قتلى الأمريكان وصورهم عامل رئيس في مطالبة الشعب الأمريكي في الخروج من فيتنام وكانت الهزيمة معنوية بهروبهم أذلاء لكنها لم تكن مدمرة لأمريكا.
وقد تلافوا هذه المشكلة في العراق من ناحية التكتم على أعداد القتلى لكن الله أتاهم بالقاصمة من حيث لم يحتسبوا [هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتَاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي المُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ] {الحشر:2} وما لم يحتسبوه هو الاقتصاد فقد قدروا أن تكاليف الحرب لن تزيد عن 60 مليار وأنهم سيعوضونها في سنتين بتخفيض أسعار البترول عشرة دولارات فإذا هي تتجاوز حسب اعترافهم عشرة أضعاف هذا الرقم بل وتصل إلى ثلاث ترليونات أي ثلاثة آلاف مليار بحسب الخبير الأمريكي جوزيف ستيغليتز الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد ويرتفع سعر النفط بنسبة 500 % لتكون تكاليف الحرب وأسعار النفط مسمارين مزدوجين في ظهر نعش الاقتصاد الأمريكي وندعو الله أن يكون بها سقوطهم سقطة لا قيام بعدها بحول الله وقوته.
قال عز وجل[إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ] {الأنفال:36}
أبو سلمان
إبراهيم بن عبدالرحمن التركي
المشرف العام على موقع المختصر
www.almokhtsar.com