دنت منه و نظرت في عيناه .. فكانت عيناه ليل حـُجبت نجومه .. جفونها جرفٌ صخري تتهاوى صخوره .. و مقلتاه كأنها صحراء مقحلة .. يداه أغصان شتاء و قدماه أوراق خريف ,, جسده قطب متجمد .. و عقله بركان ثائر .. روحه بحر هائج و قلبه شراع مكسورة ساريته ..
هَرِمٌٌ كأن عمر الكون لحظة في حياته .. تتباعد شظايا روحه كتباعد الأجرام عن بعضها ..
هادئ كشجرة سنديان ألفية .. ضعيف كورقة خريف تتلاعب بها نسمات الهواء البارد ..
لا شيء .. كان و لا سيكون .. هو ليس هو و لم يكن هو في حياته .. تراجيديا تتبعها ملحمة .. تتحول لقصة فحكاية .. رواية طويلة .. فخرافة ..
ثم و كأن شيء لم يكن .. نزلت اخر ذرة رمل من الساعة
و لا زال الصخر فيه حياة اكثر منه ..
تتداخل الأزمنة لـ تصطدم بالأمكنة .. تتلاشى المادة و يتبخر الضوء .. و في خضم هذا ,, تنجو بذرة ..
بذرة الحياة ..
عقله الثائر يدور مسرعا في فلك كل هذا … ليعود الى واقعه المرهق ..
أرهقه نزيف دمه .. و أرهقه اضافته الى جسده من جديد اكثر ..
أرهقه ألمه .. و أرهقه مسببه اكثر ..
أرهقه التذكر .. و أرهقه النسيان اكثر ..
فكتفى من الحياة .. و لم تكتفي منه .. أشعلت الأيام البياض في شعره .. و دفنته العصور تحت انقاذها .. و حكم على نفسه انها لم توجد ..
خرابيش قلم |