أود أن أذكر لكم قصة أحد الاشخاص الذين اعرفهم و ما حدث له.
كان رجلاً في عز شبابه، ذا شخصية قوية، شديد المراس، لا يرجع بكلمته،
شديد الغضب و الله يستر عندما يغضب. كان يرى دوماً انه على حق، و يجب على الكل إطاعته.
لا تتأخر عليه في طلب و إلا سوف يثور. لا توقف سيارتك في موقف من مواقف منزله الكثيرة،
و إلا سوف يفرغ هواء كل إطارات السيارة.
في إحدى المرات كنت في زيارة لمنزلهم و وجدته في الشارع ينادي على الخادمة و التي أتته
مسرعة مفزوعة تكاد تقع من سرعتها و حين وصلت إليه ضربها كفاً موجعاً، شعرت بقلبي معه
يغوص، فقلت له: لم تضربها ماذا فعلت؟ فقال غاضباً: ناديت عليها و لم تأتني بسرعة. ثم أمرها
بأن تحمل أغراضه، فلما عبرت من جانبي رأيت الدموع في عينيها. فقلت في نفسي: لم تستقوي
على إنسانة ضعيفة. ماذا لو دعت عليك في ظلمات الليل و هي تأوي إلى سريرها. إن دعوة
المظلوم مستجابة.
و تمر الأيام و أنا أرى مواقف كثيرة تحدث و مشاجرات حتى مع الأطفال.
يا إلهي كبر عقلك إنهم مجرد أطفال، و لو قالوا ما قالو أو فعلوا ما فعلوا.
و كانت أخته تشتكي لي منه دوماُ، و تقول أنه إذا كان غاضباً فيمكن أن يفعل أي شيء.
و أنها تحاول قدر استطاعتها أن تتفادى وقوع شجار معه. فهو ممكن أن يثور لأتفه الأسباب
و قد تعرضت من قبل لمحاولة ضرب منه، إلا أن الله سلم و قام بإمساكه أخوتها و محاولة تهدئته.
روت لي أخته مرة عن أن أختها حضرت إلى منزلهم مرة، فذهبت خادمتها إلى غرفة خادمته.
فما إن علم بالأمر، إلا و هو يكيل ضرباً و رفساً بالخادمة المسكينة، و يقول لها صارخاً: لم ذهبت
إلى غرفة خادمتنا، ماذا تريدين أن تفعلي؟. و هي تبكي و تنوح و تقول: ما في شي بابا،آنا ما
سويت شي.
و ما تركها إلا و قد علم جسدها من آثار الضرب، و هي تبكي بشدة و تصرخ: ليش بابا يسوي
جذي. أنا شنو يسوي. و كانت تقول كلاماً تظن أخته أنها في تلك اللحظة دعت له الموت، أو أن
يريها الله فيه شيئاً. فبعد تلك الحادثة بفترة ربما سنة على حسب ما قالته لي أخته، حصل له حادث
و توفي من فوره.
أقول اللهم ارحمه، و لكني في داخلي لا أستطيع إبعاد فكرة أنه ظلم الذين من حوله كثيراً و تجب
ر عليهم. فالرسول صلى الله عليه و آله و سلم يقول: إياك و ظلم من لا يجد عليك ناصراً إلا الله.
إن حقوق المظلومين إن لم يأخذوها في الدنيا، سوف لن تذهب في الآخرة.
و أعتقد أن الإنسان و هو في القبر يحاسب و يعاقب على ذلك. اللهم أجرنا.
دعوتي لكم إخوتي ألا تظلموا، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.
و إن حدث أن فعل ذلك أحد منكم، فبادروا بالاستسماح من المظلوم في الدنيا قبل الآخرة.
أتمنى أن تأخذوا العبرة من هذه القصة .
آسفة للإطالة و لكن أتمنى أن أكون قد وضحت وجهة نظري.
لكم أعذب المنى