التصنيفات
القسم الاسلامي

المتكلمون بالدين (1-2)

المتكلمون بالدين
-1-

اللواء الركن محمود شيت خطاب
رحمه الله تعالى

استطعت إقناع قسم من الضباط لصلاة الجمعة، وكنا في معسكر المنصور الواقع على نهر ديالى بين بعقوبة وجلولاء، فقصدنا مسجد المقدادية القريب من معسكر المنصور، وكان ذلك عام 1945م . وحين اعتلى الخطيب المنبر، أخرج من جيبه (ورقة صفراء مطبوعة)، وأخذ يتلو ما فيها متعثراً متردداً، وكان مما جاء في الخطاب: (إن الدنيا فسدت منذ عهد النبوة، فكيف نرجو صلاحها ونحن في القرن الثامن ؟!).

ومن الواضح أن الخطبة التي تلاها الخطيب في يوم الجمعة من القرن الرابع عشر الهجري، قد كتبت في القرن الثامن الهجري، أي قبل ستة قرون من قرائتها، ومع ذلك لم ينتبه خطيب الجمعة إلى تصحيح تاريخ القرن على الأقل، فيستبدل بالقرن الثامن القرن الرابع عشر. فإذا كان ذلك مبلغ ذكاء خطيب الجمعة وعلمه، فكيف نطمع أن يوجه الناس إلى الخير والصلاح؟!.
وحين سمع الضباط من الخطيب جملة (القرن الثامن)، مع كل ما سمعوه من هراء يتلوه من ورقة صفراء مستلة من كتاب منبري مطبوع، فضلاً عن مظهره الزري وجهله بالعربية وعدم تمكنه من القراءة الصحيحة والإلقاء السليم، ابتسموا أولاً ثمّ تطور ابتسامتهم في المسجد إلى قهقهات بالغة في خارجه. وكانوا بين اثنين:
مُؤدَب عدَّ القضية منتهية بعد مغادرته المسجد، ومهرج انتهزها فرصة سانحة للتهريج على خطباء المنابر وعلى عقلياتهم المتخلفة وعلى الدين أيضاً!.
والنتيجة أن هؤلاء الضباط تركوا الصلاة!، منهم من تركها مدة من الزمن ثم عاد إليها بالتشجيع والحث، ومنهم من تركها حتى اليوم!، ومن الصدف أنني رأيت أحد هؤلاء الضباط قبل أيام، وقد علاه الشيب وأصابه الوهن ولكن (عقدة) خطيب المسجد لا تزال عالقة في ذهنه يحدث الناس عنها في كلّ مناسبة، ويرفض أن يعود إلى أداء فريضة الصلاة!!.

***

المتكلمون بالدين

– 2 –

ضرر الخطيب والإمام الجاهل وواجب المسؤولين في الأوقاف

هل وجود مثل هذا الخطيب في مكانه خطيباً وإماماً مفيد للإسلام والمسلمين، أو هو مضر بهما –يعني الخطيب الجاهل- ؟.

وما هو واجب المسؤولين في الأوقاف وفي المراكز الدينية
الأخرى المسؤولة عن تعيين الأئمة والخطباء في المساجد وإعدادهم للنهوض بكفاية ومقدرة وفائدة بواجباتهم الدينية ؟.

إن وجود خطيب جاهل يلحق أبلغ الضرر بالإسلام والمسلمين، ومن الأفضل ألا تلقى خطبة الجمعة من خطيب جاهل. ويبقى الجامع بدون خطيب أفضل من أن يلقي خطبة الجمعة مثل هذا الخطيب الجاهل؛ لأنه ينفر الناس من الصلاة ومن يوم الجمعة، ويعطي فكرة سيئة عن الدين. إن التكلم في الدين سلاح ذو حدين: إن أحسن المتكلم أفاد السامعين، وأعطى فكرة عالية عن الدين، وشجع الناس على الإقبال بشوق ولهفة للإنصات إلى المتكلمين به. وإذا أساء، أضر السامعين، ونفر من الدين، وجعل الناس يشمئزون من سماع المتكلمين به.

وقد ضاعف اختراع المجهار –الميكرفون- وانتشار استعماله وظهور الإذاعة المسموعة المرئية من أهمية المتكلمين بالدين، لأن ما يقولونه أصبح مسموعاً في أوساط لا تعد ولا تحصى من الناس: في الدار، وفي الطريق، وفي النوادي والمقاهي، وفي كل مكان تصل إليها موجات الإذاعة في العالم؛ لذلك أصبح ضرر المسئ من المتكلمين بالدين عظيماً وواسعاً، وأصبحت فائدة المحسن عظيمة وواسعة أيضاً.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.