دراسة مؤلمة ومزعجة . العنف الأسري له علاقة وطيدة بمجموعة واسعة من الأمراض النفسية التي تتراوح ما بين الإصابة بالاكتئاب والأفكار الانتحارية والاستعداد لاستخدام المخدرات والاعتماد على الكحول.
العلاقة وطيدة بين العنف المنزلي وجميع أنواع الاضطرابات النفسية
11 / 01 / 2022
لندن – يتسبب العنف في مقتل أكثر من مليون ونصف المليون إنسان سنوياً حسب تقرير منظمة الصحة العالمية، وهذا يعني مقتل أكثر من أربعة آلاف طفل أو امرأة كل يوم.
وترجع منظمة "اليونيسيف" اختفاء 60 مليون امرأة عن التعداد السكاني في العالم سنويًا إلى العنف، مؤكدة تعرض امرأة واحدة من بين اثنتين لانتهاكات جسدية وجنسية داخل بيتها.
وبحسب تقرير آخر لمنظمة الصحة العالمية، تتعرض امرأة من كل 6 سيدات للعنف وأنهن يتعرضن للعنف في المنزل أكثر من الشارع أو العمل، وتمثل حوادث العنف ضد المرأة العربية 60 بالمئة من حوادث العنف وفقا لإحصاءات المجتمع المدني وهي الجهات المنوط بها رعاية السيدات والفتيات العربيات من العنف.
وحوادث العنف الأسري التي إن لم تقتل الضحية فإنها يمكن ان تخلف لها عاهات صحية ونفسية مستديمة، وفي هذا الاطار تؤكد دراسة طبية حديثة وجود علاقة وثيقة بين التعرض للعنف المنزلي، وجميع أنواع الاضطرابات النفسية، بالمقارنة بالأشخاص الذين ينشأون في محيط أسري هادئ.
وأوضح الباحثون بمعهد الطب النفسي، التابع لجامعة "بريستول" البريطانية، أن النتائج التي تم التوصل إليها تشير إلى أن الأطباء يكونون على بينة من العلاقة بين العنف الأسري والمنزلي، وبين الحالات المرضية التي يعاني منها مرضى الأمراض النفسية والعصبية، ومحاولة علاج الآثار السلبية الناجمة عن التعرض لمثل هذه الظروف الصعبة.
وقام الباحثون بتحليل نتائج أكثر من 41 دراسة، أجريت حول العالم حول مدى انتشار الاختلاف بين الرجال والنساء، فيما يتعلق بالاضطرابات النفسية والعقلية وبين علاقتها بالعنف المنزلي.
وأشارت المقارنة والمتابعة إلى أن النساء عانين من الاضطرابات النفسية بمعدل 2.5 ضعف الرجال، حيث اعتبرن أكثر الفئات تعرضا للعنف المنزلي.
وأوضحت المتابعة معاناة النساء من الاضطرابات النفسية بمعدل 3.5 ضعف الرجال.
وقالت الدكتورة ليندا لونادوسكي الأستاذة المساعدة بجامعة جون هوبكتر إن حوالي 4.4 ملايين امرأة يتعرضن للإيذاء البدني أو الاعتداء الجنسي سنوياً، وتوضح بأنه خلال كل 15 ثانية هناك امرأة في الولايات المتحدة الأميركية تتعرض لنوع ما من الاعتداء البدني أو الجنسي أو العاطفي. وأن هذا الاعتداء غالباً ما يكون أمام الأبناء "الأطفال"، الذين يكونون أيضاً معرضين للإيذاء إذا كانوا يعيشون في نفس المنزل، الذي عادة ما يكون المكان الذي تحدث فيه الاعتداءات والإيذاء للمرأة سواءً كانت زوجة أو صديقة.
وأضافت أن النساء اللاتي يتعرضن للاعتداء البدني أو الجنسي أو العاطفي يكن أكثر عرضة للاصابة بالاكتئاب، والأفكار الانتحارية، واضطراب ما بعد الحوادث المؤلمة وكذلك الاستعداد لاستخدام المخدرات والاعتماد على الكحول.
وتوضح أن النساء اللاتي يتعرضن لعلاقات يفرض فيها الجنس بالقوة، يشعرن بالدونية والنظرة الحقيرة لأنفسهن عند مقارنتهن بالنساء اللاتي يتعرضن للإيذاء البدني فقط، وكذلك فإن هذا النوع من النساء قد يكن ضحايا لعمليات القتل.
وتشير الى أن الأطفال الذين يرون امهاتهم يتعرضن للاعتداء امام أعينهم، يعانون من مشاكل نفسية متعددة، تتمثل في سلوكيات سلبية، وعدوانية تجاه الذات وتجاه الآخرين، كذلك يعانون من اضطراب القلق والاضطرابات النفسية الأخرى، وكذلك النظرة الدونية للنفس، ومشاكل دراسية، وعدم القدرة على المنافسة في الحياة بوجه عام، ومشاكل عضوية كثيرة، وكذلك من القلق والخوف على الأم.
وأظهرت دراسة حديثة أجريت في مؤسسة الطب النفسي التابعة لكلية كينج في لندن بالتعاون مع جامعة بريستول أن العنف الأسري له علاقة وطيدة بمجموعة واسعة من الأمراض النفسية، وذلك يشمل الرجال والنساء.
واطلع الباحثون على بيانات لـ41 دراسة أجريت في مختلف أنحاء العالم وتوصلوا الى النتائج التالية:
– نسبة التعرض للعنف الأسري بعد سن البلوغ لدى النساء المصابات بالاكتئاب كانت أكثر بنحو مرتين ونصف مقارنة بغير المصابات بأي مرض نفسي.
– نسبة التعرض للعنف الأسري بعد سن البلوغ لدى النساء المصابات بالقلق كانت أكثر بنحو ثلاث مرات ونصف مقارنة بغير المصابات بأي مرض نفسي.
– نسبة التعرض للعنف الأسري بعد سن البلوغ لدى النساء المصابات باضطراب ما بعد الصدمة كانت أكثر بنحو سبع مرات مقارنة بغير المصابات بأي مرض نفسي.
كما أن نسبة تعرض النساء للعنف الأسري بعد سن البلوغ من المصابات بواحد من مجموعة من الأمراض النفسية التي تم الاطلاع عليها، من ضمنها اضطراب الوسواس القهري والاضطراب ذو القطبين، كانت أيضا أعلى مما هو الحال لدى غير المصابات بالأمراض النفسية.
أما بالنسبة إلى الرجال فقد توصل الباحثون الى أن المصابين بالأمراض النفسية كانت لديهم احتمالية أكبر لأن يكونوا قد تعرضوا إلى عنف أسري مقارنة بغيرهم من غير المصابين بمرض نفسي، إلا أن نسبة تعرضهم للعنف الأسري كانت أقل مما هو الحال لدى النساء.
وذكرت البروفيسورة لويز هاورد، أن هذه الدراسة قد بينت أن النساء والرجال المصابين بالأمراض النفسية هم عرضة، وبشكل كبير للعنف الأسري.
وأضافت أن ما قدمته هذه الدراسة من أدلة يشير إلى أمرين: الأمر الأول هو أن العنف الأسري يؤدي إلى زيادة كبيرة في احتمالية إصابة الضحية بمرض نفسي؛ والأمر الثاني هو أن مصابي الأمراض النفسية هم أكثر عرضة من غيرهم ليكونوا ضحايا للعنف الأسري.