الحقوق الزوجية المتبادلة
في الكثير من المجتمعات يختلف فيها الحقوق الزوجية و قد تكون غير منصفه لدى البعض ، ولكن في ديننا الإسلامي الحنيف سخر الله لنا الحقوق الصحيحة الطيبة التي تحفظ للزوج حقوقه و للزوجة ، حقوقها وذلك بسبيل الاستمرار في هذا الحياة بما يرضي الله عز وجل و الإسلام بين للمسلم الآداب المتبادلة بين الزوج و زوجته ، وهي حقوق كل منهما على صاحبه وذلك لقوله تعالى : { ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ، و للرجل عليهن درجة } فهذه الآية الكريمة قد أثبتت لكل من الزوجين حقوقاً على صاحبه و خصت الرجل بمزيد درجة لاعتبارات خاصة . وقول الرسول صلى الله عليه و سلم في حجة الوداع " ألا ان لكم على نسائكم حقاً ، ولنسائكم عليكم حقاً " غير أن هذه الحقوق بعضها مشترك بين كل من الزوجين ، وبعضا خاص بكل منهما على حده ، فالحقوق هي :
1- الأمانة :إذ يجب على كل من الزوجين أن يكون اميناً مع صاحبه فلا يخونه في قليل ولا كثير ، إذ الزوجان أشبه بشريكين فلا بد من توفر الأمانة ، و النصح و الصدق و الإخلاص بينهما في كل شأن من شؤون حياتهما الخاصة و العامة .
2- المودة : و الرحمة بحيث يحمل كل منهما لصاحبه أكبر قدر من المودة الخالصة ، و الرحمة الشاملة يتبادلانها طيلة الحياة مصداقاً لقوله تعالى : { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم ازواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة و رحمة } . و تحقيقاً لقول الرسول عليه الصلاة و السلام " من لا يرحم لا يُرحم " .
3- الثقة المتبادلة : بينهما بحيث يكون كل منهما واثقاً في الآخر ولا يخامره أدنى شك في صدقه ونصحه له ذلك لقوله تعالى : { إنما المؤمنون اخوة } وقول الرسول صلى الله عليه و سلم" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " . و الرابطة الزوجية لا تزيد اخوة الأيمان إلا توثيقاً و توكيداً و تقوية ، وبذلك يشعر كل من الزوجين انه هو عين الآخر وذاته ، وكيف لا يثق الإنسان في نفسه ولا ينصح لها ؟ أو كيف يغش المرء نفسه و يخدعها ؟ .
4- الآداب العامة : من رفق في المعاملة ، وطلاقه وجه وكرم قول و تقدير و احترام ، وهي المعاشرة بالمعروف التي أمر الله بها في قوله تعالى : { وعاشروهن بالمعروف } . وهي الاستيصاء بالخير الذي أمر به الرسول العظيم في قوله " واستوصوا بالنساء خيراً " فهذه جملة من الآداب المشتركة بين الزوجين ، و التي ينبغي أن يتبادلاها بينهما عملاً بالميثاق الغليظ الذي أشير إليه في قوله تعالى{ وكيف تأخذونه وقد افضى بعضكم الى بعض واخذن منكم ميثاقاً غليظاً } و طاعة الله القائل سبحانه { ولا تنسوا الفضل بينكم ان الله بما تعملون بصير } .
و أما الحقوق المختصة ، والآداب التي يلزم كلاً من الزوجين أن يقوم بها وحده نحو زوجه فهي :
أولاً : ـ حقوق الزوجة على الزوج :
يجب على الزوج إزاء زوجته القيام بالآداب التالية :
1- أن يعاشرها بالمعروف لقوله تعالى : { وعاشروهن بالمعروف } فيطعمها إذا طعم ، ويكسوها اذا أكسى ، ويؤدبها إذا خاف نشوزها بما أمر الله أن يؤدب النساء بان يعظها في غير سب ولا شتم ولا تقبيح ، فان أطاعت وألا هجرها في الفراش فان أطاعت وإلا ضربها في غير الوجه ضرباً غير مبرح ، فلا يسيل دماً ولا يشين جارحةً أو يعطل عمل عضو من الأعضاء عن أداء وظيفته لقوله تعالى : { وان خفتم نشوزهن فعظوهن ، واهجروهن في المضاجع ، واضربوهن فان أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً } ولقول الرسول عليه الصلاة و السلام للذي قال له ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ فقال " أن تطعمها أن طعمت ، وان تكسوها ان اكتسيت ، ولا تضرب الوجه ، ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت " ، وقوله " إلا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن و طعامهن " و قوله عليه الصلاة و السلام " لا يفرك مؤمن مؤمنة ـ أي يبغضها ـ ان كره منها خلقاً رضي آخر " .
2- أن يعلمها الضروري من أمور دنيها أن كنت لا تعلم ذلك ، أو يأذن لها أن تحضر مجالس العلم لتعلم ذلك ، إذ حاجتها لإصلاح دينها و تزكية روحها ليست اقل من حاجتها إلى الطعام و الشراب و الواجب بذلهما و ذلك لقوله تعالى : { يا أيها الذين أمنوا قوا أنفسكم و أهليكم ناراً } .
والمرأة من الأهل ووقايتها من النار بالإيمان و العمل الصالح ، و اعمل الصالح لابد له من العلم و المعرفة حتى أداؤه و القيام به على الوجه المطلوب شرعاً ، لقوله صلى الله عليه و سلم " ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنما هُن عوان ـ أسيرات ـ عندكم" و من الاستيصاء بها خيراً ان تعلم ما تصلح به دينها وان تؤدب بما يكفل إلها الاستقامة وصلاح الشأن .
3- أن يلزمها بتعاليم الإسلام وآدابه وان يأخذها بذلك اخذاً فيمنعها أو تسفر إن تتبرج و يحول بينها و بين الاختلاط بغير محارمها من الرجال كما عليه أن يوفر لها حصانةً كافية ورعايةً وافية ، فلا يسمح لها أن تفسد في خلق أو دين ولا يفسح لها المجال أن تفسق عن أوامر الله و رسوله او تفجر ، اذ هو الراعي المسؤول عنها و المكلف بحفظها و صيانتها لقوله تعالى : { الرجل قوامون على النساء } وقوله عليه الصلاة و السلام " والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته " .
4- ان يعدل بينها و بين ضرتها ، ان كان لها ضرة ، يعدل بينهما في الطعام و الشراب و اللباس ، والسكن و المبيت في الفراش ، وان لا يحيف في شيء من ذلك ، او يجور ويظلم اذ حرم الله سبحانه ذلك في قوله { وان خفتم الا تعدلوا فواحدة او ما ملكت إيمانكم } والرسول عليه افضل الصلاة و السلام وصى بهن الخير فقال " خيركم خيركم لاهله ، وانا خيركم لاهلي " .
5- ان لا يفشي سرها ، وألا يذكر عيباً فيها ، إذ هو الآمين عليها ، و المطالب برعايتها والذود عنها لقوله صلى الله عليه و سلم " ان من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل بفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها " .
ثانياً ـ حقوق الزوج على الزوجة :ـ
يجب على الزوجة نحو زوجها القيام بالحقوق و بالآداب الآتية :
1- طاعته في غير معصية الله تعالى : { فان أطعنكم فلا تبتغوا عليهن سبيلاً } ، وقول الرسول عليه الصلاة و السلام : " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأبه فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح } ، وقوله : " لو كنت امراً احداً ان يسجد لاحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها " .
2- صيانة عرض الزوج و المحافظة على شرفها ، ورعاية ماله وولده وسائر شؤون منزله لقوله تعالى : { فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله } ، وقول الرسول صلى الله عليه و سلم : " والمرأة راعية على بيت زوجها وولده " ن وقوله : " فحقكم عليهن أن يوطئن فرشكم من تكرهون ، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون } .
3 – لزوم بيت الزوج فلا تخرج منه إلا بأذنه ورضاه وغض طرفها _ عينها _ وخفض صوتها ، وكف يدها عن السوء ، ولسانها عن النطق بالفحش و البذاء ، و معاملة أقاربه بالإحسان الذي يعاملهم هو به ، إذ ما أحسنت إلى زوجها من أساءت إلى والديه أو أقاربه ، وذلك لقوله تعالى : { وقرن في بيوتكن ، ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } ، وقوله سبحانه : { ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض } ، وقوله :{ لا يحب الله الجهر بالسوء من القول } ، وقوله :{ وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهم و يحفظن فروجهن ، ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } ، وقول الرسول عليه الصلاة و السلام " خير النساء التي إذا نظرت إليها سرتك ، و إذا أمرتها أطاعتك ، وإذا غبت عليها حفظتك في نفسها و ومالك " . وقوله : " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ، وإذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها " ، وقوله :" ائذنوا للنساء بالليل إلى المساجد " .