– 14-
عبد المجيد الزنداني
أتباعه :
إن قدرة الأستاذ تظهر في تلاميذه ، ومهارة المدرب تظهر على من دربهم ، وصدق الرسول يظهر في أحوال أتباعه ، فهم الذين عاشوا معه، ورباهم ، وزكاهم ، وعلمهم ، ومن تأمل في أحوال الصحابة ، يجد مصداق وصف الله لهم: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ ( آل عمران : 110) ، ولقد شهدت شعوب الأرض في ذلك الزمان للمسلمين بأنهم خير أمة عرفتها البشرية ، ذلك لأن القاعدة في معاملة الشعوب والدول أن أي شعب أو دولة تغزو دولة أخرى وشعباً آخر ينتج عن هذا الغزو كراهيةٌ وحقدٌ بين الشعوب . نرى شاهداً عليه إلى يومنا بين المستعمِرين ، والمستعمَرين ، لكن هذه القاعدة نقضت مع الفاتحين المسلمين ، الذين سادوا الأرض في زمنهم ، لقد أحدث الفتح الإسلامي حباً ونصراً ، وولاءً ، وامتزاجاً بين المسلمين وغيرهم ، وأصبحت تلك الشعوب المفتوحة تحمد الله على أن أرسل إليهم هؤلاء الفاتحين المسلمين ، وإذا بحثت عن السبب ستجد أن الصراع بين الناس يكون على الدنيا ، أما المسلمون فقد بذلوا دنياهم ، لإسعاد الناس في الآخرة ، لأنهم آمنوا بالآخرة حق الإيمان ، ولأن هذا الإيمان والسلوك كانا ثمرة الامتناع الكامل بالأدلة التي قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدق رسالته ، وبالسلوك العملي الذي تجسد فيه الإيمان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أعداؤه :
بعد طول العناد تحول الأعداء إلى أشد الأنصار ، وأسلم الكثير من أهل الكتب السابقة ، كل ذلك تصديقاً لرسول الله وإيماناً به .
صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان
إن وضع القوانين والتنظيمات لأي شيء يتوقف على العلم بحقيقة من توضع له القوانين ، وبالظروف المحيطة.
والإنسان يجهل حقيقة روحه ، والمستقبل الذي سيواجهه لذلك عجز الإنسان أن يضع تشريعات وقوانين دائمة تصلح لكل زمان ومكان ، لكن الخالق سبحانه هو العليم بحقيقة خلق الإنسان ، قال تعالى : ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ (الملك : 13) .
وهو المحيط علماً بما كان وما سيكون، ولذلك لا يمكن لبشر أن يأتي بشريعة ثابتة مرنة تتناسب مع كل زمان ومكان إلا إذا كان مرسلاً بها من عند ربه.
ولقد حكم المسلمون مشارق الأرض ومغاربها مئات السنين فكانت شريعة الإسلام صالحة للحكم طوال القرون في مختلف البيئات والأماكن .
ولقد فرضت شريعة الإسلام نفسها في زماننا هذا رغم ضعف أهلها ، فجعلتها الأمم المتحدة مصدراً من مصادر القانون الدولي ، مع أن القانون الروسي أو الأمريكي لا يعتبر أي منهما مصدراً من مصادر القانون الدولي .. ولقد شهد خبراء القانون الدولي (الأجانب) بأن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان.
قال الدكتور (إيزيكو انسابا توحين) أحد علماء القانون (إن الإسلام يتمشى مع مقتضيات الحاجات الظاهرة فهو يستطيع أن يتطور دون أن يتضاءل في خلال القرون ويبقى محتفظاً بكامل ما له من قوة الحياة والمرونة ، فهو الذي أعطى للعالم أرسخ الشرائع ثباتاً ، وشريعته تفوق في كثير الشرائع الأوربية .
أما المؤتمر الدولي للقانون الذي انعقد في (لاهاي) عام 1932 فهو الذي طالب عصبة الأمم ، أن تجعل الشريعة الإسلامية مصدراً من مصادر القانون الدولي بعد أن اقتنع خبراء القانون الدوليين بعظمة الشريعة الإسلامية ، وفائدتها للناس في هذا الزمان .
وأما المؤتمر الدولي للقانون المقارن الذي انعقد في باريس عام 1952م ، فقد طلب من الجهات القانونية الدولية أن تسمح بانعقاد المؤتمر الدولي للفقه الإسلامي في كل سنة بدلاً من عقده في كل عشر سنوات ، وعللوا ذلك بأنهم يرغبون أن يتعلموا الفوائد الكثيرة من دراستهم للشريعة الإسلامية فقالوا في مؤتمرهم: (نظراً لما ثبت للمؤتمرين من الفائدة المحققة التي أتاحتها البحوث التي عرضت في خلال أسبوع (الفقه الإسلامي) وما دار حول هذه البحوث من مناقشات أثبتت بجلاء أن (الفقه الإسلامي) يقوم على مبادئ ذات قيمة أكيدة لا مرية في نفعها ، وإن اختلاف المبادئ في هذا الجهاز التشريعي الضخم، منطو على ثروة من الآراء الفقهية ، وعلى مجموعة من الأصول الفنية البديعة التي تتيح لهذا الفقه أن يستجيب بمرونة هائلة لجميع مطالب الحياة الحديثة ، فإن أعضاء المؤتمر يعلنون رغبتهم في أن يظل أسبوع الفقه الإسلامي يتابع أعماله سنة فسنة) .
فمن أين لأمي بعث منذ ألف وأربعمائة عام أن يأتي بهذا التشريع لو لم يكن مرسلاً من عند ربه؟
وعجباً للجهلة من المسلمين ، الذين يريدون إلغاء الشريعة الإلهية واستبدالها بالقوانين البشرية!!