ومن التقنيات التي هطلت علينا هطول السيارة والطيارة والتلفاز والنقال ، شبكة الاتصالات العالمية (الإنترنت) . . تلك الشبكة العالمية التي غيرت مجرى الوصل والاتصال في العالم . وكعادتنا هرعنا إلى هذه الشبكة نستنسخ منها المعلومات وننقل المفاهيم والمصطلحات ونتيه في المجالس بذلك وكأننا علماء أفذاذ . وجلس أبناؤنا ساعات طوالاً أمام هذا العمل العلمي المذهل ، ومن يرى أو يسمع ذلك يظن أننا وضعنا أرجلنا على سلالم العلم الحقيقة!
في الحقيقة . . لقد زاد عدد أنصاف المتعلمين بيننا ، وانتشرت المصطلحات العلمية على ألسنة العوام ، فتسمع مصطلحات : الهندسة الوراثية ، والخريطة الجينية ، والجزيئات النووية ، فتظن أن العلم انتشر ، ولكن عندما تتعمق مع هؤلاء الناس تعلم أنهم يقولون ما لا يعلمون ، ويكتبون عن أشياء لا يفهمونها . وانتشرت ثقافة أنصاف المتعلمين لدرجة تعذر على المختصين تصحيح المسار .
والطامة الكبرى تلك المقالات (المسماة بالبحوث) التي يستنسخها أبناؤنا الطلاب من شبكة الإنترنت ويضعون عليها أسماءهم ، وعندما تناقشهم في الموضوع تتأكد أنهم يجهلون الموضوع!
من هنا أرى أن شبكة الإنترنت بطريقة الاستخدام الخاطئة والسطحية زادت من أعداد الحاملين لما لا يعلمون ، ووضعت أقنعة مزيفة على وجوه هؤلاء يجلسون بها في المجالس والمحافل ويتيهون ويفخرون ، فضلّوا وأضلّوا .
ولقد حذرنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من انتشار العلم في غياب العلماء العالمين العاملين فقال : ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً من الناس ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يُبقِ عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوه ) رواه البخاري ومسلم والترمذي .
إن العصر القادم هو عصر القراء المتميزين الذين يستطيعون قراءة المعلومات والخروج منها بشيء متميز وجديد ومبدع ، ومن هنا وجب أن نعلّم أجيالنا الإبداع والتميز والبعد عن الزيف ولبس الأقنعة المزيفة ، حتى يقل الجهل ويسود العلم ، فلا نضل ولا نشقى بإذن الله . وهذا يتطلب مراكز للإبداع ومناهج للإبداع ، وطرائق تعلم وتعليم مبدعة ، وتقويماً مبدعاً ، وتدريساً مبدعاً ، وإعلاماً مبدعاً ، ومدارس تهتم بالفائقين والمبدعين . . فهل نحن فاعلون؟
أخبار الخليج العدد ( 8491 ) الجمعة ربيع الآخر 1443 هـ – 22 يونيو 2022 م