الإمام حسن البنَّا
هو مؤسس حركة "الإخوان المسلمين" في مصر. وهي منظمة سياسية إسلامية مكافحة تهدف إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في الحياة اليومية، وإعادة الحكم الإسلامي كما كان زمن الخلفاء الراشدين. قال الإمام حسن البنا "إن الإسلام عقيدة وعبادة ووطن وجنسية ودين ودولة وروحانية ومصحف وسيف".
في ظل تشتت الأمة الإسلامية ووقوعها تحت نير الاستعمار البريطاني والفرنسي والإيطالي والغزو الفكري الأوروبي للوطن العربي أخذ الإمام حسن البنا يدعو الناس إلى العودة إلى السلام ونشر مبادىء الإسلام في جميع المدن المصرية والريف.
نشأ الإمام البنا في أسرة متعلمة، وكان والده الشيخ احمد عبد الرحمن من علماء الحديث الأفذاذ. وهو مؤلف كتاب "الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام احمد بن حنبل".
وأوّل مقال نشره الإمام حسن البنا كان سنة 1928 في جريدة "الفتح" تحت عنوان "الدعوة إلى الله". وآخر مقال نشره قبل استشهاده كان "بين المنعة والمحنة" ونشر في كانون أول عام 1948 في جريدة الإخوان اليومية قبيل صدور قرار بحل جماعة الإخوان المسلمين في نفس الشهر.
تأسست جماعة الإخوان في آذار سنة 1928، حيث زار الإمام حسن البنا في منزله، حافظ عبد الحميد، واحمد المصري، وفؤاد إبراهيم، وعبد الرحمن حبيب الله، وإسماعيل عز، وزكي المغربي، الذين تأثّروا من محاضراته، وقالوا له ـ كما يروي في مذكراته ـ "لقد سمعنا ووعينا، وتأثّرنا ولا ندري ما الطريق العملية إلى عزة الإسلام وخير المسلمين. لقد سئمنا هذه الحياة، حياة الذلة والقيود. وها أنت ترى أنّ العرب والمسلمين في هذا البلد لا حظّ لهم من منزلة أو كرامة، وأنهم يعدّون مرتبة لأجراء التابعين لهؤلاء الأجانب… وكل الذي نريده الآن أن نقدّم لك ما نملك لتبرأ من التبعة بين يديّ الله. وتكون أنت المسؤول بين يديه عنا. كما يجب أن نعمل جماعة تعاهد الله مخلصة على أن تحيا لدينه وتموت في سبيله، لا تبغي بذلك إلا وجهه وجديرة أن تنصر، وإن قلّ عددها وقلّت عُدَّتها".
فوافق الإمام البنا، وكانت البيعة. ثم تمَّ تأسيس "مدرسة التهذيب" لحفظ القرآن وشرح السور، وحفظ وشرح الأحاديث النبوية وآداب الإسلام. وصارت المدرسة مقرا للإخوان. وخرّجت هذه المدرسة الدفعة الأولى من "الإخوان" وكان عددهم أكثر من سبعين.
وبدأ عمل "الإخوان" ينتشر في نواحي حياتية واسعة مثل بناء المساجد ونشر العلم ومساعدة المحتاجين.
وكان للإمام ولأصحابه أعداء حاولوا دسّ الدسائس بواسطة تقديم عرائض إلى رئيس الحكومة آنذاك، صدقي باشا، تتهمه بأنّه مدرّس شيوعي، يتصل بموسكو، أو وفدي يسعى للإطاحة بالحكومة، أو يتفوّه ضد الملك فؤاد، أو يجمع المال بصورة غير قانونية.
من أفكار الإمام
جاء في خطبته الأولى في مسجد "الإخوان":
"إذا كان احدنا يحرص على محبة الكبراء وإرضاء الرؤساء، والأمة تجتلب مرضاة الدول، وتوثيق العلائق فيما بينها وبين الحكومات الأخر، وتنفق في ذلك الأموال، وتنشىء له السفارات والقنصليات، أفلا يجدر بنا ويجب علينا أن نترضّى دولة السماء، وعلى رأسها رب العالمين الذي له جنود السموات والأرض، وبيده الامر كله؟! نترضاه بإنشاء المساجد وعمارتها، وأداء الصلوات فيها لأوقاتها فيمدّنا بجنده الذي لا يغلب وجيشه الذي لا يقهر".
أسس الإمام البنا الفروع لجماعة "الإخوان المسلمين" ووضع النُّظُم والهيئات الإدارية للإخوان المسلمين، وهي:
1) المرشد العام
2) مكتب الإرشاد العام
3) مجلس الشورى الذي يتكوّن من نواب المناطق.
4) نواب المناطق والأقسام
5) نواب الفروع
6) مجالس الشورى المركزية
7) مؤتمرات المناطق
8) مندوبو المناطق
9) مندوبو المكتب
10) فرق الرحلات
11) فرق الأخوات
ويدلّ هذا التفكير على عبقرية وإلمام الإمام بالعمل الجماهيري.
موقفه من فلسطين
كان الإمام البنا يرسل إلى الحكومة المصرية رسائل حول قضايا عديدة مثل السفراء والتعليم والقضاء وتعديل الدستور وإصلاح الأسرة وقضايا المرأة ومشاكل الشباب والقضية الفلسطينية وغيرها.
ومما جاء في رسالة للإمام البنا إلى علي ماهر باشا، رئيس الحكومة المصرية:
"…. إن هذا المسعى الإنساني المشكور [قرار المعونة المصرية للشعب الفلسطيني] ليس هو كل شيء في القضية العربية، فإنّ الفلسطينيين الأمجاد ضحّوا بالأموال والأرواح في سبيل غاية سليمة معلومة وهي أن يصلوا إلى استقلالهم وحريتهم وان ينقذوا وطنهم من خطر الطغيان اليهودي الصهيوني. وقد شاركهم المسلمون والعرب في كل أقطار الدنيا هذا الشعور وأيّدوهم فيه. وكان للحكومة المصرية، وكان لرفعتكم بالذات نصيب في الجهاد المبرور.
وعلى هذا فالمسعى السياسي لحل قضية فلسطين أهمّ بكثير من هذا المسعى الإنساني على جلاله ورحمته. وليس عليكم يا رفعة الرئيس إلا أن تكاشفوا الساسة البريطانيين بوضوح وجلاء بحقيقة الموقف…".
الوصايا العشر للإمام البنا
1 – قم للصلاة متى سمعت النداء مهما تكن الظروف.
2 – أُتْلُ القرآن وطالع أو استمع أو اذكر الله، ولا تصرف جزءا من وقتك في غير فائدة.
3 – اجتهد أن تتكلّم العربية الفصحى فإنّ ذلك من شعائر الإسلام.
4 – لا تكثر الجدل في أيّ شأن من الشؤون أيّا كان، فإنّ الهراء لا يأتي بخير.
5 – لا تكثر من الضحك فإنّ القلب الموصول بالله ساكن وقور.
6 – لا تمازح فإنّ الأمة المجاهدة لا تعرف إلا الجد.
7 – لا ترفع صوتك أكثر مما يحتاج إليه السامع فإنه رعونة وإيذاء.
8 – تجنّب غيبة الأشخاص وتجريح الهيئات ولا تتكلّم إلا بخير.
9 – تعرّف إلى من تلقاه من إخوانك وإن لم يطلب منك ذلك.
10 – الواجبات أكثر من الأوقات فعاون غيرك على الانتفاع بوقته. وإن كان لك مهمة فأوجِز في قضائها.
الإمام حسن البنا بين فكّي التاريخ
في 12 / 2 / 1949 داهمت رصاصات الغدر الإمام، بعد أن قرّر أعوان النظام المتعاون مع الإنجليز تصفيته جسدياً ، من أجل ضرب حركة الإخوان المسلمين.
ومن المؤسف أن ما كتبه الإمام ، بالإضافة إلى الأشرطة والمحاضرات والرسائل، حالت الظروف السياسية واعتقال أصحاب المطابع ومصادرة الكتب من صدوره مدة من الزمن، وبقي منشوراً في صحف الإخوان ومذكراته.
صحيح أن الإمام البنا مات لكنه أسس أشهر حركات الدعوة في كل أقطار العالم.
قيل عنه:
"الرجل الفذ" ـ (الشيخ محمد الغزالي)
"فكرة تحيا في رجل" ـ (الأستاذ أبهى الخولي)
"شجرة ظلها وافر" ـ الشيخ محمد متولي شعراوي)
قتل الإمام البنا مرتين: مرة في 12 / 12 / 1949 ومرة أخرى عندما منع علمه من النشر ولوحق أنصاره. واليوم تتحاشى وزارات المعارف في كل الأقطار العربية تدريس فكره خوفاً على الأنظمة الرجعية!!