هذه هي وجهة نظري و هذا ما أعتقده على أية حال, و أظن أن أغلبكم يؤيدني على ما أقول, هذا إذا لم يؤيدني الجميع…
و لكن ماذا عن صديقنا ستيفن ؟!, حسناً لنرى قصته و لنرى وجهة نظره….
ـــــــــــــــــ
لماذا الجميع يتفقون على أن يسمعونني تلك العبارة المزعجة؟!, لكم وددت أن أثبت لهم عكس ما يظنون بي, و لكنهم لا يعطونني الخيار…
حسناً, أنا و ياللأسف طالب بالمرحلة الثانوية, بقي لي سنتان على التخرج و التخلص من الحياة المدرسية, للدخول إلى حياة
الجامعة, و أنا حريص أشد الحرص على تحسين علاماتي, حتى أقبل بجامعة عالية و محترمة كما يود أبي, و لكن أنى لي ذلك و أنا
بوسط مجموعة من المجانين و مخربين الحياة كما أطلقت عليهم ذلك؟!, فقد كان كل ذنبي أنني من النوعية التي تحترس و تخاف
قليلاً, أجل أخاف و لكن ليس لدرجة الجبن, فقط ترتعد فرائصي إذا فاجأني أحدهم من الخلف, و بسبب ذلك أصبحت أضحوكة المدرسة, و لكنني عازمٌ كل العزم على أن أثبت لهم عكس ما يظنون بي…
و هذا ما أفعله الآن كما ترون, جالس بغرفتي الصغيرة الزرقاء جدرنها و قد أسدلت الستائر البيضاء على زجاج النافذة, حتى أعتم
المكان, و أمامي المرآة البيضاوية الصغيرة على الجدار, و معي شمعة سأشعلها بعد أن أغلق ضوء المصباح, و كذلك سأضبط آلة التصوير خاصتي, حتى أسجل كل ما سيحدث معي, و…
آه حسناً, أنتم لا تفهمونني الآن, و أظن أنكم تعتقدون أنني مجنون أو ما شابه, فماذا أفعل بتلك الأشياء في غرفتي يا ترى؟!,
معكم كل الحق, و لكن لن تتفاجؤا بعد الآن, إذا قلت لكم أن هذه هي الأدوات التي ستثبت لهم أنني شجاع
و لا أخاف , أقصد الشمعة و المرآة و آلة التصوير, التي ستسجل كل ما يدور, و سترون معي الآن….
أول خطوة, سأضبط الآلة على التسجيل, و هذا بضغطي على زر ابدأ, ها هي الآن باتت معدة و مهيئة لتسجيل كل شيء, لذا, دعوني أتحدث أمامها بعد إذنكم…
– اليوم هو الثلاثاء , الثاني من شهر شباط, عام 2022 , الساعة بالضبط الآن حوالي الواحدة بعد منتصف الليل, معكم ستيفن ووكر, حيث اليوم سأجري أمامكم بنفسي, تجربة مخيفة بعض الشيء, و سوف أرى بنفسي هل بالفعل " أسطورة ماري الدموية " حقيقية أم لا؟!
أغلقت المصباح ثم أشعلت الشمعة كما ترون, ثم أخذت نفساً عميقاً و أنا أقف أمام مرآتي, راقبت إنعكاس وجهي الخائف و المتوتر
على المرآة, مع تراقص ضوء الشمعة, فتعالت ضربات قلبي كما تسمعون, حسناً, إن الموقف مرعب قليلاً, و مع ضوء الشمعة أصبح
يشبه أفلام الرعب, لذا, تنهدت محاولاً تهدئة مخاوفي و تذكر الخطوات التي سأستدعي بها ماري الدموية, فالأسطورة تقول..
" لكي ترى ماري الدموية, عليك بمناداتها أمام المرآة خمس مرات قائلاً ( ماري الدموية أنا من قتلت أطفالك) في الليل و الجو معتم, فقط ضوء شمعة كافٍ للإنارة, عندها ستراها…و لكنك لن تعيش بعد ذلك لتخبر العالم بما شاهدت, لأنها ستخطفك لعالمها و لن تعود كما كنت…"
ارتعبت قليلاً و ابتلعت ريقي, و لكن يجب أن أثبت لهم أنني لست جباناً, فلقد طفح الكيل…
رفعت خصلاتي الفاحمة عن عيني الزرقاء, ثم نظرت مجدداً نحو المرآة, و بدأت أقول بصوتٍ حاولت أن أجعله غير مرتعش و لكنني فشلت:
– مــاري الدموية أنا من قتلت اطفالك!, ماري الدموية أنا من قتلت اطفالك!, ماري الدموية…أنا من…قتلت…أطفا..لك
حسناً ما هذه البرودة التي أشعر بها؟!, ربما هي آتية من نافذة المطبخ, فغرفتي تقع أمام المطبخ, حسناً, سأكمل ما بدأت به, فقد
بقي لي جملتين و أنتهي: – ماري الدموية أنا من قتلت أطفالك!
ما هذه المصيبة, لقد انطفأت الشمعة, بسبب تيار الهواء الذي شعرت به الآن, و..لحظة ما هذا كأنني لمحت شيئاً يتحرك في
الظلام, أوه يبدو أن الأسطورة بدأت تخيفني, تشجع يا ستيفن, فليس هذا وقت الضعف, إن نجحت فستثبت لهم أنك بطل, و ستدخل التاريخ لأنك أول من يجربها, لا تخفق أرجوك…
بقي لي جملة واحدة و تكتمل الخطوات, و لنرى بعدها هل ستأتي السيدة ماري أم لا؟!
نظرت مجدداً للمرآة, ثم قلت بصوتٍ حازم و مصمم على إكمال التجربة:
– مــاري الدموية … أنا من قتلت أطفالــك!
انتظرت لدقائق حدوث شيء, و لكن يبدو أنه لن يحدث, فتنهدت براحة كبيرة ثم أشعلت المصباح, إذاً الأسطورة غير حقيقية,
ليس هنالك شيء مخيف, لقد كسرت الخوف بداخلي, حسناً دعوني أتحدث أمام آلة التصوير…
و بصوتٍ كله فخر بدأت أقول:
– كما ترون, لم تظهر ماري الدموية, و لم يحدث شيء مخيف, و لقد قمت بالتجربة بمفردي, و كل ما رأيـ…
هااه هل هذا وقت الكهرباء؟!, أرجوكِ لا تقطعي.. لماذا المصباح يرتعش ضوءه هكذا؟!, لحظة هل سمع أحدكم شيئاً؟!, ما هذا
الصوت الغريب؟!, من أين يصدر ؟!, إنه أشبه بصوت خطوات, هل أخبرتكم بأنني أعيش مع والدي فقط و هو الآن مسافر في عمل, لا لم أخبركم!!..
حسناً, و بعد أن عرفتم الآن, خطوات من هذه؟!, و ما هذه الأنفاس الباردة التي أشعر بها في مؤخرة رأسي, يا إلهي, هل بدأت أهذي؟!,سألتفت للخلف لأرى ماذا يوجد؟!…
أظنني لمحت شيئاً ما خلال المرآة, سأقترب أكثر لأتحقق, ربما أنا واهم..
يا إلهي, ما هذا الشيء الغريب؟!, هل يعقل أن تكون؟!…
إنها مــا….
ــــــــــــــ
لست بحاجة لأسطورة كي تثبت أنك شجاع و لا تخاف..
ماري الدموية, لطالما حملت الرعب إلى قلوبنا, لطالما خاف البعض أن يفعل ما تقوله الأسطورة حتى لا تظهر له ماري, مع العلم أننا نثق بأنها لن تظهر لنا, و لكننا مع ذلك لم نجسر على فعلها, حسناً إنه ذلك النوع من الرهبة, أن تخشى من شيء, كخوفك من الأشباح و ما إلى ذلك, و لكنني لن أقول أنه إذا قمنا بتنفيذ تلك الأسطورة لن يحدث لنا شيء, فمن يدري ربما تحققت و ربما لا…
و أنا لا أقصد أن ماري ستظهر, ربما شيء آخر هو ما سيظهر من خلال المرآة, فنحن لا نعيش بمفردنا, و لسنا وحدنا…
في خلاصة الأمر, لقد أخطأ ستيفن و دفع الثمن, بإختفائه, ففي اليوم التالي من الحادث, عاد والده من السفر, و لكنه لم يجد له أثر, و لا يعرف أين ذهب ابنه الوحيد؟!, فقط كل ما تبقى هو شمعة منطفئة, تدحرجت على أرضية الغرفة, و آلة تصوير لم تعد تعمل, لأنها اختربت…و لكن أين ستيفن؟!, إلى أين ذهب؟!, هل من خطفه هو ماري الدموية؟!, أم تراه شيء آخر, أخطر من ماري…..