إلى جنان الخلد أيها القلب الطيب ..!! [ ابداع ]

منذ ولدت ونحن لم نفترق يوما ..ولا ابتعدنا للحظة .. كنا دائما سوية .. تشاركنا الأفراح و الأتراح .. وتقاسمنا الهموم والمسرات ..ضحكنا معا من الأعماق حتى الثمالة .. وتجرعنا الحسرات بأسى لحد الانهيار ..تبادلنا الأحاديث في جلسات حميمة عن المشاعر والأحاسيس التي تختلجنا …وعن الحب ..بكل أشكاله ومعانيه ..كان رائعا في وصفه للإنسانية .. وللرحمة ..والعاطفة .. جعلني أحترم نفسي لأنني من البشر .. كنا نتهامس بالأسرار .. عن الضفائر الصغيرة التي اهتزت من كلمة عذبة و نظرة معجبة ..ولم يسبق وأن خانني يوما ..أو وشى بي ..كان مخلصا ..وتحملني كثيرا .. فما مررت به كان يجعلني أفقد صوابي ..لكنه كان دائما إلى جانبي ..الناصح والرفيق ..

عاتبني وعاتبته كثيرا ..وبخني ووبخته كثيرا .. تخاصمنا وتصالحنا كثيرا ..!! لكنه مؤخرا بدا لي متعبا ..ذابلا ..ترتسم على ملامحه النهاية ..وأي نهاية ..!! إنه الموت .. بدأ يرسم معالمه على صديقي العزيز .. ورفيقي الوفي .. في حياتي لا أذكر الكثير من الأحداث ..لأنها سارت بوتيرة واحدة تقريبا ..الألم ..الحزن ..الخيبة ..والصدمات ..
لكنني أذكر حادثة أثرت بي كثيرا ..ولم تفارق عيني ولا مخيلتي .. يوم فقدت الرجل الذي أحب .. وحرمت من ظله العطوف .. فقدته بلمح البصر ولم يتسن لي أن أخبره كم أحبه .. كم أحتاجه ..كم أشتاق له .. ذهب ..وترك لي الفراغ ..والخوف .. والضعف ..تألمت ..وتعذبت …وحتى هذه اللحظة لم يشف جرحي بعد ولم يلتئم .. بعدها لم أعد أذكر الكثير .. إلا صورا جمعتني بصديقي الذي أحدثكم عنه .. صور متفرقة ..ومتباعدة ..!!

واليوم ولثاني مرة ..أفقد صاحبا عزيزا علي .. وأقف مشيعة إياه في هذه اللحظات .. لكن هناك شيء مختلف هذه المرة .. لا اشعر بشيء محدد .. ولا أستطيع وصف ما بداخلي ..أحاول أن أتلمس زوايا صدري ..وحنايا أضلاعي لأجد شيئا أقوله …لا أجد غير الفراغ ..!! لا شيء بالداخل ..!! كنت أحبه كثيرا ..ويجب أن افتقده لأنه صاحبني لأكثر من ثلاثين عاما ..لكنني أعجز عن .. نعم ..أعجز عن الشعور ..!! هذا هو ما افتقده ..هذا ما لا أستطيع إيجاده ..نعم ..أنا خالية من الشعور.. لقد مات وأخذ معه كل ما كان يدور بين هذه الأضلاع الضعيفة ..
أخذ معه كل ما يقال عنه ..حياة بداخلي .. أجل .. يا صديقي العزيز .. كان يجب أن أتشح بالسواد حزنا عليك ..وأن اذرف الدموع لفراقك ..أعذرني ..حاولت تذكر معنى هذه الكلمات لكن دون جوى .. لكن تدور في ذهني كلمة سمعتها تقال في مثل هذه المناسبات ….!! وأنا أراك تهبط بهدوء إلى مثواك الأخير ..أقول لك .." إلى جنان الخلد أيها القلب الطيب ..!!"

(هذه أولى خواطر بوحي بأسراري ..!!)