أمام خيارين ..أحلاهما مّر
سهير بشناق – خيار ارسال الاطفال الى الحضانات بسبب عمل الامهات ليس الخيار الانسب لكنه في اغلب الحالات قد يكون الاوحد.! بعد انتهاء اجازة الامومة لا مفر من طرق اكثر من باب من ابواب الحضانات فاعباء الحياة الاقتصادية وعدم امكانية تخلي الام عن العمل والراتب في نهاية كل شهر تضعها في مواجهة خيارين أحلاهما مر.
فتسليم مهمة الاعتناء بطفل حديث الولادة او قبل عمر العامين ليس بالمهمة السهلة بل هي من اصعب المهمات التي يبدو ان بعض الحضانات لا توليها الاهتمام الكافي وتعمل على تعيين مشرفات لسن مؤهلات للتعامل مع هذه الفئة بل ان البعض منهن لم تعتن بأي طفل مما يعني قيامها بالتجربة على اطفال الاخرين .
قضايا الحضانات و الاساليب التي تتبعها في التعامل مع الاطفال من اهم الجوانب التي بات من الضروري ايلاؤها اهتماما اكبر من قبل وزارة التنمية الاجتماعية خاصة و ان عملية الاشراف على الحضانات من اختصاص الوزارة التي لا تتوانى عن تشكيل لجان تحقيق امام أي حادثة موت طفل في الحضانة لتتكرر هذه القضية و لو خلال فترات متباعدة .
حادثة موت طفلين في دور الحضانة في اقل من اسبوع اثارت خوف وقلق الاهل على اطفالهم هذا القلق الذي يتجدد كل يوم يصطحبون به اطفالهم للحضانات و لا ينتهي الا بعودتهم الى بيوتهم وبصحبتهم اطفالهم اصحاء ،والامثلة حاضرة من الطفلة ذات الخمسة شهور التي توقفت عن التنفس خلال وجودها بالحضانة وتعاني من تلف دماغي وترقد في احدى المستشفيات الى طفل الثمانية اشهر الذي وصل المستشفى من الحضانة متوفى .
حالتان تذكران بموت اطفال اخرين خلال السنوات الماضية نتيجة الاختناق او عدم الاهتمام بهم كما يجب خاصة وهم في عمر صغير يتطلب عناية كبيرة من قبل القائمين على هذه الدور .
قصص محزنة لاهل فقدوا اطفالهم بعد ارسالهم للحضانات بدلا من ان يعودوا بهم الى المنزل رغم الاجراءات التي تتبع من قبل وزارة التنمية الاجتماعية بحق هذه الحضانات و تبعا لمصادر مسؤولة بالوزارة تصل الى حد اغلاق الحضانة التي يثبت اهمالها بحق اي طفل لكن هذا الاغلاق لا يلبث ان يزول بعد فترة معينة وتعود الحضانة للممارسة عملها كما في حوادث سابقة .
امين عام وزارة التنمية الاجتماعية محمد الخصاونة اشار الى دور الوزارة في متابعة دور الحضانات بين فترة و اخرى و التاكد من تطبيقها للتعليمات المتبعة وعدم مخالفة أي شرط كان .
واكد على ان الوزارة لا تتهاون امام أي تقصير مهما كان نوعه مبينا انها قامت خلال فترات سابقة باغلاق حضانات و توجيه انذارات لعدد من الحضانات التي لا تلتزم بالشروط و التعليمات فسلامة الاطفال هو الاولوية الاولى .
وتبعا لمصادر وزارة التنمية الاجتماعية هناك حوالي 810 حضانات تستقبل ما يقارب 15 الف طفل منها حضانات تابعة لمؤسسات ومدارس وحضانات لجمعيات وحضانات لقطاع خاص.
وهذه الحضانات تتباين في نوعية الخدمات التي تقدمها للأطفال ومدى مراقبتها لهم فهناك حضانات تستقطب مربيات غير مؤهلات اكاديميا للتعامل مع الاطفال اضافة الى قبولها اطفالا كثرا يفوق قدرة الحضانة الاستيعابية مما يعني تاثر نوعية الخدمات و الرعاية للأطفال .
الرؤية السائدة بان الحضانة هي مكان للأهتمام بالطفل من ناحية الغذاء ومراقبته اثناء اللعب فقط ،متجاهلين ان الحضانات هي التي تستقبل الاطفال من عمر يوم الى عمر اربع سنوات حيث ينتقل الطفل بعدها الى رياض الاطفال و في عمر السادسة الى مرحلة التعليم الأساسية في المدرسة ما يعني ان ايامه في الحضانة جزء من تكوينه النفسي والانفعالي لاحقا .
وقد بينت المعلومات في هذا المجال ان الرعاية المؤقتة التي توفرها الحضانات لاصغر الفئات العمرية و اكثرها حرجا محدودة للغاية ففي عام 2022 لم تكن تخدم هذه الحضانات سوى 13901 طفلا لا يمثلون سوى حوالي 2 % من فئة الاطفال من عمر 0 – 4 سنوات .
التعليمات الجديدة لدور الحضانات انتهت، و تستعد الوزارة لتطبيقها الا ان اخصائيين اجتماعيين يرون ان قضية اهمال بعض الحضانات بحق الاطفال سواء كان اهمالا في جوانب عديدة كإطعامهم او اعطائهم الحليب وعدم الانتباه للخطوات اللازمة لما بعد ذلك او اعطائهم بعض انواع الادوية التي عادة يحضرها اهل الطفل اذا كان مريضا جمعيها تصب باهمال يؤدي الى وفاة الطفل ولن تؤثر التعليمات الجديدة كثيرا على هذه الامور .
ويؤكد اولياء امور على ان هناك حضانات تستخدم مربيات غير مؤهلات ولا تعتني بالاطفال خاصة حديثي الولادة كما يجب مما يعرضهم للأختناق نتيجة اطعام خاطىء او طرق نوم غير صحيحة .
فايجاد الية فعالة لمراقبة هذه الحضانات بات امرا ضروريا و الاكتفاء بوضع الانظمة و التعليمات وعدم التقيد بها من قبل بعض الحضانات اصبح امرا غير مجد يذهب ضحيته اطفال ابرياء ويخلف وراءه حزنا يدمي قلوب امهاتهم وابائهم الذين لا يجدون وسيلة امامهم سوى الحضانات التي لا يعلمون انها في بعض الحالات تتسبب في موت اطفالهم .