بسم الله الرحمن الرحيم
أصــــــوات الليــــــــــل ؟؟.؟ | ||
( الخاطرة للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
( الخاطرة للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
فقد الليل نصفه .. وبدأت خطواته تتسارع نحو سواحل الشمس .. وقد أعطي من الصبر الكثير والكثير .. ثم أخذ ينكمش حجماً حتى يكون متاحاً للخروج من كوة الفجـر .. وتلك الأسرى من خلائق الليل بدأت تفقد الصبر وقد ملت من كثرة الرضوخ والسكون .. نامت حتى شبعت ثم أخذت تتوق لفلق الإصباح .. أما أصوات الليل تلك التي أقامت الكرنفالات فبدأت تتراجع وتنكمش استعداداَ للرحيل .. فقد انفضت محافل الرقص .. وأسدلت ستائر المسارح .. وبدأ الرواد في ترتيب الأغراض للرحيل .. ولكن بقي القليل من تلك الأصوات .. عزف منفرد لجندب منهك .. ونعيق لبوم تعود الإيحاء بالتجسس في الخفاء .. ورفرفة لوطاويط صماء تعبث في الفضاء .. وعقوقه لضفدعة أضنتها النداءات منذ مطلع المساء .. تنادي رفيقاَ قد أبى وقد ألتزم الطناش والجفاء .. ثم ذلك الصوت البعيد العميق لكروان يشتكي الوحدة ويجاهر بالنداء .. يفقد الرفقة ويفقد الصبر ويفضح المشاعر بالبكاء .. تلك شلة من زمرة الليل تعودت أن تعمر الليالي بالإحياء .. دائماَ تطرب الليل بأصواتها وتجاهر بالنداء .. وفي سيرتها ذلك الإيحاء بمرارات الأحوال حيث جفاء الأحباء .. فهي تعلن على الملأ مقدار العناء .. وشيمة أهل الليل أنها لا تتساوى في مقدار الحظ والوفاء .. ففيهم من يلتقي بالرفقة الحسنة حيث لحظات الهناء .. وفيهم من ينتظر طوال الليل مساهراَ ثم تضيع جهوده في الهباء ً.. وفيهم من ينادي وينادي ولكن تذهب نداءاته أدراج الرياح في الفضاء .. وفيهم تلك الرقيقة العفيفة الظريفة التي تسافر في كنف الأحلام ثم تبتسم بحياء .. أسرار في غاية البراءة تحتفظ بها قلوب صغيرة طاهرة عالية النقاء والصفاء .. وتلك سنة معهودة لمخلوقات تسكن الليالي حين تحجبها ستائر العفة من أعين الرقباء .. ذلك الجندب قد اكتفى وبدأ يتمهل في العزف ويتكاسل عن العطاء .. يعزف بعد فترات متباعدة وقد تيقن أن عزفه لا يوافق الأهواء .. فالعيب قد يكون في اللحن أو في الأوتار أو في كلمات الغناء .. وذلك الكروان قدم عرضاَ يليق بالمقام ثم يتعجب كيف لم يجد الاستجابة بالوفاء .. كان ينادي بصدق المشاعر وصوته يشق عباب الليل يزعج الأرجاء .. ولكن يبدو أن الرسالة لم تصل لأهلها عبر الفضاء .. أو أنها قد وصلت ولكن للآخرين رأي في ذلك اللقاء .. فقد يكون القلب قد ارتحل لساحة أخرى من الرفقاء .. وقد تكون الجفوة مردها الطناش والتعمد بعدم الوفاء .………… تلك صورة القلوب التي تحيي الليالي بالبكاء والأحزان .. فهي لا تعرف المودة الدافقة المنهمرة في أكثر الأحيان .. والليل في شمله قد يجمع أضابير الذكريات والحكايات المريرة .. فنائل تنوم عيناه قريرة أو خاسر تبكي عيناه ضريرةَ .. وأنات القلوب عادةَ يغلفها دثار الصبر بالكتمان .. وظلام الليل يستر دموع الأعين حين تثور الوجدان .. دموع تتسلل في حياء ثم تبلل الوسائد من شدة الحرمان .. وآهات تصدرها القلوب في جوف ليل فتحجبها الجدران .. وذلك الكروان حين ينادي إنما يواسي قلوباً تشتكي ثم تستحي أن تبوح للأعيان .. لا يستحي الكروان حين يجاهر ولكن يستحي ذلك الإنسان .
|
||
( الخاطرة للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
ـــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد