التصنيفات
شخصيات عالمية و عربية

مالك بن انس – امام دار الهجرة

إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله تعالى

يروى في فضله ومناقبه الكثير ولكن أهمها ما روي[عن أبي هريرة يبلغ به النبي (صلى الله عليه وسلم) قال ليضربن الناسأكباد الإبل في طلب العلم فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة] إنه الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة، وصاحب أحد المذاهب الفقهيةالأربعة في الإسلام وهو المذهب المالكي، وصاحب كتب الصحاح في السنة النبوية وهوكتاب الموطأ. يقول الإمام الشافعي: إذا ذكر العلماء فمالك النجم.

——————————————————————–

نسبه ومولده
هو شيخ الإسلام حجة الأمة إمام دار الهجرةأبو عبد الله مالك ابن أنس بن مالك بن أبى عامر بن عمرو بن الحارث بن غيمان بن خثيلبن عمرو بن الحارث وهو ذو أصبح بن عوف بن مالك بن زيد بن شداد بن زرعة وهو حميرالأصغر الحميري ثم الأصبحي المدني حليف بني تيم من قريش فهم حلفاء عثمان أخي طلحةبن عبيد الله أحد العشرة المبشرين بالجنة.

وأمه هي عالية بنت شريك الأزديةوأعمامه هم أبو سهل نافع وأويس والربيع والنضر أولاد أبي عامر.

ولد مالكعلى الأصح في سنة 93ه عام موت أنس خادم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ونشأ فيصون ورفاهية وتجمل

طلبه للعلم
طلب الإمام مالك العلم وهو حدث لم يتجاوزبضع عشرة سنة من عمره وتأهل للفتيا وجلس للإفادة وله إحدى وعشرون سنة وقصده طلبةالعلم وحدث عنه جماعة وهو بعد شاب طري.

ثناء العلماء عليه
عن ابن عيينة قال مالك عالم أهلالحجاز وهو حجة زمانه.

وقال الشافعي: إذا ذكر العلماء فمالك النجم.

وعن ابن عيينة أيضا قال كان مالك لا يبلغ من الحديث إلا صحيحا ولا يحدث إلاعن ثقة ما أرى المدينة إلا ستخرب بعد موته يعني من العلم.

روي عن وهيبوكان من أبصر الناس بالحديث والرجال أنه قدم المدينة قال فلم أرى أحدا إلا تعرفوتنكر إلا مالكا ويحيى بن سعيد الأنصاري.

إمام دار الهجرة
روي عن أبي موسى الأشعري قال [قالرسول الله(صلى الله عليه وسلم) يخرج ناس من المشرق والمغرب فيطلب العلم فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة] ويروى عن ابن عيينة قالكنت أقول هو سعيد بن المسيب حتى قلت كان في زمانه سليمان بن يسار وسالم بن عبد اللهوغيرهما ثم أصبحت اليوم أقول إنه مالك لم يبق له نظير بالمدينة.

قال القاضيعياض هذا هو الصحيح عن سفيان رواه عنه ابن مهدي وابن معين وذؤيب بن عمامه وابنالمديني والزبير بن بكار وإسحاق بن أبي إسرائيل كلهم سمع سفيان يفسره بمالك أو يقولوأظنه أو أحسبه أو أراه أو كانوا يرونه.

وذكر أبو المغيرة المخزومي أنمعناه ما دام المسلمون يطلبون العلم لا يجدون أعلم من عالم بالمدينة فيكون على هذاسعيد بن المسيب ثم بعده من هو من شيوخ مالك ثم مالك ثم من قام بعده بعلمه وكان أعلمأصحابه.

ولم يكن بالمدينة عالم من بعد التابعين يشبه مالكا في العلم والفقهوالجلالة والحفظ فقد كان بها بعد الصحابة مثل سعيد بن المسيب والفقهاء السبعةوالقاسم وسالم وعكرمة ونافع وطبقتهم ثم زيد بن أسلم وابن شهاب وأبي الزناد ويحيى بنسعيد وصفوان بن سليم وربيعة بن أبي عبد الرحمن وطبقتهم فلما تفانوا اشتهر ذكر مالكبها وابن أبي ذئب وعبد العزيز بن الماجشون وسليمان بن بلال وفليح بن سليمانوأقرانهم فكان مالك هو المقدم فيهم على الإطلاق والذي تضرب إليه آباط الإبل منالآفاق رحمه الله تعالى.

قال أبو عبد الله الحاكم ما ضربت أكباد الإبل منالنواحي إلى أحد من علماء المدينة دون مالك واعترفوا له وروت الأئمة عنه ممن كانأقدم منه سنا كالليث عالم أهل مصر والمغرب والأوزاعي عالم أهل الشام ومفتيهموالثوري وهو المقدم بالكوفة وشعبة عالم أهل البصرة إلى أن قال وحمل عنه قبلهم يحيىبن سعيد الأنصاري حين ولاه أبو جعفر قضاء القضاة فسأل مالكا أن يكتب له مائة حديثحين خرج إلى العراق ومن قبل كان ابن جريج حمل عنه.

قصة الموطأ
يروي أبو مصعب فيقول: سمعت مالكا يقول دخلتعلى أبي جعفر أمير المؤمنين وقد نزل على فرش له وإذا على بساطه دابتان ما تروثانولا تبولان وجاء صبي يخرج ثم يرجع فقال لي أتدري من هذا قلت لا قال هذا ابني وإنمايفزع من هيبتك ثم ساءلني عن أشياء منها حلال ومنها حرام ثم قال لي أنت والله أعقلالناس وأعلم الناس قلت لا والله يا أمير المؤمنين قال بلى ولكنك تكتم ثم قال واللهلئن بقيت لأكتبن قولك كما تكتب المصاحف ولأبعثن به إلى الآفاق فلأحملهنم عليه.فقالمالك: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فإن أصحاب رسول تفرقوا في الأمصار وإن تفعل تكنفتنة!!

مواقف من حياته
روي أن مالكا كانيقول ما أجبت في الفتوى حتى سألت من هو أعلم مني هل تراني موضعا لذلك سألت ربيعةوسألت يحيى بن سعيد فأمراني بذلك فقلت فلو نهوك قال كنت أنتهي لا ينبغي للرجل أنيبذل نفسه حتى يسأل من هو أعلم منهوقال خلف: دخلت عليه فقلت ما ترى فإذارؤيا بعثها بعض إخوانه يقول: رأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) في المنام في مسجد قداجتمع الناس عليه فقال لهم إني قد خبأت تحت منبري طيبا أو علما وأمرت مالكا أنيفرقه على الناس فانصرف الناس وهم يقولون إذا ينفذ مالك ما أمره به رسول الله (صلىالله عليه وسلم) ثم بكى فقمت عنه.

وروي أن المهدي قدم المدينة فبعث إلىمالك بألفي دينار أو قال بثلاثة آلاف دينار ثم أتاه الربيع بعد ذلك فقال إن أميرالمؤمنين يحب أن تعادله إلى مدينة السلام فقال قال النبي (صلى الله عليه وسلم) المدينة خير لهم ولو كانوا يعلمون والمال عندي على حاله.

وقدم المهديالمدينة مرة أخرى فبعث إلى مالك فأتاه فقال لهارون وموسى اسمعا منه فبعث إليه فلميجبهما فأعلما المهدي فكلمة فقال يا أمير المؤمنين العلم يؤتى أهله فقال صدق مالكصيرا إليه فلما صارا إليه قال له مؤدبهما اقرأ علينا فقال إن أهل المدينة يقرؤونعلى العالم كما يقرأ الصبيان على المعلم فإذا أخطئوا أفتاهم فرجعوا إلى المهدي فبعثإلى مالك فكلمه فقال سمعت ابن شهاب يقول جمعنا هذا العلم في الروضة من رجال وهم ياأمير المؤمنين سعيد بن المسيب وأبو سلمة وعروة والقاسم وسالم وخارجه بن زيد وسليمانبن يسار ونافع وعبد الرحمن بن هرمز ومن بعدهم أبو الزناد وربيعه ويحيى بن سعيد وابنشهاب كل هؤلاء يقرأ عليهم ولا يقرؤون فقال في هؤلاء قدوة صيروا إليه فاقرؤوا عليهففعلوا.

يروي يحيى ابن خلف الطرسوسي وكان من ثقات المسلمين قال كنت عندمالك فدخل عليه رجل فقال يا أبا عبد الله ما تقول فيمن يقول القرآن مخلوق فقال مالكزنديق اقتلوه فقال يا أبا عبد الله إنما أحكي كلاما سمعته قال إنما سمعته منك وعظمهذا القول.

وعن قتيبه قال كنا إذا دخلنا على مالك خرج إلينا مزينا مكحلامطيبا قد لبس من أحسن ثيابه وتصدر الحلقة ودعا بالمراوح فأعطى لكل منا مروحة.

وعن محمد بن عمر قال كان مالك يأتي المسجد فيشهد الصلوات والجمعة والجنائزويعود المرضى ويجلس في المسجد فيجتمع إليه أصحابه ثم ترك الجلوس فكان يصلي وينصرفوترك شهود الجنائز ثم ترك ذلك كله والجمعة واحتمل الناس ذلك كله وكانوا أرغب ماكانوا فيه وربما كلم في ذلك فيقول ليس كل أحد يقدر أن يتكلم بعذره.

وكانيجلس في منزله على ضجاع له ونمارق مطروحة في منزله يمنة ويسرة لمن يأتيه من قريشوالأنصار والناس، وكان مجلسه مجلس وقار وحلم قال وكان رجلا مهيبا نبيلا ليس فيمجلسه شيء من المراء واللغط ولا رفع صوت وكان الغرباء يسألونه عن الحديث فلا يجيبإلا في الحديث بعد الحديث وربما أذن لبعضهم يقرأ عليه وكان له كاتب قدنسخ كتبهيقال له حبيب يقرأ للجماعة ولا ينظر أحد في كتابه ولا يستفهم هيبة لمالك وإجلالا لهوكان حبيب إذا قرأ فأخطأ فتح عليه مالك وكان ذلك قليلا قال ابن وهب سمعت مالكا يقولما أكثر أحد قط فأفلح.

وقيل لمالك لم لا تأخذ عن عمرو بن دينار قال: أتيتهفوجدته يأخذون عنه قياما فأجللت حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن آخذهقائما.

ويروى عن ابن وهب قال: سمعت مالكا يقول لرجل سأله عن القدر نعم قالالله تعالى{ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها}(السجدة:12)

وقال جعفر بن عبد الله قال كنا عند مالك فجاءه رجل فقال يا أبا عبد الله [الرحمن على العرش استوى " كيف استوى فما وجد مالك من شيء ما وجد من مسألته فنظرإلى الأرض وجعل ينكت بعود في يده حتى علاه الرضاء ثم رفع رأسه ورمى بالعود وقالالكيف منه غير معقول والاستواء منه غير مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعةوأظنك صاحب بدعة وأمر به فأخرج]

وفي رواية أخرى قال: الرحمن على العرشاستوى، كما وصف نفسه ولا يقال له كيف وكيف عنه مرفوع وأنت رجل سوء صاحب بدعةأخرجوه.

من كلماته
العلم ينقص ولا يزيد ولم يزل العلم ينقص بعدالأنبياء والكتب.

والله ما دخلت على ملك من هؤلاء الملوك حتى أصل إليه إلانزع الله هيبته من صدري.

أعلم أنه فساد عظيم أن يتكلم الإنسان بكل ما يسمع.

ما تعلمت العلم إلا لنفسي وما تعلمت ليحتاج الناس إلي وكذلك كان الناس.

ليس هذا الجدل من الدين بشيء.

لا يؤخذ العلم عن أربعة سفيه يعلنالسفه وإن كان أروى الناس وصاحب بدعة يدعو إلى هواه ومن يكذب في حديث الناس وإن كنتلا أتهمه في الحديث وصالح عابد فاضل إذا كان لا يحفظ ما يحدث به.

صفة الإمام مالك
عن عيسى بن عمر قال ما رأيت قط بياضاولا حمرة أحسن من وجه مالك ولا أشد بياض ثوب من مالك، ونقل غير واحد أنه كان طوالاجسيما عظيم الهامة أشقر أبيض الرأس واللحية عظيم اللحية أصلع وكان لا يحفي شاربهويراه مثله.

وقيل كان أزرق العين، محمد بن الضحاك الحزامي كان مالك نقيالثوب رقيقه يكثر اختلاف اللبوس، و قال أشهب كان مالك إذا اعتم جعل منها تحت ذقنهويسدل طرفها بين كتفيه.

إمام في الحديث
كان الإمام مالك من أئمة الحديث فيالمدينة، يقول يحيى القطان ما في القوم أصح حديثا من مالك كان إماما في الحديث، قالالشافعي قال محمد بن الحسن أقمت عند مالك ثلاث سنين وكسرا وسمعت من لفظه أكثر منسبعمائة حديث فكان محمد إذا حدث عن مالك امتلأ منزله وإذا حدث عن غيره من الكوفيينلم يجئه إلا اليسير.

قال ابن مهدي أئمة الناس في زمانهم أربعة الثوري ومالكوالأوزاعي وحماد بن زيد وقال ما رأيت أحدا أعقل من مالك.

محنة الإمام مالك
تعرض الإمام مالك لمحنة وبلاء بسببحسد ووشاية بينه وبين والي المدينة جعفر بن سليمان ويروى أنه ضرب بالسياط حتى أثرذلك على يده فيقول إبراهيم بن حماد أنه كان ينظر إلى مالك إذا أقيم من مجلسه حمليده بالأخرى، ويقول الواقدي لما ولي جعفر بن سليمان المدينة سعوا بمالك إليه وكثرواعليه عنده وقالوا لا يرى أيمان بيعتكم هذه بشيء وهو يأخذ بحديث رواه عن ثابت بنالأحنف في طلاق المكره أنه لا يجوز عنده قال فغضب جعفر فدعا بمالك فاحتج عليه بمارفع إليه عنه فأمر بتجريده وضربه بالسياط وجبذت يده حتى انخلعت من كتفه وارتكب منهأمر عظيم فواالله ما زال مالك بعد في رفعة وعلو، وهذه ثمرة المحنة المحمودة أنهاترفع العبد عند المؤمنين وبكل حال فهي بما كسبت أيدينا ويعفو الله عن كثير ومن يردالله به خيرا يصيب منه وقال النبي (صلى الله عليه وسلم) كل قضاء المؤمن خير له وقالالله تعالى{ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكموالصابرين} (محمد:31) وأنزل الله تعالى في وقعه أحد قوله{أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أني هذا قل هو من عندأنفسكم}(آل عمران:165) وقال{وما أصابكم من مصيبة فبماكسب أيديكم ويعفو عن كثير} (الشورى:30)

فالمؤمن إذا امتحن صبر واتعظواستغفر ولم يتشاغل بذم من انتقم منه فالله حكم مقسط ثم يحمد الله على سلامة دينهويعلم أن عقوبة الدنيا أهون وخير له.

تراث الإمام مالك
عني العلماءبتحقيق وتأليف الكتب حول تراث الإمام مالك، وما زال العلماء قديما وحديثا لهم أتماعتناء برواية الموطأ ومعرفته وتحصيله

وفاة الإمام مالك
قال القعنبي سمعتهم يقولون عمر مالكتسعا وثمانين سنة مات سنة تسع وسبعين ومئة وقال إسماعيل بن أبي أويس مرض مالك فسألتبعض أهلنا عما قال عند الموت قالوا تشهد ثم قال{لله الأمر منقبل ومن بعد} (الروم:4)، وتوفي صبيحة أربع عشرة من ربيع الأول سنة تسعوسبعين ومائة فصلى عليه الأمير عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس الهاشمي.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.