وترديد ما يقوله المؤذن لا يأخذ منك سوى دقيقتين تقربياً،فإن عجلت بالوضوء وسارعت إلى المسجد فللك أجر عظيم وثواب جزيل، ثواب التكبير إلى الصلاة ، وثواب السنة الراتبة وثواب الصف الأول،وثواب قراءة القرآن وغير ذلك .
وقال تعالى: ( تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِع يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطمَعاً ) [ السجدة:16]0
قال رسول الله : " أفضل الصلاة بعد المكتوبة صلاة الليل" [ رواه مسلم]
وقيام الليل سنة مؤكدة وأفضل وقتها الثلث الأخير من الليل،ومن شق عليه القيام بعد النوم فليفرغ نفسه قبل النوم ويصلي مثنى مثنى ثم يوتر0
ومرحلة الصلاة قبل النوم مرحلة أولى تعين فيما بعد على قيام الليل ومكابدة النوم فإن قيام الليل عبادة تصل القلب بالله وتجعله قادراً على التغلب على مغريات الحياة وعلى مجاهدة النفس في وقت هدأت فيه الأصوات ونامت العيون وتقلب النوام على الفُرش 0وفي قيام الليل خير عظيم وإحسان جزيل قال صلى الله عليه وسلم "إن في الليل ساعة لا يوفقها عبد مسلم يسأل الله تعاى خيراً إلا أعطاه إياه" [ رواه مسلم]
والنفس تؤخذ بالتدريج حتى يحافظ الإنسان على وتره قيل النوم ثم يجاهد نفسه أن ينهض من فراشه ولو عشر دقائق قبل الفجر وليبشر بخير مجاهدة النفس فإن الله هو المعين (وَالَّذِينَ جَهَدُواْ فِيناَ لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَناَ) [ العنكبوت"69]
وانظر إلى العلماء محافظتهم على طلب العلم الشرعي والحرص عليه وعدم تضييع الوقت سدى.ثم تأمل إنتاجهم الوافر !! اقرأ إن شئت كتب ابن القيم أو شيخ الإسلام ابن تيمية وأقسم عدد صفحات كتب أحدهم على أيام عمره لترى!!
أخي الحبيب:
هلم إلى الدخول على الله ومجاورته في دار السلام بلا نصب ولا تعب ولا عناء ،بل من أقرب الطريق وأسهلها ،وذلك أنك في وقت بين وقتين وهو في الحقيقة عمرك،وهو وقتك الحاضر بين ما مضي وما يُستقبل فالذي مضى تُصلحه بالتوبة والندم والاستغفار ،وذلك شيء لا تعب عليك فيه ولا نصب ولا معاناة عمل شاق،إنما هو عمل قلب0وتمتنع فيما يستقبل من الذنوب،وامنتاعك ترك وراحة ليس هو عملاً بالجوارح يشق عليك معاناته،وإنما هو عزم ونية جازمة تريح بدنك وقلبك وسرك،فيما مضى تصلحه بالتوابة 00وما يستقبل تصلحه بالامتناع والعزم والنية، وليس في هذين نصب ولا تعب ولكن الشأن في عمرك وهو وقتك الذي بين الوقتين، فإن أضعته أضعت سعادتك ونجاتك، وإن حفظته مع إصلاح الوقتين اللذين قبله وبعده بما ذكر نجوت وفُزت بالراحة واللذة والنعيم ،وحفظه أشق من إصلاح ما قبله وما بعده فإن حفظه أن تلزم نفسك بما هو أولى بها وأنفع لها وأعظم تحصيلاً لسعادتها .
وفي هذا تفاوت الناس أعظم تفاوت،فهي والله أيامك الخالية التي تجمع فيها الزاد لمعادك إما إلى الجنة وإما إلى النار، فإن اتخذت إليها سبيلاً إلى ربك بلغت السعادة العظمى والفوز الأكبر في هذه المدة اليسيرة التي لا نسبة لها إلى الأبد،وإن آثرت الشهوات والراحات واللهو واللهب انقضت عنك بسرعة وأعقبتك الألم العظيم الدائم الذي مُقاساته ومعاناته أشق وأصعب وأدوم من معاناة الصبر عن محارم الله والصبر على طاعته ومخالفة الهوى لأجله[ الفوائد ص 151]
أيها الحبيب:
ليس لما بقس من عمرك ثمن!! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك،وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك،وشبابك قبل هرمك،وغناك قبل فقرك" [1]
وقال صلى الله عليه وسلم : "بادروا بالأعمال سبعاً،هل تنتظرون إلا فقراً منسياً،أو غنى مُطغياً،أو مرضاً مفسداً،أو هرماً منفداً أو موتاً مجهزاً، أو الدجال فشر غائب يُنتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر"0[2]