رأيتها في المتجر المقابل عندما كنّا بصدد أخذ علبة الحليب الوحيدة المتبقية هنا ففاجئتني بصوتها الرقيق الذي بعثر مشاعري و لملم كلماتي
:عذرا انها لي
استدرت خلفي كمن صعق صعقات كهربائية متتالية هل هذا صوت فتاة ام ملاك ,لم اكن اعلم ما عليّ قوله فقد توتّرت اثر كلماتها البسيطة الصادقة النابعة من قلب فتاة ,طالعتني بنظرات انتظار ,نظرات لم ارها في حياتي أسرتني و لم تدعني اخرج ,اصبحت سجين هذه الساحرة ,انها مختلفة ..مختلفة عن اي فتاة
شعرت باحساس رائع ,بدقات قلبي التي بدأت تتسارع دقة تلو الاخرى … وددت لو تطول هذه اللحظات لكن صوتها الملائكي قاطع تأملاتي ,فكان كما الشعر الذي ينساب على قلبي بنغمات متصاعدة ,عميقة,رخيمة…
:عذرا!
:هه اسف
يال الاحراج بدوت كالاحمق , ابتسمت لي ابتسامة ملائكية ,تلك الزمرديتان فيهما شيء غريب,يال الجمال الصارخ الذي ملل البقاء حبيسهما فاسرني لاحرره
قطعت عليّ تخيلاتي بصوتها الرقيق الذي بقيّ كأغنية ذات ميزة خاصة احبها قلبي ..
:لا عليك
كلمتان لن انساهما ابدا ,وميض غريب يأسرني يا الهي وددت لو تطول اللحظات لكنها قصيرة و لو بقيت دهورا …
ناولتها العلبة و انا احاول جاهدا رسم ابتسامة فضحكتُ …بنظرات غريبة قالت
:لماذا تضحك؟
:لا شيء لكنني كنت اقول يال الصدفة
فضحكت هي الاخرى معلنة بذلك انها شاركتني رأيي كم جميلة هي ضحكتها رقتها كنسائم الربيع المنعشة للنفس …بقيت انظر اليها طويلا احاول رسم اوّل خطوط وجهها الطفولي في مخيلتي لانتقل لرسم الجوهرتين الخضراوين, الانف الدقيق و الفم الصغيرالرقيق …سرعان ما لاحت على وجهها ابتسامة حزينة
:اسفة انني احتاج لعلبة الحليب بشدة و منزلي بعيد
يالها من فتاة عظيمة يزداد اعجابي بها لحظة تلو الاخرى…
:لا عليك ,ليست ضرورية
سحرتني بنبرتها الرقيقة ذات الميزة الخاصة
:شكرا لك …
مرت فترة صمت قصيرة خلالها حاولت سؤالها لكنها سبقتني
:عليّ العودة الان الى اللقاء
:انتظري ,الليل قد حل ,هل ستستطعين العودة في هذا الوقت …. دعيني اوصلك
لاح التردد على وجهها
:لا تخف ساتدبر امري
هتفت بخوف
:لكن الجو مظلم الآن و هذا خطر عليك
:لكن بشرط
ابتسمت من جديد فعادت روحي ترنو الي بخطوات مسرعة …قلت بحماس
:ماهو؟
:سنذهب سيرا على الاقدام
:طيب موافق …
صمت رهيب كان يلفنا ,خلاله كنت في صراع مع نفسي لاحاول عدم النظر اليها …اشعر و كانّها نور يتمشى في هذا المكان المظلم الموحش ,هل كانت ستعود وحيدة من هنا ,يا الهي …
:ماذا كنت تفعل في المغازة؟
نظرت الي بابتسامة ,لعلها تريد ان تقطع هذا الصمت
:هه انتابني الممل فقررت الذهاب اليها لعلني ابدد هذا الجو قليلا فالتقيتكِ و انتِ؟
ضحكت قليلا فابتسمتُ …سرعان ما لفّها الغموض ,باقتضاب اجابت
:كنتُ بصدد شراء الحليب فالتقيتكَ
قررت تغيير مسار الموضوع فهذا الغموض لا يعجبني
:صدفة جميلة
شعرُت و كانّها اغتصبت ابتسامة باهتة فتناسيت الامر …كناّ نسير بهدوء ,حاولت سؤالها فقاطعتني
:ها قد وصلنا
لم انتبه حقّا اننا نقف في مفترق يؤدي الى العديد من الاحياء …ابتسمت لي بامتنان
:شكرا جزيلا لك لقد اتعبتك معي
حزنت كثيرا ,فهاهو الوقت يمرّ كثانية… عادت لي جميع مقتطفات التقاؤنا … اغتصبت ابتسامة لكنها كانت حزينة
:لا عليك ,لقد استمتعت كثيرا برفقتك
لم ارد ان يكون صوتي هكذا …اكاد اجزم الآن انها كشفت امري…
:شكرا لك الى اللقاء
:هاي انتظري لحظة
استدارت اليّ كمن يقول نعم تفضّل
:كنت اريد سؤالك عن اسمك
اقتربت منيّ و دسّت في يدي زهرة بيضاء ذات عطر فوّاح قائلة بغموض
:ربما ستعرف اسمي من خلال هذه الوردة يوما ما
اختفت بسرعة خاطفة ,غير تاركة لاي اثر خلفها ,حتى ظننت انها محض تخيلات …لكن الزهرة هي الشاهد الوحيد على لقائي بها ,اتمنى ان التقيها يوما ما فهي لم تترك فرصة لي لسؤالها عن منزلها … كانت حقّا فتاة رائعة احتوت قلبي في ثوانٍ عدة ,لن انساها ما حييت …تنهدت بحزن ,فكيف ساعيش الآن من دون صوتها الملائكي , عيناها الحُلوة,روحها الخفيفة الرقيقة,لا ادري…
:ربما اعرف اسمها من خلال الوردة يوما ما…
مراحب
اظنّ ان فكرة قصص الانيمي القصيرة قد راقت لي ههه
اتمنى ان تنال هذه الاخرى على اعجابكم و طبعا
اي اقتراح او انتقاد في متابعة لكم…