التصنيفات
قصص قصيرة

● خذني معك , لحيث المجهول ..!


ظلام حملقت فيه عيني , ذلك الآلم الذي أبى أن يتوقف قد تشبث بي , برودة تلك التي تجمد أوصالي والحركة قد نسيت كيفيتها منذ سنين , توقف الوقت وكنت هنا جسداً بلا روح , بتت قد نسيت الحياة ومالي للسعادة من سبيل , ظلام هو للأبدية وللنور محرمٌ الدخول

قابعة أنا وسط زنزانة باردة , للظلام أنا صرت ملجأ فضوء الشمس قد فارقني ولا يعرف كيفية الوصول , دمائي قد شبعت جسدي وصرت كأني سفاحة بعيني المتتين , محتجزة أنا هنا بلا ذنب وتعذيبي يستمر لا يتوقف , حقاً رغبت بمعرفة ذنبي الذي قادني لهذا القدر الملعون , أخطأي وجودي ؟ وكيف يكون الوجود جريمة !

معجزة فقط هي التي ستنقذني من هنا وتعيد بسمة شفاهي التي نسيتها منذ خطت قدماي هذا المكان , وأين للمعجزات هنا من الظهور ؟

حشرجة مزعجة ملأت المكان وتصدعت لها الجدران , قدم هو اليوم ليسلبني بقايا آملي بالحياة , قدم معذبي !

خطواته كانت كالجحيم لي , أكرهه أكثر كلما أراه قادم نحوي بتلك الأبتسامة المخيفة , وقف قبالتي وهو يدنو نحوي مقرباً وجهه من وجهي , أبتسامة مجنونة كانت على محياه وهو يخاطبني بنشوة ملتوية:

أووه يال جمالك اليوم معشوقتي , كم أرغب في تقطيع جمالك هذا بالسيوف .

نبرته كانت تحمل في خباياها من الخبث الكثير , كم أكره أبتسامته السادية تلك , كم أكره حبه لتعذيب ضحاياه , كم أكرهه هو !

أتسمي نفسك عاشقاً وأنت للعشق عدو !

قهقهة هي التي دوت الأرجاء وهو يسمع ردي الهادئ , نعم أنا رغم هذا العذاب الذي أعيشه ورغم الجحيم الذي أسكنه , مازلت أبحث عن حريتي المسلوبة ! يال تفكيري الطفولي الذي لازلت مؤمنة به .

هيه أيفا , ألا تزالين تحلمين بأحلامك الصغيرة تلك ؟

احلام البشر لا تختفي مثلما تظن ! انها تختفي عندما تختفي الأرادة ! و أرادتي ما زالت صامدة لم تتزعزع .

قهقهته هذه المرة كانت عالية ! أبتعد عني وهو يتدحرج في الأرض بشكل مقزز , شكله كان مقرفاً وأنا أراح يترنح يمنة ويسرة , توقف ينظر إلي والدموع قد تجمعت في مقلتيه من الضحك , ينظر إلي هو بخبث العالم أجمع , أقترب مني وهو يحمل في يده خنجراً ناصعاً , خاطبني بأستمتاع وهو يضحك كالمجنون :

أحلمي كما تريدين فهذا آخر يوم لك هنا , أنا سأنهي أحلامك تلك , وأسلب حياتك منك !

عيناي قد أوشكتا على الخروج من مكانهما وانا أسمعه يردد تلك العبارة ! حينها عرفت نيته بقتلي !
أقترب مني مقرباً الخنجر من رقبتي وهو يقول :

أنظري ما أجمل هذا الخنجر أيفا ! أحتفظت به خصيصاً لقتلك , أترين كم أنا أحبك ومغرم بك ؟

أتسعت أبتسامته وهو يرى الخوف جلياً في عيني ! فما كان منه إلا أن ضحك بخبث وهو يسمعني أردد برجاء باكية :

أنا .. أنا , لا أريد أن أموت .

ما أجملك وأنت تترجيني هكذا , أسرت قلبي يا فتاة !

قهقه أكثر وهو يستعد لطعني , وقف وهو يضحك بجنون موجهاً الخنجر لي بسرعة ! فما كان لي إلا أن أتخذ أخر سبيل لأي أنسان , وأصرخ مناجية بآخر أمل لي في الحياة :

النــجدة , أنا لا أريد أن أموت .

ما أن أنهيت جملتي وأغلقت عيني الدامعة لم أشعر بالطعنة ! ضوء من الا مكان قد ظهر ! فتحت عيني متألمة من كمية الضوء الموجودة , ملاحظة ما أمامي , شعر أحمر أشعث , عيون خضراء آسرة , ملامح خلابة للناظر إليها ,ودماء ملأت جسد الشاب الواقف أمامي , شردت فيه لدقائق أستوعب ماذا يجري ثم أبعدت عيني عنه بصعوبة ملتفتة لما تحته , من كان سيسلب حياتي منذ لحظات جثة هامدة هو أمامي الأن , يال سخرية القدر ! أنقلب السحر على الساحر !

أعدت نظري للواقف أمامي بتلك الأبتسامة الملائكية ,حملقت فيه بفترة ليست بقصيرة إلى أن قطع سكون شرودي أقترابه مني وهو ينحني لمستواي ويقول :

أتؤمنين بالمعجزات ؟ أيفا .

لا أنكر أندهاشي لمعرفته أسمي , لكنني لم اهتم للأمر كثيراً وأردفت مجاوبة أياه :

أمنت بها من حين رأيتك مع أني لم أكن يوماً أفعل ! هل لي بسؤال يشبع فضولي ؟

أسمي تيتوس أن كنت تسألين عنه ! وأنت معشوقتي الأزلية أن كان هذا ما تريدين الوصول إليه , أتيت لأنك ناديتني فلبيتك .

تعجبي يزداد وأنا أراه قد عرف ماهية سؤالي ! أجبته وأنا شاردة في ملامحه :

أنا ناديتك ؟

أبتسامته أتسعت وهو يقترب حاملاً أياي بين ذراعيه وهو يقف قائلاً :

هلا رافقتني ؟

لست أعرف من ومن أي عالم أنت , لكني سأرافقك .. لحيث تريد .

أبتسامة عذبة ملأت محياه وهي يهم مغادراً بي , أما أنا فقد تركت خلفي عبارة كتبتها بدمائي على جدار الزنزانة المحطم

" السجن مقبرة الأحياء "

-تمت-

برب , ممنوعع الرد

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.