التصنيفات
الحياة الاسرية

الوجه الآخر للعقاب

بسم الله الرحمن الرحيم

– في عبارات عفوية تختزل التربية بالعقاب والعقاب بالضرب ، يردد كثير من الأباء والامهات في لحظة انفعال وغضب اتركوني اضرب ابنائي واربيهم مثل ماتربيت او اذا ما انضربوا ما بيتربوا ، رافضين تدخل آخرين لمنعهم من عقاب ابنائهم . كف على الوجه ، شد الشعر ، قرص الاذن، قذف بالحذاء او الشبشب ، ضرب بالعصا، حرق بعقب سيجارة ، حبس في دورة المياه ، اساليب مختلفة من العقاب على الاغلب تكون امتدادا لما عوقب به الآباء والامهات وهم صغار.
ويرجح متخصصون العقاب البديل كالحرمان من أشياء يحبها الطفل مثل المصروف واللعب والكمبيوتر ومشاهدة التلفزيون ، حيث ان الايذاء الجسدي يتسبب بالمهانة ، وقد يؤدي الى عقد نفسية يصعب مواجهتها في المستقبل ، تهدد استقرار الاسرة و المجتمع .
تكرار الاخطاء يدفع الآباء والامهات مرغمين لعقاب يتجاوز في احيان كثيرة الاذى الجسدي الى النفسي ، بخاصة اذا كا ن امام آخرين .. تقول ام : يتعمد ابني -لايتجاوزعمره خمسة أعوام – احراجي عندما نكون في ضيافة احد ، لااستطيع تركه في البيت مع اخوته ،لانه يثير المشاكل بينهم ، فاضطر لاصطحابه مرغمة ، لكنه يمارس كل الوان قلة التهذيب في منازل الاخرين ، يعبث بكل موجودات البيت ، وقد يكسر بعض الاواني ، ويضرب اطفال ان وجدوا ، وفي كل مرة يدفعني لضربه امام الناس حتى لايتمادي اكثر، لاينتهي الامر عنذ ذلك ، اتابع عقابه في البيت ، امنع اخوته من التحدث او اللعب معه ، أوبخه واهدده بمنعه من اشياء كثيرة يحبها، يتظاهر بالبكاء ، يريد استعطافي ، لكن ما يلبث ان يعود لتكرار ذلك .!..
وتضطر منى لعقاب ابنها الكبير- عمره 8 سنوات – لأنه يضرب اخوته الصغار، ولايحب ان يدرس، بل يريد ان يلعب وبلا حدود ، وتقول : اتبعت معه اكثر من اسلوب.. ضربته وحرمته من المصروف ومشاهدة التلفزيون لكن بلا نتيجة ، دائما يردد لااحب المدرسة ولا البيت ولاانتم ايضا يقصدنا نحن أسرته. !!
ويؤكد أب ايضا بان عقابه لأبنائه يختلف كثيرا عما كان يعاقب به وهو صغير، فالجيل مختلف ، وما كان مقبول اصبح مرفوضا هذه الايام ، ويقول : اقسى عقاب وقع علي كان وضع بعض الفلفل الاسود في انفي حتى لااكذب مرة اخرى ، كانت هذه وصفة جارة لنا اعطتها لامي ، العقاب كان قاسيا، ماازال اتذكره ، واضحك ، لكن قطعا لايمكن ان انفذه في احد الابناء مهما فعل ..!
و يعترف آخر بفشله في تطبيق اساليب تربية لاتخضع للعقاب..يقول: حاولت ان اكون ابا مثاليا، قرأت كثير من الكتب التي تهتم بهذا الشأن ، حاولت ان ابتعد عن العنف ، فالجيل مختلف؟ لااحبذ الضرب او اتباع اساليب مختلفة للعقاب ، لكن تصرفات الابناء تدفعني في كثير من الاحيان لعقابهم ، بل اصبحت على يقين بان التربية السليمة يجب ان تتضمن العقاب ، لكن ليس حتما الضرب وحده ، هناك اساليب ربما تكون اشد.
وصفة صريحة لتربية الاطفال ، يقدمها عالم النفس الشهيرد.جينو في كتابه التربية المثالية للابناء ، يبين فيها ان التربية مهارة يمكن تعلمها ، لاتأتي بالعقاب والضرب ، بل من خلال تقنيات تواصل جديدة من شأنها تغيير الطرق التقليدية التي يتعامل بها الاباء والامهات مع ابنائهم ، وعبر اساليب اكثر انسجاما مع العصر مثل دعوتهم للانضباط دون تهديد او رشوة وتهكم ومعاقبة ، الانتقاد بدون استصغاروالمديح بدون اصدار احكام والتعبير عن الغضب بدون اذى ، والاعتراف بمشاعر الطفل ونباهته وآرائه بدل الجدال معه ، والاستجابة لما يريده الاطفال بشكل يتعلمون منه ان يثقوا بغيرهم ويطوروا ثقتهم بانفسهم .
العقاب البدني مقبول احيانا ، هذا ما توصلت اليه الاخصائية النفسية ديانابومريند من خلال دراسة ميدانية شملت 100 عائلة ، وفي تعليقها على النتائج قالت : الادلة لاتبرر الرفض التام لاستخدامه ، لاادافع عن العقاب البدني ، لكننا لم نجد دليلا على وجود تأثير ضار فريد ، فهو لايؤدي الى اضرار طويلة الامد للنمو النفسي والاجتماعي ، بل ان الاطفال الذين يعاقبون بدنيا احيانا ما يزال بامكانهم النمو ليصبحوا كبارا سعداء ومتكيفين مع الحياة بشكل طيب.!!
الابناء الذين يقع عليهم العقاب له رأي مختلف .طارق وهو في السنة الثانية بالجامعة يقول : من الصعب ان انسى علقات ابي كلما اذنبت ، كان يربطني بالكرسي ، ويضربني على باطن قدمي بالعصا، كم كان ذلك مؤلما ، عندما اتذكر اشعر بمرارة غريبة ، فلم اكن اقوم بذنب يستحق كل هذا الضرب، وما علمته بعد ان كبرت ودخلت الجامعة بالصدفة من عمتي بأن جدي كان يعاقبه بالاسلوب ذاته.
يضيف صديقه : ابي كان يحرقني بعقب سجائره في اماكن متفرقة من جسدي ، ، وما تزال تلك الاثار موجودة حتى الان، ولاادري هل كان العقاب وسيلة للتربية وعدم تكرار الذنب ، ام تعذيبا وتشويها لنفوسنا واجسادنا .؟ لايمكن ان اعاقب ابنائي في المستقبل بمثل هذه القسوة مهما فعلوا.
وتقول مجدولين بالصف السابع : الضرب اسهل عقاب يمارسه ابي وامي علينا، دون تمييز بين ولد وبنت ولاسباب بسيطة جدا ، تأخير خمس دقائق مثلا عند العودة الى البيت ، او شجار بين الاخوة ، وهو لايستدعي كل هذا العنف .
وتفيد دراسة لجامعة عين شمس بالقاهرة حول علاقة الانحراف بأساليب العقاب، بأن 97% من الاطفال المنحرفين سلوكيا تعرضوا للعقاب الشديد من قبل آبائهم في صغرهم، وأن 30% عوقبوا بالضرب على الوجه وانحاء متفرقة من الجسد، 0% بتوجيه الشتائم والحرمان من المصروف ، 0% تعرضوا لطرق قاسية في العقاب البدني مثل الكي بالنار مثلا.كريمان الكيالي

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.