التربية في مرحلة ما قبل المدرسة
– الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة بحاجة إلى مكان لممارسة اللعب مع وجود رفاق على استعداد للمشاركة، كما انه بحاجة إلى أدوات ولعب متعددة ومتنوعة، ولكن الأهم من هذا وذاك هو أنه بحاجة إلى مجال أوسع، ذلك أن عالمه القريب قد أصبح معروفا لديه ، إنه بحاجة إلى تجارب جديدة، أشخاص جدد، أشياء جديدة من أجل تغذية وإمداد خياله وتنميته .
ولعل ظروف الأسرة هي التي ستحدد المدى الذي تستطيع الأم في نطاقه توسيع دائرة حياة طفلها اليومية، فإذا كانت تعيش في الريف حيث تتمثل الأنشطة في الزراعة والفلاحة فستجد طفلها ينتقل تدريجيا إلى الحقول ويشارك الكبار في أنشطتهم ويخلق علاقة مع كل من يعمل في الأرض، وليست في حاجة عندئذ إلى أن تخطط لطفلها زيارات خاصة، فهو يشاهد من يرعى الغنم أو يحلبها أو من يقوم بزراعة النباتات أو جمع المحاصيل، وقد يشارك في كل هذا بخبرة مباشرة ولو عن طريق المشاهدة فقط .
أما إذا كانت تعيش في مجتمع المدينة فسوف يتصل الطفل بالأطفال الآخرين ويصبح عضوا في مجموعاتهم ويتحرك معهم من مكان إلى آخر .
واحيانا تجد الأم في منزلها سبعة أطفال زائرين وأحيانا أخرى لا تجد طفلا واحدا حيث يكون طفلها مع أصدقائه في منزل أحدهم .
وهنا على الأم أن تختار بين توسيع دائرة حياة طفلها عن طريق إلحاقه بمجموعة من الأطفال في سن ما قبل المدرسة أو أن تقوم بهذه المهمة ( أي توسيع دائرة حياة طفلها ) بنفسها .
اللعب في سن ما قبل المدرسة هو اكثر أنشطة الطفل ممارسة ويستغرق معظم ساعات يقظته، وقد يفضله على النوم والأكل.. وغياب اللعب لدى الطفل يدل على أن هذا الطفل غير عادي.. فاللعب نشاط تلقائي طبيعي لا يتعلم.
اللعب له عدة فوائد فهو يكسب الطفل مهارات حركية فيتقوى جسمه..وأيضا عمليات معرفية كالاستكشاف، ويزيد من المخزون اللغوي لديه.
والأطفال عدة أنواع من حيث التفاعل مع اللعب في الحضانة، فهناك الطفل غير المشارك باللعب، حيث يقف في الغرفة ويتجول ببصره على الأطفال ..وهم قلة في الحضانة، وهناك الطفل الوحيد الذي يلعب وحده ويندمج في لعبته وهذا النوع يكون عادة في السنة الثانية والثالثة.
وهناك الطفل المراقب للعب الذي يكتفي بالتحدث مع الأطفال الذين يلعبون ويوجه لهم الأسئلة..لكن لا يشاركهم اللعب.
ويأتي اللعب على عدة أنواع فهناك اللعب التعاوني إذ يتم اللعب كجماعة ويكون للاطفال قائد يوجههم وعادة يكون في بداية المرحلة الابتدائية ، وهناك اللعب التناظري إذ يلعب الطفل وحده فيتحدث للعبة وكأنها شخص حقيقي وهو تعويضي للأطفال الذين لا يلعبون مع المجموعات.
أما اللعب بالمشاركة ففيه يتشارك مجموعة من الأطفال في لعبة معينة لكن دون قائد ..كالسير في طابور أو ترتيب الألعاب..
وهناك اللعب الإيهامي حيث يظهر في الشهر الثامن عشر من عمر الرضيع ويصل للذروة في العام السادس بحيث يلعب بيت بيوت ، وللعب الإيهامي فوائد كثيرة منها أنه ينمي الطفل معرفيا واجتماعيا وانفعاليا .
وهناك اللعب الإستطلاعي إذ ينمي الطفل معرفيا..فعندما يحصل على لعبة جديدة كالسيارة مثلا يكسرها ليعرف ما تحتويه في الداخل..فاللعبة المعقدة تثير اهتمامه أكثر من اللعبة البسيطة .
إن الميل للحركة هو من أهم واشد ميول الطفل الفطرية فمن خلال الحركة يكتشف ما حوله ويعرف بيئته . وهذا يعني أن الجزء الاكبر من تعلمه يأتي من خلال الحركة وأن أكبر فترة للتعلم الحركي هي من سن 1-6 سنوات ويجد الطفل المتعة في أدائه الحركات التي تعمل فيها العضلات الكبيرة مثل الركض ، القفز ، الرمي .
ان الاعداد الثقافي والاجتماعي للطفل يأتي من خلال اللعب كذلك يعرف منه الكثير عن جسمه وكيفية استخدامه، ويتعلم كيف يكتسب قوة تفوق قوة زملائه ، ومن خلال اللعب يبتعد عن أمه ويترك الالتصاق بها ، كذلك يمد اللعب الطفل بالكثير من العواطف والمشاعر، ومن خلال اللعب يستطيع الطفل استيعاب او استبعاد الآخرين ، يستفيد أيضا من اللعب مع الجماعة ليبتعد عن الانانية. كذلك يستطيع الطفل استعمال الكلمات فتنمو لديه اللغة، كما يتعلم من خلال اللعب القيادة حيث يبرز ليقود ويوجه مجموعته خلال الالعاب الجماعية ….بسمة عزبي فريحات