- السياسة شر لابد منه وهناك سياسية ناجحة كما أن هناك سياسياً فاشلاً
- الليبرالية في العالم العربي اصبحت تهمة والأخبار السياسية تستفزني جداً بشكل مطلق
- ليس لدينا تجربة برلمانية ناجحة طوال العشرين عاماً الماضية والاحزاب السياسية هي احد اعمدة اي عمل ديموقراطي
كتبت: دانيا شومان
الأستاذة الجامعية المعروفة د.ابتهال الخطيب، ليست منظرة، ولا تتبع النظريات، بل إنسانة قبل كل شيء، وقناعاتها هي ما تعلمه على الملأ، وتسير بها حياتها، إنسانة عملية جدا إلى أقصى حد من الإنسانية، همها الإنسان أولا وأخيرا. تجمع الجرأة في الطرح مع العلم السياسي الحقيقي وتغلف كل هذا بتطبيق عملي قلما ينتهجه سياسي أو كاتب في عالمنا العربي.
ليست مجرد أستاذة جامعية ولا هي مجرد كاتبة جريئة بل هي تطبيق حي لكل ما تدعو إليه. اقتحمت عوالم خمسة، المسرح والآداب والتدريس الجامعي والسياسة والكتابة الصحافية، وتميزت في كل عالم خاضت غماره دون ان تخسر مبادئها التي كانت نبراسا في كل تلك العوالم الخمسة. تتمنى وجود وزارة لحقوق الإنسان وأول قرار ستتخذه كما تقول هو حل مشكلة البدون بشكل نهائي في 6 أشهر. تقول إنها على الرغم من نجاحاتها العلمية والعملية لم تخطط لأي نجاح حققته. تكره السياسة رغم انها تخوض غمارها وبقوة وترى ان السياسة «شر لابد منه» كل هذا وغيره نلقي عليه الضوء من خلال اللقاء مع د.ابتهال الخطيب، والتفاصيل في السطور التالية.
المسرح والآداب والتدريس الجامعي والسياسة والكتابة الصحافية كلها عوالم قمت باقتحامها ونجحت بها بل وتميزت، في أي من هذه العوالم الخمسة تجدين نفسك أكثر؟
٭ الاقرب الى قلبي هو عالم المسرح بالرغم انني ليس لدي اي انجاز يذكر، ولكنني اكتب بعض الاوراق العلمية فقط في مجال المسرح كمجال تخصصي في دراستي وانا مؤمنة بالمسرح كأداة فنية مجتمعية كذلك ومؤمنة ان كثيرا من الاصلاح يتحقق عبر المسرح والمجتمع الصالح الصحي ينعكس في مسرح قوي وصحي، وتوجه اكاديمي ومادة تدرس في الجامعة لذلك هو الاحب والاقرب الى قلبي.
وماذا عن السياسة؟
٭ السياسية هي الاكره الى قلبي وشر لا بد منه، مع قناعتي بأن هذه الكلمة ظلم لأن السياسة لا تفترض ان تكون شرا، يفترض ان تكون علما ومنهجية ترتب حياة البشر، واعتقد ان معاناتنا في العالم العربي قلبت السياسة الى رديف للشر، وهو مجال ودور لا يستهويني ولكنه مفروض علينا بحكم واقعنا.
ما رأيك بالمسرح الحالي؟
٭ المسرح لدينا وكحراك في العالم العربي ضعيف جدا مقارنة بالحراك المسرحي العالمي، نعم كان لدينا مسرح قوي في العالم العربي كمصر وسورية ولبنان والكويت ايضا كما انه تجاوب مع الظروف السياسية يوما واثر بها كمسرح سعد الله ونوس في سورية وكان معروفا انه مسرح سياسي قوي جدا وبدأ عبثيا ليتحول الى سياسي ومناضل، اما الآن فمعظم ما نراه على الساحة مسرح تجاري، كما ان المسرح المؤثر الحقيقي ليس له جمهور.
ولو تكلمنا عن الكويت بالتحديد نستطيع ان نقول ان دورها ضعيف وغير بارز.
عموما المسرح من الفنون النخبوية وللاسف احيانا ينظر لها كذلك لان اكثر روادها من طبقة علمية وثقافية معينة وهو يجب الا يكون كذلك، وعليه ان يكون عاما وللناس جميعا وبكل اطيافهم ولكننا لم نخلق هذا الجو في عالمنا العربي لذلك تباعدت المسافة بين الناس والمسرح واصبح الاكثر جاذبية للناس المسرح التجاري الضاحك.
ويفترض ان يستخدم المسرح في التعليم في ايصال الرسالة للطالب.
اقترن اسمك بالجرأة في الكتابة وخاصة في مجال حقوق الإنسان، كيف تطور الأمر حتى أصبحت تعرفين كواحدة من رموز الدفاع عن حقوق الإنسان في الكويت والمنطقة؟
٭ اولا اشكرك على هذا الإطراء ولا اعلم ان كنت استحقه ام لا، ولكن العمل الحقوقي هو الاقرب الى قلبي عمليا بمعنى ان المسرح الاقرب الى قلبي اكاديميا ونظريا، انما العمل الانساني هو الذي اجد به نفسي وهو ما يطهر قلبي من الجوانب الاخرى غير مرغوبة في حياتي.
فعندما تشتد الحالات التي تحدث حولنا والامور السياسية تسوء وتشعرني بالضيق فهنا اعوضه من خلال العمل الانساني.
بالرغم من ان الكثيرين يعتقدون ان العمل الانساني مردوده غير مباشر ولا يجد ثماره مباشرة انما باعتقادي ان مردوده مباشر وبوضوح اقول هنا كلنا نخطئ واخطاؤنا يومية فالعمل الانساني هو ما يطهر النفس من الداخل في هذا الخطأ غير المقصود وتتواصل مع الناس وهذا التواصل الانساني يعطي نتائج ملموسة نشعر بها من وجوههم وردود افعالهم كما انه يعطي قيمة ومعنى للحياة لانه انجاز لا بد انه سوف يغير من بعض الوضع لانه سوف يترك بصمة واضحة لنا امام الآخرين.
وفي النهاية العمل الانساني هو عملية بقائية لنا وعلينا مساعدة بعضنا البعض كما ان هناك غريزة يشرية وطبيعة فطرية وحضارية مدنية تطورت عبر الزمن الى ان اوصلتنا لمفهوم حقوق الانسان.
التفوق في الثانوية
بالنسبة لنتائجك الدراسية، كم كانت نسبتك في الثانوية العامة؟
٭ نسبتي كانت 99.7% وكنت في القسم العلمي، واذكر انني نلت درجة b في مادتي الكيمياء والفيزياء علما انني كنت احب مادة الكيمياء جدا لكن وبسبب مرضي نلت هذه الدرجة اما المادة الثانية فلم اكن احبها.
هذا يقودنا إلى سنوات الدراسة الاولى هل تتذكرين مقاعد الدراسة الاولى، وهل ما زلت تحتفظين بعلاقات مع صديقات الدراسة؟
٭ طبعا، ودائما ما نلتقي وبشكل شبه اسبوعي، وصديقات الطفولة والدراسة الاولى أعتبرهن الجزء الدافئ من الحياة، ومساحات الذكريات الجميلة، وتذكرنا حياتي معهن بحياة بسيطة دون هموم كما كانت كل تطلعاتنا حية. وكل منا حققت نجاحا في مجالها وانا فخورة بهن جدا.
خلال سنوات دراستك الاولى هل كنت تتوقعين ان تصلي إلى ما انت عليه الآن؟
٭ في الحقيقة لم يكن هناك أي نوع من انواع الخطط المنظمة لدي، بل جميع ما وصلت اليه جاء عن طريق الصدفة والفرص، وتلقائيا كل هذه النجاحات دخلت في حياتي، بما فيه توجهي الدراسي كان من المفترض ان ألتحق بكلية الطب، ولكن بسبب ظروف الغزو الغاشم على الكويت انقطعت عن الدراسة، ومن ثم توجهت الى الدراسة الاقرب الى قلبي وهي دراسة الادب، كما ان هذه الدراسة هي ما اخذت بي الى عالم الحقوق الانسانية لارتباط الادب والفلسفة في هذا المجال، وما زلت الى يومي هذا لا اخطط الكثير لخطواتي كما انه ليست لدي اهداف معينة للوصول لمنصب معين، واعتقد ان هذا ليس أمرا سلبيا ولا ايجابيا، فكل اهدافي تصب في مجال العمل الانساني لان لدي الكثير من التطلعات علي تحقيقها في مجال حقوق الانسان وليست لي أي اهداف او تطلعات شخصية اسعى اليها.
عالم الكتابة
الكتابة ذلك العالم الجميل، هل أتى إليك أم انك انت من اتجه اليه؟
٭ جاءت الكتابة عن طريق الصدفة، ففي يوم قرأت احدى المقالات التي ضايقتني جدا عندها اتصلت بالدكتور الرائع احمد الربعي، رحمه الله، وقلت له «هذا الموضوع لا يجوز السكوت عنه ابدا» وطلبت منه الكتابة للرد على ما قيل، فرد علي «انا لا اكتب نيابة عن الآخرين فإن اردت الرد على ما كتب عليك بالكتابة» فهنا قررت الكتابة للرد، وكانت تجربة اولى لي، وحينها اتضح لي انه مجال جميل واستمررت به.
ما نوع المقالات التي تستفز د.ابتهال الخطيب؟
٭ بصراحة في هذه الايام الاخبار التي اقرأها تستفزني اكثر من المقالات، فالمقالات نتاج أصحاب رأي، أي انها نتيجة رأي خاص لكاتبها، وأنا تعلمت مع الزمن ان المقالة رأي وعلي احترامها واحترام الرأي الآخر، ولا اخفي عليك احاول ان يكون لدي الصبر والا يستفزني أي مقال يكتب.
بالعودة الى الاخبار اقول نعم تستفزني خاصة اذا كانت تتعلق بانتهاكات لحقوق الانسان، اما الاخبار السياسية فبشكل مطلق تستفزني جدا، وعامة الجو العربي بأكمله جو استفزازي.
المرأة والسياسة
يقولون ان السياسة عالم لا يليق بالمرأة، من واقع تجربتك إلى اي مدى ترين هذه المقولة صحيحة؟
٭ السياسة عالم لا يليق بنوع معين من البشر، ولا علاقة له بجنس معين، واعتقد ان هناك الكثير من السياسيات الناجحات، كما ان هناك سياسيين فاشلين، وربما جاءت جملة «ان السياسة لا تليق بالمرأة» من منطلق ان صنع القرار دائما ما كان في يد الرجل، فبالتالي تكونت رؤية خاطئة ان العمل السياسي الذي يصنع القرارات الكبيرة غير لائق بالمرأة، لانها وبنظر البعض لا تصلح الا للجانب المنزلي والرعوي فيما يتعلق بتربية الأبناء، وليست لديها القدرة في صنع القرار وهذا امتداد للفكر القديم، وبنظري انا شخصيا العمل السياسي يصلح للبعض ولا يصلح لاخرى، بغض النظر عما إذا كان السياسي رجلا أو امرأة.
برأيك من هو الشخص الصالح والناجح للعمل السياسي؟
٭ السياسي الناجح يجب ان يكون انسانا مرنا وذكيا جدا وديبلوماسيا في التعاطي مع الاخرين، كما عليه ان تكون لديه القدرة ليضع يده في يد اي طرف آخر ليحقق هدف المصلحة العامة، والا يكون خاليا من الاخلاق لان العمل السياسي يجب ان يكون نظيفا، كما انه عليه الا يكون متمسكا بالاخلاق الى حد الانكسار.
الآن وبعد ان نالت المرأة حقها في الترشح والانتخاب ووصلت إلى مجلس الأمة. كيف ترين تجربتها؟
٭ تجارب النساء لدينا في البرلمان تجارب جيدة ولكنني اعتقد انه وبالمجمل ليست هناك تجربة برلمانية ناجحة في العشرين عاما الماضية، ذلك عدا ان الجو غير صحي فليست لدينا أحزاب سياسية والتي هي احد أعمدة اي عمل ديموقراطي حقيقي.
وعودة إلى تقييم تجربة المرأة في البرلمان اعتقد انها أعطت وطرحت مواضيع مهمة، والرجل ايضا لا اريد ان اظلمه كذلك هو اعطى الكثير، لا نريد التركيز على المرأة لان هذا التركيز تقييم عليه بسبب جنسها، لذلك علينا ان نجمع العمل البرلماني للرجل والمرأة.
هناك من يصفونك بانك «رائدة في الكويت»، فهل انت حقا كذلك؟
٭ انا اتشرف واتمنى ان استحق هذا اللقب، لكن الحوار الليبرالي – العلماني حوار قديم في الكويت، وليس بجديد وله رواده، واعتقد ان ذلك التصنيف جاء على ضوء بعض الحوارات التي اجريتها، والتي سببت صدى كبيرا عند نشرها.
هل تهمة؟ وهل هي ضد الدين فعلا؟
٭ في العالم العربي نعم تحولت الى تهمة وذلك لان هي الحرية، فمن يريد لنا الحرية في العالم العربي، و ليست ضد الدين كما يروج البعض، هي «تحرير الانسان، بمعنى أدق، اي انك حر في ارائك وطريقة حياتك وعليك ان تحترم آراء وطرق حياة الآخرين بذات القدر مهما بلغت درجة الاختلاف معك.
كما انني اتمنى ان اكون حققت هذا في حياتي سواء الحياة العملية او الخاصة لاكون استحق هذا اللقب.
مقولة ان وراء كل رجل عظيم امرأة يمكن ان تصبح كالتالي «وراء كل امرأة ناجحة رجل» من يقف وراء نجاحاتك؟
٭ ورائي رجل عظيم جدا.. واكثر من رجل فبداية حياتي كان الدور الكبير لوالدي الذي هو الرسول الخاص بي من القدر لينقذني ويحررني الى اليوم، ليأتي زوجي فهو على قدر كبير من القوة والثقة لدرجة اني احيانا لا استطيع فهم هذه القدرات الرائعة، وادين له في الكثير من نجاحاتي العملية والعلمية ودائما ما ساندني ويشجعني في جميع الانشطة التي اقوم بها، ولديه القناعة التامة بانه متساو مع شريكة حياته وهذه الاشياء كلها تتطلب ثقة في النفس الموجودة به ولديه قدر كبير من التفاهم والاحترام.
اما الرجل الثالث فهو عمي والد زوجي عبد المحسن مظفر يمتاز بالنشاط السياسي والانساني واغلب انشطتي معه وكنت زميلته في مجلس ادارة حقوق الانسان واشارك معه في انشطة المنبر الديموقراطي، فعمي هو الصديق العقلي والروحي لي.
الأحلام والتخطيط
أحلامنا هي خارطة رسم الطريق لحياتنا.. انت كم حققت من احلامك؟ وما الحلم الذي لم تحققينه بعد؟
٭ كوني لا اخطط فليس لدي مقياس.. وانا سعيدة جدا في عملي الواجبي والحقوقي فليس لدي اي هدف اريد ان اصله وأقف لا، بل اهدافي كبيرة وكثيرة لن ولم تتوقف لان العمل الانساني لا ينتهي.
والحلم الذي لم يتحقق واسعي دائما لتحقيقه هو ان نصل الى حل لقضية البدون وهذا حلمي واملي ان يغلق هذا الملف في الكويت.
البعض يراك أهلا للوزارة، هل ترين نفسك كذلك وأي وزارة تجدين نفسك بها أكثر؟
٭ حاليا وفي الظروف الحالية لا اجد نفسي قيادية في وزارة، واعتقد ان القيادة الوزارية يجب ان تكون متحررة تماما وعلى الوزير ان يكون صاحب قرار قوي جدا وغير ملتزم بمنهجية معينة وهذا القدر غير موجود حاليا.
وانا مؤمنة بدرجة كبيرة من مثالية العمل بتنظيف المؤسسة الوزارية وغير مؤمنة اطلاقا بالعلاقات الاجتماعية، لذلك لا اصلح ان اكون قيادية في اي وزارة لانني سوف اصطدم بألف حائط.
وبالعودة الى اي وزارة اجد بها نفسي فأنا اعتقد انني ارى نفسي في وزارة التربية لانها الاقرب لتخصصي، لتنقيح المناهج وتغيير الاساسات المغلوطة فسوف يكون بالنسبة لي انجازا عظيما.
هل تؤيدين وجود وزارة متخصصة لحقوق الإنسان في الكويت؟
٭ من الضروري ان تكون هناك وزارة او هيئة لحقوق الانسان، وهناك مشروع مطروح في هذا الشأن، وهو هيئة تتعاطى الامور الانسانية بشكل رفيع المستوى، فالقضايا الانسانية ملحة في جميع المجتمعات والتعامل معها ضرورة اجتماعية كما انها مهمة جدا للسمعة العالمية للبلد.
أول قرار وزاري
ولنفترض ان وزارة حقوق الإنسان في الكويت قد استحدثت…. ما اول قرار ستتخذينه بعد تسلمك حقيبتها؟
٭ اول قرار اتخذه هو الحل الفوري لقضية البدون وفي غضون ستة اشهر يغلق الملف، ثم اقر قانونا مباشرا لتنظيم حياة العمالة في دولة الكويت ومن ثم انهاء تجارة الاقامات مباشرة دون الخوف من الاسماء والعائلات التي تتاجر في الاقامات، وايضا انهاء نظام الكفيل مباشرة لانه نظام قمعي ولا يتلاءم مع مفهوم حقوق الانسان واخيرا الالتفات مباشرة الى حقوق المرأة الكويتية انسانيا ولا بد ان تتساوى مع الرجل وحقوق الطفل في كل النواحي.
كلمة اخيرة؟
نساء الكويت دائما ما انطبق عليهن القول انهن شقائق الرجال، فقد كن دوما مع إخوانهن الرجال يدا بيد وجهدا بجهد من أجل النهوض بهذا الوطن، كم من امرأة تعبت واجتهدت وتميزت حتى صارت كأنها وزير بلا حقيبة. رغبة في إلقاء الضوء على مثل هذه التجارب الناجحة والبناءة، ومن أجل وضع نموذج يحتذى امام فتيات كويت اليوم حتى يقتدين بهن في حياتهن فيما يتعلق بالتعليم والعمل وسائر دروب النجاح، كانت هذه الصفحة «وزيرات بلا حقيبة» صفحة متخصصة نتعرف من خلالها على رائدات ومختلفات ومميزات، كل في مجالها، قامت كل واحدة منهن مقام وزير دون ان تحمل حقيبة، وساهمت بعملها، بعلمها، بتميزها، أو بنشاطها في خدمة بلدها الكويت، بل ساهمت في تغيير المجتمع إلى الافضل.