ابدعت صديقتي..،
لا تحرمينا من قصصك الرائعه..
.
. لأجلك يا وطني فقدت دمائي…ولأجل حبك فقدت حياتي..!
سأكون محامياً لترابك أنت… فلولاك لما عرفت الشهادة..!
.
الأنفجارات في أرضي … الدمار في داخلي… الدخان في سماء بلادي…. الأشلاء تتطاير في ألأرجاءِ… هذا حالنا في بغدادي
. صعب ] جداً [ ان تفقد شخصاً تحبه وبشدة.
الأصعب ان يكون ]موته[ امام عينك..
."
. .
.
وقفت أمامه بشعرها الأسود الطويل وعينيها السوداوين يطالعانه بحب وأحترام..على شفتيها الوردتين تكونتا جملة:بحفظ الله أخي..
أبتسم المعني قائلاً وهو يحضن أخته:أنتبهي جوريتي للبيت ولا تفتحي الباب أبداً..!
اجابته وهي تضحك بتغنج:لما هل تخاف عليّ؟
تجهم وجهه بمرح قائلاً:كلا ليس عليك وانما على أشياء البيت.. ضربته على كتفه فأحتضنها أكثر مقبلاً جبينها:وهل لدي غيرك يا حبيبتي..
ضحكت ثم ودعته واقفلت الباب…دلفت الى الطبخ ذو الجدران البيضاء وانتبهت الى حقيبة الطعام التي وُضعت على المنضدة البنية المستندة على الجدار.. أبتسمت بمرح وشقاوة وهي تصرخ بخفوت:أوووه أخي لقد نسي حقيبة طعامه..يا إلهي ماذا أفعل به..
ذهبت الى غرفتها وأرتدت فستان أبيض مزخرج بدانتيل من الأسفل يصل لساقها مع حذاء مسطح ذو بقعات حمراء وركبة طويلة يغطي ما أظهره الفستان وأرتدت فوق الفستان سترة حمراء ..سرحت شعرها الطويل وخرجت من البيت بعد أن قفلته تحمل بيدها حقيبة الطعام..
لا تعلم ما الذي ينتظرها..
.
. &&&&&&&&
.
مشى وهو يفكر بجوري الجميلة..اخته الحبيبة البالغة 14 سنة..لقد صارت فاتنة ويجب ان يحميها جيداً من أعين الشباب خاصة الجيل الجديد في بغداد..تأوه بصمت لذكره حبيبته الأبدية بغداد التي سلبوها فتنتها وبراءتها..أنتهكوا حرمتها… انهم قساة لقد عثوا في الأرض فسادا..لم تبقى بقعة في بغداد ولم يتلطخ بدماء الشهداء…لقد فقد والده بأحدى الأنفجارات التي حدثت في الطريق على حين غفلة من الاجهزة الامنية..مات والده وجوري في سن التاسعة..كانت صدمتها كبيرة حين رأت تابوت أبوها يُحمل على أربع اكتف من رجال عشيرته..هو نفسه لم يتحمل الأمر وأجهش بالبكاء لكنه لا يستطيع الان سوى توفير الحماية التي فقدتها جوري..خاصة بعد نوم والدته في الغيبوبة منذ موت والده.. مسكينة جوريته الجميلة فقدت اهم شخصين في حياتها في وقت واحد… وصل الى مكان عمله وهو موقع بناء تجمع به الكثير من العمال وهو كان مشرفاً عليهم .. كان يعاملهم كأنهم عائلته وأخوته… أرتدى ملابس العمالة وبدأ يعمل معهم رغم عدم تطلب اشرافه ذلك لكنه يحب ان يعمل معهم… .
.
. بعد نصف ساعة
.
.
زادت اشعة الشمس وقوة وحرارة رفع احمد رأسه وهو يضع يده على جبينه يمسح قطرات العرق التي تعلقت به نظر للشبان الذين يعمل معهم في هذه البقعة كانوا معه خمسة أشخاص جميعهم يرتدون ذاك البنطلون الأصفر والتشيرت بلا أكمام وانما حمالات خفيفة ولكن عريضة بيضاء ..ايديهم مغطاة بقفازات صفراء أيضاً…
رفع طابوقة كبيرة وحملها ليضعها فوق البناء الذي يبنونه لكنه سمع صوتاً ما كدقات ساعة
"تك تك تك تك" أحس بأنقباض في صدره وهو يتجه نحو مصدر الصوت ليرى صندوقاً أسود ذو غطاء كارتوني .. حمله بيدين مرتجفتين ونادى الشباب..تجمعوا حوله ورفع حوله الغطاء ليرى قنبلة موقوتة تنفجر بعد 30 ثانية.. أرتعبوا جميعاً وظهر الهلع على وجوههم ثم تساقطت الدموع من اعينهم وقد تذكر احدهم انه لم يقبل والدته صباحاً..والاخر لم يرى زوجته او ابنه…آخر تذكر أبوه..أما احمد فتذكر جوري أيعقل أنها عندما قبلها قبل أن يأتي احس أنها القبلة الاخيرة..أنها المرة الأخيرة التي يرى شعرها الأسود الطويل الذي أحبه منذ جاءت الى الدنيا..سيشتاق الى تمرير يده في خصلاته وطبع القبل على وجنتها..سيشتاق لشقاوتها وحتى لحزنها.. سيشتاق لبسمتها التي تشفي احزانه… دقت القنبلة تلعن انتهاء وقتها لينظر الشباب الى بعضهم مرة اخيرة يودعون بعضهم بالدموع والصمت الذي أكتنف المكان…دقت قلوبهم بفزع واغمضوا عيونهم لتنفجر القنبلة وتتطاير اشلاء شباب لم يفعلوا شيئاً سوى خروجهم من بيوتهم ليجلبوا رزق عائلاتهم… تطايرت أشلاهم وسار نهر دمائهم التي امتزجت مع بعضها البعض وتفتت احلام احبابهم في رؤية آخر نظرة من اعينهم وتوديعهم وادعاً آخيراً…أنفجرت ومع صوت انفجارها صرخت جوري بقوة:أحمممممممممممممممممممممد….!
انفجرت مخلفة دخاناً أحتل سماء بغداد لتصبح سوداء حزينة
على الشباب الذين أستشهدوا على ترابها وتحت شمسها التي هي الأخرى أختبئت وراء غيمة لا تحتمل قساوة بشر فقد الانسانية لتفجيره أشخاصاً لم يكن لهم ذنب سوء عيشهم في أرض أحبوها في أرض عراقهم وبغدادهم ..أرتدت بغداد السواد على اولئك الذين أستشهدوا وأحدهم مات امام أعين اخته..!
.
*********** .
لقد سارت بركة دماء اخي واصدقائه تحت قدمي..لقد شاهدت أشلاء اخي تتطاير أمامي تسقط قطعة لحم من جسمه بين أحضاني…لقد عشت الجحيم وأنا أتذكر ذلك المشهد كل يوم في احلامي..أتذكر أبتسامته عندما ودعني ثم ابتسامته وهو يودع الحياة … أرقتني تساؤلات منذ موت اخي.. من وضع تلك القنبلة ؟ ولما ؟ ماالذي سيستفديه؟! ايظن أنه سيدخل جنة الله عندما يقتل ؟ أم أنه يجاهد حسب قوله ؟! لم افعل شيئاً سوى ترك الأنتقام على الله… فقط اقول حسبي الله ونعم الوكيل
كتبت جوري تلك الكلمات على حاسبها الشخصي ودموعها تسقط على وجنتيها ثم على لوحة المفاتيح… لقد مرت عشر سنوات على ذلك الحدث المشؤوم وهي تتذكره كأنه حدث البارحة ..هي تقوم بكتابة القصة كل يوم وتمسحها ثم تعود كتابتها دون تغيير شيء ما… قامت من مكانها واتجهت الى حمامها توضت ثم فرشت سجادة الصلاة ..أرتدت حجاب الصلاة الطويل وبدأت تصلي ركعتين أهدتهما الى أخيها واصدقاءه.. الى شهداء بغداد ومحبي تربتها التي سارت عليها دماءهم…
اكملت صلاتها وعادت الى حاسبها تكتب
.
. بغداد سابقى احبك مهما طال الأمد…
سأبقى أحبك لو كان القتل هو جزائي..
مهما فقدت من الأحباءِ على أرضكِ يا بغدادي..
سأبقى وسنبقى لتربتك اوفياءُ..
لن نتركهم يقتلون ويسبون ويعبثون على حسابك..
انتِ الزهرة الشذية..أنتِ الطاهرة النقية..
حتىلو اخذوا برائتك أنتِ عند ربك بريئة..
سأبقى احبك وسأوكل امري على ربي لأجل تربتك الشهية..
لأجل برك الدماء التي سالت عليها..
لأجل الأشلاء التي تطايرت في سماءها..
بغداد يا بغداد العراق المنسية ..!
.
.
. .
تـــــــــمـــــــت..*
.
|