التصنيفات
القسم العام

فضل الاستغفار

بسم الله الرحمن الرحيم

– الله تعالى هو العليم الرحيم يعلم ضعف الإنسان وتقصيره وذنوبه، وتحكم هواه وشيطانه فيه، ففتح له باب الاستغفار محوا لما يقع فيه من ذنوب وأوزار ومعاص، وتطهيرا لما يلطخ روحه من آفات، وردا لما يمكن أن يلحقه بسبب ذلك من مصائب وعقوبات،فرغب الله سبحانه عباده في الاستغفار ليتخلصوا من ذنوبهم، ويسلموا من تبعاتها عند ربهم في الآخرة، قال تعالى: واستغفروا الله إن الله غفور رحيم ‘المزمل:20‘ ، وقال: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ‘الحجر:49‘ . وبشر وشوق إلى واسع رحمته وحذر من القنوط منها فقال: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ‘الزمر:53‘ .فالله تعالى خلق العباد، وهو يعلم ضعفهم ففتح لهم باب الرجاء في عفوه ومغفرته، وأمرهم أن يلجأوا إلى ساحات كرمه وجوده، طالبين تكفير السيئات، وستر العورات، وقبول التوب؛ لأن حاجة الإنسان إلى الاستغفار حاجة أساسية ضرورية قبل كل شيء؛ ولأن الإنسان يلازمه التقصير في كل طاعة، ويصدر منه الخطأ كل ساعة، فإذا علم ذلك فإنه سيندفع بكل جوارحه نحو ربه راجيا أن يتقبله سبحانه وأن يغفر ذنبه ويعفو عنه .وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ينزل ربنا في كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : هل من سائل فأعطيه ؟ هل من داع فأستجيب له ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ أخرجه البخاري.
أستغفر الله ذنبا لست أعصيه
رب العباد إليه الوجه والعمل
وقد بين لنا أمير المؤمنين علي رضي الله عنه مفهوم الاستغفار حينما قال رجل بحضرته: أستغفر الله، فقال له علي: ثكلتك أمك! ألا تدري ما الاستغفار؟ إن الاستغفار اسم واقع على خمسة معان: أولها الندم على ما مضى، والثاني العزم على ترك العودة إليه أبدا، والثالث أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله وليس عليك تبعة، والرابع أن تعمد إلى اللحم الذي نبت من السحت فتذيبه بالأحزان حتى تلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد، والخامس أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك تقول: أستغفر الله.
وعن أوس بن شداد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : سيد الاستغفار : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على وعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، اغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت رواه البخاري .
أما والله لو علم الأنام
لما خلقوا لما هجعوا وناموا
لو خلقوا لأمر لو رأته
عيون قلوبهم تاهوا وهاموا
لقد اتفق كل الأنبياء في وصاياهم على الاستغفار؛ لأنهم عليهم الصلاة والسلام قد بدأوا إصلاح أوضاع أممهم بزرع الربانية في الأفئدة والعقول، لتعطيهم قوة داخلية روحية تزرع الإيمان فيهم، وتحرك جوارحهم بالعمل الصالح، فتتحول هذه القوة الروحية إلى قوة مادية محسوسة.قال الله تعالى على لسان نوح: استغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ‘نوح:10-12’ ، وقال سيدنا هود لقومه: ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين ‘هود:52‘ ، وقال سيدنا صالح لقومه: لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون ‘النمل:46‘ . إن هذه الحياة الدنيا دار للبلاء والاختبار، والإنسان فيها خطاء وتواب وآبق وأواب، والسعيد من غلبت توبته أخطاءه، ولا ينبغي للإنسان أن ييأس، بل لا بد من أن ينيخ مطيته وأن يقرع باب الرحمة والعطاء بأصابع الندم والرجاء والاستغفار، فلا بد أن يلج ـ بإذن الله ـ إن كان صادقا في توبته وأوبته قال صلى الله عليه وسلم : ((والله، إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة)) رواه البخاري.
اللهم اجعلنا من المستغفرين بالليل والنهار، واقبل اللهم استغفارنا واحشرنا مع أهلك الذاكرين ووفقنا إلى التضرع بين يديك بالأسحار، أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين…
د. ايمن حتمل

__________________
[

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.