التصنيفات
شخصيات عالمية و عربية

ذو الرُمَّة الشاعر المتيم -شخصيات

ذو الرُمَّة الشاعر المتيم
غيلان بن عقبة بن نهيس بن مسعود العدوي، من مضر "ذو الرُمَّة" أحد شعراء العصر الأموي، من فحول الطبقة الثانية في عصره، كان ذو الرمة دميماً وشديد القصر يضرب لونه إلى السواد، ولد عام 77ه – 696م، وأقام بالبادية واختلف إلى اليمامة والبصرة كثيراً، تميز ذو الرمة بإجادته للتشبيه، وغلب على شعره التشبيب والبكاء والأطلال، وذهب في ذلك مذهب الجاهليين، عشق "مية" المنقرية فأكثر من قول الشعر فيها، كما عشق الصحراء والطبيعة فتضمن شعره الكثير من ملامحها.
قال عنه أبو عمرو بن العلاء: فتح الشعر بامرئ القيس وختم بذي الرمة، وقال جرير: لو خرس ذو الرمة بعد قصيدته "ما بالُ عَينِكَ مِنها الماءُ ii يَنسَكِبُ" لكان أشعر الناس.
ويقول في هذه القصيدة
ما بالُ عَينِكَ مِنها الماءُ يَنسَكِبُ كَأَنَّهُ مِن كُلى مَفرِيَّة سَرِبُ
وَفراءَ غَرفِيَّة أَثأى خَوارِزُها مُشَلشِلٌ ضَيَّعَتهُ بَينَها الكُتَبُ
أَستَحدَثَ الرَكبُ عَن أَشياعِهِم خَبَرا أَم راجَعَ القَلبَ مِن أَطرابِهِ طَرَبُ
مِن دِمنَة نَسَفَت عَنها الصَبا سُفَعا كَما تُنَشَّرُ بَعدَ الطَيَّةِ الكُتُبُ
سَيلا مِنَ الدِعصِ أَغشَتهُ مَعارِفَها نَكباءُ تَسحَبُ أَعلاه فَيَنسَحِبُ
لا بَل هُوَ الشَوقُ مِن دار تَخَوَّنَها مَرّا سَحابٌ وَمَرّا بارِحٌ تَرِبُ
يَبدو لِعَينَيكَ مِنها وَهيَ مُزمِنَةٌ نُؤيٌ وَمُستَوقَدٌ بال وَمُحتَطَبُ
إِلى لَوائِحَ مِن أَطلالِ أَحوِيَةٍ كَأَنَّها خِلَلٌ مَوشِيَّةٌ قُشُبُ

وتعد القصيدة السابقة من اشهر القصائد التي قالها في محبوبته "مي"
عشق ذو الرمة
هام ذو الرمة عشقاً ب "ميّة" المنقرية واشتهر بقصائده التي تغنى فيها بعشقه لها، وأصبحت ملهمته منذ اليوم الذي رآها فيه، وتبدأ حكاية ذو الرمة مع مي عندما استسقى ماء من يدها ذات يوم فسمعها تقول:
يامن يرى برقا يمر iiحينا
زمزم رعدا وانتحى iiيمينا
كأن في حافاته iiحنينا
أو صوت خيل ضمر يردينا

فقال ذو الرمة أما والله ليطولن هيامي بها، ثم انطلق منشداً الشعر فيها وأصبحت هي ملهمته من ذلك الوقت.

قال في عشقه لها:
إِذا غَيَّرَ النَأيُ المُحِبّينَ لَم iiيَكَد
رَسيسُ الهَوى مِن حُبِّ مَيَّةَ iiيَبرَحُ
فَلا القُربُ يُدني مِن هَواها iiمَلالَةً
وَلا حُبُّها إِن تَنزِحِ الدَارُ iiيَنزَحُ
إِذا خَطَرَت مِن ذِكرِ مَيَّةَ خَطرَةٌ
عَلى النَفسِ كادَت في فُؤَادِكَ تَجرَحُ

وقال أيضاً:

يا دارَ مَيَّةَ بِالخَلصاءِ iiغَيَّرَها
سَحُّ العِجاجِ عَلى جَرعائِها الكَدَرا
قَد هِجتِ يَومَ الِلوى شَوقاً طَرَفتِ بِهِ
عَيني فَلا تُعِجمي مِن دُونِيَ iiالخَبَرا
يَقولُ بِالزُرقِ صَخبي إِذ وَقَفتُ بِهِم
في دارٍ مَيَّةَ أَستَسقي لَها iiالمَطَرا
لَو كَانَ قَلبُكَ مِن صَخرٍ iiلَصَدَّعَهُ
هَيجُ الدِيارِ لَكَ الأَحزانَ iiوَالذِكَرا
وَزَفرَةٌ تَعتَريهِ كُلَّما iiذُكِرَت
مَيٌّ لَهُ أَو نَحا مِن نَحوِها iiالبَصَرا
غَرّآءُ آنِسَةٌ تَبدو iiبِمَعقُلَةٍ
إِلى سُوَيقَةَ حَتّى تَحضُرً iiالحَفَرا
تَشتو إِلى عُجمَةِ الدَهنا iiوَمَربَعُها
رَوضٌ يُناصي أَعالي ميثِهِ iiالعُقُرا
حَتّى إِذا هَزَّتِ البُهمى ذَوآئِبَها
في كُلِّ يَومٍ يُشَهّي البادِيَ iiالحَضَرا

سبب لقبه
يقال عن سبب تسميته "بذي الرُمًًّة" أنه عندما استسقى "مية" ماء فقامت واتته بالماء وكانت على كتفه رُمًًّة – قطعة من حبل – فقالت أشرب يا ذا الرُّمًّة، فلقب بذلك.
ويقال أنه سمي بذي الرُمًًّة أيضاً بسبب بيت شعر قاله في إحدى قصائده جاء فيه:
وَغَيرَ مَرضوخِ القَفا مَوتودِ أَشعَثَ باقي رُمَّةِ iiالتَقليدِ
وقيل أيضاً انه عندما كان صغيراً كان يصيبه فزع، فكتبت له تميمة، فعلقها بحبل فلقب بذلك ذا الرُُّمًًّة، ورواية أخرى أن والدته جاءت إلى الحصين بن عبدة بن نعيم العدوي، فقالت له يا أبا الخليل، إن ابني هذا يروع بالليل، فأكتب لي معاذة أعلقها على عنقه، ثم جاء أنها مرت مع ابنها لبعض حوائجها بالحصين وهو جالس في ملأ من أصحابه ومواليه، فدنت منه فسلمت عليه، وقالت: يا أبا الخليل ألا تسمع قول غيلان وشعره؟ قال: بلى، فتقدم فأنشده، وكانت المعاذة مشدودة على يساره في حبل أسود، فقال الحصين : أحسن ذو الرُّمًّة، فغلبت عليه.

شعره
اجمع عدد من الكتاب أن ذي الرمة لا يمدح أشخاصاً فإذا جاء خليفة وبدأ بمدحه لا يستمر في ذلك ويقول بضعة أبيات ثم يعود مرة أخرى لوصف الطبيعة والحب والصحراء والإبل فيشبعها شعرا ووصفا وغزلاً ومدحاً، تمكن ذو الرمة من المحافظة على فصاحة وسلامة اللغة، وجاء شعره غير فاحش ملتزماً فيه بعفة الألفاظ.
قضى ذو الرمة حياته في الصحراء والتي أثرت كثيراً في أساليبه الشعرية، فكان من أروع الشعراء في وصف الطبيعة والصحراء.

وَداويَّةٍ جَردآءَ جَدّاءَ iiجَثَّمَت
بِها هَبَواتُ الصَيفِ مِن كُلِّ iiجانِبِ
سبارِيتَ يَخلو سَمعُ مُجتازِ iiخَرقِها
مِنَ الصَوتِ إِلاّ مِن ضُباحِ الثَعالِبِ
عَلى أَنَّهُ فِيها إِذا شآءَ iiسامِعٌ
عِرارُ الظَليمِ وَاِختِلاسُ iiالنَوازِبِ
إِذا اِئتَجَّ رَضراضُ الحَصى مِن وَديقَةٍ
تُلاقي وُجوهَ القَومِ دونَ iiالعَصائِبِ
كَأَنَّ يَدي حِربآئِها مُتَشَمِّساً
يَدا مُذنِبٍ يَستَغفِرُ اللهَ iiتآئِبِ
قَطَعتث إِذا هابَ الضَغابيسُ هَولَها
عَلى كورِ إِحدى المُشرِفاتِ الغَوارِبِ

من شعره أيضاً
أَلَم تَسأَل اليَومَ الرُسومُ iالدَوارِسُ
بِحُزوى وَهَل تَدري القِفارُ iiالبَسابِسُ
مَتى العَهدُ مِمَّن حَلَّها أَم كَم اِنقَضى
مِنَ الدَهرِ مُذ جَرَّت عَلَيها الرَوامِسُ
دِيارٌ لِمَيٍّ ظَلَّ مِن دونِ iiصُحبَتي
لِنَفسي بِما هاجَت عَلَيها iiوَساوِسُ
فَكَيفَ بِمَيٍّ لا تُؤاسيكَ iiدارُها
وَلا أَنتَ طاوي الكَشحِ عَنها iiفَيائِسُ
أَتى مَعشَرُ الأَكرادِ بَيني وَبينَها
وَحَولانِ مَرّا وَالجِبالُ iiالطَوامِسُ
وَلَم تَنسَني مَيّاً نَوى ذاتُ iiغَربَةٍ
شَطونٌ وَلا المُستَطرِفاتُ iiالأَوانِسُ
إِذا قُلتُ أَسلو عَنكِ يا مَيُّ لَم iiأَزَل
مُحِلّاً لِدارٍ مِن ديارِكِ ناكِسُ
نَظَرتُ بِجَرعاءَ السَبيبَةِ iiنَظرَةً
ضَحى وَسَوادُ العَينِ في الماءِ غامِسُ

وفاته
توفي ذو الرمة بأصبهان، وقيل بالبادية عام 117ه – 735م

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.