كيفكم يا اعضاء المدونة ؟
ان شاء الله بخير
اليوم اخذت درس بالمدرسة عن العجلة
و الحكم عن اﻻخرين
و هذي القصة
مأخوذة من كتاب ( كليلة و دمنة )
يﻻ بﻻ ثرثرة راح ابلش
قال دبشليم الملك لبيدبا الفيلسوف : اضرب لي مثل الرجل العجﻻن في امره من غير روية وﻻ نظر في العواقب.
قال الفيلسوف:إنه من لم يكن في أمره متثبتا لم يزل نادما ، و يصير امره إلى ما صار إليه الناسك من قتل ابن عرس ، و كان له ودودا . قال الملك و كيف كان ذلك؟
قال الفيلسوف:زعموا أن ناسكا من النساك كان بأرض جرحان ، و كانت له امرأة لما معه صحبة ، فمكثا زمنا لم يرزقا ولدا ، ثم حملت بعد اﻹياس ؛ فسرت المرأة ، و سر الناسك بذلك و حمد الله تعالى و سأله ان يكون الحمل ذكرا ، و قال لزوجته : أبشري ؛ فإني أرجو أن يكون غﻻما ؛ فيه لنا منافع ، و قرة عين ، أختار له أحسن اﻻسماء ، و أحضر له جميع المؤدبين . فقالت المرأة : ما يحملك ، ايها الرجل ، على أن تتكلم بما ﻻ تدري أيكون أم ﻻ ؟!
و من فعل ذلك أصابه ما اصاب الناسك الذي أهرق على رأسه السمن و العسل !
قال لها : و كيف كان ذلك؟
قال الفيلسوف:إنه من لم يكن في أمره متثبتا لم يزل نادما ، و يصير امره إلى ما صار إليه الناسك من قتل ابن عرس ، و كان له ودودا . قال الملك و كيف كان ذلك؟
قال الفيلسوف:زعموا أن ناسكا من النساك كان بأرض جرحان ، و كانت له امرأة لما معه صحبة ، فمكثا زمنا لم يرزقا ولدا ، ثم حملت بعد اﻹياس ؛ فسرت المرأة ، و سر الناسك بذلك و حمد الله تعالى و سأله ان يكون الحمل ذكرا ، و قال لزوجته : أبشري ؛ فإني أرجو أن يكون غﻻما ؛ فيه لنا منافع ، و قرة عين ، أختار له أحسن اﻻسماء ، و أحضر له جميع المؤدبين . فقالت المرأة : ما يحملك ، ايها الرجل ، على أن تتكلم بما ﻻ تدري أيكون أم ﻻ ؟!
و من فعل ذلك أصابه ما اصاب الناسك الذي أهرق على رأسه السمن و العسل !
قال لها : و كيف كان ذلك؟
قالت : زعموا أن ناسكا كان يجري عليه من بيت تاجر في كل يوم رزق من السمن و العسل ، و كان يأكل منه قوته و جاحته ، و يرفع الباقي و يجعله في جرة فيعلقها في وتد في ناحية البيت ، حتى امتﻷت . فبينما الناسك ذات يوم مستلق على ظهره و العكازة في يده ، و الجرة معلقة فوق راسه ، تفكر في غﻻء السمن و العسل ؛ فقال :سأبيع ما في هذه الجرة بدينار ، و اشتري به عشر أعنز ؛ فيحبلن ، و يلدن في كل خمسة أشهر مرة ، وﻻ تلبث إلا قليلاً حتى تصير معزا كثير إذا ولدت أوﻻدها . ثم حزر على هذا النحو بسنين ، فوجد ذلك أكثر من أربعمئة عنز ، فقال : أنا اشتري بها مئة من البقر ؛ بكل أربع أعنز ثورا أو بقرة ، و أشتري ارضا و بذرا ، و أستأجر أكرة ، و أزرع على الثيران ، و أنتفع بألبان اﻹناث و نتاجها ، فﻻ تأتي علي خمس سنين إلا و قد أصبت من الزرع ماﻻ كثيرا ؛ فأبني بيتا فاخرا ، و أشتري إماء و عبيدا ، و أتزوج امرأة جميلة ذات حسن ، تنجب لي غﻻما سريا نجيبا ، فأختار له احسن اﻻسماء ، فإذا ترعرع أدبته و أحسنت تأديبه ، و أشدد عليه في ذلك ، فإن قبل مني وأﻻ ضربته بهذه العكازة ، و أشار بيده على الجرة فكسرها ، فسال ما فيها على وجهه.و إنما ضربت لك هذا المثل لكيﻻ نعجل بذكر ما ﻻ ينبغي ذكره ، و زا ﻻ تدري أيصح أم ﻻ يصح. و لكن أدع ربك و توسل إليه و توكل عليه ؛ فإن التصاوير في الحائط إنما هي ما دام بناؤه قائما ، فإذا وقه و تهدم لم يقدر عليها . فاتعظ الناسك بما حكت زوجته !ثم إن المرأة ولدت غﻻما جميﻻ ؛ ففرح به أبوه ، و بعد ايام حان لها أن تذهب خارج البيت لبعض شأنها ، فقالت المرأة للناسك : اقعد عند ابنك حتى أعود .ثم إنها انطلقت ، و خلقت زوجها و الغﻻم .فلم يلبث أن جاء رسول الملك يستدعيه ، ولم يجد من يخلفة عند ابنه غير ابن عرس داجن عنده ، كان قد رباه صغيراً ؛ فهو عنده عديل ولده ، فتركه الناسك عند الصبي ، و أغلق عليهما البيت ، و ذهب مع الرسول ، فخرج من بعض احجار البيت حية سوداء ، فدنن من الغﻻم ، فضربها ابن عرس ، فوثبت عليه فقتلها ، ثمقطعها و امتﻷ فمه من دمها.ثم جاء الناسك و فتح الباب ، فالتقاه ابن عرس ؛ كالمشير له بما صنع من قتل الحية!فلما رآه ملوثا بالدم، و هو مذعور ، طار عقله ، و ظن أنه قد قتل ولده ، و لم يتثبت في أمره ، و لم يترو فيه حتى يعلم حقيقة الحال ، و يعمل بغير ما ظن من ذلك ، و لكن عجل على ابن عرس ، و ضربه بعكازة كانت في يده على أم رأسه فمات.و دخل الناسك ، فرأى الغﻻم سليما حيا ، و عنده أسود مقطع .فلما عرف القصة ، و تبين له سوء فعله في العجلة ، لطم على رأسه ، و قال : ليتني لم أرزق هذا الولد ، و لم أغدر هذا الغدر!و دخلت امرأته فوجدته على تلك الحال ، فقالت له : ما شأنك؟فأخبرها بالخبر من حسن فعل ابن عرس ، و سوء مكافأته له.فقالت : هذه ثمرة العجلة ؛ ﻻن اﻷمر ، إذا فرط مثل الكﻻم إذا خرج و السهم إذا مرق ؛ ﻻ مراد له !فهذا مثل من ﻻ يتثبت في أمره بل يفعل أغراضه بالسرعة.
( بيدبا الفيلسوف الهندي – كليلة و دمنة ، نقله الى العربية عبدالله بن المقفع ، ص 183 – بتصرف )